الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 يونيو 2022

الطعن 4718 لسنة 86 ق جلسة 4 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 110 ص 800

جلسة 4 من نوفمبر سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، حمادة عبد الحفيظ إبراهيم، سامح سمير عامر "نواب رئيس المحكمة"، ومحمد أحمد إسماعيل.

------------

(110)

الطعن 4718 لسنة 86 ق

(1) قانون "تفسير القانون".
النص الواضح قاطع الدلالة على المراد منه. لا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

(2) قانون "تطبيق القانون".
تطبيق القانون على وجهه الصحيح. لا يحتاج إلى طلب من الخصوم. التزام القاضي باستظهار الحكم القانوني الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينزله عليها أية كان النص الذي استند إليه الخصوم في تأييد طلباتهم أو دفاعهم أو دفوعهم فيها.

(3 ، 4) سوق الأوراق المالية "أمناء الحفظ، شركات السمسرة".
(3) أمناء الحفظ . ماهية نشاطهم. كل نشاط يتناول حفظ الأوراق المالية والتعامل عليها وإدارتها بما في ذلك حسابات الأوراق المالية باسم ولصالح المالك أو باسم المالك المسجل لصالح المالك المستفيد وذلك كله في حدود. تعليمات العميل. م. 30، 31 ق 93 لسنة 2000 م 2، 49، 52 من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية 906 لسنة 2001 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون.

(4) التزامات أمناء الحفظ . العلاقة بين أمناء الحفظ والعملاء. الحفظ المركزي. هدفه. تسهيل تداول الأوراق المالية.

(5) سوق الأوراق المالية "شركات السمسرة".
شركة السمسرة. التزامها بتسجيل أوامر العملاء وتنفيذها ببيع وشراء الأوراق المالية وبإيداع المشتري لقيمة العملية قبل التنفيذ وبعد التأكد من وجود الورقة المالية محل الأمر في حيازة البائع أو تكون مودعة باسمة في نظام الحفظ المركزي. مخالفة ذلك. أثره. التزامها كضامنة في مالها الخاص بسداد ثمن الأوراق المالية. م 20 ق 95 لسنة 1992 بإصدار قانون سوق رأس المال والمواد 90، 91، 92، 94، 96، 262 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993. مثال.

(6) إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: حجية صور المحررات العرفية".
حجية صور الأوراق العرفية في الإثبات. شرطها. قبولها من خصم من تمسك بها صراحة أو ضمنا.

(7) نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم في قضائه إلى النتيجة الصحيحة واشتمال أسبابه على أخطاء قانونية. المحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه.

(8) سوق الأوراق المالية "أمناء الحفظ، شركات السمسرة".
قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى استنادا لخلوها من سندها القانوني والرابطة العقدية لكون دور البنك المودعة لديه الأوراق المالية وديعة بأجر وأن القانون أناط بشركات السمسرة وحدها عملية بيع وشراء ونقل ملكية الأسهم وأناط بأمين الحفظ حفظها. صحيح.

(9 ، 10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
(9) رأي الخبير عنصر من عناصر الإثبات. محكمة الموضوع سلطتها في تقدير عمل الخبير.

(10) قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى أخذا بما حوته من أوراق منها تقرير الخبير المنصب على بحث وقائع مائية بيانا العلاقة بين أطراف الدعوى ولم ينصب على مسائل قانونية. صحيح.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه متى كان النص واضحة جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه يتعين على قاضي الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وهو في ذلك لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجبه الذي عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن ينزل عليها هذا الحكم أيا ما كانت الحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في طلباتهم ودفاعهم.

3 - النص في الفقرة الثالثة من المادة 30 والمادة 31 من القانون رقم 93 السنة 2000 بشأن الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية وفي المادة الثانية من مواد إصدار قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 906 لسنة 2001 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية المشار إليه والمادتين 49، 52 من ذات اللائحة يدل على أن المقصود بنشاط أمناء الحفظ كل نشاط يتناول حفظ الأوراق المالية والتعامل عليها وإدارتها بما في ذلك حسابات الأوراق المالية باسم ولصالح المالك أو باسم المالك المسجل لصالح المالك المستفيد وذلك كله في حدود تعليمات العميل.

4 - يلتزم المرخص له بممارسة نشاط أمين الحفظ بإيداع الأوراق المالية المقيدة بنظام الإيداع المركزي وشرائها وبيعها وتحويلها في حسابات العملاء وإدارتها مع إضافة وخصم المدفوعات الناتجة عن التعامل عليها في الحساب الخاص بكل عميل وإمساك سجلات لها، وتتحقق العلاقة بين العملاء وأمين الحفظ بإبرام عقد يحدد حقوق والتزامات الطرفين يتضمن بيان كيفية مزاولة النشاط بينهما والخدمات التي يقدمها أمين الحفظ لعملائه وكيفية ومواعيد ومقابل الحصول عليها والتزامات الوكلاء الذين يعملون لحسابه ويجب أن يتم التعاقد بينهما قبل فتح حساب للعميل، ويلتزم أمين الحفظ بتسجيل كافة الاشتراطات المنصوص عليها بالعقد على برامج الحاسب الآلي الخاصة به عند فتح حساب العميل وعليه بذل أقصى درجات عناية الرجل الحريص في تنفيذ أوامر العميل، كما يلتزم بإضافة وخصم المدفوعات الناشئة عن التعامل في الأوراق المالية وإدارتها في الحساب الخاص بكل عميل، بما مؤداه أن نظام الحفظ المركزي يهدف إلى تسهيل تداول الأوراق المالية أو رهنها وذلك عن طريق إلزام الشركة التي تصدر أوراقا مالية وتقيدها في البورصة أو تطرحها للاكتتاب بإيداعها لدى شركة تختص بإيداع وحفظ الأوراق المالية بحيث يتم التعامل عليها باسم ولصالح العميل ووفقا لأوامره وتعليماته وفي حدودها.

5 - النص في م 20 ق 95 لسنة 1992 بإصدار قانون سوق رأس المال والمواد 90، 91، 92، 94، 96، 262 من اللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993. يدل على أنه يحظر على شركات السمسرة إجراء عمليات من شأنها الإضرار بالمتعاملين معها أو الإخلال بحقوقهم، وتلتزم تلك الشركات بتسجيل أوامر العملاء فور ورودها إليها ويتضمن التسجيل الثمن الذي يرغب العميل التعامل به على أن يتم تنفيذ أوامر البيع والشراء للأوراق المالية في المكان والمواعيد التي تحددها إدارة البورصة وذلك لضمان سلامة عملية التداول، كما تلتزم هذه الشركات إذا ما نفذت عملية على خلاف أمر العميل أو على ورقة مالية غير جائز تداولها قانونا بتسليم ورقة غيرها للعميل وإلا وجب عليها تعويضه، إذ إنها لا تنفذ أوامر البيع والشراء إلا بعد التأكد من وجود الورقة المالية محل الأمر في حيازة البائع أو تكون مودعة باسمه في نظام الحفظ المركزي وبعد التأكد من قدرة المشتري على الوفاء بالثمن أيا كانت صفة العميل، وفي جميع الأحوال تكون شركات السمسرة ضامنة في أموالها الخاصة بسداد ثمن الأوراق المالية. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الشركة الطاعنة وهي تعمل في مجال الاستثمارات العديدة الصناعية والتجارية والسياحية والفندقية ولرغبتها في استثمار جزء من أموالها في شركات صناعة الدواء فاتفقت مع السيد "..." - غير المختصم في الطعن - والذي يمثل الشركتين المطعون ضدهما الثالثة والرابعة على أن تسدد له مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي مقابل قيامه بنقل ملكية غالبية أسهم تلك الشركات باسمها وفي حالة عدم رغبتها في إتمام عملية الشراء لتلك الأسهم يلتزم برد المبالغ المدفوعة إليه والعائد المتفق عليه إليها وذلك في موعد غايته ثلاثون يوما من تاريخ إخطارها له بعدم رغبتها في شراء الأسهم وضمانا لذلك قام السيد "..." بإيداع عدد 116000 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة وكذا عدد 8250 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الرابعة بالبنك المطعون ضده الأول وسلمه أوامر بيع هذه الأسهم صادرة من ملاكها، وارتكنت الشركة الطاعنة إثبات لدعواها على صورة ضوئية من الرسالة المرسلة إليها من البنك المطعون ضده الأول عن طريق الفاكس بتاريخ 21/4/2008 والمتضمنة أنه بناء على تعليمات الشركة الطاعنة قام البنك بتحويل مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي قيمة تلك الأسهم لحساب السيد "..." وأنه تسلم منه تلك الأسهم وأوامر بيعها وعليها توقيعات معتمدة من البنك الأهلي المصري وأنه في حالة عدم قيام السيد "..." بسداد المبالغ المحولة له من الشركة الطاعنة يحق لها الحصول منه على هذه المبالغ بالإضافة إلى العائد عليها بنسبة 1% فوق سعر الليبور وتعهد البنك بنقل ملكية الأسهم لصالحها عند أول طلب لها وبدون الرجوع إلى السيد "..." في حالة عدم قيامه بسداد هذه المبالغ والعائد المتفق عليه، إلا أن البنك المطعون ضده الأول اعتصم منذ فجر الدعوى وفي كافة مراحلها بإنكار الرسالة المتحدي بها وتمسك بعدم وجود أصل لها لديه وفقا لادعاء الشركة الطاعنة، وإذ ندبت محكمة الموضوع خبيرة في الدعوى وباشر المأمورية المكلف بها وأودع تقريره والذي انتهى فيه إلى عدم وجود التزام قانوني بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده الأول لخلو الأوراق من وجود عقد اتفاق ينظم إجراءات نقل ملكية الأسهم محل التداعي والذي هو من شأن شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية وأن دور البنك يقتصر على حفظ هذه الأسهم طبقا للشروط والأحكام الصادرة في هذا الشأن وأن الشركة الطاعنة لم تسدد ثمة مبالغ مالية لقيمة الأسهم موضوع التداعي للبنك المطعون ضده الأول أو مقابل حفظها، وإذ كان الحكم المطعون فيه وبعد أن استعرض وقائع الدعوى وأدلتها - وعلى ما يبين من مدوناته - أقام قضاءه على الدليل المستمد من رسالة الفاكس المؤرخة 21/4/2008 والتي تمسكت الشركة الطاعنة بحجيتها وجحدها البنك المطعون ضده الأول واعتصم بإنكارها طوال مراحل التقاضي رغم أنها فقدت قيمتها في الإثبات، كما أضاف في أسبابه أن الأوراق خلت من توقيع عقد اتفاق نظم العلاقة بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده الأول بشأن إجراءات نقل ملكية الأسهم موضوع الدعوى وأن ذلك من شأن شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية وأن دور البنوك يقتصر على حفظ الأسهم لديه فقط وأن الطاعنة لم تسدد للبنك ثمة مبالغ لقيمة الأسهم موضوع الدعوى أو مقابل حفظها، ثم رتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات ما لم يقبلها خصم من تمسك بها صراحة أو ضمنا.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الحكم متى كان سليمة في النتيجة التي انتهى إليها فلا يبطله ما شاب أسبابه القانونية من قصور أو ما وقع فيها من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب واستكمال ما نقص منها بغير نقض الحكم.

8 - انتهاء الحكم المطعون فيه بمدوناته إلى خلو أوراق التداعي من سندها القانوني والرابطة العقدية التي تنظم العلاقة بين طرفي التداعي خلص إلى أن إجراءات نقل ملكية أسهم النزاع من شأن واختصاص شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية، بما مقتضاه أن عمليات بيع وشراء ونقل ملكية الأوراق المالية ورهنها وحفظها ومنها أسهم التداعي قد أحاطها المشرع بسياج من الضمانات نظرا لأنها تمثل قيمة اقتصادية لدى أصحابها وأناط بشركات الإيداع والقيد المركزي إعمالا لقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية رقم 93 لسنة 2000 ولائحته التنفيذية وشركات السمسرة إعمالا لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 ولائحته التنفيذية - وعلى النحو المار الإلماح إليه - بالتعامل في ذلك تحت إشراف وإدارة الهيئة العامة لسوق المال والبورصة والهيئة العامة للرقابة المالية بما تضعه من قواعد ونظم لحفظ الأوراق المالية وإدارتها، وبما مفاده أن قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية أناطا بشركة السمسرة باعتبارها الوسيط بين العملاء المتعاملين معها بتسجيل أوامرهم وتنفيذها ببيع وشراء الأوراق المالية في الزمان والمكان المحددين بمعرفة إدارة البورصة والتزامها بإيداع قيمة العملية كاملة من الراغب في الشراء قبل التنفيذ لحساب البائع، وإلا فإنها تكون ضامنة في مالها الخاص لسداد ثمن الأوراق المالية التي قامت بشرائها لحساب عملائها إذا تخلف العميل راغب الشراء عن سداد ثمن الشراء كاملا، وأخذا بما سبق وعلى نحو ما تقدم أصبح دور المصرف المودع لديه الأوراق المالية ألالتزام بالمحافظة عليها لديه وبذل عناية الوديع بأجر بصفته مهنية محترفة لتلقي الودائع، ومن ثم تكون المختصة بتنظيم إجراءات نقل ملكية أسهم التداعي هي شركات السمسرة والمسئول عن حفظها هو أمين الحفظ إعمالا للقوانين السابق الإشارة إليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر القانوني الصحيح على نحو ما تقدم فلا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من استطراد تزيد عن حاجة الدعوى من التعرض للوعد بالبيع والإيجاب والقبول تأييدا لوجهة نظره إذ يستقيم الحكم بدون ذلك ولهذه المحكمة أن ترد الحكم إلى الأساس القانوني الصحيح الذي خلص إليه دون نقضه.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير وفي الموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه باعتبار أن رأى الخبير لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى.

10 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحا إلى القضاء برفض الدعوى أخذا بما أستخلصه من أوراقها ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها، فضلا عن أن الثابت من الحكم التمهيدي الصادر بندب الخبير أن المهمة الموكولة إليه تشتمل على بحث وقائع مادية بحتة لفحص العلاقة بين طرفي التداعي ولا تنطوي على الفصل في مسائل قانونية، فضلا عن أن ما انتهى إليه معروض على محكمة الموضوع بصفتها الخبير الأعلى لتقول كلمتها فيه، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس.

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 68 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم أصلية: بإلزام البنك المطعون ضده الأول - في مواجهة باقي المطعون ضدهم - بتنفيذ التزامه بنقل ملكية الأسهم المودعة لديه وهي عدد 116000 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة وعدد 8250 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الرابعة والمملوكين لشركة ... الأسهم الشركة الطاعنة وموافاتها بإخطارات بورصة الأوراق المالية بتمام نقل ملكية تلك الأسهم لها واحتياطيا : بإلزام البنك المطعون ضده الأول بأن يؤدي لها مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي بالإضافة إلى العائد المتفق عليه وقدره 1% فوق السعر المعلن (الليبور) من تاريخ إيداع المبلغ بالبنك وحتى تاريخ السداد مع تعويضها عن الأضرار التي أصابتها عما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة نتيجة عدم استثمارها ذلك المبلغ عن الفترة من سنة 2008 وحتى تاريخ السداد، وقالت بيانا لذلك إنها كانت ترغب في استثمار جزء من أموالها في شركات صناعة الدواء فاتفقت مع السيد "..." الذي كان يمثل مجموعة شركات ... على أن تسدد له مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي مقابل نقل ملكية غالبية أسهم تلك الشركات باسم الشركة الطاعنة وفي حالة عدم رغبتها في إتمام عملية الشراء فقد تعهد برد هذا المبلغ لها بالإضافة إلى عائد مركب قدره 1% شهرية حتى تاريخ الرد في موعد أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ إخطارها له بعدم الرغبة في الشراء وضمانا لتعهده أودع الأسهم موضوع الدعوى لدى البنك المطعون ضده الأول وسلمه أوامر ببيعها صادرة من ملاكها وأرسل البنك للشركة الطاعنة خطاب يفيد تحويله لمبلغ ثمانية ملايين دولار قيمة تلك الأسهم لحساب السيد "..." بناء على تعليماتها وأنه تسلم منه تلك الأسهم وأوامر بيعها وعليها توقيعات البائع ومعتمدة ومصدق على صحتها من البنك الأهلي المصري فرع الشريفين كما تعهد البنك المطعون ضده الأول بنقل ملكية الأسهم للشركة الطاعنة عند طلبها ذلك وبدون الرجوع إلى السيد "..." في حالة عدم قيام الأخير بسداد هذا المبلغ لها، وإذ لم يقم بالسداد فقد أرسلت الشركة للبنك خطاب يفيد مطالبتها له بتنفيذ التزامه بنقل ملكية الأسهم لها فطلب البنك منها بعض المستندات الخاصة بذلك فأفادته بأن المستندات المطلوبة موجودة لدى السمسار المعين (شركة ... للسمسرة) لكون القانون يستلزم نقل ملكية الأسهم عن طريق إحدى شركات السمسرة في الأوراق المالية، وبعد أن أرسلت الشركة المستندات للبنك تقاعس عن تنفيذ التزامه بنقل ملكية الأسهم باسمها فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرة، وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 28/1/2016 برفض الدعوى، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ غرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية منعقدة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وأحالته إلى هذه المحكمة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وعلى رأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثالث وبالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى على سند من تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده الأول على أنها وعد منه بنقل ملكية أسهم التداعي لها وأنه يحق للبنك الرجوع في إيجابه لكونه لم يحصل على مقابل لهذه الخدمة ولعدم وجود عقد مكتوب بين الطرفين، في حين أنه لا يجوز للبنك العدول عن إيجابه لكون هذا الإيجاب قد لاقى قبولا لدى الشركة فانعقد العقد بذلك وفقا للرسائل والمكاتبات المتبادلة بينهما، ومن ثم كان يتعين إلزام البنك بالتعويض حال عدوله عن إيجابه أو إلزامه بتنفيذ التزامه بنقل ملكية الأسهم، كما أسس الحكم قضاءه على أن الشركة لم تختصم في دعواها السيد "..." الذي باع أسهم التداعي لها ومن ثم فلا يلتزم البنك بنقل ملكية الأسهم لها باعتباره لا يختص بهذا وأن ذلك من اختصاص شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية، في حين أن السيد "..." أحال التزامه بنقل ملكية تلك الأسهم الشركة الطاعنة إلى البنك المطعون ضده الأول والذي قبل ذلك، ومن ثم كان يتعين إلزام البنك بنقل ملكيتها عبر إحدى شركات السمسرة دون الحاجة إلى أختصام البائع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان النص واضحة جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وأنه يتعين على قاضي الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه، وهو في ذلك لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجبه الذي عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن ينزل عليها هذا الحكم أيا ما كانت الحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في طلباتهم ودفاعهم، وكان النص في الفقرة الثالثة من المادة 30 من القانون رقم 93 لسنة 2000 بشأن الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية على أنه "... ويقصد بنشاط أمناء الحفظ كل نشاط يتناول حفظ الأوراق المالية والتعامل عليها وإدارتها باسم ولصالح المالك أو باسم المالك المسجل لصالح المالك المستفيد، وذلك كله تنفيذا لتعليمات العميل وفي حدودها"، وفي المادة 31 من ذات القانون على أنه يلتزم المرخص له بممارسة نشاط أمناء الحفظ بما يأتي: 1- الفصل بين الأوراق المالية والحسابات الخاصة به وبين ما يخص كل من عملائه، مع إمساك سجلات بذلك 2- إضافة وخصم المدفوعات الناتجة عن التعامل على الأوراق المالية وإدارتها في الحساب الخاص بكل عميل 3- رد الأوراق المالية للعميل وما له من مبالغ نقدية وذلك بناء على طلبه"، وفي المادة الثانية من مواد إصدار قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 906 لسنة 2001 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية المشار إليه على أنه في تطبيق أحكام اللائحة المرافقة يقصد بالقانون "قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية الصادر بالقانون رقم 93 لسنة 2000" وبالوزير المختص "وزير التجارة الخارجية" وبالهيئة "الهيئة العامة لسوق المال" وبالبورصة "كل من بورصتي القاهرة والإسكندرية للأوراق المالية" وبالشركة شركة الإيداع والقيد المركزي" وبالعضو "عضو الإيداع المركزي" وبالجهة المصدرة "كل جهة أو شركة أصدرت أوراقا مالية"، وفي المادة 49 من ذات اللائحة على أنه "على أمين الحفظ أن يبرم اتفاقا مكتوبة مع عملائه بمراعاة القواعد التي تضعها الهيئة على أن يتضمن ما يلي: 1- التزام أمين الحفظ بحفظ وإمساك حسابات الأوراق المالية وإدارتها باسم ولصالح مالكها ووفقا لتعليماته وفي حدودها 2- التزام أمين الحفظ ببذل أقصى درجات عناية الرجل الحريص في تنفيذ أوامر العميل 3- تحديد عمولة أمين الحفظ عن الخدمات التي يؤديها 4- أسلوب تسوية المنازعات التي تنشأ بين الطرفين، وتخطر الهيئة بنموذج الاتفاق ولها إبداء ما تراه من ملاحظات عليها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطارها بها"، وفي المادة 52 من ذات اللائحة على أنه "يلتزم أمين الحفظ بما يأتي: 1- الفصل بين الأوراق المالية المملوكة له والحسابات الخاصة به وبين ما يخص عملائه، مع إمساك السجلات اللازمة لذلك 2- إضافة وخصم المدفوعات الناشئة عن التعامل في الأوراق المالية وإدارتها في الحساب الخاص بكل عميل 3- رد الأوراق المالية للعميل وما يستحقه من مبالغ نقدية بناء على طلبه، وذلك بمراعاة الاتفاق الذي يبرم مع العميل 4- الاحتفاظ بقائمة بأسماء جميع عملائه وبملف لكل عميل يتضمن البيانات الأساسية له وبيانا بالأوراق المالية التي جرى التعامل عليها لحسابه والعقود التي تم توقيعها بينه وبين المرخص له وكذلك بالمراسلات المتبادلة بينهما 5- موافاة العميل بكشف حساب تفصيلي بصفة دورية إلى كل عميل على أن يتضمن الكشف العمليات التي تم تنفيذها ورصيد العميل - موافاة الهيئة والشركة بما تطلبه كل منهما من بيانات، ويقصد بالعميل أي شخص طبيعي أو اعتباري تم فتح حساب له أو التعاقد معه على حفظ الأوراق المالية وإدارتها باسمه ولصالحه ولو لم يتم تنفيذ أية عمليات لحسابه يدل على أن المقصود بنشاط أمناء الحفظ كل نشاط يتناول حفظ الأوراق المالية والتعامل عليها وإدارتها بما في ذلك حسابات الأوراق المالية باسم ولصالح المالك أو باسم المالك المسجل لصالح المالكي المستفيد وذلك كله في حدود تعليمات العميل، على أن يلتزم المرخص له بممارسة نشاط أمين الحفظ بإيداع الأوراق المالية المقيدة بنظام الإيداع المركزي وشرائها وبيعها وتحويلها في حسابات العملاء وإدارتها مع إضافة وخصم المدفوعات الناتجة عن التعامل عليها في الحساب الخاص بكل عميل وإمساك سجلات لها، وتتحقق العلاقة بين العملاء وأمين الحفظ بإبرام عقد يحدد حقوق والتزامات الطرفين يتضمن بيان كيفية مزاولة النشاط بينهما والخدمات التي يقدمها أمين الحفظ لعملائه وكيفية ومواعيد ومقابل الحصول عليها والتزامات الوكلاء الذين يعملون لحسابه ويجب أن يتم التعاقد بينهما قبل فتح حساب للعميل، ويلتزم أمين الحفظ بتسجيل كافة الاشتراطات المنصوص عليها بالعقد على برامج الحاسب الآلي الخاصة به عند فتح حساب العميل وعليه بذل أقصى درجات عناية الرجل الحريص في تنفيذ أوامر العميل، كما يلتزم بإضافة وخصم المدفوعات الناشئة عن التعامل في الأوراق المالية وإدارتها في الحساب الخاص بكل عميل، بما مؤداه أن نظام الحفظ المركزي يهدف إلى تسهيل تداول الأوراق المالية أو رهنها وذلك عن طريق إلزام الشركة التي تصدر أوراقا مالية وتقيدها في البورصة أو تطرحها للاكتتاب بإيداعها لدى شركة تختص بإيداع وحفظ الأوراق المالية بحيث يتم التعامل عليها باسم ولصالح العميل ووفقا لأوامره وتعليماته وفي حدودها. لما كان ذلك، وكان قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 قد تضمن النص في المادة 20 منه على أن تبين اللائحة التنفيذية الأحكام المنظمة لعقد عمليات التداول والمقاصة والتسوية في عمليات الأوراق المالية ونشر المعلومات عن التداول، وكان النص في المادة 90 من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال المذكور المعدلة بقرار وزير الاقتصاد رقم 39 لسنة 1998 على أن "يحظر على شركة السمسرة أتباع سياسة أو إجراء عمليات من شأنها الإضرار بالمتعاملين معها أو الإخلال بحقوقهم، كما يحظر عليها عقد عمليات لحسابها الخاص، وفي المادة 91 من ذات اللائحة على أنه يجب على شركة السمسرة تسجيل أوامر العملاء فور ورودها إليها، ويتضمن التسجيل مضمون الأمر واسم مصدره وصفته وساعة وكيفية وروده إلى الشركة، والثمن الذي يرغب العميل التعامل به، وعلى الشركة تجهيز مقارها بالوسائل اللازمة لمباشرة نشاطها"، وفي المادة 92 من ذات اللائحة المعدلة بقرار وزير الاقتصاد رقم 340 لسنة 2001 على أن يكون تنفيذ أوامر وشراء الأوراق المالية بما في ذلك العمليات التي تقوم بها شركات السمسرة طبقا للأوامر الصادرة إليها من طرفيها في المكان والمواعيد التي تحددها إدارة البورصة، ويجب عرض هذه الأوامر بطريقة تكفل العلانية والبيانات اللازمة للتعريف بالعملية وفقا للقواعد التي تقررها إدارة البورصة وتعتمدها الهيئة"، وفي المادة 94 من ذات اللائحة على أن تضع البورصة نظم العمل والقواعد التي من شأنها ضمان سلامة عمليات التداول وحسن أداء البورصة لوظائفها، وتشكل إدارة البورصة لجنة لمراقبة عمليات التداول اليومي والتحقق من تطبيق القوانين والقرارات وحل الخلافات التي قد تنشأ عن هذه العمليات"، وفي المادة 96 من ذات اللائحة على أن تلتزم شركة السمسرة التي نفذت عملية على خلاف أوامر العميل أو على ورقة مالية غير جائز تداولها قانونا أو محجوز عليها بتسليم ورقة غيرها خلال أسبوع من تاريخ المطالبة، وإلا وجب عليها تعويض العميل، وذلك دون إخلال بحقها في الرجوع على المتسبب بالتعويض"، وفي المادة 262 من ذات اللائحة المضافة بقرار وزير الاقتصاد رقم 39 لسنة 1998 على أنه "لا يجوز للشركة تنفيذ أمر بيع أو شراء إلا بعد التأكد من وجود الورقة المالية محل الأمر في حيازة البائع أو مودعة باسمه في نظام الحفظ المركزي وبعد التحقق من قدرة المشتري على الوفاء بالثمن أيا كانت صفة العميل وسواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وفي جميع الأحوال تكون الشركة ضامنة في أموالها الخاصة لسداد ثمن الأوراق المالية التي قامت بشرائها الحساب عملائها إذا تبين عند المطالبة به أن العميل لم يقم بتسديد ثمن الشراء" يدل على أنه يحظر على شركات السمسرة إجراء عمليات من شأنها الإضرار بالمتعاملين معها أو الإخلال بحقوقهم، وتلتزم تلك الشركات بتسجيل أوامر العملاء فور ورودها إليها ويتضمن التسجيل الثمن الذي يرغب العميل التعامل به على أن يتم تنفيذ أوامر البيع والشراء للأوراق المالية في المكان والمواعيد التي تحددها إدارة البورصة وذلك لضمان سلامة عملية التداول، كما تلتزم هذه الشركات إذا ما نفذت عملية على خلاف أمر العميل أو على ورقة مالية غير جائز تداولها قانونا بتسليم ورقة غيرها للعميل وإلا وجب عليها تعويضه، إذ إنها لا تنفذ أوامر البيع والشراء إلا بعد التأكد من وجود الورقة المالية محل الأمر في حيازة البائع أو تكون مودعة باسمه في نظام الحفظ المركزي وبعد التأكد من قدرة المشتري على الوفاء بالثمن أيا كانت صفة العميل، وفي جميع الأحوال تكون شركات السمسرة ضامنة في أموالها الخاصة بسداد ثمن الأوراق المالية. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الشركة الطاعنة وهي تعمل في مجال الاستثمارات العديدة الصناعية والتجارية والسياحية والفندقية ولرغبتها في استثمار جزء من أموالها في شركات صناعة الدواء فاتفقت مع السيد "...." - غير المختصم في الطعن - والذي يمثل الشركتين المطعون ضدهما الثالثة والرابعة على أن تسدد له مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي مقابل قيامه بنقل ملكية غالبية أسهم تلك الشركات باسمها وفي حالة عدم رغبتها في إتمام عملية الشراء لتلك الأسهم يلتزم برد المبالغ المدفوعة إليه والعائد المتفق عليه إليها وذلك في موعد غايته ثلاثون يوما من تاريخ إخطارها له بعدم رغبتها في شراء الأسهم وضمانا لذلك قام السيد "...." بإيداع عدد 116000 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الثالثة وكذا عدد 8250 سهم من أسهم الشركة المطعون ضدها الرابعة بالبنك المطعون ضده الأول وسلمه أوامر بيع هذه الأسهم صادرة من ملاكها، وارتكنت الشركة الطاعنة إثباتا لدعواها على صورة ضوئية من الرسالة المرسلة إليها من البنك المطعون ضده الأول عن طريق الفاكس بتاريخ 21/4/2008 والمتضمنة أنه بناء على تعليمات الشركة الطاعنة قام البنك بتحويل مبلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي قيمة تلك الأسهم لحساب السيد "..." وأنه تسلم منه تلك الأسهم وأوامر بيعها وعليها توقيعات معتمدة من البنك الأهلي المصري وأنه في حالة عدم قيام السيد "..." بسداد المبالغ المحولة له من الشركة الطاعنة يحق لها الحصول منه على هذه المبالغ بالإضافة إلى العائد عليها بنسبة 1% فوق سعر الليبور وتعهد البنك بنقل ملكية الأسهم لصالحها عند أول طلب لها وبدون الرجوع إلى السيد "..." في حالة عدم قيامه بسداد هذه المبالغ والعائد المتفق عليه، إلا أن البنك المطعون ضده الأول اعتصم منذ فجر الدعوى وفي كافة مراحلها بإنكار الرسالة المتحدي بها وتمسك بعدم وجود أصل لها لديه وفقا لادعاء الشركة الطاعنة، وإذ ندبت محكمة الموضوع خبيرا في الدعوى وباشر المأمورية المكلف بها وأودع تقريره والذي انتهى فيه إلى عدم وجود التزام قانوني بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده الأول لخلو الأوراق من وجود عقد اتفاق ينظم إجراءات نقل ملكية الأسهم مجل التداعي والذي هو من شأن شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية وأن دور البنك يقتصر على حفظ هذه الأسهم طبقا للشروط والأحكام الصادرة في هذا الشأن وأن الشركة الطاعنة لم سدد ثمة مبالغ مالية لقيمة الأسهم موضوع التداعي للبنك المطعون ضده الأول أو مقابل حفظها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه وبعد أن استعرض وقائع الدعوى وأدلتها - وعلى ما يبين من مدوناته - أقام قضاءه على الدليل المستمد من رسالة الفاكس المؤرخة 21/4/2008 والتي تمسكت الشركة الطاعنة بحجيتها وجحدها البنك المطعون ضده الأول واعتصم بإنكارها طوال مراحل التقاضي رغم أنها فقدت قيمتها في الإثبات، كما أضاف في أسبابه أن الأوراق خلت من توقيع عقد اتفاق نظم العلاقة بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده الأول بشأن إجراءات نقل ملكية الأسهم موضوع الدعوى وأن ذلك من شأن شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية وأن دور البنوك يقتصر على حفظ الأسهم لديه فقط وأن الطاعنة لم تسدد للبنك ثمة مبالغ لقيمة الأسهم موضوع الدعوى أو مقابل حفظها، ثم رتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أنه لا حجية لصور الأوراق العرفية ولا قيمة لها في الإثبات ما لم يقبلها خصم من تمسك بها صراحة أو ضمنا، وأن الحكم متى كان سليمة في النتيجة التي انتهى إليها فلا يبطله ما شاب أسبابه القانونية من قصور أو ما وقع فيها من أخطاء قانونية إذ المحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب واستكمال ما نقص منها بغير نقض الحكم، ولما كان الحكم المطعون فيه وبعد أن انتهى بمدوناته إلى خلو أوراق التداعي من سندها القانوني والرابطة العقدية التي تنظم العلاقة بين طرفي التداعي خلص إلى أن إجراءات نقل ملكية أسهم النزاع من شأن واختصاص شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية، بما مقتضاه أن عمليات بيع وشراء ونقل ملكية الأوراق المالية ورهنها وحفظها ومنها أسهم التداعي قد أحاطها المشرع بسياج من الضمانات نظرا لأنها تمثل قيمة اقتصادية لدى أصحابها وأناط بشركات الإيداع والقيد المركزي إعمالا لقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية رقم 93 لسنة 2000 ولائحته التنفيذية وشركات السمسرة إعمالا لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 ولائحته التنفيذية - وعلى النحو المار الإلماح إليه - بالتعامل في ذلك تحت إشراف وإدارة الهيئة العامة لسوق المال والبورصة والهيئة العامة للرقابة المالية بما تضعه من قواعد ونظم لحفظ الأوراق المالية وإدارتها، وبما مفاده أن قانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية أناطا بشركة السمسرة - باعتبارها الوسيط بين العملاء المتعاملين معها – بتسجيل أوامرهم وتنفيذها ببيع وشراء الأوراق المالية في الزمان والمكان المحددين بمعرفة إدارة البورصة والتزامها بإيداع قيمة العملية كاملة من الراغب في الشراء قبل التنفيذ لحساب البائع، وإلا فإنها تكون ضامنة في مالها الخاص لسداد ثمن الأوراق المالية التي قامت بشرائها لحساب عملائها إذا تخلف العميل راغب الشراء عن سداد ثمن الشراء كاملا، وأخذا بما سبق وعلى نحو ما تقدم أصبح دور المصرف المودع لديه الأوراق المالية الالتزام بالمحافظة عليها لديه وبذل عناية الوديع بأجر بصفته مهنية محترفة لتلقى الودائع، ومن ثم تكون المختصة بتنظيم إجراءات نقل ملكية أسهم التداعي هي شركات السمسرة والمسئول عن حفظها هو أمين الحفظ إعمالا للقوانين السابق الإشارة إليها، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر القانوني الصحيح على نحو ما تقدم فلا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من استطراد تزيد عن حاجة الدعوى من التعرض للوعد بالبيع والإيجاب والقبول تأييده لوجهة نظره إذ يستقيم الحكم بدون ذلك ولهذه المحكمة أن ترد الحكم إلى الأساس القانوني الصحيح الذي خلص إليه دون نقضه، ومن ثم يضحى هذا النعي على غير أساس.

