الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 أغسطس 2018

الطعن 5760 لسنة 62 ق جلسة 17 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ق 43 ص 302


برئاسة السيد المستشار /محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدى الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة وابراهيم الهنيدي.
-----------
- 1  استدلالات . تفتيش " اذن التفتيش . إصداره". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي . عدم بيان اسم الطاعن كاملاً ومهنته وسنه ومحل إقامته في محضر الاستدلال . غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات .
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك، وكان عدم ايراد اسم الطاعن كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل اقامته أو الخطأ فيه في محضر جمع الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
- 2  تفتيش " اذن التفتيش . إصداره". مواد مخدرة . نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
إثبات الحكم صدور إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يحرز مواد مخدرة . مفهومه . صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . لا ضبط جريمة مستقبلة .
لما كان الحكم قد أثبت في مدوناته على نحو ما سلف أن العقيد ....... قد استصدر اذناً من النيابة بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يحرز جواهر مخدرة وتمكن من ضبطه بشارع كورنيش النيل أمام كازينو الشجرة حيث عثر معه على المخدر المضبوط فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبلة ويكون الحكم فيما انتهى إليه من اطراح الدفع المبدى من الطاعن في هذا الشأن قد أصاب صحيح القانون.
- 3 إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي. اخذ المحكمة بأقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه و ما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
- 4  إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل.
حق محكمة الموضوع في تحصيل اقوال الشاهد وتفهم سياقها حده ؟
من المقرر أن للمحكمة أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ا دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها.
- 5  إثبات " اعتراف". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
حق المحكمة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع . الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين مت اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشهود وأقواله بالتحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من اطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
- 6  حكم " تسبيب الحكم - التسبيب غير المعيب". قصد جنائي . مواد مخدرة . إثبات " بوجه عام".
القصد الجنائي في جريمة احراز المخدر أو حيازته توافره بقيام العلم لدى الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر لا على المحكمة استظهاره من ظروف الدعوى وملابساتها مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر العلم بكنه المادة المخدرة الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه حقه في الأخذ بأي دليل يرتاح إليه ما لم يقيده القانون بدليل معين .
لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في شأن عدم علمه يكنه المادة المضبوطة بما مفاده أنه قول يتناقض مع أبسط قواعد العقل والمنطق ومع الفهم المباشر لتقريرات المتهم بالتحقيقات والصور المتتابعة التي أدلى بها المتهم للأحداث الجارية بعيداً عن التكلف أو الاصطناع وفى الوقت الذى يعلم فيه بحكم عمله كمحام خطورة وعواقب ما يدلى به الأمر الذى انتهت منه المحكمة إلى اطمئنانها عن عقيدة واقتناع إلى أن المتهم كان على علم كامل وتام بما يحمله في حقيقته من مخدر وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة احراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من الجواهر المخدرة و لا حرج على المحكمة في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها وكان من المقرر كذلك أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي باطمئنانه إلى الإدانة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه من أي مصدر شاء ولا يصح مصادرته في ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين، وكان ما ساقه الحكم تدليلا على توافر علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة كافياً وسائغاً في اثبات هذا العلم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد.
- 7  حكم " تسبيب الحكم. التسبيب غير المعيب". مواد مخدرة
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة . موضوعي . مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار في المخدر .
من المقرر أن احراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار واستظهره في قوله " أنه لا يمكن القول بأن احراز المتهم للمخدر المضبوط كان بقصد التعاطي لكبر حجم الكمية كما أنه لا يمكن القول بأن الاحراز كان مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة لأنه من غير المعقول أن مثل المتهم يحمل مثل الكمية المضبوطة لمجرد الإحراز لحساب آخر وهو يعلم مدى خطورة، ما يحمله وعواقبه وكان في مكنته أن يستعين بآخر لمهمة النقل والتسليم الأمر الذى ترى معه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية ومن ظروف الواقعة وملابساتها ومن كبر حجم الكمية المضبوطة أن الاحراز كان بقصد الاتجار لحساب المتهم نفسه وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن احراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً.
- 8 إثبات " خبرة". مواد مخدرة . نقض "اسباب الطعن - ما لا يقبل من الأسباب".
اطمئنان المحكمة إلى أن المخدر المضبوط هو ما أرسل إلى التحليل مجادلتها في ذلك غير جائزة.
إن جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليله إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن.
- 9  أسباب الاباحة وموانع العقاب.  مواد مخدرة
مناط الاعفاء وفقا لنص المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 . شرطه : تعدد المساهمين فاعلين كانوا او شركاء . ورود الابلاغ على غير المبلغ بقصد تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة . عدم تحقق صدق الابلاغ . اثره انتفاء موجب الاعفاء .
من المقرر أن مناط الاعفاء الذى تتحقق به حكمه التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون 182 سنة 1960 المعدل هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الابلاغ على غير المبلغ بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الاعفاء يتعين أولاً تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليه القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في الجريمة في أعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزى القانون بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة وإذ كان يبين مما ساقه الحكم المطعون فيه فيما سلف أنه اعتنق هذا النظر وخلص بحق إلى رفض طلب تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لإنتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فليس له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب.
- 10 إجراءات " اجراءات التحقيق". محاماة
اجراءات التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبة بمعرفة النيابة العامة المنصوص عليها في المادة 51 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن اصدار قانون المحاماة تنظيمية . مخالفتها . لا بطلان .
من المقرر أن إجراءات التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه بمعرفة النيابة العامة المنصوص عليها في المادة 51 من القانون 17 سنة 1983 بشأن اصدار قانون المحاماة هي إجراءات تنظيمية لم يرتب ذلك القانون على مخالفتها بطلاناً فإنه لا جناح على المحمة إن هي التفتت عنه ولم تعرض له.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار بقصد الإتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلي محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2،1/7، 34/أ، 1/42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق بالقانون الأخير بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائتي ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

----------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر (حشيش) بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وران عليه البطلان ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لخلوها من صفته ومهنته وخطئها في محل إقامته ولقول الضابط أنه أجرى التحريات على الطاعن لمدة عشرة أيام سابقة على صدور الإذن رغم تواجد الطاعن بعمله بمدينة مرسى مطروح خلال تلك الفترة فضلاً عن صدور الإذن عن جريمة مستقبلة ورد الحكم على الدفعين بما لا يسوغ الرد عليهما كما عول الحكم في إدانة الطاعن على شهادة الضابط وتقريرات المتهم بالنيابة العامة رغم تناقض الأولى وكذبها ومخالفة الثانية للحقيقة والواقع كما تمسك الطاعن بانتفاء علمه بكنه المادة المضبوطة ورد الحكم على دفاعه بما لا يصلح رداً ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر قصد الاتجار في حقه كما قام دفاع الطاعن على وجود اختلاف في الوزن بين ما أرسل من المضبوطات للتحليل وما تم تحليله بالفعل ورد الحكم على هذا الدفاع بما لا يسوغه هذا ولم يعمل الحكم المطعون فيه في حق الطاعن الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون مكافحة المخدرات بعد أن أرشد عن صاحب المخدر المضبوط المدعو ....... وأخيراً دفع الطاعن ببطلان التحقيقات تأسيساً على أنه محام وأن النيابة العامة لم تخطر نقابة المحامين إلا بعد انتهاء التحقيق معه. خلافاً لما نصت عليه المادة 51 من قانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفع, كل ذلك يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها ((تخلص في ...... أن التحريات السرية المشتركة التي قام بها العقيد ....... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالقاهرة دلت على أن المتهم ....... المقيم ..... محافظة ..... يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها على عملائه بمدينة القاهرة وطلب من النيابة العامة المختصة الإذن له بضبط المتهم وتفتيشه لضبط ما يحرزه أو يحوزه من مواد مخدرة فأذنت له تنفيذاً لهذا الإذن علم من أحد المرشدين السريين أن المتهم سيتواجد في الساعة الثامنة والنصف مساء يوم 12 من شهر أكتوبر سنة 1991 أمام كازينو ...... بشارع كورنيش النيل بدائرة قسم بولاق لتسليم المواد المخدرة فانتقل في نحو الساعة الثامنة مساء على رأس قوة من رجال الشرطة السريين وبرفقته الرائد ........ وأعد الأكمنة اللازمة وفي نحو الساعة التاسعة مساء شاهد المتهم يعبر الطريق أمام كازينو ...... وبيده حقيبة من الجلد بنية اللون فأسرع بضبطه وبتفتيش الحقيبة وجد بداخلها كيس من النايلون بداخله ثلاث طرب حشيش كل منها مغلفة بقماش الطربة كما وجد بالحقيبة بعض متعلقات المتهم الشخصية وأقر له المتهم لدى الضبط بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار وثبت من تقرير المعامل الكيماوية أن المضبوطات جميعها لمخدر الحشيش)). وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ومن تقريرات المتهم بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك, وكان عدم إيراد اسم الطاعن كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته أو الخطأ فيه في محضر جمع الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون غير سديداً, لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت في مدوناته على نحو ما سلف أن العقيد .......... قد استصدر إذناً من النيابة بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يحرز جواهر مخدرة وتمكن من ضبطه بشارع كورنيش النيل أمام كازينو ......... حيث عثر معه على المخدر المضبوط فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبلة ويكون الحكم فيما انتهى إليه من إطراح الدفع المبدى من الطاعن في هذا الشأن قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته وأن للمحكمة أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها, كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشهود وأقواله بالتحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في شأن عدم علمه بكنه المادة المضبوطة بما مفاده أنه قول يتناقض مع أبسط قواعد العقل والمنطق ومع الفهم المباشر لتقريرات المتهم بالتحقيقات والصور المتتابعة التي أدلى بها المتهم للأحداث الجارية بعيداً عن التكلف أو الاصطناع وفي الوقت الذي يعلم فيه بحكم عمله كمحام خطورة وعواقب ما يدلي به الأمر الذي انتهت منه المحكمة إلى اطمئنانها عن عقيدة واقتناع إلى أن المتهم كان على علم كامل وتام بما يحمله في حقيبته من مخدر)) وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من الجواهر المخدرة ولا حرج على المحكمة في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها وكان من المقرر كذلك أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي باطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطتها أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه من أي مصدر شاء ولا يصح مصادرته في ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين, وكان ما ساقه الحكم تدليلاً على توافر علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة كافياً وسائغاً في إثبات هذا العلم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد, لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما انه يقيمها على ما ينتجها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار واستظهره في قوله ((أنه لا يمكن القول بأن إحراز المتهم للمخدر المضبوط كان بقصد التعاطي لكبر حجم الكمية كما أنه لا يمكن القول بأن الإحراز كان مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة لأنه من غير المعقول أن مثل المتهم يحمل مثل الكمية المضبوطة لمجرد الإحراز لحساب آخر وهو يعلم مدى خطورة, ما يحمله وعواقبه وكان في مكنته أن يستعين بآخر لمهمة النقل والتسليم الأمر الذي ترى معه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية ومن ظروف الواقعة وملابساتها ومن كبر حجم الكمية المضبوطة أن الإحراز كان بقصد الاتجار لحساب المتهم نفسه وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التدليل على توافر هذا القصد لا يكون سديداً. لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بخصوص اختلاف ما أرسل من المضبوطات وما تم تحليله بالفعل بما مفاده ((أن الأحراز المضبوطة لم يصل إليها العبث وعند فض الحرز بمعامل التحليل وجد مطابقاً لحالة التحريز التي تمت بمعرفة النيابة ومطابقاً لما تم ضبطه طبقاً للوصف لذي جاء بمحضر ضبط الواقعة ولا ينال من ذلك الفرق في الوزن بين ميزان مكتب المخدرات وميزان معامل التحليل ذلك أن الشاهد قرر بمحضر الضبط أن ميزان المكتب غير خاص ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى إجراءات التحريز وإلى سلامة الدليل في هذا الشأن)). لما كان ذلك وكان جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 187 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 ورد عليه في قوله ((وحيث أن ما أثاره الدفاع من أن المتهم يتمتع بالإعفاء المقرر بالمادة 48/2 من قانون مكافحة المخدرات فإن هذا الدفاع في غير محله, ذلك أن المتهم لم يبلغ عن المساهمين معه في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء لأن ما جاء بمحضر الضبط من تقريرات المتهم بإحراز المخدر المضبوط بقصد الاتجار, وأنه أخذ الكمية المضبوطة من ......... بمطروح وأن لديه كمية كبيرة منه بمكان سكنه لا يعد اعترافاً صريحاً على النفس في صريح القانون ولا إبلاغاً عن المساهمين له, إنما هو مجرد قول ورد على لسان الشاهد نسبه إلى المتهم لا يعول عليه لعدم الإصرار عليه بدليل أن المتهم أنكر كلية صلته بالمخدر المضبوط بتحقيقات النيابة العامة ونفى علمه بوجود المخدر بالحقيبة, ومن ثم لا يمكن القول بأنه أبلغ عن المساهمين له في الجريمة وأن إبلاغه اتسم بالجدية والكفاية وبالتالي لا يستحق المتهم الإعفاء لانتفاء مقوماته)) وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع وفقاً للمادة 48 من القانون 182 سنة 1960 المعدل هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورد الإبلاغ على غير المبلغ بما مفاده انه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولاً تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطرة التي نص عليها القانون فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلاً أن هناك جناة آخرون ساهموا مع المبلغ في الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمه التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون بالإبلاغ عنها وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطرة وإذ كان يبين مما ساقه الحكم المطعون فيه فيما سلف أنه اعتنق هذا النظر وخلص بحق إلى رفض طلب تمتع الطاعن بالإعفاء المشار إليه لانتفاء مقوماته والحكمة من تشريعه فليس له من بعد التذرع بنص المادة 48 سالفة الذكر وإعفائه من العقاب لما كان ذلك وكان من المقرر أن إجراءات التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه بمعرفة النيابة العامة المنصوص عليها في المادة 51 من القانون رقم 17 سنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة هي إجراءات تنظيمية لم يرتب ذلك القانون على مخالفتها بطلاناً فإنه لا جناح على المحكمة إن التفتت عنه ولم تعرض له لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق