جلسة 31 من مايو سنة 1951
-------------------
(144)
القضية رقم 92 سنة 19 القضائية
(1) المخالفات الجمركية.
اختلاف المقادير والأوزان والجنس بين الشهادات المكتوبة والبضائع المقدمة للكشف المنصوص عليه في المادة 38 من اللائحة الجمركية والموجب لتوقيع الغرامة المقررة عنه. يعتبر مخالفة من المخالفات الجمركية الواردة في الباب الثامن من هذه اللائحة. وجوب التزام حدود هذه المخالفة كما وردت في النص وعدم التوسع فيها. الخلاف في وصف البضاعة هو غير الخلاف في جنسها فلا تتناوله المخالفة. مثال.
"ب". القضاء بفرق الرسوم والحكم بالغرامة. لا تلازم بينهما. لكل منهما شروطه.
(المادة 38 من اللائحة الجمركية والبنود 384، 385، 392 من تعريفة الرسوم الجمركية).
الوقائع
في يوم 5 من يونيه سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 21 سنة 1 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات، وفي 11 من يونيه سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 19 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 11 من يوليه سنة 1949 أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 24 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. وفي 28 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 3 من مايو سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
من حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المقدمة في الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم استوردوا من أمريكا في سنتي 1941 و1942 عن طريق ميناء السويس أربع رسائل من الأخشاب وصفوها في الشهادات الجمركية المقدمة منهم بأنها من الخشب الخام الذي ينطبق عليه البندان 384 و385 من تعريفة الرسوم الجمركية، ثم تبين للطاعنة بعد الإفراج عن هذه الأخشاب ودفع الرسوم عنها على أساس البيانات التي ذكرها المطعون عليهم في الشهادات المشار إليها أنها من الخشب الممسوح الذي ينطبق عليه البند 392 من تعريفة الرسوم وأن جمرك السويس أخطأ إذ اعتمد هذه البيانات ولذا طلب الحكم بإلزام المطعون عليهم بفرق الرسوم المقررة على الأخشاب وفقاً للبند المذكور وقدره 2069 جنيهاً و677 مليماً مع مبلغ 2051 جنيهاً و625 مليماً بصفة غرامة وفقاً للمادة 38 من اللائحة الجمركية، وفي 23 من أكتوبر سنة 1944 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلزام المطعون عليهم بالمبلغين المذكورين. فاستأنفوا هذا الحكم وكان من بين أسباب الاستئناف التي اعتمدوا عليها أن دفعوا بعدم قبول دعوى الطاعنة بالنسبة إلى مبلغ الغرامة بناء على أنه كان يتعين عليها قبل رفعها اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 36 من اللائحة الجمركية وحاصلها أن توقع عليهم الغرامة وأن تعلنهم بقرارها فيكون لهم حق المعارضة فيه أمام المحكمة المختصة في ظرف خمسة أيام، وإذ هي لم تتبع هذه الإجراءات فلا يكون لها الحق في المطالبة بالغرامة بدعوى ترفع منها مباشرة أمام القضاء. وفي 18 من إبريل سنة 1948 قضت محكمة استئناف الإسكندرية برفض هذا الدفع ودفع آخر بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليهم بالمبلغ الخاص بفرق الرسوم ورفض دعوى الطاعنة بالنسبة إلى مبلغ الغرامة وهو الحكم المطعون فيه. وتتحصل الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى مبلغ الغرامة في أنه دفع مردود بأن مناط تطبيق المادة 36 من اللائحة الجمركية هو أن تكون البضائع في حيازة الجمرك بدليل ما جاء في فقرتها الثالثة من أن البضائع تكون ضامنة وفاء الرسوم والغرامات وبأن النزاع القائم في الدعوى لم ينشأ إلا بعد الإفراج عن الأخشاب. وبأنه ليس من المستساغ عقلاً أن توقع الطاعنة على المطعون عليهم الغرامة في حين أن النزاع قائم بينها وبينهم على الرسوم وهي الأصل ولذا كان من حقها أن تطرح النزاع بجميع مشتملاته على القضاء.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المحكمة قضت برفض دعوى الطاعنة بالنسبة إلى مبلغ الغرامة اعتماداً على أن المادة 38 من اللائحة الجمركية لا تنطبق على النزاع، إذ تشترط هذه المادة لتوقيع الغرامة أن يكون هناك اختلاف في المقادير أو الأوزان أو الجنس بين البيانات المذكورة في الشهادات المكتوبة وبين البضائع المقدمة للكشف، وقد انحصر الخلاف بين الطرفين فيما إذا كانت الأخشاب من الخشب الممسوح أم من الخشب الخام، وهو خلاف لا يتصل بالجنس، إذ الجنس لغة هو الضرب من الشيء وهو أعم من النوع، والنوع لغة أخص من الجنس، ومن ثم يكون الجنس في البضائع محل النزاع هو الخشب وهذا لا خلاف عليه، أما أن يكون الخشب ممسوحاً أو خاماً فهذا أمر لا يتصل بالجنس أو النوع وإنما هو وصف للخشب لا يعاقب على الخلاف الذي يحدث بشأنه لعدم النص عليه في المادة - مع أن كلمة جنس يقابلها في الترجمة الفرنسية كلمة (qualité) معناها الوصف، وإن كان تفسير المحكمة لهذه الكلمة سائغاً لغوياً إلا أنه غير جائز جمركياً، إذ المقصود بكلمة جنس في المادة 38 هو نوع البضاعة الذي يخضع لبند معين من بنود تعريفة الرسوم وقد اشتملت على بنود خاصة بالخشب الخام وأخرى بالخشب الممسوح أي أنها اعتبرتهما مختلفين لا من ناحية الوصف وإنما من ناحية النوع أيضاً ولهذا الاختلاف في النوع والوصف أثره في تعيين بند التعريفة الواجب تطبيقه، على أن المحكمة ألزمت المطعون عليهم بفرق الرسوم المطالب به بناء على ما تبين لها من أن نوع الخشب الذي ذكروه في الشهادات المقدمة منهم يغاير وصفها الحقيقي الذي ثبت من التحقيق، وهذا هو ما رمى إليه المشرع عندما نص في المادة 38 على اختلاف الجنس.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنة بالنسبة إلى مبلغ الغرامة اعتمد على الأسباب الآتية: - (وحيث إن الخلاف الذي وقع بين الطرفين ينحصر في أن الخشب كان خاماً أو ممسوحاً وليس هناك اختلاف بالنسبة للمقادير كما أن الخلاف بالنسبة للثقل النوعي انتهى بالاتفاق أما الخلاف فيما إذا كان الخشب خاماً أو ممسوحاً فلا يتصل بتعيين الجنس إذ الجنس لغة هو الضرب من الشيء وهو أعم من النوع والنوع لغة أخص من الجنس ومن ثم يكون الجنس في البضائع موضوع النزاع هو الخشب خاماً أو ممسوحاً وهو أمر لا يتصل بالجنس ولا بالنوع ولا بالصنف بل هو وصف للخشب وآية ذلك إقرار مصلحة الجمارك في مذكرتها بأنها تطالب بالغرامة بحجة أن المستأنفين (المطعون عليهم) لم يتوخو الدقة في وصف خشبهم وصفاً دقيقاً - ومن ثم يكون الفعل الذي وقع من المستأنفين لا يكون جريمة من الجرائم التي نصت عليها المادة 38 من اللائحة وعاقبت عليها بالغرامة ويؤيد ذلك أن أولاد أنطونيوس باسيلي وجريشمان المشار إليهم آنفاً (استورد هؤلاء أخشاباً من نفس الأخشاب المتنازع عليها وقام عليها بينهم وبين الطاعنة نزاع مثل النزاع الحالي) لم يدفعوا غرامة بل دفعوا فرق الرسوم فقط كما هو ظاهر من المكاتبات والمستندات المقدمة ولهذا يكون الحكم المستأنف بالنسبة إلى إلزام المستأنفين بالغرامة المطلوبة في غير محله ويتعين لذلك إلغاؤه ورفض الدعوى بالنسبة لذلك).
ومن حيث إنه لما كان (اختلاف المقادير والأوزان والجنس بين الشهادات المكتوبة والبضائع المقدمة للكشف) المنصوص عليه في المادة 38 من اللائحة الجمركية والموجب لتوقيع الغرامة المقررة عنه يعتبر مخالفة من المخالفات الجمركية الواردة في الباب الثامن من هذه اللائحة، ولذا يجب التزام حدود هذه المخالفة كما وردت في النص وعدم التوسع فيها - وكان صحيحاً ما قررته المحكمة من أن كلمة جنس لا تشمل الوصف، وأن الخلاف الذي قام بين طرفي الخصومة على ما إذا كانت الأخشاب المستوردة هي من الخشب الممسوح كما تقول الطاعنة أم من الخشب الخام كما يدعي المطعون عليهم هو خلاف واقع على الوصف لا على الجنس وبذلك لا تكون هناك مخالفة جمركية قد ارتكبها المطعون عليهم - وكان لا يغير من هذا النظر أن تعريفة الرسوم الجمركية بها بنود خاصة بالخشب الممسوح وأخرى بالخشب الخام متى كان نص المادة 38 من اللائحة يقصر عن تناول حالة الخلاف على الوصف وكان لا يوجد ثمة تلازم بين القضاء بفرق الرسوم وبين الحكم بالغرامة إذ لكل منهما شروط - لما كان ذلك كذلك يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه، وذلك دون حاجة إلى بحث ما تمسك به المطعون عليهم في دفاعهم من أنه وإن كان الحكم المطعون فيه مع قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى مبلغ الغرامة قد قضى لمصلحتهم برفض الدعوى في خصوص هذا المبلغ إلا أنه يحق لهم أن يثيروا من جديد في الطعن الحالي الدفع المشار إليه لما فيه من مصلحة محققة لهم ولتعلقه بالنظام العام، ذلك أنه متى كان قد تبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس يكون البحث في هذا الدفاع سواء من جهة جواز قبوله أو من جهة موضوعه غير منتج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق