الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

(الطعن 22172 لسنة 63 ق جلسة 13 / 3 / 2002 س 53 ق 78 ص 475)

 برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة، محمد عيد سالم، عثمان متولي نواب رئيس المحكمة ومصطفى حسان.
----------------------
لما كانت المادة 191 من القانون رقم 157 لسنة 1991 تنص على أن "تكون إحالة الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلى النيابة العامة بقرار من وزير المالية ولا ترفع الدعوى عنها إلا بطلب منه ويكون لوزير المالية أو من ينيبه حتى تاريخ رفع الدعوى الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 100% مما لم يؤد من الضريبة فإذا كانت الدعوى العمومية قد رفعت ولم يصدر فيها حكم نهائي يكون الصلح مع الممول مقابل دفع مقابل يعادل 150% مما لم يؤد من الضريبة ولا يدخل في حساب النسب المنصوص عليها في هذه المادة والمادة 189 من هذا القانون قيمة الضريبة العامة على الدخل التي تستحق على الوعاء النوعي موضوع المخالفة أو بسببه وفي جميع الأحوال تنقضي الدعوى العمومية بالصلح". وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد وصف التهم المسندة إلى المطعون ضده وأقوال شاهدي الإثبات وتقرير فحص حالة المطعون ضده الضريبية أسس قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح على قوله " وحيث حضر المتهم جلسة المحاكمة وقرر أنه تصالح مع مصلحة الضرائب وقدم الشاهد الأول....... المفتش الفني بمكافحة التهرب الضريبي صورة طبق الأصل من التصالح النهائي بين المتهم ومصلحة الضرائب". وإذ كان البين من مطالعة المستند الذي قدمه الشاهد المذكور أنه لا يعدو أن يكون بيانا بالحالات المعروضة على لجنة التصالح ولم يتضمن موافقة وزير المالية أو من ينيبه على الصلح ومن ثم لا يكون المطعون ضده قد تصالح مع مصلحة الضرائب تصالحا قانونيا وفق ما عرفته المادة 191 من القانون رقم 157 لسنة 1991 سالفة البيان فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن نظر موضوع الدعوى والأدلة القائمة فيها فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإعادة.
-------------------
     اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولا: بصفته ممولا خاضعا للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تهرب من أداء الضريبة سالفة الذكر المقررة قانونا والمستحقة على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبلور والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1979 وحتى عام 1983 وذلك باستعماله لإحدى الطرق الاحتيالية بأن قدم إقرارا ضريبيا بالاستناد إلى دفاتر مصطنعة مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر الحقيقية التي أخفاها عن مصلحة الضرائب على النحو المبين بالتحقيقات. ثانيا: بصفته ممولا خاضعا للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارا صحيحا وشاملا عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبلور والخاضع لتلك الضريبة عن الأعوام من 1979 حتى 1983 وذلك في خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانونا ثالثا: بصفته ممولا خاضعا للضريبة العامة على الدخل لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارا صحيحا وشاملا عن عناصر إيراده العام والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1981 على النحو المبين بوصف التهمة الأولى. رابعا: بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة قانونا والمستحقة على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن عامي 1982، 1983 على النحو المبين بوصف التهمة الأولى. خامسا: بصفته ممولا خاضعا للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارا صحيحا وشاملا عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن الأعوام من 1979حتي 1983 وذلك خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانونا. سادسا: بصفته ممولا خاضعا للضريبة العامة على الدخل لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقرارا صحيحا وشاملا عن عناصر إيراده العام والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1981 وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانونا. وإحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بانقضاء الدعوى العمومية بالتصالح. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في...... إلخ.
-------------------
   ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن جرائم التهرب الضريبي المنسوبة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه استند في قضائه إلى شهادة قدمها المفتش الفني بمكافحة التهرب الضريبي على الرغم من أنها لا تفيد تصالح الجهة المجني عليها مع الطعون ضده طبقا لما تنص عليه المادة 191 من القانون رقم 157 لسنة 1981 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بوصف أنه في غضون الفترة من سنة 1979 حتى سنة 1983 (1) بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تهرب من أداء الضريبة سالفة الذكر والمستحقة على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1979 وحتى عام 1983 وذلك باستعماله لإحدى الطرق الاحتيالية بأن قدم إقراراً ضريبياً بالاستناد إلى دفاتر مصطنعة مع تضمينه بيانات تخالف ما هو ثابت بالدفاتر الحقيقية التي أخفاها عن مصلحة الضرائب. (2) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن الأعوام من 1979 حتى عام 1983 وذلك في خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً. (3) بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة العامة على الدخل لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً من عناصر إيراده العام والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1981 على النحو المبين بوصف التهمة الأولى. (4) بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة قانوناً والمستحقة على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1982 على النحو المبين بوصف التهمة الأولى. (5) بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة قانوناً والمستحقة على أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور الخاضع لتلك الضريبة عن عام 1983 على النحو بوصف التهمة الأولى. (6) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1979 وذلك في خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً. (7) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1980 وذلك في خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً. (8) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور الخاضع لتلك الضريبة عن عام 1981 وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. (9) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور الخاضع لتلك الضريبة عن عام 1982 وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. (10) بصفته سالفة الذكر لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن أرباحه من نشاطه في تجارة الزجاج والبللور الخاضع لتلك الضريبة عن عام1983 وذلك في خلال الميعاد المحدد وعلى النحو المقرر قانوناً. (11) بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة العامة على الدخل لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً عن عناصر إيراده العام والخاضع لتلك الضريبة عن عام 1981 وذلك في خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 23 من يونيه سنة 1993 بانقضاء الدعوى العمومية بالتصالح تأسيساً على تصالح المطعون ضده مع مصلحة الضرائب. لما كانت المادة 191 من القانون رقم 157 لسنة 1991 تنص على أن "تكون إحالة الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون إلى النيابة العامة بقرار من وزير المالية ولا ترفع الدعوى عنها إلا بطلب منه ويكون لوزير المالية أو من ينيبه حتى تاريخ رفع الدعوى الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 100% مما لم يؤد من الضريبة فإذا كانت الدعوى العمومية قد رفعت ولم يصدر فيها حكم نهائي يكون الصلح مع الممول مقابل دفع مقابل يعادل 150% مما لم يؤد من الضريبة ولا يدخل في حساب النسب المنصوص عليها في هذه المادة والمادة 189 من هذا القانون قيمة الضريبة العامة على الدخل التي تستحق على الوعاء النوعي موضوع المخالفة أو بسببه وفي جميع الأحوال تنقضي الدعوى العمومية بالصلح". وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد وصف التهم المسندة إلى المطعون ضده وأقوال شاهدي الإثبات وتقرير فحص حالة المطعون ضده الضريبية أسس قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح على قوله "وحيث حضر المتهم جلسة المحاكمة وقرر أنه تصالح مع مصلحة الضرائب وقدم الشاهد الأول ..... المفتش الفني بمكافحة التهرب الضريبي صورة طبق الأصل من التصالح النهائي بين المتهم ومصلحة الضرائب". وإذ كان البين من مطالعة المستند الذي قدمه الشاهد المذكور أنه لا يعدو أن يكون بياناً بالحالات المعروضة على لجنة التصالح ولم يتضمن موافقة وزير المالية أو من ينيبه على الصلح ومن ثم لا يكون المطعون ضده قد تصالح مع مصلحة الضرائب تصالحاً قانونياً وفق ما عرفته المادة 191 من القانون رقم 157 لسنة 1991 سالفة البيان فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن نظر موضوع الدعوى والأدلة القائمة فيها فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة.