وحيث إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بالوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه على النتيجة التي انتهى إليها الخبير المنتدب في الدعوى رغم تعرضه لمسألة قانونية تتعلق بأعمال البنوك وهو ما يخرج عن نطاق أعماله، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير وفي الموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه باعتبار أن رأى الخبير لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحا إلى القضاء برفض الدعوى أخذا بما أستخلصه من أوراقها و مستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها، فضلا عن أن الثابت من الحكم التمهيدي الصادر بندب الخبير أن المهمة الموكولة إليه تشتمل على بحث وقائع مادية بحتة لفحص العلاقة بين طرفي التداعي ولا تنطوي على الفصل في مسائل قانونية، فضلا عن أن ما انتهى إليه معروض على محكمة الموضوع بصفتها الخبير الأعلى لتقول كلمتها فيه، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 6146 لسنة 80 ق جلسة 15 / 11 / 2020 مكتب فني 71 ق 112 ص 821

جلسة 15 من نوفمبر 2020

برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ بهاء صالح، وليد رستم، وليد عمر "نواب رئيس المحكمة"، وأحمد لطفي.

----------------

(112)

الطعن 6146 لسنة 80 ق

(1 - 4) عمل "نقل العاملين: شروط وقواعد نقل العاملين".
(1) سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته ونقل العامل. شرطه. أن يكون لصالح العمل. النقل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة. اتسامه بالتعسف طالما لم يقصد منه صالح العمل.

(2) قرار النقل. تعييبه. وجوب أن يثبت العامل أنه افتقد مقوماته القانونية أو كان بقصد الإساءة له أو سترا لجزاء تأديبي.

(3) استخلاص التعسف في نقل العامل. مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره دون معقب متي أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

(4) قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بإلغاء قرار نقل المطعون ضده تأسيسا على ما خلص إليه وتقرير الخبير من انه مشوبا بالتعسف ولم يستهدف صالح العمل بأسباب سائغة. النعي عليه في ذلك. جدل موضوعي. على غير أساس.

(5) إثبات "عبء الإثبات".
التزام الطاعنة بتقديم الدليل على ما تتمسك به من أوجه الطعن. عدم تقديمها المستندات التي تثبت ما تدعيه. أثره. نعي عار عن الدليل. غير مقبول. م 255 ق المرافعات المعدلة.

(6) عمل "بدلات: ماهية البدل".
البدل. ماهيته. عدم اعتباره جزءا من الأجر. ارتباطه بالظروف التي دعت إلى تقريره يستحق بوجودها وينقطع بزوالها. توقف صرفه على شغل العامل للوظيفة أو قيامه بأعبائها. علة ذلك.

(7) عمل "بدلات: بدل الورادي".
نقل المطعون ضده إلى وظيفة ليس مقررة لها بدل الورادي والحافز المطالب بهما وعدم مباشرته العمل يستحق عنه ذلك. أثره. عدم استحقاقه لهما. قضاء الحكم المطعون فيه بأحقيته لهما. مخالفة للقانون وخطأ.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لرب العمل السلطة في تنظيم منشأته أو إعادة تنظيمها فيكون له نقل العامل إلى وظيفة أخرى إلا أن ذلك مشروط أن يكون الباعث على النقل هو صالح العمل وأن يكون إلى وظيفة مماثلة من حيث الدرجة والراتب والمركز الأدبي للوظيفة ولازم ذلك أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة إنما يتسم بالتعسف طالما لم يقصد منه صالح العمل حتى لو كان إلى وظيفة مماثلة بذات الدرجة المالية والراتب.

2 - لا يعيب قرار النقل إلا أن يثبت العامل أنه افتقد مقوماته القانونية لعدم استيفائه الشروط والأوضاع المقررة بأن تم دونما يبرره من مقتضيات العمل ودواعيه أو بقصد الإساءة إلى العامل أو سترة لجزاء تأديبي.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص التعسف في نقل العامل من عدمه مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

4 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء قرار نقل المطعون ضده المؤرخ 6/5/2000 وما ترتب على ذلك من إعادته إلى عمله قبل النقل على ما أستخلصه من أوراق الدعوى وتقرير الخبير أن هذا القرار لا يستهدف مصلحة العمل وشابه التعسف بالنظر إلى أن المؤهل الحاصل عليه "دبلوم المدارس الثانوية الصناعية تخصص معادن دقيقة" غير متصل بطبيعة العمل المنقول إليه "ميكانيكي سيارات" وليس مناسبة له بما يخالف شروط عقد العمل المبرم بينه وبين الطاعنة وأحكام لائحتها وأيضا للاشتراطات التي حددتها بطاقة وصف الوظيفة المنقول إليها وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون - ولم تقدم الطاعنة رفق طعنها ما ينال من ذلك - فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من أدلة الدعوى، ويضحى النعي على غير أساس.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون وأن المادة 255 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 والمعمول به اعتبارا من 1/10/2007 أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة المستندات التي تؤيد الطعن، وإذ كانت الطاعنة لم تقدم الدليل على صحة ما أثارته بنعيها بشأن ما أورده الخبير بتقريره المودع في الدعوى وما نصت عليه لائحة نظام العاملين بها وهو ما لا يمكن معه للمحكمة التحقق من صحة ما تنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإن نعيها عليه بهذا الوجه أيا كان وجه الرأي فيه، يكون عارية عن دليله ومن ثم غير مقبول.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن البدل إما أن يعطى للعامل عوضا عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزءا من الأجر ولا يتبعه في حكمه. وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أدائه لعلمه فيعتبر جزءا من الأجر مرهونا بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وينقطع بزوالها ويتوقف صرفه في الحالين على شغل العامل للوظيفة أو قيامه بأعبائها إذ إن الأصل في استحقاق الأجر أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل أما ملحقاته فمنها ما لا يستحق للعامل إلا إذا تحققت أسبابها.

7 - إذ كان المطعون ضده لا يماري في أن الوظيفة المنقول إليها وعلى ما يبين من مدونات الحكم الابتدائي ليس مقررا لها بدل الورادي والحافز المطالب بهما وأنه لم يباشر عملا يستحق عنه ذلك فإنه يكون فاقد الحق في طلبهما وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجابه لهما فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى التي آل قيدها لرقم.... لسنة 2002 عمال الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة "الجمعية ... للبترول" بطلب الحكم بإلزامها بإلغاء قرار نقله وصرف بدل الورادي والحافز والتعويض عن نقله التعسفي. وقال بيانا لدعواه إنه من العاملين لدى الطاعنة وإذ أصدرت قرارا بنقله من عمل ميكانيكي "صيانة وحده ميكانيكا ورادي" إلى "ميكانيكي سيارات بقسم الورش" وكان هذا القرار مشوبة بالتعسف وأدى إلى حرمانه من بدل الورادي والحافز مما أصابه بأضرار مادية وأدبية فقد أقام الدعوى. وندبت المحكمة خبيرة وبعد أن قدم تقريره قضت بإلغاء قرار نقل المطعون ضده وإعادته إلى عمله، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدى له الفروق المالية لبدل الورادي والحافز، ومبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضا عن نقله تعسفية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 65 ق، وبتاريخ 10/2/2010 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بجعل مبلغ التعويض ألف جنيه والتأييد فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا. وإذ غرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني والسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلغاء قرار نقل المطعون ضده وعودته لعمله السابق على سند من اطمئنانه لتقرير الخبير المنتدب في الدعوي الذي انتهى إلى أن قرار نقله صدر تعسفية ولغير صالح العمل رغم أنه جاء لصالح العمل لوجود خلافات بين المطعون ضده ورئاسته وتم إعمالا لأحكام المادة 76 من لائحة نظام العاملين بقطاع البترول الواجبة التطبيق دون أحكام قانون العمل الذي طبقه الحكم المطعون فيه، فضلا على أن سلطة القضاء تقف عند حد إلغاء القرار دون أن تمتد إلى الإعادة للعمل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان لرب العمل السلطة في تنظيم منشأته أو إعادة تنظيمها فيكون له نقل العامل إلى وظيفة أخرى إلا أن ذلك مشروط أن يكون الباعث على النقل هو صالح العمل وأن يكون إلى وظيفة مماثلة من حيث الدرجة والراتب والمركز الأدبي للوظيفة ولازم ذلك أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة إنما يتسم بالتعسف طالما لم يقصد منه صالح العمل حتى لو كان إلى وظيفة مماثلة بذات الدرجة المالية والراتب. ولا يعيب قرار النقل إلا أن يثبت العامل أنه افتقد مقوماته القانونية لعدم استيفاءه الشروط والأوضاع المقررة بأن تم دون ما يبرره من مقتضيات العمل ودواعيه أو بقصد الإساءة إلى العامل أو سترة لجزاء تأديبي، وكان من المقرر أيضا أن استخلاص التعسف في نقل العامل من عدمه مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء قرار نقل المطعون ضده المؤرخ 6/5/2000 وما ترتب على ذلك من إعادته إلى عمله قبل النقل على ما استخلصه من أوراق الدعوى وتقرير الخبير أن هذا القرار لا يستهدف مصلحة العمل وشابه التعسف بالنظر إلى أن المؤهل الحاصل عليه "دبلوم المدارس الثانوية الصناعية تخصص معادن دقيقة" غير متصل بطبيعة العمل المنقول إليه "ميكانيكي سيارات" وليس مناسبا له بما يخالف شروط عقد العمل المبرم بينه وبين الطاعنة وأحكام لائحتها وأيضا للاشتراطات التي حددتها بطاقة وصف الوظيفة المنقول إليها وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغة له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون - ولم تقدم الطاعنة رفق طعنها ما ينال من ذلك - فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من أدلة الدعوى، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن تقرير الخبير الذي عول عليه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه خلص إلى أن قرار نقل المطعون ضده لم يصدر من المختص وهو رئيس مجلس إدارتها رغم تعلق ذلك بالمستوى الأول دون المستويين الثاني والثالث الذي يتم بمعرفه نائب رئيس الهيئة أو مدير الإدارة العامة إذا كان النقل داخل الإدارة إعمالا لأحكام لائحتها وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون وأن المادة 255 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 والمعمول به اعتبارا من 1/10/2007 أوجبت على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة المستندات التي تؤيد الطعن، وإذ كانت الطاعنة لم تقدم الدليل على صحة ما أثارته بنعيها بشأن ما أورده الخبير بتقريره المودع في الدعوى وما نصت عليه لائحة نظام العاملين بها وهو ما لا يمكن معه للمحكمة التحقق من صحة ما تنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإن نعيها عليه بهذا الوجه أيا كان وجه الرأي فيه، يكون عارية عن دليله ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بأحقية المطعون ضده لبدل الورادي والحافز اللذين كان يحصل عليهما في الوظيفة المنقول منها رغم أن الوظيفة المنقول إليها ليس مقررة لها هذين البدلين فإنه يكون معيبة ما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن قضاء هذه المحكمة يجري على أن البدل إما أن يعطى للعامل عوضا عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله وهو على هذا الوضع لا يعتبر جزء من الأجر ولا يتبعه في حكمه. وإما أن يعطى له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أدائه لعلمه فيعتبر جزءا من الأجر مرهون بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وينقطع بزوالها ويتوقف صرفه في الحالتين على شغل العامل للوظيفة أو قيامه بأعبائها إذ إن الأصل في استحقاق الأجر أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل أما ملحقاته فمنها ما لا يستحق للعامل إلا إذا تحققت أسبابه. لما كان ذلك وكان المطعون ضده. لا يماري في أن الوظيفة المنقول إليها وعلى ما يبين من مدونات الحكم الابتدائي ليس مقررة لها بدل الوردي والحافز المطالب بهما وأنه لم يباشر عملا يستحق عنه ذلك فإنه يكون فاقد الحق في طلبهما وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجابه لهما فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

الطعن 44863 لسنة 85 ق جلسة 10 / 9 / 2017 مكتب فني 68 ق 58 ص 558

جلسة 10 من سبتمبر سنة 2017


برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عـادل عـمـارة ، أحـمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة ووائل صبحي .
------------

(58)

الطعن رقم 44863 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة اختلاس مرتبطة بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها .

(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تقدير جدية التحريات . موضوعي .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .

(3) تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إثبات بيانات المحررات المزورة في صلب الحكم . غير لازم . ما دامت كانت مطروحة على بساط البحث في حضور الخصوم. حد ذلك؟

(4) اختلاس أموال أميرية . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

   لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة التزوير . ما دامت العقوبة الموقعة تدخل في الحدود المقررة لجريمة الاختلاس باعتبارها الأشد .

(5) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً صريحاً . استفادته من الأدلة التي عوَّلت عليها المحكمة .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(6) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .

القصور في أمر الإحالة . لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات . إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها . غير جائز . علة ذلك ؟

(7) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

مثال .

(8) عقوبة " تقديرها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . ظروف مخففة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي .

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال .

مثال .

(9) غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

إغفال الحكم المطعون فيه توقيع عقوبة الغرامة بالمخالفة للمادة 118 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

(10) قانون " القانون الأصلح " " تفسيره " . صلح . اختلاس أموال أميرية .

المادة 18 مكرراً (ب) عقوبات المضافة بالقانون 16 لسنة 2015 . مفادها ؟

القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة 5/2 عقوبات . ماهيته ؟

صدور القانون 16 لسنة 2015 لا يحقق معنى القانون الأصلح للطاعن في الدعوى الماثلة متى كان محل جريمة الاختلاس هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... وما ثبت من مطالعة دفتري حصر الحبس ، والتنفيذ ، وأجندة الجلسات ، وإقرارات المتهم بالتحقيقات بأنه المُحرر للعبارات المزورة الثابتة بجدول جنح .... ، وطلبات الحصول على شهادات الجدول ، وكذا الطلب المقدم من المتهم الثاني في القضية .... لسنة .... جنح .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .

2- لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر لمحكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين للتثبت من صحة التحريات أو عدم صحتها ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل .

3- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة واطلعت عليه ، فإنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهم كانوا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليهم أن يُبدي ما يعن له بشأنهم في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي لهذا السبب على غير أساس .

4- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، مادامت المحكمة قد طبَّقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد ، وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله .

5- لما كان الدفع بنفي التهمة دفعاً موضوعياً لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عوَّلت عليها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن انقطاع صلته بالواقعة لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي لها أمام محكمة النقض .

6- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ، ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

7- لما كان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلاً عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .

8- من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أنه موظف والعائل الوحيد لأسرته وما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول .

9- لما كان الحكم المطعون فيه وإن قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات والعزل ، إلَّا أنه لم يقض بعقوبة الغرامة على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن في تصحيحه ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه .

10- لما كان قد صدر المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بعد صدور الحكم المطعون فيه ، ونص في مادته الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً ب إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على جواز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ومن بينها الجريمة موضوع الطعن ، ورتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية سواء كانت مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ، أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً فلهذه المحكمة – محكمة النقض – منعقدة في غرفة المشورة بناءً على طلب النائب العام أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة . لما كان ذلك ، وكان القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون له أصلح من القانون القديم ، وكان القانون سالف البيان لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن – في الدعوى الماثلة – إذ إن الاختلاس محل الدعوى هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال ، وإنما له قيمة أدبية أو اعتبارية ، وهو ما لا يتصور فيه حصول تسوية وفقاً لاشتراطات النص لإعمال مقتضاه ، ومن ثم فلا محل لإعمال القانون سالف البيان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

أولاً - المتهم الأول :

1 – بصفته موظفاً عاماً ( كاتب بجداول نيابة .... ) والمسئول عن تسديد المعارضات والاستئنافات بتلك الجداول اختلس الغلاف الخاص بالقضية رقم .... المدون عليه القيد والوصف والاتهام المقدم به المتهم الثاني للمحاكمة ، وكذا الصفحة رقم .... بجدول جنح .... المدون بها ذات البيانات سالفة البيان والمملوكين لجهة عمله والمسلمين إليه بمناسبة صفته ووظيفته آنفتي البيان ، وقد ارتبطت تلك الجناية بجنايتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته ووظيفته آنفتي البيان ارتكب تزويراً في محررات رسمية ، وذلك بطريق تغيير المحررات وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها ، وذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة بطلب إبداء الأقوال المقدم من المتهم الثاني في القضية سالفة الذكر أن تلك القضية مازالت بالعرض ولم يتم التصرف فيها على الرغم من تقديمها لجلسة وإعلان المتهم الثاني بها ونزع صفحة الجدول الأصلية رقم .... محل الاختلاس ولصق مكانها أخرى لم يثبت بها البيانات الحقيقية الخاصة بتلك القضية وذلك ستراً لاختلاسه ، واستعمل المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن احتج بما دون بها على جهة عمله ولإعمال آثارها في صدور قرار النيابة العامة بقيد الأوراق برقم إداري وحفظها إدارياً وإصدار شهادة من واقع الجدول للمتهم الثاني تضمنت تلك البيانات .

2 - بصفته سالفة البيان حصل للمتهم الثاني على منفعة من عمل من أعمال وظيفته دون وجه حق ، بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة السابقة ، مما ظفره بعدم المثول أمام القضاء وحفظ القضية سالفة البيان إدارياً والحصول على شهادة تفيد ذلك على النحو الوارد بالتحقيقات .

3 - بصفته سالفة البيان أتلف عمداً الأوراق والمستندات لجهة عمله وهي ( الصفحة رقم مسلسل .... بدفتر جدول جنح .... ، غلاف الحفظ للقضية رقم .... ) والمسلمين إليه بصفته ووظيفته ، بأن قام بنزع تلك الأوراق واستبدالها بأخرى ، وكان ذلك بقصد تسهيل ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثانياً - المتهم الأول :

1 - بصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في محررات رسمية ، وهي جدول قيد جنح .... وطلبي الحصول على شهادتين من ذات الجدول ، وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة بالمحررات سالفة البيان أن القضيتين رقمي .... ، .... صدر الحكم فيهما ببراءة المتهم الثالث على الرغم من صدوره بإدانته ، واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله بأن قدمها لجهة عمله للاحتجاج بصحة ما دون فيها ولإعمال آثارها في إصدار شهادتين من واقع الجدول تضمنتا تلك البيانات المزورة على النحو المبين بالتحقيقات .

2 - بصفته ووظيفته سالفتي البيان حصل للمتهم الثالث على منفعة من عمل من أعمال وظيفته دون وجه حق ، بأن ارتكب الجريمة موضوع التهمة السابقة مما ظفر المتهم الثالث بالحصول على شهادتين من جدول الجنح في القضيتين رقمي .... ، .... تفيد صدور حكم ببراءته على النحو المبين بالتحقيقات .

ثالثاً - المتهم الأول : بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال ومصالح جهة عمله وبأموال ومصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة ( مشروع استغلال المحاجر بمحافظة .... ) بأن ارتكب الجرائم موضوع التهم السابقة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

رابعاً - المتهم الثاني :

اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم موضوع البند أولاً وثالثاً سالفة البيان بأن اتفق معه وساعده بأن أمده بكافة البيانات المزورة المراد إثباتها وقدم كافة الطلبات المشار إليها سلفاً ، وقد تمت تلك الجرائم بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

خامساً - المتهم الثالث :

اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم موضوع البند ثانياً وثالثاً سالفة البيان بأن اتفق معه وساعده بأن أمده بكافة البيانات المزورة المراد إثباتها وقدم كافة الطلبات المشار إليها سلفاً ، وقد تمت تلك الجرائم بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني والثالث عملاً بالمواد40 /ثانياً ، ثالثاً ، 41/1 ، 112/1 ، 2 بند ( ب ) ، 115 ، 116 مكرراً /1 ، 117 مكرراً ، 118 ، 118 مكرراً ، 119 /أ ، 213 ، 214 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات ، وعزل الأول من وظيفته ، ومصادرة المحررات المزورة .

فطعـن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنها تقرير الأسباب المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم الاختلاس المرتبط بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والإتلاف ، والإضرار العمدي بمصالح الجهة التي يعمل بها ، والحصول لغيره بدون وجه حق على منفعة من أعمال وظيفته ، قد شابه القصور في التسبيب ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد مؤدى الأدلة التي عوّل عليها في إدانته ، واطرح برد قاصر دفعه ببطلان التحريات لعدم جديتها وانعدامها دون أن تجري المحكمة تحقيقاً للوقوف على مدى صحتها ، ولم يورد الحكم مضمون الأوراق المزورة ، وأغفل الرد على دفوعه بانتفاء الركن المادي والمعنوي لجريمة التزوير واستعمال المحرر المزور ، وانقطاع صلته بالواقعة ، وبطلان أمر الإحالة ، ولم يعرض لحوافظ المستندات المقدمة منه ، هذا إلى أن الطاعن موظف والعائل الوحيد لأسرته وفي تنفيذه للعقوبة المحكوم بها عليه أبلغ ضرر به وبأسرته . كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... وما ثبت من مطالعة دفتري حصر الحبس ، والتنفيذ ، وأجندة الجلسات ، وإقرارات المتهم بالتحقيقات بأنه المُحرر للعبارات المزورة الثابتة بجدول جنح .... ، وطلبات الحصول على شهادات الجدول ، وكذا الطلب المقدم من المتهم الثاني في القضية .... لسنة .... جنح .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر لمحكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين للتثبت من صحة التحريات أو عدم صحتها ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة واطلعت عليه ، فإنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررات في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهم كانوا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم ، وكان في مكنة الدفاع عن الطاعن وقد اطلع عليهم أن يُبدي ما يعن له بشأنهم في مرافعته ، ومن ثم يكون النعي لهذا السبب على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، مادامت المحكمة قد طبَّقت على الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد ، وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله . لما كان ذلك ، وكان الدفع بنفي التهمة دفعاً موضوعياً لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عوّلت عليها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن انقطاع صلته بالواقعة لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي لها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ، ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، مما يكون معه نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلاً عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن أنه موظف والعائل الوحيد لأسرته وما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات والعزل ، إلَّا أنه لم يقض بعقوبة الغرامة على خلاف ما تقضي به المادة 118 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يؤذن في تصحيحه ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

وتشير المحكمة إلى أنه قد صدر المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بعد صدور الحكم المطعون فيه ، ونص في مادته الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً ب إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على جواز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ومن بينها الجريمة موضوع الطعن ، ورتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية سواء كانت مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ، أما إذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً فلهذه المحكمة – محكمة النقض – منعقدة في غرفة المشورة بناءً على طلب النائب العام أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة . لما كان ذلك ، وكان القانون الأصلح في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون له أصلح من القانون القديم ، وكان القانون سالف البيان لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن – في الدعوى الماثلة – إذ إن الاختلاس محل الدعوى هو اختلاس أوراق لا يمكن تقويمه بالمال ، وإنما له قيمة أدبية أو اعتبارية ، وهو ما لا يتصور فيه حصول تسوية وفقاً لاشتراطات النص لإعمال مقتضاه ، ومن ثم فلا محل لإعمال القانون سالف البيان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الطعن 17518 لسنة 85 ق جلسة 6 / 9 / 2017 مكتب فني 68 ق 57 ص 552

جلسة 6 من سبتمبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي/ علي حسن علي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / معتز زايد ، أشرف محمد مسعد ، خالد حسن محمد وخالد الشـرقبالي نواب رئيس المحكمة .
-----------

(57)

الطعن رقم 17518 لسنة 85 القضائية

صيادلة . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

لمفتشي الصيدليات دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ودخول الأماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح كإجراء إداري مقيد بذلك الغرض . تجاوز التفتيش له بالتعرض للحرية الشخصية واستكشاف الأشياء المغلقة يكون قائمًا على حالة التلبس لا على حق ارتياد الأماكن العامة . أساس ذلك ؟

التفتيش المحظور . ماهيته ؟

حرمة المتجر مستمدة من اتصاله بشخص صاحبه . أثر ذلك ؟

ضبط شاهدي الإثبات للأقراص المخدرة داخل كيس أسود أخرجه الطاعن من درج مكتب بالصيدلية دون وجود دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش الصيادلة التفتيش بغير إذن . انحراف بالسلطة وتجاوز الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحهما الصلاحية .

بطلان التفتيش . مقتضاه : عدم التعويل على أي دليل مستمد منه وعدم الاعتداد بشهادة من أجراه .

إقامة الحكم قضاءه بالإدانة على دليل الاتهام الوحيد المستمد من التفتيش الباطل . وجوب القضاء بالبراءة ومصادرة المخدر . أساس ذلك ؟

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة بجريمة إحراز مواد مخدرة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله :" .. أثناء مرور شاهدي الإثبات الأول والثاني على الصيدليات بمقتضى وظيفتهما كمفتشين بإدارة الصيدلة بمديرية الصحة بالـ....، مرَّا على صيدلية الدكتورة / .... المشمولة بخط سيرهما المبلَّغ رسمياً بغلقها من واقع سجلات مديرية الصحة ، فوجئا بأنها مفتوحة ، وإذ دلفا إليها وجِد المتهم بداخلها ، فسألاه عن صفته وسبب تواجده بها ، فأجابهما أن اسمه .... ، ولم يقدم ما يثبت شخصيته ، ثم استخرج كيسًا أسود اللون من درج مكتب الصيدلية ، وحاول الخروج به منها ، بَيْد أن الشاهدين طلبا منه الإفصاح عن محتوى ذلك الكيس ، فأجاب بأن به طعام ، فهدَّداه باستدعاء الشرطة ، وعلى أثر ذلك تخلى عن الكيس ، فالتقطه الشاهدان ، وتبين لهما أن بداخله عقار الترامادول المخدر المضبوط " ، ثم اطرح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس في قوله :" أنه من المقرر قانوناً وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن التلبس حالة عينية تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها ، وكان البيِّن من أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني أن الكيس المضبوط الذي أحرزه المتهم لم يكن خفياً بحوزته ، بل أخذه المتهم من درج مكتب الصيدلية المخوَّل للشاهدين تفتيشها ، ومن ثم ، فإن إحراز المتهم لذلك الكيس على هذا النحو يجيز للشاهدين تفتيشه باعتباره من مقتضيات وظيفتهما ، وإذ أسفر تفتيش ذلك الكيس عن العثور على المخدر بداخله ، ومن ثم ، فإن الجريمة تضحى متلبساً بها في حق المتهم ، مما يبيت معه الدفع الراهن بلا سند ، فترفضه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على :" يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشي الصيدليات بوزارة الصحة العمومية ، وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " ، كما نصَّت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها : " لمفتش الإدارة العامة للصيدليات بوازرة الصحة دخول مخازن ، ومستودعات الإتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات ومعامل التحليل الكيميائي والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقُّق من تنفيذ أحكام هذا القانون ، ولهم الاطلاع على الدفاتر ، والأوراق المتعلِّقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلَّق بالجرائم التي تقع بهذه المحال" . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من المادتين سالفتي الذكر أنهما منحا مفتشي الصيدليات دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم، مما يخول لهم الحق في دخول الأماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مُقيَّد بالغرض سالف البيان ، ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حريَّة الأشخاص ، واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ، ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسِّه ، وقبل التعرض لها كنه ما فيها ، مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مُبَرِّر من القانون ، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدَّة من اتصاله بشخص صاحبه ، ومن ثم ، فإن تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك ، وكان البيِّن الحكم المطعون فيه أن شاهدي الإثبات قرَّرا بضبط الأقراص المخدرة داخل كيس أسود أخرجه الطاعن من درج مكتب الصيدلية ، وكان دخولهما الصيدلية تم بناء على خط سير قانوني من الإدارة الطبيَّة المختصة ، وبغير إذن من السلطة المختصة ، وفي غير حالات التلبس ، ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش إدارة الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنهما تجاوزا في مباشرتهما لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحهما هذه الصلاحية ، ولم يلتزما في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية ، بأن استكشفا الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مُبَرِّر ، فإن تجاوزهما لحدود التفتيش والغرض منه يتَّسِم بعدم المشروعية ، وينطوي على انحراف بالسلطة . لما كان ذلك ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه ، وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصَّلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعيَّن الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ، المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

  اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنه :- حاز بقصد الإتجار أقراص" الترامادول، هيدروكلوريد " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .

    وأحالتـه إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7 ، 34/1 بند "أ" ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ، المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم "150" من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، والمعدَّل بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ، بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ست سنوات ، وتغريمه مائة ألف جنيه ، وبمصادرة العقار المخدر المضبوط ، وألزمته المصاريف الجنائية .

        فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عقار الترامادول المخدر بقصد الإتجار قد أخطأ في تطبيق القانون ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح دفعه ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوغ به اطراحه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله :" .. أثناء مرور شاهدي الإثبات الأول والثاني على الصيدليات بمقتضى وظيفتهما كمفتشين بإدارة الصيدلة بمديرية الصحة بـ....، مرَّا على صيدلية الدكتورة /.... المشمولة بخط سيرهما المبلَّغ رسمياً بغلقها من واقع سجلات مديرية الصحة ، فوجئا بأنها مفتوحة ، وإذ دلفا إليها وجِد المتهم بداخلها ، فسألاه عن صفته وسبب تواجده بها، فأجابهما أن اسمه .... ، ولم يقدم ما يثبت شخصيته ، ثم استخرج كيسًا أسود اللون من درج مكتب الصيدلية ، وحاول الخروج به منها ، بَيْد أن الشاهدين طلبا منه الإفصاح عن محتوى ذلك الكيس، فأجاب بأن به طعام ، فهدَّداه باستدعاء الشرطة ، وعلى أثر ذلك تخلى عن الكيس ، فالتقطه الشاهدان، وتبين لهما أن بداخله عقار الترامادول المخدر المضبوط ثم اطرح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس في قوله :" أنه من المقرر قانوناً وفقاً للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن التلبس حالة عينية تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها ، وكان البيِّن من أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني أن الكيس المضبوط الذي أحرزه المتهم لم يكن خفياً بحوزته ، بل أخذه المتهم من درج مكتب الصيدلية المخوَّل للشاهدين تفتيشها، ومن ثم ، فإن إحراز المتهم لذلك الكيس على هذا النحو يجيز للشاهدين تفتيشه باعتباره من مقتضيات وظيفتهما ، وإذ أسفر تفتيش ذلك الكيس عن العثور على المخدر بداخله ، ومن ثم ،  فإن الجريمة تضحى متلبساً بها في حق المتهم ، مما يبيت معه الدفع الراهن بلا سند ، فترفضه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على :" يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشي الصيدليات بوزارة الصحة العمومية ، وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " ، كما نصَّت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها: " لمفتش الإدارة العامة للصيدليات بوازرة الصحة دخول مخازن ، ومستودعات الإتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات ومعامل التحليل الكيميائي والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقُّق من تنفيذ أحكام هذا القانون، ولهم الاطلاع على الدفاتر، والأوراق المتعلِّقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلَّق بالجرائم التي تقع بهذه المحال" . لما كان ذلك ، وكان المستفاد من المادتين سالفتي الذكر أنهما منحا مفتشي الصيدليات دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ، مما يخول لهم الحق في دخول الأماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مُقيَّد بالغرض سالف البيان ، ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حريَّة الأشخاص ، واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ، ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسِّه ، وقبل التعرض لها كنه ما فيها ، مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذي يقع على الأشخاص والمساكن بغير مُبَرِّر من القانون، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدَّة من اتصاله بشخص صاحبه، ومن ثم ، فإن تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك، وكان البيِّن الحكم المطعون فيه أن شاهدي الإثبات قرَّرا بضبط الأقراص المخدرة داخل كيس أسود أخرجه الطاعن من درج مكتب الصيدلية ، وكان دخولهما الصيدلية تم بناء على خط سير قانوني من الإدارة الطبيَّة المختصة ، وبغير إذن من السلطة المختصة ، وفي غير حالات التلبس ، ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش إدارة الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنهما تجاوزا في مباشرتهما لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحهما هذه الصلاحية، ولم يلتزما في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية ، بأن استكشفا الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مُبَرِّر ، فإن تجاوزهما لحدود التفتيش والغرض منه يتَّسِم بعدم المشروعية ، وينطوي على انحراف بالسلطة . لما كان ذلك ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه ، وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصَّلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعيَّن الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ، المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