الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 أكتوبر 2021

الطعن 370 لسنة 30 ق جلسة 3 / 6 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 110 ص 690

جلسة 3 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

------------

(110)
الطعن رقم 370 لسنة 30 القضائية

)أ، ب) قرار إداري. مسئولية. "مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون". تقادم. "التقادم المسقط".
مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون مصدرها القانون لا العمل غير المشروع. سقوطها بالتقادم العادي.
)جـ) موظفون. "سن التقاعد لموظفي المجالس البلدية".
عدم سريان أحكام قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1959 ورقم 37 لسنة 1929 على موظفي المجالس البلدية والقروية لاستقلال ميزانيتها عن ميزانية الدولة. خضوعهم للنصوص القانونية واللوائح المنظمة لشئونهم في قراري مجلس الوزراء في 28/ 8/ 1945 و9/ 6/ 1945 - جعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير ويشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري.
)د) موظفون. "علاقة الموظف بالسلطة العامة". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". "الحق المكتسب". 
علاقة الموظف بالسلطة العامة ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح.
للحكومة تغيير المركز القانوني للموظف وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام. سريان القوانين المعدلة لتلك المراكز بأثر فوري على شاغليها. لا مساس في ذلك بحق مكتسب. ليس للموظف الحق في عدم إحالته إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين إلا إذا بلغ هذه السن في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستون.

-----------------
1 - مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون ليس مصدرها العمل غير المشروع وإنما القانون.
2 - الأصل في ديون الدولة قبل الغير وديون الغير قبل الدولة أنها تخضع لقواعد التقادم الواردة في القانون المدني ما لم يوجد تشريع خاص بها يقضي بغير ذلك.
3 - نص المادة الخمسين من القسم الثاني من اللائحة المالية للخزانة والحسابات - الذي يقضي بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة ليس إلا ترديداً لما نصت عليه المادة 211 من القانون المدني القديم و375 من القانون المدني القائم من أن المرتبات والأجور والمهايا تتقادم بخمس سنوات - وما كان لهذه اللائحة وهي في مرتبة أدنى من التشريع أن تعدل من أحكام التقادم الواردة في القانون، فإذا كان المطعون ضده لم يطالب بمرتب تأخرت الدولة في أدائه وإنما بتعويض مقابل الضرر الذي لحقه بسبب قرار إداري مدعى بمخالفته للقانون كان هذا التعويض يختلف عن المرتب في طبيعته وسبب استحقاقه فالمرتب دوري متجدد وهاتان الصفتان هما الضابط للحقوق التي نص القانون المدني قديمه وجديده على تقادمها بالتقادم الخمسي ذلك القانون الذي نقلت عنه اللائحة المالية حكمه في خصوص مهايا الموظفين - والمرتب أيضاً هو مقابل عمل يؤديه الموظف للدولة هذا بينما التعويض لا يدور ولا يتجدد وهو ليس مقابلاً لعمل وإنما جبر لضرر - لما كان ذلك، فإن هذا التعويض لا يجري عليه ما يجري على المرتب من تقادم بخمس سنوات وإنما يخضع في تقادمه للقاعدة العامة الواردة في المادة 208 من القانون المدني القديم والمادة 374 من القانون القائم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة (1) ما دام أنه لم يرد في شأنه نص خاص يقضي بتقادمه بمدة أقصر.
4 - طبقاً لما نصت عليه المادة 67 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 والمادة 66 من قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 لا تسري أحكام هذين القانونين إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية - وعلى موظفي المصالح الست الواردة على سبيل الحصر في كل من المادتين المذكورتين استثناء من تلك القاعدة - أما غير هؤلاء من الموظفين والمستخدمين التابعين لمصالح أو جهات غير مدرجة ميزانيتها في الميزانية العامة للحكومة - ومنهم موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية الذين لم يشملهم الاستثناء السابق - فلا تجري عليهم أحكام قانوني المعاشات سالفي الذكر وذلك لاستقلال تلك المجالس منذ إنشائها بميزانياتها عن ميزانية الحكومة - وإنما يخضع موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 بالاستناد إلى اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14 يوليه سنة 1909 والخاص بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي تلك المجالس وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم وقد جعلت المادة الثانية من ذلك القرار الاشتراك في صندوق التوفير إلزامياً لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس المحلي بعد إنشاء هذا الصندوق على استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السائرة في الحدود المبينة في المادة المذكورة ونصت المادة 12 من القرار المذكور على أن المستخدمين الذين يكونون في خدمة المجلس المحلي حين إنشاء صندوق التوفير بموجب هذه اللائحة ويكونون جامعين للشروط المذكورة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية يحق لهم الاشتراك في صندوق التوفير، وأجازت هذه المادة للمجلس بعد موافقة وزارة الداخلية أن يرخص للمستخدمين المذكورين بحسبان اشتراكهم في صندوق التوفير من تاريخ دخولهم الخدمة وذلك بالشروط المبينة في المادة المذكورة، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 بلائحة توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها هذا القرار الذي صدر استناداً إلى التفويض الوارد في المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام تلك المجالس نص في المادة 15 منه على أن "تطبق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية - على أن تتبع بالنسبة للموظفين والمستخدمين الغير مشتركين في هذا الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 أبريل سنة 1909" وعرفت المادة 17 من قرار مجلس الوزراء المشار إليه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويكون ممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير - ومؤدى هذه النصوص وباقي نصوص القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 التي تبين كيف يجري الاستقطاع من ماهيات الموظفين المشتركين في صندوق التوفير ومآل الأموال المستقطعة وطريقة تصفيتها، أن المشرع قصد إحلال صندوق التوفير لموظفي المجالس البلدية والقروية محل نظام المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة وجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير أسوة بالموظف الذي يشغل وظيفة دائمة في الحكومة وينتفع بالمعاش (2).
5 - علاقة الموظف بالحكومة وبمن في حكمها كالمجالس البلدية والقروية ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومركز الموظف في هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز للحكومة تغييره وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام وتسري القوانين المعدلة لهذه المراكز بأثر فوري على شاغليها ولو كانوا يشغلونها من قبل صدور هذه القوانين ودون أن يكون لهؤلاء الاحتجاج بأنهم اكتسبوا حقاً ذاتياً في ظل قانون أو نظام سابق (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده التحق بخدمة المجالس البلدية في 9 من سبتمبر سنة 1911 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن شغل وظيفة رئيس حسابات بمجلس بلدي منوف وهي وظيفة في الدرجة السادسة ذات مرتب شهري ومدرجة في ميزانية المجلس وينتفع صاحبها بصندوق التوفير الخاص بموظفي ومستخدمي المجالس البلدية والقروية - وفي 30 من نوفمبر سنة 1948 بلغ المطعون ضده سن الستين فأحيل إلى المعاش اعتباراً من هذا التاريخ وفي 18 من نوفمبر سنة 1954 أقام أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 4523 سنة 1954 على الطاعنين (وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدي منوف) طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 1489 ج و870 م وقال في بيان دعواه إنه إذ كان من الموظفين غير المثبتين فإنه طبقاً لأحكام قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 لا يحال إلى المعاش إلا في سن الخامسة والستين ويكون لذلك قرار إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين قد جاء مخالفاً للقانون وأن من حقه أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التي ألحقها به هذا القرار وهي تتمثل في حرمانه من مرتب الخمس سنوات الباقية له وحصته في صندوق التوفير عن تلك السنوات وقدر ذلك كله بالمبلغ المطالب به - دفع الطاعنان الدعوى بأن قانوني المعاشات رقمي 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929 لا ينطبقان على حالة المطعون ضده وإنما تنطبق عليه القوانين واللوائح الخاصة بموظفي المجالس البلدية والقروية وإنه لما كان معيناً على درجة دائمة ومشتركاً في صندوق التوفير فإن إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين قد وقعت موافقة لأحكام لائحة صندوق التوفير الخاصة بموظفي المجالس المحلية الصادرة في 28 من أغسطس سنة 1915 ولائحة استخدام هؤلاء الموظفين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 - وبتاريخ 19 من مارس سنة 1957 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض فاستأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف المطعون ضده برقم 703 سنة 74 قضائية وطلب فيه تعديل الحكم المستأنف وزيادة التعويض المحكوم له به إلى ما كان قد طلبه أمام المحكمة الابتدائية، وقيد استئناف الطاعنين برقم 787 سنة 74 قضائية وطلبا فيه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة لانقضاء أكثر من خمس سنين على تاريخ إحالته على المعاش قبل رفع دعواه وذلك عملاً بالمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات وطلبا احتياطياً رفض الدعوى استناداً إلى دفاعهما الذي أبدياه أمام محكمة أول درجة - وبتاريخ 12 يونيه سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأول المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ أربعمائة جنيه وفي موضوع الاستئناف الثاني المرفوع من الطاعنين برفضه - وأقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بالسقوط على أن حق المطعون ضده في المطالبة لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً لنص المادة 208 من القانون المدني القديم و374 من القانون القائم وأقامت قضاءها في الموضوع على أن المطعون ضده يعتبر وفقاً للمادة الثانية من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 من الموظفين المؤقتين لأنه لم يكن يجرى على راتبه حكم الاستقطاع للمعاش وأنه طبقاً للمادة 14 من قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 تكون سن الإحالة إلى المعاش بالنسبة إليه هي سن الخامسة والستين وأن القانون رقم 145 لسنة 1944 واللوائح الصادرة تنفيذاً له لا تطبق على حالة المطعون ضده لأنها لا تسري بأثر رجعي وأن تعديل المراكز القانونية بقوانين لاحقة مشروط بعدم المساس بالحقوق التي اكتسبها الموظف في ظل قوانين أو لوائح سابقة - وقد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السبب الثاني وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت في 4 من يناير سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في ثلاثة أسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويقولان في بيان السبب الأول إنهما دفعا لدى محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة لمضي أكثر من خمس سنوات على إحالته إلى المعاش قبل رفع دعواه واستندا في ذلك إلى نص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات الذي يقضى بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة وإلى ما انتهى إليه القضاء الإداري في تفسير هذه المادة من أن التعويض عن الحرمان من المرتب يأخذ حكم المرتب ويجري مجراه. لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على ما قاله من أن نص تلك المادة لا ينطبق على حالة الدعوى لأن المطالب به فيها إنما هو تعويض لا يسقط الحق في المطالبة به إلا بمضي خمس عشرة سنة وليس مرتباً ويرى الطاعنان أن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه خطأ في القانون لما هو مقرر في فقه القانون الإداري من أن مسئولية الحكومة عما تصدره من قرارات إدارية بشأن الموظفين ومن بينها القرارات الصادرة بفصلهم هي مسئولية مصدرها القانون وليس العمل غير المشروع وأن علاقة الحكومة بموظفيها علاقة تنظيمية عامة لا تحكمها نصوص القانون المدني وإنما أحكام القوانين واللوائح الصادرة بشأن هؤلاء الموظفين ومن بين هذه الأحكام نص المادة 50 من اللائحة المالية سالف الذكر وأنه إذ كان مبنى طلب التعويض في الدعوى الحالية أنه مقابل حرمان المطعون ضده من مرتبه بسبب فصله في سن الستين فإن هذا التعويض يأخذ حكم المرتب ويجرى مجراه فيسقط الحق فيه إذا لم يطالب به في مدة خمس سنوات عملاً بنص تلك المادة وذلك على أساس أن التعويض المترتب على الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام إذ هو نظيره والمقابل له.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون ليس مصدرها العمل غير المشروع وإنما القانون إلا أن هذه المحكمة سبق أن قررت في حكمها الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1962 في الطعن رقم 25 لسنة 27 قضائية أن الأصل هو أن ديون الدولة قبل الغير وديون الغير قبل الدولة تخضع لقواعد التقادم الواردة في القانون المدني ما لم يوجد تشريع خاص بها يقضي بغير ذلك ولما كان نص المادة الخمسين من القسم الثاني من اللائحة المالية للخزانة والحسابات - الذي يقضي بأن الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة - هذا النص إن هو إلا ترديد لما نصت عليه المادة 211 من القانون المدني القديم و375 من القانون القائم من أن المرتبات والأجور والمهايا تتقادم بخمس سنوات - وما كان لهذه اللائحة وهي في مرتبة أدنى من التشريع أن تعدل من أحكام التقادم الواردة في القانون - وكان المطعون ضده لم يطالب بمرتب تأخرت الدولة في أدائه وإنما بتعويض مقابل الضرر الذي لحقه بسبب قرار إداري مدعى بمخالفته للقانون وهذا التعويض يختلف عن المرتب في طبيعته وسبب استحقاقه فالمرتب دوري متجدد وهاتان الصفتان هما الضابط للحقوق التي نص القانون المدني قديمه وجديده على تقادمها بالتقادم الخمسي ذلك القانون الذي نقلت عنه اللائحة المالية حكمه في خصوص مهايا الموظفين - والمرتب أيضاً هو مقابل عمل يؤديه الموظف للدولة هذا بينما التعويض لا يدور ولا يتجدد وهو ليس مقابلاً لعمل وإنما جبر لضرر - لما كان ذلك، فإن هذا التعويض لا يجري عليه ما يجري على المرتب من تقادم بخمس سنوات وإنما يخضع في تقادمه للقاعدة العامة الواردة في المادة 208 من القانون المدني القديم والمادة 374 من القانون القائم فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة - ما دام أنه لم يرد في شأنه نص خاص يقضي بتقادمه بمدة أقصر - وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر في قضائه برفض الدفع بالسقوط فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه طبق على حالة المطعون ضده قانوني المعاشات رقم 5 لسنة 1909 ورقم 37 لسنة 1929 مع أن هذين القانونين لا يسريان إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية وذلك بصريح نص المادة 67 من القانون الأول والمادة 66 من القانون الثاني، مع استثناء الطوائف المشار إليها في هاتين المادتين والتي ليس من بينها موظفو المجالس البلدية والقروية وبذلك يخرج هؤلاء الموظفون من نطاق تطبيق قانوني المعاشات سالفي الذكر ويخضعون للقوانين واللوائح الخاصة بهم ومنها لائحة صندوق التوفير الصادر بها قرار وزير الداخلية في 28 أغسطس سنة 1915 والقانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام المجالس البلدية والقروية ولائحة الاستخدام التي أصدرها مجلس الوزراء في 9 يونيه سنة 1945 بموجب التفويض الوارد في المادة 55 من ذلك القانون - وإذ كان القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 قد نص على أن المستخدمين المشتركين في صندوق التوفير تصفى حصتهم فيه في حالات معينة منها الإحالة إلى المعاش في سن الستين مما مؤداه أن الاشتراك في هذا الصندوق بالنسبة لموظفي المجالس البلدية والقروية يقابل التثبيت بالنسبة لموظفي الحكومة فيتساوى موظف المجلس المشترك في صندوق التوفير مع موظف الحكومة المثبت من حيث الإحالة إلى المعاش في سن الستين وقد جاء قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 مؤيداً ذلك فعرفت المادة 17 منه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري وممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير ونصت المادة 15 على تطبيق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية على أن تتبع بالنسبة إلى الموظفين غير المشتركين في الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 أبريل سنة 1909 - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق على حالة المطعون ضده قانون المعاشات المذكور وقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 واعتبر سن الإحالة إلى المعاش بالنسبة إليه هي الخامسة والستون مع ما هو ثابت من أنه كان يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس وكان مشتركاً في صندوق التوفير وإذ قرر الحكم أن موظف المجلس لا يعتبر دائماً إلا إذا جرى على راتبه حكم الاستقطاع الوارد في قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون بتطبيقه قانوني المعاشات سالفي الذكر في غير مجال تطبيقهما - كما أنه إذ رفض تطبيق لائحة الاستخدام الخاصة بموظفي المجالس البلدية والقروية والصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 يونيه سنة 1945 بمقولة إنها صدرت بعد تعيين المطعون ضده وبعد تثبيته وأنها خلت من النص على الرجعية وأن المطعون ضده قد اكتسب قبل صدورها حقاً في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون أيضاً ذلك أن هذه اللائحة تسري بأثر فوري على جميع موظفي المجالس الموجودين في الخدمة وقت صدورها دون أن يعتبر ذلك تطبيقاً لها بأثر رجعي ودون أن يكون للمطعون ضده أن يتمسك باكتسابه قبل صدورها حقاً في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين لأن مركز الموظف في علاقته بالحكومة هو مركز تنظيمي أو لائحي عام وللحكومة دائماً الحق في تعديله بما تسنه من قوانين ولوائح تنظيمية عامة تسري على جميع الموظفين الشاغلين لهذه المراكز من وقت صدورها.
وحيث إن المادة 67 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 والمادة 66 من قانون المعاشات الملكية رقم 37 لسنة 1929 تنصان على أنه لا تسري أحكام هذين القانونين إلا على الموظفين والمستخدمين المربوطة ماهياتهم في ميزانية الحكومة العمومية - وعلى موظفي المصالح الست الواردة على سبيل الحصر في كل من المادتين المذكورتين استثناء من تلك القاعدة - أما غير هؤلاء من الموظفين والمستخدمين التابعين لمصالح أو جهات غير مدرجة ميزانيتها في الميزانية العامة للحكومة - ومنهم موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية الذين لم يشملهم الاستثناء السابق - فلا تجرى عليهم أحكام قانوني المعاشات سالفي الذكر وذلك لاستقلال تلك المجالس منذ إنشائها بميزانياتها عن ميزانية الحكومة - وإنما يخضع موظفو ومستخدمو المجالس البلدية والقروية للنصوص القانونية واللائحية المنظمة لشئونهم ومنها القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 بالاستناد إلى اللائحة الأساسية للمجالس المحلية الصادرة في 14 يوليه سنة 1909 والخاص بإنشاء صناديق توفير لمستخدمي تلك المجالس وتنظيم مكافآتهم عند تقاعدهم وقد جعلت المادة الثانية من ذلك القرار الاشتراك في صندوق التوفير إلزامياً لجميع المستخدمين الذين يدخلون في خدمة المجلس المحلي بعد إنشاء هذا الصندوق على استثناء العمال المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال والخدمة السائرة في الحدود المبينة في المادة المذكورة, ونصت المادة 12 من القرار المذكور على أن المستخدمين الذين يكونون في خدمة المجلس المحلي حين إنشاء صندوق التوفير بموجب هذه اللائحة ويكونون جامعين للشروط المذكورة في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية يحق لهم الاشتراك في صندوق التوفير، وأجازت هذه المادة للمجلس بعد موافقة وزارة الداخلية أن يرخص للمستخدمين المذكورين بحسبان اشتراكهم في صندوق التوفير من تاريخ دخولهم الخدمة وذلك بالشروط المبينة في المادة المذكورة، كما أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 يونيه سنة 1945 بلائحة توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها هذا القرار الذي صدر استناداً إلى التفويض الوارد في المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن نظام تلك المجالس نص في المادة 15 منه على أن "تطبق لائحة صندوق التوفير الصادر بها القرار الوزاري بتاريخ 28 أغسطس سنة 1915 في جميع المجالس البلدية والقروية - على أن تتبع بالنسبة للموظفين والمستخدمين الغير مشتركين في هذا الصندوق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المعاشات الملكية الصادر في 15 من أبريل سنة 1909" وعرفت المادة 17 من قرار بمجلس الوزراء المشار إليه الموظف الدائم بأنه الذي يشغل وظيفة دائمة مدرجة في ميزانية المجلس ذات مرتب شهري ويكون ممن يجوز لهم الانتفاع بصندوق التوفير - ومؤدى النصوص المتقدمة وباقي نصوص القرار الوزاري الصادر في 28 أغسطس سنة 1915 التي تبين كيف يجري الاستقطاع من ماهيات الموظفين المشتركين في صندوق التوفير ومآل الأموال المستقطعة وطريقة تصفيتها - مؤدى ذلك كله أن المشرع قصد إحلال صندوق التوفير لموظفي المجالس البلدية والقروية محل نظام المعاشات بالنسبة لموظفي الحكومة وجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الستون بالنسبة للموظف الدائم في تلك المجالس الذي ينتفع بصندوق التوفير أسوة بالموظف الذي يشغل وظيفة دائمة في الحكومة وينتفع بالمعاش لما كان ما تقدم، وكانت علاقة الموظف بالحكومة وبمن في حكمها كالمجالس البلدية والقروية ليست علاقة تعاقدية وإنما هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومركز الموظف في هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز للحكومة تغييره وتعديله في أي وقت بتنظيم عام جديد وفقاً لما يقتضيه الصالح العام وتسري القوانين المعدلة لهذه المراكز بأثر فوري على شاغليها ولو كانوا يشغلونها من قبل صدور هذه القوانين ودون أن يكون لهؤلاء الاحتجاج بأنهم اكتسبوا حقاً ذاتياً في ظل قانون أو نظام سابق - ومن ثم فإن أحكام القرار الوزاري الصادر في 28 من أغسطس سنة 1915 وأحكام قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 السالف الإشارة إليهما تسري على المطعون ضده ما دام أنه كان في الخدمة وقت العمل بتلك الأحكام دون أن يعتبر ذلك نفاذاً لها بأثر رجعي أو مساساً بحق اكتسبه المطعون ضده في أن لا يحال إلى المعاش قبل بلوغه سن الخامسة والستين إذ لا يعتبر الموظف قد اكتسب حقاً في ذلك إلا إذا كان قد بلغ هذه السن فعلاً في ظل قانون يجعل سن الإحالة إلى المعاش هي الخامسة والستون - لما كان ذلك كله، وكان الثابت من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي سبق عرضها على محكمة الموضوع أن المطعون ضده التحق بخدمة المجالس البلدية في 9 من سبتمبر سنة 1911 وأنه تقرر إنهاء خدمته اعتباراً من 30 نوفمبر سنة 1948 لبلوغه سن الستين وكان في هذا الوقت يشغل وظيفة رئيس حسابات بمجلس بلدي منوف وهي وظيفة دائمة ومدرجة في ميزانية المجلس وذات مرتب شهري وأن المطعون ضده كان مشتركاً في صندوق التوفير فإن مقتضى ذلك أن يكون قرار إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين موافقاً للقانون وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا القرار مخالفاً للقانون وقضى بمسئولية الطاعنين وبإلزامهما بالتعويض على أساس اعتباره المطعون ضده من الموظفين المؤقتين الذي يجري عليهم حكم الاستقطاع ويحكمهم قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 وقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929 وأن لائحة توظيف موظفي المجالس البلدية والقروية الصادرة في 9 من يونيه سنة 1945 لا تسري على المطعون ضده لالتحاقه بالخدمة وتثبيته قبل صدورها فإن هذا الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في خصوص السببين الثاني والثالث.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما سبق بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده.


 (1) نقض 11/ 4/ 1963 الطعون أرقام 229 و319 و321 لسنة 27 ق. السنة 14 ص 520.
 (2) نقض 27/ 12/ 1962 الطعن رقم 272 لسنة 27 ق السنة 13 ص 1227.


الطعن 21856 لسنة 85 ق جلسة 17 / 12 / 2017 مكتب فني 68 ق 125 ص 1169

جلسة 17 من ديسمبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل الحناوي ، نجاح موسى ومحمد قنديل نواب رئيس المحكمة ومحمد غنيـم .
-----------

(125)

الطعن رقم 21856 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم تحصيل الحكم بمدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر بقصد الاتجار . النعي عليه بخلاف ذلك . غير صحيح  .

(3) إثبات " خبرة "  " شهود " . حكم " بيانات حكم الإدانة " .

إيراد الحكم من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي ما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .

(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما دام لم يؤثر في منطقه واستدلاله .

مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

   الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟

        مثال لما لا يعد طلباً جازماً .

(6) قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        المادة 46 إجراءات جنائية . مؤداها ؟

الحكم الصادر بالحبس مع النفاذ في جريمة سرقة . واجب التنفيذ حضورياً كان أم غيابياً.  أساس ذلك ؟

إطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش استناداً لتوافر مبررات استيقاف الطاعن ومشروعية القبض عليه وتفتيشه لسبق صدور حكم واجب النفاذ بحبسه في جريمة سرقة . صحيح . نعيه بعدم إعلانه بالحكم الغيابي الاستئنافي . غير مجدٍ . علة ذلك ؟

مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش . 

(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . 

انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط . لا ينال من سلامة أقواله كدليل .

وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .

مفاد أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد ؟ 

(8) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .

توقيع القضاة مصدري الحكم أو المشتركين في المداولة مسودته . غير لازم . كفاية تحريره وتوقيعه من رئيس المحكمة وكاتبها . أساس ذلك ؟

مثال .

(9) قانون " تفسيره " . مصاريف .  

المادتان 313 ، 318 من قانون الإجراءات الجنائية . مفادهما ؟

المادة الأولى من القانون 93 لسنة 1944 . مفادها ؟

قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بكل المصاريف الجنائية دون تحديد مقدارها . صحيح . علة ذلك ؟

(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

انتهاء الحكم بمدوناته إلى اعتبار الجريمة الأولى التي دان بها الطاعن هي جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن وأن الجريمة الثانية هي جريمة إحراز مخدر بغير قصد . مغايرة منطوقه لذلك الترتيب . خطأ مادي . لا ينال من سلامته . علة وحد ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

      1– لما الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من إدانة مستقاة من أقوال شاهد الإثبات وتقريري المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية ومما ثبت من شهادة جدول جنح مستأنف نيابة .... . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في هذا الصدد في غير محله .

       2-  لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار ـــــ على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه ـــــ فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير صحيح .

      3-  لما كان ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس .

      4- لما الطاعن لا ينازع في أن ضابط الواقعة كان من بين القائمين على ضبطه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذى لا يؤثر في منطقة فإنه لا يجدى الطاعن ما يثيره بدعوى الخطأ في الإسناد ـــــ بفرض صحته ـــــ من خطأ الحكم فيما حصله من أن القائم بالضبط هو ضابط  الواقعة في حين أن القائم بالضبط هو قوة منع الارتداد ، مادام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطقة واستدلاله ، ومن ثم ينحسر عنه قالة الخطأ في الإسناد .

      5- لما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر معه محام بالجلسة الأولى وطلب سماع أقوال شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال ، إلا أنه في جلسة المحاكمة الأخيرة اكتفى بتلاوة أقوال الشاهد ولم يعاود طلب ضم دفتر الأحوال وأبدى مرافعته واختتمها بطلب البراءة . لما كان ذلك ، وكان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكانت طلبات الطاعن على النحو المار بيانه غير جازمة ولم يصر عليها الدفاع في ختام مرافعته ـــــ بل أنه تنازل صراحة عن طلب سماع شاهد الإثبات مكتفياً بتلاوة أقواله بالتحقيقات ـــــ فإنه ما يثيره بقالة إخلال المحكمة بحقه في الدفاع يكون غير سديد .

       6- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالات التلبس وأطرحه في قوله " وحيث أن من المقرر أن الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان المتهم حال توقف السيارة الأجرة التي كان يستقلها ونزوله منها حال مشاهدته للكمين الأمني واتجاهه عكس اتجاه الكمين يكون قد وضع نفسه بإرادته واختياره موضع الريب والشبهات مما يبرر لضابط الواقعة استيقافه لاستكناه حقيقة أمره فهذا الإجراء الذى اتخذه ضابط الواقعة إن هو إلا صورة من صور الاستيقاف المبرر قانوناً ، ولما كان الثابت أن ضابط الواقعة وهو في سبيل أدائه لواجباته الوظيفية المكلف بها قام بالكشف على المتهم فتبين له صدور حكم بالحبس لمدة شهرين مع النفاذ في القضية رقم .... جنح .... المقيدة برقم .... مستأنف فألقى القبض عليه وبتفتيشه عثر معه على المخدر والسلاح الناري المضبوطين ، ولما كانت المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه لأن التفتيش في هذه الحالة سيكون لازماً ضرورة لأنه من وسائل التوقي والتحوط الواجب توافرها أماناً من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته الاعتداء بما قد يكون معه من سلاح على من قبض عليه ، ولما كان ذلك ، وكان الضابط قد قبض على المتهم تنفيذاً للحكم الصادر ضده غيابياً.... في تهمة سرقة والمقيدة برقم .... مستأنف فإن تفتيشه له يكون صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته ومن ثم يكون القبض والتفتيش قد وقعا صحيحين ويصح الدليل المتولد عنهما ويكون منعى الدفاع ببطلان القبض والتفتيش على غير سند من الواقع والقانون " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلص ـــــ على النحو المار بيانه ـــــ في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من استيقاف الطاعن الذي وضع نفسه موضع الريب على نحو يبرر استيقافه ليتثبت من شخصيته ـــ وذلك عندما شاهده يترجل من السيارة التي كان يستقلها ــــ وسيره عكس اتجاه الكمين ، وأنه بالاستعلام عنه تبين أن مطلوب للتنفيذ عليه لصدور حكم ضده بالحبس لمدة شهرين مع النفاذ في جريمة سرقة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن صدر ضده حكم بالحبس مع النفاذ في جريمة سرقة ومن ثم يكون حكماً واجباً النفاذ طبقاً لنص المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على " الأحكام الصادرة بالغرامة والمصاريف تكون واجبة التنفيذ فوراً ولو مع حصول استئنافها وكذلك الأحكام الصادرة بالحبس في سرقة ، أو على متهم عائد أو ليس له محل إقامة ثابت بمصر وكذلك في الأحوال الأخرى ، إذا كان الحكم صادراً بالحبس ، إلا إذ قدم المتهم كفالة بأنه إذا لم يستأنف الحكم لا يفر من تنفيذه عند انقضاء مواعيد الاستئناف .... " ولما كان الحكم الصادر ضد الطاعن مشمولاً بالنفاذ ولا يوجد به كفالة ـــ لإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها ـــــ يقدمها الطاعن فإنه وفقاً لنص المادة سالفة البيان يحق لمأمور الضبط القضائي القبض عليه ـــــ سواء كان الحكم غيابياً أو حضورياً وتفتيشه وقائياً ، وكان ما أورده الحكم كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قُبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ، ولا يعيب الحكم ـــــ من بعد ـــــ رفضه التصريح للطاعن باستخراج شهادة من جدول محكمة الجنح المستأنف تفيد عدم إعلانه بالحكم الغيابي الاستئنافي الذى قضى بسقوط الحق في الاستئناف ـــــ باعتبار أنه طلب غير مجد في الدعوى لكون الحكم الصادر ضده في جنحة السرقة مشمولاً بالنفاذ سواء كان حضورياً أو غيابياً . فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .

     7- من المقرر أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقوال كدليل في الدعوى ، كما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم .

     8- من المقرر بأنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفى أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة 170 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ولما كان الطاعن لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذى وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة أن الحكم تلى من ذات الهيئة التي استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم توقيع جميع أعضاء المحكمة على مسودة الحكم المطعون فيه فإن ذلك لا ينال من صحته .

     9- من المقرر أن مفاد المادتين 313 ، 318 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حكم بإدانة المتهم في جريمة جاز إلزامه بالمصاريف كلها أو بعضها أما إذا لم يحكم عليه بكل المصاريف وجب أن يحدد في الحكم ما يُحكم به عليه منها ، كما تنص المادة الأولى من القانون رقم 93 لسنة 1944 بشأن الرسوم في المواد الجنائية بفرض رسم ثابت على القضايا الجنائية التي تقدم للمحاكم بفئات محددة على القضايا سواء أكانت مخالفة أو جنحة أو جناية ، وذلك على النحو الوارد بالمادة سالفة الذكر . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة المتهم ــــ الطاعن ـــــ في الجرائم المنسوبة إليه وإلزامه بالمصاريف الجنائية وليس بجزء منها ، ومن ثم فلا يلتزم بتحديد مقدارها ، إذ أنها محددة بالقانون رقم 93 لسنة 1944 سالف الإشارة إليه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

      10- لما كان ما ورد بمدونات الحكم وهو في مجال الإسناد من اعتبار الجريمة الأولى التي دان الطاعن بها هي جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن والثانية جريمة إحراز جوهر الهيروين بغير قصد من القصود ، ثم انتهى في منطوقه إلى توقيع عقوبة عن كل جريمة منها وقضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عن الأولى حال كون تلك العقوبة مقررة للتهمة الثانية كما قضى بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه عن الثانية وهى العقوبة المقررة للتهمة الأولى فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأً مادياً بحتاً ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير من حقيقة الواقع عن إدانة الطاعن بالتهمتين وأن العقوبة التي أوقعها الحكم بشأن كل منها متفقة وصحيح القانون ، إذ أن العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني ، وكان منطوق الحكم المطعون فيه واضحاً في غير لبس ولا غموض عما قصده من معاقبة الطاعن بالعقوبات الواردة فيه فلا يبطله من بعد ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد في عباراته من تقديم وتأخير مادام أنه لا يدعى أن ذلك من شأنه إيقاع اللبس في تفهم ما قضت به المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره فيما تقدم يكون على غير أساس .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

        اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه :

ــــ أحرز بغير ترخيص سلاح من الأسلحة النارية غير المششخنة محدث صوت محول إلى سلاح ناري .

ـــــ أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً ــــ هيروين ـــ في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

        وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ،  38 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، 1/1 ، 26/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه بالتهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه بالنسبة للتهمة الثانية وبمصادرة الجوهر المخدر والسلاح الناري المضبوطين . باعتبار أن إحراز الجوهر المخدر مجرداً من القصود المسماة .

        فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

      وحيث إن الطاعن ينعى في مذكرتي أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، وإحراز سلاح ناري غير مششخن بغير ترخيص ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والبطلان ؛ ذلك أنه جاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها ، وحصل في معرض بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم عاد ونفى عنه قصد الإتجار ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط الواقعة وتقرير المعمل الكيماوي دون أن يورد مضمون كل من الدليلين على نحو كاف ، ونسب الحكم إلى الشاهد سالف الذكر القول بأنه هو من قام بالقبض على الطاعن خلافاً لما قرره بمذكرته وتحقيقات النيابة العامة أن قوة منع الارتداد هي التي قامت بذلك ، ولم تجبه المحكمة إلى طلب سماع أقوال شاهد الإثبات وضم دفتر أحوال الطرق عن يوم الواقعة ، وأطرح الحكم برد غير سائغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بناء على حكم غيابي لم يعلن به وأن الحالة التي كان عليها الطاعن ما كانت تبيح لضابط الواقعة استيقافه ورفضت المحكمة إجابته لطلبه بالتصريح له باستخراج شهادة من النيابة العامة بشأن الحكم المار بيانه ، وأطرح الحكم بما لا يسوغ دفاعه بانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له عنها ، هذا إلى أن جميع أعضاء الدائرة لم يوقعوا على مسودة الحكم المطعون فيه ، وألزمته المحكمة بالمصاريف الجنائية دون أن تحدد قدرها وأخيراً فإن أسباب الحكم تناقضت مع منطوقه بشأن العقوبة التي أنزلها على الطاعن ، كل أولئك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

        وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من إدانة مستقاة من أقوال شاهد الإثبات وتقريري المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية ومما ثبت من شهادة جدول جنح مستأنف .... . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار ـــــ على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه ـــــ فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في أن ضابط الواقعة كان من بين القائمين على ضبطه ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقة فإنه لا يجدى الطاعن ما يثيره بدعوى الخطأ في الإسناد ـــــ بفرض صحته ـــــ من خطأ الحكم فيما حصله من أن القائم بالضبط هو ضابط  الواقعة في حين أن القائم بالضبط هو قوة منع الارتداد ، مادام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطقة واستدلاله ، ومن ثم ينحسر عنه قالة الخطأ في الإسناد . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر معه محام بالجلسة الأولى وطلب سماع أقوال شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال ، إلا أنه في جلسة المحاكمة الأخيرة اكتفى بتلاوة أقوال الشاهد ولم يعاود طلب ضم دفتر الأحوال وأبدى مرافعته واختتمها بطلب البراءة . لما كان ذلك ، وكان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكانت طلبات الطاعن على النحو المار بيانه غير جازمة ولم يصر عليها الدفاع في ختام مرافعته ـــــ بل أنه تنازل صراحة عن طلب سماع شاهد الإثبات مكتفياً بتلاوة أقواله بالتحقيقات ـــــ فإنه ما يثيره بقالة إخلال المحكمة بحقه في الدفاع يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالات التلبس وأطرحه في قوله " وحيث أن من المقرر أن الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان المتهم حال توقف السيارة الأجرة التي كان يستقلها ونزوله منها حال مشاهدته للكمين الأمني واتجاهه عكس اتجاه الكمين يكون قد وضع نفسه بإرادته واختياره موضع الريب والشبهات مما يبرر لضابط الواقعة استيقافه لاستكناه حقيقة أمره فهذا الإجراء الذى اتخذه ضابط الواقعة إن هو إلا صورة من صور الاستيقاف المبرر قانوناً ، ولما كان الثابت أن ضابط الواقعة وهو في سبيل أدائه لواجباته الوظيفية المكلف بها قام بالكشف على المتهم فتبين له صدور حكم بالحبس لمدة شهرين مع النفاذ في القضية رقم .... جنح .... المقيدة برقم .... مستأنف فألقى القبض عليه وبتفتيشه عثر معه على المخدر والسلاح الناري المضبوطين ، ولما كانت المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه لأن التفتيش في هذه الحالة سيكون لازماً ضرورة لأنه من وسائل التوقي والتحوط الواجب توافرها أماناً من شر المقبوض عليه إذا ما حدثته نفسه ابتغاء استرجاع حريته الاعتداء بما قد يكون معه من سلاح على من قبض عليه ، ولما كان ذلك ، وكان الضابط قد قبض على المتهم تنفيذاً للحكم الصادر ضده غيابياً ..... في تهمة سرقة والمقيدة برقم ..... مستأنف فإن تفتيشه له يكون صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته ومن ثم يكون القبض والتفتيش قد وقعا صحيحين ويصح الدليل المتولد عنهما  ويكون منعى الدفاع ببطلان القبض والتفتيش على غير سند من الواقع والقانون " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلص ـــــ على النحو المار بيانه ـــــ في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من استيقاف الطاعن الذى وضع نفسه موضع الريب على نحو يبرر استيقافه ليتثبت من شخصيته ـــ وذلك عندما شاهده يترجل من السيارة التي كان يستقلها ــــ وسيره عكس اتجاه الكمين ، وأنه بالاستعلام عنه تبين أن مطلوب للتنفيذ عليه لصدور حكم ضده بالحبس لمدة شهرين مع النفاذ في جريمة سرقة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن صدر ضده حكم بالحبس مع النفاذ في جريمة سرقة ومن ثم يكون حكماً واجباً النفاذ طبقاً لنص المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على " الأحكام الصادرة بالغرامة والمصاريف تكون واجبة التنفيذ فوراً ولو مع حصول استئنافها وكذلك الأحكام الصادرة بالحبس في سرقة ، أو على متهم عائد أو ليس له محل إقامة ثابت بمصر وكذلك في الأحوال الأخرى ، إذا كان الحكم صادراً بالحبس ، إلا إذ قدم المتهم كفالة بأنه إذا لم يستأنف الحكم لا يفر من تنفيذه عند انقضاء مواعيد الاستئناف .... " ولما كان الحكم الصادر ضد الطاعن مشمولاً بالنفاذ ولا يوجد به كفالة ـــ لإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها ـــــ يقدمها الطاعن فإنه وفقاً لنص المادة سالفة البيان يحق لمأمور الضبط القضائي القبض عليه ـــــ سواء كان الحكم غيابياً أو حضورياً وتفتيشه وقائياً ، وكان ما أورده الحكم كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قُبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ، ولا يعيب الحكم ـــــ من بعد ـــــ رفضه التصريح للطاعن باستخراج شهادة من جدول محكمة الجنح المستأنف تفيد عدم إعلانه بالحكم الغيابي الاستئنافي الذى قضى بسقوط الحق في الاستئناف ـــــ باعتبار أنه طلب غير مجد في الدعوى لكون الحكم الصادر ضده في جنحة السرقة مشمولاً بالنفاذ سواء كان حضورياً أو غيابياً ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقوال كدليل في الدعوى ، كما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بأنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفى أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة 170 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ولما كان الطاعن لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذى وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة أن الحكم تلى من ذات الهيئة التي استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم توقيع جميع أعضاء المحكمة على مسودة الحكم المطعون فيه فإن ذلك لا ينال من صحته . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مفاد المادتين 313 ، 318 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حكم بإدانة المتهم في جريمة جاز إلزامه بالمصاريف كلها أو بعضها أما إذا لم يحكم عليه بكل المصاريف وجب أن يحدد في الحكم ما يُحكم به عليه منها ، كما تنص المادة الأولى من القانون رقم 93 لسنة 1944 بشأن الرسوم في المواد الجنائية بفرض رسم ثابت على القضايا الجنائية التي تقدم للمحاكم بفئات محددة على القضايا سواء أكانت مخالفة أو جنحة أو جناية ، وذلك على النحو الوارد بالمادة سالفة الذكر . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة المتهم ــــ الطاعن ـــــ في الجرائم المنسوبة إليه وإلزامه بالمصاريف الجنائية وليس بجزء منها ، ومن ثم فلا يلتزم بتحديد مقدارها ، إذ أنها محددة بالقانون رقم 93 لسنة 1944 سالف الإشارة إليه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ورد بمدونات الحكم ــــ وهو في مجال الإسناد ــــ من اعتبار الجريمة الأولى التي دان الطاعن بها هي جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن ــــ والثانية جريمة إحراز جوهر الهيروين بغير قصد من القصود ، ثم انتهى في منطوقه إلى توقيع عقوبة عن كل جريمة منها وقضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عن الأولى- حال كون تلك العقوبة مقررة للتهمة الثانية ــــ كما قضى بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه عن الثانية ــــ وهى العقوبة المقررة للتهمة الأولى ــــ فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأً مادياً بحتاً ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير من حقيقة الواقع عن إدانة الطاعن بالتهمتين وأن العقوبة التي أوقعها الحكم بشأن كل منها متفقة وصحيح القانون ، إذ أن العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني ، وكان منطوق الحكم المطعون فيه واضحاً في غير لبس ولا غموض عما قصده من معاقبة الطاعن بالعقوبات الواردة فيه فلا يبطله من بعد ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد في عباراته من تقديم وتأخير مادام أنه لا يدعى أن ذلك من شأنه إيقاع اللبس في تفهم ما قضت به المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره فيما تقدم يكون على غير أساس . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9168 لسنة 85 ق جلسة 27 / 12 / 2017 مكتب فني 68 ق 126 ص 1181

جلسة 27 من ديسمبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / هاني مصطفي كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، إبراهيـم عبد الله ، على عبد البديع وعبـد النبي عـز الرجــال نواب رئيس المحكمة .
------------

(126)

الطعن رقم 9168 لسنة 85 القضائية

(1) اتفاق . فاعل أصلي . خطف . إكراه . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تدليل الحكم بما يسوغ ثبوت اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليهما بالإكراه . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة . أساس ذلك ؟

(2) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".

المنازعة في القوة التدليلية لشهادة شاهد الإثبات . جدل موضوعي . معاودة التصدي له أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟

أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟

(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات".

للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . رد المحكمة على دفاع الطاعن في هذا الشأن . غير لازم . علة ذلك ؟ 

(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . للمحكمة الأخذ به . متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع .

الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(5) حكم " بيانات الديباجة " . محضر الجلسة .

محضر الجلسة يكمل الحكم في إثبات بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته .

مثال .  

(6) ضرر . مسئولية تقصيرية . تعويض . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

عدم بيان الحكم عناصر الضرر المقدر علي أساسه التعويض . لا يعيبه . ما دام قد بين أركان المسئولية التقصيرية . علة ذلك ؟ 

(7) خطف . اكراه . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد والغرامة عن جريمة خطف طفل بالإكراه بوصفها الأشد تطبيقاً للمادة 32/2 عقوبات . خطأ يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة . أساس ذلك ؟

(8) خطف . عقوبة " العقوبة المبررة ". نقض " المصلحة في الطعن".

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن تهمة إحراز السلاح الناري . ما دام دانه عن تهمة الخطف ووقع عليه عقوبة واحدة تتدخل في الحدود المقررة لهذه الجريمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه ، وكان ما أثبته كافياً للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليهما بالإكراه من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلاً منهم قصَدَ قصْدَ الآخر في إيقاعها ، ومن ثمَّ يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة ، ويضحى منعاه في هذا الشأن على غير أساس .

2- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لشهادة شاهد الإثبات الأول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيا ًفي العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها بما لا تناقض فيه، مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتقديرها ، والأصل أنه متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها . 

3- لما كان للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادام أنها اطمأنت لجديتها كما هي الحال في الحكم المطعون فيه ، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي بهذا الشأن إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .

4- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة قد خصلت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذى استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره من الطاعن طواعية واختيار، وكان الطاعن لا يزعم بأنه قدم للمحكمة أي دليل على وقوع إكراه عليه ، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .

5- لما كان البين من محضر جلسة .... أنه أُثبِت به اسم المدعي بالحقوق المدنية .... والد المجني عليهما وأنه ادعى مدنياً قبل الطاعن بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم بشأن هذا البيان ، فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الصدد يكون غير مقبول .

6- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به .

7 - لما كان الحكم المطعون فيه برغم تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها ألف جنيه ، مع أن عقوبة الجريمة الأشد – وهى جريمة خطف طفل بالإكراه – طبقاً لنص المادة 288 من قانون العقوبات هي السجن المشدد مدة  لا تقل عن خمس سنوات فقط ، فإنه  يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن .

8- لما كان لا مصلحة للطاعن – من بعد – من النعي على الحكم في شأن تهمة إحراز السلاح الناري من عدم تنبيهه إلى تغيير وصفها طالما أنه قضى بإدانته عن تهمة خطف طفل بالإكراه وأوقع عليه عقوبة واحدة مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لهذه الجريمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... " طاعن " 2- ... 3- .... 4- ... ، 5- ... بأنهم :

1- خطفوا بالإكراه طفلين ذكرين لم يبلغا ثماني عشرة سنة هما / .... ، .... بأن اعترضوا طريقهما حال ذهابهما للمدرسة وجذبوهما عنوة داخل سيارة وهددوهما بأسلحة نارية " بنادق آلية " كانت بحوزتهم واقتادوهما إلى مكان قصي واحتجزوهما به ومنعوهما من العودة لذويهما على النحو المبين بالأوراق .

2- أحرز كلُ منهم سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية " حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .

3- أحرز كل منهم ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونه لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .

4- حصلوا بالتهديد على المبلغ المالي وقدره (خمسة وسبعين ألف جنيه) وذلك لإطلاق سراح المجني عليهما آنفي البيان على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

     وادعى والد المجني عليهما قبل المتهم الأول مدنيا ًبمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للباقين عملا ًبالمادتين ۲۸۸ ، 336/1 من قانون العقوبات والمواد 1/2، 6، 26/2، ۳، 4 من القانون 349 لسنة 1954 المعدل والبند (أ) من القسم الأول والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (۳) الملحق بالقانون الأول والمادتين ۲، 116 مكرراً من القانون ۱۲ لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل ، مع تطبيق المادة ۳۲ من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه ألف جنيه عما نسب إليه ، ثانياً : بمعاقبة كلٍ من .... ، .... ، .... ، .... بالسجن المؤبد وتغريم كل منهم خمسة آلاف جنيه عما نسب إليهم ، ثالثاً : بإلزام المتهم الأول بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم خطف طفلين بالإكراه والحصول بالتهديد على مبلغ نقدي وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص وألزمه بالتعويض ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يستظهر توافر الاتفاق الجنائي بين الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب الجريمة الأولى ، وعوَّل في قضائه على أقوال الشاهد الأول وهى لا تنهض دليلاً صالحاً لأن يعول عليه ، كما عوَّل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، ورد على دفاع الطاعن في هذا الشأن رداً غير سائغ ، كما لم يُعن بتحقيق ما دفع به من بطلان ما صدر عنه من اعتراف جاء وليد الإكراه المادي والمعنوي من رجال الشرطة ورد عليه بما لا يسوغ اطراحه ، هذا إلى أن الحكم خلا من بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية وصفته وعناصر الضرر الذى أصابه ، وأخيراً فإن المحكمة عدلت وصف التهمة الثانية من جناية إحراز سلاح ناري مما لا يجوز الترخيص به إلى جناية سلاح ناري آخر بغير ترخيص دون لفت نظر الدفاع ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما ومن أقوال والديهما وباقي شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه ، وكان ما أثبته كافياً للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على خطف المجني عليهما بالإكراه من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلاً منهم قصَدَ قصْدَ الآخر في إيقاعها ، ومن ثمَّ يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة ، ويضحى منعاه في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لشهادة شاهد الإثبات الأول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيا ًفي العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها بما لا تناقض فيه ، مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من سلطة محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتقديرها ، والأصل أنه متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادام أنها اطمأنت لجديتها كما هي الحال في الحكم المطعون فيه ، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي بهذا الشأن إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة قد خصلت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذى استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره من الطاعن طواعية واختيار، وكان الطاعن لا يزعم بأنه قدم للمحكمة أي دليل على وقوع إكراه عليه ، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة .... أنه أُثبِت به اسم المدعي بالحقوق المدنية .... والد المجني عليهما وأنه ادعى مدنياً قبل الطاعن بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم بشأن هذا البيان ، فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذ هو لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه برغم تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ، قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها ألف جنيه ، مع أن عقوبة الجريمة الأشد – وهى جريمة خطف طفل بالإكراه – طبقاً لنص المادة 288 من قانون العقوبات هي السجن المشدد مدة  لا تقل عن خمس سنوات فقط ، فإنه  يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن . لما كان ما تقدم ، فإنه لا مصلحة للطاعن – من بعد – من النعي على الحكم في شأن تهمة إحراز السلاح الناري من عدم تنبيهه إلى تغيير وصفها طالما أنه قضى بإدانته عن تهمة خطف طفل بالإكراه وأوقع عليه عقوبة واحدة مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لهذه الجريمة . 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