(الطعن 9841 لسنة 70 ق جلسة 18 / 3 / 2002 س 53 ق 80 ص 485)

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، سمير مصطفى، عبد المنعم منصور، إيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.
-----------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها كما أنها غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها.
 
2 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وهي غير ملزمة من بعد الرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي القائم على أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها.

3 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
 
5 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقة بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
6 - من المقرر أن رابطة السببية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقع من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه.
 
7 - من المقرر أن المتهم في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي - كإطالة أمد علاج المجني عليه أو تخلف عاهة مستديمة أو الإفضاء إلى موته - ولو كانت عن طريق غير مباشر ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدونته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الطاعن لم يمارى في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن في دفاعه بجلسة المحاكمة أو في أسباب طعنه عن انقطاع رابطة السببية تأسيسا على أن الوفاة كان مرجعها حالة مرضية بالمجني عليه وليس الاعتداء الواقع عليه مردود بما هو مقرر أن مرض المجني عليه هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي انتهى إليها المجني عليه بسبب إصابته.
 
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقديره متى أيدت ذلك وقائع الدعوى وأكدته لديها.
 
9 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
 
10 - من المقرر أن المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أحالت إليها المادة 381 من هذا القانون وإن كانت قد نصت على أن "ينادى على الشهود بأسمائهم وبعد الإجابة منهم يحجزون في الغرفة المخصصة لهم ولا يخرجون منها إلا بالتوالي لتأدية الشهادة أمام المحكمة، ومن تسمع شهادته منهم يبقى في قائمة الجلسة إلى حين إقفال باب المرافعة....." فإنها لم ترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلانا، وكل ما في الأمر أن للمحكمة تقدير شهادة الشاهد المؤداة في هذا الظرف، على أنه ما دام الشاهد قد سمع بحضور المتهم ولم يعترض على سماعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حقه في هذا الاعتراض يسقط بعدم تمسكه في الوقت المناسب.
 
11 - من المقرر أنه ولئن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم في الجلسة بملاحظات قد تنم عن رأيها في تقدير وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها، إلا أنه إذا كان المقام يحتمل أن يكون الملاحظات قد وجهت بدافع الرغبة في تنبيه الخصوم إلى مواضع الضعف في دعواهم لتسمع منهم الرد عليها، فإن ذلك لا يعد منها إخلالا بحق الدفاع، وإذن فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى استبعادها أقوال الشاهد الأول من الأوراق، فإنه يكون من المجازفة القول بأن ذلك من المحكمة ينبئ عن عقيدة كانت مستقرة عند رئيسها، وإذن فلا يكون هناك إخلال بحق الدفاع.
-------------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب......... عمدا المجني عليه بيده في وجهه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله لكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات وإحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
------------------
     من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المقضي إلى الموت، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم اجتزء محضر الضبط وشهادة النقيب ....... ولم يورد مؤدى كل منهما وعول على أقوال شهود الإثبات ....... والنقيب ........ رغم تناقضهم في كيفية سقوط المجني عليه على الأرض وحدوث إصابته وقدم الدفاع عن الطاعن مستندات للتشكيك في أقوال شاهد الإثبات ..... بيد أن المحكمة التفتت عنها ولم تعرض لها إيراداً ودفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس، كما دفع بانقطاع رابطة السببية بين فعل الطاعن والنتيجة المتمثلة في وفاة المجني عليه، بيد أن المحكمة ردت على هذين الدفعين بما لا يصلح ردا، وعولت في ذلك على تقرير الطبيب الشرعي رغم أنه لم يجزم بمسئولية الطاعن عن الوفاة، والتفتت عن شهادة الطبيبين ....... في هذا الشأن واستمعت إلى شهادة كبيرة الأطباء الشرعيين دون أن يطلب أحد من الخصوم ذلك، فضلا عن أن المحكمة ناقشتها والطبيب الاستشاري ...... في توقيت واحد دون مقتض، وأخيرا فقد نبهت المحكمة - أثناء المرافعة - الدفاع عن الطاعن بأنها تستبعد من الأوراق أقوال الشاهد الأول بما يعد إفصاحا منها عن رأيها في أحد أدلة الدعوى، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وأقوال الطبيب الشرعي ومن محضر الضبط وهي أدلة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها كما أنها غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وهي غير ملزمة من بعد بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي القائم على أساس نفي التهمة ما دام الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي عن نفسه وإطراحه بقوله "...... لا دليل في الأوراق يساند رواية المتهم بمحضر الضبط من أن المتهم وابنه اعتديا عليه بالضرب وأنه دفعهما من أمامه فسقط المجني عليه على الأرض، بل إن المتهم نفسه نفى بتحقيقات النيابة وقوع اعتداء عليه من المجني عليه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها إن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، كما أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقة بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في شأن الرد على الدفع المار ذكره ومنازعته في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء رابطة السببية وإطراحه في قوله "........ الثابت من أدلة الثبوت المبسوطة آنفا والتي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم ضرب المجني عليه بيده على وجهه فأسقطه أرضا". لما كان ذلك، وكان من الثابت من التقرير الطبي الشرعي ومما شهد به الطبيب الشرعي أن إصابة المجني عليه بمؤخرة الرأس وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزف دماغي. كما أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي سالف البيان أن الإصابة المذكورة تنشأ عن المصادمة الشديدة بجسم صلب راض ويجوز حصولها من السقوط فجأة على الأرض التي كانت مسرحا للحادث عقب ضربة يد وفق التصوير الوارد بأقوال شهود الإثبات، وإذ تطمئن المحكمة إلى التقرير الطبي الشرعي وما شهد به الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة، فإن علاقة السببية تكون متوافرة بين اعتداء المتهم على المجني عليه ووفاته ..... وبعد استعراض القواعد القانونية استطرد قائلا "ولا يقدح في توافر علاقة السببية - على النحو المتقدم - ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي من أن المجني عليه كان يعاني ويعالج من داء البول السكري والتهاب كبدي فيروسي وعنده تليف بالكبد ونقص في نشاط البروتروجين وأن تلك الأحوال المرضية يصحبها تأثير بجدر الأوعية الدموية وبعملية تجلط الدم بدرجات متفاوتة مما ساهم في درجة النزف التي أثرت على المخ ووظائفه، إذ إن الثابت من أقوال الطبيب الشرعي أن إصابة المتهم بمؤخرة الرأس - وما أحدثته من كسر بالجمجمة ونزف دماغي - هي سبب الوفاة، وأن الأمراض التي كان يعاني منها من شأنها أن تزيد من جسامة الإصابة إذا كانت بسيطة من خلال تأثيرها على التجلط أما وأن إصابته جسيمة من الأصل فقد كانت السبب في إحداث الوفاة، فضلاً عن أنه حتى مع الافتراض الجدلي بأن أمراض المجني عليه ساهمت في إحداث الوفاة فإن ذلك لا ينفي علاقة السببية بين فعل المتهم والوفاة، لأن من المقرر أن المتهم يسأل عن النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع هذه العلاقة، ولا وجه للقول أن الإصابة ما كانت لتحدث لولا الحالة المرضية للمجني عليه إذ لا يلزم في فعل الضرب المفضي إلى الموت درجة معينة من الجسامة تكفي لموت الشخص المعتاد، وإنما العبرة بكون الموت نتيجة مباشرة لفعل الضرب بصرف النظر عن حالة المجني عليه الصحية أو تدخل عوامل أخرى كانت ساكنة ولم تتحرك إلا بنتيجة لفعل الضرب". لما كان ذلك، وكانت رابطة السببية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقع من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، فمتى فصل في شأنها إثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان المتهم في جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي - كإطالة أمد علاج المجني عليه أو تخلف عاهة مستديمة أو الإفضاء إلى موته - ولو كانت عن طريق غير مباشر ما دام الحكم المطعون فيه قد دلل في مدونته - بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه - أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن، وكان الطاعن لم يماري في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه له سنده الصحيح من الأوراق، وكان ما أثاره الطاعن في دفاعه بجلسة المحاكمة أو في أسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية تأسيسا على أن الوفاة كان مرجعها حالة مرضية بالمجني عليه وليس الاعتداء الواقع عليه مردود بما هو مقرر أن مرض المجني عليه هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع رابطة السببية بين فعل المتهم والنتيجة التي انتهى إليها المجني عليه بسبب إصابته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية من أنه بني على الترجيح لا القطع فضلا عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره وبأقواله أمام المحكمة فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية متفقاً مع ما شهد به الطبيب الشرعي أمامها، وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - أقوال الطبيبين ....... و....... أمامها فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أحالت إليها المادة 381 من هذا القانون وإن كانت قد نصت على أن "ينادى على الشهود بأسمائهم وبعد الإجابة منهم يحجزون في الغرفة المخصصة لهم ولا يخرجون منها إلا بالتوالي لتأدية الشهادة أمام المحكمة، ومن تسمع شهادته منهم يبقى في قائمة الجلسة إلى حين إقفال باب المرافعة ...." فإنها لم ترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلانا، وكل ما في الأمر أن للمحكمة تقدير شهادة الشاهد المؤداه في هذا الظرف، على أنه ما دام الشاهد قد سمع بحضور المتهم ولم يعترض على سماعه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حقه في هذا الاعتراض يسقط بعدم تمسكه به في الوقت المناسب، هذا فضلا عن أن الحكم لم يعول على أقوال كبيرة الأطباء الشرعيين أو الطبيب الاستشاري .......... في قضائه بإدانة الطاعن، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل. لما كان ذلك، ولئن كان ليس من المقبول أن تزعج المحكمة الخصوم في الجلسة بملاحظات قد تنم عن رأيها في تقدير وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها، إلا أنه إذا كان المقام يحتمل أن يكون الملاحظات قد وجهت بدافع الرغبة في تنبيه الخصوم إلى مواضع الضعف في دعواهم لتسمع منهم الرد عليها، فإن ذلك لا يعد منها إخلالا بحق الدفاع، وإذن فإذا كان الظاهر من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى استبعادها أقوال الشاهد الأول من الأوراق، فإنه يكون من المجازفة القول بأن ذلك من المحكمة ينبئ عن عقيدة كانت مستقرة عند رئيسها، وإذن فلا يكون هناك إخلال بحق الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

(الطعن 18640 لسنة 68 ق جلسة 20 / 3 / 2002 س 53 ق 81 ص 497)

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤف عبد الظاهر، عمر الفهمي نواب رئيس المحكمة وسمير سامي.
-------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
 
2 - القانون لا يوجب حقا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام إنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم - بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري. ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته.
 
3 - من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقا أو بحثا في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئا بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإذا لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة
 
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن آخذا بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادا إلى أقوالهما، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
 
5 - من المقرر أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقوالهم، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من قرائن للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبا.
 
6 - للمحكمة الالتفات عن أقوال شهود النفي وما حوته المستندات المقدمة من الطاعن إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، وفي قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود أو تلك الورقة فأطرحتها مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد.
 
7 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
 
8 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلا قبله على مقارفته جريمة حيازة المخدر التي دانه بها، ومن ثم فإنه انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على الدفع ببطلان اعترافه بمحضر الضبط.
 
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة عن تحقيق دفاعه بعدم صحة ما أثبت بمحضر الضبط عن مسكنه وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهم، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، إن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم.
 
10 - لما كان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
 
11 - لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليا. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغا في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدا.
 
12 -  لما كان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه وشيوع التهمة. إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا صريحا، فإن منعي الطاعن في هذا المنحى يكون غير قويم.
 
13 - لما من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها.
 
14 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي، ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه مستظهرا أن الحيازة كانت مجردة من أي قصد من القصود الثلاثة المسماة في القانون مما يتضمن الرد على دفاعه بأن الحيازة للمخدر كانت بقصد التعاطي.
 
15 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها، وكان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحه - كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان ذلك محققا لحكم القانون.
 
16 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يجب تفسير هذا النص على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية وكانت المصادرة وجوبا تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحا لصاحبه الذي لم يكن فاعلا أو شريكا في الجريمة فإنه لا يصح قانونا القضاء بمصادرة ما يملكه وإذ كان ما تقدم، وكانت السيارات غير محرم إحرازها، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اقتصرت على بيان واقعة ضبط المخدر بالسيارة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة دون استظهار ملكية السيارة وبيان مالكها وما إذا كانت مملوكة للمطعون ضده الذي قضي بإدانته، أم للمتهم الآخر الذي قضي ببرائته أم لأحد غيرهما، وكان قصور الحكم في هذا الصدد من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والإعادة.
------------------
     اتهمت النيابة العامة كلا من (1).......... (2)...... بأنهما حازا بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وأحالتهما إلى محكمة جنايات السويس لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 7/1، 34/1، أ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم "1" الملحق به مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات أولا بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر وببراءة الثاني.
فطعنا المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
-----------------------
     أولا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات التي سبقته لخطئها في مهنته وإغفالها قرابة المصاهرة بينه وبين المتهم الآخر وأن محررها لم يجر مراقبة شخصية لهما ولم يفصح عن مصدر معلوماته ولقول الضابطين أنهما أجريا التحريات على الطاعن لمدة سابقة على صدور الإذن رغم تواجد الطاعن بعمله وتواجد المتهم الآخر بعزبة ...... بمدينة ....... خلال هذه المدة بدلالة المستندات المقدمة وأقوال ..... و...... وبطلان الإذن - أيضا - لصدوره عن جريمة مستقبلة، وبطلان القبض والتفتيش وإقرار الطاعن بمحضر الضبط لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بهما وفي مكان مغاير لما أثبت بالمحضر وتأييد ذلك بأقوال شاهد النفي وقصور تحقيق النيابة في هذا الشأن إلا أن المحكمة التفتت عن مستنداته ولم تعن بتحقيق دفوعه وأطرحتها بما لا يسوغ، كما أغفل الحكم الرد على دفعه بشيوع الاتهام، ورد بما لا يصلح ردا على منازعته في حيازة المخدر واحتمال دسه بدرج السيارة التي يستعملها معه آخرون، وافترض علمهم بالجوهر المخدر من واقع حيازته، وحصل الواقعة وأقوال شاهدي الإثبات بما يدل على توافر قصد الاتجار في حقه ثم عاد ونفى هذا القصد، هذا إلى أن الحيازة كانت بقصد التعاطي، ولم يبين الحكم أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنه إن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان القانون لا يوجب حقا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم بفرض حصوله لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقا أو بحثا في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن وظيفة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالا بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يثر شيئا بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادا إلى أقوالهما، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. ولما كان من المقرر أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شهود الإثبات فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقوالهم، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من قرائن للتشكيك في أقوال شاهدي الإثبات وكذلك لا محل لما يثيره من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي وما حوته المستندات المقدمة منه إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، وفي قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود أو تلك الورقة فأطرحتها مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من إقرار الطاعن بمحضر الضبط دليلا قبله على مقارفته جريمة حيازة المخدر التي دانه بها، ومن ثم فإنه انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على الدفع ببطلان اعترافه بمحضر الضبط، ويكون منعاه في هذا المقام لا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة عن تحقيق دفاعه بعدم صحة ما أثبت بمحضر الضبط عن مسكنه وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهم، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى كان الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليا. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغا في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان دفاع المتهم باحتمال دس المخدر عليه وشيوع التهمة إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا صريحا، فإن منعى الطاعن في هذا المنحى يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي. ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه مستظهرا أن الحيازة كانت مجردة من أي قصد من القصود الثلاثة المسماة في القانون مما يتضمن الرد على دفاعه بأن الحيازة للمخدر كانت بقصد التعاطي، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يضحى لا محل له. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها، وكان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان ذلك محققا لحكم القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير أساس، متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:-
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دان المطعون ضده بجريمة حيازة جوهر مخدر قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ أغفل القضاء بمصادرة السيارة المضبوطة والتي استخدمت في ارتكاب الجريمة في حين أن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات توجب القضاء بمصادرتها مما يستوجب نقضه وتصحيحه وفق القانون.
من حيث إن المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نصت على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة أو النباتات المضبوطة الوارد ذكرها في الجدول رقم 5 وكذلك الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يجب تفسير هذا النص على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات التي تحمي حقوق الغير حسن النية. وكانت المصادرة وجوبا تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بما في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحا لصاحبه الذي لم يكن فاعلا أو شريكا في الجريمة فإنه لا يصح قانونا القضاء بمصادرة ما يملكه وإذ كان ما تقدم، وكانت السيارات غير محرم إحرازها، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اقتصرت على بيان واقعة ضبط المخدر بالسيارة التي استخدمت في ارتكاب الجريمة دون استظهار ملكية السيارة وبيان مالكها وما إذا كانت مملوكة للمطعون ضده الذي قضى بإدانته، أم للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته أم لأحد غيرهما، وكان قصور الحكم في هذا الصدد من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه والإعادة.

(الطعن 18051 لسنة 69 ق جلسة 25 / 3 / 2002 س 53 ق 85 ص 523)

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، محمد ناجي دربالة ورفعت حنا نواب رئيس المحكمة.
--------------------
1 - لما كان من المقرر أنه ليس في أحكام قانون الإجراءات الجنائية ولا في غيره من القوانين - نصا وروحا - ما يقضي ببطلان إجراء تم وانتهى وقوعه صحيحا وفقا لأحكام التشريع الذي حصل في ظله، وأن طرق الطعن في الأحكام ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن.
 
