جلسة الاثنين 25 ديسمبر 2017
برئاسة السيد القاضي/ مصطفى عطا محمد الشناوي رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان، محمد علي الهادي الجمري ومحمد إبراهيم محمد السعدني.
---------------
(77)
الطعن رقم 687 لسنة 2017 "جزاء"
(1) حكم "بيانات الحكم" "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. تفهم الواقعة بأركانها وظروفها من مجموع ما أورده. النعي على الحكم بالقصور. غير مقبول. م 216 إجراءات.
(2) خيانة الأمانة. قصد جنائي. وكالة.
عبارة الوكالة الواردة بنص المادة 404/ 1 عقوبات. عدم انصرافها إلى الوكالة حسبما هي معرفة به في القانون المدني. اندراجها على حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره. اختلاس المتهم أو تبديده للمال المسلم إليه لاستعماله لمنفعة مالكه ودون أن يرده عند طلبه أو نفي استلامه. أثره. اعتباره مختلسا ومن تسلم المال يعتبر في حكم الوكيل في نطاق إعمال هذه المادة لا وكيلا بالمفهوم القانوني للوكالة. علة ذلك. وقوع هذه الجريمة. مناطه. ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم. التسليم باعتباره عنصرا في جريمة خيانة الأمانة. عدم اشتراط أن يكون حاصلا من ذات المجني عليه. يستوي أن يكون منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه. نعي الطاعن من أن المال لم يسلم إليه ومن ثم تخلف شروط الوكالة. غير مقبول.
(3) خيانة الأمانة. قصد جنائي. وكالة.
القصد الجنائي. تحققه بتصرف الحائز على المال المسلم إليه على سبيل الأمانة بنية إضاعته على ربه. تحدث الحكم عن توافر القصد الجنائي بعبارة مستقلة. غير لازم. كفاية أن يكون مستفادا من ظروف الواقعة المبينة به.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وطرح ما عداها. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(5) دفوع "الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه".
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه. من أوجه الدفاع الموضوعية. لا تستلزم ردا خاصا. استفادة الرد في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إثبات "الأدلة في المواد الجزائية".
المحاكمات الجزائية. الأصل فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. له أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها من أوراق الدعوى.
(7) تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره".
إيراد الحكم الأدلة المنتجة والتي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كفايته لاستقامة قضائه. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. علة ذلك.
(8) إثبات "الخبرة". خبرة "تقدير تقرير الخبير". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات والمفاضلة بينها. من سلطة محكمة الموضوع. لها تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة في الدعوى. علة ذلك. لها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء. ما دامت قد أخذت بما جاء بها. أساس ذلك. عدم التزامها بإجابة طلب الدفاع بإعادة الدعوى إلى الخبير أو بندب خبير آخر. ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ووجدت في تقرير الخبرة المقدم إليها ما يغني عن اتخاذه.
-------------------
1 - القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون بحسب نص المادة (216) من قانون الإجراءات ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله.
2 - لما كانت المادة 404 عقوبات تنص على أنه "يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو مستندات أو أي مال آخر منقول إضرارا بأصحاب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على سبيل الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل الشريك على المال المشترك والفضولي على مال صاحب الشأن ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره مما مفاده أن عبارة الوكالة الواردة بهذا النص وحسبما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز لا ينصرف إلى الوكالة حسبما هي معرفة به في القانون المدني الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب بل تندرج تحت حكمها أيضا حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره ومن ثم فإن اختلاس المتهم أو تبديده للمال المسلم إليه لاستعماله لمنفعة مالكه ولم يرده عند طلبه أو نفي استلامه فإنه يعد مختلسا ويعتبر من تسلم المال في حكم الوكيل في نطاق إعمال هذه المادة لا وكيلا بالمفهوم القانوني للوكالة ذلك لأن القانون في هذه الجريمة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته إنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع هذه الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم ولا يشترط في هذا التسليم باعتباره عنصرا في جريمة خيانة الأمانة أن يكون حاصلا من ذات المجني عليه وإنما يستوي أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه وعليه يكون ما ينعاه الطاعن من أن المال لم يسلم إليه ومن ثم تخلف شروط الوكالة غير سديد.
3 - القصد الجنائي يتحقق بتصرف الحائز على المال المسلم إليه على سبيل الأمانة بنية إضاعته على ربه ولا يشترط أن يتحدث الحكم عن توافر القصد الجنائي بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون مستفادا من ظروف الواقعة المبينة به أنه ارتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد وبنية حرمان الجهة الشاكية من الشيء المسلم إليه إضرارا به.
4 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم ردا صريحا بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - الأصل في المحاكمات الجزائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه وله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها من أوراق الدعوى.
7 - المقرر أنه بحسب الحكم كيفما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها.
8 - المقرر أن تقرير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات والمفاضلة بينها، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة في الدعوى لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ولها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه وهي لا تلزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، كما أنها غير ملزمة بإجابة طلب الدفاع بإعادة الدعوى إلى الخبير أو بندب خبراء آخرين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ووجدت في تقرير الخبرة المقدم إليها ما يغني عن اتخاذ هذا الإجراء.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة أسندت للمتهمين:
1- ----------.
2- -----------.
3- -----------.
لأنهم بتاريخ 4/ 7/ 2013 ولاحق عليه بدائرة مركز شرطة بردبي. اختلسوا مبلغا نقديا وقدره (13 مليون درهم) والعائد للمجني عليه ----- والمسلم إليه على سبيل الوكالة إضرارا بصاحب الحق عليه وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عقابهم بالمادتين (121/ 1، 404/ 1) من قانون العقوبات الاتحادي المعدل، وادعى المجني عليه قبل كل من المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 30000 درهم على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصاريف والرسوم ومقابل أتعاب المحاماة، كما ادعى المتهم/ ---- مدنيا قبل المجني عليه طالبا توجيه تهمة البلاغ الكاذب ضد المجني عليه وإلزامه بدفع مبلغ 20100 درهم على سبيل التعويض المؤقت. وبتاريخ 29/ 6/ 2016 حكمت محكمة أول درجة حضوريا للمتهمين الأول والثاني وحضوريا اعتباريا للثالث: أولا: بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس لمدة سنة عما أسند إليهم وألزمتهم بأن يؤدوا إلى المدعي بالحق المدني مبلغ 30000 درهم على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصاريف والرسوم ومبلغ خمسمائة درهم مقابل أتعاب المحاماة. ثانيا: برفض الدعوى المدنية المقابلة وألزمت رافعها بالمصاريف والرسوم ومبلغ خمسمائة درهم مقابل أتعاب المحاماة.
طعن المحكوم عليه/ ----- في هذا الحكم بالاستئناف رقم 4658 لسنة 2016، كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بالاستئناف رقم 4846 لسنة 2016.
وبتاريخ 27/ 7/ 2017 حكمت محكمة ثاني درجة حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف ومصادرة مبلغ التأمين.
طعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بالتمييز رقم 687 لسنة 2017 بموجب تقرير طعن مؤرخ 24/ 8/ 2017 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميهما الموكل طلب فيها نقض الحكم.
وحيث إن الطعن بالتمييز طريق طعن غير عادي لم يجزه المشرع إلا لتدارك ما قد يقع في الأحكام النهائية من خطأ في القانون فإذا كان الخصم - سواء المحكوم عليه أو النيابة العامة - قد فوت على نفسه باب الاستئناف وهو الطريق العادي للطعن في الحكم حيث كان يسعه استدراك ما شابه من خطأ في الواقع أو القانون، لا يجوز له من بعد أن يلجأ إلى الطعن فيه بطريق التمييز. ومن ثم فإن المحكوم عليه إذا كان قد فوت على نفسه حق استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فإن هذا الحكم بالنسبة له يكون قد حاز قوة الأمر المقضي وأغلقت أمامه بذلك طريق الطعن بالتمييز شريطه أن يكون الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بناء على استئناف غيره من المتهمين أو النيابة العامة قد جاء تأييدا لحكم محكمة أول درجة بحيث يكون الحكمان الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحدا، ولما كان الثابت في الأوراق أن الثاني/ ----- قد استأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة كما استأنفته النيابة العامة ولم يستأنفه المحكوم عليه الأول/ ----- الحكم الابتدائي بالنسبة له يكون قد حاز قوة الأمر المقضي طالما أنه حكم في استئناف المتهم الثاني والنيابة العامة بتأييده ومن ثم فإن طعن المحكوم عليه الأول/ --- على هذا الحكم بطريق التمييز يكون غير جائز.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده القاضي/ --- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن المقام من الطاعن/ ---- قد استوفى الشكل المقرر له في والقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال و الإخلال بحق الدفاع، ذلك، كما جاء بصورة مجهلة مجملة لا يبين منها أركان الجريمة كما لم يبين دور كل متهم، وأثار الطاعن بدفاعه بمدنية النزاع لأن العقد المحرر بين المجني عليه والطاعن لا يعد عقد وكالة، كما أن المجني عليه سلم المتهم الثالث - الهارب - مبلغ خمسة مليون درهم واستلم منه ضمانا بنكيا بقيمة عشرين مليون درهم واعتبر الحكم أن الطاعن والمتهمين الأول والثالث شركاء في جريمة خيانة الأمانة رغم أن المعاملة مجرد قرض تجاري لا علاقة للطاعن به مما تنتفي التهمة عنه، كما أنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي في حقه، وبانتفاء أركان الجريمة وبكيدية الاتهام وتلفيقه إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع رغم جوهريته، واستند إلى تقرير الخبير المحاسبي رغم أنه جاء مبهما مجهلا لم يبين دور كل متهم، وطلب الطاعن إعادة الدعوى للخبير لبحث الاعتراضات على التقرير وما قدمه من مستندات تفيد استلام المجني عليه لمبالغ مالية تزيد على عشرة ملايين درهم وتحديد دور كل متهم وفحص الحساب وتصفيته إلا أن المحكمة ردت على هذه الطلبات بما لا يصلح ردا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح بأوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه/ ---------، -------- ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون بحسب نص المادة (216) من قانون الإجراءات ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 404 عقوبات تنص على أنه "يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو مستندات أو أي مال آخر منقول إضرارا بأصحاب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على سبيل الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو الوكالة وفي تطبيق هذا النص يعتبر في حكم الوكيل الشريك على المال المشترك والفضولي على مال صاحب الشأن ومن تسلم شيئا لاستعماله في أمر معين لمنفعة صاحبه أو غيره مما مفاده أن عبارة الوكالة الواردة بهذا النص وحسبما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز لا ينصرف إلى الوكالة حسبما هي معرفة به في القانون المدني الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب بل تندرج تحت حكمها أيضا حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره ومن ثم فإن اختلاس المتهم أو تبديده للمال المسلم إليه لاستعماله لمنفعة مالكه ولم يرده عند طلبه أو نفي استلامه فإنه يعد مختلسا ويعتبر من تسلم المال في حكم الوكيل في نطاق إعمال هذه المادة لا وكيلا بالمفهوم القانوني للوكالة ذلك لأن القانون في هذه الجريمة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته إنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط في وقوع هذه الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس الشيء الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المجني عليه بالتسليم ولا يشترط في هذا التسليم باعتباره عنصرا في جريمة خيانة الأمانة أن يكون حاصلا من ذات المجني عليه وإنما يستوي أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه وعليه يكون ما ينعاه الطاعن من أن المال لم يسلم إليه ومن ثم تخلف شروط الوكالة غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن تسلم الأموال موضوع الدعوى - بنفسه وعن طريق أحد شركائه - من المجني عليه بصفته المدير الإداري لشركة/ ---------- للتجارة العامة لاستثمارها لحسابه حسب الاتفاق المبرم بينهما ومن ثم يكون وكيلا عنه مما تنطبق عليه أحكام المادة 404 عقوبات، وكان القصد الجنائي يتحقق بتصرف الحائز على المال المسلم إليه على سبيل الأمانة بنية إضاعته على ربه ولا يشترط أن يتحدث الحكم عن توافر القصد الجنائي بعبارة مستقلة بل يكفي أن يكون مستفادا من ظروف الواقعة المبينة به أنه ارتكب الفعل المكون للجريمة عن عمد وبنية حرمان الجهة الشاكية من الشيء المسلم إليه إضرارا به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الخبير المنتدب ارتكاب الطاعن لجريمتة المسندة إليه ومن ثم فإن كافة ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى وبيان معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم ردا صريحا بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجزائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه وله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها من أوراق الدعوى، وبحسب الحكم كيفما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد الأدلة على ثبوت الاتهام قبل الطاعن واطرح دفاعه الموضوعي بشأن خلو أوراق الدعوى من دليل يثبت قيامه والمتهم الآخر بارتكاب الجريمة اطمئنانا منه لأقوال المجني عليه وما قدمه من مستندات وما أثبته تقرير الخبير الحسابي المنتدب ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى وتكوين معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقرير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات والمفاضلة بينها، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة في الدعوى لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ولها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه وهي لا تلزم بالرد على الطعون الموجه لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، كما أنها غير ملزمة بإجابة طلب الدفاع بإعادة الدعوى إلى الخبير أو بندب خبراء آخرين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ووجدت في تقرير الخبرة المقدم إليها ما يغني عن اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لما جاء بتقرير الخبير المنتدب وأطرح تقرير الخبير الاستشاري فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما جاء في طعنه من اعتراضات على هذا التقرير وإعادة الدعوى للخبير لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة المستمدة من هذا التقرير لا تلزم المحكمة بمتابعته والرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق