الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

الطعن 906 لسنة 32 ق جلسة 17/ 6 / 1995 إدارية عليا مكتب فني 40 ج 2 ق 198 ص 1943

جلسة 17 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(198)
الطعن رقم 906 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى - الحكم الصادر فيها - تفسيره - نطاق التفسير.
ينحسر سلطان المحكمة عن الدعوى إذا أصدرت حكمها فيها - الرجوع إلى المحكمة لتفسير الحكم ينبغي أن ينحصر فيما قضى به الحكم في منطوقه وأسبابه المرتبطة به - يشترط أن يقع في المنطوق غموض يقتضي الإيضاح والتفسير لاستجلاء قصد المحكمة - تطبيق.
(ب) وقف - مساجد - عدم اشتراط توثيق وقف المسجد.
المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف.
أناط القانون بوزارة الأوقاف إدارة المساجد الأهلية سواء صدر بوقفها إشهاد (توثيق) أو لم يصدر - أساس ذلك: أن وقف المسجد صحيح ولازم دون اشتراط الإشهاد - فالمساجد ليست محلاً للتملك والتمليك وتوقف شرعاً بمجرد القول أو الفعل بأداء الصلاة فيها - تطبيق.
(ج) دستور - ملكية - حمايتها - طبيعة المساجد.
إشراف وزارة الأوقاف على المساجد ليس فيه مساس بالملكية الخاصة للأفراد - أساس ذلك:
أن المساجد على حكم ملك الله تعالى وليست ملكاً لأحد فإذا خصصت الأرض لتكون مسجداً خرجت من ملك صاحبها ولم تدخل في ملك أحد - تطبيق.
)د) متي يبدأ إشراف وزارة الأوقاف على المساجد الأهلية.
تتسلم وزارة الأوقاف المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 - ليس معنى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم المساجد بعد المدة المشار إليها - أساس ذلك: ضم المساجد يتوقف على تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لهذا الضم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 22/ 2/ 1986 أودع الأستاذ/..... المحامي الوكيل عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 906 لسنة 32 ق.ع في الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 31/ 12/ 1985 والقاضي أولهما الصادر في الدعوى رقم 585 لسنة 39 ق بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بتفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/ 36 ق بجلسة 19/ 4/ 1983 على النحو المبين في الأسباب والقاضي ثانيهما الصادر في الدعوى رقم 5264/ 39 ق أولاً: برفض الدفعين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبعدم قبولها، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل برفض
طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفاته.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكمين الصادرين بجلسة 31/ 12/ 1985 في الدعويين رقمي 585, 5264/ 39 ق وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار موضوع المنازعة فيهما واعتباره كأن لم يكن شاملاً كافة آثار مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وتنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة (الدائرة الأولى) بجلسة 4/ 11/ 1991 وتدوول بالجلسات وبجلسة 20/ 4/ 1992 قدم الطاعن حافظة مستندات. كما قدم مذكرتين بدفاعه بجلسة 1/ 6/ 1992، 19/ 7/ 1992 وحافظة مستندات بجلسة 16/ 1/ 1994 وبجلسة 25/ 12/ 94 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة حيث نظر الطعن أمامها بجلسة 14/ 1/ 1995 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها في الطعن بجلسة 18/ 2/ 1995 وقدم الطاعن حافظة مستندات بجلسة 1/ 4/ 1995 كما قدم مذكرة بدفاعه بجلسة 8/ 4/ 1995 دفع فيها بعدم دستورية القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فيما تضمنه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف لمخالفته لنص المادتين 34، 57 من الدستور، وبالجلسة المشار إليها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 27/ 5/ 1995 ومذكرات خلال ثلاثة أسابيع. وبتاريخ 27/ 4/ 1995 قدم الطاعن مذكرة بدفاعه. ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/ 6/ 1995 وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته رئيس جمعية الهداية الإسلامية قد أقام الدعوى رقم 1730/ 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وبجلسة 19/ 4/ 1983 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار.
وبتاريخ 3/ 11/ 1984 أقامت إدارة قضايا الحكومية نائبة عن وزير الأوقاف الدعوى رقم 585 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلبت في ختامها تفسير الحكم الصادر من المحكمة المذكورة في الدعوى رقم 1730/ 36 ق بجلسة 19/ 4/ 1983 وأوضحت الحكومية دعواها بالتفسير قائلة أن وزارة الشئون الاجتماعية قامت بتسليم أموال وممتلكات الجمعية وإلغاء القرار رقم 301 لسنة 1981 ومما ترتب عليه من آثار وتسلمت الجمعية جميع ممتلكاتها تنفيذاً الحكم القضاء الإداري المشار إليه إلا أن وزارة الأوقاف لم تقم بإلغاء القرار رقم 134 لسنة 1981 لأن هذا القرار لا يعتبر من آثار إلغاء القرار الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 وأسندت وزارة الأوقاف في تبرير مسلكها بأنه ولئن كان القرار الوزاري رقم 301 لسنة 1981 هو أثر من أثار القرار الجمهوري المشار إليه إلا أن القرار الوزاري رقم 134 لسنة 1981 بضم المساجد التابعة لجمعية الهداية الإسلامية إلى وزارة الأوقاف جاء مستنداً إلى القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 وأضافت الحكومة أن طلبات المدعي في الدعوى رقم 1730/ 36 ق كانت بإلغاء القرار الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 إلا أن الحكم قضى بإلغاء القرار المطعون فيه - فيما تضمنه من حل الجمعية المذكورة وما يترتب على ذلك من آثار ولم تتعرض المحكمة للفصل في طلب المدعي بإلغاء قرار الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مما يعد غموضاً يستأهل التفسير لأن المحكمة لم تفصل في طلب المدعي بإلغاء هذا القرار فضلاً عن اختلاف السند القانوني للقرار المذكور عن السند القانوني للقرارات الأخرى المطلوب إلغاؤه.
ورد المدعى عليه على الدعوى بمذكرة أشار فيها إلى أن دعوى التفسير لا يجوز أن تتخذ طريقاً لتعديل منطوق الحكم أو إلغائه أو نسخه وأن منطوق الحكم المطلوب تفسيره جاء واضح العبارة وصريح المعنى غير ملتبس بأي غموض أو إبهام يبرر النظر في تفسيره.
وبجلسة 31/ 12/ 1985 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في دعوى التفسير رقم 585/ 39 ق وقضى بأن المقصود بعبارة إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار الواردة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/ 36 ق يقصد بها إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 ولا يشمل هذا الإلغاء قرار وزير الدولة للأوقاف رقم 143 لسنة 1981 وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/ 36 ق بجلسة 19/ 4/ 1983 قد قضى صراحةً بإلغاء القرار المطعون فيه وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 492/ 1981 فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس إلا أنه لم يفصح عما يقصد من عبارة "وما ترتب عليه من قرارات وآثار" وبذلك أثارت هذه العبارة لبساً يجوز لذوي الشأن طلب استجلائه وأنه بالنسبة لقرار وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 فقد صدر استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل بعض الجمعيات ومنها الجمعية المذكورة وبالتالي يدور معه وجوداً وعدماً فإذا ما تقرر إلغاء قرار رئيس الجمهورية لعدم مشروعيته فإن ذلك ينسحب بالضرورة على القرار الوزاري رقم 301 لسنة 1981 أما بالنسبة لقرار وزير الدولة للأوقاف رقم 134 لسنة 1981 فإنه صدر استناداً إلى القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 والذي نص على ضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف وبالتالي فهذا القرار لم يكن نتيجة أو أثراً مترتباً على صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وإنما صدر استقلالاً ومن ثم فلا يتم إلغاء هذا القرار بإلغاء قرار رئيس الجمهورية المشار إليه فضلاً عن أن المحكمة لم تتناوله في أسباب حكمها أو منطوقه على استقلال.
وبتاريخ 3/ 7/ 1985 أقام الطاعن الدعوى رقم 5264/ 39 ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بالاستيلاء على ملك جمعية الهداية الإسلامية رئاسته وإخضاعه لإشراف وزارة الأوقاف وتعيين العاملين من تابعيها فيه وما ترتب على ذلك من أثار. وقال شرحاً لدعواه أن الجمعية التي يرأسها تجري إنشاء مسجد النور الملحق بمدرسة ومستشفى النور بشارع رمسيس بالقاهرة ولم يتم بناءهم إلى الآن رغم إقبال المصلين على المسجد لإقامة الشعائر الدينية وقد فوجئ بشرزمة من الأشخاص تحتل مباني المشروع ملك الجمعية منذ صباح يوم الجمعة 28/ 6/ 1985 بوصفهم من عمال وزارة الأوقاف المكلفين من قبل وزير الأوقاف بالاستيلاء على المشروع بادعاء ضمه إلى أملاك وإشراف وزير الأوقاف بقرار من وزير الأوقاف. وأضاف قائلاً أن الجمعية المذكورة من الجمعيات الخاصة وتعتبر أموالها ملكاً لها ولها حرية وحصانة عملاً بحكم المادتين 34، 35 من الدستور. وأن القرار المطعون فيه متعسف وباطل وينطوي على إساءة استعمال السلطة ومخالف للدستور والقانون.
وردت الحكومة على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1730/ 36 ق الذي قضى بإلغاء القرار الجمهوري رقم 492/ 1981 وما ترتب عليه من قرارات وآثار وبالنسبة للموضوع أوضحت الحكومة أن الجمعية المدعية أنشأت مسجد النور بالعباسية وخصصته تخصيصاً جامعاً شاملاً لإقامة الشعائر الدينية وأداء الصلاة ومتى ثبتت له المسجدية فقد صار وقفاً لازماً ومؤبداً لا يجوز الرجوع فيه ولما كان القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 قد نص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد والإشراف عليها فإنه تنفيذاً لأحكام هذا القانون وإذ توفر في ميزانية الوزارة في العام 80/ 1981 مبلغ مليوني جنيه أصدر وزير الأوقاف القرار رقم 134 لسنة 1981 بضم ثلاثة وأربعين مسجداً أهلياً من بينها مسجد النور لوزارة الأوقاف.
وبجلسة 31/ 12/ 1985 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى رقم 5264/ 39 ق وقضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفاته وأقامت قضاءها على أنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين أساسيين أولهما: ركن الجدية والثاني: ركن الاستعجال وبالنسبة لركن الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف قد نصت على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة الإشراف على هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها..." وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى المبرر لما تضمنه هذا النص من ضم المساجد الأهلية إلى الوزارة بأن هذه المساجد يسودها الارتجال ولا يوجد بها من يتحمل مسئولية التعليم والإرشاد ولما كان مسجد النور بالعباسية من المساجد الأهلية فقد صدر قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضمه إلى وزارة الأوقاف استناداً للقانون المشار إليه وليس من شأن ضم هذا المسجد المساس به ولا يحول دون ممارسة الشعائر الدينية فيه بل إن ذلك يحقق مصلحة المسجد ومصلحة المسلمين بتعيين إمام وخطيب ومدرس لهذا المسجد حتى يضطلع برسالته ومن ثم ينتفي ركن الجدية في الطلب المستعجل مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولا محل لتمسك المدعي بنص المادتين 34، 35 من الدستور لأنه لا يمكن قياس المسجد على الملكية الخاصة.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه على الحكمين الصادرين في الدعويين رقمي 585، 5264/ 39 ق على أساس أن الحكمين قد خالفا القانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن الثابت من الدعوى رقم 1730/ 36 ق الصادر في شأنها حكم التفسير في الدعوى رقم 585/ 39 ق أن قرار وزير الأوقاف رقم 1346 لسنة 1981 لم يصدر إلا بتاريخ 6/ 9/ 1981 بمناسبة صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 134 لسنة 1981 بتاريخ 2/ 9/ 1981 بحل الجمعيات الإسلامية بحجة مساهمتها في إحداث الفتنة الطائفية المزعومة والتحفظ على رؤساء هذه الجمعيات واعتقالهم في ذات التاريخ مما شجع وزير الأوقاف على إصدار قراره وشجع وزيرة الشئون الاجتماعية على إصدار قرارها رقم 301 لسنة 1981 ولا يجوز رد قرار وزير الأوقاف إلى أحكام القانون رقم 171/ 1959 المعدل بالقانون رقم 157/ 1960 وما جاء بمذكرته الإيضاحية من اتهام إدارة المساجد الأهلية بالارتجال وعدم المسئولية في التعليم والإرشاد لأن هذه هي ذات الأسباب التي برر بها رئيس الجمهورية قراره بحل الجمعيات الإسلامية ولذلك فإن حكم إلغاء قرار رئيس الجمهورية يشمل قرار وزير الأوقاف المترتب عليه المبني واقعياً وقانونياً على ذات أسبابه وهذا النص هو مبرر دعوى تفسير حكم الإلغاء الواضح الدلالة في أسبابه والدالة عبارة منطوقه على صحيح معناها دون غموض أو إبهام.
ثانياً: أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5264/ 39 ق قد استند في رفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف المطعون فيه إلى أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960ومذكرة الأخير الإيضاحية بضم المساجد إلى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات وعبارات هذا القانون ومذكرته تؤكد انصراف أحكامه إلى المساجد التي كانت قائمة في تاريخ العمل به وتنفى عبارات هذا القانون تطبيقه على ما ينشأ من مساجد بعد تاريخه.
ثالثاً: أنه لو صح زعم الحكم المطعون فيه بإخضاع المساجد الأهلية للقانون رقم 157 لسنة 1960 سواء ما وجد منها بتاريخ صدوره وما أنشئ بعده فإن الثابت فعلاً وقانوناً أن ما وصفه الحكم بمسجد النور كان غيباً في تاريخ صدور قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 حيث بدأ أساساً بعد هذا القانون ومن غير المتصور والمعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن مباني مشروعات الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه وإعداده للانتفاع به.
رابعاً: أن القانون رقم 272 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وذلك يعني قصر تطبيقه على المساجد الموقوفة ولا يصح وقف إلا بإرادة صاحبه بل اشترط القانون في الوقف الكتابة المشهود عليها بما تضمنته بياناته الجوهرية من بيان الواقف والمال الموقوف رقبة أو منفعة وشروط الواقف سواء في الإدارة أو المنفعة.
خامساً: أن ادعاء الحكم أن إشراف وإدارة وزارة الأوقاف على مسجد الجمعية إصلاح لشئون المسجد وفائدة للمسلمين ينطوي على إسراف في التعليل يبرر للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك الخاصة وانتهاك لحرمتها الدستورية التي كفلتها المادة 34 من الدستور.
سادساً: أن الحكم لم يسند ما ذهب إليه من عدم جواز قياس المسجد على الملكية الخاصة إلى سبب من نص في قانون أو عقد أو إرادة من الجمعية التي لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها في غير أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسي وفي القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات الخاصة.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فيما نص عليه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف فإن الطاعن يؤسس هذا الدفع على أن ما نص عليه القانون رقم 157 لسنة 1960 في المادة الأولى منه من ضم المساجد إلى وزارة الأوقاف خلال عشر سنوات من تاريخ العمل به يخالف نص المادتين 34، 57 من الدستور التي قررت أولاهما حماية الملكية الخاصة وعدم المساس بها وحظرت الثانية التعدي على أي حق أو حرية قررها الدستور.
ومن حيث إن المادة 34 من الدستور تنص على أن "الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون وحق الإرث فيها مكفول" وتنص المادة 57 من الدستور على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم. وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء".
ويتضح من نص المادتين 34، 57 من الدستور المشار إليهما أنهما قررا حماية الملكية الخاصة وصيانتها وعدم المساس بها إلا طبقاً للقانون وبحكم قضائي وكذلك حماية الحرية الشخصية وتقرير حرمة للحياة الخاصة للمواطنين لا يجوز الاعتداء عليها هي أو غيرها من الحقوق والحرمات العامة المكفولة بالدستور والقانون وأن هذا الاعتداء يشكل جريمة جنائية.
ومن حيث إن ما نص عليه القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف في المادة الأولى منه على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون..." ليس فيه مساس بالملكية الخاصة ذلك أن من المسلم به في الفقه الإسلامي أن المساجد على حكم ملك الله تعالى وليست ملكاً لأحد فإذا خصصت البقعة لتكون مسجداً خرجت من ملك صاحبها ولم تدخل في ملك أحد وإنما تكون على حكم ملك الله تعالى وبالتالي فإذا كان المسجد ليس ملكاً لأحد فإن نص القانون رقم 157 لسنة 1960 بتولي وزارة الأوقاف إدارة المساجد لا ينطوي على مساس بملكية خاصة كما أن إدارة هذه الوزارة للمساجد ليس فيه اعتداء على الحرية الشخصية أو غيرها من الحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور في الباب الثالث منه ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه غير جدي ويتعين بالتالي رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن على الحكم الصادر في دعوى التفسير رقم 585/ 39 ق فإن المادة 192 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطريق الطعن العادية وغير العادية".
ومن حيث إن من الأصول المسلمة أن سلطان المحكمة ينحسر عن الدعوى إذا ما أصدرت حكمها فيها فالرجوع إليها لتفسير الحكم ينبغي ألا يخل بهذا الأصل فلا يكون التفسير إلا بالنسبة لما قضى به الحكم في منطوقه أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً جوهرياً مكوناً لجزء منه أو مكملاً له كما لا يكون إلا حيث يقع في المنطوق غموض أو إبهام يقتضي الإيضاح والتفسير لاستجلاء قصد المحكمة فيما يتفق وهذا القصد.
ومن حيث إنه يتبين من الأوراق أن جمعية الهداية الإسلامية بالسويس كانت قد أقامت الدعوى رقم 1730 لسنة 36 ق طلبت فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 301 لسنة 1981 وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 وبجلسة 19/ 4/ 82 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حل جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وما ترتب عليه من قرارات وآثار. ويبين من الاطلاع على حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1730/ 36 ق المشار إليها أن أسبابه نصت كلها على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل الجمعية المذكورة وبيان أسانيد مخالفة هذا القرار للقانون سواء من حيث عدم توافر حالة الضرورة التي استند إليها في حل الجمعية أو من ناحية عدم الاختصاص بحل هذه الجمعية طبقاً لأحكام قانون الجمعيات الخاصة رقم 32 لسنة 1964 وإذ كانت المحكمة قد ضمنت منطوق حكمها سالف الإشارة إليه عبارة "إلغاء القرار المطعون فيه........ وما ترتب عليه من قرارات وآثار" إلا أن المحكمة لم تبين في أسباب هذا الحكم المقصود بالقرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 429 لسنة 1981 التي قضت بإلغائه حتى يشملها هذا الإلغاء بمقتضى المنطوق الأمر الذي لا شك يثير لبساً وخلافاً في كيفية تنفيذ هذا الحكم ويتمثل هذا اللبس والغموض في عدم وضوح وعدم تحديد القرارات التي ترتبت وصدرت نتيجة القرار الجمهوري المشار إليه بحل الجمعية وما إذا كان القرار رقم 301 لسنة 1981 الصادر من وزيرة الشئون الاجتماعية بحل الجمعية وقرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الصادر بضم مسجد النور التابع للجمعية من القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة1981 من عدمه وبالتالي فإن كيفية تنفيذ منطوق هذا الحكم فيما قضى به من إلغاء ما ترتب على القرار الجمهوري المشار إليه من قرارات يشوبه الإبهام والغموض بسبب عدم تحديد القرارات المترتبة على القرار الجمهوري المقضي بإلغائه وإلغاء ما ترتب عليه من قرارات وهو أمر يستوجب الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتفسير ما قصدته من عبارة "وما ترتب عليه من قرارات وأثار" الواردة في منطوق حكمها مما يجعل الدعوى رقم 585/ 39 ق بطلب تفسير هذا الحكم قائمة على أساس صحيح وسليم من القانون ويكون الطعن على الحكم الصادر في هذه الدعوى لا سند له من القانون متعيناً رفضه.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطعن في هذا الصدد من قوله أن منطوق الحكم وعبارته واضحة الدلالة ولا غموض فيه أو إبهام استناداً إلى أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 لم يصدر إلا في 6/ 9/ 1981 بمناسبة صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 بحل الجمعية ولذات أسباب القرار الأخير فهو مبني عليه ومترتب وناتج عنه إذ أن هذا الذي أورده الطعن هو تفسير للحكم من وجهة نظر الجمعية الطاعنة لا أساس له من الحكم وأسبابه التي خلت من أي إشارة إلى تحديد القرارات المترتبة على قرار رئيس الجمهورية رقم 492 لسنة 1981 وخلت بالتالي من بيان كون قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 مترتباً على القرار الجمهوري المشار إليه وهذا ما استلزم اللجوء إلى المحكمة مصدرة الحكم في الدعوى رقم 1730/ 36 ق لتفسير المقصود بهذه القرارات المترتبة على القرار الجمهوري سالف الذكر وعلى هذا فإن قول الطعن أن دعوى التفسير لا مبرر لها غير سليم لأنه متى كان منطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 1735/ 39 ق يثير لبساً وخلافاً في كيفية تنفيذه من حيث تحديد ماهية القرارات المترتبة على القرار الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 والتي يشملها الإلغاء وذلك بسبب عدم تعرض الحكم كلية لتحديد هذه القرارات فإن ذلك يكون مبرراً ومسوغاً لطلب تفسيره وبديهي أنه في هذا الصدد ومتى قام بالحكم هذا الغموض واللبس فلا عبرة بتفسير أحد الخصوم وما يراه في هذا الشأن لأن مرد ذلك ليس إلى الخصوم وإنما إلى المحكمة التي أصدرت الحكم وقد انتهت المحكمة في تفسيرها إلى أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف ليس من القرارات المترتبة على القرار الجمهوري رقم 492 لسنة 1981 لأنه لم يكن نتيجة هذا القرار ولا أثراً من أثاره وهو تفسير سليم ولا وجه لما جاء بمذكر الجمعية المقدمة بجلسة 1/ 6/ 1992 من أن هذا التفسير يناقض صريح عبارة منطوق الحكم وأن حكم التفسير لم يدلل على ما انتهى إليه من واقع ماديات الحكم المفسر ومنطوقه إذ أن هذا التفسير ليس فيه مناقضة أو تعديل لمنطوق الحكم وكون هذا المنطوق أورد عبارة "وما ترتب عليه من قرارات وآثار" بصيغة الجمع لا يعني أن يضاف إلى قضاء الحكم بالإلغاء من القرارات ما لم يقصد الحكم إلى إلغائه وإنما المقصود بذلك إلغاء ما هو أثر ونتيجة للقرار الجمهوري بحل الجمعية سواء كان قراراً أو أكثر فهذا هو المعول عليه والصحيح في تفسير هذه العبارة ومن الواضح أنه ليس من شأن صدور قرار بحل الجمعية المذكورة أن يترتب عليه حتماً ضم مسجد النور التابع لها إلى وزارة الأوقاف.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 5264/ 39 ق والذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف فإنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها, والثاني: ركن الجدية وهو يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطلب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الجمعية الطاعنة قد طلبت في دعواها وقف تنفيذ قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 بضم مسجد النور إلى وزارة الأوقاف.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف تنص على أن"... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون ويكون للوزارة الإشراف على هذه المساجد إلى أن يتم تسليمها". وبمقتضى هذا النص أناط القانون بوزارة الأوقاف إدارة المساجد الأهلية سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر على أن تقوم الوزارة باستلام هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه وقد بررت المذكرة الإيضاحية تحديد هذه المدة حتى تتمكن الوزارة من تدبير المال اللازم لتنفيذ القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن قرار وزير الأوقاف رقم 134 لسنة 1981 الذي تضمن ضم عدد من المساجد الأهلية من بينها مسجد النور بالعباسية إلى وزارة الأوقاف قد صدر استناداً إلى أحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 المعدل للقانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه وإلى كتاب نائب وزير المالية رقم 4229 المؤرخ 6/ 11/ 1980 باعتماد مليوني جنيه لضم المساجد الأهلية في عام 80/ 1981 ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر طبقاً لأحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 الذي أجاز للوزارة ضم المساجد الأهلية وإدارتها ويكون القرار المشار إليه بحسب الظاهر من الأوراق قد بني على أساس وسند من القانون مما ينتفي معه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه وبناء عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه يكون سليماً ومتفقاً وحكم القانون.
ولا ينال من ذلك ما جاء بالسبب الأول من أسباب الطعن على هذا الحكم من أن القانون رقم 157 لسنة 1960 قد حدد مدة عشر سنوات من تاريخ العمل به لضم المساجد خلالها وأنه لا يجوز بالتالي ضم المساجد بعد هذه المدة إذ أن مفاد عبارة نص المادة الأولى من هذا القانون بأن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات أن تقوم وزارة الأوقاف بالإسراع في ضم هذه المساجد خلال تلك المدة ولكن ليس مؤدى ذلك أنه لا يجوز للوزارة ضم هذه المساجد بعد المدة المشار إليها وهذا المعنى واضح من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1960 التي جاء بها "... بأنه نظراً لأن الصرف على هذه المساجد سيكون مما يمنح لوزارة الأوقاف من الميزانية العامة للدولة فقد روعي أن يتم تسليم المساجد خلال عشر سنوات حتى تتمكن الوزارة من توفير المال اللازم الذي يتطلبه تنفيذ هذا القانون" وهذا يعني أن ضم هذا المساجد يتوقف على تدبير المال اللازم لهذا الضم وأن تحديد مدة العشر سنوات أساسه إمكانية تدبير الموارد المالية اللازمة لضم تلك المساجد إلى الوزارة وفي ضوء ذلك فإذا لم تتوافر الإمكانيات المادية للوزارة خلال هذه المدة لضم المساجد فهذا لا يعني عدم جواز ضم المساجد بعد هذه المدة لأن نصوص القانون مفسراً بمذكرته الإيضاحية توضح أن تحديد مدة العشر سنوات كحد أقصى مبناه وأساسه توافر الاعتماد المالي اللازم للضم وليس عدم جواز ضم المساجد بعد انتهاء هذه المدة.
أما القول بأن عبارات هذا القانون تؤكد انصراف أحكامه إلى المساجد القائمة في تاريخ العمل به وتنفي تطبيقه على ما ينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ فلا سند له ذلك أن نص المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 المشار إليه قد نصت على أن ".... تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر". وواضح من هذا النص أنه ورد بصيغة عامة إدارة المساجد" ولم يقيده بالمساجد القائمة وقت العمل بهذا القانون والقاعدة الأصولية أن العام يؤخذ على عمومه ما لم يرد ما يقيده وبالتالي فإن النص المشار إليه إذ لم يقيد بالمساجد القائمة وقت العمل به فإنه يطبق على المساجد القائمة وقت العمل به وينشأ من مساجد بعد هذا التاريخ وهو ما يتفق مع قاعدة الأثر المباشر للقانون بتطبيقه على ما يتم من وقائع من تاريخ العمل به ما لم يقيد القانون ذاته تطبيق أحكامه بقيد زمني معين وهو غير قائم في القانون سالف الذكر الذي لم يقصر تطبيقه على المساجد القائمة وقت العمل به.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن المتعلق بأن مسجد النور كان غيباً وقت صدور قرار وزير الأوقاف المطعون فيه وأنه من غير المعقول اعتبار الموقع المخصص للمسجد ضمن مباني مشروعات الجمعية مسجداً قبل تمام تنفيذه فإن الأمة قد أجمعت على أن البقعة إذا عينت للصلاة بالقول خرجت عن جملة الأملاك المختصة بربها (بصاحبها) وصارت عامة لجميع المسلمين (يراجع تفسير القرطبي الجامع لأحكام القانون طبعة دار الشعب ص 466، كما جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم) أنه لا يحتاج في جعله مسجداً إلى قوله وقفته ونحوه لأن العرف جار في الإذن بالصلاة على وجه العموم والتخلية بكونه وقفاً على هذه الجهة فكان كالتعبير به (يراجع مؤلف الوقف من الناحية التطبيقية والفقهية للأستاذ محمد سلام مدكور أستاذ الشريعة بكلية حقوق القاهرة، طبعة 1961، ص 24) وواضح من ذلك أن المكان تثبت له شرعاً المسجدية بالقول بتخصيصه مسجداً أو بالفعل بأداء فرائض الصلاة فيه ويعد مسجداً من هذا الوقت حتى ولو تراخى إتمام بنيانه إلى ما بعد ذلك. ولما كان الثابت من الكتيب المعد عن مشروع مسجد النور والمركز الإسلامي وملحقاته بالعباسية المرفق بحافظة مستندات الطاعن المقدم بجلسة 16/ 1/ 1994 أن محافظة القاهرة قد خصصت قطعة أرض مساحتها 4400 متر بالعباسية لإقامة هذا المشروع الإسلامي عليها والذي يضم مسجد النور وبعض الملحقات الأخرى من مستشفى ومعهد للقرآن الكريم ومكتبة إسلامية ومعهد للدعاة ومدرسة وقد قام فضيلة الدكتور/....... وزير الأوقاف وشئون الأزهر رحمه الله ورضي عنه نائباً عن السيد/ رئيس الجمهورية بوضع حجر الأساس لهذا المشروع كما أن الثابت من هذا الكتيب أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/........ شيخ الأزهر رحمه الله قد أمَّ المصلين بأرض المشروع وثابت أن ذلك كله كان قبل عام 1980 ومن ثم تكون قد ثبتت لمسجد النور المسجدية من هذا التاريخ بتخصيص البقعة المقام عليها لتكون مسجداً وبأداء الصلاة فيها فعلاً وبالتالي فهذا المكان المخصص للمسجد دون غيره من المباني الأخرى الملحقة به يعتبر شرعاً مسجداً من هذا التاريخ وهو تاريخ سابق على صدور قرار وزير الأوقاف المطعون فيه عام 1981 ويكون هذا القرار صحيحاً وورد على مسجد قائم شرعاً ولا عبرة في المسجدية كما تقدم بالبناء وإتمامه، كما أن المسجدية لا تنتفي عن هذا المسجد بإنشاء هذه المباني والملحقات.
ومن حيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن ومؤداه أن القانون رقم 157 لسنة 1960 صرح بأن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر وهذا يعني قصر تطبيقه على المساجد الموقوفة ولا يصبح وقف إلا بإدارة صاحبه فإن الوقف لغة معناه الحبس والمنع شرعاً حبس العين عن التملك والتمليك وجعل منفعتها مخصصة لجهات معينة على سبيل البر والخير والإنفاق في سبيل الله وهو ما عرف بالوقف الخيري أو على سبيل الصلة والبر لمن يعينهم الواقف من أهله وقرابته وذوي رحمة أو غيرهم وهو الوقف الأهلي ولما كانت المساجد ليست محلاً للتملك والتمليك ولهذا فهي موقوفة بطبيعتها وإذا كان القانون رقم 48 لسنة 1946 في شأن الوقف قد اشترط في مادته الأولى لصحة الوقف صدور إشهاد رسمي به أمام المحاكم الشرعية إلا أنه لما كانت أحكام هذا القانون قد أخذت من المذاهب الإسلامية وقد اتفق الفقهاء جميعاً على جواز وقف المسجد ولزومه دون أن يصدر به إشهاد رسمي ومن ثم فلا يشترط الإشهاد (التوثيق) في وقف المسجد (مؤلف الوقف سالف الذكر ص 26، 27) وبناء على هذا فالمساجد هي وقف شرعاً بمجرد القول أو الفعل بأداء الصلاة فيها كما سبق القول سواء صدر بشأنها إشهاد رسمي أم لم يصدر لأن وقف المسجد صحيح ولازم دون اشتراط الإشهاد فيه وبذلك يفهم ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 157 لسنة 1960 من أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهاد أم لم يصدر ليشمل حكمه المساجد حتى تلك التي لم يصدر بها إشهاد رسمي تأكيداً من هذا القانون على أن المساجد طبقاً لما أجمع عليه فقهاء المذاهب الإسلامية لا يشترط لوقفها الإشهاد وترتيباً على ذلك فما ذهب إليه الطعن من أن القانون رقم 157 لسنة 1960 يقتصر على المساجد الموقوفة غير سليم لأن المساجد كلها موقوفة بطبيعتها.
ومن حيث إنه عن السبب الرابع من أسباب الطعن المتعلق بأن ادعاء الحكم أن إدارة وزارة الأوقاف لمسجد الجمعية فيه إصلاح لشئون المسجد وفائدة للمسلمين ينطوي على إسراف في التعليل يبرر للحكومة مصادرة حقوق إدارة الأملاك الخاصة وانتهاكها لحرمتها الدستورية المكفولة بالمادة 34 من الدستور فقد سبق بيان أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه بمجرد تخصيص المكان بالقول أو الفعل ليكون مسجداً تثبت له المسجدية ويصبح وقفاً مؤبداً لازماً لا يجوز الرجوع فيه وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن وقف المسجد يخرج به الموقوف عن ملك الواقف لأن المساجد خالصة لله تعالى فلا تبقى على ملك الواقف ولا تدخل في ملك أحد من العباد (مؤلف الوقف سالف الذكر ص 8) وبناء عليه فإن تولي وزارة الأوقاف إدارة المساجد ليس فيه مصادر أو اعتداء على ملكية خاصة لأن المساجد ليست ملكاً لأحد بل هي خالصة لله تعالى ولا ينطوي ذلك على مخالفة لنص المادة 34 من الدستور.
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك فلا سند لما جاء بالسبب الخامس من أسباب الطعن من أن الحكم لم يسند ما ذهب إليه من عدم قياس المسجد على الملكية الخاصة إلى نص في قانون أو عقد ذلك أن أساس ما ذهب إليه الحكم ما هو مقرر شرعاً من أن المسجد ليس ملكاً لأحد وأنه خالص لله تعالى. أما ما جاء بهذا السبب من أن الجمعية لا تملك وقف أملاكها أو التصرف فيها في غير أغراضها المخصصة لها في نظامها الأساسي وفي القانون رقم 32 لسنة 1964 فمردود بأنه فضلاً عن أن إنشاء المساجد من أهم أغراض الجمعية باعتبارها جمعية إسلامية دون حاجة إلى نص وباعتبار أن إقامة المساجد من أفضل أعمال البر والخير فإن نظام الجمعية الأساسي قد نص في البند "ثانياً" منه على أن الغرض من الجمعية العمل في ميدان: 1 - الخدمات الثقافية والصحية والدينية. 2 - المساعدات الاجتماعية. 3 - الأسرة والطفولة وذلك على الوجه الآتي: (1)......... (2)...... (3) إنشاء المساجد وإدارتها.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ذكره الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 19/ 7/ 1992 من أن اتفاقاً تم بتاريخ 28/ 1/ 1987 بين جمعية الهداية الإسلامية بالسويس وبين شركة "المقاولون العرب" قضت المادة الرابعة منه بإطلاق يد الجمعية في إدارة شئون المركز الإسلامي ومنه مسجد النور وإنهاء مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً واعتبار ما أنفقته الوزارة تبرعاً منها للجمعية لا يرد وقد وافقت وزارة الأوقاف على هذا الاتفاق بخطاب السيد/ وزير الأوقاف الموجه إلى السيد/ وزير الإسكان في 23/ 3/ 1978 وهذا يدل على ما أدركته وزارة الأوقاف من أن هذا المشروع الضخم ينبغي أن تقوم بإدارته التي صممته وقامت بإنشائه، فإنه يبين من الاطلاع على صورة خطاب السيد/ وزير الأوقاف المشار إليه أنه تضمن ما يلي: الأخ الفاضل المهندس/ وزير الإسكان - بالإشارة إلى قرار سيادتكم رقم 67 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 17/ 7/ 1985 بتكليف شركة المقاولون العرب بتنفيذ أعمال استكمال مبنى "مسجد النور" الكائن بميدان العباسية بالقاهرة على أن يتم تمويل هذه الأعمال على نفقة وزارة الأوقاف.
أود التفضيل بالإحاطة بأن جمعية الهداية الإسلامية التي كانت تتولى أعمال بناء المسجد المذكور قبل صدور قرار التكليف المشار إليه - قدمت طلباً للوزارة أبدت فيه استعدادها لاستكمال الأعمال المطلوبة للمسجد على نفقتها الخاصة.
كما تم الاتفاق بين السيد المهندس/........ بصفته ممثلاً لشركة المقاولون العرب والجمعية المذكورة على استمرار الشركة في استكمال تنفيذ الأعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط للمسجد.
وقد وافقت الوزارة على هذا الاتفاق.
لذا نرجو التفضل باستصدار قرار بتعديل القرار رقم 67 لسنة 1985 وقصره على قيام شركة المقاولون العرب باستكمال تنفيذ الأعمال الخرسانية الخاصة بالقباب والمآذن فقط.
ويتضح من ذلك أن موافقة وزارة الأوقاف وردت على ما تم الاتفاق عليه بين الجمعية وشركة المقاولون العرب بقيام الشركة بتنفيذ أعمال الخرسانة الخاصة بالقباب والمآذن فقط بعد أن كانت الشركة مكلفة بتنفيذ كافة أعمال المسجد ولم يرد بهذا الخطاب أي إشارة إلى باقي بنود الاتفاق الذي ذكر الطاعن أنه تضمن إطلاق يد الجمعية في إدارة المسجد وإنهاء مسئولية وزارة الأوقاف مالياً وإدارياً ومن ثم فلا يمكن أن ينسب إلى الوزارة أنها وافقت على إدارة الجمعية للمسجد المذكور.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


الثلاثاء، 8 سبتمبر 2020

الطعن 11 لسنة 49 ق جلسة 2 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 32 ص 97

جلسة 2 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السيد المستشار: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة والسادة: عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي ومحمد لطفي السيد المستشارين.

----------------

(32)
الطعن رقم 11 لسنة 49 القضائية

1 - نقض "الخصوم في الطعن". صلح. بطلان. بيع. محاماة. وكالة.
عدم تقديم المحامي الذي رفع الطعن سند وكالته عن بعض الطاعنين حتى تمام المرافعة. م 255 مرافعات. أثره. بطلان الطعن بالنسبة لهم. لا يغير من ذلك كون موضوع الطعن هو بطلان عقد صلح على بيع صادر لهم مع باقي الطاعنين. علة ذلك.
2 - أحوال شخصية "ولاية على المال" "الولي على القاصر".
إعفاء الأب من استئذان المحكمة المختصة عند التصرف فيما آل للقاصر من مال بطريق التبرع منه صريحاً كان التبرع أو مستتراً. م 13 مرسوم بقانون 119 سنة 1952. عدم سريانه بالنسبة للجد. علة ذلك.
3 - إثبات "القرائن القانونية". وصية.
قرينة م 917 مدني. أعمالها. شرطه. صدور التصرف لوارث واحتفاظ المورث لنفسه بحيازة العين وبحق الانتفاع بها مدى حياته.
4 ،5 ،6 ،7  - نظام عام. نقض "السبب المفتقر للدليل، السبب الموضوعي". إثبات "القرائن القانونية". محكمة الموضوع.
4 - الدفاع القانوني الذي لا يتعلق بالنظام العام. عدم جواز التمسك به لغير من شرع لمصلحته.
5 - دفاع قانوني يخالطه واقع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - تقديم الطاعنين مستندات إلى محكمة النقض خالية مما يفيد أنها هي بذاتها كانت مطروحة على محكمة الموضوع. غير مقبول.
7 - القرينة المنصوص عليها بالمادة 917 مدني. وجوب التمسك بها من صاحب المصلحة. ليس لمحكمة الموضوع أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.
8 - 9  - نقض "بعد النقض والإحالة". محكمة الموضوع "واقع" وكالة. حكم "تسبب الحكم".
8 - نقض الحكم والإحالة. أثره. التزام محكمة الإحالة باتباع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها.
9 - ثبوت تحول الوكالة القانونية إلى وكالة اتفاقية بعد بلوغ القاصر سن الرشد لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصها من أوراق الدعوى وتقديرها للقرائن التي يستدل منها على ذلك متى كان استخلاصها سائغاً.