2 - لما كانت الدعوى المطروحة قد سعت إلى محكمة أحداث القاهرة المختصة بإجراءات صحيحة وقضت فيها بحكمها الصادر بجلسة...... في ظل القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث - غيابيا - في حق هذا المحكوم عليه أمام المحكمة التي أصدرته عملا بالمادة 51 من قانون الأحداث المشار إليه والمادة 401 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان المحكوم عليه المذكور قد عارض في ذلك الحكم ونظرت معارضته بتاريخ...... ولكنه تخلف عن الحضور بالجلسة فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن" - وقضاؤها بذلك سليم - فإن محكمة الدرجة الأولى تكون قد استنفذت ولايتها بالفصل في الدعوى، ويكون حكمها قابلا للاستئناف وفقا لنص المادة 132 من قانون الطفل المشار إليه آنفا والذي صدر الحكم الأخير في ظل أحكامه، وتنظر الاستئناف محكمة الجنح المستأنفة المختصة بالأحداث المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة 121 منه لما كان ذلك، وكان المحكوم عليه قد رفع استئنافه إلى هذه المحكمة فقد كان عليها أن تفصل فيه، أما وقد خالفت هذا النظر وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، فإن حكمها يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه، ولا حجة لها في أن تجحد اختصاصها على سند مما نصت عليه المادة 122 من قانون الطفل على ما سلف بيانه، ذلك بأن البين من هذا النص أنه حدد الاختصاص بمحاكمة الحدث ابتدائيا فجعله في الجنايات قسمة بين محكمة الأحداث وبين محكمة الجنايات بحسب سن الحدث المتهم عند مساهمته في ارتكاب الجريمة مع بالغ، ولم يجعل هذا النص - لا هو ولا غيره من نصوص القانون - لمحكمة الجنايات أي اختصاص بالنظر في الاستئناف الذي يرفع طعنا على الأحكام الصادرة من محاكم الأحداث.
--------------------
     اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر ....... بأنهما شرعا وآخر بالغ في سرقة العربة الكارو والدابة والنقود المملوكة ....... و...... وكان ذلك في الطريق العام وبطريق الإكراه الواقع عليهما بأن اعترضوا سبيلهما وأشهروا في وجهيهما أسلحة بيضاء (سكين ومطواتين قرن غزال) وطلبوا منهما التخلي عن العربة وما بحوزتهما من نقود فشلوا بذلك مقاومتها وبثوا الرعب في نفسيهما. وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مقاومة المجني عليهما لهم وفرارهم خشية ضبطهم وقد ترك الإكراه أثر الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه الثاني. ب- جرحا عمدا........ بأن طعنه المتهم الثاني بمطواة في صدره فأحدث به الجرح الموصوف بالتقرير الطبي المرفق والذي أعجزه عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوما ووقعت تلك الجريمة نتيجة احتمالية للجريمة الأولى. ج- أحرزا بغير ترخيص سلاحا أبيضا (مطواتين قرن غزال). وأحالتهما إلى محكمة أحداث القاهرة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا للمتهم الأول وحضوريا للثاني عملا بالمواد 43، 45/1، 46/2، 242/1، 3، 314، 315/2 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 25 مكرر/1، 30/1 من القانون 394 لسنة 54 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمادتين 1، 15/1 من القانون 31 لسنة 1974 بسجن كل منهما لمدة خمس سنوات والنفاذ عن التهمة الأولى والحبس ستة أشهر والنفاذ عن التهمة الثانية والحبس شهرا والنفاذ وغرامة خمسين جنيها والمصادرة عن التهمة الثالثة. فعارض المتهم الأول وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
استأنف ومحكمة أحداث القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى. وإحالتها بحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها. فقامت النيابة العامة بإحالة المتهم إلى محكمة جنايات القاهرة بذات القيد والوصف سالفي الذكر دون التهمة الثانية، بعد أن قيدت الجناية برقم.
وقضت المحكمة المذكورة غيابيا بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وذلك عن التهمتين المسندتين إليه وأثر ضبط المتهم أعيدت إجراءات المحاكمة. وقضت المحكمة ذاتها حضوريا بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها فقدمت النيابة العامة طلبا لمحكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة للفصل في الدعوى تطبيقا للمادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية.
-----------------
   ومن حيث إن وقائع الطلب المعروض تخلص حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق في أن النيابة العامة أسندت إلى كل من ...... و....... (وهما من الأحداث) و..... أنهم في يوم ...... ارتكبوا جرائم شروع في سرقة بإكراه وضرب وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وأمرت بإحالة الأخير إلى محكمة الجنايات وخصصت صورة من الأوراق للحدثين المتهمين وأحالتهما إلى محكمة الأحداث التي قضت بتاريخ ...... غيابيا للأول وحضوريا للثاني بمعاقبة كل منهما بالسجن خمس سنوات عن التهمة الأولى وبالحبس ستة أشهر عن التهمة الثانية وبالحبس شهرا وغرامة خمسين جنيها والمصادرة عن التهمة الثالثة، فعارض المتهم ...... وقضي بجلسة ..... باعتبار معارضته كأن لم تكن، فاستأنف وحده وقضت المحكمة الاستئنافية بجلسة ...... حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها على سند من أنه كان وقت ارتكاب الجريمة قد جاوز خمس عشرة سنة كاملة وأن الفقرة الثانية من المادة 122 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 والمعمول به اعتبارا من يوم 29/3/1996 نصت على أن "يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنه خمس عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل" فأمرت النيابة العامة بإحالة المتهم المذكور إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقضت محكمة جنايات ...... بتاريخ ..... غيابيا بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، ولدى إعادة إجراءات المحاكمة قضت ذات المحكمة بتاريخ ...... حضوريا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها على سند من نص المادة آنفة الذكر ذاتها، ولم تطعن النيابة العامة في الحكمين الصادرين من هاتين المحكمتين فأصبحت كلتاهما متخلية عن اختصاصها، وهو ما يتحقق به التنازع السلبي الذي رسم القانون بنصوص الفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية - الطريق لتلافي نتائجه فناط بمحكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى. وإذ كانت النيابة العامة قد رفعت الطلب الماثل واستوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يتعين قبوله.
وحيث إنه من المقرر أنه ليس في أحكام قانون الإجراءات الجنائية ولا في غيره من القوانين - نصا وروحا - ما يقضي ببطلان إجراء تم وانتهى وقوعه صحيحا وفقا لأحكام التشريع الذي حصل في ظله، وأن طرق الطعن في الأحكام ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المطروحة قد سعت إلى محكمة أحداث القاهرة المختصة بإجراءات صحيحة وقضت فيها بحكمها الصادر بجلسة ...... في ظل القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث - غيابيا - في حق هذا المحكوم عليه أمام المحكمة التي أصدرته عملا بالمادة 51 من قانون الأحداث المشار إليه والمادة 401 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان المحكوم عليه المذكور قد عارض في ذلك الحكم ونظرت معارضته بتاريخ ..... ولكنه تخلف عن الحضور بالجلسة فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن - وقضاؤها بذلك سليم - فإن محكمة الدرجة الأولى تكون قد استنفذت ولايتها بالفصل في الدعوى، ويكون حكمها قابلا للاستئناف وفقا لنص المادة 132 من قانون الطفل المشار إليه آنفا والذي صدر الحكم الأخير في ظل أحكامه، وتنظر الاستئناف محكمة الجنح المستأنفة المختصة بالأحداث المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة 121 منه. لما كان ذلك، وكان المحكوم عليه قد رفع استئنافه إلى هذه المحكمة فقد كان عليها أن تفصل فيه، أما وقد خالفت هذا النظر وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، فإن حكمها يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه، ولا حجة لها في أن تجحد اختصاصها على سند مما نصت عليه المادة 122 من قانون الطفل على ما سلف بيانه، ذلك بأن البين من هذا النص أنه حدد الاختصاص بمحاكمة الحدث ابتدائيا فجعله في الجنايات قسمة بين محكمة الأحداث وبين محكمة الجنايات بحسب سن الحدث المتهم عند مساهمته في ارتكاب الجريمة مع بالغ، ولم يجعل هذا النص - لا هو ولا غيره من نصوص القانون - لمحكمة الجنايات أي اختصاص بالنظر في الاستئناف الذي يرفع طعنا على الأحكام الصادرة من محاكم الأحداث. وإذ كان موضوع الدعوى المعروضة هو الفصل في الاستئناف المرفوع من الحدث ....... عن الحكم الصادر من محكمة الأحداث فإنه يتعين تحديد محكمة الجنح المستأنفة المشار إليها بأنها المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى.

(الطعن 27004 لسنة 69 ق جلسة 27 / 3 / 2002 س 53 ق 87 ص 534)

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة، محمد عيد سالم، منصور القاضي نواب رئيس المحكمة وعلاء مرسي.
-----------------
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، وذلك في الأحوال الآتية (1)....... (2)....... (3)........ فقد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده، أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى أمام القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق أو بالإحالة أيا كان نوعها، فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص وهو ما فعله الشارع عندما بين طرق الطعن في الأمر الصادر من مستشار الإحالة أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة برفض الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى، والأمر الصادر من مستشار الإحالة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، والأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية باعتبار الواقعة جنحة أو مخالفة وذلك في المواد 193، 194، 212 من قانون الإجراءات الجنائية قبل إلغائها بالقرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1981 والمعمول به في الخامس من نوفمبر من ذات السنة، والذي نصت المادة الرابعة منه على أن "تلغى المواد من 170 إلى 196 والمادة 212 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد صدر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 12 من يونيه 1999، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أنفة الذكر لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، دون ما سواها فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بعد قبول التظلم لرفعه من غير ذي صفة، يكون غير جائز، وهو ما يتعين القضاء به مع مصادرة الكفالة.
--------------------
   تقدم الطاعن بعريضة إلى النيابة العامة ضد المطعون ضدهم متهما إياهم بدس مادة "البايجون" السامة لنجلته "........" بطريق العمد مما أدى إلى وفاتها. وادعى مدنيا قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
باشرت النيابة العامة تحقيقاتها وأصدرت قرارا بألا وجه لإقامة الدعوى وحفظ  الشكوى إداريا. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا القرار أمام محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في غرفة المشورة. والمحكمة المذكورة قضت بعدم قبول التظلم لرفعه من غير ذي صفة.
فطعن الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلا عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا القرار بطريق النقض........ إلخ.
-----------------
  لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، وذلك في الأحوال الآتية (1) ..... (2) ...... (3) ...... فقد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده، أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى أمام القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق أو بالإحالة أيا كان نوعها، فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص وهو ما فعله الشارع عندما بين طرق الطعن في الأمر الصادر من مستشار الإحالة أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة برفض الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى، والأمر الصادر من مستشار الإحالة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، والأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية باعتبار الواقعة جنحة أو مخالفة وذلك في المواد 193، 194، 212 من قانون الإجراءات الجنائية قبل إلغائها بالقرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الصادر في 4 نوفمبر سنة 1981 والمعمول به في الخامس من نوفمبر من ذات السنة، والذي نصت المادة الرابعة منه على أن "تلغى المواد من 170 إلى 196 والمادة 212 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد صدر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ 12 من يونيه 1999، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض آنفة الذكر لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، دون ما سواها فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بعد قبول التظلم لرفعه من غير ذي صفة، يكون غير جائز، وهو ما يتعين القضاء به مع مصادرة الكفالة.

(الطعن 10818 لسنة 69 ق جلسة 1 / 4 / 2002 س 53 ق 90 ص 557)

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، حسن أبو المعالي نواب رئيس المحكمة ومحمد رضا حسين.
---------------------
1 - لما كانت الواقعة كما صار إثباتها بالحكم قد تم ضبطها بمعرفة الرقيب.... بقوات حرس حدود....... وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملا بنص المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين - باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الممنطقة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفي أن يكون الشخص داخلا أو خارجا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في أن الضبط تم بدائرة قسم حدود ..... - وكان لا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض فيكون هذا الوجه من النعي لا محل له.
 
2 - لما كان ما أورده الحكم من أن الطاعن كان بمعدية ... وهي منطقة حدودية عند تفتيش سيارته بمعرفة الرقيب ...... من قوات حرس الحدود، فإن تفتيش السيارة يكون صحيحا ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب.
 
3 - لما كان الأصل وفقا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وأعمل في حقه حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن تكون غير مقبولة بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
 
4 - لما كان المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط الذي عثر عليه بمعرفة الرقيب ...... بالسيارة قيادة الطاعن الذي أقر له بحيازته للمضبوطات وأقر أيضا بتحقيقات النيابة بضبط المخدر بسيارته وإن قرر أنها كانت لحساب شخص أنكر ما قرره المتهم وأضاف أن هناك خلافات بينهما. وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
 
5 - لما كان المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة جوهر مخدر يتحقق بعلم  الحائز بأن ما يحوزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافيا في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدر - وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافيا في الدلالة على حيازة الطاعن لنبات الحشيش المخدر وعلى علمه بكنهه - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم.
--------------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر "البانجو" في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وإحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 1  من الجدول رقم 5 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة مجردة من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ.
-----------------------
     من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر (البانجو) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن طرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانعدام حالة التلبس بما لا يسوغ إطراحه إذ اعتبر أن مكان الضبط معدية ..... بمحافظة الإسماعيلية قطعة حدودية جمركية تبيح للعاملين بها حق التفتيش دون بيان الأساس القانوني لذلك، ورد على دفعه بحقه في التمتع بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 183 لسنة 60 المعدل بما لا يصلح ردا إذا استحدث شرطا للإعفاء لم يرد بتلك المادة. كما التفت إيرادا وردا على دفعه بعدم مسئوليته عن المخدر المضبوط، وبتلفيق الاتهام وشيوع مكان الضبط وعدم علمه بوجود المخدر بالسيارة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "أنه أثناء تواجد الرقيب متطوع بقوات حرس حدود الإسماعيلية ...... في خدمته بمعدية استوقف السيارة رقم ....... أجرة الإسماعيلية وبتفتيشها عثر أسفل كابينتها على سبع لفافات بداخلها نبات البانجو المخدر أقر له المتهم بحيازتها، كما اعترف المتهم في تحقيقات النيابة بضبط المخدر على النحو الذي قرره شاهد الواقعة وأورى تقرير المعمل الكيماوي أن المخدر المضبوط هو لنبات البانجو". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهد الواقعة ومن إقرار المتهم بالتحقيقات ومن تقرير المعمل الكيماوي. ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام حالة التلبس ورده في قوله "بأن المتهم قد تواجد في منطقة حدودية تعامل معاملة المناطق الجمركية التي يحق للعاملين فيها القيام بإجراءات التفتيش". لما كانت الواقعة كما صار إثباتها بالحكم قد تم ضبطها بمعرفة الرقيب ...... بقوات حرس حدود الإسماعيلية وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملا بنص المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين - باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الممنطقة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلا أو خارجا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه. فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجربه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم ينازع في أن الضبط تم بدائرة قسم حدود الإسماعيلية - وكان لا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض فيكون هذا الوجه من النعي لا محل له. لما كان ما أورده الحكم من أن الطاعن كان بمعدية ..... وهي منطقة حدودية عند تفتيش سيارته بمعرفة الرقيب ..... من قوات حرس الحدود، فإن تفتيش السيارة يكون صحيحا ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان والتفتيش على أساس ذلك قد اقترن بالصواب. لما كان الأصل وفقا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - وأعمل في حقه حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن تكون غير مقبولة بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط الذي عثر عليه بمعرفة الرقيب ...... بالسيارة قيادة الطاعن الذي أقر له بحيازته للمضبوطات وأقر أيضا بتحقيقات النيابة بضبط المخدر بسيارته وإن قرر أنها كانت لحساب شخص أنكر ما قرره المتهم وأضاف أن هناك خلافات بينهما. وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز بأن ملا يحوزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلال عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافيا في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدر - وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافيا في الدلالة على حيازة الطاعن لنبات الحشيش المخدر وعلى علمه بكنهه - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

(الطعن 27639 لسنة 68 ق جلسة 1 / 4 / 2002 س 53 ق 89 ص 544)

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - لما كان ما تمسك به دفاع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات، قد جاء قولا مرسلا على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلا عن ذلك، فإن المحكمة عولت في قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها الحكم ولم تعول على أي دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.
 
2 - لما كان ما جاء بدفاع المتهم من أن المجني عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد، ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجني عليه المذكور شهد بأن المتهم...... قد أصاب المجني عليهما في مقتل كما أصابه أيضا بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلا على إدانة المتهم.
 
3 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها.
 
4 - لما كان حكم البراءة والذي قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة في وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل، ذلك أن الواضح من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذي قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التي ذكرتها وأخذا بالمستندات التي قدمها المتهم وشهود نفيه إلى عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالي فقد اطمأنت - المحكمة - إلى عدم مشاركته في ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنوانا للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبينة على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى ماديا وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة، فضلا عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه.
 
5 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.
 
6 - لما كان من المقرر وفقا لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذا من أقوال الشهود أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التي طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أي من المجني عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان في حالة دفاع شرعي ومن ثم فإن دفعه في هذا الصدد يكون غير سديد متعينا رفضه.
 
7 - من المقرر قانونا أن نية الفصل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وهي ثابتة في حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجني عليهم وأصابهم في مواضع قاتلة فضلا عن استعماله سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجني عليهما الثاني والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضا مضرجا في دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية في نفسه قبل المجني عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذي يؤكد ويقينا على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم إنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة في الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجني عليهم الثلاثة.
 
8 - لما كان من المقرر أن الاقتران يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعي، وكان ذلك متوافرا في الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات.
 
9 - حكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد وشروع فيه ....... إلخ.
----------------------
     1- اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان آخرييان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر. أولا: قتل ...... عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته. ثانيا: قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه "عياريين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. 2- أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "طبنجة". 3- أحرز ذخائر "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه. وإحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من والد المجني عليه الأول وأرملته والمجني عليه الثالث وورثة المجني عليه الثاني بإلزامه بأن يؤدي لكل منهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6 ،26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاما ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ...... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 21/ 2 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة مع إلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"...... إلخ. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.
----------------------------
  من حيث إن هذه المحكمة - محكمة النقض - قد قضت في ..... بنقض الحكم المطعون فيه - لثاني مرة - ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملا بالمادة (45) من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أن شعورا بالكراهية كان يملأ نفس المتهم بسبب خلافه بينه وبين أبناء عمومته مرده نزاعات متعددة بسبب قطعة أرض زراعية ويتجدد النزاع بين الطرفين كل فترة، وأنه يوم الواقعة وحال مرور المجني عليهم وهم ....... و........ عمي المتهم ..... ابن عم آخر له وبسبب الخلاف السابق بينهم والضغينة المتأصلة في نفوسهم استثير المتهم وملأه الغضب وذلك حال مرور المجني عليهما الأول والثاني ومعهما ماشيتهما وقد تخلفت إحداها بأرض المتهم آكلة بعض المزروعات، فأشعل ذلك فتيل الغضب لديه وفجر الخلاف السابق بينهم فحدثت مشادة كلامية بينه وبين ...... وأعقبها إطلاقه - أي المتهم - عدة أعيرة نارية صوبه بقصد قتله من مسدس كان يحمله معه فأحدث به إصاباته التي أودت بحياته، ثم عاجل المتهم المجني عليه ....... بإطلاق عدة أعيرة عليه فحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته أيضا وفي تلك اللحظة كان المجني عليه ....... يسير بالقرب من مكان الحادث وإذ أبصره المتهم عاجله بإطلاق عيارين ناريين عليه قاصدا إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تم مداركتها بالعلاج. وتم ضبط المتهم والسلاح المستخدم في الحادث وبداخله طلقتين وخزانة احتياطية بداخلها ثلاث طلقات كما عثر على طلقة فارغة بمكان الحادث.
ومن حيث إن الواقعة على النحو المار بيانه قد قامت الأدلة وتوافرت على صحتها وصحة نسبتها إلى المتهم وذلك مما شهد به كل من ...... ومما ثبت من التقارير الطبية الشرعية.
وشهد ...... أنه ولدى سيره بالقرب من مكان الحدث تناهى إلى سمعه صوت طلقات نارية وإذ توجه صوبها شاهد المتهم ممسكا بطبنجة وهو يطلق منها أعيرة نارية على المجني عليهما ...... فخرا صريعين إثر ذلك ولدى مشاهدة المتهم له عاجله أيضا بإطلاق عيارين ناريين عليه من ذات السلاح فأحدث به بعض الإصابات.
وشهد ....... أنه أثناء توجهه لحقله شاهد المجني عليهما الأولين يسيران بالطريق معهما ماشيتهما ولدى وصولهما أرض المتهم والمجاورة لأرضهما دخلت إحدى الدواب حقل المتهم آكلة بعض النباتات فحدثت مشادة بينهما والمتهم وأنه إثر ذلك أطلق المتهم عليهما عدة أعيرة نارية أصابتهما في مقتل فأردتهما قتيلين ثم ظهر المجني عليه الثالث ...... فعاجله بعدة طلقات نارية من ذات السلاح أصابته، ثم قام الشاهد - بإحضار سيارة ونقل المجني عليهم للمستشفى.
وشهد ...... بمضمون ما شهد به الشاهدين السابقين. وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ....... أن به الإصابات التالية (1) جرح ناري (فتحة دخول) حوافيه متسحجة مستدير الشكل قطره حوالي 1سم بقمة الرأس. (2) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطره حوالي 1سم حوافيه متسحجة بأعلى وحشية مقدم العضد الأيسر. (3) جرح ناري (فتحة خروج) مستديرة الشكل قطره حوالي 2سم جوانبه مشرذمة واقع أعلى الجانب الخارجي للعضد الأيسر، وأن هذه الإصابات نارية حيوية حديثة، وحدثت إصابة الرأس من العيار الناري المستقر بالرأس، وقد أطلق عليه من سلاح مششخن معد لإطلاق الأعيرة النارية من عياره ومن مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسي للوضع القائم الثابت للجسم من أعلى ويسار وأمام إلى أسفل ويمين وخلف وأن العيار المطلق على العضد الأيسر لا يمكن تحديد نوعه أو نوع السلاح المستخدم لعدم استقراره وأطلق عليه من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وباتجاه أساسي للوضع القائم الثابت للجسم من أمام للخلف وأن الوفاة حدثت من العيار الناري المستقر بالرأس وما أحدثه من كسور بالجمجمة وتهتك بالمخ وأن إصاباته جائزة الحدوث وفق تصوير الشهود.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ........ من أن به من الإصابات ما يلي: (1) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطره حوالي 1سم حوافيه متسحجة واقع أعلى يمين الصدر. (2) جرح ناري (فتحة خروج) مستدير الشكل قطره حوالي 2سم حوافيه مشرذمة أعلى أنسجة يسار الظهر أسفل العنق بحوالي 20سم. (3) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطراه حوالي 1سم حوافيه متسحجة واقع أعلى وحشية الساق اليمنى. (4) جرح ناري (فتحة خروج) مستدير الشكل قطراه حوالي 1سم حوافيه مشرذمة أسفل وحشية الفخذ الأيمن وأن إصاباته بالصدر والساق اليمنى نارية حيوية حديثة حدثت كل منها من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعه أو نوع السلاح وأطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسي للوضع القائم الثابت بالجسم بالنسبة لعيار الصدر من يمين وأمام وأعلى إلى يسار وخلف وأسفل وبالنسبة لعيار الساق من أسفل لأعلى، وأن الوفاة حدثت من العيار الناري النافذ بالصدر وما أحدثه من تهتك بالرئتين وما صاحب الحالة من نزيف دموي غزير، ويجوز حدوث إصاباته وفق تصوير الشهود.
وثبت من التقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليه ........ أن إصاباته بالصدر والبطن والظهر كانت نارية حيوية حديثة في وقت قد يتفق وتاريخ الحادث. وثبت من تقرير فحص السلاح والذخائر المضبوطة مع المتهم والطلقة الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث، أن السلاح طبنجة صالحة للاستعمال. وأن إصابات المجني عليهما المتوفين جائزة الحدوث من مثلها، وأنها أطلقت في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأن الطلقة الفارغة أطلقت من نفس السلاح المضبوط وأن الخمس طلقات المضبوطة مع المتهم من ذات عيار السلاح وصالحة للاستعمال وحيث سئل المتهم بتحقيقات النيابة أنكر الاتهام المسند إليه. وحيث إنه وبجلسة المحاكمة حضر المتهم ومحاميه واعتصم بالإنكار كما حضر المدعون بالحقوق المدنية ومعهم وكيلهم طالبين القضاء بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيها عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية من جراء الحادث، وشرح الحاضر مع المتهم وقائع الدعوى وطلب براءته على سند من عدم جدية التحريات وتناقض أقوال المجني عليه الثالث فضلا عن أن هناك متهما آخر في الدعوى قضي ببراءته وتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لسبق حدوث اعتداء على المتهم.
وحيث إنه عما تمسك به دفاع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات. قد جاء قولا مرسلا على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلا عن ذلك، فإن المحكمة عولت في قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها الحكم ولم تعول على أي دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.
وحيث إنه عما جاء بدفاع المتهم من أن المجني عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد. ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجني عليه المذكور شهد بأن المتهم ...... قد أصاب المجني عليهما في مقتل كما أصابه أيضا بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلا على إدانة المتهم.
ومن حيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم بأن هناك متهما آخر في الدعوى قد قضي ببراءته وأن أدلة الدعوى واحدة بالنسبة له وللمتهم الماثل فإن هذا الدفاع مردود ذلك أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، فضلا عن أن حكم البراءة والذي قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة في وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل. ذلك أن الواضح من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذي قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التي ذكرتها وأخذاً بالمستندات التي قدمها المتهم وشهود نفيه إلى عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالي فقد اطمأنت - المحكمة - إلى عدم مشاركته في ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنوانا للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى ماديا وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة، فضلا عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، لما هو مقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر. ومن حيث إنه وبالنسبة لما تمسك به الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم، فإن المقرر وفقا لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذاً من أقوال الشهود أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التي طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أي من المجني عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان في حالة دفاع شرعي ومن ثم فإن دفعه في هذا الصدد يكون غير سديد متعينا رفضه.
ومن حيث إنه عن نية القتل فإن المقرر قانونا أنها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وهي ثابتة في حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجني عليهم وأصابهم في مواضع قاتلة فضلا عن استعماله سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجني عليهما الثاني والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضا مضرجا في دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية في نفسه قبل المجني عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذي يؤكد ويقينا على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم إنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة في الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجني عليهم الثلاثة.
وحيث إنه عن الاقتران فإنه يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعي، وكان ذلك متوافرا في الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/2 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود الإثبات التي تأيدت بما جاء بالتقارير الطبية الشرعية وتطرح المحكمة جانبا إنكار المتهم بالتحقيقات وبالجلسة إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون مجادلة منه للتنصل من الاتهام الذي أحاط به. وحيث إنه لما تقدم، فإنه يكون قد ثبت في عقيدة المحكمة وعلى وجه الجزم والقطع واليقين أن المتهم:في يوم ............ بدائرة مركز ........ محافظة قنا.
أولا: قتل ......عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به  الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخرييان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر.
1- قتل .... عمدا بأن أطلق عليه أعيرة نارية من مسدس كان يحمله قاصدا من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته الأمر المنطبق عليه نص المادة 234/1 من قانون العقوبات.
2- شرع في قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه عيارين ناريين من مسدس كان يحمله قاصدا من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج الأمر المؤثم بالمواد 45، 46، 234/1 من قانون العقوبات.
ثانيا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (مسدس).
ثالثا: أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصا له في حمله أو إحرازه الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/1، 6، 26/2-5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول الأمر الذي يتعين معه إعمال تلك المواد في حقه ومعاقبته بمقتضاها والمادة 234/2 عقوبات وبالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن الجرائم المسندة إلى المتهم قد ارتبطت ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين معاقبته بالعقوبة المقررة لأشدها إعمالا لنص المادة 32/2 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه نظرا لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة ترى أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق الحق المخول لها بمقتضى ما نصت عليه المادة (17) عقوبات.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية وقد خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم من ثبوت الاتهام حيال المتهم ومن ثم فقد توافرت للدعوى المدنية أركانها الموجبة للمسئولية وفقا لما نصت عليه المادة 163 من القانون المدني من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما واتصال السبب بالمسبب، ومن ثم تكون هذه الدعوى قد قامت على سند صحيح من الواقع والقانون وتقضي المحكمة للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيه عما أصابهم من ضرر إعمالا لحكم المادة (251) من قانون الإجراءات الجنائية وإلزام المدعى عليه (المتهم) المصاريف شاملة أتعاب المحاماة عملا بنص المادة (320) من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن المضبوطات فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملا بنص المادة 30 من القانون 394 المعدل والمادة 30/2 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصاريف الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المتهم عملا بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

