جلسة 1 نوفمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله،
وإبراهيم حسن علام.
---------------
(227)
الطعن 125 لسنة 32 ق
(1) فوائد "الفوائد التعويضية والفوائد
التأخيرية" "شرط استحقاقها" .
الفوائد التعويضية . ماهيتها . الفوائد التأخيرية . ماهيتها . شرط استحقاق
الفوائد في الحالين أن يكون محل الالتزام هو دفع مبلغ من النقود معلوم المقدار
مقدما .
(2) نزع الملكية للمنفعة العامة "المعارضة
في تقدير التعويض عنه ". فوائد "عدم استحقاق الفوائد" . تعويض.
المعارضة في تقدير قيمة العقار عند الاستيلاء عليه تمهيدا لنزع ملكيته
للمنفعة العامة . أثرها .جعل هذا التقدير مؤجلا إلى أن يفصل فيه نهائيا . عدم
التزام الحكومة بأية فوائد متي أودعت المبلغ المقدر بخزانة المحكمة .
----------------
1 - التفرقة بين نوعي الفوائد التعويضية والتأخيرية، باعتبار أن
الأولى وحدها هي التي يجب للحكم باستحقاقها أن يكون الدين معلوم المقدار وقت
الطلب، لا أساس لها في القانون، ذلك أن الفوائد التعويضية وإن كان يلزم بها المدين
بناء على اتفاق بينه وبين الدائن مقابل انتفاعه بمبلغ من النقود لم يحل بعد
استحقاقه، في حين أن الفوائد التأخيرية لا تستحق إلا عن دين حل أجل الوفاء به
وتأخر المدين في أدائه، إلا أنه يشترط في الحالين أن يكون محل الالتزام هو دفع
مبلغ من النقود معلوم المقدار مقدماً سواء في ذلك بالنسبة للديون المؤجلة المتفق
على فوائد بالنسبة لها أو الديون الحالة التي يحصل التأخير في الوفاء بها.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن المعارضة في
تقدير تعويض العقار عند الإستيلاء عليه مؤقتاً تمهيدا لنزع ملكيته للمنفعة العامة
إنما يجعل هذا التقدير مؤجلاً إلى ان يحصل الفصل فيه نهائياً ، وأن من شان إيداع
الحكومة خزانة المحكمة تعويض العقار أو قيمته الإيجارية طبقاً لما قدره الخبير
المنتدب من رئيس المحكمة الابتدائية وفقاً لما يقضى به القانون رقم 5 لسنة 1907
بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ألا تستحق أية فوائد في ذمة الحكومة لا
بمقتضى قانون نزع الملكية ولا القانون المدني .
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 7 من فبراير سنة 1951 استولت وزارة التربية والتعليم
على قطعة أرض فضاء مساحتها 5216.15 مترا مربعا مملوكة للمطعون ضده بجهة شبرا
استيلاء مؤقتا حتى يصدر المرسوم بنزع ملكيتها للاستعانة بها في توسيع مدارسها في تلك
الجهة وذلك طبقا للمادة 22 من القانون رقم 5 لسنة 1907 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة وقدرت مصلحة المساحة القيمة الإيجارية لهذه الأرض بواقع 40 مليما
للمتر المربع واعتبرت أن مدة تأجيرها منذ الاستيلاء عليها حتى صدور المرسوم بنزع
ملكيتها هي ستة شهور. ولم يقبل المطعون ضده هذا التقدير فأحيلت الأوراق لرئيس
محكمة القاهرة الابتدائية الذي ندب خبيرا لتقدير القيمة الإيجارية لأرض النزاع،
وقدم الخبير تقريرا قدر فيه هذه القيمة إجماليا في الستة شهور بمبلغ 469 ج و453 م،
وبعد أن أودعت مصلحة المساحة المبلغ الذي قدره الخبير خزانة المحكمة عارضت في تقدير
الخبير وقيدت معارضتها برقم 5001 سنة 1952 كلي القاهرة كما عارض فيه المطعون ضده
وقيدت معارضته برقم 150 سنة 1953 كلى القاهرة. وندبت محكمة القاهرة الابتدائية
مكتب الخبراء لتقدير أجرة الأرض من تاريخ الاستيلاء عليها حتى صدور المرسوم بنزع
ملكيتها. وقدم مكتب الخبراء تقريرا خلص فيه إلى تقدير هذه الأجرة بمبلغ 1329 ج
و902 م على أساس مدة الإيجار تبدأ من 7 فبراير سنة 1951 حتى صدور المرسوم بنزع
ملكية الأرض في 30 من أكتوبر سنة 1952 أي 20 و11/ 15 شهرا وأن أجرة المتر المربع
12 مليما شهريا وبتاريخ 27 من مايو سنة 1960 قضت محكمة أول درجة برفض المعارضة
المرفوعة من الحكومة وفى المعارضة المرفوعة من المطعون ضده بتعديل المبلغ المعارض
فيه إلى 1324 ج و902 م ورفضت المحكمة - في أسباب حكمها - طلب الفوائد. استأنف
الطاعنان بصفتهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1497 سنة 77
ق وتمسكا بتحديد الأجرة لأرض النزاع عن ستة شهور بمبلغ 208 ج 916 م، ورفع المطعون
ضده استئنافا مقابلا قيد برقم 26/ 79 ق وطلب تعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 3406 ج
و622 م وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية وبتاريخ 5 فبراير سنة 1962
قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف الأصلي المرفوع من الطاعنين بصفتهما برفضه، وفي الاستئناف
المقابل المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بصفتهما
بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 2464 ج و420 م وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة
الرسمية الحاصلة في 20 من نوفمبر سنة 1952 حتى السداد. طعن الطاعنان بصفتهما في هذا
الحكم بطريق النقض في خصوص ما قضى به في الفوائد. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي
بطلب نقض الحكم المطعون فيه، وبتاريخ 20 من أبريل سنة 1965 قررت دائرة فحص الطعون
إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه
بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم قد أقام
قضاءه بفوائد المبلغ المحكوم به عليهما من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء
على نظر حاصله أن هذه الفوائد ليست فوائد تأخيرية بل هى فوائد تعويضية لا يشترط
للقضاء بها أن يكون المبلغ المطالب به معلوم المقدار وقت الطلب، هذا في حين أن
المادة 226 من القانون المدني التي وضعت أساس التزام المدين بأداء الفوائد لا تفرق
بين أن تكون هذه الفوائد تعويضية أو تأخيرية واشترطت في الحالتين أن يكون محل
الالتزام مبلغا من النقود وأن يكون معلوم المقدار وقت الطلب. وقد أخطأ الحكم إذ
اعتبر القيمة الإيجارية موضوع المطالبة في هذه الدعوى من الديون الحالة التي تقضى
المحكمة بفوائد عنها عند الطلب في حالة التأخير في الوفاء بها مع أن هذه القيمة
الإيجارية كانت موضوع منازعة بين طرفي الخصومة، وإذ أودعت مصلحة المساحة طبقا
للقانون خزانة المحكمة المبلغ الذي قدره الخبير المنتدب من رئيس المحكمة للقيمة
الإيجارية، فإن باقي القيمة المتنازع عليه لا يعد حالا ومؤكدا في ذمتها ولا تستحق
عنه فوائد إلا بعد الفصل نهائيا في النزاع.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وصف الفوائد المقضي بها في النزاع
الماثل بأنها فوائد تأخيرية وأنها دون الفوائد التعويضية لا يوجب القانون
لاستحقاقها أن يكون الدين معلوم المقدار وقت الطلب، واستند في قضائه بها من تاريخ
المطالبة الرسمية الحاصلة في 20 من نوفمبر سنة 1952 حتى السداد على ما قرره من أن
"الثابت أن المستأنف عليه - المطعون ضده - حدد المبلغ الذي يطالب به الحكومة
وقت المطالبة. وليس من شأن المنازعة في استحقاقه هذا المبلغ كله أو بعضه ما يصح
معه القول بأنه غير معلوم المقدار وقت الطلب" وهذه التفرقة التي أقامها الحكم
المطعون فيه بين نوعى الفوائد التعويضية والتأخيرية باعتبار أن الأولى وحدها هى
التي يجب للحكم باستحقاقها أن يكون الدين معلوم المقدار وقت الطلب لا أساس لها في القانون،
ذلك أن الفوائد التعويضية وإن كان يلتزم بها المدين بناء على اتفاق بينه وبين
الدائن مقابل انتفاعه بمبلغ من النقود لم يحل بعد ميعاد استحقاقه، في حين أن
الفوائد التأخيرية لا تستحق إلا عن دين حل أجل الوفاء به وتأخر المدين في أدائه،
إلا أنه يشترط في الحالين أن يكون محل الالتزام هو دفع مبلغ من النقود معلوم
المقدار مقدما سواء في ذلك بالنسبة للديون المؤجلة المتفق على فوائد بالنسبة لها
أو الديون الحالة التي يحصل التأخير في الوفاء بها. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد
جرى على أن المعارضة في تقدير تعويض العقار عند الاستيلاء عليه مؤقتا تمهيدا لنزع
ملكيته للمنفعة العامة إنما يجعل هذا التقدير مؤجلا إلى أن يحصل الفصل فيه نهائيا،
وأن من شأن إيداع الحكومة خزانة المحكمة تعويض العقار أو قيمته الإيجارية طبقا لما
قدره الخبير المنتدب من رئيس المحكمة الابتدائية وفقا لما يقضى به القانون رقم 5
لسنة 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ألا تستحق أية فوائد في ذمة
الحكومة لا بمقتضى قانون نزع الملكية ولا القانون المدني - لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده بفوائد بواقع 4% سنويا عن مبلغ
2464 ج و453 م الذي يمثل القيمة الإيجارية للأرض التي استولت عليها الحكومة مؤقتا
بما في ذلك المبلغ المودع منها بخزينة المحكمة، وجعل الحكم استحقاق هذه الفوائد من
تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 20 من نوفمبر سنة 1952 حتى السداد رغم ما هو
ثابت من أن مصلحة المساحة كانت قد أودعت خزانة المحكمة المبلغ الذي قدره الخبير
المنتدب من رئيس المحكمة الابتدائية للقيمة الإيجارية وقدره 469 ج و453 م وعارضت
في استحقاق باقي القيمة الإيجارية التي طلبها المطعون ضده مما كان يتعين معه ألا
يقضى بالفوائد إلا بعد الفصل نهائيا في النزاع عن باقي القيمة الإيجارية فقط وقدره
1967 ج و967 م بعد خصم المبلغ المودع - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف
القانون بما يستوجب نقضه في خصوص قضائه في الفوائد نقضا جزئيا.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين نقض الحكم في خصوص
قضائه في الفوائد وجعل بدء سريانها بالنسبة لمبلغ 1967 ج و967 م فقط من تاريخ صدور
الحكم الاستئنافي حتى تمام السداد.