-------------
1 - مؤدي نص المادة 255 من قانون المرافعات الذي أوجب على الطاعن إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن أنه إذا لم يودع هذا السند إلى ما قبل حجز الطعن للحكم فإن الطعن يكون باطلاً إذ يتعذر على المحكمة الوقوف على ما إذا كان توكيل المحامي يخوله الطعن أم لا يخوله ذلك. لما كان ذلك وكان الطاعنون من الثالثة إلى الأخير لم يودعوا سند توكيل المحامي الموكل في الطعن فإن الطعن بالنسبة لهم يكون باطلاً. ولا يقدح في ذلك أن يكون موضوع الطعن هو بطلان عقد صلح على بيع صادر لهم مع باقي الطاعنين ذلك أن العقد يتجزأ بالنسبة للمشترين فيعتبر كل منهم مشترياً للجزء المبيع الخاص به مستقلاً عن سائرهم ويتعين الحكم ببطلان الطعن بالنسبة للطاعنين من الثالثة إلى الأخير.
2 - الموسوم بقانون رقم 119 سنة 1952 بشأن الولاية على المال في الفصل الأول منه الخاص بالولاية خص الأب وحده دون الجد بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 13 منه والتي تنص على أنه لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل للقاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال، ولو أراد المشرع مد هذا الحكم على الجد لنص على ذلك صراحة كما نص عليه للأب ولما خص الجد بما نص عليه في المادة 15 منه على أنه لا يجوز للجد بغير إذن المحكمة التصرف في مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها فجاء نصه في ذلك صريحاً وواضحاً وشاملاً مال القاصر كله دون استثناء مما لا محل معه لقياس حالة الجد على حالة الأب ولا موجب للرجوع إلى أحكام أخرى تناقض أحكام القانون وتتعارض معها.
3 - إعمال حكم المادة 917 من القانون المدني لا يكون إلا بعد وفاة المتصرف إذا ما تبين أنه تصرف في حال حياته لمن ثبت أنه أحد ورثته واحتفظ بأي طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته.
4 - من المقرر أن الدفاع القانوني الذي لا يتعلق بالنظام العام لا يجوز لغير صاحب المصلحة فيه التمسك به.
5 - الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6 - تقديم الطاعنين مستندات إلى هذه المحكمة للتدليل على خطأ الحكم المطعون فيه خالية مما يفيد أنها هي بذاتها كانت مطروحة على محكمة الموضوع يجعلها غير مقبولة.
7 - التمسك بالقرنية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني إنما يكون من صاحب المصلحة وليس لمحكمة الموضوع أن تتصدى له من تلقاء نفسها.
8 - قضاء النقض مهما استقر لا يقيد المحاكم إلا في المسألة القانونية بذاتها التي فصل فيها الحكم المطعون فيه فيكون على محكمة الإحالة أن تتبع حكم النقض في هذه المسألة التي نقض الحكم المطعون فيه بسببها.
9 - ثبوت الوكالة الاتفاقية أمر موضوعي يتوقف على فهم المحكمة للواقعة متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده من أوراق الدعوى وعلى تقديرها للقرائن التي يستدل بها على أن الوكالة التي كانت قانونية في الصغر انقلبت إلى وكالة اتفاقية في الكبر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم.... مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنين وآخرين بطلب الحكم ببطلان عقد الصلح الموثق في..... من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في القضية رقم... مدني كلي جنوب القاهرة اعتباره كأن لم يكن ومحو كافة التسجيلات المترتبة عليه واعتبارها عديمة الأثر, وقالا شرحاً لها إن جدهما لأبيهما المرحوم.... المتوفى في 4/ 5/ 1973 باع لهما في سنة 1970 بموجب عقد بيع نهائي حق الرقبة والمنفعة 4 ط شيوعاً في المنزل رقم 9 شارع محمد محمود بباب اللوق واشترط تقديم إيراد مرتب طوال الحياة، وأنهما فوجئا ببعض الطاعنين يعتدون على حيازتهما للشقة التي كانا يقيمان فيها مع جدهما، فأقاما دعوى استرداد حيازة فوجئا فيها بتقديم عقد صلح موثق من المحكمة في الدعوى.... مدني جنوب القاهرة يتضمن موافقة جدهما بصفته ولياًً شرعياًّ عليهما على بيع القدر المبيع لهما للطاعنين، وأنه لما كان هذا الصلح باطلاً إذ أبرمه الجد بصفته ولياً شرعياًّ عليهما حال أن أولهما كان بالغاً سن الرشد إذ هو من مواليد..... وأن الثانية كانت قاصراً ولم يستأذن المحكمة الحسبية في البيع بالنسبة لها، كما أن النيابة لم تخطر بتلك الدعوى ومن ثم أقاما الدعوى بطلباتهما السالفة البيان. وفي 3/ 5/ 1977 قضت المحكمة ببطلان عقد الصلح واعتباره كأن لم يكن. استأنف الطاعنون ذلك الحكم بالاستئناف رقم..... سنة 94 قضائية القاهرة. وبجلسة 6/ 11/ 1978 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن من الطاعنين عدا الأول والثانية. وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة لهما. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن الطاعنين من الثالثة للسابع لم يقدموا سند توكيل المحامي في الطعن إلى ما قبل حجز الطعن للحكم.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن مؤدى نص المادة 255 من قانون المرافعات الذي أوجب على الطاعن إيداع سند توكيل المحامي الموكل في الطعن أنه إذا لم يودع هذا السند إلى ما قبل حجز الطعن للحكم فإن الطعن يكون باطلاً؛ إذ يتعذر على المحكمة الوقوف على ما إذا كان توكيل المحامي يخوله الطعن بالنقض أم لا يخوله ذلك. لما كان ذلك - وكان الطاعنون من الثالثة إلى الأخير لم يودعوا سند توكيل المحامي الموكل في الطعن، فإن الطعن بالنسبة لهم يكون باطلاً، ولا يقدح في ذلك أن يكون موضوع الطعن هو بطلان عقد صلح على بيع صادر لهم مع باقي الطاعنين ذلك أن العقد يتجزأ بالنسبة للمشترين فيعتبر كل منهم مشترياً للجزء المبيع الخاص به مستقلاً عن سائرهم، ويتعين الحكم ببطلان الطعن بالنسبة للطاعنين من الثالثة إلى الأخير.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعنين الأولين استوفي أوضاعه الشكلية. وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة ما درج عليه قضاء محكمة النقض، وفي بيان ذلك يقولان إن الأحكام الخاصة بتصرفات الأب في المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 الخاص بالولاية على المال تسري على الجد باعتباره أباً وإن علا ومن ثم يعفى من استئذان المحكمة المختصة إذا ما تصرف جد القاصر في ماله إذا كان هذا المال قد آل إلى القاصر بطريق التبرع منه وأنهما تمسكاً بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ولكنها لم ترد عليه مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الموسوم بقانون رقم 119 سنة 1952 بشأن الولاية على المال في الفصل الأول منه الخاص بالولاية خص الأب وحده دون الجد بالاستثناء المنصوص عليه في المادة 13 منه والتي تنص على أنه لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل للقاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً، ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال، ولو أراد المشرع مد هذا الحكم على الجد لنص على ذلك صراحة كما نص عليه بالنسبة للأب ولما خص الجد بما نص عليه في المادة 15 منه من أنه "لا يجوز للجد بغير إذن المحكمة التصرف في مال القاصر ولا الصلح عليه ولا التنازل عن التأمينات أو إضعافها" فجاء نصه في ذلك صريحاً وواضحاً وشاملاً مال القاصر كله دون استثناء مما لا محل معه لقياس حالة الجد على حالة الأب ولا موجب للرجوع إلى أحكام أخرى تناقض أحكام القانون وتتعارض معها وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعنين رداً صريحاً ملتزماً هذا النظر الصحيح في القانون، فمن ثم يكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب لا يقوم على أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي ذلك يقولان إن المستأنفين دفعوا أمام محكمة الاستئناف باعتبار العقد وصية مضافة إلى ما بعد الموت تخضع لأحكام المادة 917 من القانون المدني إذ بقيت الحيازة للجد طوال حياته واشترط له مرتباً مدى الحياة واستيفاء دين البنك العقاري مما يحق للموصي الرجوع في وصيته ما دام حياً وهو ما لا يحتاج إلى إذن المحكمة المختصة وإذ اشترط الحكم ذلك الإذن ورتب على ذلك بطلان عقد الصلح، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه فضلاً عن أن إعمال حكم المادة 917 من القانون المدني لا يكون إلا بعد وفاة المتصرف إذا ما تبين أنه تصرف في حال حياته لمن ثبت أنه أحد ورثته واحتفظ بأية طريق كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، والثابت أن الجد تصرف في المال حال حياته ولا يرثه المطعون ضدهما باعتبار أنهما ابنا ابنه وإذ مات في حياة ابنه الطاعن الأول عم المطعون ضدهما، فإن الطاعنين لم يقدما ما يدل على أنهما قرعا سمع محكمة الاستئناف بهذا الدفاع الذي ذكراه في نعيهما، ومن المقرر أن الدفاع القانوني الذي لا يتعلق بالنظام العام لا يجوز لغير صاحب المصلحة فيه التمسك به والدفاع القانوني الذي يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وأن تقديم الطاعنين مستندات إلى هذه المحكمة للتدليل على خطأ الحكم المطعون فيه خالية مما يفيد أنها هي بذاتها كانت مطروحة على محكمة الموضوع يجعلها غير مقبولة. لما كان ذلك - وكان التمسك بالقرنية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني إنما يكون من صاحب المصلحة وليس لمحكمة الموضوع أن تتصدى له من تلقاء نفسها. كما أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يثبت أنه سبقت إثارته أمام محكمة الاستئناف - إذ خلت المذكرة المقدمة من الطاعنين - تدليلاً على سبق إثارته - مما يفيد أنها هى بذاتها كانت مطروحة على محكمة الاستئناف، فإن النعي بهذا السبب يضحى غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف المستقر عليه من الأحكام، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن تمثيل الولي الذي يستمر بعد بلوغ القاصر سن الرشد أثناء نظر الدعوى تنقلب النيابة القانونية بالنسبة له إلى نيابة اتفاقية، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من الجد صدر وقت أن كان المطعون ضده الأول بالغاً سن الرشد ومن قبل رفع الدعوى عليه وهذا البلوغ ينهي ولاية الجد عليه في حين أن التصرف الصادر من الولي كان في..... وقت أن كان المطعون ضدهما دون البلوغ ورفعت الدعوى على الولي بصفته طبقاً للوارد بالعقد ولم ينبه الولي رافعي الدعوى لهذا البلوغ ولا يتأتي أن يكون بين الجد الذي تصرف للمطعون ضدهما في عقار أكبر قيمة وبين الطاعنين تواطؤ وهم جميعاً من أسرة واحدة، ومتى انتفى التواطؤ فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف ما درج عليه قضاء النقض.
وحيث إن هذا النعي بدوره غير مقبول، ذلك أنه فضلاً عن أن قضاء النقض مهما استقر لا يقيد المحاكم إلا في المسألة القانونية بذاتها التي فصل فيها الحكم المطعون فيه فيكون على محكمة الإحالة أن تتبع حكم النقض في هذه المسألة التي نقض الحكم المطعون فيه بسببها، فضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد انتهي بأسباب سائغة ولها سندها من أوراق الدعوى إلى أن تمثيل جد الطاعن الأول له في عقد الصلح موضوع النزاع كان بعد بلوغه سن الرشد، لأن الدعوى التي وثق فيها هذا العقد رفعت بعد ذلك ورتب على ذلك أنه لا صحة لما يدعيه الطاعنان من أن الجد كان يمثل الطاعن الأول قبل بلوغه واستمر يمثله بعد ذلك، وهى نتيجة سائغة ومحمولة ولا تخالف ما جرى به قضاء النقض السابق، ولما كان ثبوت الوكالة الاتفاقية أمراً موضوعياً يتوقف على فهم المحكمة للواقعة متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده من أوراق الدعوى وعلى تقديرها للقرائن التي يستدل بها على أن الوكالة التي كانت قانونية في الصغر انقلبت إلى وكالة اتفاقية في الكبر، وكانت المحكمة قد انتهت في حدود سلطتها وبلا معقب عليها من محكمة النقض على انتفاء ثبوت وكالة الجد عن الطاعن الأول في عقد الصلح المحكوم ببطلانه. لما كان ذلك - فإن ما يجادل به الطاعنان من أمور أخرى التفتت عنها المحكمة في نطاق سلطتها المطلقة في تقدير القرائن، جدل موضوعي لا تجوز إثارته في النقض والنعي به غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء ببطلان الطعن بالنسبة للطاعنين من الثالثة للأخير ورفضه بالنسبة للأولين.


الطعن 1118 لسنة 49 ق جلسة 30 / 4 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 107 ص 508

جلسة 30 من إبريل سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يحيى عبد العزيز يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

----------------

(107)
الطعن رقم 1118 لسنة 49 القضائية

 (1)اختصاص. إيجار "إيجار أماكن"، المنازعة في تحديد الأجرة".
المنازعة في تحديد الأجرة. خصومة ذات طابع مدني. الطعن على قرارات لجان تحديد الأجرة. من اختصاص المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار المؤجر. م 13/ 2 من ق رقم 52 سنة 1969. إحالة التظلمات من قرارات لجان تحديد الأجرة إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها محل العقار. م 42 من ق 52 سنة 1969. علة ذلك.
(2) حكم "صدور حكم من المحكمة الدستورية". قوة الأمر المقضي.
صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. أثره. عدم التطبيق أو النفاذ من تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية - الاستثناء - الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت بحكم حائز لقوة الأمر المقضي.

-----------------

1 - المنازعة بين المؤجر والمستأجر بصدد تحديد الأجرة هي خصومة مدنية بحسب طبيعتها وأصلها بحيث لا يفقدها هذا الطابع الموضوعي ما يلابسها من عنصر إداري شكلي هو صدور قرار تحديد الأجرة في أول الأمر من لجنة إدارية، لأن من شأن الرأي الفاصل في هذه الخصومة أن تتحدد به المراكز المالية والحقوق المتبادلة بين أطرافها وهو اختصاص مدني بحت، وقد التفت المشرع عن ذلك العنصر الإداري واعتد بالطابع المدني لهذه المنازعات فنص في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 52 سنة 1969 على أن يكون الطعن على قرارات تحديد الأجرة أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار المؤجر، كما أوجب في المادة 42 على مجالس المراجعة التي كانت تختص بنظر التظلمات في قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية طبقاً للقانون رقم 46 سنة 1962 لتحديد إيجار الأماكن - أن تحيل التظلمات المعروضة عليها عند العمل بأحكام القانون رقم 52 سنة 69 إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها محل العقار بغير رسوم بالحالة التي كانت عليها.
2 - يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم نفاذها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ، ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، ويستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدورها بحكم حائز قوة الأمر المقضي وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية الصادر إعمالاً لنص المادة 49/ 3 من القانون المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن لجنة تقدير الإيجارات قدرت أجرة وحدات العقار المملوك للطاعنين رقم 10 شارع ذكي سابقاً (وحالياً 1 شارع الشيخ سيد درويش) قسم الأزبكية، إعمالاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 - فتظلم بعض المستأجرين من القرار المذكور أمام مجلس المراجعة الذي أصدر قراراً بتعديل القيمة الإيجارية لبعض الوحدات، فطعن الملاك - الطاعنون - في قرار مجلس المراجعة أمام محكمة القضاء الإداري، بمقولة بطلانه ومخالفته القانون - وقيد طعنهم برقم 1276 سنة 18 ق، وبتاريخ 9/ 11/ 1965 قضت تلك المحكمة بإلغاء قرار مجلس المراجعة المطعون فيه، طعن وزير الإسكان بصفته والمطعون ضده الثاني في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد الطعن برقم 194 سنة 13 ق، وبتاريخ 20/ 12/ 1969 قضت المحكمة المذكورة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز الطعن، وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 سنة 1 ق بتاريخ 4/ 12/ 1971 حكماً قضى بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 46 سنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 سنة 1963 فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن في قرارات مجلس المراجعة. أقام الملاك - الطاعنون - طعناً أمام محكمة القضاء الإداري، في قرار مجلس المراجعة الصادر بتاريخ 14/ 7/ 1964، قيد برقم 1276 سنة 18 ق بطلب الحكم ببطلانه وإلغاء قرار مجلس المراجعة سالف الذكر، فقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، التي قيدت برقم 696 سنة 1976، وبتاريخ 3/ 11/ 1976 حكمت المحكمة المذكورة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالقرار الصادر من مجلس المراجعة بجلسة 14/ 7/ 1964. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 3589 سنة 93 ق، وبتاريخ 28/ 3/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه. الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أن المحكمة الإدارية العليا قضت بتاريخ 20/ 12/ 1969 في الطعن المقيد برقم 194 سنة 13 ق، بعدم جواز الطعن في قرار مجلس المراجعة الصادر في 14/ 7/ 1964 استناداً إلى ما نصت عليه الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 سنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 سنة 1969 التي تقضي بأن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل في التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة، وإنه بعد صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا - في الدعوى رقم 5 سنة 1 ق بتاريخ 4/ 12/ 1971 بعدم دستورية النص المعدل بالقانون رقم 133 سنة 1963 - زال المانع وانفتح أمام صاحب المصلحة طريق الطعن في تلك القرارات الصادرة من مجلس المراجعة، فأقام الطاعنون الدعوى بتاريخ 17/ 1/ 1972 - في الميعاد المحدد قانوناً - إلا أنها قضت بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية. وإذ كانت هذه الأخيرة قد قضت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالقرار الصادر من مجلس المراجعة بتاريخ 14/ 7/ 1964 وتأيد هذا الحكم استئنافياً استناداً إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان قد حاز قوة الأمر المقضي مما يمتنع معه معاودة النزاع لسبق الفصل فيه نهائياً. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد جاء خلواً من التفرقة بين الدفع الموضوعي والدفع الشكلي مما يعيبه بالقصور بالتسبيب بما يعين نقضه.
وحيث إن ها النعي بشقيه غير سديد، ذلك أن المنازعة بين المؤجر والمستأجر بصدد تحديد الأجرة هي خصومة مدنية بحسب طبيعتها وأصلها بحيث لا يفقدها هذا الطابع الموضوعي ما يلابسها من عنصر إداري شكلي هو صدور قرار تحديد الأجرة في أول الأمر من لجنة إدارية، لأن من شأن الرأي الفاصل في هذه الخصومة أن تتحدد به المراكز المالية والحقوق المتبادلة بين أطرافها وهو اختصاص مدني بحت.
وحيث إن المشرع إعمالاً للتفويض المقرر لها في المادة 167 من الدستور بشأن تحديد اختصاص الهيئات القضائية قد التفت عن ذلك العنصر الإداري واعتد بالطابع المدني لهذه المنازعات فنص في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين على أن يكون الطعن على قرارات تحديد الأجرة أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار المؤجر، كما أوجبت في المادة 42 على مجالس المراجعة - التي كانت تختص بنظر التظلمات في قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن - أن تحيل التظلمات المعروضة عليها عند العمل بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها محل العقار بغير رسوم وبالحالة التي تكون عليها. أما قرارات تلك المجالس السابق صدورها قبل العمل بأحكام القانون الأخير فقد سكت عنها المشرع نظراً لما كانت تقضي به الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 - بعد تعديلها بالقرار بقانون 133 سنة 1963 - من أن القرارات الصادرة من مجالس المراجعة بالفصل في التظلمات من قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة.
وحيث إن المحكمة العليا أصدرت بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1971 حكماً في الدعوى رقم 5 سنة 1 قضائية بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليها، فانفتح بذلك باب الطعن في قرارات مجالس المراجعة - ما لم تكن المراكز القانونية والوقائع السابقة على تاريخ صدور الحكم المذكور قد استقرت بحكم حاز قوة الأمر المقضي، ذلك أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم نفاذها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ، ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، ويستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدورها بحكم حاز قوة الأمر المقضي، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، وإعمالاً لنص المادة 49 فقرة ثالثة من القانون المذكور التي تقضي أنه "... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم..." لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر وتقيد في قضائه بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الدعوى رقم 194 سنة 13 ق المقضي فيها بعدم جواز الطعن في قرار مجلس المراجعة الصادر بتاريخ 14/ 7/ 1964 بتحديد أجرة الأعيان موضوع النزاع، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بالتفاته عن التفرقة بين الدافع الشكلي والدفع الموضوعي، غير منتج ولا جدوى منه.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 1492 لسنة 49 ق جلسة 2 / 11 / 1986 مكتب فني 37 ج 2 ق 167 ص 816

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم أحمد بركة، والدكتور علي فاضل حسن (نائبي رئيس المحكمة)، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

-------------

(167)
الطعن رقم 1492 لسنة 49 القضائية

عمل "إنهاء علاقة العمل: استقالة".
إنهاء علاقة العمل بالاستقالة. شرطه. قبول جهة العمل لها صراحة أو حكماً. م 67 ق 61 لسنة 1971. طلب الإحالة للمعاش المبكر وفقاً للمادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي 79 لسنة 1975. انطواءه ضمناً على طلب بالاستقالة، مؤدى ذلك. وجوب مراعاة الميعاد المنصوص عليه بالمادة 67 المشار إليها.

----------------
مفاد نص المادة 67 من القانون 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العالمين بالقطاع العام، أن الاستقالة لا تنتج أثرها في إنهاء علاقة العمل إلا بقبول جهة العمل إما صراحة بإصدار قرارها بقبولها، أو حكماً بانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها دون أن يبت فيها. لما كان ذلك وكان الطاعن تقدم بتاريخ... للمطعون ضدها بطلب إحالته للمعاش المبكر لظروفه العائلية اعتبار من 1/ 12/ 1976 عملاً بنص المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وكانت المادة المشار إليها تنص على أن "..." فإن طلب الطاعن إحالته للمعاش المبكر طبقاً لهذا النص يتضمن ضمناً طلباً باستقالته وإنهاء خدمته للأسباب الواردة به مما يقتضي مراعاة الميعاد الذي نصت عليه المادة 67 سالفة الذكر والذي يجب أن يبت في هذه الاستقالة خلاله وإذ كان رئيس مجلس إدارة الجمعية المطعون ضدها قد أشر على هذا الطلب بتاريخ... بعدم الموافقة، فإن هذه الاستقالة تكون مع ذلك قد قبلت حكماً بانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها قبل أن يبت فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 478 لسنة 1977 عمال كلي جنوب القاهرة على الجمعية المطعون ضدها بطلب الحكم باعتبار قرار الفصل الصادر به قرار إنهاء الخدمة رقم 25 لسنة 1977 كأن لم يكن واعتباره مستقيلاً من عمله وما يترتب على ذلك من أثار وقال بياناً لدعواه إنه بمقتضى عقد عمل مؤرخ 10/ 10/ 1962 التحق بالعمل لدى المطعون ضدها وظل يعمل بها إلى أن وصل على وظيفة رئيس سفينة قاطرة غير أنه تقدم باستقالة لظروف عائلية اضطرته للعودة إلى قريته للإقامة بها ولما كان قد مضى أكثر من شهر على تقديم الاستقالة دون أن يبت فيها فقد انقطع عن العمل من 17/ 1/ 1977 باعتبار أن استقالته قد قبلت بحكم القانون عملاً بنص المادة 67 من القانون رقم 61 لسنة 1971، وإذ أخطرته المطعون ضدها رغم ذلك بالقرار رقم 25 لسنة 1977 الصادر في 26/ 2/ 1977 بإنهاء خدمته اعتباراً من 17/ 1/ 1977 لتغيبه عن العمل أكثر من عشرة أيام متصلة عملاً بنص المادة 64 من القانون سالف البيان، وفي 27/ 2/ 1978 قضت المحكمة بندب خبير في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 18/ 12/ 1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 84 سنة 96 ق القاهرة، وبتاريخ 12/ 5/ 1979 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله أن طلب الطاعن إحالته للمعاش المبكر لا يتضمن استقالة بمفهوم المادة 67 من القانون رقم 61 لسنة 1971 في حين أن هذا الطلب في حقيقته هو طلب بالاستقالة لاستحقاق المعاش المبكر متى استوفى شروطه وقد مضت المدة المحددة قانوناً دون البت فيه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر طلب الطاعن إحالته المعاش المبكر لا يتضمن طلباً باستقالته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 67 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العالمين بالقطاع العام تنص على أنه "للعامل أن يقدم استقالته من وظيفته وتكون الاستقالة مكتوبة ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، ويجب البت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون..." ومفاد هذا النص أن الاستقالة لا تنتج أثرها في إنهاء علاقة العمل إلا بقبول جهة العمل لها إما صراحة بإصدار قرار بقبولها أو حكماً بانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها دون أن يبت فيها. لما كان ذلك وكان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعن تقدم بتاريخ 20/ 6/ 1976 للمطعون ضدها بطلب إحالته للمعاش المبكر لظروفه العائلية اعتباراً من 1/ 12/ 1976 عملاً بنص المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وكانت المادة 18 من هذا القانون تنص على أن "يستحق المعاش في الحالات الآتية: 1 - ... 2 - ... 3 - ... 4 - ... 5- انتهاء خدمة المؤمن عليه لغير الأسباب المنصوص عليها في البنود (1، 2، 3) متى كانت مدة اشتراكهم في التأمين 240 شهراً على الأقل. فإن طلب الطاعن إحالته للمعاش المبكر طبقاً لهذا النص يتضمن ضمناً طلباً باستقالته وإنهاء خدمته للأسباب الواردة به مما يقتضي مراعاة الميعاد الذي نصت عليه المادة 67 سالفة الذكر والذي يجب أن يبت في هذه الاستقالة خلاله وإذ كان رئيس مجلس الجمعية المطعون ضدها قد أشر على هذا الطلب بتاريخ 11/ 12/ 1976 بعدم الموافقة، فإن هذه الاستقالة تكون مع ذلك قد قبلت حكماً بانقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها قبل أن يبت فيها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن طلب الطاعن إحالته للمعاش المبكر لا يتضمن استقالته بمفهوم المادة 67 من القانون رقم 61 لسنة 1971 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة

الطعن 1149 لسنة 49 ق جلسة 28 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ج 2 ق 214 ص 1055

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد أحمد صقر، وليم رزق بدوي نائبي رئيس المحكمة، محمد لطفي السيد وطه الشريف.

--------------

(214)
الطعن رقم 1149 لسنة 49 القضائية

(1،  (2 حيازة "تنفيذ عقاري" رهن. نظام عام. دعوى.
(1) الحائز في التنفيذ العقاري. ماهيته. إنذاره وإخباره بإيداع قائمة شروط البيع. أثره. اعتباره طرفاً في إجراءات التنفيذ. منازعته بتخلف أحد شروط صحة التنفيذ. وجوب إبدائها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع دون طريق الدعوى المبتدأة. تعلقه بالنظام العام 642 مرافعات سابق.
 (2)الدائن المرتهن له حق عيني على العقار المرهون ونزع ملكيته عند حلول أجل الدين في يد الحائز له المواد 1030، 1060، 1072 من القانون المدني، 411 مرافعات المقابلة للمادة 626 مرافعات سابق.

--------------

1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إنذار الحائز للعقار وهو كل من اكتسب ملكية العقار المثقل بحق عيني تبعي أو حقاً عينية عليه بموجب سند سابق في تسجيله على تسجيل تنبيه نزع الملكية دون أن يكون مسئولاً شخصياً عن الدين المضمون - وإخباره بإيداع قائمة شروط البيع يجعله طرفاً في إجراءات التنفيذ وتكون منازعته في تخلف شرط من شروط صحة التنفيذ - هو كون العقار مملوكاً للمدين - من أوجه البطلان التي يجب وفقاً لنص المادة 642 من قانون المرافعات الملغي إبداؤها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع ويترتب على عدم اتباع هذا الطريق سقوط الحق في التمسك بهذا البطلان، وذلك أن المشرع قد أوجد بذلك طريقاً خاصاً لرفع منازعات التنفيذ على العقار وهو أمر يتعلق بنظام الإجراءات الأساسية في التقاضي والخروج عليه بطرح هذه المنازعات على القضاء بدعوى مبتدأة ممن كان طرفاً في التنفيذ يمس قاعدة للنظام العام.
2 - مفاد نصوص المواد 1030، 1062، 1072 من القانون المدني والمادة 411 من قانون المرافعات الحالي المقابلة للمادة 626 من قانون المرافعات السابق أن للدائن المرتهن حق عيني على العقار المرهون يخوله مزية التتبع فيحق له عند حلول أجل الدين أن ينزع ملكية العقار المرهون في يد الحائز له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول ومورث المطعون من الثانية حتى السابعة والمطعون ضدهم ضده الثامن ومورثي المطعون ضدهم من التاسعة حتى الواحد والعشرين والمطعون ضدها الثانية والعشرين أقاموا الدعوى رقم 960 لسنة 1955 مدني كلي المنيا على الطاعن بصفته وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيتهم عدا مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى السابعة - الذي انضم إليهم في طلباتهم - المساحة 14 س، 8 ط، 3 ف، المبينة بصحيفة الدعوى وإلغاء إجراءات نزع الملكية المتخذة من جانب الطاعن بصفته في دعوى البيوع رقم 3 سنة 1956 كلي المنيا على هذا القدر واعتبارها كأن لم تكن.
قضت المحكمة برفض الدعوى - استأنف المدعون الحكم بالاستئناف رقم 415 سنة 1 ق بني سويف "مأمورية المنيا"، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً قضت بتاريخ 24/ 3/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده الأولى المساحة 7 ط 3 ف المبينة بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير وإلغاء إجراءات نزع الملكية المتخذة من الطاعن بصفته في دعوى البيوع رقم 3 سنة 1956 كلي المنيا واعتبارها كأن لم تكن - طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول - وهو حائز لعقار النزاع أخبر بإيداع قائمة شروط البيع - رفع دعواه باستحقاق العقار وإلغاء إجراءات الحجز ويعد ذلك منه تمسكاً بوجه من أوجه بطلان التنفيذ كان يجب إبداؤه بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وإلا سقط حقه في التمسك به وفقاً لنص المادتين 633، 642 من قانون المرافعات السابق، وأنه إذا انتقلت ملكية العقار المرهون إلى شخص غير الراهن بأي سبب من أسباب كسب الملكية وكان غير مسئول عن الدين - حائز العقار فإنه يتلقاه مثقلاً بالرهن وللدائن المرتهن حق تتبع العقار والتنفيذ عليه، وإذ كان عقد الرهن سند التنفيذ قد سجل في سنة 1929 وتجدد قيده في سنة 1939 ثم في سنة 1949 إلى أن سجل تنبيه نزع الملكية في سنة 1955 فإن عقد الرهن يكون سابقاً على تاريخ انتقال الملكية للمطعون ضده الأول في سنة 1939 وقد أنذر الأخير باعتباره حائزاً للعقار في 1/ 7/ 1955 بالدفع أو التخلية فيبقى حق التتبع المقرر للطاعن قائماً يتيح له التنفيذ على العقار، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ما سلف يكون مشوباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إنذار الحائز للعقار - وهو كل من اكتسب ملكية العقار المثقل بحق عيني تبعي أو حقاً عينياً بموجب سند سابق في تسجيله على تسجيل تنبيه نزع الملكية دون أن يكون مسئولاً شخصياً عن الدين المضمون - وإخباره بإيداع قائمة شروط البيع يجعله طرفاً في إجراءات التنفيذ وتكون منازعته في تخلف شرط من شروط صحة التنفيذ هو كون العقار مملوكاً للمدين - من أوجه البطلان التي يجب وفقاً لنص المادة 642 من قانون المرافعات الملغي إبداؤها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع ويترتب على عدم اتباع هذا الطريق سقوط الحق في التمسك بهذا البطلان، ذلك أن المشرع قد أوجد بذلك طرقاً خاصة لرفع منازعات التنفيذ على العقار وهو أمر يتعلق بنظام الإجراءات الأساسية في التقاضي والخروج عليه بطرح هذه المنازعات على القضاء بدعوى مبتدأة من كان طرفاً في التنفيذ يمس قاعدة للنظام العام، والمقرر أيضاً أن المستفاد من نصوص المواد 1030، 1060، 1072 من القانون المدني والمادة 411 من قانون المرافعات الحالي المقابلة للمادة 626 من قانون المرافعات السابقة أن للدائن المرتهن حق عيني على العقار المرهون يخوله مزية التتبع فيحق له عند حلول أجل الدين أن ينزع ملكية العقار المرهون في يد الحائز له - لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن بصفته يستند في إجراءات نزع ملكية عقار النزاع إلى عقد رسمي مضمون برهن تأميني لصالحه موثق بتاريخ 3/ 6/ 1929 ومشهر القيد برقم 3654 بتاريخ 5/ 6/ 1929 واستمر تجديده العشري؟ حتى تسجيل تنبيه نزع الملكية وأن المطعون ضده الأول قد تلقى ملكية هذا العقار بعقد بيع مسجل بتاريخ 15/ 1/ 1939 بعد تاريخ شهر قيد الرهن وقبل تسجيل تنبيه نزع الملكية فهو حائز للعقار وأخبر بإيداع قائمة شروط البيع ولم يثبت اعتراضه عليها بوجه البطلان الذي تمسك به فقد سقط حقه في إبدائه ولا يجوز له معاودة التمسك به بدعوى مبتدأة كذلك أنذر المطعون ضده الأول بالدفع أو التخلية ولم يثبت اختياره لأي منهما فيكون للطاعن بصفته (الدائن المرتهن) وبما له من مزية التتبع أن ينفذ على عقار النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه النظر المتقدم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ولما تقدم والموضوع صالح للفصل فيه فتقضي المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 415 سنة 1 ق بني سويف مأمورية المنيا على نحو ما تقدم.

الطعن 172 لسنة 18 ق جلسة 4 / 1 / 1951 مكتب فني 2 ج 2 ق 40 ص 209

جلسة 4 من يناير سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
----------
(40)
القضية رقم 172 سنة 18 القضائية

 (أ) موظف.

فصله من وظيفته. ذكر سبب الفصل في القرار القاضي به. من شأنه أن يخضع هذا القرار لرقابة المحاكم.
(ب) إحالة الموظف إلى المعاش لمجرد مقاربته السن المقرر للتقاعد. موجبة لمعاملة الحكومة.
(جـ) مسئولية الحكومة عن فصل موظفيها. قصرها على سوء استعمال الحق. خطأ.

-------------
)أ) ذكر سبب فصل الموظف من وظيفته في القرار القاضي به من شأنه أن يخضع هذا القرار لرقابة المحاكم لتبين مدى صحته من الوجهة الواقعية ومطابقتها للقانون.
(ب) تقع باطلة إحالة الموظف إلى المعاش قبل بلوغه السن المقرر للتقاعد لا لسبب غير مجرد مقاربته هذه السن.
(جـ) القول بقصر نطاق مسئولية الحكومة عن فصل موظفيها على حالة سوء استعمال الحق هو قول خاطئ.
وإذن فمتى كان الحكم إذ قضى برفض دعوى التعويض التي رفعها الطاعن لفصله من وظيفته قبل بلوغه سن التقاعد قد أسس قضاءه على أن حق الحكومة في الاستغناء عن موظفيها إذا ما دعت إليه مصلحة الدولة العليا هو من حقوقها المطلقة التي تباشرها بلا معقب عليها، وذلك ما لم تكن قد أساءت استعمال هذا الحق وأنه لا دليل في وقائع الدعوى على أن فصل الطاعن من وظيفته كان لغرض شخصي، وكان الثابت بالأوراق أنه قد ذكر في قرار إحالة الطاعن إلى المعاش السبب الذي بنيت عليه هذه الإحالة وهو إلغاء وظيفته، وكان مما أسس عليه الطاعن دعواه أن هذا السبب غير صحيح، لأن وظيفته لم تلغ وإنما بقيت على حالها وشغلت بموظف آخر، وكان السبب الذي برر به فصل الطاعن بالذات هو أنه أمضى مدة طويلة في الخدمة وقارب سن الإحالة إلى المعاش وأصبح الفرق بين راتبه ومعاشه ضئيلاً، وكان الحكم خلواً من بحث هذا الدفاع الجوهري اعتماداً على ما قرره خطأ من قصر نطاق مسئولية الحكومة عن فصل موظفيها على حالة سوء استعمال الحق، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور.


الوقائع

في يوم 4 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 28 من مارس سنة 1948 في الاستئنافين رقمي 625 سنة 64 ق و108 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً، وفي موضوع الاستئنافين المذكورين برفض الاستئناف المرفوع من وزارة المالية ومجلس النواب وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل في استئناف الطاعن وحده مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 8 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 13 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 7 من أكتوبر سنة 1948 أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 23 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 7 من نوفمبر سنة 1948 أودع المطعون عليهما مذكرة بملاحظاتهما على الرد. وفي 30 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات. وفي 21 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ).


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور: ووجه الخطأ هو أن المحكمة ذهبت إلى أن حق الحكومة في فصل موظفيها هو من حقوقها المطلقة التي تباشرها بلا معقب عليها، وذلك ما لم تكن قد أساءت استعمال هذا الحق، فعندئذ تجوز مساءلتها - مع أن هناك أحوالاً أخرى قد لا يساء فيها استعمال الحق ومع ذلك يكون قرار الفصل فيها معيباً وموجباً لمسئولية الحكومة، كما إذا كان قائماً على مقدمات تخالف الواقع أو كان السبب الذي ذكر فيه غير صحيح، كما هو الحال في الدعوى - ذلك أن من ضمن ما أسس عليه الطاعن طعنه في قرار فصله من وظيفته هو أن السبب الذي ذكر في قرار إحالته إلى المعاش وهو إلغاء الوظيفة التي كان يشغلها غير صحيح، لأن وظيفته لم تلغ، وأن المبرر الوحيد لفصله هو - على ما جاء بتقرير مراقب مجلس النواب في ذلك الوقت - أنه قارب سن الإحالة إلى المعاش، وهو سبب يخالف القانون الذي حدد سن التقاعد. أما وجه القصور فهو أنه قد ترتب على المبدأ الخاطئ الذي اعتمدت عليه المحكمة أن أغفلت بحث الأدلة التي استند إليها الطاعن في دعواه والتي رددتها محكمة الدرجة الأولى اكتفاء منها بالقول بسلامة قرار الفصل من الغرض الشخصي - مع انتفاء هذه الشائبة عنه ليس معناه خلوه من أي عيب آخر قد يغشاه ويبطله.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن السبب الأساسي الذي أقيم عليه يتحصل في أن حق الحكومة في الاستغناء عن موظفيها إذا ما دعت إليه مصلحة الدولة العليا هو من حقوقها المطلقة التي تباشرها بلا معقب عليها، وذلك ما لم تكن قد أساءت استعمال هذا الحق، وأنه لا دليل في وقائع الدعوى على أن فصل الطاعن من وظيفته كان لغرض شخصي.
ومن حيث إنه لما كان ذكر سبب فصل الموظف من وظيفته في القرار القاضي به من شأنه أن يخضع هذا القرار لرقابة المحاكم لتبين مدي صحته من الوجهة الواقعية ومطابقتها للقانون - وكانت تقع باطلة إحالة الموظف إلى المعاش قبل بلوغه السن المقررة للتقاعد لا لسبب غير مجرد مقاربته هذه السن - وكان الثابت بالأوراق أنه قد ذكر في قرار إحالة الطاعن إلى المعاش السبب الذي بنيت عليه هذه الإحالة وهو إلغاء وظيفته، وأن مما أسس عليه الطاعن دعواه أن هذا السبب غير صحيح، لأن وظيفته لم تلغ وإنما بقيت على حالها وشغلت بموظف آخر، وأن السبب الذي برر به فصله بالذات هو أنه أمضى مدة طويلة في الخدمة وقارب سن الإحالة إلى المعاش وأصبح الفرق بين راتبه ومعاشه ضئيلاً - وكان الحكم المطعون فيه خلواً من بحث هذا الدفاع الجوهري الذي أخذ به الحكم الابتدائي وأقام عليه قضاءه بمساءلة المطعون عليهما عن فصل الطاعن من وظيفته قبل بلوغه سن التقاعد، وهو بحث لازم للفصل في الدعوى، وذلك اعتماداً على ما قررته المحكمة خطأ من قصر نطاق مسئولية الحكومة عن فصل موظفيها على حالة سوء استعمال الحق - لما كان ذلك كذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور، ومن ثم يتعين نقضه بغير حاجة إلي بحث باقي أسباب الطعن.