صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأربعاء، 23 نوفمبر 2016
الطعن 15077 لسنة 61 ق جلسة 20 /1/ 1993 مكتب فني 44 ق 13 ص 127
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016
قانون 84 لسنة 2016 بشأن تحويل بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى البنك الزراعي المصري
الاثنين، 21 نوفمبر 2016
الطعن 6852 لسنة 59 ق جلسة 14 / 1 / 1996 مكتب فني 47 ق 9 ص 72
جلسة 14 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت الإكيابى ومحمد عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.
------------------
(9)
الطعن رقم 6852 لسنة 59 القضائية
(1) دستور. قانون "تفسيره". تسجيل المحادثات "الإذن بتسجيل المحادثات. إصداره".
تحقيق الحرية لإنسانية المصري. هدف أساسي. تضمنته وثيقة إعلان دستور جمهورية مصر العربية.
مراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية. إجراء مرذول. لا يجوز إلا إذا كانت هناك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر. وأن يكون بناء على أمر مسبب من القاضي الجزئي ولمدة محددة. مجرد البلاغ أو الظنون أو الدوافع الوهمية. غير كاف لاتخاذ هذا الإجراء. أساس ذلك؟
(2) تسجيل المحادثات "الإذن بتسجيل المحادثات. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". بطلان. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية. موضوعي.
بطلان الإذن. مقتضاه: عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مترتباً عليه أو مستمداً منه أو إجراء تال له يكون مبنياً عليه أو متفرعاً عنه. تقدير الصلة بين الإذن الباطل والدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام والإجراءات التالية له. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ. ماهيته؟
لفظ النفوذ. مقصوده وغايته؟
(4) رشوة. نصب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ في القضاء بالبراءة في جريمتي الاتجار بالنفوذ والنصب.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة. كفايته للقضاء بالبراءة. ما دام الحكم قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي وحدها لحمله.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت. ما دام قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات. إغفالها التحدث عنها. مفاده؟
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية وإن كان موكولاً لسلطة التحقيق وإلى القاضي الجزئي المنوط به إصدار الإذن، إلا أن الأمر في ذلك خاضع لرقابة محكمة الموضوع بغير معقب لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، كما أن بطلان الإذن ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مترتباً عليه أو مستمداً منه وكل إجراء تال له يكون مبنياً عليه أو متفرعاً عنه، وتقدير الصلة بين الإذن الباطل وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام والإجراءات التالية له من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام التدليل عليها سائغاً ومقبولاً.
3 - من المقرر أن عناصر الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هي التذرع بالنفوذ الحقيقي أو المزعوم الذي يمثل السند الذي يعتمد عليه الجاني في أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة في أن يستعمل ذلك النفوذ، كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أو اجتماعية أو سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضي الموضوع وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت، شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها.
4 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة الاتجار بالنفوذ - فضلاً عن إبطاله إذن المراقبة والتسجيل والتفتيش وما ترتب عليهما - على ما ثبت لديه من عدم ادعائه أنه صاحب سلطة يتسلط بها أو نفوذ يؤثر به على رئيس مباحث التهرب من الضرائب والرسوم ببورسعيد أو من في حكمه من العاملين معه، وأن وظيفة المطعون ضده المذكور ليست لها إمكانية التأثير لدى أي من رجال المباحث هؤلاء بما يجعله يستجيب لما هو مطلوب من إصدار قرار لصالح المطعون ضده الثاني، فضلاً عن استحالة تحقق المزية للأخير لسبق تحرير تقرير في غير صالحه بعث به محرره رئيس المباحث إياه قبل الواقعة بشهرين إلى الإدارة العامة لمباحث التهرب من الضرائب والرسوم بوزارة الداخلية، ولا يمكنه استرجاعه أو العدول عنه، وأثبت الحكم بذلك خلو الواقعة من عنصري التذرع بالنفوذ والسبب بما ينتفي معه الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ، كما تساند تبريراً لقضائه ببراءة المطعون ضده المذكور من تهمة النصب إلى خلو الأوراق من عنصري الاحتيال وعلاقة السببية بين الاحتيال والاستيلاء على مال المجني عليه، بما تضحى معه هذه الجريمة لا قيام لها، فهذا حسبه في التدليل على عدم توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه.
5 - من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله.
6 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي وحدها لحمله.
7 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ولأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما أولاً: المتهم الأول: ( أ ) طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذ حقيقي لمحاولة الحصول على قرارات ومزايا من سلطة عامة بأن طلب من.... مبلغ خمسة آلاف جنيه أخذ منه أربعة آلاف جنيه مقابل استغلال نفوذه لدى مباحث التهرب من الضرائب والرسوم من خلال صلته بالضابطين....، ..... العاملين بها وصولاً إلى استصدار قرار بعدم وجود مخالفات ضريبية متعلقة بنشاطه التجاري حال كون المتهم المذكور موظفاً عمومياً عقيد بـ....... ورئيس فرع العلاقات العامة بـ....... (ب) توصل إلى الاستيلاء على نقود باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن استولى على مبلغ نقدي قدره تسعة عشر ألف جنيهاً مملوكاً لـ...... بزعم تسليمه لضابط بمباحث التهرب من الضرائب والرسوم إلا أنه احتفظ به لنفسه بعد أن قدم له تأييداً لزعمه ورقة وارداً بها تفاصيل نشاطه التجاري وذكر له على خلاف الحقيقة أن العقيد...... أعد تقريراً عن فحص نشاطه التجاري على أساس عدم وجود مخالفات لديه وأن العقيد...... تولى إعادة فحص نشاطه التجاري ضمن لجنة انتهت في تقريرها لذلك النتيجة. ثانياً: المتهم الثاني: قدم عطية لموظف عام لاستغلال نفوذه لمحاولة الحصول على قرارات ومزايا من سلطة عامة بأن قدم للمتهم الأول مبلغ أربعة آلاف جنيه مقابل استغلال نفوذه لدى مباحث التهرب من الضرائب والرسوم من خلال صلته بالضابطين...... و...... العاملين بها وصولاً إلى استصدار قرار بعدم وجود مخالفات ضريبية متعلقة بنشاطه التجاري. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً أولاً: ببطلان إذني النيابة المؤرخين 13 من يوليه، 17 من يوليه سنة 1986 لانعدام التحريات. ثانياً: ببراءة المتهمين مما اسند إليهما.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما الأول من تهمتين الاتجار بالنفوذ والنصب والثاني من تهمة تقديم رشوة إلى موظف عمومي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والتناقض، ذلك أنه تساند في قضائه ببطلان إذن المراقبة والتسجيل وإذن التفتيش المنبنى عليه إلى انعدام التحريات رغم أنه يجوز إصدار الإذن لأي بلاغ أو عناصر أخرى، وأقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول على عدم توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه رغم أن ما ساقه لا يكفي للتدليل على عدم توافرهما، واستخلص من أقواله أن المبالغ التي تسلمها إنما كانت على سبيل الأمانة رغم أن الثابت بأقواله في التحقيقات علمه أن المطعون ضده الثاني كان يسلمها له استغلالاً لصلته بأحد ضباط مباحث التهرب من الضرائب والرسوم تحقيقاً لمصلحة له، وقضى ببراءة المطعون ضده الثاني لتوافر شروط الإعفاء في حقه رغم ما انتهى إليه من عدم توافر أركان جريمة استغلال النفوذ في حق المطعون ضده الأول، هذا إلى إغفاله التعرض لأقوال الشهود واعتراف المتهم الثاني وبعض الأدلة الأخرى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى صحة الدفع ببطلان الإذن المؤرخ 13 من يوليه سنة 1986 بمراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية للمطعون ضدهما والأحاديث الشخصية بينهما وإذن التفتيش المؤرخ 17 من يوليه سنة 1986 وما ترتب عليهما على ما نصه، "وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان إذن النيابة المؤرخ 13/ 7/ 1986 لانعدام التحريات فهو دفع في محله لأنه بالرجوع إلى محضر التحريات الذي حرره عضو الرقابة الإدارية....... بتاريخ 13/ 7/ 1986 نجد أنه أثبت فيه أنه بالنسبة لبلاغ.......... عن طلب العقيد..... رئيس مكافحة التهرب الضريبي لمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة عن طريق العقيد..... بالقوات المسلحة نظير عدم فحص أعمال شركته بواسطة إدارة مكافحة التهرب الضريبي فقد قام بإجراء التحريات اللازمة حيث تبين أن العقيد........ يعمل رئيس مكافحة التهرب الضريبي والجمركي بـ....... وأن العقيد..... يعمل رئيس العلاقات العامة بـ...... بـ...... ورقم تليفون المنزل......