الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 12 يونيو 2025

الطعن 21100 لسنة 87 ق جلسة 7 / 3 / 2019 مكتب فني 70 ق 26 ص 229

جلسة 7 من مارس سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / كمال قرني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني فهمي وأحمد قزامل نائبي رئيس المحكمة ومحمد السنباطي ود. أحمد عاصم عجيلة .
---------------
(26)
الطعن رقم 21100 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان بها الطاعن وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة وإيراد مؤداها في بيان كاف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تربح .
اعتماد الحكم في إضفاء صفة الموظف العام على الطاعن لكونه رئيس مجلس إدارة جمعية تخضع مالياً وإدارياً لإشراف إحدى وحدات الإدارة المحلية . صحيح .
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء صفة الموظف العام في حق الطاعن بجريمة تربح .
(3) موظفون عموميون . تربح . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير توافر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه . موضوعي . ما دام سائغاً . اختصاصه بكل العمل . غير لازم . كفاية اختصاصه بجزء منه ولو يسير . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إثبات " أوراق رسمية " " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله إيراد الأدلة المنتجة على صحة وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) تربح . جريمة " أركانها ".
تحقيق الربح أو المنفعة . ليس من أركان جريمة التربح . قيامها بمجرد محاولة الموظف الحصول على الربح أو المنفعة ولو لم يتحقق له ذلك .
مثال .
(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . تربح . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
القانون الجنائي . لم يجعل لإثبات جريمة التربح طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التربح . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
إثبات الحكم ارتكاب الطاعن لجريمة التربح بأدلة مؤدية لما رتبه عليها . لا قصور .
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
مثال .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم مضمون ملاحظات النيابة العامة التي عول عليها . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
مثال .
(9) حكم " حجيته " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . تربح . رد
حجية الأحكام . لا ترد إلا على المنطوق والأسباب المكملة له والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً .
بيان الحكم بأسبابه مقدار المبلغ المقضي على الطاعن برده عن جناية التربح التي دين بها . كفايته وإن أغفل ذكره في المنطوق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " أنه بتاريخ .... تم إشهار جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... كجمعية خيرية تمارس أنشطتها تحت إشراف مديرية التضامن الاجتماعي بــ .... ، وقد عين المتهم .... رئيساً لمجلس إدارة تلك الجمعية وتقدم بصفته هذه بطلب لهيئة الأوقاف المصرية لشراء قطعة أرض لتلك الجمعية ، بغرض إقامة مجمع تنموي عليها وقد وافقت الهيئة على الطلب المقدم من المتهم وخصصت قطعة أرض مساحتها تسعة قيراط بحوض .... بوقف .... الخيري بمدينة .... وتم تحرير عقد بيع ابتدائي بينها والمتهم بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية وقد استغل المتهم تلك الصفة في إبرام ذلك العقد عن طريق الممارسة وليس المزاد العلني لكون التعاقد تم لصالح الجمعية ، ولم يقم المتهم بإخطار مديرية التضامن الاجتماعي بــ .... بعملية شراء قطعة الأرض تلك ثم قام المتهم بالتصرف بالبيع لقطعة الأرض تلك لكل من .... و .... و .... ، وحصل المتهم لنفسه على ربح تمثل في وحدات عقارية وسيارة يقدر جملته بمبلغ مليون وخمسمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه نظير إتمام ذلك العقد ، وعقب ذلك قامت هيئة الأوقاف المصرية باستبدال قطعة الأرض تلك بقطعة أخرى ملك للهيئة بحوض .... بذات الوقف ثم قام المتهم ببيع تلك الأرض للمدعو .... ، واتفق على الحصول على ربح لنفسه يقدر بمبلغ سبعة ملايين جنيه حصل منها على مبلغ ثلاثة ملايين جنيه ربح لنفسه نظير إتمام صفقة البيع وذلك بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بـــ .... ، وأن المتهم تحصل على ربح لنفسه بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بـــ .... " ، وقد أقام الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة وصحة نسبتها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، وملاحظات النيابة العامة ، وأورد مؤداها في بیان کاف يتفق ويتواءم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر - أيضاً - أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء صفة الموظف العام في حقه لكون أموال الجمعية الخيرية التي يرأس مجلس إدارتها ليست أموالاً عامة طبقاً لنص المادتين ۱۱۹ ، 119 مكرراً من قانون العقوبات وأطرحه بعد أن أورد تقريرات قانونية في قوله : " لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال .... مدير عام بالتضامن الاجتماعي بــ .... بتحقيقات النيابة العامة ، أن جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... تخضع لمديرية التضامن الاجتماعي ، وأن المتهم يعمل رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية ، وهو ما ردده أيضاً .... ، من خضوع تلك الجمعية لمديرية التضامن الاجتماعي بــ .... ، ومن ثم تكون أموال تلك الجمعية أموالاً عامة ، وأن المتهم وهو رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية موظف عام ، وأنه تربح من عمل من أعمال وظيفته بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... ، وعليه يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم - على النحو المتقدم - يبين منه أنه لم يعتد في إضفاء صفة المال العام لأموال الجمعية - سالفة البيان - بالطبيعة القانونية لتلك الجمعية - خلافاً لما يذهب إليه الطاعن - وإنما عول في ذلك على ما ثبت للمحكمة من خضوع أموال تلك الجمعية لإشراف إحدى وحدات الإدارة المحلية إدارياً ومالياً ، وأضفى صفة الموظف العام في حق الطاعن لكونه رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية ، فإن ما أورده الحكم على هذا النحو يكون كافياً وسائغاً وصحيحاً في القانون بما يكفي لإطراح هذا الدفع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم .
3- من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق ، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه يعمل موظفاً عاماً رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية الكائنة بــ .... ، وأنه قد تعاقد بهذه الصفة مع هيئة الأوقاف على شراء قطعتي أرض موضوع الدعوى المطروحة وأقر بالتحقيقات بصحة توقيعه على عقدي شرائهما المؤرخين .... ، واستظهر الحكم من ذلك اختصاصه بالعمل الذي حاول التربح منه ، لما كان ذلك ، وكان لا يشترط في جريمة التربح أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل الذي تربح منه ، بل يكفي أن يكون مختصاً بجزء منه وأي قدر من الاختصاص ولو يسير ، بل يكفي ويستوفي الصورة التي يتخذها اختصاصه بالنسبة للعمل ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن اختصاصه بالعمل والصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن مستنداته التي تثبت عدم توافر صفتي الموظف العام في حقه ، والمال العام في أموال الجمعية التي يرأس مجلس إدارتها ، وعدم اختصاصه بالأفعال التي اقترفها ، فمرود عليه بأنه ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقیم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان ما يثيره الطاعن من أنه لم يتحقق له ربح من وراء ما قام به من أعمال ، لقيامه بسداد مبالغ لهيئة الأوقاف تزيد على المبالغ المنسوب إليه الحصول عليها من شهود الإثبات من الثاني حتى الخامس دون تحقيق ربح لنفسه ، فمرود عليه بما هو مقرر من أن تحقيق الربح أو المنفعة ليس ركناً من أركان جريمة التربح ، التي تقوم بمجرد محاولة الموظف الحصول على الربح أو المنفعة حتى ولو لم يتحقق له ذلك ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قویم .
6- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة التربح طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التربح ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم قد أثبت ارتكاب الطاعن لجريمة التربح ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه به ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمة في حقه .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكانت أقوال الشاهدة .... - على ما هو ثابت من الرجوع إلى المفردات التي ضُمت صورتها الرسمية بمعرفة نيابة النقض تحقيقاً لهذا الوجه - متفقة مع أقوال الشاهد .... التي أوردها الحكم وأحال إليها ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص .
8- لما كان الحكم قد أورد مضمون ملاحظات النيابة العامة في قوله : " ثبت من الصورة الضوئية من الطلب المقدم من المتهم بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... لهيئة الأوقاف المصرية والثابت به استبدال قطعة الأرض الكائنة بحوض .... لإقامة دار مسنين ورعاية أيتام ، وثبت من الصورة الضوئية لعقد البيع الإبتدائي المحرر بين هيئة الأوقاف المصرية وبين المتهم أنه موقع عليه بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... ، وأقر المتهم بالتحقيقات بصحة توقيعه على عقدي الاتفاق المؤرخين .... " - على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سدید .
9- لما كان ما قد يثار بشأن سكوت الحكم المطعون فيه في منطوقه عن بيان مقدار المبلغ الذي قضى على الطاعن برده في جناية التربح التي دين بها ، فمردود بأن الحكم المطعون فيه بينه بأسانيده في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها ، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه - وهو بیان کاف - لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في غضون الفترة من عام .... حتى عام .... :
أولاً : بصفته موظفاً عاماً " رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... حصل لنفسه دون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن قام بصفته سالفة الذكر بشراء قطعتي الأرض موضوع التحقيقات من هيئة الأوقاف المصرية بطريق الممارسة بغرض إقامة مجمع تنموي عليهما " دار مسنين ، دار رعاية أيتام " ثم قام بيعهما دون حق للشهود من الثاني حتى الخامس وآخرين بموجب عقد الاتفاق والبيع المؤرخين .... ، .... نظير حصوله على مبالغ مالية ووحدات عقارية وسيارات مما عاد عليه بربح ومنفعة من ذلك تمثلت في جملة ما تقدم والتي تقدر بمبلغ أربعة ملايين وثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : بصفته سالف الذكر حاول الحصول لنفسه دون حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن قام بالاتفاق مع الشاهد الخامس وآخرين على بيع قطعة الأرض موضوع التحقيقات الكائنة بحوض .... لهم بموجب عقد البيع المؤرخ .... نظير حصوله على مبلغ مالي قدره سبعة ملايين جنيه حصل على جزء منها فعلاً تمثلت في مبالغ مالية وسيارتين قيمتها ثلاثة ملايين جنيه موضوع التهمة الأولى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 115 ، 118 ، 118 مكرراً/4،3 ، 119/ه ، 119 مكرراً/ه من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة الربح الذى حصل عليه وبرد ما حققه من ربح والعزل من وظيفته وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التربح ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت في الأوراق ؛ ذلك بأنه أطرح بما لا يسوغ دفاع الطاعن - المؤيد بالمستندات - بانتفاء أركان جريمة التربح لانتفاء صفتي الموظف عام في حقه ، والمال العام عن أموال الجمعية التي يرأس مجلس إدارتها ، إذ لم يصدر قرار جمهوري باعتبارها ذات نفع عام ، وأغفل الرد على دفاعه بعدم اختصاصه بالعمل الذي تربح منه ، وبأنه لم يتحقق له ربح من وراء ما قام به من أعمال لقيامه بسداد مبالغ لهيئة الأوقاف تزيد على المبالغ المنسوب إليه الحصول عليها من شهود الإثبات من الثاني حتى الخامس ، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، ولم يبين مضمون شهادة الشاهدة .... مكتفياً في بيانها بالإحالة إلى أقوال الشاهد .... رغم ما بينهما من اختلاف ، وبالمخالفة لأقوالها بالتحقيقات ، وعول على ملاحظات النيابة العامة ولم يبين مضمونها ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " أنه بتاريخ .... تم إشهار جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... كجمعية خيرية تمارس أنشطتها تحت إشراف مديرية التضامن الاجتماعي بــ .... ، وقد عين المتهم .... رئيساً لمجلس إدارة تلك الجمعية وتقدم بصفته هذه بطلب لهيئة الأوقاف المصرية لشراء قطعة أرض لتلك الجمعية ، بغرض إقامة مجمع تنموي عليها وقد وافقت الهيئة على الطلب المقدم من المتهم وخصصت قطعة أرض مساحتها تسعة قيراط بحوض .... بوقف .... الخيري بمدينة .... وتم تحرير عقد بيع ابتدائي بينها والمتهم بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية وقد استغل المتهم تلك الصفة في إبرام ذلك العقد عن طريق الممارسة وليس المزاد العلني لكون التعاقد تم لصالح الجمعية ، ولم يقم المتهم بإخطار مديرية التضامن الاجتماعي بــ .... بعملية شراء قطعة الأرض تلك ثم قام المتهم بالتصرف بالبيع لقطعة الأرض تلك لكل من .... و .... و .... ، وحصل المتهم لنفسه على ربح تمثل في وحدات عقارية وسيارة يقدر جملته بمبلغ مليون وخمسمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه نظير إتمام ذلك العقد ، وعقب ذلك قامت هيئة الأوقاف المصرية باستبدال قطعة الأرض تلك بقطعة أخرى ملك للهيئة بحوض .... بذات الوقف ثم قام المتهم ببيع تلك الأرض للمدعو .... ، واتفق على الحصول على ربح لنفسه يقدر بمبلغ سبعة ملايين جنيه حصل منها على مبلغ ثلاثة ملايين جنيه ربح لنفسه نظير إتمام صفقة البيع وذلك بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بـــ .... ، وأن المتهم تحصل على ربح لنفسه بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بـــ .... " ، وقد أقام الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة وصحة نسبتها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، وملاحظات النيابة العامة ، وأورد مؤداها في بیان کاف يتفق ويتوائم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر - أيضاً - أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء صفة الموظف العام في حقه لكون أموال الجمعية الخيرية التي يرأس مجلس إدارتها ليست أموالاً عامة طبقاً لنص المادتين ۱۱۹ ، 119 مكرراً من قانون العقوبات وأطرحه بعد أن أورد تقريرات قانونية في قوله : " لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال .... مدير عام بالتضامن الاجتماعي بــ .... بتحقيقات النيابة العامة ، أن جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... تخضع لمديرية التضامن الاجتماعي ، وأن المتهم يعمل رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية ، وهو ما ردده أيضاً .... ، من خضوع تلك الجمعية لمديرية التضامن الاجتماعي بــ .... ، ومن ثم تكون أموال تلك الجمعية أموالاً عامة ، وأن المتهم وهو رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية موظف عام ، وأنه تربح من عمل من أعمال وظيفته بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... ، وعليه يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم - على النحو المتقدم - يبين منه أنه لم يعتد في إضفاء صفة المال العام لأموال الجمعية - سالفة البيان - بالطبيعة القانونية لتلك الجمعية - خلافاً لما يذهب إليه الطاعن - وإنما عول في ذلك على ما ثبت للمحكمة من خضوع أموال تلك الجمعية لإشراف إحدى وحدات الإدارة المحلية إدارياً ومالياً ، وأضفى صفة الموظف العام في حق الطاعن لكونه رئيس مجلس إدارة تلك الجمعية ، فإن ما أورده الحكم على هذا النحو يكون كافياً وسائغاً وصحيحاً في القانون بما يكفي لإطراح هذا الدفع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق ، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه يعمل موظفاً عاماً رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية الكائنة بــ .... ، وأنه قد تعاقد بهذه الصفة مع هيئة الأوقاف على شراء قطعتي أرض موضوع الدعوى المطروحة وأقر بالتحقيقات بصحة توقيعه على عقدي شرائهما المؤرخين .... ، واستظهر الحكم من ذلك اختصاصه بالعمل الذي حاول التربح منه ، لما كان ذلك ، وكان لا يشترط في جريمة التربح أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل الذي تربح منه ، بل يكفي أن يكون مختصاً بجزء منه وأي قدر من الاختصاص ولو يسير ، بل يكفي ويستوفي الصورة التي يتخذها اختصاصه بالنسبة للعمل ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن اختصاصه بالعمل والصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن مستنداته التي تثبت عدم توافر صفتي الموظف العام في حقه ، والمال العام في أموال الجمعية التي يرأس مجلس إدارتها ، وعدم اختصاصه بالأفعال التي اقترفها ، فمرود عليه بأنه ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقیم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أنه لم يتحقق له ربح من وراء ما قام به من أعمال ، لقيامه بسداد مبالغ لهيئة الأوقاف تزيد على المبالغ المنسوب إليه الحصول عليها من شهود الإثبات من الثاني حتى الخامس دون تحقيق ربح لنفسه ، فمرود عليه بما هو مقرر من أن تحقيق الربح أو المنفعة ليس ركناً من أركان جريمة التربح ، التي تقوم بمجرد محاولة الموظف الحصول على الربح أو المنفعة حتى ولو لم يتحقق له ذلك ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير قویم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة التربح طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التربح ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان الحكم قد أثبت ارتكاب الطاعن لجريمة التربح ، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه به ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمة في حقه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكانت أقوال الشاهدة .... - على ما هو ثابت من الرجوع إلى المفردات التي ضُمت صورتها الرسمية بمعرفة نيابة النقض تحقيقاً لهذا الوجه - متفقة مع أقوال الشاهد .... التي أوردها الحكم وأحال إليها ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مضمون ملاحظات النيابة العامة في قوله : " ثبت من الصورة الضوئية من الطلب المقدم من المتهم بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... لهيئة الأوقاف المصرية والثابت به استبدال قطعة الأرض الكائنة بحوض .... لإقامة دار مسنين ورعاية أيتام ، وثبت من الصورة الضوئية لعقد البيع الإبتدائي المحرر بين هيئة الأوقاف المصرية وبين المتهم أنه موقع عليه بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية الخدمات الاجتماعية والبيئية بــ .... ، وأقر المتهم بالتحقيقات بصحة توقيعه على عقدي الاتفاق المؤرخين .... " - على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سدید . لما كان ذلك ، وكان ما قد يثار بشأن سكوت الحكم المطعون فيه في منطوقه عن بيان مقدار المبلغ الذي قضى على الطاعن برده في جناية التربح التي دين بها ، فمردود بأن الحكم المطعون فيه بينه بأسانيده في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها ، والتي تعد جزءاً لا يتجزأ منه - وهو بیان کاف - لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ، إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك تعليق واحد: