الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

الطعن 10168 لسنة 63 ق جلسة 24 / 7 / 2002 مكتب فني 53 ق 138 ص 806

جلسة 24 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل، يحيى خليفة، محمد عيد سالم ومصطفى حسان نواب رئيس المحكمة.

--------------

(138)
الطعن رقم 10168 لسنة 63 القضائية

مواد مخدرة. عقوبة "تقديرها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
نزول الحكم المطعون فيه بعقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطي إلى خمسمائة جنيه. خطأ في القانون وجوب تصحيحه بتغريم المتهم عشرة آلاف جنيه. أساس ذلك؟

----------------
لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تنص على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهرًا مخدرًا أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 أو حازه أو اشتراه، وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونً. فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بعقوبة الغرامة المقضي بها على المطعون ضده لإدانته بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي إلى خمسمائة جنية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بتغريم المطعون ضده عشرة آلاف جنيه بالإضافة إلى عقوبتي الحبس والمصادرة المقضي بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه. أولاً: - أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: - أحرز بقصد الاتجار عقاراً مخدراً "فلونيترازبيام" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 والبند رقم (57) من القسم الثاني من الجدول الأول والبند (6) من الجدول الثالث مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس سنة مع الشغل وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز بقصد التعاطي.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وعقار الفلونيترازبيام المخدر بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى وهو الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه.
ومن حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة المطعون ضده عن جريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وعقار الفلونيترازبيام المخدر بقصد التعاطي وأوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والغرامة خمسمائة جنيه عملاً بالمواد 1، 2، 3، 37/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 112 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول الأول والبند رقم 6 من الجدول الثالث والمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تنص على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهرًا مخدرًا أو زرع نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 أو حازه أو اشتراه، وكان ذلك بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.... فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بعقوبة الغرامة المقضي بها على المطعون ضده لإدانته بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي إلى خمسمائة جنية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بتغريم المطعون ضده عشرة آلاف جنيه بالإضافة إلى عقوبتي الحبس والمصادرة المقضي بهما.

الطعن 13375 لسنة 69 ق جلسة 17 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 141 ص 828

جلسة 17 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فحتى خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك ونافع فرغلي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(141)
الطعن رقم 13375 لسنة 69 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى موضوعي. ما دام سائغًا.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، دون بيان العلة، اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود. مفاده؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ بأقوال منقولة عن آخر حتى ولو كان مجهولاً، متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عنه وتمثل الواقع في الدعوى.
الجدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره".
دفاع الطاعن بأن مرتكب الجريمة شخص آخر هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم ردا خاصًا. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) عقوبة "تطبيقها" "تقديرها".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونا، موضوعي.
عقوبة السرقة في الطرق العامة من شخصين فأكثر يحمل أحدهم سلاحًا ظاهرًا أو مخبأ الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، الشروع فيها عقوبته الأشغال الشاقة المؤقتة. عدم تقيد المحكمة في تحديدها إلا بنص المادة 14 عقوبات.

-----------------
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفي اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحاملها على عدم الأخذ بها.
3 - من المقرر أيضًا أنه لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر حتى ولو كان مجهولاً متى كان اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة ممن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال شهود الإثبات وعدم إيراده علة اطمئنانه إليها ينحل إلى جدل في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقه بغير موجب تراه إذ هو في حقيقته نفي للتهمة يكفي لرده ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
5 - لما كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي رأته وكانت المادة 315 من قانون العقوبات تقضى بأن عقوبة السرقة التي ترتكب في الطرق العامة إذ وقعت السرقة من شخصين فأكثر وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحًا ظاهرًا أو مخبأ هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة كما تقضى المادة 46 منه بأن يعاقب على الشروع في الجنايات بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجنايات الأشغال الشاقة المؤبدة وكانت المحكمة غير مقيدة في تحديد مدة عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلا بما نص عليه في المادة 14 من قانون العقوبات ومن عدم جواز النزول بها عن ثلاث سنوات أو بما يجاوز خمس عشر سنة فإن عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات المقضي بها على الطاعن تكون في نطاق العقوبة المقرر قانونًا لجريمة الشروع في السرقة في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح التي دين الطاعن بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم...... - أنه في ليلة ..... من..... أولاً: شرع وآخر مجهول في سرقة المنقولات المبينة - وصفاً وقيما بالأوراق، والمملوكة للمجني عليها..... وكان ذلك في الطريق العام حال كونه يحمل سلاحاً أبيض "مطواه قرن غزال" وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطه والجريمة متلبسا بها وهروب المتهم المجهول. ثانياً: أحرز سلاحاً أبيض "مطواه قرن غزال" بغير مسوغ من ضرورة حرفية أو مهنية على النحو المبين بالأوراق وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في .... عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 3، 315 أولاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح وإحراز سلاح أبيض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن عول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات رغم أنها منقولة عن مجهول لم تسمع أقواله ولم يبين وجه أطمئنانه إليها، والتفت عن دفاعه بأن مرتكب الجريمة شخص آخر، هذا إلى أن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن لا تدخل ضمن الحدود المقررة بمقتضى المواد التي دين بها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن بلاغًا من السيدة...... تقرر فيه أنها تركت سيارتها في الثامنة والنصف مساء يوم..... بشارع..... وفى الثانية من صباح اليوم التالي حضر إليها شخصان وأخبراها بحدوث سرقة لمحتويات السيارة من شخصين وقد تمكن الأهالي من ضبط أحدهما وهو المتهم وهرب الآخر وعند نزولها ومشاهدة السيارة وجدتها مفتوحة وزجاج الباب الأمامي الأيمن مكسور واكتشفت سرقة جهاز الكاسيت وبعض الشرائط كما أرفق بالأوراق تقرير فحص حادث محرر بمعرفة الرائد.... بإدارة شرطة نجدة.... والذي أثبت به أنه بالوصول لمكان البلاغ تبين وجود جمع من الأهالي وقد أمسكوا بالمتهم وهو يقوم بسرقة بعض محتويات سيارة وقد تم ضبط المسروقات معه وكذلك "مطواة قرن غزال"، وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفى اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أيضًا أنه لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر حتى ولو كان مجهولا متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة ممن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال شهود الإثبات وعدم إيراده علة اطمئنانه إليها ينحل إلى جدل في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن القائم على أن مرتكب الجريمة شخص آخر ليس من الدفوع الجوهرية التي يتعين على المحكمة أن تقوم بتحقيقه بغير موجب تراه إذ هو في حقيقته نفي للتهمة يكفى لرده ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي رأته وكانت المادة 315 من قانون العقوبات تقضى بأن عقوبة السرقة التي ترتكب في الطرق العامة إذ وقعت السرقة من شخصين فأكثر وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحًا ظاهرًا أو مخبأ هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة كما تقضى المادة 46 منه بأن يعاقب على الشروع في الجنايات بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤبدة وكانت المحكمة غير مقيدة في تحديد مدة عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلا بما نص عليه في المادة 14 من قانون العقوبات ومن عدم جواز النزول بها عن ثلاث سنوات أو بما يجاوز خمس عشر سنة فإن عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات المقضي بها على الطاعن تكون في نطاق العقوبة المقرر قانونًا لجريمة الشروع في السرقة في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح التي دين الطاعن بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكن في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 24916 لسنة 64 ق جلسة 17 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 140 ص 825

جلسة 17 سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فحتى خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(140)
الطعن رقم 24916 لسنة 64 القضائية

(1) نقض. "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى مدنية.
طعن المدعي بالحقوق المدنية على الحكم الصادر بالبراءة لخروج الواقعة عن نطاق التأثيم وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. جائز. أساس ذلك؟
(2) تبديد. حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. يعيبه. 

مثال.

--------------
1 - من حيث إن الحكم المطعون فيه استخلص لنفسه في تحصيل الواقعة أن المطعون ضده تسلم نقودا لتوصيلها لآخر ولم يقم بتوصيلها واختلسها لنفسه وهو ما تقوم به جريمة التبديد بيد أنه انتهى إلى البراءة وإحالة الدعوى المدنية في عبارة مبتسرة اقتصرت على قوله: "إن الواقعة تخرج عن نطاق التأثيم" وأحال الدعوى المدنية تبعاً لذلك إلى المحكمة المدنية المختصة مما مفاده أن هذه الإحالة لا تحمل إلا معنى ضمني ألا وهو رفض الدعوى المدنية ومن ثم فإن الطعن يكون جائزاً.
2 - وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد في بيانه لواقعة الدعوى ما نصه. "ومن حيث إن وجيز الواقعة تتحصل في أن قام المدعي المدني بتسليم المعلن إليه الأول مبلغ تسعة آلاف جنيه وذلك لتوصيلها إلى..... إلا أنه لم يقم بتوصيل المبلغ واحتبسه لنفسه إضرارًا بالمدعي المدني"، ثم عاد في نهاية أسبابه وانتهى إلى القضاء بالبراءة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وتساند في ذلك إلى قوله "لما كان ما تقدم فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لما نسب إلى المطعون ضده من اتهام يدل على اختلال فكرته من عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة" مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بما قضى به في الدعوى المدنية والإعادة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة..... وقيدت بجدولها برقم.... ضد المطعون ضده بوصف أنه في غضون عام.... بدائرة قسم.... بدد المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمسلم إليه على سبيل الأمانة لتسليمه..... فاختلسه لنفسه إضرارًا بمالكه وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في.... عملاً بمادة الاتهام ببراءة المتهم مما أسند إليه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
استأنف كلاً من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية وقيد استئنافهما برقم.... ومحكمة..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الأستاذ.... المحامي بصفته وكيلاً عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه استخلص لنفسه في تحصيل الواقعة أن المطعون ضده تسلم نقودا لتوصيلها لآخر ولم يقم بتوصيلها واختلسها لنفسه وهو ما تقوم به جريمة التبديد بيد أنه انتهى إلى البراءة وإحالة الدعوى المدنية في عبارة مبتسرة اقتصرت على قوله: "إن الواقعة تخرج عن نطاق التأثيم" وأحال الدعوى المدنية تبعاً لذلك إلى المحكمة المدنية المختصة مما مفاده أن هذه الإحالة لا تحمل إلا معنى ضمني ألا وهو رفض الدعوى المدنية ومن ثم فإن الطعن يكون جائزاً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى ببراءة المطعون ضده عن جريمة التبديد ورفض الدعوى المدنية قبله قد شابه القصور في التسبيب إذ لم يبين الواقعة وأدلة الاتهام مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد في بيانه لواقعة الدعوى ما نصه. "ومن حيث إن وجيز الواقعة تتحصل في أن قام المدعي المدني بتسليم المعلن إليه الأول مبلغ تسعة آلاف جنيه وذلك لتوصيلها إلى....... إلا أنه لم يقم بتوصيل المبلغ واختلسه لنفسه إضرارًا بالمدعي المدني"، ثم عاد في نهاية أسبابه وانتهى إلى القضاء بالبراءة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وتساند في ذلك إلى قوله "لما كان ما تقدم فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لما نسب إلى المطعون ضده من اتهام يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة" مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بما قضى به في الدعوى المدنية والإعادة.

الطعن 9616 لسنة 63 ق جلسة 17 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 139 ص 809

جلسة 17 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(139)
الطعن رقم 9616 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. كفاية أن يكون ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة وظروفها.
(2) تزوير أوراق رسمية. اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. لا يلزم لتمامه مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغًا.
(4) تزوير. أوراق رسمية. جريمة "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة اصطناع المحرر الرسمي. مناط تحققها؟
(5) تزوير. أوراق عرفية. أوراق رسمية. موظف عام. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بعرفية الأوراق محل التزوير.
(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم.
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه. كفايته كيما يتم تديله ويستقيم قضاؤه على وقوع الجريمة من المتهم. ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة. موضوعي.
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والمواءمة بين ما أخذته عنه وبين باقي الأدلة.
إسقاط الحكم بعض أقوال الشاهدة. مفاده. إطراحه لها.
(9) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "خبرة".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا ينال من سلامته.
المجادلة في تقدير الدليل غير جائزة أمام النقض.
(10) قانون "تطبيقه" "القانون الأصلح".
القانون الأصلح هو الذى ينشئ للمتهم مركز أو وضعاً أصلح له من القانون القديم. أساس ذلك؟
سريان القرار الوزاري 6 لسنة 1985 على الوقائع التي ارتكبت في ظله ولو صدر قانون آخر بإلغاء الحظر الوارد به. علة ذلك؟
(11) محضر جلسة. عقوبة "تطبيقها". محكمة الإعادة. حكم "حجية الأحكام". مصادرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو منطوق الحكم من القضاء بمصادرة السيارات. لا يعيبه. ما دامت أسبابه التي حمل عليها تضمنت تلك العقوبة.
الأصل ألا ترد حجية الأحكام - إلا على المنطوق - امتداد هذه الحجية إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به.
(12) مصادرة. قانون "تطبيقه". عقوبة "العقوبة التكميلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة المصادرة المقررة بالفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من القانون 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير. نطاقها؟
مصادرة الحكم المطعون فيه للسيارات التي أدخلها الطاعن بالمخالفة لشروط الاستيراد صحيحة.

------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة وظروفها - كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهرة خارجية أو أعمال مادية محسوسة يكن الاستدلال بها عليه ويكفى أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم كالحال في الدعوى.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها.
4 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت جميعها من الموظف المختص بتحريرها بل يكفى اصطناعها وبأن تعطى شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذبًا إلى موظف عام وأنه يكفى أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف فى تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاته في حدود اختصاصه.
5 - لما كان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بوجه الطعن عن عدم توافر أركان جريمة التزوير وأطرحه في قوله "وحيث إنه فيما أثاره الدفاع من أن التزوير الذى شاب الأوراق المضبوطة قد وقع قبل أن تصبح محررات رسمية فمن المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعًا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومي من أول الأمر إذ قد يكون المحرر عرفيًا في الأصل ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تدخل فيه موظف عام في حدود سلطات وظيفته فيكتسب المحرر بذلك صفة الرسمية وتنسحب حقيقته هذه على الإجراءات التي سبقت تدخل الموظف العمومي فيه إذ العبرة في صفة المحرر هي ما يؤول إليه لا بما كان عليه وقت إنشائه وهذا الذي أورده الحكم يتفق وصحيح القانون وينحمل على ما دون على نموذجي الاستيراد من بيانات وتوقيعات مزورة لمستندي الجمرك وخاتم شعار الدولة الخلص بتلك الجهة ومن ثم لا يقبل نعي الطاعن بأن الأوراق المزورة جميعها عرفية.
6 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية فإن ما يثيره الطاعن بخصوص ما ذكر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معاودة التصدي أمام محكمة النقض.
8 - لما كان للمحكمة السلطة المطلقة في تقدير الأدلة فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذى رواه وبين باقي الأدلة فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهدة عن صحة النموذجين ما يفيد إطراحها.
9 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن الطلبين الاستيراديين رقمي ..... ،..... على السياق المتقدم يعد كافيًا في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من ذلك التقرير اشتراك الطاعن في تزويرهما ومسئوليته عن ذلك التزوير، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على ما قد يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقرير الفني الذي اطمأنت إليه وأخذت به فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
10 - من المقرر أن المقصود بالقانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزًا أو وضعًا يكون أصلح له من القانون القديم وأن المقرر الوزاري رقم 6 لسنة 1985 الذى ينظم شروط استيراد السيارات للاعتبارات الاقتصادية البحتة يظل سارياً بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن أسباب طعنه من صدور قانون آخر بإلغاء الحظر الوارد به - لما كان ذلك وكانت المحكمة قد طبقت على واقعة الدعوى القرار القديم الذى كان معمولا به وقت ارتكاب الجريمة ولم تطبق القرار الجديد - على فرض صدوره - فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقًا صحيحًا.
11 - لما كان البين من ورقة الحكم المنقوض بجلسة..... أكتوبر سنة.... أنه وأن سكت في منطوقه عن القضاء بعقوبة مصادرة السيارات إلا أن أسبابه التي تحمل المنطوق عليها والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه قد تضمنت تلك العقوبة وهو بيان كاف لما هو مقرر في القانون من أنه وأن كان الأصل في الأحكام إلا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق قوامًا إلا به بما تنتفي به مظنة أن محكمة الإعادة قد أضرت الطاعن بطعنه ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول.
12 - لما وكانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تقضى فى جميع الأحوال بمصادرة السلع موضوع الجريمة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد خالف شروط الاستيراد على النحو الوارد بالمادة الأولى من ذات القانون فإن قضاءه بمصادرة السيارات محل المخالفة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنائية رقم..... لسنة.... بأنه في يوم.... أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هما طلبي الاستيراد رقمي......،....... المؤرخين..... والفاتورة المبدئية المقدمة عن طريق المحو والإضافة وكان ذلك بأن اتفق معه على ارتكابه وساعده بأن أمده بالبيانات المطلوب إدراجها فى تلك المحررات وقام المجهول بوضع إمضاءات وأختام بنك.... ونسبها زوراً للبنك آنف الذكر وموظفيه وقام بكتابه بعض بيانات المحررات سالفة الذكر على غرار الصحيح منها بأن قام بمحو جزء من رقم الأحاد من الرقم المسلسل..... وجعله.... وأضاف عبارة مرسيدس ومان وبيجو 650 سيارة بدلاً من 150 وأضاف عبارة "مازال الاعتماد مفتوحاً وقائماً حتى تاريخ...." كما زور في رقم الاعتماد المستندي.... وجعلها.... من..... كما أضاف عبارة "فتح الاعتماد وعدل فى تاريخه بجعله..... بدلاً من.... وطلب الاستيراد رقم..... عبارة "مازال الاعتماد مفتوحاً وقائماً حتى تاريخ....." والفاتورة المبدئية المقدمة عن ذات الطلب الاستيرادي وجعله...... وكذا رقم.... رقم الاعتماد المستندي.... بدلاً من..... بأن أضاف رقم.... بدلاً من الصفر فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في حرر عرفي هو صورة خطاب بنك..... المؤرخ في..... وكان ذلك بأن اتفق معه على ارتكابه وساعده بأن قام المجهول بكتابة بياناته ووضع خاتم بنك.... وإمضاءين نسبهما زورا لموظفي البنك مع علمه بتزويره. ثالثاً: استعمل المحررات الرسمية سالفة الذكر بأن احتج بها أمام محكمة الأمور المستعجلة مع علمه بتزويرها. رابعاً: خالف شروط الاستيراد بأن قام باستيراد رسالة السيارات المنوه عنها بالأوراق دون موافقة الجهة على النحو المبين بالتحقيقات وإحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في..... عملاً المواد 40، 2، 3، 4، 211، 212، 215، 30 من قانون العقوبات والمادتين 1، 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 والقرار الوزاري رقم 1036 لسنة 1978 بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبمصادرة الأوراق المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدولها برقم.... سنة..... ومحكمة النقض قضت في.... بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتحكم فيها من جديد هيئة أخرى ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت في.... بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر ومصادرة الأوراق المزورة والسيارات موضوع الجريمة الأخيرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" في .... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك فى تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها ومخالفة شروط الاستيراد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون إذ لم يدلل على جريمة مخالفة الاستيراد - واستند في إثبات جريمة الاشتراك في التزوير على مجرد توافر المصلحة للطاعن منه ولم يورد مضمون تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والأسس التي قام عليها وماهية الأوراق المزورة ومواضع التزوير فيها وكيفيته ولم يعبأ بدفاع الطاعن بأن له طلبين استيراديين يختلف كل منهما عن الآخر من حيث نوع السيارات والبند الجمركي كما اعرض عما أثاره من أن ما حدث من تغيير كان نتيجة خطأ موظفي البنك وأن الأوراق المقال بتزويرها عرفية وإقرارات فردية وتأشيرة الموظف العام عليها لا تكسبها رسمية خاصة أن تغيير الحقيقة فيها اقتصر على توقيعها موظفي البنك هذا إلى أن الحكم فى تدليله على ثبوت التزوير في بيانات الطلبين الاستيراديين قد استند إلى ما قررته الشاهدة بالتحقيقات بأنها لم تضع أي بيانات أو توقيعات على الفاتورة المبدئية الخاصة بطلب الاستيراد رقم.... واجتزأ الحكم من تلك الشهادة قولها بأن طلبي الاستيراد صحيحين وأنها وقعت عليهما كذلك استند الحكم إلى ما قرره الشهود الرابع والخامس والسادس من أن الطاعن لم يقم بفتح أي اعتماد بالمركز الرئيسي للبنك أو أي من فورعه رغم دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات التي تفيد أن البنك يقوم بتحصيل عموله فتح الاعتماد من حساب الطاعن في فرع البنك.... هذا إلى أن الحكم استند إلى ما قرره الشاهد الرابع من أن الاعتمادين المستندين رقمي...،.... مفتوحين باسم شخصين آخرين وبأن الطلب رقم.... مقيد باسم شركة رغم أن قيد الطلبات منوط بالموظف المختص وليس للطاعن شأن في قيدها ولم يتفطن الحكم إلى أنه بالنسبة لجريمة مخالفة شروط الاستيراد أنه صدر قرار جديد لوزير الاقتصاد يعد بمثابة قانون أصلح إذ ألغى شرط عدم مرور عامين على صنع السيارات التي لم يسبق مصادرتها في حكم الإدانة الأول الذي تم نقضه بناء على طعن الطاعن وحده وبذلك أضار الطاعن بطعنه بالنقض الأول مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم تقدم إلى لجنة البنوك بمصلحة الجمارك في..... بطلب استيراد من ورقتين خصصت إحداها للسلع المدرجة بالفقرتين أ، ب من البند 4 من المادة 1 من القرار الوزاري رقم 15/ 1980 المعدل وخصصت الورقة الثانية للسلع المدرجة بالفقرة ج من البند 4 المشار إليه والتي تشترط أن يكون الاستيراد بالعملة الأجنبية ومائة في المائة للسلع المدرجة بالفقرة ج من البند 4 من المادة 1 وأثبت في تلكما الورقتين طلب استيراد سلعة من المدرجة في الفقرة ج عبارة عن 150 سيارة نقل وملاكي إجمالي قيمتها ستة ملايين مارك ألماني والتي كان ذلك لقرار يسمح باستيرادها بعد خمس سنوات من تاريخ إنتاجها وأرفق بطلبه فاتورة مبدئية من المورد الأجنبي فادرج هذا الطلب بسجل اشتراطات فتح اعتمادات لجنة البنوك تحت رقم.... ثم قامت اللجنة بإثبات بند التعريفة الجمركية على ورقتي الطلب وإعادته إلى المتهم لاستكمال الإجراءات بفتح اعتماد مستندي بالقيمة الإجمالية لطلب الاستيراد ليصبح هذا الطلب صالحاً للاستيراد بموجبه فاتفق المتهم مع مجهول على أن يضع على طلب الاستيراد المشار إليه تأشيره منسوبة إلى بنك..... تفيد على غير الحقيقة قيامه بفتح الاعتماد المستندي المطلوب دون أن يكون قد قام بفتح ذلك الاعتماد بالفعل بما يستلزمه من سداد نسبة من قيمة الاعتماد على بنك..... فضلا عن تغطية مبلغ الاعتماد بتأمينات مناسبة وساعد المتهم ذلك المجهول بأن سلمه طلب الاستيراد والفاتورة المبدئية الخاصة به فوضع على كل من الورقتين تأشيرة مزورة تفيد على غير الحقيقة أن المتهم فتح الاعتماد المستندي رقم .... بتاريخ.... أنه سدد قيمة الاعتماد بالكامل وفقاً للقرار الوزاري رقم 15/ 1980 ثم ذيل هذه التأشيرة بتوقيع يقرأ نسبة إلى مدير مساعد الاعتمادات المستندية بفرع بنك.... في ذلك الحين ثم استحصل على خاتم بنك المركز الرئيسي ووضع بصمته قرين ذلك التوقيع واستعمل المتهم هذا الطلب في الإفراج عن ثلاث سيارات فقط وردت على قوته ثم صدر قرار وزير الاقتصاد رقم 6/ 5/ 1985 بتاريخ 4/ 1/ 1985 الذى حظر استيراد السيارات التي مضى على إنتاجها أكثر من سنتين بخلاف سنة الصنع فأوقفت هيئة الجمارك الإفراج عن السيارات التي ينطبق عليها ذلك الحظر فأقام المتهم الدعوى رقم..... أمام محكمة ..... للأمور المستعجلة التي قضت له بجلسة..... بإلزام مصلحة الجمارك بالإفراج عن باقي السيارات المائة وخمسين التي ترد تباعاً على قوة الموافقة الاستيرادية سالفة الذكر باحتساب شرط العمر خمس سنوات سابقة على صدور تلك الموافقة فأثار ذلك القضاء شهية المتهم ونهمه وتأججت في داخله نوازع الجشع فسلخ الورقة الثانية من طلب الاستيراد سالف الذكر وسلمها إلى مجهول اتفق معه على تعديل الرقم المسلسل لطلب الاستيراد الأصلي والموضوع على ورقته الثانية تلك بمحو الجزء السلفي من الرقم بخانة الآحاد ليصبح الرقم 10935 وتعديل رقم الاعتماد المستندي المزور رقم 2503 بوضع رقم 1 مكان الصفر في خانة العشرات ليصبح الرقم 2513 ثم عدل التاريخ المعطى لفتح ذلك الاعتماد فجعله 22/ 9/ 1981 بدلاً من 12/ 9/ 1981 وذلك لتبدو الورقة الثانية من طلب الاستيراد سالف الذكر كما لو كانت طلبا آخر مستقلاً متميزاً برقم خاص به في مسلسل سجل لجنة البنوك بمصلحة الجمارك وفي مسلسل رقم الاعتماد المستندي المفتوح عنه وفي تاريخ فتح ذلك الاعتماد ثم عدل الرقم الخاص بكمية السيارات المطلوب استيرادها من 150 إلى 650 سيارة وأضاف إلى البيان الدال على نوع السلعة عبارة "مرسيدس ومان وبيجو" وعبارة "حسب الفاتورة المرفقة" وما لبث المتهم أن أقام الدعوى رقم..... أمام محكمة ...... للأمور المستعجلة قدم فيها طلب الاستيراد المصطنع وفاتورة مبدئية منسوبة إلى المورد الأجنبي أعدت طبقاً لبيانات طلب الاستيراد الأخير فقضى له بجلسة ..... بإلزام مصلحة الجمارك بالإفراج له عن السيارات التي تضمنها ذلك الطلب على أساس ما كان يسمح به القرار الوزاري رقم 15/ 1980 من استيراد السيارات التي مضى على صنعها خمس سنوات فضلاً عن سنة الموديل وتمكن المتهم نفاذاً لذلك الحكم من الإفراج عن اثنى عشر سيارة على قوة طلب الاستيراد المصطنع بالمخالفة لأحكام القرار الوزاري رقم 6/ 1985. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال كل من عضو هيئة الرقابة الإدارية ومدير عام جمرك السيارات ونائب مدير عام البنك بالإسكندرية ومدير الفرع الرئيسي لبنك...... ومدير عام فرع بنك ..... ومدير عام فرع بنك..... ومديرية لجنة اشتراكات فتح الاعتمادات المستندية بجمارك.... ومما قرره مدير مساعد الاعتمادات المستندية السابق بفرع بنك..... وما ثبت من الاطلاع على سجل اشتراطات فتح اعتمادات لجنة البنوك بجمارك..... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي..... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة وظروفها، كان ذلك محققاً لحكم القانون وكان الثابت من مطالعة نموذجي طلب الاستيراد إن كلاهما مقدم وفق البند 4 من المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1980 المعدل وأنه وعلى ما يبين من المفردات المضمومة ثابت في كل منهما أنه مقدم باسم الطاعن بتاريخ..... ومذيل بتوقيعه ومثبت في كل منهما أن السلعة المطلوب استيرادها سيارات نقل وملاكي قيمتها ستة ملايين مارك ألماني وأساس التعاقد "سيف. ولم يدون في النموذج الخاص بالسلعة موضوع الفقرتين أ، ب أي بيان عن سعر الوحدة أو عدد السيارات بينما دون في النموذج الخاص بالسلع المدرجة بالفقرة ج وقرين بيان سعر الوحدة عبارة "حسب الفاتورة" وقرين بيان الكمية دون عدد السيارات المطلوب استيراده وقد ثبت بدفتر قيد طلبات الاستيراد يوم...... أن طلب الاستيراد الذى يحمل رقم..... مسلسل من ورقتين. ثم تضمنت مدونات الحكم رقم...... سنة...... مستعجل إن صحيفته المرفوعة من الطاعن ورد بها أن حاصل على موافقة استيراد بعدد 150 سيارة وهى المشار إليها فى النموذج موضوعي الفقرتين أ، ب والذى هو حتى الآن خلو من بيان عدد السيارات كما أن هذا النموذج مؤشر على وجهه بعبارة نظر في الدعوى المستعجلة آنفة الذكر وعلى ظهره دونت بيانات السيارات التي وردت من الخارج تنفيذاً لحكم المستعجل الأول وهي سيارات نقل وملاكي في حين أنه مؤشر على طلب النموذج بما يفيد أنه نظر في الدعوى مستعجل ومؤشر على ظهره ببيان الحصة التي تم استيرادها من السيارات تنفيذا لحكم الدعوى الأخيرة. ومفاد ما سبق أن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن طلب الاستيراد رقم..... قد قدم ابتداء من ورقتين وهو ما يؤكده أن بعض البيانات اكتفى بذكره في إحدى الورقتين كبيان عدد السيارات وعبارة حسب الفاتورة المثبتة قرين بيان سعر الوحدة له أصله الثابت في الأوراق ويسوغ به استدلال الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم على أن الطاعن استغل أحد الورقتين في تزوير طلب استيراد ثاني خاصة وأن الرقم المسلسل الموجود على ورقة النموذج يبين من مطالعته أنه وكما أثبت الحكم المطعون فيه مثقوب من أسفل عدد الآحاد ليقرأ الرقم 5 الذى جاء في موضعه من الورقة في مستوى أفقي مواز تمامًا للدائرة التي تشكل أعلا الرقم 9 في خانة المئات وكلاهما يعلو في مستواه الأفقي الرقم صفر في خانة الآلاف ومن ذلك وبما حصله الحكم المطعون فيه من أن التأشيرات والتوقيعات على كل من النموذجين مزورة وأن الرقم الدال على عدد السيارات في النموذج "ج" قد تعدل بجعله 650 بدلاً من 150 وأن الطاعن قد تحصل بموجب كل نموذج على حكم مستعجل بالإفراج عن السيارات مرة لتكملة عدد 150 سيارة في الدعوى الأولى ولتكمله عدد 650 سيارة فى الدعوى المستعجلة الثانية وفيما نقله الحكم المطعون عن مدير جمرك السيارات من أن الطاعن قدم له الحكم رقم.... سنة..... مستعجل للإفراج عن 150 سيارة فقام بتنفيذه كاملاً ثم تقدم له الطاعن بعد ذلك بحكم آخر برقم.... سنة.... مستعجل فبدأ في تنفيذه ثم وردت إليه معلومات عن تزوير المستندات التي قدمها الطاعن للمحكمة المستعجلة فأبلغ الرقابة الإدارية بالأمر وفيما نقله الحكم المطعون فيه عن مدير الفرع الرئيسي لبنك ومدير فرع هذا البنك من أن الطاعن لم يفتح أي اعتماد مستندي وأن الاعتمادين المستندين رقمي....،..... سنة..... مفتوح كل منهما باسم عميل غير الطاعن ومما نقله الحكم عن إنكار مدير مساعد الاعتمادات المستندية ببنك.... لتوقيعه على أي من النموذجين وفيما أثبته الحكم من أنه دون بسجل اشتراكات فتح اعتمادات لجنة البنوك بجمارك الإسكندرية أن طلب الاستيراد رقم.... مقيد باسم شركة للتصدير (وليس اسم الطاعن) ومما نقل الحكم عن مديرية لجنة اشتراكات فتح الاعتمادات المستندية بجمارك..... أنها لم تضع أي توقيعات أو بصمات على الفاتورة المبدئية الخاصة بنموذج طلب الاستيراد رقم ..... لسنة..... ومما نقل الحكم عن إنكار مدير مساعد الاعتمادات المستندية السابق بفرع بنك.... للتوقيعات المنسوبة إليه على طلب الاستيراد رقم.... لسنة.... والطلب المعطى رقم.... لسنة.... وما نقله عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي من أن التوقيعات الثلاثة المنسوب صدورها إلى (مدير مساعد الاعتمادات المستندية السابق لفرع) وبالفاتورة المبدئية لم تحرر بخط يده وأنه قد أضيفت عبارة "مرسيديس ومان وبيجو" ولفظ "سيارة" وعبارة "حسب الفاتورة" بخانة بيانات ثمن البضاعة المستوردة بالنموذج (الخاص بالفقرة ج) وذلك بمداد جاف أكثر زرقة من المدد الذي استعمل في تحرير بقية بيانات ذلك الطلب وبأداة أقل سمكًا من الأداة التي استعملت في تحرير بقية تلك البيانات وأن العدد 650 الثابت بخانة الكمية بالنموذج الاستيرادي (ج) رقم 10935 كان أصلاً 150 ثم عدل رقم المئات (1) لكي يصبح الرقم (6) ستة الحالي وتعرضت العبارة "مرسيدس ومان وبيجو" ولفظ "المرفقة" المضافتان إلى عملية إعادة مما يجعل الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد دلل على اشتراك الطاعن في التزوير وذلك بما استخلصه من ثبوت أن الطاعن تقدم ابتداء بورقتين بحسبانهما طلب واحد يحمل كل منها رقم .... ومن أن الطاعن هو الذي مكن المجهول من التزوير بإعطائه النموذجين المذيلين بخاتم شعار الجمهورية لمصلحة الجمارك لوضح التأشيرات والتوقيعات المزورة عليهما ومن أن الطاعن هو الذي استحصل على حكمين مستعجلين الأول بعدد محدد للسيارات بدعوى أنه خاص بأحد النموذجين والثاني عن عدد مغاير بدعوى أنه للنموذج الآخر بينما لم يثبت وحتى الآن عدد السيارات إلا على النموذج الآخر وهو العدد الذى خلص الحكم إلى أنه كان 150 سيارة ثم تعدل بالتزوير بعد ذلك ليصبح 650 سيارة وذلك لأن الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يكن الاستدلال بها عليه ويكفى أن تكون المحكمة قد اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم كالحال في الدعوى. وأن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها. ومن ثم فإن نعى الطاعن بعدم تدليل الحكم المطعون فيه على الجرائم التي أدانه عنها يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت جميعها من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي اصطناعها وبأن تعطى شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذبًا إلى موظف عام وأنه يكفي أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر إجراءاته في حدود اختصاصه. وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بوجه الطعن عن عدم توافر أركان جريمة التزوير وأطرحه فى قوله "وحيث إن فيما أثاره الدفاع من أن التزوير الذى شاب الأوراق المضبوطة قد وقع قبل أن تصبح محررات رسمية فمن المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعًا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومي من أول الأمر إذ قد يكون المحرر عرفيًا في الأصل ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تدخل فيه موظف عام في حدود سلطات وظيفته فيكتسب المحرر بذلك صفة الرسمية وتنسحب حقيقته هذه على الإجراءات التي سبقت تدخل الموظف العمومي فيه إذ العبرة في صفة المحرر هي ما يؤول إليه لا بما كان عليه وقت إنشائه وهذا الذى أورده الحكم يتفق وصحيح القانون وينحمل على ما دون على نموذجي الاستيراد من بيانات وتوقيعات مزورة لمستندي الجمرك وخاتم شعار الدولة الخاص بتلك الجهة ومن ثم لا يقبل نعي الطاعن بأن الأوراق المزورة جميعها عرفية. ولما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية فإن ما يثيره الطاعن بخصوص ما ذكر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معاودة التصدي أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان للمحكمة السلطة المطلقة في تقدير الأدلة فلها أن تجزئ أقوال الشاهد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذى رواه وبين باقي الأدلة فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال الشاهدة عن صحة النموذجين ما يفيد إطراحها. ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن الطلبين الاستيراديين رقمي .....،...... على السياق المتقدم يعد كافيًا في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من ذلك التقرير اشتراك الطاعن في تزويرهما ومسئوليته عن ذلك التزوير، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض وهى غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على ما قد يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقرير الفني الذي اطمأنت إليه وأخذت به فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن المقصود بالقانون الأصلح فى حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذى ينشئ للمتهم مركزًا أو وضعًا يكون أصلح له من القانون القديم وأن المقرر الوزاري رقم 6 لسنة 1985 الذي ينظم شروط استيراد السيارات للاعتبارات الاقتصادية البحتة يظل سارياً بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن أسباب طعنه من صدور قانون آخر بإلغاء الحظر الوارد به. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد طبقت على واقعة الدعوى القرار القديم الذى كان معمولاً به وقت ارتكاب الجريمة ولم تطبق القرار الجديد - على فرض صدوره - فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقًا صحيحًا. ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد هذا إلى أن الحكم أوقع عقوبة الجريمة الأشد عن التزوير. لما كان ذلك، وكان البين من ورقة الحكم المنقوض بجلسة..... سنة.... أنه وإن سكت في منطوقه عن القضاء بعقوبة مصادرة السيارات إلا أن أسبابه التي تحمل المنطوق عليها والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه قد تضمنت تلك العقوبة وهو بيان كاف لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام إلا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق قوامًا إلا به بما تنتفى به مظنة أن محكمة الإعادة قد أضرت الطاعن بطعنه ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تقضي في جميع الأحوال بمصادرة السلع موضوع الجريمة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد خالف شروط الاستيراد على النحو الوارد بالمادة الأولى من ذات القانون فإن قضاءه بمصادرة السيارات محل المخالفة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعًا.

الطعن 1433 لسنة 71 ق جلسة 22 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 143 ص 838

جلسة 22 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ هاني خليل ، السعيد برغوث، نبيل عمران ومدحت بسيوني نواب رئيس المحكمة.

---------------

(143)
الطعن رقم 1433 لسنة 71 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته".
تقدير جدية التحريات. موضوعي.
عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً أو الخطأ فيه في محضر الاستدلال. غير قادح في جدية التحريات.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش والضبط".
إثبات الحكم أن إذن الضبط صدر بعد أخذ الطاعن لمبلغ الرشوة وطلبه المزيد للإخلال بواجبات وظيفته. مفاده: أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة.
(3) رشوة. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. شرط تحققه.
(4) رشوة. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة لا أثر على قيامها أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهره والغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر جريمة الرشوة.
(5) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الإخلال بواجبات الوظيفة في مفهوم المادة 104 عقوبات. شموله أمانة الوظيفة ذاتها.
دخول الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها في نطاق الوظيفة مباشرة غير لازم. كفاية اتصاله بها بما يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس.
(6) رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
اختصاص الموظف بجميع العمل المتعلق بالرشوة. غير لازم. ما دام له علاقة به تسمح بتنفيذها. تقدير ذلك. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) رشوة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاتفاق بين الموظف والراشي على أداء العمل مقابل الجعل. يندرج تحت مدلول المادة 103 عقوبات. أداء العمل غير المسبوق باتفاق بين الراشي والمرتشي ينطبق عليه المادة 105 عقوبات.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر جريمة الرشوة المؤثمة بالمادة 103 عقوبات.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أقوال الشهود وصلتها بالتسجيلات المدعى ببطلانها. موضوعي.
(10) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاعٍ. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة. غير جائز لأول مرة أمام النقض.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة مما أثاره الدفاع عن الطاعن بشأن سماع الأشرطة المسجلة والتي لم يعول عليها في الإدانة. عدم جواز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه في الأوراق.
الجدل الموضوعي في الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(13) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في منحى دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
(14) نقض "أثر الطعن".
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. أساس وأثر ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً أو الخطأ فيه في محضر جمع الاستدلالات - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش الطاعن قد صدر بعد أن وقعت الجريمة بالفعل وأن الطاعن أخذ الرشوة بالفعل وطلب المزيد للإخلال بواجبات وظيفته، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى إلى ذلك في معرض رده على دفع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي - عند طلب أو أخذ العطية - أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته، وأنه ثمة لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات وظيفته.
4 - لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جادًا في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهرة وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
5 - لما كان المشرع قد استهدف من النص في المادة 104 من قانون العقوبات على "الإخلال بواجبات الوظيفة" كغرض من أغراض الرشوة مدلولاً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها، وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يُطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح بتنفيذ الغرض منها وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس.
6 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت في الأوراق.
7 - من المقرر أن الفرق بين نص المادة 103 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه أنه إذ وجد اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات، يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً لأداء العمل أو لاحقاً عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية، أما إذا كان أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة غير مسبوق باتفاق بين الراشي والمرتشي فإن العطاء اللاحق في هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من قانون العقوبات، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ التجأ إلى الطاعن لعدم إدراج اسم ابن عمه في قوائم المتخلفين عن التجنيد فطلب الطاعن وأخذ منه المبلغ الذي بينه الحكم تنفيذاً لهذا الاتفاق، فإن الحكم إذ آخذ الطاعن بنص المادة 103 آنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً.
8 - من المقرر أنه لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات وحكم المحكمة العسكرية باعتبارها أدلة مستقلة عن التسجيلات التي أطرحها ولم يعول عليها في قضائه، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال تمت منهم غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها جاز لها الأخذ بها.
10 - من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيل الصوتي فإنه لا يُقبل منه أن يثير أمر بطلانه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر شيئًا بشأن طلبه سماع الأشرطة المسجلة - والتي لم يعول عليها الحكم - فلا يجوز له أن يبدى ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
12 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه من الأوراق، ومن ثم فإن منازعة الطاعن فيما ورد بحكم المحكمة العسكرية على نحو ما أثاره بأسباب طعنه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كان نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد علياه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها له.
14 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل المحكوم عليه من وظيفته، وكان الطعن مرفوعًا من المحكوم عليه وحده - دون النيابة العامة - فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح الحكم في هذه الحالة، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً (......) طلب لنفسه وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وأخذ من.... مبلغ مائة وعشرين جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل مساعدته في إخلاء سبيل ابن عمه..... وتسليمه بطاقته العائلية وعدم إعادة عرضه على مندوب تجنيد قسم شرطة.... وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ ألفي جنيه عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه رد على الدفعيين ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من الاسم الحقيقي للطاعن ولصدورها لضبط جريمة مستقبلة رداً غير سائغ لا يكفى لاطراحهما، كما أطرح دفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه لكون الجريمة تحريضية بما لا يبرره، وعول في قضائه على حكم المحكمة العسكرية المركزية الذي دانه عن مخالفة إدارية منبتة الصلة بتهمة الرشوة، ولم يستظهر اختصاص الطاعن الوظيفي على الرغم من منازعته في اختصاصه بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله، كما عول على أقوال شاهد الإثبات الذي قام بإجراء التسجيلات رغم بطلانها إذ لم يثبت أن التسجيل تم تحت سمعه وبصره، وأغفلت المحكمة طلب الدفاع سماع الأشرطة المسجلة، وأخيراً فقد استخلص الحكم واقعة الدعوى بما لا يطابق الحقيقة إذ أن المبلغ إنما أراد الانتقام من الطاعن لحرصه على تطبيق اللوائح والتعليمات، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة طلب وأخذ رشوة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من شهادة كل من.... ومما ثبت من حكم محكمة الجيزة العسكرية في القضية رقم.... لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات ومرد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات فهو مردود بدوره بأن مبناه أن التحريات لم تتوصل إلى حقيقة اسم المتهم ودلت على أن المتهم سيء السمعة رغم حصوله على تقارير كفاية من عمله بدرجة امتياز، وذلك مردوده بادئ ذي بدء بأن حقيقة اسم المتهم لا تهم في صحة الإجراء الذي اتخذ في حقه إذ أن الوقوف على حقيقة الاسم لا يكون بحسب الأصل إلا عن طريق صاحب الاسم نفسه ومن ثم كان الخطأ في الاسم بل إغفال ذكره كلية ليس من شأنه أن ينال من صحة الإذن متى ثبت للمحكمة أن الشخص الذي تم تفتيشه هو ذات المقصود بأمر التفتيش ذلك فضلاً عن أن الثابت للمحكمة من مطالعة محضر التحريات أن محور التحريات كاف لاقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، الأمر الذي تقر معه المحكمة النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن وبالتالي تنحسر عن الإجراء قالة البطلان"، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً أو الخطأ فيه في محضر جمع الاستدلالات - بفرض حصوله - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدًا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ورد عليه بقوله: "إن ذلك الدفع مردود بأنه بصدور القانون رقم 69 لسنة 1953 اعتبرت الرشوة قائمة بمجرد تقديم الطلب من الموظف ولو لم يقبله الراشي فالقانون ينظر إلى الجريمة باعتبارها عملية واحدة فاعلها هو المرتشي، فيكفي لتوافر النشاط الإجرامي في الرشوة أن يصدر من الموظف بإرادته المنفردة إيجابياً بالرشوة ولو لم يعقبه قبول ممن توقع الموظف أن يكون راشيًا إذ كان الثابت من أدلة الإدانة التي أوردتها المحكمة فيما سلف واطمأنت إليها أن جريمة أخذ الرشوة وطلبها كانت وقعت بالفعل حين أصدرت النيابة إذنها بالقبض بدليل ما أبلغ به الشاهد الأول وما أثبته محرر محضر التحريات من أن المتهم أخذ الرشوة وطلب المزيد للإخلال بعمل من أعمال وظيفته ومن ثم فقد صدر الإذن بضبط جريمة تحقق وقوعها"، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة العامة بضبط وتفتيش الطاعن قد صدر بعد أن وقعت الجريمة بالفعل وأن الطاعن أخذ الرشوة بالفعل وطلب المزيد للإخلال بواجبات وظيفته، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى إلى ذلك في معرض رده على دفع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي - عند طلب أو أخذ العطية - أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته، وأنه ثمة لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات وظيفته، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن الطاعن أخذ من المبلغ النقود تنفيذاً لاتفاق سابق بينهما ليقون الأول بإخلاء سبيل ابن عمه وتسليمه بطاقته العائلية وعدم إعادة عرضه على مندوب تجنيد القسم، وهو ما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي في حقه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأن الجريمة تحريضية وأطرحه في قوله: "..... فهو قول مردود بأن المحكمة انتهت وبينت فيما تقدم أن جريمة الرشوة تحققت بركنيها المادي والمعنوي بمجرد أخذ المتهم لمبلغ الرشوة وطلبه مبلغ آخر حتى يمكن الهارب من الخدمة العسكرية من الاستمرار في هروبه، ذلك فضلاً عن أن الجريمة التحريضية هي التي يكون ذهن المتهم خالياً منها ويكون هو بريئًا من التفكير فيها ثم يحرضه عليها مأمور الضبط بأن يدفعه دفعاً إلى ارتكابها وتتأثر إرادته بهذا التحريض فيقوم باقترافها كنتيجة مباشرة لهذا التحريض وحده، أما إذا كانت الجريمة ثمرة تفكير المتهم وحده ونتاجاً لإرادته الحرة وإنما يقتصر دور مأمور الضبط القضائي على تسهيل الإجراءات المؤدية على وقوعها بعد أن كانت اختمرت في نفس المتهم إثماً وتمت بإرادته فعلاً، فإنها لا تكون تحريضية ومن ثم لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون وقعت نتيجة تدبير لضبطها، والثابت للمحكمة من الأدلة التي اطمأنت إليها أن الجريمة وقعت من جانب المتهم وحده فلم يحرضه عليها مأمور الضبط ولم يؤثر على إرادته لاقترافها وإنما اقتصر دوره على متابعة المبلغ من خلال استماع التسجيلات وبعد أن تأكد من أن المتهم قبض مبلغ الرشوة اتجه بعد ذلك لضبط المتهم، ومن ثم فإن هذا الدفع يضحى باطل الأساس وعلى غير ركيزة من القانون خليقاً بالالتفات عنه"، وكان ذلك من الحكم رد سائغ يصادف صحيح القانون، إذ قد استقر قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - على أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جادًا في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهرة وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي. لما كان ذلك، وكان المشرع قد استهدف من النص في المادة 104 من قانون العقوبات على "الإخلال بواجبات الوظيفة" كغرض من أغراض الرشوة مدلولاً أوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها، وليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يُطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها وأن يكون من عرض الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت في الأوراق. وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن وإخلاله بواجبات وظيفته أخذاً مما شهد به شهود الإثبات وما جاء بحكم المحكمة العسكرية المركزية ودان الطاعن على هذا الأساس فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفرق بين نص المادة 103 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه أنه إذا وجد اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات، يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً لأداء العمل أو لاحقاً عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية، أما إذا كان أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة غير مسبوق باتفاق بين الراشي والمرتشي فإن العطاء اللاحق في هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من قانون العقوبات، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ التجأ إلى الطاعن لعدم إدراج اسم ابن عمه في قوائم المتخلفين عن التجنيد فطلب الطاعن وأخذ منه المبلغ الذي بينه الحكم تنفيذاً لهذا الاتفاق، فإن الحكم إذ آخذ الطاعن بنص المادة 103 آنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بأن المادة 105 من قانون العقوبات كانت الأولى بالتطبيق بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات وحكم المحكمة العسكرية باعتبارها أدلة مستقلة عن التسجيلات التي أطرحها ولم يعول عليها في قضائه، وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال تمت منهم غير متأثرة بالتسجيلات المدعى ببطلانها جاز لها الأخذ بها، هذا فضلاً عن أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيل الصوتي فإنه لا يُقبل منه أن يثير أمر بطلانه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر شيئًا بشأن طلبه سماع الأشرطة المسجلة - والتي لم يعول عليها الحكم - فلا يجوز له أن يبدى ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه من الأوراق، ومن ثم فإن منازعة الطاعن فيما ورد بحكم المحكمة العسكرية على نحو ما أثاره بأسباب طعنه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان، وكان نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها له، ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة ومقصد الانتقام من الطاعن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أسا متعينًا رفضه موضوعاً. ولما كان الحكم المطعون فيه وإن فاته القضاء بعزل المحكوم عليه من وظيفته، وكان الطعن مرفوعًا من المحكوم عليه وحده - دون النيابة العامة - فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح الحكم في هذه الحالة، لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 11185 لسنة 71 ق جلسة 23 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 144 ص 851

جلسة 23 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، سمير مصطفى، عبد المنعم منصور وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

---------------

(144)
الطعن رقم 11185 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم التقرير بالطعن. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إغفال الحكم أقوال عضو اللجنة الهندسية. لا يعيبه متى كانت ترديداً لنتيجة التقرير الذي أعدته اللجنة ولا تخاف أقوال باقي الشهود.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغًا.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفى التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاته عنها. إطراحها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(8) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده. كافيًا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(9) خطأ. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه. موضوعي.
المجادلة في ذلك أمام النقض. قير مقبولة.
(10) رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية".
تقدير توافر رابطة السببية. موضوعي. ما دام سائغاً.
(11) رابطة السببية. خطأ. مسئولية جنائية. بناء. قتل خطأ. إصابة خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب..
رابطة السببية بين الخطأ والضرر. ما يكفى لتوافرها.
الخطأ المشترك لا يخلي المتهم من المسئولية الجنائية. ما دام لم يترتب عليه انقضاء أحد أركان الجريمة.
مثال في جريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص وقتل وإصابة خطأ.
(12) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء. موضوعي. مصادرة المحكمة في تقديرها غير مقبول.
(13) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إجابة المحكمة لطلب الدفاع ندب خبير آخر في الدعوى. غير لازم. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها. ولم تر من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
(14) بناء. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التفات الحكم عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال في جريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص.
(15) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود المتعددة. كفاية أن تورد منها ما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(16) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه".
اشتمال الحكم على مقوماته المستقلة. أثره. انحسار البطلان الذي شاب الحكم المنقوض عنه.
(17) اختصاص "الاختصاص الولائي". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". محكمة أمن الدولة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة أمن الدولة العليا من المحاكم العادية.
إثارة الدفع بعدم اختصاص محكمة أمن الدولة العليا ولائياً بنظر الدعوى لأول مرة أمام النقض. غير جائز ولو تعلق بالنظام العام. علة ذلك؟
(18) قتل خطأ. إصابة خطأ. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد. بناء. نقض "المصلحة في الطعن". رابطة السببية.
النعي على الحكم بالقصور لعدم بيانه رابطة السببية كركن من أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ. غير مجد ما دام الحكم قد دان الطاعنين بجريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص وأوقع عليه عقوبتها مع إعمال المادتين 17، 32 عقوبات باعتبارها الجريمة الأشد.

----------------
1 - لما كان الطاعن الثالث..... بصفته الحارس القضائي على نقابة.... وإن قدم أسباب طعنه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبولاً شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقدم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم - في خصوصية هذه الدعوى - إغفاله أقوال.... عضو اللجنة الهندسية، لاسيما وأن الثابت من المفردات المضمومة أن أقواله وأقوال باقي أعضاء اللجنة بالتحقيقات لا تعدو أن تكون ترديداً لنتيجة التقرير الذي قاموا بإعداده وعول عليه الحكم وأورد نتيجته تفصيلاً، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق أن أقوال ذلك الشاهد لا تخالف ما جاء بأقوال الباقين ولا تتضمن أموراً تخرج عن النتيجة التي انتهى إليها التقرير.
3 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن في ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، مما تنتفى معه قالة التناقض، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الواقعة التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها، وكان الطاعنان لا يجادلان في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدي إلى تلك النتيجة له أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه منم وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
7 - لما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما بينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة إجراء تعديل في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
9 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيًا أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
11 - من المقرر أنه يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ حق الطاعنين وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهى انهيار البناء ووفاة وإصابة المجنى عليهم، ولا يجدي الطاعنين ما يثيراه من أن خطأ مالك العقار قد ساهم في وقوع الحادث إذ إنه بفرض صحته لا ينفى مسئوليتهما الجنائية عن النتيجة، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلي المتهم من المسئولية، ما دام أن هذا الخطأ لا يترتب عليه عدم توافر أحد أركان الجريمة.
12 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليه تقاريرهم من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
13 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
14 - لما كان القانون يجرم القيام بإجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص من الجهة المختصة، وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 22 مكرراً من القانون 106 لسنة 1976 المعدل، فإن منعى الطاعن الثاني في شأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن قيمة الأعمال المخالفة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه يغدو غير منتج وذلك لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
15 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وطرح ما عداه، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها - وهي إزالة بعض الحوائط والتكسير في بعض الأعمدة - فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم في بعض التفاصيل - على فرض حصوله - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
16 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ أسبابًا ومنطوقًا جديدين وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وأورد على ثبوتها أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. وواقع على الطاعنين العقوبة الواردة بمنطوقه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اشتمل على مقوماته المستقلة بذاتها، غير متصل أو منعطف على الحكم المنقوض مما يعصمه من البطلان الذي شاب الحكم الأخير.
17 - لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة أمن الدولة العليا - وهى من المحاكم العادية - وليس من محكمة استئنافية كما ذهب الطاعن الأول بأسباب طعنه، هذا فضلاً عن أنه لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه من عدم اختصاص محكمة أمن الدولة العليا ولائياً بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانهما بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقضي بها - مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الحبس مع الشغل لمدة سنتين والغرامة - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إجراء تعديلات في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإنه لا يكون لهما مصلحة في النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لعدم بيانه رابطة السببية كركن من أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (2)..... (3)..... (طاعن) (4)..... (طاعن). بأنهم أولاً: - المتهم الأول:
1 - لم يراع في تصميم وتنفيذ البناء رقم..... الأصول الفنية المقررة قانونًا بأن أنشأه وأقامه على أعمدة وهيكل خرساني لا تحتمل عدد الأدوار المرخص بإقامتها مخالفاً بذلك الرسم المعماري والإنشائي الذي منح على أساسه الترخيص ثم أقام خمسة أدوار من التاسع حتى الثالث عشر زائدة على المرخص له بإقامته دون الحصول على ترخيص رغم عدم تحمل الأعمدة والهياكل الخرساني التي أنشأها بالمخالفة للترخيص زيادة الأحمال الواقعة عليها مما أدى إلى زيادة تلك الأحمال فأفقدها معامل الأمان وسقوط البناء على النحو المبنى بتقرير اللجنة الهندسية المرفق بالتحقيقات وقد نشأ عن تلك الأفعال وفاة أربعة وستين شخصاً وإصابة ستة عشر آخرين.
2 - أجرى تعديلات وتوسعات بالدور الأرضي بالعقار موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات بدون ترخيص ومخالفاً بذلك شروط ترخيص بناء العقار مما ساعد على سقوطه.
3 - أقام بناء بمنطقة الردود بالعقار سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.
4 - لم يعهد إلى مهندس نقابي معماري أو مدني للإشراف فعلياً على تنفيذ أعمال البناء المرخص بإنشائها.
ثالثاً: - المتهمون من الثاني حتى الرابع أجروا تعديلات في بناء الوحدة رقم 5 بالعقار المشار إليه المملوكة للبنك المركزي المصري الذي يمثله المتهم الثاني والذي أسند للمتهم الثالث إعداد الرسومات الهندسية للتعديلات المطلوبة وللمتهم الرابع تنفيذها بإزالة الحوائط وتكسير أجزاء بعض أعمدة تلك الوحدة بغير ترخيص بذلك بدون إشراف أو مراقبة حال تنفيذ تلك الأعمال مما ترتب على ذلك سقوط العقار ووفاة وإصابة من سبق الإشارة إليهم.
ثالثاً: المتهمون جميعاً:
1 - تسببوا أخطائهم على النحو المبين بالتهم السابقة وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء بإخلالهم إخلالا جسيما بما تفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة إجهادات الأعمدة مرتين ونصف عن أحمالها التصميمية مما أفقد بناء العقار معامل الأمان وسقوطه وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة وإصابة من سبق الإشارة إليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات.
2 - تسببوا بأخطائهم موضوع التهم السابقة في إتلاف المنقولات والسيارات المملوكة للغير والمبينة أسماؤهم بالتحقيقات. وأحالتهم على محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3، 378/ 6 من قانون العقوبات والمادة 22/ 1، 2، 3، 4 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقوانين أرقام 30 لسنة 1983، 25 لسنة 1992، 101 لسنة 1996 واللائحة التنفيذية للقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات، أولاً: بمعاقبة.... بالحبس مع الشغل لمدة سبع سنوات عن التهمة ثالثاً المسندة إليه بالبندين 1، 2 وببراءته من التهمة أولاً: المسندة إليه ببنودها 1، 2، 3، 4 ثانياً: بمعاقبة كل من..... و...... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما قيمة الأعمال البالغ قدرها 325396.270 ثلاثمائة خمسة وعشرين ألف وثلاثمائة وستة وتسعين جنيهاً وسبعة وعشرين قرشاً. ثالثاً بشطب اسم المهندس...... و....... من سجلات نقابة المهندسين وسجلات اتحاد المقاولين حسب الأحوال لمدة سنة واحدة والنشر. رابعاً: ببراءة..... مما أسند إليه فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.....
ومحكمة النقض قضت بقبول طعن كل من المحكوم عليهم شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين.... و..... إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة للطاعن.... وبجلسة.... مثل وكيل عن نقابة المهندسين أمام محكمة الإعادة طالباً التدخل في الدعوى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 238/ 1، 2، 3، 244/ 1، 2، 3 378/ 6 من قانون العقوبات والمادة 22/ 1، 2، 3، 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقوانين أرقام 30 لسنة 1983، 25 لسنة 1992، 101 لسنة 1996 واللائحة التنفيذية المرفقة بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من.... و.... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمهما مبلغ خمسين ألف جنيه. ثانياً: - بشطب اسم المهندس.... و..... من سجلات نقابة المهندسين وسجلات اتحاد المقاولين لمدة سنة واحدة والنشر وبعدم قبول تدخل نقابة المهندسين.
فطعن كل من الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الثاني والأستاذ/ ..... المحامي عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول "للمرة الثانية" في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثالث..... بصفته الحارس القضائي على نقابة.... وإن قدم أسباب طعنه في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبولاً شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقدم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليهما قد استوفى الشكل المقرر قانوناً.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم إجراء تعديلات في عقار بغير ترخيص من الجهة المختصة والقتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول في قضائه - من بين ما عول عليه - على أقوال المهندس..... ولم يبين مؤداها، وأورد في مدوناته أن المسئول عن انهيار العقار هو مالكه ثم عاد في موضع آخر وأورد بأن الطاعن الأول.... قد ساهم بفعله في ذلك رغم أن رواية الشهود تنفي مسئوليته عن الحادث، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني.... القائم على نفي التهمة وأن المسئول عن انهيار العقار هو مالكه، وأعرض عما قدمه من مستندات في هذا الشأن ولم يدلل على توافر أركان الجريمة الأولى في حق الطاعنين، ولم يبين مدى مخالفة الطاعن الأول للأصول الهندسية مع اختفاء الرسومات الهندسية الخاصة بالعقار من حي.... ودفع الطاعنان بانقطاع رابطة السببية، وطلبا ندب لجنة هندسية لبيان سبب انهيار العقار، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تعرض له إيراداً ورداً، والتفتت عن التقرير الاستشاري وعولت على تقرير اللجنة المنتدبة من النيابة العامة رغم أنه بنى على الظن، وأسند الحكم للطاعن الثاني إجراء تعديلات للعقار موضوع الدعوى بغير ترخيص من الجهة المختصة رغم ما أثاره بجلسة المحاكمة من أن الأعمال التي قام بإجرائها لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه، وأحال في بيان أقوال شهود الإثبات إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ....... رغم تناقضها في شأن تحديد السبب الرئيسي لانهيار العقار، فضلاً عن أن أحداً من الشهود لم يجزم بحدوث تكسير بالأعمدة الخرسانية للعقار، كما أن الحكم المطعون فيه نقل عن أسباب الحكم السابق نقضه، وصدر من محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" وهي غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى، وأغفل بيان رابطة السببية بين خطأ الطاعنين ووفاة وإصابة المجنى عليهم من واقع تقرير فني. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير اللجنة الهندسية والتقارير الطبية الشرعية، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعنان في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بصفة أصلية وفى موضوع الواقعة محل الجريمة على أقوال كل من..... و...... و...... و.... و...... و...... و...... و....... و...... و...... و...... وتقرير اللجنة الهندسية والتقارير الطبية الشرعية، وهى دعامات صحيحة تكفى لإقامته، فإنه لا يعيب الحكم - في خصوصية هذه الدعوى - إغفاله أقوال...... عضو اللجنة الهندسية، لاسيما وأن الثابت من المفردات المضمومة أن أقواله وأقوال باقي أعضاء اللجنة بالتحقيقات لا تعدو أن تكون ترديداً لنتيجة التقرير الذي قاموا بإعداده وعول عليه الحكم وأورد نتيجته تفصيلاً، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق أن أقوال ذلك الشاهد لا تخالف ما جاء بأقوال الباقين ولا تتضمن أموراً تخرج عن النتيجة التي انتهى إليها التقرير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث وساق على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، مما تنتفى معه قالة التناقض، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد استخلصت صورة الواقعة التي ارتاح إليها وجدانها واستقرت في عقيدتها، وكان الطاعنان لا يجادلان في أن الأدلة التي استندت إليها والتي تؤدي إلى تلك النتيجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن الثاني بعدم مسئوليته عن انهيار العقار ووقوع الحادث وأن المسئول هو مالك العقار مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه منم وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. كما أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان
ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة إجراء تعديل في بناء بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفاع بانقطاع رابطة السببية ورد عليه بقوله " وحيث إنه في شأن ما قيل في علاقة السببية فإن المحكمة ترى أن علاقة السببية في المواد الجنائية هي علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً أو خروجه فيما يرتكبه بخطئه عن دائرة التبصر بالعواقب العادية بسلوكه والتصون من أن يلحق عمله ضرراً بالغير، وأن المتهم - الذي سبق الحكم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة له - أقام وشيد المبنى الذي انهار معيباً بإقامته على أعمدة لا تتحمل الأدوار الزائدة مما أفقده معامل الأمان وجعله في وضع حرج عرضه للانهيار إذا ما تعرض لأية مؤثرات، وقد انهار فعلاً إثر تدخل المتهمان الأول والثاني بإزالة الحوائط المجاورة للأعمدة والساندة لها في هذا العقار المعيب وتقليل حجم بعض الأعمدة لشقة .... فإن اتصال أخطاء المتهمين الثلاثة بانهيار المبنى اتصال السبب بالمسبب ولولا تلك الأخطاء ما إنهار العقار ووقع الضرر وتوفى من توفى وأصيب من أصيب وإذ كان الحكم في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول قد استخلص من ظروف الواقعة.

الطعن 12598 لسنة 63 ق جلسة 24 / 9 / 2002 مكتب فني 53 ق 145 ص 868

جلسة 24 من سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد، طه سيد قاسم، محمد سامى إبراهيم ويحيى عبد العزيز ماضي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(145)
الطعن رقم 12598 لسنة 63 القضائية

(1) وكالة. محاماة. نقض "الصفة في الطعن".
عدم تقديم سند الوكالة الصادر من الطاعنة لوكيلها للتعرف على حدود وكالته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله.
(3) نقض "المصلحة في الطعن".
قضاء الحكم المطعون فيه للطاعنة بمبلغ التعويض المطالب به كاملاً من عدم جوز الطعن عليه لانتفاء المصلحة.
(4) نقض "الصفة في الطعن".
نيابة الوصي عن القاصر نيابة قانونية الغرض منها صيانة ثروته واستثمارها في الوجوه التي تعود عليه بالمنفعة.
عدم تقديم الوصي عن القصر الذي قرر بالطعن بدلاً منهم ما يدل على أنهم قصر. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟

----------------
1 - من حيث أن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض بمثابته وكيلاً عن المدعية بالحقوق المدنية .... قدم توكيلاً صادرًا له من وكيل الطاعنة المذكورة، وإذ كانت الأوراق قد خلت من سند الوكالة الصادر من الطاعنة لوكيلها للتعرف على حدود وكالته، فإن طعنها - في الأصل - يكون غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه
3 - لما كان البين من الإطلاع على الأوراق أن الطاعنة سالفة الذكر طلبت القضاء لها بتعويض قدره واحد وخمسون جنيهًا وقد قضى الحكم المطعون فيه لها بهذا المبلغ كاملاً، ومن ثم فلا يجوز لها الطعن على الحكم لانتفاء المصلحة، ويتعين التقرير بعدم قبول الطعن المقدم منها.
4 - لما كانت نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية الغرض منها صيانة ثروته واستثمارها في الوجوه التي تعود عليه بالمنفعة. وكان المدعو ..... الذي قرر بالطعن بالنقض بصفته وصيًا على أولاد شقيقه المدعين بالحقوق المدنية...... و...... و......، لم يقدم الدليل على أنهم قصر حتى تثبت له صفة في الطعن نيابة عنهم, ولما كان من المقرر أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة ويكون غير مقبول شكلاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعد قبول الطعن ومصادرة الكفالة.


الوقائع

أقام المدعين بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح...... ضد المطعون ضده بوصف أنه: بدد الأشياء المبينة وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمدعين بالحقوق المدنية والمسلمة إليه على سبيل الأمانة لتصريفها فاختلسها لنفسه. وطلبوا عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة ..... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف العقوبة لمدة ثلاث سنوات وإثبات ترك المدعين بالحقوق المدنية لدعواهم المدنية.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي عن المدعين بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطرق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض بمثابته وكيلاً عن المدعية بالحقوق المدنية ..... قدم توكيلاً صادرًا له من وكيل الطاعنة المذكورة, وإذ كانت الأوراق قد خلت من سند الوكالة الصادر من الطاعنة لوكيلها للتعرف على حدود وكالته، فإن طعنها في الأصل يكون غير مقبول شكلاً.
إلا أنه من المقرر أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنة سالفة الذكر طلبت القضاء لها بتعويض قدره واحد وخمسون جنيهًا وقد قضى الحكم المطعون فيه لها بهذا المبلغ كاملاً، ومن ثم فلا يجوز لها الطعن على الحكم لانتفاء المصلحة، ويتعين التقرير بعدم جواز الطعن المقدم منها.
وحيث إنه لما كانت نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية الغرض منها صيانة ثروته واستثمارها في الوجوه التي تعود عليه بالمنفعة. وكان المدعو...... الذي قرر بالطعن بالنقض بصفته وصيًا على أولاد شقيقه المدعين بالحقوق المدنية......، لم يقدم الدليل على أنهم قصر حتى تثبت له صفة في الطعن نيابة عنهم, ولما كان من المقرر أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، فإن الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة ويكون غير مقبول شكلاً لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن ومصادرة الكفالة.