، وهذا الذي أثبته عضو الرقابة الإدارية لا يعتبر بأي حال من الأحوال تحريات لأنه أثبت ما تلقاه على لسان المبلغ مكتفياً بالاسم والوظيفة فضلاً عن أنه ذكر صراحة عند سؤاله بالتحقيقات صفحتي 110، 120 أنه لم يجر أية تحريات في هذا الشأن خشية أن يتنبه أحد من العاملين في مباحث مكافحة التهرب الضريبي فلا يساعد هذا الأمر على كشف الجريمة وتقوية الدليل ومن ثم يتعين القضاء ببطلان هذا الإذن لانعدام التحريات، وأنه بالنسبة للدفع ببطلان إذن النيابة المؤرخ 17/ 7/ 1986 لابتنائه على الإذن الأول فهو أيضاً في محله ذلك أنه بالرجوع إلى هذا الإذن يتبين أنه أثبت فيه أنه اطلع على المحضر المحرر بمعرفة........ وعلى الإذن السابق إصداره والمؤرخ 13/ 7/ 1986 والذي انتهت المحكمة آنفاً ببطلانه لانعدام التحريات، فمن ثم يكون قد بني على إذن باطل فهو باطل أيضاً". لما كان ذلك، وكان تحقيق الحرية لإنسانية المصري هدفاً أساسياً تضمنته وثيقة إعلان دستور جمهورية مصر العربية، وكانت مراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية إجراء مرذولاً يعتبر انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة انتقاصاً من الأصل في الحرية الشخصية التي سجلها الدستور في المادة 41 منه باعتبارها حقاً طبيعياً للإنسان لا يجوز الإخلال به أو تقييده بالمخالفة لأحكامه، وكان الدستور إذ كفل في صلبه حرمة الحياة الخاصة بما تشتمله من حرمة الحديث ضد تسجيله قد قرنها بضمانات إجرائية توازن بين حق الفرد في الحرية من ناحية وحق الجماعة في الدفاع عن مصالحها الأساسية من ناحية أخرى، وليوفر لها الحماية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، بما نص عليه في المادة 45 منه أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون" وإنفاذاً للضمانات الدستورية فإن قانون الإجراءات الجنائية في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 206 منه المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين في القوانين القائمة لم يجز هذا الإجراء إلا إذا كانت هناك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر وأن يكون بناء على أمر مسبب من القاضي الجزئي ولمدة محددة، ومفاد ذلك ألا يسمح بهذا الإجراء لمجرد البلاغ أو الظنون والشكوك أو البحث عن الأدلة وإنما عند توافر أدلة جادة تقتضي تدعيمها بنتائج هذا الإجراء، وليحول المشرع بهذه الضمانات المتكاملة دون اتخاذ هذا الإجراء لدوافع وهمية أو إساءة استعماله فلا يكون إلا لضرورة تفرضها فاعلية العدالة الجنائية وما تقتضيه من تأكيد الأدلة المتوافرة بضبط ما يفيد في كشف الحقيقة في الجرائم، وعلى تقدير أن القضاء إذ يقدر توافر هذه الأدلة وتلك الضرورة هو الحارس الطبيعي للحريات والحرمات في مواجهة كل صور التحكم والتسلط والتحامل والعاصم لها دون أي تعد عليها أو عبث بها أو جموح ينال منها. لما كان ذلك، ولم يكن لإذن المراقبة والتسجيل في الدعوى من ركيزة سوى تحريات الشرطة، وكانت المحكمة قد أبطلت هذا الإذن لما تبينته من واقع محضر التحريات وأقوال محرره من أنه لم يجر أية تحريات مما يبطل الإذن المرتكن إليها ويهدر الدليل الذي كشف عنه تنفيذه، ويبطل كذلك إذن التفتيش الذي بني عليه والدليل المستمد منه، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث الشخصية وإن كان موكولاً لسلطة التحقيق وإلى القاضي الجزئي المنوط به إصدار الإذن، إلا أن الأمر في ذلك خاضع لرقابة محكمة الموضوع بغير معقب لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، كما أن بطلان الإذن ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مترتباً عليه أو مستمداً منه وكل إجراء تال له يكون مبنياً عليه أو متفرعاً عنه، وتقدير الصلة بين الإذن الباطل وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام والإجراءات التالية له من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام التدليل عليها سائغاً ومقبولاً - كما هو الحال في الدعوى - فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت عناصر الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هي التذرع بالنفوذ الحقيقي أو المزعوم الذي يمثل السند الذي يعتمد عليه الجاني في أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة في أن يستعمل ذلك النفوذ، كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لها هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أو اجتماعية أو سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضي الموضوع وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت، شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة الاتجار بالنفوذ - فضلاً عن إبطاله إذن المراقبة والتسجيل والتفتيش وما ترتب عليهما - على ما ثبت لديه من عدم ادعائه أنه صاحب سلطة يتسلط بها أو نفوذ يؤثر به على رئيس مباحث التهرب من الضرائب والرسوم ببورسعيد أو من في حكمه من العاملين معه، وأن وظيفة المطعون ضده المذكور ليست لها إمكانية التأثير لدى أي من رجال المباحث هؤلاء بما يجعله يستجيب لما هو مطلوب من إصدار قرار لصالح المطعون ضده الثاني، فضلاً عن استحالة تحقق المزية للأخير لسبق تحرير تقرير في غير صالحه بعث به محرره رئيس المباحث إياه قبل الواقعة بشهرين إلى الإدارة العامة لمباحث التهرب من الضرائب والرسوم بوزارة الداخلية، ولا يمكنه استرجاعه أو العدول عنه، وأثبت الحكم بذلك خلو الواقعة من عنصري التذرع بالنفوذ والسبب بما ينتفي معه الركن المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ، كما تساند تبريراً لقضائه ببراءة المطعون ضده المذكور من تهمة النصب إلى خلو الأوراق من عنصري الاحتيال وعلاقة السببية بين الاحتيال والاستيلاء على مال المجني عليه، بما تضحى معه هذه الجريمة لا قيام لها، فهذا حسبه في التدليل على عدم توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه، هذا إلى أنه لما كان يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ المرجع في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله، وكان الحكم قد تساند كذلك تبريراً لقضائه ببراءة المطعون ضدهما إلى تشككه في واقعة الدعوى برمتها وعدم اطمئنانه إلى أدلة الثبوت فيها للأسباب السائغة التي أوردها والتي تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن يكون قد استقام على ما يحمله بالنسبة إلى المطعون ضدهما كليهما، ولا يجدي الطاعنة - من بعد - ما تنعاه على الحكم في خطئه فيما استخلصه من أقوال المطعون ضده الأول أو تخطئته في دعامة أخرى بالنسبة لما قضى به من براءة المطعون ضده الثاني، لأن تعييب الحكم في ذلك - على فرض صحته - يكون غير منتج ما دام أنه قد تساند إلى دعامات أخرى صحيحة تكفي لحمله، إذ من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام الثابت أن الحكم قد أقيم على دعامات أخرى متعددة تكفي وحدها لحمله. ولا يقدح في سلامة الحكم سكوته عن التعرض لبعض أدلة الاتهام، لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ولأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
الطعن 20350 لسنة 64 ق جلسة 20 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 152 ص 1065
جلسة 20 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.
------------------
(152)
الطعن رقم 20350 لسنة 64 القضائية
(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الشهادة. هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحواسه.
انتهاء الحكم إلى اطراح التسجيلات الصوتية وعدم أخذه بالدليل المستمد منها. لا يتعارض مع تعويله على أقوال الشاهد. أساس ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش. موضوعي.
(4) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. مسئولية جنائية.
جريمة الرشوة لا يشترط لقيامها أن تكون الأعمال المطلوبة داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة. كفاية كون الموظف له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس.
اختصاص الموظف باتخاذ القرار. غير لازم. كفاية أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضيره ولو في صورة إبداء رأي استشاري.
(5) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
ارتشاء الموظف واحتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة بالاتجار فيها. يتساويان في نطاق الرشوة.
الزعم بالاختصاص. متى يتوافر؟
2 - لما كانت الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه. وكان مدلول شهادة عضو الرقابة الإدارية كما أوردها الحكم المطعون فيه لا يستفاد منها أنها جاءت حصيلة معلومات مستمدة من جهاز التسجيل بل حصلها هو بنفسه لحصول الاتصالات التليفونية تحت إشرافه، فإن ما انتهى إليه الحكم من اطراح التسجيلات الصوتية وعدم أخذه بالدليل المستمد منها لا يتعارض مع تعويله على أقوال الشاهد عضو الرقابة الإدارية كما حصلها في مدوناته.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها. وأن يكون من طلب الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وليس من الضروري أن يتخذ نصيب الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار، وإنما يكفي أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضير هذا القرار، ولو كانت في صورة إبداء رأي استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار.
5 - من المقرر أن المشرع ساوى في نطاق الرشوة بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة عن طريق الاتجار فيها، ويتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح به الموظف صراحة، بل يكفي الزعم الضمني بأن يبدي الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في اختصاصه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً...... طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب من.... صاحب شركة...... - مبلغ ثلاثين ألف جنيه أخذ منه ثلاثة عشر ألف على سبيل الرشوة مقابل إبداء رأيه بالموافقة على تنفيذ الحكم في الدعوى رقم..... مستأنف مستعجل جنوب القاهرة الصادر ضد الجهة التي يعمل بها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة عشر ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه بعد أن أهدر الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية عاد وتساند في قضائه إلى أقوال شاهد الإثبات الثالث - عضو الرقابة الإدارية - التي تضمنت معلومات استقاها هذا الشاهد من تلك التسجيلات، واطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يصلح لاطراحه، ولم يحفل بما قام عليه دفاعه المؤيد بالمستندات من عدم اختصاصه بالعمل الذي طلب الجعل مقابلاً لأدائه، وجاء تدليله على توافر هذا الاختصاص في حقه قاصراً غير سائغ، وأخيراً فقد اتخذت المحكمة من كتاب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والمستشار..... دليلاً على اختصاص الطاعن بالعمل المار ذكره على خلاف الثابت بهما، كل أولئك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكانت الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان مدلول شهادة عضو الرقابة الإدارية كما أوردها الحكم المطعون فيه لا يستفاد منها أنها جاءت حصيلة معلومات مستمدة من جهاز التسجيل بل حصلها هو بنفسه لحصول الاتصالات التليفونية تحت إشرافه، فإن ما انتهى إليه الحكم من اطراح التسجيلات الصوتية وعدم أخذه بالدليل المستمد منها لا يتعارض مع تعويله على أقوال الشاهد عضو الرقابة الإدارية كما حصلها في مدوناته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من طلب الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وليس من الضروري أن يتخذ نصيب الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار، وإنما يكفي أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضير هذا القرار، ولو كان في صورة إبداء رأي استشاري يحتمل أن يؤثر على من بيده اتخاذ القرار، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بعدم اختصاصه بالعمل الذي دفعت من أجله الرشوة واطرحه في قوله "...... وكان الثابت فيما حصلته واطمأنت إليه المحكمة أن المتهم كان يشارك آخر في عمل المستشار القانوني لمصلحة الجمارك وأنه طلب منه ملف التنفيذ واستبقاه معه بحجة دراسته وشارك في اجتماع بمصلحة الجمارك انتهى إلى ما أبداه من رأي بتنفيذ الحكم وكان في موقف يسمح له بالتأثير في تشكيل الرأي أو القرار الذي دونه زميله، ومن ثم فلا أثر لقالة انتفاء اختصاصه في تكامل أركان الجريمة المسندة إليه". وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد - ضمن ما اعتمد عليه في رده على دفاع الطاعن المار ذكره على كتاب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة أو مذكرة المستشار..... حتى يصح له أن يتشكى منه، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - سائغاً وسديداً ويستقيم به إثبات اختصاص الطاعن بالعمل الذي طلب الجعل مقابلاً لأدائه واطراح دفاعه بانحسار هذا الاختصاص عنه، فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون قويماً. هذا فضلاً عن أن المشرع ساوى في نطاق الرشوة بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة عن طريق الاتجار فيها، ويتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح به الموظف صراحة، بل يكفي الزعم الضمني بأن يبدي الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في اختصاصه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
الطعن 20336 لسنة 64 ق جلسة 17 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 149 ص 1047
جلسة 17 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.
------------------
(149)
الطعن رقم 20336 لسنة 64 القضائية
(1) رشوة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص الموظف بجميع العمل المتعلق بالرشوة وحده. غير لازم. كفاية أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة.
مثال.
(3) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات التحقيق". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
مجرد حضور عضو الرقابة الإدارية للتحقيق. لا يعيب إجراءاته. إذ أن سلطان الوظيفة بما يسبغ على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً. ما دام لم يستطل بأذى مادي أو معنوي. مجرد الخشية منه لا يعد قرين للإكراه المبطل للاعتراف.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. ما دام سائغاً.
انتهاء المحكمة إلى أن المرض النفسي المدعى به لا يحول دون المساءلة الجنائية.
أثره؟
(5) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محضر التحقيق "بطلانه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأصل في الإجراءات الصحة.
ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق. جائز في حالة الضرورة.
خلو محضر التحقيق من قيام حالة الضرورة. لا ينفي قيامها. تقدير توافرها. موضوعي.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الدفاع عن عدم اختصاص الطاعنة بإنهاء إجراءات الترخيص موضوع الرشوة ورد عليه بقوله: "لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به، أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. وأن العمل الوظيفي مقابل الرشوة قد يتخذ صورة مجرد الإسراع في إنجاز مصلحة صاحب الحاجة - إذ كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمة نفسها في تحقيقات النيابة بأنها المختصة بصفتهما مهندسة التنظيم بمنطقة العقار - بعرض ملف الترخيص الخاص به بتقرير على مدير الأعمال ومدير التنظيم والمدير العام لاعتماده وكان هذا الاختصاص ثابتاً أيضاً بشهادة الشاهد الرابع - مدير التنظيم - وبما ورد بكتاب الحي سالف البيان، وأيضاً بما شهد به الشاهد الثالث - على النحو المتقدم - وضبط ملف الترخيص المعني في درج مكتبها - من كل ذلك ترى المحكمة أن المتهمة كان لها نصيب من الاختصاص يسمح لها بطلب وأخذ مبلغ الرشوة، ومن ثم يضحى الدفع بالتالي على غير سند من الواقع أو القانون ويتعين طرحه" وإذ كان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذي طلب وأخذ الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وبما يستقيم به رد الحكم على دفع الطاعنة في هذا الصدد، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولا يغير من ذلك عدول الطاعنة عن اعترافها وإنكارها بجلسة تجديد حبسها وبجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليها إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ولا يؤثر في ذلك ما تدعيه الطاعنة في شأن احتجازها بالرقابة الإدارية لمدة طويلة وتعرضها لتهديد ووعيد أعضائها وفي خصوص استمرار التحقيق معها بالنيابة العامة لعدة ساعات، مما أثر في إرادتها، إذ أن ذلك في جملته دفاع غير منتج فيما خلصت إليه المحكمة من سلامة الاعتراف وبعده عما يشوبه أو يبطله، كما لا يؤثر في ذلك أيضاً زعم الطاعنة حضور عضو الرقابة الإدارية للتحقيق، ذلك لأن مجرد حضور عضو الرقابة الإدارية التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
4 - الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وإذ كانت المحكمة قد انتهت بأسباب سائغة إلى أن المرض النفسي المدعى به لا يحول دون مساءلتها فإنه لا تثريب عليها إذ هي أطرحت الشهادات التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على إصابتها بهذا المرض.
5 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم أنه عول في إدانة الطاعنة على الأدلة المستقاة من اعترافها بصدر تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه "ثبت من الاطلاع على تقرير تفريغ الشرائط المسجلة المضبوطة أنه تضمن الأحاديث التي تمت بين الشاهد الأول - المبلغ - والمتهمة"، وأورد مضمون هذه الأحاديث - خلافاً لما ذهبت إليه الطاعنة في أسباب طعنها - وأبان أنها تدور حول وقائع الرشوة، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات واستناده إليها رغم ما ثبت بمحضر جلسة المحاكمة - على خلاف الثابت بتحقيقات النيابة - من عدم وضوح صوت الطاعنة وعدم جزمها بأن الصوت هو صوتها، طالما أنه لم يستطرد إلى هذه التسجيلات إلا تزيداً بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.
