الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 مايو 2017

عدم تقيد النيابة الادارية بطلب النيابة العامة إحالة المتهم إلى المحاكمة التأديبية

الطعن  19919لسنة 55 ق المحكمة الإدارية العليا جلسة 12 / 3 / 2016
باسم الشعب 
مجلس الدولة 
المحكمة الإدارية العليا 
الدائرة الرابعة 
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 

وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد إبراهيم زكي نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار سليمان نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ هشام السيد سليمان عزب نائب رئيس مجلس الدولة 
وعضوية السيد الأستاذ المستشار د/ رضا محمد عثمان دسوقي نائب رئيس مجلس الدولة 
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أيمن عبد الحميد كساب مفوض الدولة 
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في الطعن رقم 19919 لسنة 55ق. عليا

------------
الوقائع
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص- حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 2/7/2008 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 585 لسنة50 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية متضمنة ملف القضية رقم 177 لسنة 2008 نيابة 6 أكتوبر وتقرير اتهام ضد ....... مهندس بإدارة التراخيص سابقا وحاليا بإدارة الطرق بجهاز مدينة 6 أكتوبر- عقد مؤقت، لأنه خلال الفترة من 16/9 حتى 22/9/2006 لم يؤد العمل المنوط به بأمانة وسلك في تصرفاته مسلكا معيبا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة وخالف القواعد المالية وأتي ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للجهة بأن طلب وتقاضي مبلغ 5000 جنيه رشوة من المواطن ........ مالك القطعة رقم ....... بالحي الرابع المجاورة السابعة بمدينة 6 أكتوبر مقابل قيامه بإثبات إزالة المخالفات وسداد قيمة المخالفات المستحقة علي هذه القطعة وقدرها 11000 جنيه علي طلبي توصيل المرافق لهذه القطعة بالمخالفة للحقيقة، وبناء عليه يكون ارتكب المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 76/1، 3، 77/3، 4 ، 78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة1978 وتعديلاته وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبيا وبجلسة 22/3/2009 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى التأديبية علي النحو المبين بالأسباب وشيدت قضاءها بعد استعراض نصوص المواد 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، 12/5، 13 من القانون رقم 117لسنة1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على سند أن النيابة العامة انتهت من تحقيقاتها في القضية رقم 4675لسنة2002 جنايات العمرانية والمقيدة برقم 439 لسنة2002 كلي جنوب الجيزة والمتهم فيها المحال بتقاضي رشوة علي النحو الوارد بتقرير الاتهام وقامت النيابة العامة بإحالة الأوراق إلي النيابة الإدارية مباشرة طالبة إحالته إلي المحاكمة التأديبية بالرغم من أن النيابة العامة ليست من الجهات التي تملك قانونا الحق في طلب إحالة الموظف العام إلي المحاكمة التأديبية الأمر الذي يضحي معه اتصال النيابة الإدارية بالدعوى قد تم من غير الطريق المقرر قانونا مما لا مناص معه من عدم قبول الدعوى دون أن ينال ذلك من حق الجهة الإدارية في طلب محاكمة المحال تأديبيا عن المخالفة المنسوبة إليه علي النحو المتفق وصحيح الإجراءات القانونية
في يوم السبت الموافق 16/5/2009 أودع المستشار/ ......... رئيس النيابة الإدارية نائبا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 19919 لسنة55ق.عليا طعنا على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية بجلسة 22/3/2009 في الدعوى رقم 585لسنة50ق القاضي بعدم قبول الدعوى التأديبية علي النحو المبين بالأسباب
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المطعون ضده بالعقوبة المناسبة
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإعادة القضية رقم 585 لسنة50 ق إلى المحكمة التأديبية للصحة للفصل فيها بهيئة مغايرة
ونظرت الدائرة الرابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا الطعن ثم قررت إحالته إلي هذه المحكمة لنظره بجلسة 12/3/2016 ونظرته المحكمة بتلك الجلسة وفيها قررت إصدار الحكم آخر الجلسة حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا
ومن حيث إن الطعن قد استوفي سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فإنه يكون مقبولا شكلا
ومن حيث إن مبني الطعن الماثل هو مخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أن طلب النيابة العامة من النيابة الإدارية إحالة المتهم إلي المحاكمة التأديبية لا يعدو كونه بلاغا لها بوقائع رأتها تشكل مخالفات يجدر التصرف فيها تأديبيا بالإحالة إلي المحاكمة التأديبية ولا يعني ذلك أن تتقيد النيابة الإدارية بما ارتأته النيابة العامة يؤكد ذلك أن النيابة الإدارية قد أشارت صراحة بمذكرة التصرف في القضية رقم 117لسنة2008 نيابة 6 أكتوبر المؤرخة 8/6/2008 وتقرير الاتهام المؤرخ 2/7/2008 إلى أنها تطلب محاكمة المطعون ضده تأديبيا إعمالا لأحكام المادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 117لسنة 1958  المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 بإعادة تنظيم هيئة النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أن "تتولى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية ولرئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن في أحكام المحاكم التأديبية ويباشر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا أحد أعضاء النيابة بدرجة رئيس نيابة علي الأقل". 
وتنص المادة (14) من ذات القانون والمعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 171لسنة1981 على أن "إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة تستوجب جزاء أشد مما تملكه الجهة الإدارية أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى المحكمة التأديبية المختصة مع إخطار الجهة التي يتبعها العامل بالإحالة". 
وحيث إن المشرع في المادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه أناط بالنيابة الإدارية إحالة العامل للمحاكمة التأديبية سواء كان ذلك بناء علي تحقيق باشرته إثر بلاغ من الجهة الإدارية أو شكوى أو غيرها من الطرق التي تتصل النيابة الإدارية بمقتضاها بالمخالفة موضوع النزاع
ومن حيث أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أجرت تحقيقا في الوقائع المنسوبة للمطعون ضده بشأن طلب وتقاضي مبلغ 5000 جنيه رشوة من المواطن .......  مالك القطعة رقم ...... بمدينة 6 أكتوبر مقابل قيامه بإثبات إزالة المخالفات وسداد قيمة المخالفات المستحقة علي هذه القطعة وقدرها 11000 جنيه على طلبي توصيل المرافق لهذه القطعة بالمخالفة للحقيقة وذلك في القضية رقم .... لسنة 2002 جانيات العمرانية والمقيدة برقم ..... لسنة 2002 كلي جنوب الجيزة حيث انتهت إلي طلب إحالة المطعون ضده إلي المحاكمة التأديبية ومن ثم فإن هذا الطلب لا يعدو أن يكون بلاغا من النيابة العامة إلي النيابة الإدارية بشأن المخالفات التأديبية المنسوبة للمطعون ضده شأنها في ذلك شأن أية جهة أخرى من الجهات المعنية بالاستدلال والتحقيق في المخالفات التي تقع من الموظفين العموميين وتبعا لذلك فقد تولت النيابة الإدارية التحقيق في الوقائع محل بلاغ النيابة العامة وباشرت سلطاتها المعهودة إليها في القانون رقم 117لسنة1958 وانتهت منها إلي إحالة المطعون ضده إلي المحاكمة التأديبية ومن ثم تكون هذه الإحالة متفقة وأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه وتصلح سندا للتحقيق مع المطعون ضده ومن بعدها إحالته إلي المحكمة التأديبية المختصة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويتعين القضاء بإلغائه
وحيث إن الدعوى رقم 585 لسنة 50ق غير مهيأة للفصل في موضوعها ومن ثم يتعين إعادتها إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية وملحقاتهما للفصل فيها مجددا من هيئة مغايرة
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى التأديبية رقم 585 لسنة50 ق إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية وملحقاتهما للفصل فيها مجددا بهيئة مغايرة
صدر هذا الحكم وتلي علنا في يوم السبت 3 جماد ثاني سنة 1437هـ الموافق 12/3/2016 بالهيئة المبينة بصدره.

الخميس، 25 مايو 2017

الطعن 7297 لسنة 75 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 48 ص 255

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد, عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 دعوى "المصلحة في الدعوى" "الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية" "تقديم المستندات في الدعوى".
المصلحة. مناط الدفع والدعوى. قبول الخصومة أمام القضاء. شرطه.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المصلحة هي مناط الدفع والدعوى، ومن شروط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته.
- 2دعوى "المصلحة في الدعوى" "الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية" "تقديم المستندات في الدعوى".
الدعوى. ماهيتها. أثره. لزوم توفر الصفة الموضوعية لطرفيها.
إذ كانت الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توفر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن تُرفع الدعوى ممن يدعى أحقيته لهذه الحماية وضد من يُراد الاحتجاج عليه بها.
- 3  دعوى "المصلحة في الدعوى" "الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية" "تقديم المستندات في الدعوى".
تقديم الخصم مستندات لها دلالة مؤثرة في الدعوى. التفات الحكم عن مناقشتها. قصور.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه متى قدم الخصم إلى المحكمة مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة فإنه يكون معيباً بالقصور.
- 4  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في تقدير طلب إعادة الدعوى للمرافعة".
تقدير مدى الجد في طلب إعادة الدعوى للمرافعة. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تقدير مدى الجد في الطلب الذي يقدمه الخصوم بغية إعادة الدعوى إلى المرافعة هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التي تكفل عدالة التقاضي.
- 5 أشخاص اعتبارية "مناط توافر الصفة في الشخص الاعتباري الخاص والعام". شركات "الشخصية الاعتبارية للشركة: استقلال شخصية الشركة عن شخص من يمثلها" "إدارة وتمثيل الشركات ذات المسئولية المحدودة".
الإجراء المتخذ من أو ضد الشركة. مناط صحته. ذكر اسمها المميز لها. علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه يكفي لصحة الإجراء المتخذ من أو ضد الشركة كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخص ممثلها أن يذكر اسمها المميز لها باعتبارها الأصلية المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها.
- 6  أشخاص اعتبارية "مناط توافر الصفة في الشخص الاعتباري الخاص والعام". شركات "الشخصية الاعتبارية للشركة: استقلال شخصية الشركة عن شخص من يمثلها" "إدارة وتمثيل الشركات ذات المسئولية المحدودة".
إدارة وتمثيل الشركات ذات المسئولية المحدودة. يتولاه مدير أو مديرون من بين الشركاء أو غيرهم. المادتان 120، 121 ق 159 لسنة 1981.
المقرر في التشريع المصري والمقارن أن الإدارة والتمثيل القانوني للشركات ذات المسئولية المحدودة إنما يتولاها مدير أو مديرون من بين الشركاء أو غيرهم المادتان 120، 121 من قانون الشركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة رقم 159 لسنة 1981.
- 7 أشخاص اعتبارية "مناط توافر الصفة في الشخص الاعتباري الخاص والعام". شركات "الشخصية الاعتبارية للشركة: استقلال شخصية الشركة عن شخص من يمثلها" "إدارة وتمثيل الشركات ذات المسئولية المحدودة".
توفر الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري الخاص أو العام. مناطها. حقيقة الواقع. أثره.
العبرة في مدى توفر الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري الخاص أو العام هو بحقيقة الواقع بغض النظر عن الوصف الذي يخلعه على نفسه.
- 8  أشخاص اعتبارية "مناط توافر الصفة في الشخص الاعتباري الخاص والعام". شركات "الشخصية الاعتبارية للشركة: استقلال شخصية الشركة عن شخص من يمثلها" "إدارة وتمثيل الشركات ذات المسئولية المحدودة".
تقديم الطاعن المستندات الدالة على أنه شريك ومدير مسئول شركة ذات مسئولية محدودة. أثره. اعتبارها الأصيلة المقصودة بذاتها في الدعوى والاستئناف المقام منه. التفات الحكم المطعون فيه عن تلك المستندات وعن طلبه إعادة الاستئناف للمرافعة للرد على الدفع بعدم جوازه. خطأ.
إذ كان الواقع في الدعوى - حسبما حصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن قدم مستخرجاً من السجل التجاري الخاص بالشركة وشهادة تسجيلها بالمملكة العربية السعودية باعتبارها شركة ذات مسئولية محدودة أُثبتت فيها أن/ ....... هو مديرها، كما قدم محضر إيداع توكيل المحامي رافع الطعن ثابتاً منه أن المذكور شريك والمدير المسئول والممثل القانوني لها وهو نفس الشخص الذي أقام الدعوى المبتدأة على نحو يعطيه الصفة الموضوعية في إقامة دعواها، وتعد وفقاً لذلك الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة كمدعية ومستأنفة ولو تغاير أو تعدد وصف ممثلها القانوني، إذ إن العبرة بحقيقة الواقع الذي أيدته المستندات سالفة البيان، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لتلك المستندات والتفت عن طلب الطاعن إعادة الدعوى للمرافعة للرد على الدفع الذي أبدته المطعون ضدها - بجلسة حجز الدعوى للحكم - بعدم جواز الاستئناف لرفعه بصفة تغاير تلك التي رفعت بها الدعوى المبتدأة وما ساقته رداً على هذا الدفع، فإنه يكون معيباً.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته شريكاً في شركة ..... أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم ..... لسنة 2001 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بسداد مبلغ 3325343 جنيه مصري بصفة مبدئية، وقال في بيان ذلك إنها اتفقت معها على أن تنقل لها شحنة صفائح وألواح معدنية من ميناء سانت بطرسبورج بروسيا إلى ميناء جدة على الباخرة المملوكة لها (.....) بموجب وثيقة شحن نظيفة, وعند وصول الشحنة تبين أنه لحق بها الصدأ والتلف – حسب تقرير المعاينة – وأضرار جسيمة قدرت قيمتها بصفة مبدئية بالمبلغ المطالب به، وقد طالبت الشركة الناقلة بهذا المبلغ إلا أنها لم تقم بالوفاء به، وبتاريخ 24 من يناير سنة 2004 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. استأنف الطاعن بصفته الممثل القانوني والمدير المسئول عن الشركة رافعة الدعوى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة "مأمورية شمال القاهرة" بالاستئناف رقم ..... لسنة 8ق، وبتاريخ 9 من مارس سنة 2005 قضت بعدم جواز الاستئناف لرفعه بصفة مغايرة للصفة التي رفعت بها الدعوى. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي فهم الواقع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه التفت عمّا ساقه من دفاع بأن الدعوى المبتدئة أقيمت من شركة ....... التي يمثلها قانوناً ..... بوصفه شريكاً فيها، وأقيم الاستئناف من ذات الشركة من ذات الشخص باعتبار أنه ممثلها القانوني ومديرها المسئول، وقدم تأييداً لصفته عنها عقد تأسيسها وسجلها التجاري وأصل التوكيل الصادر للطاعن من الشركة التي تفيد أنه شريك في الشركة والممثل القانوني لها، هذا إلى أنه فوجئ بأن المطعون ضدها دفعت بجلسة حجز الدعوى للحكم دفعاً جديداً بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة لأنه أقيم بصفة تغاير لتلك التي أقيمت بها الدعوى المبتدئة، فقدم طلباً لإعادة الاستئناف إلى المرافعة لتقديم المستندات الدالة على عدم سلامة هذا الدفع وأرفق به مذكرة توضيحية للرد عليه، إلا أنه قضى بعدم جواز الاستئناف لرفعه بصفة تغاير الصفة التي رفعت بها الدعوى المستأنف حكمها، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة هي مناط الدفع والدعوى، ومن شروط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، وكانت الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء بطلب حماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توفر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن تُرفع الدعوى ممن يدعي أحقيته لهذه الحماية وضد من يُراد الاحتجاج عليه بها، وكان متى قدم الخصم إلى المحكمة مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها كلها أو بعضها مع ما يكون لها من الدلالة, فإنه يكون معيباً بالقصور، وأن تقدير مدى الجد في الطلب الذي يقدمه الخصوم بغية إعادة الدعوى إلى المرافعة هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التي تكفل عدالة التقاضي، وكان يكفي لصحة الإجراء المتخذ من أو ضد الشركة كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخص ممثلها أن يذكر اسمها المميز لها باعتبارها الأصلية المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، وكان المقرر في التشريع المصري والمقارن أن الإدارة والتمثيل القانوني للشركات ذات المسئولية المحدودة إنما يتولاها مدير أو مديرون من بين الشركاء أو غيرهم - المادتان 120، 121 من قانون الشركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة رقم 159 لسنة 1981 - وكانت العبرة في مدى توفر الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري الخاص أو العام هو بحقيقة الواقع بغض النظر عن الوصف الذي يخلعه على نفسه. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى – حسبما حصله الحكم المطعون فيه – أن الطاعن قدم مستخرجاً من السجل التجاري الخاص بالشركة وشهادة تسجيلها بالمملكة العربية السعودية باعتبارها شركة ذات مسئولية محدودة أثبتت فيها أن/ ..... هو مديرها، كما قدم محضر إيداع توكيل المحامي رافع الطعن ثابتاً منه أن المذكور شريك والمدير المسئول والممثل القانوني لها وهو نفس الشخص الذي أقام الدعوى المبتدئة على نحو يعطيه الصفة الموضوعية في إقامة دعواها، وتعد وفقاً لذلك الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة كمدعية ومستأنفة ولو تغاير أو تعدد وصف ممثلها القانوني، إذ إن العبرة بحقيقة الواقع الذي أيدته المستندات سالفة البيان, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لتلك المستندات والتفت عن طلب الطاعن إعادة الدعوى للمرافعة للرد على الدفع الذي أبدته المطعون ضدها - بجلسة حجز الدعوى للحكم – بعدم جواز الاستئناف لرفعه بصفة تغاير تلك التي رفعت بها الدعوى المبتدأة وما ساقته رداً على هذا الدفع، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه، حجبه عن بحث مدى توفر أركان المسئولية العقدية بين الطاعن والمطعون ضدها وأحقية الأول في مقدار المبلغ المطالب به على ضوء تخفيض المرسل لقيمة الرسالة إقراراً منه بخطئه وأثر شحنها على السطح وما صادف الرحلة البحرية من سوء للأحوال الجوية على هذا التقدير.

الطعن 19 لسنة 67 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 47 ص 251

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد, عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين كامل أحمد, وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1  ضرائب "الضريبة على المبيعات: الواقعة المنشئة للضريبة".
ضريبة المبيعات. مناط تحقق الواقعة المنشئة لها. أداء الخدمة الخاضعة للضريبة. أثره . على مؤدي الخدمة في الأصل مهمة تحصيلها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب. المادتان 1، 6/ 1 ق 11 لسنة 1991. اتفاقه مع المؤدى إليه الخدمة أن يتحملها الأخير. جائز. علة ذلك.
نص المادة الأولى من قانون الضريبة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 والفقرة الأولى من المادة السادسة منه مفاده أن المشرع وقد ارتأى تحديد الواقعة المنشئة للضريبة على المبيعات بتحقق أداء الخدمة الخاضعة لها، فقد رتب على ذلك إسناد مهمة تحصيلها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب لمؤدي الخدمة – كأصل – باعتباره مكلفاً بها ما لم يتفق مع المؤدى إليه هذه الخدمة على تحملها باعتبار أن هذه الضريبة من صور الضرائب غير المباشرة التي يجوز الاتفاق على نقل عبء الالتزام بها وتوريدها لغير المكلف لها قانوناً.
- 2  ضرائب "الضريبة على المبيعات: الواقعة المنشئة للضريبة"
تمسك المطعون ضده الأول ببراءة ذمته من ضريبة المبيعات المطالب بها استناداً إلى أنه مقاول من الباطن لدى باقي المطعون ضدهم مؤدي الخدمة والمكلفين بتحصيل وتوريد هذه الضريبة. عدم تعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع باستظهار دور كل منهم في أداء الخدمة والمؤدي لها والمكلف بها وما إذا كان هناك اتفاق على نقل عبئها. قصور مبطل.
إذ كان الواقع في الدعوى - حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - أن المطعون ضده الأول أقامها بغية القضاء ببراءة ذمته من المبلغ الذي تطالبه به مصلحة الضرائب على المبيعات باعتباره من مقاولي الباطن لدى المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير، بما مؤداه أنهم هم مؤدو الخدمة التي كلفوا بها من أرباب الأعمال، ومن ثم المكلفون بتحصيل الضريبة منهم وتوريدها، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لحقيقة هذا الدفاع ويستظهر دور كل من المطعون ضدهم في أداء الخدمة محل المبلغ المطالب به كمؤدً لها أو مكلف بها على نحو ما سلف بيانه، وما إذا كان هناك اتفاق على نقل عبئها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم ...... لسنه 1995 دمنهور الابتدائية على الطاعن بصفته وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 13418 جنيه قيمة ضريبة المبيعات التي يطالبه بها الطاعن عن شهر سبتمبر سنة 1994 مع إلزام باقي المطعون ضدهم بها، على سند من أن الشركة التي يمثلها تقوم بأعمال المقاولات من الباطن لدى الأخرين، وقد نتج عن هذه الأعمال المبلغ سالف البيان، وإذ كانوا هم الملتزمون بأداء هذه الضريبة باعتبارهم متلقي الخدمة فإنه يتعين إلزامهم بها دونه ومن ثم فقد أقام الدعوي، وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1995 حكمت المحكمة برفضها. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية دمنهور - بالاستئناف رقم ..... لسنة 51 ق وفي 13 من نوفمبر سنة 1996 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمة المطعون ضده الأول من المبلغ محل النزاع. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور والتسبيب ذلك بأنه اعتبر نشاط المقاولات التي يباشرها المطعون ضده الأول غير خاضع لضريبة المبيعات، إذ لم يرد ذكر لها في جداول خدمات التشغيل للغير في حين أنها تعد كذلك وفقاً لأحكام قانون الضريبة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 و تعديلاته السارية علي فترة المحاسبة بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن النص في المادة الأولى من قانون الضريبة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 على أن "يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية، التعريفات الموضحة قرين كل منها: ..... المكلف: الشخص الطبيعي أو المعنوي المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجاً صناعياً أو تاجراً أو مؤدياً لخدمة خاضعة للضريبة ....." وفي الفقرة الأولى من المادة السادسة منه على أن "تستحق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقاً لأحكام القانون" مفاده أن المشرع وقد ارتأى تحديد الواقعة المنشئة للضريبة على المبيعات بتحقق أداء الخدمة الخاضعة لها، فقد رتب على ذلك إسناد مهمة تحصيلها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب لمؤدي الخدمة – كأصل – باعتباره مكلفاً بها ما لم يتفق مع المؤدي إليه هذه الخدمة على تحملها باعتبار أن هذه الضريبة من صور الضرائب غير المباشرة التي يجوز الاتفاق على نقل عبء الالتزام بها وتوريدها لغير المكلف لها قانوناً. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى – حسبما حصله الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - أن المطعون ضده الأول أقامها بغية القضاء ببراءة ذمته من المبلغ الذي تطالبه به مصلحة الضرائب على المبيعات باعتباره من مقاولي الباطن لدى المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير، بما مؤداه أنهم هم مؤدو الخدمة التي كلفوا بها من أرباب الأعمال، ومن ثم المكلفون بتحصيل الضريبة منهم وتوريدها، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لحقيقة هذا الدفاع ويستظهر دور كل من المطعون ضدهم في أداء الخدمة محل المبلغ المطالب به كمؤد لها أو مكلف بها على نحو ما سلف بيانه، وما إذا كان هناك اتفاق على نقل عبئها، فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل علي نحو يوجب نقض الحكم.

الأربعاء، 24 مايو 2017

عدم دستورية الزام ورثة الصيدلي ببيع الصيدلية، التي آلت إليهم ميراثا

قضية 51 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 مايو سنة 2005 م، الموافق 29 من ربيع الأول سنة 1426 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ حمدي محمد علي وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من
السيد الدكتور/ ...
ضد
1- السيد/ رئيس الجمهورية
2- السيد/ رئيس مجلس الشعب
3- السيد/ رئيس مجلس الشورى
4- السيد/ وزير العدل
5- السيد/ وزير الصحة
6- السيد/ رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة
7- السيد الدكتور/ ... نقيب صيادلة القاهرة
8- السيد الدكتور/ ...، عن نفسه وبصفته أمين عام نقابة الصيادلة بالقاهرة
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من فبراير سنة 2002، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالبا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (30، 31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955، و44 لسنة 1982.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 8377 لسنة 51 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بسرعة التصرف في الصيدلية التي كان يملكها والده قبل وفاته، وفي الموضوع بإلغائه، وذلك على سند من القول بأن وزارة الصحة أرسلت إليه إنذارا بسرعة التصرف في هذه الصيدلية وإلا سيتم إلغاء الترخيص لانتهاء المدة الممنوحة للورثة لإدارتها لصالحهم، فتقدم المدعي بصفته أستاذا مساعدا بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة بطلب لتمكينه من نقل ترخيص الصيدلية باسمه، فتم إخطاره بأن المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955 لا تجيز لموظفي الحكومة تملك صيدلية، وأن المادة (31) من هذا القانون تلزم الورثة بعد مرور عشر سنوات بالتصرف في الصيدلية بالبيع حتى لا تغلق إداريا، فأقام المدعى دعواه المشار إليها، وقضت تلك المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، استنادا إلى أن المدعي يشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الصيدلة، ومن ثم يتوافر في شأنه القيد الوارد في المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955، وهو ألا يكون مالك الصيدلية موظفا حكوميا. وأثناء نظر الشق الموضوعي، دفع محامى المدعي بجلسة 13/11/2001 بعدم دستورية المادتين (30)، (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له في مزاولة مهنته، يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل قضاها في مزاولة المهنة في مؤسسة حكومية أو أهلية، ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلي الذي تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية، ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكا أو شريكا في أكثر من صيدليتين أو موظفا حكوميا". وتنص المادة (31) المعدلة بالقانون رقم 44 لسنة 1982 على أنه "إذا توفي صاحب الصيدلية، جاز أن تدار الصيدلية لصالح الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية.
وفي حالة وجود أبناء للمتوفي لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفي سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب.
ويعين الورثة وكيلا عنهم، تخطر به وزارة الصحة، على أن تدار الصيدلية بمعرفة صيدلي.
وتغلق الصيدلية إداريا بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة، ما لم يتم بيعها لصيدلي".
وحيث إن المدعي ينعى على النصين المطعون فيهما تعارضهما مع نص المادة الثانية من الدستور، لمخالفتهما أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، وكذلك مخالفتهما نصوص المواد 32، 34، 40 من الدستور، بإهدارهما حق الملكية الخاصة، إذ أنهما يحظران على الصيدلي موظف الحكومة تملك صيدلية، ويجبران المالك على التصرف في ملكه على غير إرادته، وبإخلالهما بمبدأ المساواة، إذ يميزان على غير أسس موضوعية بين الأساتذة الجامعيين الصيادلة وبين غيرهم من الأساتذة الجامعيين، ومن ناحية أخرى بين بعض الصيادلة والبعض الآخر، رغم كونهم جميعا صيادلة ومقيدين بنقابة الصيادلة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا، جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يقوم ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول حرمان المدعي، الذي يعمل أستاذا مساعدا بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، من تملك الصيدلية التي آلت إليه وباقي الورثة بعد وفاة مورثهم ومطالبة إياهم ببيعها لانتهاء المهلة الممنوحة لهم، فإن مصلحة المدعي في الدعوى الماثلة تتحدد فيما نصت عليه المادة (30) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة المشار إليه، من عدم جواز أن يكون الصيدلي موظفا حكوميا، وما ألزمت به المادة (31) الورثة من بيع الصيدلية التي آلت إليهم بعد وفاة مورثهم إلى صيدلي، حتى لا تغلق إداريا بعد انتهاء المهلة التي منحتها لهم، وبهدين النصين وحدهما يتحدد نطاق الدعوى الدستورية ولا يمتد إلى ما تضمنه النصان المذكوران من أحكام أخرى.
وحيث إن الدستور إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة وتوكيدا لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي كفل حمايتها لكل فرد ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، ومن أجل ذلك حظر الدستور فرض قيود على الملكية الخاصة تنافي وظيفتها الاجتماعية أو يكون من شأنها تعطيل الانتفاع بها بما يفقدها علة وجودها وينحدر بالحماية المقررة لها إلى ما يفرغها من مضمونها، ذلك أن صون الملكية الخاصة وإعاقتها لا يجتمعان.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهقالقيود التي يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها. وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفا لها منافيا للحق فيها.
وحيث إن الحماية التي يكفلها الدستور للملكية الخاصة وبوصفها إحدى القيم الجوهرية التي يرعاها لا تقتصر على ما هو قائم فعلا من مصادرها التي استقام بها الحق في الملكية صحيحا وفق أحكام الدستور، ولكنها تمتد بداهة إلى ما هو مشروع من صور كسبها التي تعد سببا لتلقيها أو لانتقالها من يد أصحابها إلى آخرين، فلا يكون تقييد دائرتها جائزا. فالأموال التي يملكها الفرد، وكذلك ما يؤول إلى أغيار من عناصرها، هي التي قصد الدستور إلى صونها، ولم يجز المساس بها إلا استثناء، وبمراعاة الوسائل القانونية السليمة التي تقارن حق إنشائها وتغيير سندها. وينبغي بالتالي النظر إلى الحماية التي تشملها بما يقيمها وفق مفاهيم الحرية التي يمارسها الأفراد تعبيرا عن ذواتهم، وتوكيدا لحدود مسئوليتهم عن صور نشاطهم على اختلافها، فلا يكون صون الملكية إلا ضمانا ذاتيا لأصحابها، يرد عن ملكيتهم كل عدوان ينال من عناصرها.
وحيث إن الدستور يعتبر مآبا لكل سلطة وضابطا لحركتها. والأصل في النصوص التي يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازما. وكان الدستور إذ نص في المادة (34) على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولا، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثا في حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم، التي لا يجوز لأحد أن ينال منها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان نص المادة (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة قد ألزم ورثة الصيدلي ببيع الصيدلية، التي آلت إليهم ميراثا، إلى صيدلي بعد انتهاء المهلة الممنوحة لهم بالرغم من أنه يوجد من بينهم من رخص له بمزاولة مهنة الصيدلة وذلك إعمالا للحظر الوارد بنص المادة (30) من ذات القانون الذي لم يجز للصيدلي موظف الحكومة تملك صيدلية، فإنهما يكونان بذلك قد حالا بين الورثة وبين أموال دخلت الجانب الإيجابي لذمتهم المالية بطريق الميراث والذي يعد سببا مشروعا لكسب الملكية مما ينحل اعتداء على حق الإرث وإهدارا لحق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نصى المادتين (30)، (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955، و44 لسنة 1982، فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة لصيدلية، وإلزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11763 لسنة 65 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 46 ص 244

برئاسة السيد القاضي/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسن يحيى فرغل، طلبة مهنى محمد نائباً رئيس المحكمة، ثروت نصر الدين إبراهيم ومحمد أيمن سعد الدين.
---------------
- 1  نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. مناطه. تحقق مصلحة للطاعن في اختصام خصمه.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه.
- 2  نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعنين بطلب التعويض عن وفاة مورثهم في حادث عربة يجرها حصان قيادة المطعون ضده الأول ومملوكة للمطعون ضده الثاني بالنسبة للأخير لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وعدم التزامه بالتعويض. عدم تضمن أسباب الطعن بالنقض نعياً على القضاء السالف وحيازته بذلك قوة الأمر المقضي وصيرورته باتاً. مؤداه. انتفاء مصلحة الطاعنين في اختصامه في الطعن. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى (دعوى الطاعنين بطلب التعويض عن وفاة مورثهم في حادث عربة يجرها حصان قيادة المطعون ضده الأول ومملوكة للمطعون ضده الثاني) بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وبالتالي عدم التزامه بالتعويض، وكانت أسباب الطعن بالنقض لا تتضمن نعياً على هذا القضاء فحاز بذلك قوة الأمر المقضي وصار باتاً، ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه في الطعن ويتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
- 3  حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
الحكم الصادر في الدعوى الجنائية. حجيته أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. أثره. التزام المحكمة المدنية بتلك الحجية عند بحثها الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 أ ج، 102 إثبات. علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – إن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
- 4  مسئولية "المسئولية الشيئية: مسئولية حارس الحيوان: نفيها".
مسئولية حارس الحيوان. م 176 مدني. أساسها. خطأ مفترض وقوعه من الحارس لا يقبل إثبات العكس. ارتفاع مسئوليته إذا أثبت أن وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. السبب الأجنبي. ماهيته. القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو الغير. شرطه. عدم إمكان توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث.
إذ كانت مسئولية حارس الحيوان المقررة بنص المادة 176 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الحيوان افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه المسئولية إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر السبب أجنبياً إلا إذا كان لا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث.
- 5  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية الشيئية: سلطتها بشأن تقدير السبب الأجنبي".
محكمة الموضوع. سلطتها في اعتبار الواقعة المدعى بها سبباً أجنبياً ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
إن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سبباً أجنبياً ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
- 6  محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لفهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. حقها في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها. شرطه. أن تكون الأدلة مستخلصة من الأوراق استخلاصاً سائغاً ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها. عدم بيان الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة لإعمال محكمة النقض رقابتها على سداده. قصور وفساد.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين أن تكون هذه الأدلة مستمدة من أوراقها ومستخلصة منها استخلاصاً لا خروج فيه على ما هو ثابت بها، وأن يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها، فإذا لم يبين الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة التي أقام عليها قضاءه حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداده فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال.
- 7 حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية الشيئية: سلطتها بشأن تقدير السبب الأجنبي".
إقامة الطاعنين الدعوى المطروحة بطلب التعويض عن وفاة مورثهم بخطأ المطعون ضده الأول أثناء قيادة الأخير لعربة يجرها حصان على أساس مسئوليته عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 مدني والتي تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه. مؤداه. عدم انتفاء مسئوليته بإثباته عدم ارتكاب الخطأ. أثره. انتفاء حجية الحكم الجنائي القاضي ببراءته من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه أمام المحكمة المدنية. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على اعتداده بحجية الحكم الجنائي ولتوافر السبب الأجنبي دون بيان سنده أو تحقيق شهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقائع مماثلة من ذات الحيوان بما يمكن معه توقع الحادث واتخاذ اللازم لدفعه. قصور ومخالفة.
إذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم..... لسنة 1990 جنح أجا أنه قضى ببراءة المتهم "المطعون ضده الأول" من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى المطروحة بالمطالبة بالتعويض على أساس مسئولية المطعون ضده الأول عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 من القانون المدني، وهي مسئولية تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه باعتباره حارساً على هذا الحيوان، ومن ثم فإن مسئوليته تتحقق ولا تدرأ عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الحيوان وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة، ومن ثم فإن الحكم الجنائي سالف البيان لا يكون له ثمة حجية أمام المحكمة المدنية تحول دون المطالبة بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم الجنائي في رفض دعوى الطاعنين ولتوفر السبب الأجنبي المتمثل في هياج الحيوان بسبب إشعال النار دون أن يبين سنده الذي أقام عليه قضاءه ويمحص ما ورد بشهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقوع حوادث مماثلة من هذا الحيوان وهو ما من شأنه إمكانية توقع وقوع الحادث واتخاذ ما يلزم لدفعه ودرء نتائجه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون معيباً بالقصور بما يُعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين – وأخرى - أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1991 مدني المنصورة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤدياً لهم مبلغ "30000جنيه" ثلاثين ألف جنيه تعويضاً، وقالوا بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول تسبب بخطئه في وفاة مورثهم أثناء قيادته العربة يجرها حصان مملوكة للمطعون ضده الثاني وتحرر عن ذلك المحضر رقم ... لسنة 1990 جنح أجا، ولإصابتهم بأضرار مادية وأدبية فضلاً عما يستحقونه من تعويض موروث طبقاً لأحكام المسئولية المقررة بالمادتين 174، 176 من القانون المدني فقد أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 45ق لدى محكمة استئناف المنصورة والتي أحالت الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني وفيما عدا ذلك بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني فهو في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وبالتالي عدم التزامه بالتعويض، وكانت أسباب الطعن بالنقض لا تتضمن نعياً على هذا القضاء فحاز بذلك قوة الأمر المقضي وصار باتاً، ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه في الطعن، ويتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواهم لانتفاء الخطأ في جانب المطعون ضده الأول استناداً لحجية الحكم الجنائي الصادر ببراءته، فضلاً عن أن هياج الحيوان يعد سبباً أجنبياً لا يد له فيه، ولما كانت دعواهم تقوم على أساس المسئولية عن حراسة الحيوان، فإن الحكم الجنائي الصادر ببراءة المطعون ضده الأول لا يحول دون مطالبتهم له بالتعويض لاختلاف السبب في الدعويين، لأن قوام دعواهم خطا مفترض في جانب حارس الحيوان في حين أن قوام الدعوى الجنائية خطأ واجب الإثبات، فضلاً عن أن ما صدر من الحيوان لا يعد سبباً أجنبياً يدرأ عن المطعون ضده الأول المسئولية لإمكانية توقعه ودفعه باعتباره أمراً مألوفاً من الحيوان فقد سبق حدوثه منه من قبل أكثر من مرة على نحو ما شهد به الشهود أمام المحكمة، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرت به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، وكانت مسئولية حارس الحيوان المقررة بنصر المادة 176 من القانون المدني تقوم على أساس خطاً مفترض وقوعه من حارس الحيوان افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه المسئولية إذا أثبتت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر السبب أجنبياً إلا إذا كان لا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر. سبباً أجنبياً يتقضى به الالتزام وتنتفى به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أنه من المقرر أيضاً أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين أن تكون هذه الأدلة مستمدة من أوراقها ومستخلصة منها استخلاصاً لا خروج فيه على ما هو ثابت، وأن يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها، فإذا لم يبين الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة التي أقام عليها قضاءه – حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداده – فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم ... لسنة 1990 جنح أجا أنه قضى ببراءة المتهم "المطعون ضده الأول" من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى المطروحة بالمطالبة بالتعويض على أساس مسئولية المطعون ضده الأول عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 من القانون المدني، وهى مسئولية تقوم على أساس خطا مفترض في حقه باعتباره حارساً على هذا الحيوان، ومن ثم فإن مسئوليته تتحقق ولا تدر عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الحيوان وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة، ومن تم فإن الحكم الجنائي سالف البيان لا يكون له ثمة حجية أمام المحكمة المدنية تحول دون المطالبة بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم الجنائي في رفض دعوى الطاعنين ولتوفر السبب الأجنبي المتمثل في هياج الحيوان بسبب إشعال النار دون أن يبين سنده الذي أقام عليه قضاءه ويمحص مسا ورد بشهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقوع حوادث مماثلة من هذا الحيوان، وهو ما من شأنه إمكانية توقع وقوع الحادث واتخاذ ما يلزم لدفعه ودرء نتائجه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون معيباً بالقصور بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون ويوجب نقضه.