الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 فبراير 2018

عدم دستورية تشكيل لجان تعويضات النقل العام للركاب بالسيارات في القاهرة


القضية رقم 16 لسنة 25 ق " دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يناير سنة 2018م، الموافق السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق             رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبدالمنعم حشيــش وسعيد مرعى عمرو وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبو العطا  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 16 لسنة 25 قضائية " دستورية " بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - بقرارها الصادر بجلسة 2/11/2002 ملف الطعن رقم 2898 لسنة 34 قضائية عليا.
المقام من
ورثة المرحوم / .......، وهم :
.............
ضــد
1 - وزير الحكم المحلى
2 - محافظ القاهرة
الإجراءات
  بتاريخ الثامن من يناير سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة ملف الطعن رقم 2898 لسنة 34 قضائية. عليا، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة الثاني من نوفمبر سنة 2002 بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادتين (6، 6 مكررًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 155 لسنة 1960 بشأن التزامات النقل العام للركاب بالسيارات في مدينة القاهرة المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 224 لسنة 1960.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها أصليًّا : الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا : بعدم قبول الدعوى بشقيها، ومن باب الاحتياط برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
  ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
      حيث إن الوقائع تتحصـل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – فى أن عبد اللطيف راضي أبو رجيلة (مورث الطاعنين في الدعوى الموضوعية) كان قد أقام الدعوى رقم 2489 لسنة 37 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المدعى عليهما فى تلك الدعوى، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة تقدير تعويض والتزامات شركات الأتوبيس، الصادر بتاريخ 28/5/1975، بتحديد صافى مديونيـته لمحافظة القاهرة فى تاريخ إسقاط الالتزام، بمبلـغ 3,430,382,444 جنيه، وإلغاء قرار وزير الإدارة المحلية رقم 310 لسنة 1969 بتشكيل لجنة تقدير التعويض والالتزامات المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960، الخاصة بإسقاط الالتزام عن شركات الأتوبيس، والمشكلة بالنسبة لخطوط القاهرة (أبو رجيلة)، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من أنه عقب صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 155 لسنة 1960 بإسقاط كافة الالتزامات والتراخيص الممنوحة لمؤسسة خطوط القاهرة (أبو رجيلة) وغيرها الخاصة بإدارة واستغلال خطوط الأتوبيس بمدينة القاهرة، غادر المدعى جمهورية مصر العربية، وفرضت الحراسة الإدارية على أمواله بالأمر رقم 140 لسنة 1961، وفى تاريخ لاحق تم رفع تلك الحراسة، وبعد عودته لمصر، فوجئ في فبراير سنة 1983، عند تسلمه البيان رقم 192/2 الصادر من جهاز تصفية الحراسات عن مركزه المالي، بتوقيع الحجز على أمواله من محافظة القاهرة وفاءً لمبلغ 3,430,382,444 جنيه، بمقولة أنه يمثل المديونية التي صدر بها قرار لجنة تقدير الالتزامات المشكلة بموجب قرار وزير الإدارة المحلية والقروية رقم 310 لسنة 1969، وتبين له أن ذلك القرار خالف نص المادة (6) من القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960، لعدم ضم ممثل له فى تشكيل اللجنة، باعتباره الملتزم السابق، وأن اللجنة رفضت طلب محافظة القاهرة بوقف أعمال اللجنة لتصحيح التشكيل، الأمر الذى ارتأى معه مورث المدعين بطلان قرار تلك اللجنة بتحديد مديونيته، فأقام دعواه الموضوعية بطلباته المتقدمة. وبجلسة الحادي والعشرين من يونيو سنة 1988 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى، وإذ لم يرتض مورث المدعين هذا القضاء، طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقـم 2898 لسنة 34 قضائية عليـا، وتم تصحيح شكل الدعوى، وبجلسة الثاني مــن نوفمبر سنة 2002، قضـت المحكمة بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقـرة الأخيرة من المادتين (6، 6 مكررًا) من القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960 المشار إليه المعدل بالقرار بقانون رقم 224 لسنة 1960.
   وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى يسبق الخوض في شروط قبولها أو موضوعها. ولما كان الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصاتها، وحدد ما يدخل فى ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها بمقتضى نص الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة، اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة - تبعًا لذلك - عما سواها.