(الطعن 21040 لسنة 63 ق جلسة 2 / 4 / 2002 س 53 ق 92 ص 567)

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم نائبي رئيس المحكمة ويحيى عبد العزيز ماضي ومحمد مصطفى أحمد العكازي.
------------------
1 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 
2 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
3 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته.
 
4 - من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.

5 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناء على استخلاص سائغ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في حق محكمة الموضوع في تكوين معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتي لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق - وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه أو الخوض في مناقشته أمام محكمة النقض.
 
6 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عما يدعيه من عدم سؤال كل من .... و...... و..... بمحضر جمع الاستدلالات أو بتحقيقات النيابة ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئا عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
 
7 - لما كانت المادة 163 من قانون العقوبات بعد تعديلها نصت على أنه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئا من آلاتها سواء بإهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه وفي حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال في كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 من ذات القانون على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية التي تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عمومية. وكانت العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد وأن الحكم بها حتمي تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لتدخل الخزانة في الدعوى - وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها في المادة 163 من قانون العقوبات. فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة إعمالا لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلا أنه لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من تحديد عناصر التعويض فإنه كان يتعين أن يكون مع النقض الإعادة - إلا أنه - لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك وهي تحاكمه تدارك ما فات محكمة الجنايات من قضاء بالتعويض بوصف أن التعويض عقوبة تكميلية وذلك لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقا لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
---------------------
     اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين قضي ببراءتهما بأنه عطل بإهمال الخط التليفوني رقم ..... الخاص ..... بأن استعمله خطأ في تنفيذ أمر التشغيل رقم 892 لمشترك آخر دون أن يراجع الخط قبل تركيبه مما ترتب عليه انقطاع المخابرات التليفونية عن المشترك سالف الذكر في الفترة من ..... حتى ...... وإحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 163 و166 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسمائة جنيه عن التهمة المسندة إليه.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
------------------
   حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التسبب بإهمال في تعطيل الخط التليفوني رقم ........ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن دفاعه قام من بين ما قام عليه على عدم ارتكابه للجريمة وأن الخطأ الذي ترتب عليه تعطيل الخط التليفوني موضوع الاتهام هو خطأ موظفة التست المقضي ببراءتها هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات على الرغم من أن شهادتهم لا تفيد بذاتها تدليلا على مقارفة الطاعن لما أسند إليه هذا فضلا عن قصور تحقيقات النيابة العامة ومحضر جمع الاستدلالات لعدم سؤال كل من ..... و...... و...... بهما رغم أنهم كانوا برفقة الطاعن وقت تنفيذ أمر الشغل الخاص بالخط التليفوني موضوع الاتهام كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته. ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناء على استخلاص سائغ. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في حق محكمة الموضوع في تكوين معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتي لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق - وإطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه أو الخوض في مناقشته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عما يدعيه من عدم سؤال كل من ..... و...... و..... بمحضر جمع الاستدلالات أو بتحقيقات النيابة ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئا عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 163 من قانون العقوبات بعد تعديلها نصت على أنه "كل من عطل المخابرات التلغرافية أو أتلف شيئا من آلاتها سواء بإهماله أو عدم احترازه بحيث ترتب على ذلك انقطاع المخابرات يعاقب بدفع غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه وفي حالة حصول ذلك بسوء قصد ثابت تكون العقوبة السجن مع عدم الإخلال في كلتا الحالتين بالحكم بالتعويض" ثم نصت المادة 166 من ذات القانون على سريان المادة المذكورة على الخطوط التليفونية التي تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عمومية. وكانت العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد وأن الحكم بها حتمي تقض به المحكمة من تلقاء نفسها وبلا ضرورة لتدخل الخزانة في الدعوى وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة التعويض المنصوص عليها في المادة 163 من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام الطاعن بالتعويض عن الخسارة إعمالا لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلا أنه لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من تحديد عناصر التعويض فإنه كان يتعين أن يكون مع النقض الإعادة - إلا أنه - لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك وهي تحاكمه تدارك ما فات محكمة الجنايات من قضاء بالتعويض بوصف أن التعويض عقوبة تكميلية وذلك لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقا لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة.