الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مايو 2017

عدم دستورية الزام ورثة الصيدلي ببيع الصيدلية، التي آلت إليهم ميراثا

قضية 51 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 مايو سنة 2005 م، الموافق 29 من ربيع الأول سنة 1426 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ حمدي محمد علي وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية".
المقامة من
السيد الدكتور/ ...
ضد
1- السيد/ رئيس الجمهورية
2- السيد/ رئيس مجلس الشعب
3- السيد/ رئيس مجلس الشورى
4- السيد/ وزير العدل
5- السيد/ وزير الصحة
6- السيد/ رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة
7- السيد الدكتور/ ... نقيب صيادلة القاهرة
8- السيد الدكتور/ ...، عن نفسه وبصفته أمين عام نقابة الصيادلة بالقاهرة
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من فبراير سنة 2002، أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى، طالبا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (30، 31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955، و44 لسنة 1982.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 8377 لسنة 51 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بسرعة التصرف في الصيدلية التي كان يملكها والده قبل وفاته، وفي الموضوع بإلغائه، وذلك على سند من القول بأن وزارة الصحة أرسلت إليه إنذارا بسرعة التصرف في هذه الصيدلية وإلا سيتم إلغاء الترخيص لانتهاء المدة الممنوحة للورثة لإدارتها لصالحهم، فتقدم المدعي بصفته أستاذا مساعدا بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة بطلب لتمكينه من نقل ترخيص الصيدلية باسمه، فتم إخطاره بأن المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955 لا تجيز لموظفي الحكومة تملك صيدلية، وأن المادة (31) من هذا القانون تلزم الورثة بعد مرور عشر سنوات بالتصرف في الصيدلية بالبيع حتى لا تغلق إداريا، فأقام المدعى دعواه المشار إليها، وقضت تلك المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، استنادا إلى أن المدعي يشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الصيدلة، ومن ثم يتوافر في شأنه القيد الوارد في المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955، وهو ألا يكون مالك الصيدلية موظفا حكوميا. وأثناء نظر الشق الموضوعي، دفع محامى المدعي بجلسة 13/11/2001 بعدم دستورية المادتين (30)، (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له في مزاولة مهنته، يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل قضاها في مزاولة المهنة في مؤسسة حكومية أو أهلية، ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلي الذي تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية، ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكا أو شريكا في أكثر من صيدليتين أو موظفا حكوميا". وتنص المادة (31) المعدلة بالقانون رقم 44 لسنة 1982 على أنه "إذا توفي صاحب الصيدلية، جاز أن تدار الصيدلية لصالح الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية.
وفي حالة وجود أبناء للمتوفي لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفي سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب.
ويعين الورثة وكيلا عنهم، تخطر به وزارة الصحة، على أن تدار الصيدلية بمعرفة صيدلي.
وتغلق الصيدلية إداريا بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة، ما لم يتم بيعها لصيدلي".
وحيث إن المدعي ينعى على النصين المطعون فيهما تعارضهما مع نص المادة الثانية من الدستور، لمخالفتهما أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، وكذلك مخالفتهما نصوص المواد 32، 34، 40 من الدستور، بإهدارهما حق الملكية الخاصة، إذ أنهما يحظران على الصيدلي موظف الحكومة تملك صيدلية، ويجبران المالك على التصرف في ملكه على غير إرادته، وبإخلالهما بمبدأ المساواة، إذ يميزان على غير أسس موضوعية بين الأساتذة الجامعيين الصيادلة وبين غيرهم من الأساتذة الجامعيين، ومن ناحية أخرى بين بعض الصيادلة والبعض الآخر، رغم كونهم جميعا صيادلة ومقيدين بنقابة الصيادلة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا، جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يقوم ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول حرمان المدعي، الذي يعمل أستاذا مساعدا بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، من تملك الصيدلية التي آلت إليه وباقي الورثة بعد وفاة مورثهم ومطالبة إياهم ببيعها لانتهاء المهلة الممنوحة لهم، فإن مصلحة المدعي في الدعوى الماثلة تتحدد فيما نصت عليه المادة (30) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة المشار إليه، من عدم جواز أن يكون الصيدلي موظفا حكوميا، وما ألزمت به المادة (31) الورثة من بيع الصيدلية التي آلت إليهم بعد وفاة مورثهم إلى صيدلي، حتى لا تغلق إداريا بعد انتهاء المهلة التي منحتها لهم، وبهدين النصين وحدهما يتحدد نطاق الدعوى الدستورية ولا يمتد إلى ما تضمنه النصان المذكوران من أحكام أخرى.
وحيث إن الدستور إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة وتوكيدا لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي كفل حمايتها لكل فرد ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، ومن أجل ذلك حظر الدستور فرض قيود على الملكية الخاصة تنافي وظيفتها الاجتماعية أو يكون من شأنها تعطيل الانتفاع بها بما يفقدها علة وجودها وينحدر بالحماية المقررة لها إلى ما يفرغها من مضمونها، ذلك أن صون الملكية الخاصة وإعاقتها لا يجتمعان.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهقالقيود التي يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها. وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفا لها منافيا للحق فيها.
وحيث إن الحماية التي يكفلها الدستور للملكية الخاصة وبوصفها إحدى القيم الجوهرية التي يرعاها لا تقتصر على ما هو قائم فعلا من مصادرها التي استقام بها الحق في الملكية صحيحا وفق أحكام الدستور، ولكنها تمتد بداهة إلى ما هو مشروع من صور كسبها التي تعد سببا لتلقيها أو لانتقالها من يد أصحابها إلى آخرين، فلا يكون تقييد دائرتها جائزا. فالأموال التي يملكها الفرد، وكذلك ما يؤول إلى أغيار من عناصرها، هي التي قصد الدستور إلى صونها، ولم يجز المساس بها إلا استثناء، وبمراعاة الوسائل القانونية السليمة التي تقارن حق إنشائها وتغيير سندها. وينبغي بالتالي النظر إلى الحماية التي تشملها بما يقيمها وفق مفاهيم الحرية التي يمارسها الأفراد تعبيرا عن ذواتهم، وتوكيدا لحدود مسئوليتهم عن صور نشاطهم على اختلافها، فلا يكون صون الملكية إلا ضمانا ذاتيا لأصحابها، يرد عن ملكيتهم كل عدوان ينال من عناصرها.
وحيث إن الدستور يعتبر مآبا لكل سلطة وضابطا لحركتها. والأصل في النصوص التي يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازما. وكان الدستور إذ نص في المادة (34) على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولا، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثا في حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم، التي لا يجوز لأحد أن ينال منها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان نص المادة (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة قد ألزم ورثة الصيدلي ببيع الصيدلية، التي آلت إليهم ميراثا، إلى صيدلي بعد انتهاء المهلة الممنوحة لهم بالرغم من أنه يوجد من بينهم من رخص له بمزاولة مهنة الصيدلة وذلك إعمالا للحظر الوارد بنص المادة (30) من ذات القانون الذي لم يجز للصيدلي موظف الحكومة تملك صيدلية، فإنهما يكونان بذلك قد حالا بين الورثة وبين أموال دخلت الجانب الإيجابي لذمتهم المالية بطريق الميراث والذي يعد سببا مشروعا لكسب الملكية مما ينحل اعتداء على حق الإرث وإهدارا لحق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نصى المادتين (30)، (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955، و44 لسنة 1982، فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة لصيدلية، وإلزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11763 لسنة 65 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 46 ص 244

برئاسة السيد القاضي/ السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسن يحيى فرغل، طلبة مهنى محمد نائباً رئيس المحكمة، ثروت نصر الدين إبراهيم ومحمد أيمن سعد الدين.
---------------
- 1  نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. مناطه. تحقق مصلحة للطاعن في اختصام خصمه.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه.
- 2  نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعنين بطلب التعويض عن وفاة مورثهم في حادث عربة يجرها حصان قيادة المطعون ضده الأول ومملوكة للمطعون ضده الثاني بالنسبة للأخير لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وعدم التزامه بالتعويض. عدم تضمن أسباب الطعن بالنقض نعياً على القضاء السالف وحيازته بذلك قوة الأمر المقضي وصيرورته باتاً. مؤداه. انتفاء مصلحة الطاعنين في اختصامه في الطعن. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى (دعوى الطاعنين بطلب التعويض عن وفاة مورثهم في حادث عربة يجرها حصان قيادة المطعون ضده الأول ومملوكة للمطعون ضده الثاني) بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وبالتالي عدم التزامه بالتعويض، وكانت أسباب الطعن بالنقض لا تتضمن نعياً على هذا القضاء فحاز بذلك قوة الأمر المقضي وصار باتاً، ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه في الطعن ويتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
- 3  حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
الحكم الصادر في الدعوى الجنائية. حجيته أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. أثره. التزام المحكمة المدنية بتلك الحجية عند بحثها الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 أ ج، 102 إثبات. علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – إن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
- 4  مسئولية "المسئولية الشيئية: مسئولية حارس الحيوان: نفيها".
مسئولية حارس الحيوان. م 176 مدني. أساسها. خطأ مفترض وقوعه من الحارس لا يقبل إثبات العكس. ارتفاع مسئوليته إذا أثبت أن وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. السبب الأجنبي. ماهيته. القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو الغير. شرطه. عدم إمكان توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث.
إذ كانت مسئولية حارس الحيوان المقررة بنص المادة 176 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الحيوان افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه المسئولية إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر السبب أجنبياً إلا إذا كان لا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث.