      وحيث إن القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960 في شأن التزامات النقل العام للركاب بالسيارات في مدينة القاهرة المعدل بالقرار بقانون رقم 224 لسنة 1960 قد انطوى على قواعد تنظيمية تسري في شأن جميع من تم إسقاط الالتزامات والتراخيص الممنوحة لهم بموجب هذا القرار بقانون، بما فيها تقدير قيمة التعويض والالتزامات الناشئة عن تطبيق أحكامه، ويشمل ذلك الأحكام المتعلقة بتشكيل اللجنة المسند إليها الاختصاص بتقدير قيمة التعويض والالتزامات، وكيفية إصدارها لقراراتها، وما يتعلق بنهائيتها، وتنفيذها بطريق الحجز الإداري، وكذا الفصل في الأنزعة التي تتعلق بالمسائل الواردة بالمادتين الرابعة والخامسة من هذا القرار بقانون، وقواعد اختيار ممثل الملتزم السابق. ومن ثم فإن هذه الإحكام تدخل في مفهوم القانون بمعناه الموضوعي، وتعد تشريعًا مما يدخل الفصل في دستوريته في اختصاص المحكمة الدستورية العليا المقرر بنص المادة (192) من الدستور والمادة (25) من قانونها، الأمر الذى يغدو معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
      وحيث إن المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 155 لسنة 1960 بشأن التزامات النقل العام للركاب بالسيارات فى مدينة القاهرة تنص على أن "تتولى تقدير قيمة التعويض والالتزامات المنصوص عليها في المادتين السابقتين لجنة تشكل من :
(1) مستشار من مجلس الدولة يختاره رئيس المجلس ....                رئيسًا.
(2) ممثل عن المجلس البلدي لمدينة القاهرة يصدر بتعيينه قرار
      من وزير الشئون البلدية والقروية بالإقليم المصري ....             عضوين
(3) ممثل عن الملتزم السابق يختاره الملتزم المذكور ......
      وللجنة أن تستعين في أداء مهمتها بمن تراه من بين الموظفين العموميين أو غيرهم.
      وتصدر قرارات اللجنة بالأغلبية المطلقة لأعضائها وتكون نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ويتم تنفيذها بطريق الحجز الإداري".
وتنص المادة (6 مكررًا) من القرار بقانون ذاته، المضافة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 224 لسنة 1960 على أن "تختص اللجنة المنصوص عليها فى المادة السابقة بالفصل فى جميع المسائل المشار إليها فى المادتين الرابعة والخامسة من هذا القانون، وتحال إلى اللجنة بحالتها كافة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم فى أى شأن يدخل فى اختصاص هذه اللجنة بمقتضى أحكام هذا القانون.
وعلى الملتزم السابق إخطار وزير الشئون البلدية والقروية بالإقليم المصري باسم من يمثله فى هذه اللجنة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.
فإذا لم يقم الملتزم السابق بذلك خلال هذه المدة أو إذا تغيب الممثل الذى يختاره عن عمله فى اللجنة دون عذر مقبول أو على وجه يعطل سير العمل فيها يختص رئيس المحكمة الإدارية العليا بناء على طلب مقدم من وزير الشئون البلدية والقروية بالإقليم المصري بتعيين من يمثل الملتزم السابق فى هذه اللجنة خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب بأمر على عريضة بدون رسوم.
ويصدر هذا القرار نهائيًّا غير قابل للطعن".
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي ينصب على طلب الطاعنين في الدعوى الموضوعية إلغاء قرار وزير الإدارة المحلية رقم 310 لسنة 1969 بتشكيل لجنة تقدير التعويض والالتزامات المنصوص عليها فى القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960 المشار إليه، وإلغاء القرار الصادر من تلك اللجنة بتحديد صافى مديونية الملتزم السابق (مورث الطاعنين فى الدعوى الموضوعية) لمحافظة القاهرة بمبلغ 3,430,382,444 جنيهًا، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وكانت المادتان (6، 6 مكررًا) المشار إليهما قد عينتا اللجنة التى تتولى تقدير قيمة التعويض والالتزامات الواردة فى المادتين (4، 5) من ذلك القرار بقانون، والقرارات التى تصدر من تلك اللجنة، وكذا اختصاصها بالفصل فى جميع المسائل المشار إليها فى المادتين السابقتين، والتزام المحاكم بأن تحيل إلى تلك اللجنة كافة الدعاوى المنظورة فى أى شأن يدخل فى اختصاصها بمقتضى أحكام هذا القانون، وتنظيم حضور واختيار ممثل الملتزم السابق فيها، فإن المصلحة فى الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها بعبارة "وتكون قراراتها نهائية غير قابلة للطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن" الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 155 لسنة 1960 المشار إليه، وكذا الفقرة الأخيرة من المادة (6 مكررًا) من القرار بقانون ذاته المضافة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 224 لسنة 1960. كما يمتد نطاق هذه الدعوى لنص الفقرة الأولى من هذا النص التي خولت اللجنة المشار إليها الاختصاص بالفصل فى جميع المسائل المشار إليها فى المادتين الرابعة والخامسة من ذلك القرار بقانون، وأن تحال إليها بحالتها كافة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم فى أى شأن يدخل فى اختصاص هذه اللجنة بمقتضى أحكام هذا القانون، لارتباطه بالنصين المطعون فيهما ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، وبالتالي يكون مطروحًا حكمًا على هذه المحكمة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النصين المحالين مخالفتهما لأحكام المادتين (40، 68) من دستور 1971 (وتقابلها المواد 4، 53، 97 من الدستور الحالي)، لما تضمناه من مصادرة لحق التقاضي، وإخلال بمبدأ المساواة.
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التي تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي ارتأتها محكمة الموضوع على النصان المحالان، تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم فى مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان النصان المحالان - في النطاق المحدد سلفًا - مازالا قائمين ومعمولاً بأحكامهما، ومن ثم فإن حسم أمر دستوريتهما يتم في ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون وفى الحقوق والحريـات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم، على تباين مراكزهم القانونية، معاملة قانونية متكافئة، ولا معارضة صور التمييز على اختلافها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى علاقة منطقية بين النصوص القانونية التي تبناها المشرع لتنظيم معين، والنتائج التي رتبها عليها، ليكون التمييز بالتالي موافقًا لأحكام الدستور. وكلما كان القانـون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز لا تتحد واقعًا فيما بينها، وكان تقديره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعية، مستهدفًا غايات لا نزاع في مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم، بما لا يجاوز متطلبات هذه الغايات، كلما كان واقعًا في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، ولو تضمن تمييزًا. ولا ينال من مشروعيته الدستورية، أن تكون المساواة التي توخاها وسعى إليها بعيدة حسابيًّا عن الكمال.
وحيث إنه من المقرر - أيضًا - فى قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة أمام القانون، أساسًا للعدل، وهو أدخل إلى جوهر الحرية، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعي، ولئن جاز القول بأن الأصــل فى كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويًا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص التى نظم بها المشرع موضوعًا محددًا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل إليها منطقيًّا، وليس واهيًا أو واهنًا، بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل فى نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددًا بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائى، الذى يلزم أن تتوافر فى أعضائه ضمانات الكفاءة والحيدة والاستقلال، وأن يعهد المشرع إليها بسلطة الفصل فى خصومة بقرارات حاسمة، دون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التى لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم فى جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفًا، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكدًا للحقيقة القانونية مبلورًا لمضمونها فى مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت اللجنة المشكلة طبقًا لنص المادة (6) المحالة يغلب على تشكيلها العنصر الإدارى، فهى تتكون من مستشار بمجلس الدولة رئيسًا، وعضوية ممثل عن المجلس البلدي لمدينة القاهرة، وممثل آخر عن الملتزم السابق، عضوين، وهما من غير القضاة ولا يتوافر في شأنهما - فى الأغلب الأعم - شرط التأهيل القانوني، كما يفتقدون لضمانات الحيدة والاستقلال اللازم توافرهما فى القاضي، وتصدر اللجنة قراراتها بالأغلبية المطلقة لأعضائها، ولم يتضمن القانون إلزامها باتباع الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامها، وعلى ذلك فإنها لا تعدو أن تكون لجنة إدارية، وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية، ومن ثم فإن النص فى الفقرة الأخيرة من المادة (6) المحالة على نهائية قرارات تلك اللجنة، وعدم قابليتها للطعن عليها بأى طريق من طرق الطعن، وكذا منحها بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة (6 مكررًا) المشار إليه، ولاية الفصل فى المسائل المحددة بالمادتين الرابعة والخامسة من القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960 المشار إليه، وإحالة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم والتى تدخل فى اختصاص هذه اللجنة إليها بحالتها، وهو اختصاص قضائي بالفصل فى الأنزعة التى تتعلق بالمسائل الواردة بالمادتين المشار إليهما، يكون كل ذلك قد وقع بالمخالفة للحظر الذى تضمنه نص المادة (97) من الدستور بشأن عدم جواز تحصين أى عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ومتضمنًا مصادرة للحق فى التقاضي، وحق كل شخص فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، الذى كفله هذا النص، وهو فى أصل شرعته - كما جرى قضاء هذه المحكمة - حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية، ذلك أن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، وليضحى النص المطعون فيه متضمنًا إلى جانب ما تقدم تمييزًا تحكميًّا لا يستند إلى أسس موضوعية تبرره، بالمخالفة لمبدأ المساواة المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور، ومهدرًا فى الوقت ذاته لمبدأي سيادة القانون وخضوع الدولة للقانون، المقررين بالمادة (94) من الدستور، ويعد مجاوزة من المشرع لنطاق سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات التى كفلها الدستور، والتى قيد نص المادة (92) من الدستور ممارستها، بألا تتضمن تقييدًا لتلك الحقوق والحريات بما يمس أصلها وجوهرها، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية عبارة "وتكون نهائية غير قابلة للطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن" الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة (6)، من القرار بقانون رقم 155 لسنة 1960 المشار إليه، والفقرة الأولى من المادة (6 مكررًا) من ذلك القرار بقانون المضافة بالقرار بقانون رقم 224 لسنة 1960 برمتها.
وحيث إنه بالنسبة لنص الفقرة الأخيرة من المادة (6 مكررًا) المشار إليها، فإن قرار الإحالة ينعى على هذا النص مخالفة مبدأ المساواة وحق التقاضي، وذلك مردود بأن الفقرة الثالثة من تلك المادة نظمت كيفية تعيين ممثل الملتزم السابق باللجنة المذكورة إذا لم يقم هو بذلك، أو إذا تغيب الممثل الذى اختاره عن عمله باللجنة دون عذر مقبول، أو على وجه يعطل سير العمل فيها، ومنحت الاختصاص لرئيس المحكمة الإدارية العليا بحسم هذه المسألة بأمر على عريضة، يصدر منه بناءً على طلب من وزير الشئون البلدية والقروية بالإقليم المصري، وذلك خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب ودون رسوم. وجعلت الفقرة الأخيرة من ذات المادة قرار رئيس المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن نهائيًّا غير قابل للطعن.
وحيث إن المشرع حرصًا منه على الصالح العام وعدم تعطيل سير عمل اللجنة، بسبب يرجع إلى عدم تعيين الملتزم السابق ممثله فيها، أو إذا تغيب الأخير دون عذر مقبول أو على وجه يعطل سير العمل بها، فقد عهد لرئيس المحكمة الإدارية العليا، وهو بطبيعة مركزه وأقدميته على القمة من مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، وفى نطاق سلطته الولائية، الاختصاص باختيار ممثل الملتزم السابق بأمر على عريضة، يصدر منه، بناءً على طلب من وزير الشئون البلدية والقروية، وهو عمل ولائى يصدر منه بعد التحقق من توافر الشروط المقررة قانونًا، وبما يكفل إنفاذ أحكام القانون، وتحقيق المصلحة العامة، ومن أجل ذلك جعل القانون قراره فى هذا الشأن نهائيًّا غير قابل للطعن، ومن ثم فإن مسلك المشرع فى هذا الخصوص لا يتصادم والحظر الوارد بنص المادة (97) من الدستور، الذى يقتصر نطاقه على عدم جواز تحصين أى عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، كما أن النهج الذى قرره المشرع بهذا النص باعتباره الوسيلة التي سنها واتخذها سبيلاً لتحقيق الأهداف التي رصدها لهذا التنظيم، إنما ترتبط بتلك الغايات ارتباطًا منطقيًّا وعقليًّا، ليضحي ذلك التنظيم - في حدود النطاق المتقدم - مرتكنًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا مما حظره الدستور، ولا يتعارض - من ثم - مع مبدأ المساواة الذى كفله الدستور في المادتين (4، 53) منه، وإذ لا يخالف هذا النص، أي نص آخر في الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى بالنسبة له.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية عبارة " وتكون نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن" الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة (6) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 155 لسنة 1960 في شأن التزامات النقل العام للركاب بالسيارات في مدينة القاهرة.
ثانيًا : بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (6 مكررًا) من القرار بقانون ذاته، المضافة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 224 لسنة 1960، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

مدونة قواعد السلوك القضائي لأعضاء النيابة العامة المصرية


النيابة العامة
مكتب النائب العام
مقدمة
القضاء رسالة سامية تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ. والنيابة العامة بحسبانها شعبة أصيلة من شعب القضاء تمثل الشعب، وهي الأمينة على الدعوى العمومية، منحها المشرع صلاحية الاتهام والتحقيق ومباشرة الدعوى الجنائية والإشراف علي تنفيذ الأحكام الجنائية.
ونظرا ، لعظم الواجبات الملقاة على كاهل أعضاء النيابة العامة واتساع الاختصاصات المسندة إليهم . وجلال المهام المنوطة بهم، وأثرها المباشر على الفرد والمجتمع والدولة ، فقد ترسخ في ضمائر الحريصين على حقوق الإنسان وسيادة القانون .ومبادى العدالة والمساواة والحرية من كافة الأمم والشعوب، كثير من المبادي والقيم والأعراف والتقاليد التي تحكم سلوك أعضاء النيابة العام، وما يجب أن يتمتعوا به من الصفات والقدرات والمكنات .بما يعينهم على حيازة ثقة الأفراد واحترامهم وتقديرهم، وليطمئن الخصوم إلى قراراتهم لثقتهم بكفاءتهم وقدراتهم وعدلهم ونزاهتهم وأمانتهم وحيادهم واستقلالهم.
وقد تعددت هذه القواعد والقيم والأعراف والتقاليد وتطورت تبعا لتطور صلاحيات واختصاصات النيابة العامة، وتعزيز استقلالها عن السلطات والأجهزة الأخرى في الدولة.
ولما كانت النيابة العامة تحرص دائما على اتخاذ ما يلزم لتطويرها وتحديثها، وتعزيز استقلالها ورفع كفاءة أعضائها وقدراتهم وتحسين أدائهم فقد بات من الضروري على كل عضو بالنيابة العامة الإلمام بالصفات والقدرات والمكنات التي يجب أن يتحلى بها . 
وأن يحاط علما بالمبادئ والقيم والأعراف والتقاليد التي يتعين عليه الالتزام بها وتطبيقها . وهو ما تطلب وضع مدونة لسلوك أعضاء النيابة العامة في ضوء أحكام الدستور والقوانين الداخلية وكافة الاتفاقيات والمعاهدات والاعلانات والمبادئ الدولية الصادرة في هذا الخصوص، لتكون نبراسا لعضو النيابة العامة في سلوكه وفي حياته الخاصة والعامة على حد سواء. ونورا يهتدي به في مسيرته القضائية وسلوكه الاجتماعي. وهي أين متاحة لاطلاع المواطنين لتكون دليلا ومرشدا لهم في تعاملهم مع النيابة العامة وأعضائها .
ولعل هذه المدونة ليست بأمر جديد على النيابة العامة وأعضائها . ذلك أنها تمثل في جزء كبير منها موروثاً من حضارتنا وثقافتنا القضائية ، فهي تقنين لتقاليدنا وأعرافنا القضائية الراسخة في وجداننا وضمائرنا.
وأخيرا لابد من القول، أنه على الرغم من أن التشريعات ضرورية لضمان استقلال النيابة العامة وأعضائها، فإني على يقين من أن أعضاء النيابة العامة الأكفاء الشرفاء هم بعدلهم الذين يصنعون استقلالهم .
                                                     النائب العام
لجمهورية مصر العربية
المستشار/ نبيل أحمد صادق


الفصل الأول : الخلق والاستقلال والحيدة
مادة (1)
يجب على عضو النيابة أن يتحلى بحسن ودماثة الخلق وسمو الشعور والإدراك واحترام الذات، وقوة الشخصية وحسن المظهر والالتزام بالزي الرسمي الكامل وأن يتسم تعامله مع زملائه ورؤسائه بالاحترام والتقدير، حتى يكون محل لثقة الخصوم بما يرسخ اقتناعهم بسلامة إجراءات التحقيق.
مادة (2)
يجب على عضو النيابة العامة أن يصون استقلاله بذاته، وأن ينأى بنفسه عن قبول أي تدخل او مراجعة من السلطات الأخرى في القضايا التي ينظرها، وأن يتذكر ألا سلطان عليه في قضائه لغير القانون.
مادة (3)
يجب على عضو النيابة العامة ألا يسمح للخصوم أو لأي شخص أو جهة عامة أو خاصة أو غير ذلك بالتدخل في عمله أو التأثير فيه.
مادة (4)
يجب على عضو النيابة العامة عند استشعاره محاولة التأثير عليه في عمله القضائي، إخطار النائب العام من خلال إدارة التفتيش القضائي.
مادة (5)
يحب على عضو النيابة العامة أن بقوم بأداء واجباته القضائية دون تحيز ولا تحامل ولا تعصب وأن يؤدي هذه الواجبات على النحو الذي من شأنه تعزير الثقة باستقلال النيابة العامة ونزاهتها وحيدتها .
مادة (6)
يجب أن يكون المحقق مؤمنا برسالته في استظهار الحقيقة . واتخاذ كل الوسائل الكاشفة عنها، وأن يؤمن أن الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة هما هدفه وغايته المنشودة، وأن مهمة النيابة العامة ليست البحث عن تحقيق الإدانة ، وإنما حماية القانون والشرعية وتحقيق حسن إدارة العدالة.
مادة (٧)
يجب أن يلبس عضو النيابة ثوب القاضي عند مباشرته التحقيق فيتحلى بالحيدة والنزاهة تحرياً للحق أينما كان سواء أدى إلى إقامة الدليل قبل المتهم أو إلى نفي الاتهام المثار في حقه .
مادة (8)
يجب على عضو النيابة العامة أن يعزز بتصرفاته ومظهره ومنطقه وحلمه ثقة عامة الناس بنزاهة وحيدة النيابة العامة وبأنه لا مفاضلة أو تحيز أو تعصب عنده في المعاملة وأن يؤكد بسلوكه القويم في حياته الخاصة ما يؤدي إلى ثقة الناس به واحترامه بما ينعكس ايجابياً على احترامهم للسلطة القضائية بوجه عام والنيابة العامة بوجه خاص.
مادة (٩)
يجب على عضو النيابة العامة أن يطلب إلى رئيسه المباشر تنحيته عن التحقيق في القضية المعروضة عليه، متى كانت تربطه بأحد الخصوم في تلك القضية ثمة علاقة من الممكن أن تسبب له حرجاً وتنال من الثقة في حيدته.
مادة (10)
يجب على عضو النيابة العامة أن يعمل على توفير كافة الضمانات الدستورية والقانونية للمتهم وكذا سائر ضمانات حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلانات والعهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
مادة (١١)
يجب على عضو النيابة أن يحترم ما للمتهم من حقوق وضمانات كفلها له الدستور والقانون والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل المواثيق والاتفاقات الدولية في هذا الخصوص.
مادة (12)
يجب على عضو النيابة عند مباشرته للتحقيق الجنائي أن يعمل على تلقي كافة الخصوم لمعاملة تقوم على أساس من المساواة وعدم التمييز مهما تفاوتت مراكزهم الاجتماعية والثقافية.
مادة (13)
يجب على عضو النيابة العامة الالتزام بسرية التحقيقات على النحو الذي ينظمه القانون وتعليمات النيابة العامة.
مادة (14)
يجب على أعضاء النيابة العامة مراعاة حق المتهم في الاستعانة بمدافع وأنه لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه على الوجه الذي ينظمه الدستور والقانون ، كما يجوز للمتهم أو محاميه إبداء دفوعهم وطلباتهم بالتحقيقات.
مادة (15)
يجب على المحقق أن يعين المحامين على أداء واجبهم في الدفاع عن المتهمين، وأن يجيبهم إلى ما يطلبونه في سبيل إثبات براءة موكليهم وذلك في حدود ما يسمح به القانون، وبما لا يؤدي إلى تعطيل أو المساس بأعمال التحقيقات. 
مادة (16)
يجب على عضو النيابة العامة بذل جهده في سبيل جمع الأدلة المتصلة بالتحقيق الذي يباشره وصولا إلى الحقيقة وإصدار قرار يتفق والدستور وصحيح فهم القانون والاجتهاد القضائي المستقر عليه.
مادة (17)
يجب على عضو النيابة العامة الحرص على إنهاء التحقيقات في آجال ناجزة كلما أمكن ذلك ودون الإخلال بتحقيق الدليل وصولا للحقيقة.
مادة (١٨)
يحظر على عضو النيابة العامة الانتماء إلى الجماعات أو التيارات أو الأحزاب أو الهيئات السياسية أو المساهمة في أنشطتها بأي طريقة أو أن يحضروا اجتماعاتها أو الجهر بآرائهم السياسية.
مادة (19)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يلتمس أحد من زملائه في عمل أو تحقيق، وألا يقبل التماسا من أحدهم في هذا الخصوص وأن يتذكر أنه وإياهم قد نذروا أنفسهم لتحقيق العدالة.
مادة (20)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يتصرف بما يوحي أو يخلق انطباعا لدى الاخرين أن لأحد أفراد أسرته أو شخص ما تأثير على توجهه القضائي وعليه قدر الإمكان منع هؤلاء من خلق ذلك الانطباع لدى الاخرين.
مادة (21)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يستند في تحقيق قضائي يباشره على معلوماته الشخصية أو على أي بيانات أخرى لم تقدم إليه في الدعوى ، ولا يجوز أن يستمع إلى رواية عن الواقعة في غير جلسة التحقيق، ويتعين عليه الالتزام بالمنطق القانوني والأدلة الدامغة والقرائن القانونية والقضائية المقدمة في الدعوى.
 مادة (22)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يجهر برأي قانوني للخصوم أو غيرهم في تحقيق يباشره بنفسه أو غيره من أعضاء النيابة العامة أو في دعوى متداولة أمام القضاء أو صدر فيها حكم قضائي ، وذلك كله في غير الأحوال التي ينظمها القانون والتعليمات القضائية للنيابات.
مادة (٢٣)
يحظر على عضو النيابة العامة الاتصال بوسائل الإعلام أو إبداء التصريحات لها فيما يتعلق بعمله أو بسببه أو مناسبته إلا من خلال المتحدث الرسمي للنيابة العام بعد صدور موافقة بذلك من النائب العام.
مادة (24)
يحظر على عضو النيابة أن يظهر أمام الشهود بمظهر المتشكك في أقوالهم بإبداء ملاحظات أو إشارات تبعث الخوف في نفوسهم وتعقد ألسنتهم عن تقرير ما أزمعوا الادلاء به من حقائق .
ماو (25)
يحظر على عضو النيابة أن يشارك في أي بحث أو نقاش قانوني يكون من شأنه استخلاص رأيه في نزاع معروض عليه أو من المزمع أو المتوقع عرضه عليه، ما لم يكن الأمر لغايات التدريب القضائي أو البحث العلمي وبما لا يتعارض مع مبدأ سرية التحقيقات.

الفصل الثاني: واجبات أعضاء النيابة العامة
والأعمال المحظورة عليهم
مادة (26)
يجب على عضو النيابة العامة التزام السلوك القويم وأن ينأى بنفسه عن مواضع الشبهات والريب ، وعدم ارتياد الأماكن التي قد تحوطها الشبهات ، والابتعاد قدر المستطاع عن أن يكون طرفا في خصومة ، وأن يصون كرامة وظيفته ، فلا يجعلها عرضة لما يشينها . ولا يتخذ منها وسيلة للإعنات بالناس أو النيل منهم، وذلك حفاظاً على سمعة رجال القضاء وهيبة النيابة العامة التي ينتمي إليها .
مادة (27)
يجب على أعضاء النيابة بذل العناية الواجبة فيما يعرض عليهم من أقضية، واحترام حرية المواطنين فيما يتخذونه من إجراءات والحرص على إنزال حكم القانون صحيحا عليها وحسن وزن الأمور، ومراعاة ملائمة التصرف للوقائع والأدلة القائمة في الأوراق. رعاية لجلال الأمانة التي يشرفون بحملها.
مادة (28)
يجب على عضو النيابة العامة لدى مباشرته التحقيق أن يلتزم بضبط النفس، ولا يستسلم للغضب أو الغيظ أو لسيطرة الميول والغرائز، وأن يتحلى بالصبر والمثابرة في الكشف عما يدق من أمور التحقيق، وأن يتأنى في الحكم على قيمة الدليل، متناولا الرأي على مختلف وجوهه حتى يتيقن من مطابقته لمقتضى الحال دون التزام بالتأثير الأول الذي يتبادر إلى ذهنه عن الحادث. 
مادة (٢٩)
يجب على عضو النيابة العامة ألا يتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي شخص يرتكب أثناء التحقيقات فعلا يشكل جريمة وفقا للقانون أو من شأنه الإساءة إلى القضاء أو النيابة العامة  
مادة (30)
يجب على عضو النيابة العامة أن يكون مطلعا على الدستور المصري وجميع القوانين والقرارات بقوانين الصادرة في جمهورية مصر العربية وعلى التعديلات الجارية عليها وعليه أيضا الإلمام بالشروح الفقهية المتعلقة بها، وإجراء الدراسات والبحوث المتخصصة لتنمية مهاراته ، والاطلاع قدر الامكان على القوانين المقارنة.
مادة (31)
يجب على عضو النيابة العامة مواكبة كل اجتهاد قضائي والمبادئ والأحكام التي تصدر عن المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض وما استقرت عليه الأخيرة بشأن القضايا الخلافية وعليه اتباع ما تضعه هيئتها العامة من مبادئ الى أن يجري العدول عنها صراحة.
مادة (32)
يجب على عضو النيابة العامة الاطلاع على الاتفاقيات الدولية الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف التي تكون جمهورية مصر العربية طرفاً فيها وتصدق عليها من مجلس النواب باعتبار أنها بهذه المثابة تعد قانوناً واجب التطبيق يتعين إعمالها والالتزام بها عند انطباقها على الوقائع المعروضة عليه.
مادة (٣٣)
يجب على عضو النيابة العامة حضور المؤتمرات والمحافل الدولية والدورات التدريبية والندوات وورش العمل التي يقرر النائب العام مشاركته فيها، وعليه أن يقدم تقريراً مكتوباً عقب انتهاء فاعلياتها.
مادة (34)
يجب على عضو النيابة العامة أن يحرص على تطوير مهاراته الشخصي بحضور الدورات المتخصصة وعلى وجه الخصوص: استخدامات الحاسوب المختلفة ووسائل الاتصال وإجادة اللغات.
مادة (٣٥)
يجب على عضو النيابة أن يكون سريع الخاطر، قوي الذاكرة والملاحظة حتى يتمكن من الربط بين الأحداث المختلفة، وصولا إلى الحقيقة.
مادة (36)
يجب على عضو النيابة العامة الحضور إلى مقر عمله في وقت مبكر والالتزام بمواعيد عمل النيابة المسائية وبتعليمات رؤسائه الخاصة بالتنظيم الإداري للعمل وتوزيعه وعرضه على أعضاء النيابة ، وكذا الالتزام بتطبيق الدستور والقانون وتنفيذ التعليمات القضائية والكتب الدورية الصادرة عن النائب العام أو إدارة التفتيش القضائي.
مادة (٣٧)
يجب على عضو النيابة العامة أن يقتصد في علاقته بمن يمارسون أعمالاً بصورة دائمة في مقر عمله أو يعملون في مكان آخر ذي صلة مباشرة بعمله وذلك بالقدر الذي يجنبه شبهة التحيز أو عدم الحياد .
مادة (38)
يجب على عضو النيابة العامة التزام الحزم في التعامل مع موظفي النيابة العامة في ظل روح التفاهم والتعاون ، مبتغياً في ذلك صالح التحقيقات وسلامة وسرعة تنفيذ قراراته.
مادة (٣٩)
يجب على عضو النيابة العامة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي موظف يرتكب سلوكا خاطئا أو من شأنه الإساءة إلى النيابة العامة إذا كان يعمل تحت إشرافه . 
مادة (40)
يجب على عضو النيابة العامة ألا يسمح لموظفي النيابة الخاضعين لإشرافه بإثارة شك الخصوم في التزامهم الحيدة في تحقيق يباشره بقبول هدية أو مكافأة أو قرض من أحدهم وعليه اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال كل من يرتكب هذا الفعل.
مادة (٤١)
يجب على عضو النيابة أن تكون علاقته بمأموري الضبط الذين تربطهم به دواعي التحقيق علاقة قائمة على المودة وحسن التفاهم، من غير أن ينشئ معهم علاقات من نوع خاص تؤثر على مصلحة التحقيق.
مادة (42)
يجب على عضو النيابة إذا أراد استبعاد بعض المعلومات التي يتلقاها من مأموري الضبط القضائي وعدم الاعتماد عليها كدليل في الدعوى، وبعد تمحيصها بدقة أن يكون لبقا في تصرفه بما لا يمس الجهد الذي بذله مأمور الضبط، حتى لا يفقد صدق معاونته له في مباشرته لمهام وظيفته.
مادة (٤٣)
يجب على أعضاء النيابة أن يحرصوا على ارتداء الملابس السوداء والأوسمة حين قيامهم بتمثيل النيابة في جلسات المحاكم.
مادة (44)
يجب أن يتحلى المترافع بجودة الالقاء وباللباقة وبالكياسة في توجيه حديث المرافعة . وأن يتحاشى العبارات الخادشة أو التي تمس الكرامة وأن يتجنب المتهم أو التنديد به في غير ما يقتضيه بيان الدليل واظهار مدى الخطورة المبررة لتوقيع ما تطلبه النيابة من عقاب .
مادة (45)
يجب على أعضاء النيابة العامة أن يطلبوا من المحكمة نظر الدعوى في جلسات سرية كلما اقتضت ذلك دواعي المحافظة على الآداب العام أو النظام العام أو أسرار الدفاع وغير ذلك من المقتضيات.
مادة (46)
يجب على عضو النيابة الذي يباشر الدعوى الجنائية أمام المحكمة أن يفوض الأمر إليها لتفصل في الدعوى بما تراه، إذا ظهرت أثناء نظر الدعوى أدلة جديدة نافية للاتهام .
مادة (٤٧)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يتغيب عن عمله بغير إذن مسبق من رئيسه المباشر ما لم يكن ذلك لعذر قهري بحيث يكون مثالاً لزملائه والعاملين معه ومدعاة لاحترام الخصوم .
مادة (48)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يكشف عن صفته الوظيفية زاهياً بها ملوحاً بسلطانها فيما يضع فيه نفسه من مواقف تنال من قدسية رسالته وجلالها ، إذ أن إبراز هذه الصفة لا يكون إلا في المواضع التي يقتضيها عمله، وفيما يرسخ احترام الناس لرجال القضاء والنيابة العامة.
مادة (49)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يستغل منصبه القضائي لتعزيز مصالحه الشخصية أو مصلحة أحد أفراد أسرته أو أي شخص آخر.
مادة (50)
يحظر على عضو النيابة العامة التحدث بصوت مسموع فيما يتعلق بشنون عملهم أتناء ارتيادهم الأماكن العامة أو ركوبهم وسائل المواصلات العامة
مادة (51)
يحظر على عضو النيابة أن يعد المتهم بشيء ما كتخفيف العقاب عنه وصولاً إلى اعترافه بارتكابه الجريمة ، أو أن يحاول الوقيعة به عن طريق الأسئلة الإيحائية ، أو بالإيهام بوقائع غير صحيح.
مادة (52)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يشارك في المناسبات أو النشاطات الخاصة إذا كان ذلك يثير الشكوك حول نزاهته وحيدته، ويجب عليه تنظيم تلك المشاركة من أجل تقليل مخاطر تعارضها مع وقته وواجباته القضائية.
مادة (53)
يحظر على عضو النيابة العامة كتابة أو تدوين أي بيانات أو معلومات حول النيابة العامة أو أي جهة قضائية أخرى أو التعليق أو إبداء الآراء بشأن أي دعاوى قضائية وذلك في المنتديات أو الملتقيات أو شبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها من سبل النشر على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) .
مادة (54)
يحظر على عضو النيابة العامة ممارسة الأعمال التجارية أو أن يكون عضوا في مجالس إدارة الشركات والمؤسسات أو أي جهة أخرى.
مادة (٥٥)
يحظر على عضو النيابة العامة إظهار سلاحه الشخصي المخطر به أمام العامة أو الخصوم لما قد يتنافى مع طبيعة عمل أعضاء النيابة العامة.
مادة (56)
يحظر على أعضاء النيابة العامة عند الاشتراك في الأندية أو غيرها من المؤسسات والجمعيات الاجتماعية والخيرية أن يكونوا رؤساء لها أو أعضاء في مجالس إداراتها . وتقتصر مشاركتهم على أن يكونوا أعضاء في تلك الأندية.
مادة (57)
يحظر على أعضاء النيابة العامة أن يتولوا جمع الاكتتابات لأي مشروع بصفتهم رؤساء أو أعضاء لجان تقوم بجمع الأموال لعمل خيري أو عام، وأن يتنزهوا عن كل ما يمس وظيفتهم. 
مادة (58)
يحظر على عضو النيابة العامة أن يقوم بأعمال التحكيم أو التدريس بالجامعات الا بعد الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى. 
مادة (59)
يحظر على أعضاء النيابة العامة، بغير الحصول على موافقة كتابية من النائب العام التردد على المراكز والهيئات التابعة للجهات الأجنبية، كما يحظر عليهم إلقاء محاضرات فيها بغير الحصول على الموافقة المذكورة.

--------------------------
مع عدم الإخلال بتعليمات النيابة العامة وبالأعراف والتقاليد القضائية الراسخة في وجدان وضمير أعضائها ، تعمم هذه المدونة لقواعد السلوك القضائي على كاف أعضاء النيابة العامة ، ويعمل بها من تاريخه.
تحريرا في 9 /11 / 2017
                                                     النائب العام
لجمهورية مصر العربية
المستشار / نبيل أحمد صادق