6 - لما كان ما تثيره الطاعنة بشأن استعانة وكيل النيابة المحقق بكاتب تحقيق دون أن يفصح عن هويته أو الأسباب التي دعته إلى ندبه، مردوداً بأن الأصل في الإجراءات الصحة ويجوز في حالة الضرورة ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق، وخلو محضر التحقيق من بيان الظروف التي دعت النيابة إلى ندب غير الكاتب المختص لا ينفي قيام الضرورة إلى ندب غيره وتقدير هذه الضرورة موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد أقرت سلطة التحقيق على هذا الإجراء، وكانت الطاعنة لا تدعي أن محضر التحقيق لم يتضمن بياناً بهوية الكاتب أو أن ما ورد بهذا المحضر يخالف الحقيقة فإن منعاها في هذا الصدد يكون غير قويم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بصفتها موظفة عمومية (مهندسة تنظيم بحي وسط مديرية الإسكان بـ......) طلبت وأخذت عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتها بأن طلبت وأخذت مبلغ ألفي جنيه على سبيل الرشوة من...... مقابل تسهيل إجراءات ترخيص بالبناء للعقاب الخاص به والكائن بشارع..... - وأحالتها إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 24، 25، 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالسجن مدة ثلاث سنوات وبتغريمها مبلغ ألفى جنيه وبعزلها من وظيفتها.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو إن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الرشوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وبني على إجراءات باطلة ذلك أن المدافع عنها دفع بانتفاء اختصاصها بالعمل الوظيفي الذي طلبت الرشوة مقابلاً لأدائه، وببطلان الاعتراف المعزو إليها بصدر تحقيقات النيابة لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي من جراء إغراء وتهديد ووعيد أعضاء الرقابة الإدارية لها أثناء احتجازها بمقرها لمدة طويلة، ولاستمرار تحقيق النيابة معها لعدة ساعات في حضور عضو الرقابة الإدارية، ولمرضها بمرض نفسي يؤثر على إرادتها بدلالة الشهادات الطبية المثبتة لمرضها، وبدلالة عدولها عن اعترافها بجلسة تجديد حبسها بيد أن الحكم أطرح ذلك كله بما لا يصلح رداً. واستند من بين ما استند إليه إلى التسجيلات الصوتية والمرئية المقدمة في الدعوى دون أن يورد مؤدى شرائط تفريغها على نحو كاف وبالرغم مما ثبت بمحضر الجلسة - وخلافاً للثابت بتحقيقات النيابة - من عدم وضوح صوت الطاعنة وعدم جزمها بأن الصوت هو صوتها، وأخيراً فقد استعان وكيل النيابة المحقق بكاتب تحقيق دون أن يفصح عن هويته أو الأسباب التي دعته إلى ندبه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا تنازع الطاعنة في أن لها معينها الصحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الدفاع عن عدم اختصاص الطاعنة بإنهاء إجراءات الترخيص موضوع الرشوة ورد عليه بقوله: "لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به، أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. وأن العمل الوظيفي مقابل الرشوة قد يتخذ صورة مجرد الإسراع في إنجاز مصلحة صاحب الحاجة - إذ كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمة نفسها في تحقيقات النيابة بأنها المختصة بصفتها مهندسة التنظيم بمنطقة العقار - بعرض ملف الترخيص الخاص به بتقرير على مدير الأعمال ومدير التنظيم والمدير العام لاعتماده وكان هذا الاختصاص ثابتاً أيضاً بشهادة الشاهد الرابع - مدير التنظيم - وبما ورد بكتاب الحي سالف البيان، وأيضاً بما شهد به الشاهد الثالث - على النحو المتقدم - وضبط ملف الترخيص المعنى في درج مكتبها - من كل ذلك ترى المحكمة أن التهمة كان لها نصيب من الاختصاص يسمح لها بطلب وأخذ مبلغ الرشوة، ومن ثم يضحى الدفع بالتالي على غير سند من الواقع أو القانون ويتعين طرحه" وإذ كان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذي طلب وأخذ الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وبما يستقيم به رد الحكم على دفع الطاعنة في هذا الصدد، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعترافات الطاعنة في تحقيقات النيابة لأنها كانت وليدة إكراه وقع عليها ولإصابتها بمرض نفسي يؤثر على إرادتها وذلك بقوله "حيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمة بصدر تحقيقات النيابة العامة فإن المحكمة وفي نطاق سلطتها التقديرية تطمئن إلى أقوال المتهمة في هذه المرحلة من التحقيقات وبصدورها منها عن طواعية واختيار دون أن يشوبها عيب ينال من سلامتها ولو عدلت عنها بعد ذلك، سيما وقد تأيدت هذه الأقوال بأدلة الإثبات التي بسطتها المحكمة على النحو السالف، كما أنه ليس في حضور الشاهد الثاني التحقيق - بفرض صحة ذلك - ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً - ومجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه. إذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت على نحو ما تقدم سلامة أقوال المتهمة بصدر تحقيق النيابة ومن ثم لا يكون لقالة الدفاع في هذا الشأن محل. كما أن القول بأن المتهمة مصابة بمرض نفسي - مردود - بأن ذلك على فرض صحته ليس من موانع المسئولية الجنائية. لما كان ذلك "وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - سائغاً وكافياً للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولا يغير من ذلك عدول الطاعنة عن اعترافها وإنكارها بجلسة تجديد حبسها وبجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليها إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ولا يؤثر في ذلك ما تدعيه الطاعنة في شأن احتجازها بالرقابة الإدارية لمدة طويلة وتعرضها لتهديد ووعيد أعضائها وفي خصوص استمرار التحقيق معها بالنيابة العامة لعدة ساعات، مما أثر في إرادتها، إذ أن ذلك في جملته دفاع غير منتج فيما خلصت إليه المحكمة من سلامة الاعتراف وبعده عما يشوبه أو يبطله، كما لا يؤثر في ذلك أيضاً زعم الطاعنة حضور عضو الرقابة الإدارية للتحقيق، ذلك لأن مجرد حضور عضو الرقابة الإدارية التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً. فضلاً عن أن قولها بأنها مريضة بمرض نفسي أثر على إرادتها، مردود، بأن الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وإذ كانت المحكمة قد انتهت بأسباب سائغة إلى أن المرض النفسي المدعى به لا يحول دون مساءلتها فإنه لا تثريب عليها إذ هي أطرحت الشهادات الطبية التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على إصابتها بهذا المرض. وإذا كان جميع ما سلف لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان الاعتراف في المساق المتقدم بما يسوغ رفضه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم أنه عول في إدانة الطاعنة على الأدلة المستقاة من اعترافها بصدر تحقيقات النيابة العامة ومن أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه، وأنه بعد أن أورد مؤداها استطرد إلى القول بأنه "ثبت من الاطلاع على تقرير تفريغ الشرائط المسجلة المضبوطة أنه تضمن الأحاديث التي تمت بين الشاهد الأول - المبلغ - والمتهمة"، وأورد مضمون هذه الأحاديث - خلافاً لما ذهبت إليه الطاعنة في أسباب طعنها - وأبان أنها تدور حول وقائع الرشوة، فإنه يكون من غير المنتج النعي على الحكم في شأن هذه التسجيلات واستناده إليها رغم ما ثبت بمحضر جلسة المحاكمة - على خلاف الثابت بتحقيقات النيابة - من عدم وضوح صوت الطاعنة وعدم جزمها بأن الصوت هو صوتها، طالما أنه لم يستطرد إلى هذه التسجيلات إلا تزيدا بعد استيفائه أدلة الإدانة إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام ثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة بشأن استعانة وكيل النيابة المحقق بكاتب تحقيق دون أن يفصح عن هويته أو الأسباب التي دعته إلى ندبه، مردوداً بأن الأصل في الإجراءات الصحة ويجوز في حالة الضرورة ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق، وخلو محضر التحقيق من بيان الظروف التي دعت النيابة إلى ندب غير الكاتب المختص لا ينفي قيام الضرورة إلى ندب غيره وتقدير هذه الضرورة موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد أقرت سلطة التحقيق على هذا الإجراء، وكانت الطاعنة لا تدعي أن محضر التحقيق لم يتضمن بياناً بهوية الكاتب أو أن ما ورد بهذا المحضر يخالف الحقيقة فإن منعاها في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.