- 5  محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية الشيئية: سلطتها بشأن تقدير السبب الأجنبي".
محكمة الموضوع. سلطتها في اعتبار الواقعة المدعى بها سبباً أجنبياً ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
إن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سبباً أجنبياً ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
- 6  محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لفهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. حقها في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها. شرطه. أن تكون الأدلة مستخلصة من الأوراق استخلاصاً سائغاً ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها. عدم بيان الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة لإعمال محكمة النقض رقابتها على سداده. قصور وفساد.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين أن تكون هذه الأدلة مستمدة من أوراقها ومستخلصة منها استخلاصاً لا خروج فيه على ما هو ثابت بها، وأن يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها، فإذا لم يبين الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة التي أقام عليها قضاءه حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداده فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال.
- 7 حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية الشيئية: سلطتها بشأن تقدير السبب الأجنبي".
إقامة الطاعنين الدعوى المطروحة بطلب التعويض عن وفاة مورثهم بخطأ المطعون ضده الأول أثناء قيادة الأخير لعربة يجرها حصان على أساس مسئوليته عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 مدني والتي تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه. مؤداه. عدم انتفاء مسئوليته بإثباته عدم ارتكاب الخطأ. أثره. انتفاء حجية الحكم الجنائي القاضي ببراءته من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه أمام المحكمة المدنية. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على اعتداده بحجية الحكم الجنائي ولتوافر السبب الأجنبي دون بيان سنده أو تحقيق شهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقائع مماثلة من ذات الحيوان بما يمكن معه توقع الحادث واتخاذ اللازم لدفعه. قصور ومخالفة.
إذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم..... لسنة 1990 جنح أجا أنه قضى ببراءة المتهم "المطعون ضده الأول" من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى المطروحة بالمطالبة بالتعويض على أساس مسئولية المطعون ضده الأول عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 من القانون المدني، وهي مسئولية تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه باعتباره حارساً على هذا الحيوان، ومن ثم فإن مسئوليته تتحقق ولا تدرأ عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الحيوان وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة، ومن ثم فإن الحكم الجنائي سالف البيان لا يكون له ثمة حجية أمام المحكمة المدنية تحول دون المطالبة بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم الجنائي في رفض دعوى الطاعنين ولتوفر السبب الأجنبي المتمثل في هياج الحيوان بسبب إشعال النار دون أن يبين سنده الذي أقام عليه قضاءه ويمحص ما ورد بشهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقوع حوادث مماثلة من هذا الحيوان وهو ما من شأنه إمكانية توقع وقوع الحادث واتخاذ ما يلزم لدفعه ودرء نتائجه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون معيباً بالقصور بما يُعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين – وأخرى - أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 1991 مدني المنصورة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤدياً لهم مبلغ "30000جنيه" ثلاثين ألف جنيه تعويضاً، وقالوا بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول تسبب بخطئه في وفاة مورثهم أثناء قيادته العربة يجرها حصان مملوكة للمطعون ضده الثاني وتحرر عن ذلك المحضر رقم ... لسنة 1990 جنح أجا، ولإصابتهم بأضرار مادية وأدبية فضلاً عما يستحقونه من تعويض موروث طبقاً لأحكام المسئولية المقررة بالمادتين 174، 176 من القانون المدني فقد أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 45ق لدى محكمة استئناف المنصورة والتي أحالت الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني وفيما عدا ذلك بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني فهو في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعها على غير ذي صفة لعدم توفر شروط مسئوليته كمتبوع وبالتالي عدم التزامه بالتعويض، وكانت أسباب الطعن بالنقض لا تتضمن نعياً على هذا القضاء فحاز بذلك قوة الأمر المقضي وصار باتاً، ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه في الطعن، ويتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواهم لانتفاء الخطأ في جانب المطعون ضده الأول استناداً لحجية الحكم الجنائي الصادر ببراءته، فضلاً عن أن هياج الحيوان يعد سبباً أجنبياً لا يد له فيه، ولما كانت دعواهم تقوم على أساس المسئولية عن حراسة الحيوان، فإن الحكم الجنائي الصادر ببراءة المطعون ضده الأول لا يحول دون مطالبتهم له بالتعويض لاختلاف السبب في الدعويين، لأن قوام دعواهم خطا مفترض في جانب حارس الحيوان في حين أن قوام الدعوى الجنائية خطأ واجب الإثبات، فضلاً عن أن ما صدر من الحيوان لا يعد سبباً أجنبياً يدرأ عن المطعون ضده الأول المسئولية لإمكانية توقعه ودفعه باعتباره أمراً مألوفاً من الحيوان فقد سبق حدوثه منه من قبل أكثر من مرة على نحو ما شهد به الشهود أمام المحكمة، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرت به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، وكانت مسئولية حارس الحيوان المقررة بنصر المادة 176 من القانون المدني تقوم على أساس خطاً مفترض وقوعه من حارس الحيوان افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه المسئولية إذا أثبتت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر السبب أجنبياً إلا إذا كان لا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر. سبباً أجنبياً يتقضى به الالتزام وتنتفى به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أنه من المقرر أيضاً أنه وإن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها إلا أنه يتعين أن تكون هذه الأدلة مستمدة من أوراقها ومستخلصة منها استخلاصاً لا خروج فيه على ما هو ثابت، وأن يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها حكمها، فإذا لم يبين الحكم المصدر الذي استخلص منه ثبوت الواقعة التي أقام عليها قضاءه – حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداده – فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم ... لسنة 1990 جنح أجا أنه قضى ببراءة المتهم "المطعون ضده الأول" من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى المطروحة بالمطالبة بالتعويض على أساس مسئولية المطعون ضده الأول عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 من القانون المدني، وهى مسئولية تقوم على أساس خطا مفترض في حقه باعتباره حارساً على هذا الحيوان، ومن ثم فإن مسئوليته تتحقق ولا تدر عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الحيوان وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة، ومن تم فإن الحكم الجنائي سالف البيان لا يكون له ثمة حجية أمام المحكمة المدنية تحول دون المطالبة بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم الجنائي في رفض دعوى الطاعنين ولتوفر السبب الأجنبي المتمثل في هياج الحيوان بسبب إشعال النار دون أن يبين سنده الذي أقام عليه قضاءه ويمحص مسا ورد بشهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقوع حوادث مماثلة من هذا الحيوان، وهو ما من شأنه إمكانية توقع وقوع الحادث واتخاذ ما يلزم لدفعه ودرء نتائجه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون معيباً بالقصور بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون ويوجب نقضه.

الطعن 7133 لسنة 65 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 45 ص 236

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
---------------
- 1 وكالة "انعقاد الوكالة: شرطها".
التوكيل الرسمي أو المصدق على التوقيع عليه. شرط لتمثيل المحامي للخصم في الجلسة. تخلف هذا الشرط. أثره.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تمثيل المحامي للخصم في الجلسة يجب أن يكون بمقتضى توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه، فإذا لم يكن بيد المحامي توكيل من هذا القبيل كانت المحكمة على حق إذا هي اعتبرت الخصم الذي جاء المحامي ليمثله غائباً وقضت في الدعوى على هذا الاعتبار. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 20 من مارس سنة 1995 أمام محكمة الاستئناف حضور محامي مقرراً أنه يحضر عن المستأنف ضده الأول بتوكيل سيرشد عنه، مما يدل على أن المحامي المذكور لم يكن بيده سند وكالة، فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتبرته غائباً وقضت في الدعوى على هدى من ذلك.
- 2  إعلان "الإعلان في الموطن المختار".
الموطن. المناط في تحديده. مكان الإقامة الذي يتخذه الطاعن في مراحل التقاضي السابقة على الطعن. أثره. خروج الموطن المختار عن هذا التحديد. علة ذلك.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن العبرة في تحديد الموطن هي بمكان الإقامة الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن، إذ هو الموطن الذي يجب الانتقال منه - ولو كان له موطن مختار في مقر المحكمة التي أودع بها صحيفة طعنه.
- 3  إعلان "الإعلان في الموطن المختار".
اتخاذ الشركة المطعون ضدها (المستأنفة) طيلة مراحل التقاضي سويسرا موطناً أصلياً لمركزها العام. أثره. وجوب إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد طعنها بالاستئناف. وجود موطن مختار لها بمقر المحكمة التي أودعت بها صحيفة طعنها. لا يحول دون إضافته. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة. صحيح.
إذ كان الثابت بالأوراق أن المركز العام للمطعون ضدها طيلة مراحل التقاضي هو....... بسويسرا، ومن ثم يضاف إلى ميعاد استئنافها ستون يوماً ميعاد مسافة إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون المرافعات، وإذ كان ما تقدم، وكان حكم محكمة أول درجة قد صدر بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1994، فإن ميعاد الاستئناف يمتد إلى 17 من فبراير سنة 1995، ولما كانت صحيفة الاستئناف قد أودعت بتاريخ 16 من يناير سنة 1995، فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يعتد في تحديد ميعاد المسافة بالموطن المختار، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون.
- 4 علامة تجارية "غرضها".
العلامة التجارية. غرضها. تميز المنتجات والسلع. م 1 ق 57 لسنة 1939. سبيل ذلك وغايته.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الغرض من العلامة التجارية على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقرير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها على حدة.
- 5  علامة تجارية "غرضها".
التشابه بين العلامات التجارية. معياره. الصورة التي تنطبع في الذهن ويُخدع بها المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده. مؤداه. وجوب النظر إلى العلامة في مجموعها لا إلى كل عنصر من العناصر التي تتركب منها.
المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن العبرة – في العلامات التجارية - ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى، وإنما بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الحروف أو الرموز أو الصور على بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى، والتي يُخدع بها المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده.
- 6  علامة تجارية "غرضها".
تفرد وتميز العلامة التجارية والصناعية في شكلها ومضمونها الذي يستعصى على التشابه والتطابق ويتنزه عن الخلط والشك. غايته. حماية المنتج أو المستهلك. علة ذلك.
المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن حماية العلامة التجارية أو الصناعية ليس في رفع التشابه وإنما باعتبارها من أهم الأساليب التي يلجأ إليها التجار وأصحاب المصانع لتعريف سلعهم إلى مستهلكيها فتعد حماية لكل من المنتج والمستهلك على سواء وبذلك أضحت هذه الحماية فرضاً على المشرع (التشريع الوطني والمعاهدات الدولية) إذ بواسطتها يستطيع المنتج تمييز منتجاته عن منتجات منافسيه على نحو يحميها من عيب في منتج منافس قد لا يستطيع التبرؤ منه أو تفقده القدرة على تصريفه لدى مستهلكيه أو أن تحقق لمنافسيه ميزة لا يستحقونها تزيد من قدرتهم على منافسته، وبواسطة هذه العلامة المميزة يكون للمستهلك أن يتعرف على السلعة التي يريد شراءها فلا تلتبس عليه ذاتيتها أو يفقد الجودة التي اعتاد عليها وعليه فإنه يتعين أن تكون العلامة التجارية أو الصناعية تتسم في شكلها ومضمونها بما ينبئ في ظاهرها عن الاختلاف الذي يستعصى على التشابه والتطابق ويتنزه عن الخلط والشك بل تتضمن تفرداً وتميزاً.
- 7 علامة تجارية "غرضها".
انتهاء الحكم المطعون فيه سائغاً إلى وجود تشابه بين علامتين تجاريتين من شأنه تضليل المستهلكين. الجدل في ذلك موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وقرار إدارة العلامات التجارية الصادر بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1992، ورفض تسجيل العلامة رقم 75729 المقدمة من الطاعنة على ما خلص إليه من أن هناك تشابهاً بين علامتي المطعون ضدها الأولى رقمي 74070، 63733 وبين علامة الطاعنة من حيث شكل الحروف الإنجليزية والعربية لكلمة (سمارت) وما صاحب ذلك من تصغير للشعار المميز لها ووضعه على جانب العبوة وتكبير لكلمة (سمارت)، وهو ما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين ويُثير اللبس بأن منتجات الطاعنة تنتمي إلى منتجات المطعون ضدها الأولى الأمر الذي أكده اشتراط مدير إدارة تسجيل العلامات التجارية وجوب تنازل الطاعنة لتسجيل علامتها عن كلمة (سمارت) على نحو ما جاء باستمارة تسجيلها، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه على هذا النحو سائغاً وله معينه من الأوراق، فإن ما تنعى به الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة (محكمة النقض).
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1993 تجاري شمال القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما بطلب الحكم بإلغاء قرار إدارة العلامات التجارية فيما قضى به من قبول تسجيل طلب العلامة رقم 75729 – ورفض تسجيلها – واحتياطياً بقبول تسجيل العلامة رقم 75729 بشرط استبعاد كلمة (...) منها، وقالت بياناً لذلك إنها تمتلك العلامتين رقمي 47070، 63733 من منتجات الفئة 30 من ضمنها الحلويات والبسكويت والشيكولاتة الأولى عبارة عن كلمة (...) والثانية عبارة عن كلمة (...)، وبتاريخ 21/11/1989 تقدمت الطاعة بطلب لإدارة العلامات التجارية قيد برقم 75729 لتسجيل علامة عبارة عن كلمتي (...)، (...) وهما مشابهتان للعلامتين الخاصتين بها، وإذ كان من شأن ذلك الإضرار بها وإحداث اللبس لدى جمهور المستهلكين فقد قامت بالاعتراض على تسجيل علامة الطاعنة إلا أن إدارة العلامات التجارية رفضت اعتراضها، فأقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1994 بقبول الطعان شكلاً وفى الموضوع برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 112 ق، وبتاريخ 19 من أبريل سنة 1995 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وقرار إدارة العلامات التجارية الصادر بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1992، برفض معارضة الشركة المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) وبقبولها وبرفض تسجيل العلامة رقم (...) المقدمة من الطاعنة واشتمالها على كلمة (...) (...). طعنت الطاعنة في الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث أن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف لم تعط الفرصة للحاضر عنها لتمثيل موكلها، ولم تمهله أجلاً لإثبات سند وكالته، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تمثيل المحامي للخصم في الجلسة يجب آن يكون بمقتضى توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه، فإذا لم يكن بيد المحامي توكيل من هذا القبيل كانت المحكمة على حق إذا هي اعتبرت الخصم الذي جاء المحامي ليمثله غائباً وقضات في الدعوي على هذا الاعتبار. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 20 من مارس سنة 1995 أمام محكمة الاستئناف حضور محامي مقرراً أنه يحضر عن المستأنف ضده الأول بتوكيل سيرشد عنه، مما يدل على أن المحامي المذكور لم يكن بيده سند وكالة، فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتبرته غائباً وقضت في الدعوى على هدى من ذلك، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السيبين يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً في حين أن حكم محكمة أول درجة صدر بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1994، وأودعت صحيفة الاستئناف في 16 من يناير سنه 1995 - أي بعد الميعاد - وقد منح الحكم المطاعون فيه ميعاد مسافة للمطعون ضدها الأولى مدته ستون يوماً بزعم أن موطنها خارج البلاد، حال أن لها موطناً مختاراً بالقاهرة هو مكتب الأستاذ/... المحامي، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في تحديد الموطن هي بمكان الإقامة الذي أتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن، إذ هو الموطن الذي يجب الانتقال منه-ولو كان له موطن مختار في مقر المحكمة التي أودع بها صحيفة طعنه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المركز العام للمطعون ضدها طيلة مراحل التقاضي هو ... بسويسرا، ومن ثم يضاف إلى ميعاد استئنافها ستون يوماً ميعاد مسافة إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 17 من قانون المرافعات، وإذ كان ما تقدم، وكان حكم محكمة أول درجة قد صدر بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1994، فإن ميعاد الاستئناف يمتد إلى 17 من فبراير سنة 1995، ولما كانت صحيفة الاستئناف قد أودعت بتاريخ 16 من يناير سنة 1995، فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يعتد في تحديد ميعاد المسافة بالموطن المختار، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن إدارة العلامات التجارية – وهي الجهة الفنية المختصة – قبلت تسجيل العلامة رقم ... المقدمة من الطاعنة استناداً على أنه بعد المقارنة بين علامة المطعون ضدها الأولى، وعلامة الطاعنة تبين أنهما يختلفان في الشكل العام والمظهر الخارجي وفى الجرس السمعي والصوتي ولا محل لإمكان حدوث اللبس أو الخلط بينهما، ومع ذلك لم يعتد الحكم المطعون فيه بقرار إدارة العلامات، ولم يعرض لأسباب اطراحه ما انتهى إليه الحكم المستأنف وما جاء بتقرير الخبير، هذا إلى أن هناك اختلافاً جوهرياً بين العلامتين على نحو يميز كلاً منهما عن الأخرى إذ جاءت كلمة (...) باللون الأبيض بعبوات ومنتجات الطاعنة داخل شكل مميز باللون الأحمر أسفله خط عريض باللون الأزرق، بينما علامتي المطاعون ضدها الاولي رقمي (...)، (...) وهما (...) باللغة الإنجليزية، و(...) باللغة العربية لا يجاورهما أي رسوم أو أشكال أو نقوش على نحو رفع شبهة اللبس كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن الغرض من العلامة التجارية على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقرير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها على حدة، فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى، وإنما بالصورة العامة التي تتطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الحروف أو الرموز أو الصور على بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى، والتي يخدع بها المستهلك المتوسط الحرص والانتباه لا الرجل الفني وحده، فحماية العلامة التجارية أو الصناعية ليس في رفع التشابه وإنما باعتبارها من أهم الأساليب التي يلجأ إليها التجار وأصحاب المصانع لتعريف سلعهم إلى مستهلكيها فتعد حماية لكل من المنتج والمستهلك على سواء وبذلك أضحت هذه الحماية فرضاً على المشرع (التشريع الوطني والمعاهدات الدولية) إذ بواسطتها يستطيع المنتج تمييز منتجاته عن منتجات منافسيه على نحو يحميها من عيب في منتج منافس قد لا يستطيع التبرؤ منه أو تفقده القدرة على تصريفه لدى مستهلكيه أو أن تحقق لمنافسيه ميزة لا يستحقونها تزيد من قدرتهم على منافسته، وبواسطة هذه العلامة المميزة يكون للمستهلك أن يتعرف على السلعة التي يريد شراءها فلا تلتبس عليه ذاتيتها أو يفقد الجودة التي اعتاد عليها وعليه فإنه يتعين أن تكون العلامة التجارية أو الصناعية تتسم في شكلها ومضمونها بما ينبئ في ظاهرها عن الاختلاف الذي يستعصى على التشابه والتطابق ويتنزه عن الخلط والشك بل تتضمن تفرداً وتميزاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وقرار إدارة العلامات التجارية الصادر بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1992، ورفض تسجيل العلامة رقم (...) المقدمة من الطاعنة على خلص إليه من أن هناك تشابهاً بين علامتي المطاعون صدها الأولى رقمي (...)، (...) وبين علامة الطاعنة من حيث شكل الحروف الإنجليزية والعربية لكلمة (...) وما صاحب ذلك من تصغير للشعار المميز لها ووضعه على جانب العبوة وتكبير لكلمة (...)، وهو ما من شأنه تضليل جمهور المستهلكين ويثير اللبس بأن منتجات الطاعنة تنتمي إلى منتجات المطعون ضدها الأولي، الأمر الذي أكده اشتراط مدير إدارة تسجيل العلامات التجارية وجوب تنازل الطاعنة لتسجيل علامتها عن كلمة (...) على نحو ما جاء باستمارة تسجيلها، وكان استخلاص الحكم المطعون فيه على هذا النحو سائغاً وله معينه من الأوراق، فإن ما تنعى به الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تتحسر عنه رقابة هذه المحكمة
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 2617 لسنة 64 ق جلسة 26 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 44 ص 231

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد, عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي, صلاح الدين كامل أحمد ومحمود حسن التركاوي نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1  تعويض "الخطأ الموجب للتعويض".
تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. امتداد رقابتها إلى تقدير الوقائع المؤدية إلى استخلاص الخطأ والظروف المؤثرة في تقديره واستخلاصه.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وأن رقابة هذه المحكمة تمتد إلى تقدير الوقائع المؤدية إلى استخلاص الخطأ منها والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه.
- 2  عقد "تنفيذ العقد".
حق المتعاقد في الامتناع عن تنفيذ التزامه. نطاقه. العقود الملزمة للجانبين. مناطه. عدم وفاء المتعاقد الآخر بالتزامه الذي أوجب العقد عليه البدء في تنفيذه. م 161 مدني.
للمتعاقد في العقود الملزمة للجانبين الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه، إذا لم يف المتعاقد الآخر بما التزم به إذا كان العقد قد أوجب على الأخير أن يبدأ هو بتنفيذ التزامه إعمالاً لحكم المادة 161 من القانون المدني.
- 3  عقد "تنفيذ العقد".
تمسك الطاعنة باستمرار العقد المبرم بينها وبين المطعون ضده الأول بتكليفها له بتنفيذ التزاماته. تراخي الأخير عن تنفيذها لمدة تقرب من ثلاث سنوات صدر خلالها قرار وزاري أدى إلى استحالة تنفيذ الطاعنة لالتزاماتها. أثره. ارتفاع ركن الخطأ الموجب لمسئوليتها عن إمساكها عن تنفيذ التزاماتها المقابلة سواء قبل أو بعد صدور هذا القرار. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك. خطأ.
إذ كان البادي من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات خطأ الطاعنة على سند من أن "تراخي الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) في إنجاز ما أعلنت عنه إدارتها منذ تاريخ المعاينة في 17 من أكتوبر سنة 1976 حتى صدور قرار نقل النشاط للشركة الثانية بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1978 يشكل عنتاً بالمستأنف لا ترى المحكمة له مبرراً في الأوراق، ولم تفصح الشركة المستأنف عليها تبريراً له إلا أنه يرتب في ذمتها أركان المسئولية التقصيرية في نطاق المادة 163 مدني"وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه ليس من شأنه أن يشكل بذاته خطأ موجباً للمسئولية، ذلك بأن الخطاب المرسل من الطاعنة المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1976 المتضمن رغبتها في استمرار العقد قد تضمن شرطين لنفاذه واستمرار التعامل بينهما، وهو سداد المطعون ضده الأول مبلغ 1628 جنيه مع إعداد مكان خاص لممارسة النشاط، وهو ما لم يحاول المطعون ضده الأول تحقيقهما بما يجيز للطاعنة التمسك بعدم تنفيذ التزامها المقابل قبل قيامه بتنفيذ هذين الشرطين، ولما كان الثابت أن المطعون ضده الأول لم يقم بتنفيذهما إلا بعد انقضاء ما يقرب من ثلاث سنوات، صدر خلالها القرار الوزاري رقم 118 لسنة 1978 باستبعاد نشاط الغاز السائل عن الطاعنة وإسناده للمطعون ضدها الثانية، على نحو يستحيل على الطاعنة تنفيذ التزامها بإمداده بهذا الغاز، بما يرتفع معه توفر ركن الخطأ الموجب لمسئوليتها، سواء قبل نقل نشاط الغاز إلى المطعون ضدها الثانية أو بعده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ..... لسنة 1984 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية على كل من الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية وذلك ابتغاء الحكم بصحة ونفاذ عقد الوكالة بالعمولة المبرم بينه وبين الطاعنة، واحتياطياً في حالة استحالة التنفيذ بإلزامهما بأداء مبلغ 59247 جنيه تعويضاً على الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، وذلك على سند من القول إنه بموجب عقد الوكالة سالف البيان المؤرخ في 29 من أغسطس سنة 1969 تعاقد مع الطاعنة على أن يكون وكيلاً لها بالعمولة في توزيع أسطوانات الغاز السائل، وذلك بمدينتي فاقوس والحسينية واستمر تنفيذ هذا العقد حتى تعرضت المنشأة التي يمارس فيها هذا النشاط لحريق بتاريخ 3 من يناير سنة 1975، فتوقف عن تنفيذ هذا العقد، ورغبة منه في استمرار التعامل مع الطاعنة فقد أنذرها بتاريخ 25 من يناير سنة 1975، فوافقت على ذلك بخطابها المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1976، فقام على أثر ذلك بتجهيز مكان جديد، إلا أنها تقاعست عن تنفيذ ما وافقت عليه، فأقام الدعوى للقضاء بطلباته سالفة البيان، وبجلسة 30 من أبريل سنة 1985 عدل المطعون ضده الأول طلباته إلى طلب الحكم باستمرار عقد الوكالة موضوع الدعوى ونفاذه مع إلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً على الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 30 من يناير سنة 1990 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 107 ق، وبتاريخ 19 من يناير سنة 1994 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ عشرة آلاف جنيه جبراً للأضرار المدعاة. طعنت الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تحصيل وفهم الواقع في الأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إلزامها بأداء مبلغ عشرة آلاف جنيه للمطعون ضده الأول تعويضاً عما أصابه من أضرار، وارتكنت على توفر رکن الخطأ في حقها عملاً بالمادة 163 من القانون المدني من أنها تراخت وتعنتت في عدم تنفيذ التزامها بإعادة التعامل مع المطعون ضده الأول منذ صدور خطابها المؤرخ في 17 من أكتوبر سنة 1976 حتى صدور القرار الوزاري بنقل نشاط الغاز السائل منها إلى المطعون ضدها الثانية بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1978، بالرغم من تمسكها بأن المطعون ضده الأول لم ينفذ الشروط المطلوبة منه لإعادة التعامل معه وهو سداد مبلغ 1628 جنيه وإعداد مكان خاص لمزاولة هذا النشاط وتراخيه في تنفيذ هذين الشرطين منذ موافقتها علي استمرار التعامل معه في 17 من أكتوبر سنة 1986 حتى تاريخ 16 من أغسطس سنة 1978 وهو تاريخ لاحق على صدور القرار الوزاري رقم 118 لسنة 1978 بنقل تبعية النشاط للمطعون ضدها الثانية، مما ترتب على ذلك، استحالة تنفيذ التزامها، وإذ لم يُعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض، بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض وأن رقابة هذه المحكمة تمتد إلى تقدير الوقائع المؤدية إلى استخلاص الخطأ منها والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه، وأن للمتعاقد في العقود الملزمة للجانبين الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه، إذا لم يف المتعاقد الآخر بما التزم به إذا كان العقد قد أوجب على الأخير أن يبدأ هو بتنفيذ التزامه إعمالاً لحكم المادة 161 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان البادي من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات خطأ الطاعنة على سند من أن "تراخي الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) في إنجاز ما أعلنت عنه إدارتها منذ تاريخ المعاينة في 17 من أكتوبر سنة 1976 حتى صدور قرار نقل النشاط للشركة الثانية بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1978 يشكل عنتاً بالمستأنف لا ترى المحكمة له مبرراً في الأوراق، ولم تفصح الشركة المستأنف عليها تبريراً له إلا أنه يرتب في ذمتها أركان المسئولية التقصيرية في نطاق المادة 163 مدني" وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه ليس من شأنه أن يشكل بذاته خطأ موجباً للمسئولية، ذلك بأن الخطاب المرسل من الطاعنة المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1976 المتضمن رغبتها في استمرار العقد قد تضمن شرطين لنفاذه واستمرار التعامل بينهما، وهو سداد المطعون ضده الأول مبلغ 1628 جنيه مع إعداد مكان خاص لممارسة النشاط، وهو ما لم يحاول المطعون ضده الأول تحقيقهما بما يجيز للطاعنة التمسك بعدم تنفيذ التزامها المقابل قبل قيامه بتنفيذ هذين الشرطين، ولما كان الثابت أن المطعون ضده الأول لم يقم بتنفيذهما إلا بعد انقضاء ما يقرب من ثلاث سنوات، صدر خلالها القرار الوزاري رقم 118 لسنة 1978 باستبعاد نشاط الغاز السائل عن الطاعنة وإسناده للمطعون ضدها الثانية، على نحو يستحيل على الطاعنة تنفيذ التزامها بإمداده بهذا الغاز، بما يرتفع معه توفر ركن الخطأ الموجب لمسئوليتها، سواء قبل نقل نشاط الغاز إلى المطعون ضدها الثانية أو بعده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل، ولما تقدم، وكان الاستئناف الحالي قد افتقر إلى سند صحيح من القانون، وكان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى رفض الدعوى، ومن ثم يتعين القضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.