الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الطعن 206 لسنة 19 ق جلسة 3 / 1 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 58 ص 344

جلسة 3 يناير سنة 1952

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
------------
(58)
القضية رقم 206 سنة 19 القضائية

نقض:
(أ ) حكم. صحته على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن. ليست وجهاً لعدم قبوله شكلاً. هي سبب لرفضه موضوعاً.
(ب) حكم. قبوله المانع من الطعن فيه. شرطه. حكم بإحالة الدعوى على دائرة الإيجارات. حضور المحكوم عليه أمام هذه الدائرة ومرافعته في الدعوى. لا يعتبر قبولاً. هذا حكم واجب النفاذ قانوناً.
(ج) طعن وارد على إحدى الدعامتين المقام عليهما الحكم. الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمله. طعن غير منتج.

-----------
1 - إن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل هي تكون سبباً لرفضه موضوعاً.
2 - يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقول أو عمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحتمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم القاضي بإحالة الدعوى على الدائرة المختصة بقضايا الإيجارات من مجرد مرافعته أمام محكمة الإحالة في هذه الدعوى إذ هذا الحكم واجب النفاذ قانوناً.
3 - إذا كان الحكم مقاماً على دعامتين، مستقلة كلتاهما عن الأخرى، وكان الطعن وارداً على إحداهما ولا مساس له بالأخرى وكانت الدعامة الأخرى كافية وحدها لحمل قضائه، كان هذا الطعن غير منتج.


الوقائع

في يوم 19 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 8 من مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 185 - 66 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً باختصاص الدائرة الثانية عشرة بمحكمة مصر الابتدائية بنظر الدعوى باعتبار أن عقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 يخضع في تحديد حقوق طرفيه إلى أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 2765 - 70 ق من محكمة مصر الابتدائية المختلطة بتاريخ 18 من إبريل سنة 1946 و12 من يونيه سنة 1947 واحتياطياً رفض الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلي إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 24 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 8 من يناير سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 28 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن واحتياطياً برفضه وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 12 من فبراير سنة 1950 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وفي 25 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد.. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفعين بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وثانياً برفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 20 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

.... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى رقم 2529 سنة 1948 كلي مصر أمام الدائرة المختصة بنظر قضايا الإيجارات بمحكمة مصر على الطاعن عن نفسه وبصفته رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للسينما ونيقولا جاللى وابزيدور ليفي وطلبوا فيها الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة الآخرين بإخلاء العين المؤجرة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ في 19 من إبريل سنة 1936 وتسليمها إليهم بما عليها من مبان وملحقات وقالوا شرحاً لدعواهم أنه في 19 من إبريل سنة 1936 أجروا قطعة أرض فضاء مساحتها 735 متراً مبينة الحدود بالعقد إلى نيقولا جاللى الايطالي الجنسية ليقيم عليها دار للسينما بمبان ثابتة وما يتعبها من ملحقات ودكاكين حسب رغبته لمدة ثمان سنوات من أول يونيه سنة 1936: 31 من مايو سنة 1944 بإيجار شهري مقداره ثمانية جنيهات عن السنوات الخمس الأولى وخمسة عشرة جنيهاً عن ثلاث السنوات التالية وأنهم استصدروا حكماً بالإخلاء في الدعوى رقم 589 سنة 1947 المنيا ضد نيقولا جاللى إلا أن الطاعن استشكل في تنفيذه بحجة أنه مستأجر بموجب عقد إيجار محرر في ديسمبر سنة 1946 صادر له من ليفي الذي استأجر بدوره من نيقولا جاللى، وقضى بقبول الإشكال ووقف تنفيذ الحكم - وأسسوا دعواهم على أن عقد الإيجار المحرر بينهم وبين المستأجر الأصلي منه يحرم التأجير من الباطن لمدة تزيد على مدة العقد الأصلي - وفي 23 من يناير سنة 1949 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على الدائرة الخامسة لجلسة 23 من يناير سنة 1949 لاختصاصها بنظرها وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 121 سنة 1947 استثنى من نطاق تطبيقه الأرض الفضاء بمقتضى المادة الأولى منه، كما نص في المادة الخامسة عشرة منه على أن تظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة. وأنه لا يغير من هذا النظر أن الأرض الفضاء المؤجرة قد اتفق على إقامة مبان عليها إذ أن ذلك لا يؤثر على طبيعة العقد فإنه ينصب على أرض فضاء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء باختصاص دائرة الإيجارات بنظرها وإحالتها عليها للفصل فيها من جديد مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف فدفع المستأنف عليهم بعدم جواز الاستئناف لأسباب ذكروها. وفي 8 من مايو سنة 1949 قضت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته عليها من أسباب. فقرر الطاعن الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم قبول الطعن لسببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه يصح حمله على غير الأسباب التي ينصب عليها الطعن إذ ورد به "إن قانون إيجارات الأماكن الذي تبني الشركة "الطاعنة" دفاعها على أساسه يشترط لجواز الإفادة من أحكامه أن يكون التأجير من الباطن حاصلاً بتصريح كتابي من المؤجر وقت التأجير متى كان عقد الإيجار سابقاً على 30 من ديسمبر سنة 1943 ولا يغني عن التصريح الخاص ما يتضمنه عقد الإيجار الأصلي من تصريح عام ولا ريب أن المرجع في تحديد العلاقة بين المالك أو المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه عن الإجارة هو القانون المعمول به حالياً لأنه وحده هو الذي ينظم العلاقة بين المستأجرين والمؤجرين" وأنه لما كانت هذه الأسباب كافية لحمل الحكم ولم يطعن عليها الطاعن كان الطعن عليه، غير مقبول، ويتحصل السبب الآخر في أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه في 8 من مايو سنة 1949 أحيلت الدعوى لجلسة 29 من مايو سنة 1949 على إحدى الدوائر الأخرى تنفيذاً للحكم المطعون فيه، وحضر الطرفان أمامها وأجلت القضية مراراً ثم حجزت للحكم وقدمت المذكرات ثم فتح باب المرافعة فيها وأحيلت أخيراً على محكمة عابدين الجزئية للفصل فيها. وحجزت أمامها للحكم ولم يفكر الطاعن في الطعن في الحكم إلا في 19 من ديسمبر سنة 1949 مما يفيد أنه قد رضي به رضاء يمتنع معه عليه الطعن فيه بالنقض.
ومن حيث إن هذا الدفع بسببيه مردود أولاً: بأن صحة حمل الحكم على غير الأسباب التي أقيم عليها الطعن لا تعتبر وجهاً لعدم قبوله شكلاً بل تكون سبباً لرفضه موضوعاً. وثانياً بأنه يشترط في القبول الضمني للحكم أن يكون بقبول أو حمل أو إجراء يدل دلالة واضحة لا تحمل الشك على ترك الحق في الطعن فيه. فلا يصح أن يستخلص قبول المحكوم عليه للحكم من المرافعة أمام محكمة الإحالة متى كان الحكم واجب النفاذ قانوناً كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ فصل في النزاع على خلاف الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في القضية رقم 2765 سنة 65 ق. أخطأ في القانون ذلك أن المطعون عليهم رفعوا الدعوى المشار إليها وطلبوا فيها الحكم بالإخلاء لانتهاء مدة التأجير ولأن العين المؤجرة أرض فضاء لا يستفيد مستأجرها بالحماية التي فرضها الأمر العسكري رقم 315 المعدل بالأمر رقم 598، فأصدرت المحكمة المذكورة حكمها في هذا النزاع في 18 من إبريل سنة 1946 قاضياً بصفة انتهائية برفض طلب الإخلاء على أساس على أن المطعون عليهم يمتلكون بحكم القانون وبحكم نص العقد المباني التي أقيمت على الأرض اعتباراً من 31 مايو سنة 1944 وأن الإيجار المتفق عليه يشمل إيجار هذه المباني وأن طلب الإخلاء والحالة هذه مما يتعارض مع نصوص الأمر العسكري المشار إليه، كما قضت بصفة انتهائية في 12 من يونيو سنة 1947 برفض طلب المطعون عليهم زيادة الأجرة المتفق عليها إلى ثمانين جنيهاً على أساس أن الأمر العسكري رقم 598 قد حدد تحديداً قاطعاً الأجرة القانونية التي يجب على المستأجر دفعها كما حدد الزيادة التي أباحها فلا يجوز للمطعون عليهم طلب زيادتها في غير الحدود التي أجازها الأمر العسكري السابق الإشارة إليه، وأنه لما كان الحكمان قد صدرا بين نفس الخصوم وحازا قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى تحديد موضوع عقد الإيجار بحيث لا يجوز أن يعتبر العقد بعد ذلك منصباً على قطعة أرض فضاء تحدد حقوق طرفيه وفقاً للقانون العام بل أصبح عقد إيجار مبان تتحدد حقوق طرفيه وفقاً لقواعد القانون الخاص بتحديد العلاقات بين المؤجر والمستأجر، ومن ثم كان من المتعين على المحكمة أن تلتزم في قضائها هذين الحكمين وأنها إذ قررت أن موضوع الدعوى يخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 الخاص بتحديد العلاقة بين المؤجرين - والمستأجرين أهدرت حجية الحكمين الصادرين من محكمة مصر المختلطة وبالتالي خالفت نص المادة 405 من القانون المدني.
ومن حيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم إذ قرر أن وجود المباني على الأرض لا يغير من طبيعة العقد ولا يجعل من مستأجرها مستحقاً لحماية الشارع بما تخوله القوانين الاستثنائية لمستأجري المساكن لما في طبيعتها من قيود. قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه من المسلم أنه إذا رخص للمستأجر في إقامة مبان على قطعة الأرض المؤجرة على أن تؤول ملكيتها عند انتهاء مدة الإجارة إلى المؤجر فإن ملكية المؤجر لهذه المباني تعتبر أنها مستقرة له ابتداء من تاريخ إقامتها وتغير في طبيعة موضوع العقد من أرض فضاء إلى أرض مقام عليها مبان ويؤكد هذا النظر اعتراف المطعون عليهم بأن عقد الإيجار قد شمل الأرض كما شمل المباني المقامة عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وهى الدائرة المخصصة للفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947. أقام قضاءه على دعامتين الأولى - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لا تسري أحكامه عملاً بالمادة الأولى منه على الأراضي الفضاء، وأن موضوع العقد هو أرض فضاء - والأخرى - أن الطاعن بصفته وهو مستأجر من الباطن قد أستأجر المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك في تاريخ التأجير وأن التصريح العام في العقد الأصلي بالتأجير من الباطن لا يعمل به لأنه سابق على 22 من ديسمبر سنة 1943.
ومن حيث إنه لما كان الحكم يقوم على الدعامة الثانية وحدها التي لم يمنع عليها الطاعن يكون النعي في سببي الطعن على الدعامة الأولى وحدها غير منتج. والحكم فيما قرره بالنسبة إلى الدعامة الثانية لا يتعارض مع قضاء المحكمة المختلطة الصادر في 18 من إبريل سنة 1946 قبل العمل بالقانون رقم 121 سنة 1947 إذا لم يكن مطروحاً عليها موضوع عقد التنازل الصادر للطاعن الذي لم يكن خصماً في تلك الدعوى، ومن ثم يتعين رفض الطعن

الطعن 55 لسنة 20 ق جلسة 14 / 2 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 83 ص 492

جلسة 14 من فبراير سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
--------------
(83)
القضية رقم 55 سنة 20 القضائية

تزوير.
)أ) حكم برد وبطلان ورقة - عدم ندب المحكمة خبيراً لإجراء المضاهاة. تكوين اقتناعها بتزوير البصمة من أوراق الدعوى ووقائعها. لا مخالفة في ذلك للقانون.
(ب) مضاهاة. أوراق للمضاهاة. لكل من الخصوم في دعوى التزوير أن يقدم للمحكمة ما يريد من هذه الأوراق. المحكمة غير ملزمة بمطالبة الخصوم بتقديم شيء منها.

--------------
 (1)إن القانون لا يوجب على المحكمة ندب خبير لتحقيق بصمة الختم المطعون فيها بالتزوير بل أن لها متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين اقتناعها بتزوير هذه البصمة أن تحكم برد وبطلان الورقة من غير أن تحيل الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود.
 (2)للمدعى عليه بالتزوير أن يقدم إلى المحكمة الأوراق التي يرى إجراء المضاهاة عليها ولكن ليست المحكمة ملزمة بأن تطلب إليه شيئاً منها. وذلك تفريعاً عن الأصل القاضي بأن إحالة الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو شهادة الشهود إنما محلها إذا لم تقتنع المحكمة من وقائع الدعوى ومستنداتها برأي في شأن الورقة المطعون فيها بالتزوير ومن ثم فإنه يكون في غير محله النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تطلب منه المحكمة أوراقاً لإجراء المضاهاة مكتفية بما قدمه المطعون عليه من هذه الأوراق.


الوقائع

في يوم 25 من فبراير سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 4 من ديسمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 58 سنة 1946 س - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 28 من فبراير سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 14 من مارس سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 5 من إبريل سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 15 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 14 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 31 من يناير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1380 سنة 1941 مدني البلينا على الطاعن يطلب تثبيت ملكيته إلى 15 قيراطاً و6 أسهم مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف المنازعة والتسليم. فدفع الطاعن بأنه تملك العين المذكورة بطريق الشراء من المطعون عليه بموجب عقد شراء مؤرخ في 9 من سبتمبر سنة 1939 ومصدق عليه في 23 منه ومسجل في 27 منه - فطعن المطعون عليه في هذا العقد بالتزوير - وفي 20 من مارس سنة 1945 قضت المحكمة برد وبطلان العقد المذكور. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 58 سنة 1946 سوهاج. وفي 2 من يونيه سنة 1946 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى على التحقيق وفي 4 من ديسمبر سنة 1949 قضت بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، حاصل أولهما مخالفة الحكم للقانون إذ لم يندب خبيراً لتحقيق صحة بصمة الختم الموقع بها على عقد البيع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن القانون لا يوجب على المحكمة ندب خبير لتحقيق بصمة الختم المطعون فيه بالتزوير، بل إن لها متى كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لتكوين اقتناعها بتزوير هذه البصمة أن تحكم برد وبطلان الورقة المطعون فيها من غير أن تحيل الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو سماع الشهود.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو مخالفة الحكم للقانون وإخلاله بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تطلب منه المحكمة أوراقاً لإجراء المضاهاة عليها مكتفية بما قدمه المطعون عليه من أوراق.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه إذا كان للمدعى عليه بالتزوير - إن شاء أن يقدم إلى المحكمة الأوراق التي يرى إجراء المضاهاة عليها - فإن المحكمة ليست ملزمة بأن تطلب إليه شيئاً من ذلك، وذلك تفريعاً عن الأصل القاضي بأن إحالة الدعوى على التحقيق بالمضاهاة أو شهادة الشهود إنما محلها إذا لم تقتنع المحكمة من وقائع الدعوى ومستنداتها برأي في شأن الورقة المطعون فيها بالتزوير.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثالث القصور في التسبيب من وجهين: الأول إذا لم يجبه إلى طلبه بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1946 تعيين خبير لإجراء المضاهاة، والثاني إذ لم يرد على ما جرح به شهادة شهود المطعون عليه في خصوص سبب وجودهم بالمحكمة وقت التصديق على العقد المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأنه تكرار لما ورد بالسبب الثاني وسبق الرد عليه، ومردود في الوجه الثاني منه بأنه مجادلة في تقدير الأدلة مما لا يصح طرحه على هذه المحكمة، ذلك لأن الاعتبار بشهادة الشهود أو عدمه مرده إلى اطمئنان محكمة الموضوع.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 92 لسنة 20 ق جلسة 28 / 2 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 95 ص 555

جلسة 28 من فبراير سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
---------------
(95)
القضية رقم 92 سنة 20 القضائية

إجارة:
فسخ عقد المستأجر الأصلي يترتب عليه حتماً انقضاء عقد المستأجر من الباطن ولو كان قائماً بحسب شروطه. لا يلزم لسريان حكم فسخ العقد الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير. لا أهمية لثبوت تاريخ عقد المستأجر من الباطن قبل أو بعد رفع دعوى الفسخ. عدم علم المستأجر من الباطن بسبب الفسخ وقت استئجاره لا أهمية له. لا لزوم للتنبيه على المستأجر من الباطن بالإخلاء لكي يسري عليه الحكم فسخ العقد الأصلي. لا أحقية للمستأجر من الباطن في تملك الثمار بعد فسخ عقد المستأجر الأصلي.

--------------
إن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها وأنه لا يلزم لسريان حكم فسخ عقد المستأجر الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير ولا يهم في هذه الحالة أن يكون عقد المستأجر من الباطن ثابت التاريخ قبل رفع دعوى الفسخ أو بعد رفعها كما لا يهم أن يكون عالماً بسبب الفسخ وقت استئجاره أو غير عالم به ولا يشترط كذلك أن ينبه عليه بالإخلاء لكي يسري عليه حكم فسخ عقد الإيجار الأصلي إذ هو لا يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير كما أن حيازته العرضية للأطيان المؤجرة لا تخوله حق تملك الثمار بعد انقضاء عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي إذ يصبح حائزاً بلا سند.


الوقائع

في يوم 28 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 29 من ديسمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 147 سنة 1 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 29 من مارس سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 16 من إبريل سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها - وفي 7 من مايو سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 22 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد - وفي 6 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد، وفي 25 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 14 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم المحامي عن الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه في 22 من فبراير سنة 1932 أجر عباس متولي رجب بصفته ناظراً على وقف أبيه 347 فدان و4 قيراط و2 سهم، إلى فيليب شيحه لمدة ست سنوات ابتداء من سنة 1932 الزراعية حتى نهاية نوفمبر سنة 1937 بإيجار مقداره 10422 جنيهاً بما في ذلك الأموال الأميرية ونص في البند الخامس من عقد الإيجار على أن المؤجر قبض كامل الإيجار ومقداره 8322 جنيهاً بعد خصم الأموال - وفي ذات التاريخ باعت السيدة ليلى شيحه (زوجة المستأجر) 93 فدان إلى المؤجر خصم من ثمنها مبلغ 5000 جنيه مما استحق على المستأجر بمقتضى عقد الإيجار وفي 23 من نوفمبر سنة 1932 أجر فيليب شيحه الأطيان المؤجرة إليه إلى المطعون عليه بعقد أثبت تاريخه في 24 من نوفمبر سنة 1932 لمدة خمس سنوات من سنة 1932 الزراعية إلى آخر نوفمبر سنة 1937 بإيجار إجمالي مقداره 2000 جنيه ونص في العقد على أن المؤجر قبض كامل الإيجار مقدماً، وقد أجر المطعون عليه هذه الأطيان إلى خليفة السلماوي لمدة سنة من نوفمبر سنة 1936 لغاية نوفمبر سنة 1937 بإيجار مقداره 694 جنيهاً وفي 29 من ديسمبر سنة 1932 أقام عباس متولي رجب دعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة على فيليب شيحه وزوجته ومرتهني العقار المبيع إليه. طلب فيها الحكم بفسخ عقدي البيع والإيجار المشار إليهما فيما سبق - فقضي له في 20 من نوفمبر سنة 1934 بطلباته - وفي 24 من نوفمبر سنة 1942 أقامت وزارة الأوقاف التي حلت محل عباس رجب الدعوى الحالية على ورثة فيليب شيحه والمطعون عليه وخليفة السلماوي وطلبت الحكم فيها على كل من المدعى عليهم بما يقابل مدة انتفاعه بالأطيان المؤجرة والتي قضي بفسخ عقد تأجيرها - وقد قضي في الدعوى المذكورة غيابياً بالنسبة إلى المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعنة مبلغ 3474 جنيهاً والمصاريف فعارض وقضي بتأييد الحكم - فاستأنف فقضت محكمة الاستئناف في 29 من ديسمبر سنة 1949 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة فقررت الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم أنه إذ قضي برفض دعواها تأسيساً على أن الحكم الصادر من المحكمة المختلطة والذي قضى بفسخ عقد الإيجار الأصلي لا يؤثر على عقد الإيجار من الباطن الصادر من فيليب شيحه إلى المطعون عليه بحجة أنه لا شأن له في النزاع الذي كان مطروحاً على تلك المحكمة إذ هو لا يعتبر خلفاً للمستأجر الأصلي بل يعتبر من الأغيار بالنسبة إليه ولم يوجه إلى عقده أي طعن ومن ثم لا يصح المساس به - إذ قضى الحكم بذلك أخطأ في القانون ذلك أنه يترتب لزوماً على فسخ عقد الإيجار الأصلي أن ينقضي عقد المستأجر من الباطن عملاً بالقاعدة المقررة من أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن زوال حق الناقل يترتب عليه زوال حق المتلقي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن "عقد الإيجار الصادر إلى المستأنف (المطعون عليه) من فيليب شيحه لا يمكن أن يتأثر بالحكم الصادر بالفسخ خاصاً بعقد الإيجار الأصلي الصادر إلى فيليب شيحه وذلك لأن المستأنف لا يعتبر خلفاً لفيليب شيحه في هذه الحالة حتى يتأثر بما يتأثر به في عقده وإنما يعتبر من الغير باعتباره مستأجراً من الباطن وما لم يتوجه طعن خاص إلى عقد المستأنف فإنه لا يمكن المساس به وعلى أي حال فإن وضع يد المستأنف كان بحسن نية والقاعدة أن واضع اليد الحسن النية لا يلزم برد الثمرات". وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها وأنه لا يلزم السريان حكم فسخ عقد المستأجر الأصلي على عقد المستأجر من الباطن أن تقام الدعوى على هذا الأخير ولا يهم في هذه الحالة أن يكون عقد المستأجر من الباطن ثابت التاريخ قبل رفع دعوى الفسخ أو بعد رفعها كما لا يهم أن يكون عالماً بسبب الفسخ وقت استئجاره أو غير عالم به ولا يشترط كذلك أن ينبه عليه بالإخلاء لكي يسري عليه حكم فسخ عقد الإيجار الأصلي إذ هو لا يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير كما أن حيازته العرضية للأطيان المؤجرة لا تخوله حق تملك الثمار بعد انقضاء عقده تبعاً لفسخ عقد المستأجر الأصلي إذ يصبح حائزاً بلا سند.
ومن حيث إنه لذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه لخطئه في تطبيق القانون دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.

الطعن 55 لسنة 19 ق جلسة 25 / 10 / 1951 مكتب فني 3 ج 1 ق 1 ص 1

جلسة 25 أكتوبر سنة 1951

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
---------------
(1)
القضية رقم 55 سنة 19 القضائية

أ - إثبات.

تقدير شهادة الشهود. سلطة المحكمة في ذلك. لها أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة.
ب - مرض الموت.

شهادة الطبيب المعالج المكتوبة. كشف الأشعة. اتخاذ دليل منهما على أن المورث كان مريضاً مرض الموت بالإضافة إلى ما حصلته المحكمة من أدلة أخرى. لا تثريب على المحكمة في ذلك.
جـ - مرض الموت.

أداء المورث بعض أعمال في فترات متقطعة من مرضه قبل وبعد التصرف المطعون فيه. ذلك لا ينفي أنه كان مريضاً مرض الموت.

-----------------
1 - متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه تطابق الثابت بمحضر التحقيق الذي أجرى في الدعوى والأوراق التي قدمت فيها ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. وكان ما ينعاه الطاعن عليها لا يخرج عن كونه مجادلة في تقدير شهادة الشهود والأوراق بغية الوصول إلى نتيجة أخرى بمقولة أن المحكمة تغاضت عما استند إليه الطاعن في دفاعه من حجج وبراهين. فهذا الطعن لا يكون له أساس. إذ لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها في هذا التقدير أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أدلة سائغة كافية لحمله.
2 - لا تثريب على المحكمة إذا هي اتخذت مما ورد في شهادة الطبيب المعالج المكتوبة في أنه تولى علاج المورث لمدة تزيد على ستة شهور قبل وفاته وأنه كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأنه كان طريح الفراش أحياناًً وأحياناً أخرى كان ينتقل إلى جهة أخرى للعلاج وأن سبب وفاته على ما يذكر هو الدرن الرئوي وهبوط في القلب، وكذلك من شهادة كشف الأشعة، دليلاً مضافاً إلى الأدلة والقرائن الأخرى التي ساقتها على مرض المورث بالسل من تاريخ الكشف عليه بالأشعة واشتداد هذا المرض عليه بعد ذلك ووفاته بسببه، مما أدى بها إلى اعتباره مرض موت وتقريرها بناء على ذلك ببطلان العقدين المطعون فيهما لتحريرهما خلال فترة اشتداده، وهي بما لها من سلطة التقدير في هذا الشأن لا حاجة بها إلى اتخاذ أي إجراء آخر في هذا الصدد.
3 - إن أداء المورث بعض الأعمال في فترات متقطعة من مدة مرضه كقبضه مبلغاً من المال وفكه رهناً حيازياً وحصول هذه الأعمال منه قبل وبعد تحرير العقدين المطعون فيهما بصدورهما في مرض الموت – ذلك ليس من شأنه أن ينفي ما انتهت إليه المحكمة من أن المورث كان في فترة اشتداد مرضه عاجزاً عن أعماله العادية حتى إنه أناب عنه غيره في مباشرتها لأن قيامه يمثل ما قام به لا يمنع من اعتبار مرضه مرض موت متى كان شديداً يغلب فيه الهلاك وانتهى بموته.


الوقائع

في يوم 21 من إبريل سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 13 مارس سنة 1949 في الاستئناف رقم 221 سنة 4 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه وبتأييد الحكم الابتدائي واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام الطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 من إبريل سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن، وفي 11 من مايو سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 25 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 24 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 11 من أكتوبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.. إلخ.


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المقدمة في الطعن, تتحصل في أن المرحوم بريك المصري مورث الطاعن والمطعون عليها والمتوفى في 6 من نوفمبر سنة 1943 باع إلى الطاعن بموجب عقدين محررين في 5 من أغسطس سنة 1943 120 ف و12 ط و2 س (صار مقدارها بعد نزع ملكية جزء منها وفاء للأموال الأميرية 60 ف و20 ط و10 س) وقطعة أرض مساحتها ثمانية عشر قيراطاً بما هو مقام عليها من منزل وملحقاته. وفي 31 من أكتوبر سنة 1946 أقامت والدة الطاعن بصفتها وصية عليه الدعوى رقم 1 كلى دمنهور سنة 1947 على المطعون عليها وبقية الورثة وطلبت فيها الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المذكورين. فدفعت المطعون عليها بصدورهما من المورث في مرض موته. وفي 24 من إبريل سنة 1947 قضت محكمة دمنهور الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى هذا الدفاع أي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة. وبعد أن تم التحقيق قضت المحكمة في 20 من مايو سنة 1948 بصحة ونفاذ العقدين وإلزام المطعون عليها بالمصروفات من تركة مورثها: مؤسسة قضاءها على أنه وإن كان ثلاثة من شهود الإثبات الأربعة شهدوا بأنهم سمعوا بالإشاعة أن المورث كان مريضاً بالسل، إلا أنهم اختلفوا سواء في تحديد بداية ظهور المرض عنده أو في تحديد بداية انقطاعه انقطاعاً كلياً عن مباشرة أعماله، وعلى أنه بفرض صحة ما ذهبت إليه المطعون عليها من أنه كان مريضاً بالسل، استناداً إلى شهادة صادرة من مستشفى الملك فؤاد بالإسكندرية تفيد أنه ظهر من الكشف عليه بالأشعة في يوم 4 من مارس سنة 1943 وجود دون تكهفى برئته اليمنى، وإلى تقرير من الدكتور كامل جرجس يتضمن أن المورث كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأنه تولى علاجه قبل وفاته بمدة تزيد على ستة شهور، إلا أنه لما كان مرض الموت هو المرض الذي يعجز صاحبه عن القيام بأعماله ويكون الغالب فيه موته، وكان السل من الأمراض التي قد يطول أمدها لأكثر من سنة، ومن ثم لا يعد مرض موت إلا إذا اشتد ولا يعتبر كذلك إلا في فترة اشتداده فقط، وكان شهود الإثبات قد تضاربوا في تحديد بداية ظهور المرض عند المورث وفي بداية اشتداده عليه، فإن المحكمة تستنتج من ذلك صحة ما شهد به شاهد النفي من أنه لم ينقطع عن مباشرة أعماله إلا قبل وفاته بمدة لا تزيد على شهر أي بعد تحرير العقدين المطعون فيهما بزمن طويل، مما يتعين معه اعتبارهما صحيحين. وفي 8 من نوفمبر سنة 1948 استأنفت المطعون عليها هذا الحكم فقضت محكمة استئناف الإسكندرية في 13 من إبريل سنة 1949 بإلغائه ورفض دعوى الطاعن وإلزامه بمصروفاتها عن الدرجتين وهو الحكم المطعون فيه، وتتحصل الأسباب التي أقيم عليها في: (أولاً) أنه يتضح من التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى أن شهود الإثبات الأربعة قد أجمعوا على أن المورث كان مريضاً بالسل، وأنه وإن كان علمهم بهذا المرض مستمداً من طريق السماع، إلا أنه قد تأيد بما جاء في الشهادة الصادرة من مستشفى الملك فؤاد بالإسكندرية من أنه في يوم 4 من مارس سنة 1943 كشف على المورث بالأشعة فتبين وجود درن تكهفى برئته اليمنى، وكذلك بما أثبته الدكتور كامل جرجس (مفتش صحة مركز أبى حمص) في شهادته المكتوبة من أنه تولى علاج المورث لمدة تزيد على ستة شهور قبل وفاته وأنه كان مريضاً بنزلة شعبية مزمنة ودرن رئوي وأحياناً كان طريح الفراش وأحياناً أخرى كان ينتقل إلى الإسكندرية للعلاج علاوة على العلاج الذي كان يؤديه له، وأن سبب وفاته على ما يذكر درن رئوي وهبوط في القلب، وأن فيما تقدم ما يقطع في أن المورث كان مريضاً بالسل وأنه توفي بسبب هذا المرض (وثانياً) أن شاهد الإثبات الأول شهد بأن المورث استمر مريضاً لمدة سنة قبل وفاته ولزم فراشه لمدة ستة شهور حتى توفي، وأن المدعو عبد القوي المصري هو الذي كان يباشر أعماله في هذه الفترة، وأن الشاهد الثاني ذكر أن المورث استدعاه إلى منزله قبل وفاته بحوالي ثلاثة أو أربعة شهور أي في تاريخ العقدين المطعون فيهما – وكلفه بتحرير عقد بيع المنزل وأنه ظل مريضاً من هذا اليوم حتى يوم وفاته, وأن الشاهد الثالث قال إن المورث استدعاه إلى منزله قبل وفاته بخمسة عشر يوماً وكان في ذلك الوقت مريضاً وطلب إليه التوقيع بصفة شاهد على عقد بيع المنزل - وهذه الشهادة وإن خلت مما يفيد سير المرض إلا أنها لا تنفى أن المورث كان مريضاً قبل ذلك، وأن الشاهد الرابع قرر أنه علم بأن المورث كان مريضاً بالسل وأن المرض ظهر عنده في أوائل شهر مارس سنة 1943 ثم اشتد عليه شيئاً فشيئاً حتى ألزمه فراشه قبل وفاته بشهرين، وأنه يبين بجلاء من شهادة هؤلاء الشهود مجتمعة ومن الشهادتين الطبيتين المقدمتين من المطعون عليها، مضافاً إليها ما شهد به شاهد النفي الأول من أنه قابل المورث في شهر يوليه سنة 1943 ولاحظ عليه آثار الضعف والهزال كما شكا إليه من مرضه، وكذلك ما قرره شاهد النفي الثاني من أن الدكتور كامل جرجس كان يقوم بعلاج المورث أحياناً في بلده وأحياناً في أبى حمص عندما كان ينتقل إليه وذلك في الوقت الذي طلب منه فيه التوقيع على العقدين - إنه يبين بجلاء من ذلك كله أن مرض السل ظهر عند المورث على أقل تقدير في 4 من مارس سنة 1943 تاريخ الكشف عليه بالأشعة وأنه لم يتحسن من هذا التاريخ بل استمر في الزيادة بدليل أنه لجأ بعد ذلك إلى الدكتور كامل جرجس قبل وفاته بستة شهور ثم أخذ المرض يشتد عليه ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 والطبيب يستمر في علاجه والمرض يزداد شدة حتى ألزمه داره ثم انتهى بوفاته في نوفمبر سنة 1943، وأنه لما كان العقدان المطعون فيهما قد حررا في شهر أغسطس سنة 1943 أي خلال هذه الفترة التي اشتدت فيها وطأة المرض فيكونان قد صدرا من المورث في مرض موته (وثالثاً) أنه إذا أضيف إلى ما تقدم ما أجمع عليه شهود الإثبات من أن عبد القوي المصري هو الذي كان يباشر أعمال المورث وقت مرضه وما قرره شاهد النفي من أن عبد القوي المذكور كان يباشر أعماله قبل وفاته بشهر واحد لرجحت المحكمة أقوال شهود الإثبات لخلوها من أي مطعن ولتأييد أقوال شاهدي النفي لها تأييداً جزئياً، وبذلك يكون قد تجمع لدى المحكمة من الأدلة السالف ذكرها ما يفيد أن مرض المورث قد اشتد عليه ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 وأن هذا المرض قد أقعده عن مباشرة أعماله الخصوصية على الأقل منذ هذا التاريخ حتى وفاته بدليل أن المستأنف عليهم (وهم الطاعن ووالدته السيدة نظله الجبالي عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها عليه بريك المصري) لم يقدموا أي دليل على أن المورث باشر عملاً ما بنفسه بعد يوليه سنة 1943 (ورابعاً) أنه إذا أضيف أيضاً أن المستأنف عليهم لم يحركوا ساكناً من تاريخ وفاة المورث في سنة 1943 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1947 وأن والدة الطاعن التي كانت وصية عليه قررت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى أن ثمن الصفقة كان مقابل تنازلها عن دين لها في ذمة المورث ثم عادت وأدرجته كاملاً بمحضر تركته لكان في هذه الظروف ما يرجح أن العقدين المطعون فيهما إنما حررا في مرض موت المورث وأن المستأنف عليهم كانوا يشعرون في قرارة نفوسهم بأنهما مشوبان بالبطلان وأن الدعوى الحالية لم ترفع كما قالت المطعون عليها إلا رداً على الدعاوى التي أقامتها على والدة الطاعن بريع نصيبها في التركة.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لقصور أسبابه وخطئه في الاستدلال والإسناد وذلك في أربعة مواضع (الأول) إذ قطعت محكمة الاستئناف، استناداً إلى ما سبق ذكره في (أولاً) من حاصل أسباب الحكم، في أن المورث كان مريضاً بالسل وأن هذا المرض كان سبب وفاته - مع أنه يبين من شهادة شهود الإثبات وأولهم شقيق لزوج المطعون عليها ورابعهم ابن أخ للمورث أنها مبنية على السماع وخلو من الإجماع الذي قالت به المحكمة، إذ أجاب ثالثهم بأنه ما كان يعرف نوع من مرض المورث، وإنما علم بالإشاعة بعد وفاته أنه مرض السل، وأن رابعهم وإن كان قد شهد بنوع المرض إلا أنه قال إنه علم به قبل وفاة المورث بشهرين فقط: أما شهادة الطبيب المعالج فهي كلام مكتوب وليست بشهادة يمكن الاطمئنان إليها ولاسيما أنه لم يجزم فيها بسبب الوفاة إذ قال إنه - على ما يذكر - درن رئوي وهبوط في القلب، مما يحتمل معه أن يكون لها سبب أخر غير مرض السل، كما أنه لا يجدي في هذا الخصوص اعتماد المحكمة على شهادة الأشعة إذ ليس في مقدورها أن تقرأها قراءة منتجة وأن تقدر خطورة الدرن التكهفي دون الاستعانة بأهل الفن إذ قد تتعدد التكهفات بل قد يصل الأمر إلى حد انتزاع إحدى الرئتين ومع ذلك يشفى المريض ويبقى سليماً معافى (والثاني) إذ قررت المحكمة أن مرض السل قد اشتد على المورث ابتداء من شهر يوليه سنة 1943 حتى انتهى بوفاته ورتبت على ذلك أن العقدين المطعون فيهما، وقد حررا في شهر أغسطس سنة 1943 أي خلال هذه الفترة من اشتداد المرض، يكونان قد صدرا منه في مرض موته وذلك استناداً إلى ما سبق ذكره في (ثانياً) من حاصل أسباب الحكم - مع أنه ينقض شهادة شاهد الإثبات الأول ما قرره الطبيب المعالج من أن المورث كان في فترة العلاج التي زادت على ستة شهور تسافر إلى الإسكندرية بقصد الاستشفاء، وهو قول يقطع في أنه لم يلزم فراشه بل ينفى عنه العجز عن العمل والشعور بدنو الأجل إذ لم يفعل سوى ما يفعله الأصحاء الذين يمضون ويسعون وراء البرء من الأرض ولاسيما أنه لم يشهد حد بأن المورث كان محتاجاً إلى معاونة شخص آخر أثناء سفره للعلاج: وأنه ليس في شهادة شاهد الإثبات الثاني ما يؤيد فترة اشتداد المرض كما حددتها المحكمة إذ لم يشهد إلا بمرض المورث من وقت تحرير العقدين حتى وقت الوفاة: وأن شهادة شاهد الإثبات الثالث اقتصرت على القول بمرض المورث من الخمسة عشر يوماً الأخيرة من حياته دون أن يرد فيها ما يفيد اشتداده من شهر يوليه سنة 1943: وأن شهادة شاهد الإثبات الرابع جاءت متناقضة إذ بينما قرن أقواله بتاريخ ونتيجة شهادة الأشعة إذ به قال إن فترة اشتداد المرض كانت لمدة شهرين فقط قبل الوفاة: وأن شهادتي الطبيب المعالج والأشعة لا تتضمنان شيئا عن اشتداد المرض من شهر يوليه سنة 1943 حتى تاريخ الوفاة، أما استدلال المحكمة على هذا الاشتداد بالتجاء المورث إلى الطبيب المعالج بعد الكشف عليه بالأشعة فهو استدلال غير صحيح إذ المألوف أن يلجأ المريض أولاً إلى الطبيب في بلده ثم يشير عليه بعمل الأشعة إن رأى لها موجباً، وفضلاً عن ذلك فقد قرر الطبيب أن المورث كان يسافر إلى الإسكندرية للعلاج فلو كانت حالته قد بلغت الخطورة التي يخشى منها الهلاك لبقى يعالج بها خصوصاً وأن حالته المالية كانت تسمح له بذلك، كما أنه لو كانت هناك علاقة بين اشتداد المرض والالتجاء إلى الطبيب لما تردد حضرته في ذكرها صراحة في شهادته: وأنه يبين من شهادة شاهد النفي الأول أنه قال إن المورث حضر إليه في شهر يوليه سنة 1943 بمكتبه بكفر الدوار كما أكد مرتين أنه كان بصحة طيبة ولم يقل بمرضه إلا في عشرة الأيام الأخيرة من حياته، أما كون جسمه ضعيفاً ويشكو المرض فهذا أمر طبيعي لمجاورته الستين من عمره كما أن ضعف الجسم ليس معناه أن المرض قد اشتد أو أنه مرض موت، وبذلك تكون المحكمة قد أولت شهادة هذا الشاهد تأويلاً لا يتفق ومدلولها وأخذت بجزء منها وتغافلت عن بقيتها: وأنه لم يرد في شهادة شاهد النفي الثاني شيء عن اشتداد المرض من شهر يوليه سنة 1943 إذ كل ما قرره هو أن المورث لزم داره في الشهر الأخير من حياته بل إنه لما سئل عن صحته أجاب بأنه كان يباشر أعماله بنفسه (والثالث) إذ قالت المحكمة، استناداً إلى ما سبق ذكره في (ثالثاً) من أسباب الحكم، بعجز المورث عن أعماله وقت مرضه، مع أنه يبين من شهادة شهود الإثبات أنهم لم يجمعوا على عجز المورث عن العمل وخاصة أن ثانيهم قرر أنه وقت تحرير العقدين كان يقوم بعمله بنفسه ويخرج من منزله ويسافر: وأن شاهد النفي الأول شهد بأن المورث في يوم 15 يوليه سنة 1943 تعامل معه في شئون القطن وقبض منه خمسة وخمسين جنيهاً وقدم الطاعن الأوراق المثبتة لذلك: وأن شاهد النفي الثاني قال إن المورث ظل يباشر أعماله إلى ما قبل وفاته بشهر: وأنه يتضح من ذلك أن أقوال شاهدي النفي ليس فيها ما يؤيد أقوال شهود الإثبات تأييداً جزئياً كما قررت المحكمة: وأن الطاعن استدل على أن المورث كان يقوم بأعماله حتى قبيل وفاته بتعامله مع دائنيه وفكه رهناً حيازياً في 18 من أكتوبر سنة 1943 وقدم المستند المثبت لهذا التعامل، هذا في حين أنه لم يكن مكلفاً قانوناً بهذا الإثبات إذ يقع على المطعون عليها عبء إثبات عجز المورث عن العمل وقت مرضه، وبذلك تكون المحكمة إذ قررت أن الطاعن لم يقدم دليلاً على قيام المورث بأي عمل بعد شهر يوليه سنة 1943 قد أخطأت في الإسناد (والرابع) إذ استدلت المحكمة أخيراً على صدور العقدين المطعون فيهما في مرض موت المورث بما سبق ذكره في (رابعاً) من حاصل أسباب الحكم مع أنه ثابت أن الطاعن ووالدته وضعا اليد على العقارات المبيعة عقب صدور العقدين مباشرة وأعلنا ذلك إلى عبد القوي المصري في 24 من أكتوبر سنة 1943 ولم تحصل منازعة في وضع اليد المذكور لا من المطعون عليها ولا من غيرها من الورثة مما يفيد تسليمهم بصحة العقدين ولم يكن باقياً إلا استيفاء إجراءات التسجيل التي لم تر الوصية بأساً من تأخيرها بعض الوقت: أما قيام والدة الطاعن بإدراج دينها بمحضر حصر التركة ثم تقريرها في المذكرة بنزولها عنه مقابل ثمن الصفقة فإنه لا يفيد صدور العقدين في مرض موت المورث إذ لا تعدو دلالة هاتين الواقعتين أن والدة الطاعن أرادت من باب الأخذ بالأحوط إثبات دينها مع انتوائها النزول عنه مقابل الشراء الذي صدر لابنها، هذا فضلاً عن مخالفة المحكمة للواقع في هذا الخصوص إذ تصورت أن النزول عن الدين حصل أولاً ثم تلاه إدراجه بمحضر حضر التركة: ومع أنه ليس في رفع الدعوى الحالية رد على دعوى المطعون عليها بريع نصيبها في التركة أي دلالة على أن العقدين صدرا في مرض الموت، ذلك أن المطعون عليها هي التي آثرت طريق التقاضي فكان لزاماً أن يطالب الطاعن بصحة ونفاذ العقدين محافظة على حقوقه.
ومن حيث إنه لما كانت الأسباب التي بني عليها الحكم المطعون فيه تطابق الثابت بمحضر التحقيق الذي أجري في الدعوى والأوراق التي قدمت فيها ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها وكان ما ينعاه الطاعن عليها لا يخرج عن كونه مجادلة في تقدير شهادة الشهود والأوراق بغية الوصول إلى نتيجة أخرى بمقولة إن المحكمة قد تغاضت عما استند إليه الطاعن في دفاعه من حجج وبراهين - وكان لمحكمة الموضوع وهى تباشر سلطتها في هذا التقدير أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أدلة سائغة تكفى لحمله كما هو الحال في الدعوى. وكان لا تثريب على المحكمة إن هي اطمأنت إلى ما ورد في شهادة الطبيب المعالج المكتوبة وشهادة كشف الأشعة واتخذته دليلاً مضافاً إلى الأدلة والقرائن الأخرى التي أوردتها على مرض المورث بالسل من شهر مارس سنة 1943 تاريخ الكشف عليه بالأشعة واشتداد هذا المرض عليه من شهر يوليه سنة 1943 ووفاته بسببه في نوفمبر سنة 1943، وهو ما أدى بها إلى اعتباره مرض موت ومن ثم تقريرها ببطلان العقدين المطعون فيهما لتحريرهما خلال هذه الفترة من اشتداده، وذلك لما لها من سلطة التقدير في هذا الشأن دون أن تكون في حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر مما أشار إليه الطاعن - وكان كذلك غير منتج ما استدل به الطاعن على أن المورث لم يكن عاجزاً عن مباشرة أعماله وبالتالي لم يكن مريضاً مرض موت من سفره إلى أبي حمص والإسكندرية للعلاج وتعامله مع شاهد النفي الأول في شهر يوليه سنة 1943 وقبضه منه خمسة وخمسين جنيهاً وفكه رهناً حيازياً في شهر أكتوبر سنة 1943 أي قبل وبعد تحرير العقدين، ذلك لأن أداء هذه الأعمال في فترات متقطعة ليس من شأنه أن ينفى ما قررته المحكمة أخذاً بشهادة شهود الإثبات من أن المورث كان في فترة اشتداد مرضه عاجزاً عن أعماله العادية حتى إنه أناب عنه عبد القوي المصري في مباشرتها، ولأن قيام المورث بالأعمال أنفة الذكر لا يمنع والحالة هذه من اعتبار مرضه مرض موت متى كان شديداً يغلب فيه الهلاك وانتهى بموته وفقاً لما قررته المحكمة استناداً إلى أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان غير صحيح ما نعاه الطاعن من أن المحكمة، إذ تصورت أن نزول والدته عن دينها في ذمة المورث حصل أولاً ثم تلاه إدراجه كاملاً بمحضر حضر تركة المورث واتخذت من ذلك قرينة على أن والدة الطاعن كانت تشعر بما يشوب العقدين من بطلان، إذ فعلت ذلك تكون قد خالفت الواقع، وذلك لأن المعنى المستفاد من العبارة التي أوردتها المحكمة في هذا الخصوص هو أن نزول والدة الطاعن عن دينها مقابل ثمن الصفقة موضوع العقدين كان معاصراً لتحريرهما وهو ما يطابق قولها في المذكرة المقدمة منها إلى محكمة الدرجة الأولى بصفتها وصية على الطاعن "ثم وفي سنة 1943 أي في تاريخ تحرير العقدين حصل استنزال لهذا الدين بدلاً من أن يكون ديناً أصبح ثمناً للصفقة موضوع العقدين سالفي الذكر وثمناً من مال والدة القاصر" الأمر الذي يفيد أن نزول والدة الطاعن عن دينها مقابل ثمن الصفقة كان سابقاً على قيامها بإدراجه كاملاً بمحضر حصر التركة كما قالت المحكمة - لما كان ذلك كذلك يكون الطعن بجميع أوجهه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

الطعن 212 لسنة 19 ق جلسة 6 / 3 / 1952 مكتب فني 3 ج 2 ق 97 ص 572

جلسة 6 من مارس سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
---------------
(97)
القضية رقم 212 سنة 19 القضائية

إعلان.

الجهة التي تسلم لها الورقة المطلوب إعلانها. وجوب تسليمها لنفس الخصم أو لمحله. جواز تسليمها استثناء في المحل المختار الذي اتخذه المعلن إليه في خصوص الدعوى التي يتعلق بها الإعلان. مثال. خصم اتخذ مكتب أحد المحامين محلاً مختاراً في خصوص دعوى قسمة. إعلانه بدعوى شفعة لاحقة في نفس المحل المختار للدعوى الأولى. لا يصح.

----------------
أن الأصل هو وجوب تسليم الأوراق المقتضي إعلانها لنفس الخصم أو لمحله وفقاً للمادة السادسة من قانون المرافعات (القديم) وإنما يجوز استثناء تسليمها في المحل الذي اتخذه المعلن إليه محلاً مختاراً له في خصوص الدعوى التي يتعلق بها الإعلان وفقاً للمادة 75 مرافعات (قديم). وإذن فمتى كان الواقع أن الطاعن اتخذ مكتب أحد المحامين محلاً مختاراً له في الدعوى قسمة فإنه لا يجوز إعلانه بدعوى شفعة في مكتب المحامي المذكور بحجة أن هذه الدعوى لاحقة لدعوى القسمة ببضعة أيام وأن التوكيل المحامي المذكور هو توكيل عام يشمل جميع القضايا متى كان من المسلم أن هذا التوكيل إنما صدر من الطاعن إلى المحامي المذكور في خصوص دعوى القسمة وقبل أن تقادم دعوى الشفعة ببضعة أيام ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر إعلان دعوى الشفعة صحيحاً رغم تسليم ورقته لمحامي الطاعن في دعوى القسمة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

في يوم 30 من ديسمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 58 سنة 1 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم ببطلان صحيفة الدعوى وكافة ما ترتب عليها من إجراءات. واحتياطياً برفض دعوى المطعون عليها الأولى لسقوط حقها في الشفعة وإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 3 و10 من يناير سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 19 منه وأودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة يشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته وفي 29 منه أودعت المطعون عليها الأولى مذكرتها وطلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرة وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بقبول الوجه الأول من أوجه الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع ببطلان صحيفة إعلان دعوى الشفعة وببطلانها وإلزام المطعون عليها الأولى بالمصروفات. وفي 21 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هون مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن الوقائع تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى على الطاعن والمطعون عليهما الآخرين وطلبت بعريضتها الحكم بأحقيتها في الحصة البالغ قدرها 18 ط على الشيوع في العين المبينة الحدود والمعالم بالعريضة بطريق الشفعة نظير الثمن البالغ مقداره ألف جنيه إذا ظهر أنه الثمن الحقيقي والملحقات ومن باب الاحتياط الكلي أخذها بحق الاسترداد وفقاً للمادة 462 مدني (قديم) وفي 3/ 1/ 1944 حكمت المحكمة حضورياً للطاعن وغيابياً للباقين وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق لتثبت المدعية حقيقة الثمن الذي بيعت به الحصة على أن يكون للمدعى عليه النفي، غير أن هذا الحكم لم ينفذ، وفي 21/ 5/ 1944 صدر الحكم حضورياً للمدعية والمطعون عليها الأولى - وغيابياً للباقين بأحقية المدعية بالشفعة في الحصة المطالب بها نظير الثمن ومقداره ألف جنيه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم للأسباب الآتية:
أولاً - إن قانون المرافعات أوجب إعلان الأوراق وبالأخص صحيفة افتتاح الدعوى إلى الخصم في محل إقامته إلا أن المطعون عليها عمدت إلى إعلان صحيفة افتتاح الدعوى إليه في غير محل إقامته مما يوجب بطلانها وما ترتب عليها من إجراءات خصوصاً وقد تمت كلها بسوء نية لأن المطعون عليها تعلم محل إقامته نظراً لصلة القرابة وقد أعلنته بالحكم في محل إقامته ولم يسبق له قبل ذلك أي علم بالدعوى وثانياً - جاء في وصف الحكم أنه حضوري بالنسبية له وغيابياً بالنسبة لباقي الخصوم مع أنه لم يسبق له الحضور لا بنفسه ولا بوكيل عنه. وثالثاً - من باب الاحتياط في الموضوع فإنه يحتفظ بحق إبداء أسباب دفاعه إلى ما بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات ومن الآن يدفع بسقوط حق المستأنف عليها الأولى - المطعون عليها الأولى - في الشفعة لأنها تعلم بالبيع منذ تاريخ حصوله. وفي 5/ 3/ 1946 طعن بالتزوير في محضر جلسة 17/ 10/ 1943 أمام محكمة أول درجة، فقررت محكمة الاستئناف الإيقاف حتى يفصل نهائياً في دعوى التزوير. وفي 20/ 4/ 1949 حكمت المحكمة برد بطلان ما أثبت بمحضر جلسة 17 من أكتوبر سنة 1943 بخصوص حضور سليمان أحمد خليل - الطاعن - بالجلسة المذكورة. فعجلت المعطون عليها الأولى نظر الاستئناف فتمسك الطاعن بالدفع ببطلان صحيفة الدعوى وكافة ما ترتب عليها. وفي 3/ 1/ 1949 قضت المحكمة استئناف الإسكندرية برفض هذا الدفع وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ من المسلم في هذا الحكم أن الطاعن لم يعلن بصحيفة افتتاح الدعوى في محل إقامته وإنما مقول بأنه أعلن بها في مواجهة محاميه في قضية أخرى سابقة وهذا الإعلان باطل قانوناً إذ لا يصلح تسليم ورقة الإعلان للوكيل إلا إذا كان موكلاً بمباشرة نفس الخصومة التي يتعلق بها الإعلان، والحكم إذ اعتبر هذا الإعلان صحيحاً قد خالف القانون.
ومن حيث إن الحكم استهل أسبابه بقوله إن المادة 75 مرافعات (قديم) تنص على أنه بمجرد صدور التوكيل من أحد الأخصام يكون محل التوكيل هو المعتبر في أحوال الإعلان وما يتفرع عنها وأن هذا النص يسري على جميع الإعلانات بما فيها إعلان صحيفة افتتاح الدعوى، ثم أورد الحكم من الوقائع ما يفيد أن دعوى الشفعة أعلنت للطاعن بمحله المختار الذي اتخذه في الدعوى القسمة التي سبق أن أقامها على المطعون عليها الأولى قبل دعوى الشفعة ببضعة أيام وأن التوكيل الصادر من الطاعن لمحاميه في دعوى القسمة هو توكيل عام يشمل جميع القضايا وأنه لما كان "قد جاء سابقاً على رفع دعوى القسمة نفسها ومن ثم فإن محل محامي يعتبر محلاً مختاراً له - الطاعن - يصح فيه الإعلان في جميع القضايا اللاحقة".
ومن حيث إن هذا الذي أقم عليه الحكم قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن الأصل هو وجوب تسليم الأوراق المقتضي إعلانها لنفس الخصم أو لمحله وفقاً للمادة السادسة من قانون المرافعات (القديم) وإنما يجوز استثناء تسليمها في المحل الذي اتخذه المعلن إليه محلاً مختاراً له في خصوص الدعوى التي يتعلق بها الإعلان - ذلك وفقاً للمادة 75 مرافعات (قديم) ولما كان الثابت بالحكم أن الطاعن إنما اتخذ محل الأستاذ أحمد عبد العزيز المحامي محلاً مختاراً له في دعوى القسمة فإنه لا يجوز تسليم ورقة إعلان دعوى أخرى في مكتب المحامي المذكور بحجة أن هذه الدعوى لاحقة لدعوى القسمة ببضعة أيام وأن توكيل المحامي المذكور هو توكيل عام يشمل جميع القضايا متى كان من المسلم أن هذا التوكيل إنما صدر من الطاعن إلى المحامي المذكور في خصوص دعوى القسمة وقبل أن تقام دعوى الشفعة ببضعة أيام ولما كان الحكم قد اعتبر إعلان دعوى الشفعة صحيحاً رغم تسليم ورقته لمحامي الطاعن في دعوى القسمة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطاعن محق في دفعه ببطلان إعلان عريضة دعوى الشفعة ومن ثم يكون الحكم الابتدائي إذ قضى للمطعون عليها بالشفعة رغم بطلان إعلان صحيفتها قد خالف القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبقبول الدفع ببطلان صحيفة دعوى الشفعة وما يترتب عليها.

الطعن 84 لسنة 20 ق جلسة 3 / 4 / 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 123 ص 854

جلسة 3 إبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وعبد العزيز سليمان بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
--------------
(123)
القضية رقم 84 سنة 20 قضائية

عقد مقاولة عن حفر مراو ومصارف.

الاتفاق مع المقاول على حفر عدد معين من الأمتار المكعبة وفقاً لتصميم سلم إليه. فسخ رب العمل هذه المقاولة دون مسوغ. إسناد العمل إلى مقاول جديد قام به على أساس تصميم آخر كان من نتيجته أن حفر مكعبات أقل من المتفق عليها مع المقاول الأول. مطالبة المقاول الأول بتعويض عما فاته من الربح على أساس عدد المكعبات التي كلف بحفرها. قصر الحكم التعويض على عدد المكعبات التي حفرها المقاول الثاني بحجية أن عمليته أصلح للأرض وأوفى بالغرض هو خطأ في تطبيق القانون العقد وقصور في التسبيب.

----------------

متى كان الواقع هو أن الطاعن وفقاً لشروط المقاولة التي رست عليه كان ملزماً أن يقوم بحفر مراوي ومصارف في أرض مورث المطعون عليهم تنفيذاً لتصميم سلم إليه وقدرت فيه المكعبات الواجب حفرها بأربعة وخمسين ألف متر مكعب ونص في الاتفاق المبرم بين الطرفين على أن الطاعن قبل تخفيض هذه المكعبات إلى أربعين ألف متر مكعب تحت الزيادة والعجز في حدود 10% وأن يكون له أجر قدر بمبلغ معين عن المتر المكعب وكان مورث المطعون عليهم قد فسخ عقد المقاولة وأعطاها لمقاول آخر بحجة أن الطاعن تأخر في البدء في العمل وكان الحكم الابتدائي قد قضى للطاعن بمبلغ معين مقابل ما ضاع عليه من ربح على أساس قيمة الفرق بين سعر المتر الذي قبله والسعر الذي ارتضاه المقاول الجديد على اعتبار أن العملية المتفق عليها كانت تقتضي حفر أربعين ألف متر مكعب وكان الحكمان الاستئنافيان المطعون فيهما إذ أنقصا قيمة المبلغ المحكوم به للطاعن من محكمة أول درجة قد أقاما قضاءهما على أن ما يستحقه الطاعن من تعويض عما فاته من الربح يجب أن لا يتعدى فرق السعر عن 21175 متراً مكعباً وهي ما حفرها فعلاً المقاول الجديد استناداً إلى أن عملية هذا الأخير كانت أصلح للأرض وأوفى بالغرض دون أن يبينا الأسباب التي استندا إليها في هذا التقرير دون أن يبينا وجه قصر تعويض الطاعن على عدد المكعبات التي قام بحفرها المقاول الجديد تنفيذاً لتصميم آخر وبذلك يكون الحكمان المطعون فيهما قد خرجا على ظاهر نصوص عقد المقاولة المبرم بين الطاعن ومورث المطعون عليهم دون أن يبررا هذا الخروج بأسباب مقبولة أما القول بأن العملية التي قام بها المقاول الجديد على أساس آخر كانت أصلح وأوفى بالغرض، هذا القول لا يصبح أن يحاج به الطاعن ذلك لأن محل الاتفاق بينه وبين مورث المطعون عليهم كان عن أربعين ألف متر مكعب تحت العجز والزيادة في حدود 10% وذلك تنفيذاً للتصميم الذي سلم إليه من مورث المطعون عليهم ولا يؤثر على حقه في التعويض أن يكون المقاول الآخر قد قام بالعمل على أساس تصميم جديد كان من نتيجة نقص عدد المكعبات التي حفرت ومن ثم يتعين نقض الحكمين في هذا الخصوص لانعدام أساسهما القانون.


الوقائع

في يوم 23 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة استئناف الإسكندرية الصادر أولهما في 12 من مايو سنة 1948 وثانيهما في 29 من ديسمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 93 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بصفتهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 27 و29 و30 من مارس سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 11 من إبريل سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من كل من الحكمين المطعون فيهما ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي أول مايو سنة 1950 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 10 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بقبول الوجه الأول ونقض الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات. وفي 20 من مارس سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر جلسة إلخ.


المحكمة

من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن اتفق بعقد محرر في 25 من مايو سنة 1944 مع مورث المطعون عليهم الأستاذ صمويل بنزاقين على إنشاء مراوي ومصارف بأطيانه الكائنة بعزبته التابعة لمركز رشيد بشروط بينت فيها مكعبات تلك المنشآت بسعر المتر 36 م وقدر مجموع المكعبات بـ 54 ألف متر تخفض إلى أربعين ألف متر تحت العجز والزيادة في حدود 10% وحدد لإتمام العمل مدة شهرين تبدأ من تاريخ التوقيع على العقد. وفي 29 من مايو سنة 1944 أرسل مورث المطعون عليهم إلى الطاعن خطاباً يدعوه فيه إلى المبادرة باتخاذ اللازم للعمل بدون أي تأخير وفي 31 من مايو سنة 1944 أرسل إلى الطاعن خطاباً آخر يتضمن فسخ عقد المقاولة وإعطاءها لمقاول آخر بحجة أن الطاعن تأخر في البدء في العمل ولم يرسل أي عامل لتنفيذ ما اتفق عليه. فأقام الطاعن على مورث المطعون عليهم دعوى إثبات الحالة رقم 607 سنة 1944 مستعجل الإسكندرية فقضى فيها في 29 من يونيه سنة 1944 بندب خبير هندسي لمعاينة الأعمال التي تمت في عزبة المالك تنفيذاً لشروط المقاولة وتقدير قيمتها وبيان مداها ومدتها وتاريخ الانتهاء منها وعدد من باشرها من العمال ثم أقام الطاعن على مورث المطعون عليهم الدعوى رقم 126 لسنة 1945 كلي الإسكندرية بمبلغ ألف جنيه مصري قيمة ما أنفقه من مصروفات في الأعمال التمهيدية وما دفعه من أجور للعمال وما استحقه من تعويض عما ضاع عليه من كسب كان يجنيه لو نفذ أعمال المقاولة كلها وفي 8 من نوفمبر سنة 1945 أحالت المحكمة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي أن المدعي قام بالتزامه المحدد تنفيذاً لشروط المقاولة وأنه باشر العمل فعلاً وأرسل عماله لتنفيذه فمنعهم المدعى عليه وفي 30 من نوفمبر سنة 1946 قضت المحكمة للطاعن بمبلغ 906 ج و250 م من ذلك مبلغ 446 ج و250 م قيمة ما دفعه إلى كامل مهنا لحساب العمال ومبلغ 20 ج ما دفعه إلى العمال الفلاحين ومبلغ 440 ج تعويضاً عما ضاع عليه من ربح كان يجنيه لو أتم العملية على اعتبار أنه كان يربح في المتر الواحد 11 م هي قيمة الفرق بين سعره وهو 36 م والسعر الذي قبله المقاول الجديد وهو 25 م فيكون ربحه في الأربعين ألف متر المقدرة بالعقد هو مبلغ التعويض المقضي به وأسست المحكمة قضاءها على ما استخلصته من أقوال الشهود من أن المطعون عليه هو الذي أخل بالتزاماته المترتبة على العقد وفسخه رغبة منه في الاقتصاد في نفقات عملية المقاولة فمنع عمال المقاول من أداء العمل بحجة أنه بدأ متأخراً في تنفيذه مع أن هذا الاحتجاج لا يبرر الفسخ لأن العبرة هي بالميعاد المحدد للتسليم. استأنف مورث المطعون عليهم هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 93 سنة 3 ق استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وفي أثناء نظر الاستئناف توفي المستأنف وحل ورثته محله. وفي 12 من مايو سنة 1948 قضت المحكمة أولاً بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا إلى الطاعن من تركة مورثهم مبلغ 225 ج لإخلاله بالتزامه من ذلك مبلغ خمسة جنيهات قيمة الأعمال التمهيدية التي قام بها الطاعن ومبلغ 220 ج تعويضاً عن الربح الذي كان يجنيه لو أتم المقاولة مستندة إلى أن المقاولة الجديد أتم المقاولة على أساس آخر قال به صاحب العمل وكان مقتضاه أن بلغت الأمتار المكعبة عشرين ألف متر لا أربعين ألف متر إذ تبين أن هذا الأساس الجديد أصلح للأرض وأوفى بالغرض وأن مورث المطعون عليهم ليس ملزماً بالسير في العمل وفقاً للأساس الأول ولهذا يكون ما ضاع على الطاعن من ربح هو 11 م عن المتر الواحد قيمة الفرق بين السعر القديم المتفق عليه في العقد ومقداره 36 م والسعر الذي قبل المقاول الجديد ومقداره 25 م أي مبلغ 220 ج في العشرين ألف متر التي قام المقاول الجديد بحفرها. وثانياً - بندب خبير لمعاينة الأعمال التي أتمها المقاول الجديد على الطبيعة حتى إذا اتضح أنها جاوزت العشرين ألف متر كان للطاعن الحق في التعويض عن الزيادة. وفي 29 من ديسمبر سنة 1948 قضت المحكمة للطاعن بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا إليه مبلغ 12 ج و925 م من تركة مورثهم زيادة على المبلغ السابق الحكم له به استناداً إلى أن الحكم السابق والصادر في 12 من مايو سنة 1948 قطع في أن أعمال المقاولة التي قصد العاقدان إجراءها في عزبة المورث وكانت أصلح للأرض وأوفى بالغرض قد بلغت عشرين ألف متراً لا أربعين ألف متراًًًًًًًًًً وأنه إزاء ما تبين من تقرير الخبير المنتدب من أن مساحة الأعمال التي تمت على الطبيعة هي 21175 متراً مكعباً بزيادة 1175 متراً عما أقر به مورث المطعون عليهم فيستحق عنها الطاعن تعويضاً عما ضاع عليه من ربح على أساس 11 م للمتر. فقرر الطاعن الطعن بطريق النقض في الحكمين الصادرين في 12 من مايو سنة 1948 و29 من ديسمبر سنة 1948.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب حاصل السبب الأول والثاني منها أن الحكمين المطعون فيهما خالفا القانون كما شابهما القصور إذ أخذ يقول مورث المطعون عليهم أنه اسند العمل إلى مقاول جديد فأتمه على أساس آخر من مقتضاه أن بلغت قيمة الأمتار المكعبة عشرين ألف متراً لا أربعين ألف متر وأن هذا الأساس أصلح للأرض وأوفى بالغرض وبنياً على ذلك قضاءها بتخفيض مبلغ التعويض المقضي به للطاعن من محكمة أول درجة من 440 ج إلى 232 ج و925 م مع أن المكعبات التي تعهد الطاعن بحفرها حسب الاتفاق المبرم بينه وبين مورث المطعون عليهم لا تقل عن أربعين ألف متر وبذلك يكون الحكمان المطعون فيهما قد خالفا نصوص العقد دون أن يبرر هذه المخالفة بأسباب مقبولة أما القول بأن عملية المقاول الجديد جاءت أصلح للأرض فلا سند له في الأوراق وهو بعد قول لا يصح أن يحاج به الطاعن.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وفقاًَ لشروط المقاولة التي رست على الطاعن كان ملزماً أن يقوم بحفر مراوي ومصاريف في أرض مورث المطعون عليهم تنفيذاً لتصميم سلم إليه وقدرت فيه المكعبات الواجب حفرها بأربعة وخمسين ألف متر مكعب ونص الاتفاق المبرم بين الطرفين أن الطاعن قابل تخفيض هذه المكعبات إلى أربعين ألف متر تحت الزيادة والعجز في حدود 10 - وأن يكون له أجر مقداره ستة وثلاثون مليماً عن المتر المكعب وقد قضى له الحكم الابتدائي بتعويض مقداره 440 ج مقابل ما ضاع عليه من ربح على أساس أنه ربحه في المتر الواحد هو 11 م قيمة الفرق بين السعر الذي قبله والسعر الذي ارتضاه المقاول الجديد على اعتبار أن العملية المتفق عليها كانت تقتضي حفر أربعين ألف متر مكعب إلا أن الحكمين المطعون فيهما قد أقاما قضاءهما على أن ما يستحقه الطاعن من التعويض عما فاته من الربح يجب أن لا يتعدى فرق السعر عن 21175 متراً مكعباً وهي ما حفرها فعلاً المقاول الجديد استناداً إلى أن عملية هذا الأخير كانت أصلح للأرض وأوفى بالغرض وذلك دون أن يبينا الأسباب التي استند إليها في هذا التقرير ودون أن يبينا وجه قصور تعويض الطاعن على عدد المكعبات التي قام بحفرها المقاول الجديد تنفيذاً لتصميم آخر وبذلك يكون الحكمان المطعون فيهما قد خرجا على ظاهر نصوص عقد المقاولة المبرم بين الطاعن ومورث المطعون عليهم دون أن يبررا هذا الخروج بأسباب مقبولة أما القول بأن العملية التي قام بها المقاول الجديد على أساس آخر كانت أصلح وأوفى بالغرض - هذا القول لا يصح أن يحاج به الطاعن ذلك لأن محل الاتفاق بينه وبين مورث المطعون عليهم كان عن أربعين ألف متر مكعب تحت العجز والزيادة في حدود 10% وذلك تنفيذاً للتصميم الذي سلم إليه من مورث المطعون عليهم ولا يؤثر على حقه في التعويض أن يكون المقاوم الأخر قد قام بالعمل على أساس تصميم جديد كان من نتيجته نقص عدد المكعبات التي حفرت ومن ثم يتعين نقض الحكمين في هذا الخصوص لانعدام أساسهما القانوني.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم الصادر في 12 من مايو سنة 1948 شابه القصور إذ مسخت المحكمة فيه الدليل المستمد من دعوى إثبات الحالة فخرجت بها عن وضعها ودلالتها إذ اتخذت منها أساساً لتقدير قيمة الأعمال التمهيدية التي قام بها المقاول فهبطت بتقديرها إلى مبلغ خمسة جنيهات بدلاً من مبلغ سبعة وعشرين جنيهاً الذي قدره الخبير لقيمة تلك الأعمال بمقولة أن تقديره لم يبن على أساس مقبول مع أن دعوى إثبات الحالة لم يكن المقصود منها إثبات مبلغ الضرر إنما كان الغرض منها إثبات موعد بدء العمل وهل تراخى الطاعن في تنفيذ أعمال المقاولة في الميعاد المحدد.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه "من أن قيمة الأعمال التمهيدية تقدر بمبلغ خمسة جنيهات لا بمبلغ سبعة وعشرين جنيهاً الذي قدره خبير دعوى إثبات الحالة إذ لم يبن تقديره على أساس مقبول لأن تلك الأعمال قليلة ولا تقدر بأكثر مما تقدره المحكمة" وهذا هو ما حصلته محكمة الاستئناف من بيان تقرير الخبير للأعمال التمهيدية التي قام بها الطاعن وليس فيه مسخ للدليل المستمد من دعوى إثبات الحالة ذلك أن الحكم الصادر فيها بندب الخبير أورد من ضمن مأموريته معاينة الأعمال التي تمت في عزبة المالك وقد قدرت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قيمة تلك الأعمال مستمدة الدليل على قيامها وقيمتها من تقرير الخبير دون أن تتقيد برأيه في تقدير هذه القيمة ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم الصادر في 12 من مايو سنة 1948 مشوب بالقصور وإذ لم تعول المحكمة على مستندات الطاعن وأقوال شهوده لإثبات دفعه أجرة العمال الذين أرسلهم للقيام بالعمل مؤسسة قضائها على تجريح تلك الأقوال دون أن توازن بنها وبين أقوال شهود النفي فأخطأت في فهم الواقع ولم تلق المحكمة بالاً إلى أن الخطاب المؤرخ في 3 من يونيه سنة 1944 الذي أرسله الطاعن لمورث المطعون عليهم متضمناً إرسال خمسين عاملاً لعزبة المالك فمنعهم ناظرها كان لاحقاً للإيصال المؤرخ في 2 من يونيه سنة 1944 الذي دفع الطاعن بموجبه الأجرة إلى العمال الأمر الذي يدل على أنه كان مقرراً إرسالهم للعمل ولكنهم منعوا منه واستبقاهم رئيس العمال بدمنهور مترقباً جلاء هذا الموقف الطارئ وقد فات المحكمة أن من طردهم ناظر العزبة هم غير الخمسين عاملاً المشار إليهم في الخطاب السالف الذكر.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم المطعون فيه "من أن المحكمة لا تثق بأقوال شهود المقاول في هذا الشأن إذ في حين أن الخطاب المرسل منه في 3 من يونيه سنة 1944 للأستاذ صمويل يفيد أنه وصل للعزبة خمسون عاملاً فمنعهم ناظرها إذ بشهوده يشهدون أن هؤلاء العمال لم يصلوا إلى العزبة وإنما بقوا في دمنهور ولو كان صحيحاً أنه اتفق معهم على العمل بالعزبة لذهبوا إليها ولأثبت وجودهم بوجه رسمي" وهذا الذي قرره الحكم هو أن تحصيل سائغ للواقع في الدعوى وأما ما يتمسك به الطاعن في سبب طعنه فهو جدل موضوعي لا تجوز إثارته لدى هذه المحكمة.