جلسة 26 من ديسمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ موسى محمد مرجان "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ صلاح محمد عبد العليم، د. أحمد مصطفى الوكيل، أحمد أحمد الغايش ووليد محمد بركات "نواب رئيس المحكمة".
------------
(8)
الطعن رقم 1244 لسنة 92 القضائية "رجال القضاء "
---------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تحديد طلبات الخصم هي بما يطلب الحكم له به، وأن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها وإنما بما عناه المدعي منها وفقا للثابت من الوقائع المطروحة في حدود سبب الدعوى.
2 - إذ كان البين من صحيفة الدعوى المقدمة من المطعون ضدهم أمام محكمة الاستئناف أنه ورد بها صدور حكم لهم في الدعوى رقم .... لسنة 136 ق "رجال القضاء" بإعادة تسوية معاش مورثهم وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وأصبح نهائيا وواجب النفاذ إلا أن الهيئة الطاعنة امتنعت عن تنفيذ الحكم الصادر لهم تنفيذا صحيحًا، وكان الحكم المطعون فيه انتهى صحيحًا بما بينه من وقائع الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها وفي حدود سببها إلى أن طلبات المطعون ضدهم هي إلزام الهيئة الطاعنة بتنفيذ كامل الحكم سالف البيان والذي قامت الهيئة بتنفيذ جزء منه وامتنعت عن تنفيذ الباقي دون سند وهو ما يعد قرارا سلبيا بالامتناع عن استكمال تنفيذ ذلك الحكم، فإن قضاءه بإجابة المطعون ضدهم لهذا الطلب لا يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم، ويضحى النعي بهذا الشأن على غير أساس.
3 - من المقرر قانوناً أن مدى جواز قيام الإدارة بتحصيل ما تم صرفه من معاش لأحد المستحقين له والناتج عن قرار إداري يتعين التفرقة بين ما إذا كان هذا القرار قد قام بناءً على غش وقع من المستحق للمعاش أو نتيجة سعي غير مشروع من جانبه أم أنه صدر نتيجة خطأ مادي أو صدر استنادا إلى محض خطأ في التقدير من جانب الجهة الإدارية، فإن كانت الأولى فلا جدال في وجوب مطالبة مستحق المعاش بالمبالغ المالية التي حصل عليها بغير حق منذ ربط المعاش وحتى قطع المعاش؛ دفعًا لغشه وسوء قصده وتفويتا لباطل مسعاه أو تصويبا لواقع الخطأ المادي، وإن كانت الثانية فإن مقتضيات العدالة الإدارية ترتب لمستحق المعاش الحق فيما حصل عليه من مبالغ مالية نتيجة هذا القرار؛ إذ لا شأن له فيما صاحب إصدار هذا القرار من خطأ في الفهم أو اختلاف في التقدير أسوة بحائز الشيء حسن النية الذي يستجمع قانونا الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء يستحق لسواه، فضلا عن أن مثل هذا الشخص يكون في الغالب قد رتب حياته واستقام معاشه على هذا الأساس، ومن غير المستساغ إلزامه برد ما صرفه بحسن نية؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الخطأ في احتساب المعاش المستحق للمطعون ضدهم عن مورثهم كان نتيجة لحسابه بطريقة خاطئة أي مرجعه إلى خطأ وقعت فيه جهة الإدارة وسوء تقدير منها ولم يداخله غش أو سعي غير مشروع منهم، ومن ثم لا يتأتى استرداد ما تم صرفه من معاش بعد أن تبين خطأ جهة الإدارة في الصرف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الهيئة الطاعنة وآخرين - غير مختصمين بالطعن - الدعوى رقم .... لسنة 139 ق أمام دائرة دعاوى رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم بأحقيتهم في صرف ما تم خصمه بدون وجه حق مبلغ 20253,43 جنيها وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية مع الاستمرار في صرف ما تم خصمه مستقبلا والفوائد القانونية بنسبة 4% عملا بنص المادة 226 من القانون المدني، وقالوا بيانا لها: إنه صدر لصالحهم حكم في الدعوى رقم ...... لسنة 136ق استئناف القاهرة "دائرة دعاوى رجال القضاء" بإعادة تسوية معاش مورثهم وصرف الفروق المستحقة عن التسوية وتم احتساب الفروق مبلغ 66923,43 جنيها وصرف لهم منه فعليا مبلغ 46670 جنيها ولكون الهيئة الطاعنة قد قامت بخصم المبلغ موضوع التداعي على سند من أنه قد صرف للطاعنين مبالغ على سبيل الخطأ في حين أن المبلغ المطالب به تنفيذا لحكم قضائي، كما أنه لا يجوز استرداد ما تم صرفه بطريق الخطأ عملا بالمادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 2000 بشأن التجاوز عن استرداد ما صرف بغير وجه حق من مرتبات أو أجور أو بدلات أو رواتب إضافية أو علاوات خاصة ومن ثم أقاموا الدعوى، وبتاريخ 28/9/2022 حكمت المحكمة بإلغاء القرار السلبي الصادر من الطاعن بصفته بالامتناع عن التنفيذ لكامل الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 136 ق استئناف القاهرة "دائرة دعاوى رجال القضاء" وما يترتب على ذلك من آثار أخصها صرف جميع المبالغ والفروق المالية المحكوم بها والناشئة عن تنفيذه التي لم يتم صرفها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول: إن طلبات المطعون ضدهم في الدعوى أحقيتهم في صرف مبلغ 20253,43 جنيها وصرف الفروق المالية إلا أن الحكم المطعون فيه تجاوز طلباتهم الواردة بالصحيفة وأسس قضاءه على امتناع الهيئة الطاعنة عن تنفيذ كامل الحكم الصادر لصالح المطعون ضدهم، مما يعد حكما بما لم يطلبه الخصوم بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تحديد طلبات الخصم هي بما يطلب الحكم له به، وأن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها وإنما بما عناه المدعي منها وفقا للثابت من الوقائع المطروحة في حدود سبب الدعوى؛ لما كان ذلك، وكان البين من صحيفة الدعوى المقدمة من المطعون ضدهم أمام محكمة الاستئناف أنه ورد بها صدور حكم لهم في الدعوى رقم .... لسنة 136 ق "رجال القضاء" بإعادة تسوية معاش مورثهم وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وأصبح نهائيا وواجب النفاذ إلا أن الهيئة الطاعنة امتنعت عن تنفيذ الحكم الصادر لهم تنفيذا صحيحًا، وكان الحكم المطعون فيه انتهى صحيحًا بما بينه من وقائع الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها وفي حدود سببها إلى أن طلبات المطعون ضدهم هي إلزام الهيئة الطاعنة بتنفيذ كامل الحكم سالف البيان والذي قامت الهيئة بتنفيذ جزء منه وامتنعت عن تنفيذ الباقي دون سند وهو ما يعد قرارا سلبيا بالامتناع عن استكمال تنفيذ ذلك الحكم، فإن قضاءه بإجابة المطعون ضدهم لهذا الطلب لا يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم، ويضحى النعي بهذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول: إن الهيئة الطاعنة قامت بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 136 ق استئناف القاهرة "دائرة دعاوى رجال القضاء"، ونظرا لاكتشاف المنطقة التأمينية المختصة أن المستحق الوحيد للمعاش أرملة مورث المطعون ضدهم وأنه بطريق الخطأ يصرف المعاش كاملا وليس ثلاث أرباعه المستحق لها الأمر الذي ترتب عليه صرف المعاش بالزيادة عن الفترة من 1/7/2017 حتى 31/5/2021 ويكون المستحق عليها مبلغ 20171.04 جنيها فقامت الهيئة بإجراء مقاصة عند تنفيذ الحكم موضوع التداعي بخصم المبلغ الذي صرف لأرملة مورث المطعون ضدهم بطريق الخطأ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالاستمرار في التنفيذ لكامل الحكم موضوع التداعي في حين أن المبالغ التي صرفت لها لم تكن تنفيذا لحكم قضائي تم إلغاؤه، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن المقرر قانونا أن مدى جواز قيام الإدارة بتحصيل ما تم صرفه من معاش لأحد المستحقين له والناتج عن قرار إداري يتعين التفرقة بين ما إذا كان هذا القرار قد قام بناءً على غش وقع من المستحق للمعاش أو نتيجة سعي غير مشروع من جانبه أم أنه صدر نتيجة خطأ مادي أو صدر استنادا إلى محض خطأ في التقدير من جانب الجهة الإدارية، فإن كانت الأولى فلا جدال في وجوب مطالبة مستحق المعاش بالمبالغ المالية التي حصل عليها بغير حق منذ ربط المعاش وحتى قطع المعاش؛ دفعًا لغشه وسوء قصده وتفويتا لباطل مسعاه أو تصويبا لواقع الخطأ المادي، وإن كانت الثانية فإن مقتضيات العدالة الإدارية ترتب لمستحق المعاش الحق فيما حصل عليه من مبالغ مالية نتيجة هذا القرار؛ إذ لا شأن له فيما صاحب إصدار هذا القرار من خطأ في الفهم أو اختلاف في التقدير أسوة بحائز الشيء حسن النية الذي يستجمع قانونا الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء يستحق لسواه، فضلا عن أن مثل هذا الشخص يكون في الغالب قد رتب حياته واستقام معاشه على هذا الأساس، ومن غير المستساغ إلزامه برد ما صرفه بحسن نية؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الخطأ في احتساب المعاش المستحق للمطعون ضدهم عن مورثهم كان نتيجة لحسابه بطريقة خاطئة أي مرجعه إلى خطأ وقعت فيه جهة الإدارة وسوء تقدير منها ولم يداخله غش أو سعي غير مشروع منهم، ومن ثم لا يتأتى استرداد ما تم صرفه من معاش بعد أن تبين خطأ جهة الإدارة في الصرف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق