الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 أغسطس 2017

الطعن 960 لسنة 56 ق جلسة 2 / 3 / 1988 مكتب فني 35 ج 1 هيئة عامة ق 3 ص 26

برياسة السيد المستشار / محمد وجدى عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية نواب رئيس المحكمة السادة المستشارين / أحمد ضياء عبد الرازق وسيد عبد الباقي سيف ودرويش عبد المجيد درويش ويحيى عبد اللطيف الرفاعي ومحمد إبراهيم خليل ومحمد محمود راسم ووليم رزق بدوى وعبد المنصف هاشم وأحمد مدحت المراغي ومحمد لطفى السيد.
-------------
(3)
الطعن 960 لسنة 56 ق "هيئة عامة"
- 1  تقادم " التقادم المسقط . التقادم الثلاثي". دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة". نظام عام " المسائل غير المتعلقة بالنظام العام".
انقضاء الخصومة لعدم موالاة السير في إجراءاتها مدة ثلاث سنوات. م140 مرافعات اعتبارها مدة تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع الدعوى. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به وجواز التنازل عنه.
النص فى المادة140 من قانون المرافعات على أنه " فى جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها ، و مع ذلك لا يسرى حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض ، يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات ، و أن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها دون الحق موضوع التداعي الذى يخضع فى انقضائه للمواعيد المقررة فى القانون المدني ، و هذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذى المصلحة ، و يسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً .
- 2  تقادم " التقادم المسقط" "وقف التقادم".  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . تقادم الخصومة".
تقادم الخصومة. خضوعه للوقف والانقطاع علة ذلك الإجراء القاطع للتقادم هو الذي يتخذ في مواجهة الخصم بقصد استئناف السير في الخصومة. وقف التقادم. تحققه بقيام مانع مادي أو قانوني يحول دون مباشرة إجراءاتها.
اذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغى آثار ذات أهمية نشأت عن الاجراءات التي اتخذت فيها و قد يؤثر فى حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات ، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف و الانقطاع تطبيقاً للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط ، و هى مبادى ، مقررة كأصل عام فى التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية ، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الاجراء الذ ى يتخذ فى الخصومة ذاتها و فى مواجهة الخصم الآخر قصدا إلى استئناف السير فيها ، و أما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادى يتمثل فى وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة و يستحيل معه على الخصم موالاة السير فى الخصومة أو مانع قانونى يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة و مواصلة السيرفيها .
- 3  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة" "وقف الدعوى". مسئولية " المسئولية التقصيرية ".
ترتب مسئوليتين - جنائية ومدنية. عن الفعل الواحد. إقامة دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية. أثره. وجوب وقف السير فيها حتى تمام الفصل نهائيا في الدعوى الجنائية. م265 إجراءات جنائية. علة ذلك. اعتبارها مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات الدعوى المدنية التي يجمعها بالدعوى الجنائية أساس مشترك.
من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان ، جنائية و مدنية ، و رفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية ، فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير فى الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نها ئياً فى الدعوى الجنائية ، و إذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام و يعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة و بوصفها القانوني و نسبتها إلى فاعلها و الذى نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون و المادة 102 من قانون الإثبات ، فإنه يتأدى منه الضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية فى هذه الحالة مانعاً قانونياً من متابعة السير فى إجراءات خصومة الدعوى المدنية التى يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك .
- 4 دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة" "وقف الدعوى". مسئولية " المسئولية التقصيرية ".
الحكم بوقف السير في الدعوى المدنية لحين الفصل نهائيا في الدعوى الجنائية التي يجمعها معها أساس مشترك. مؤداه. وجوب عدم احتساب مدة الوقف في مدة انقضاء الخصومة. عدم تعارض ذلك مع عبارة في جميع الأحوال الواردة بالمادة 140 مرافعات.
إذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفها إعمالاً لما يوجبه القانون فى هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعى أن يمتنع الخصوم عن إتخاذ أى إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانونى ، و مخالفة ذلك تجعل الاجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمى بعدم قبول المحكمة السير فى إجراءات الخصومة ما دام المانع قائماً ، لهذا فلا تحسب فى مدة إنقضاء الخصومة تلك الفترة التى ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى إنقضت بصدور الحكم النهائى فيها أو بأى سبب آخر من أسباب الإنقضاء ، و لا يقدح فى ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة " فى جميع الأحوال " لأن هذه العبارة لا تعنى الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام فى التشريعات الإجرائية و الموضوعيه للتقادم المسقط ، و إنما قصارى ما تعنيه هو إنطباق النص على الخصومة فى جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التى حرص الشارع على إستثنائها بالنص الصريح فى الفقرة الثانية من تلك المادة - و فى الحالات التى يكون فيها عدم موالاة السير فى الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة ، و هى حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذى نص عليه فى المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعى و حده السير فيها ، و لو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل فى المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية .
- 5  دعوى " مسائل تعترض سير الخصومة . انقضاء الخصومة".
سقوط الخصومة. م134 مرافعات. انقضاء الخصومة. م140 مرافعات. ماهية كل منهما وقف مدة السقوط والانقضاء عند وجود المانع القانوني.
سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعى الذى يتسبب فى عدم السير فى الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة ، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل ، فاذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعى كذلك فإن انقضاء الخصومة المنصوص عليه فى المادة 140 من قانون المرافعات هو تقادم مسقط للخصومة يخضع فى سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة و السير فى إجراءاتها .
- 6  إستئناف " الحكم فى الاستئناف . تسبيب الحكم الاستئنافي". حكم " تسبيب الحكم . تسبيب الحكم الاستئنافي".
قضاء محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي. لها أن تحيل على ما جاء فيه من أسباب أقيم عليها. شرطه.
لمحكمة الاستئناف إذا هى قضت بتأييد الحكم الإبتدائى أن تحيل على ما جاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله و لم يكن الخصوم قد إستندوا أمام محكمة الإستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة .
------------
الوقائع
من حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 336 لسنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني طالبا الحكم بإلزامهما متضامنين أن يؤديا إليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقال بيانا لدعواه أن المطعون ضده الثاني يعمل قائداً لإحدى سيارات الهيئة العامة لنقل الركاب بمدينة الإسكندرية – التي يمثلها الطاعن – وأثناء قيادته لها يوم 18 من أبريل سنة 1974 تسبب بإهماله وعدم تبصره في وقوع حادث أدى إلى تحطيم سيارته الأجرة ووفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر، وأجري عن الحادث تحقيق في القضية رقم 3894 لسنة 1976 جنح شرق الإسكندرية (1068 لسنة 1974 جنح قسم شرطة سيدي جابر) التي صدر فيها حكم جنائي قضى بإدانته، وإذ كان قد حاق به ضرر مادي تمثل في تلف سيارته تلفاً شاملاً فضلا عما فاته من كسب كان يجنيه من استعمالها في نقل الركاب وهو ما يقدر تعويضاً عنه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه يلتزم بأدائه مرتكب الفعل الضار متضامنا مع الطاعن المتبوع، فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة أقام الطاعن دعوى الضمان الفرعية على التابع المطعون ضده الثاني وشركة التأمين التي يمثلها المطعون ضده الثالث باعتبارها المؤمنة على السيارة التي وقع بها الحادث ليحكم عليهما بما عسى أن يحكم به عليه، وبتاريخ 30 من أبريل سنة 1979 قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يصبح الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية حكما باتا، ومن بعد ذلك استأنفت الدعوى سيرها بصحيفة أعلنها المطعون ضده الأول إلى الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث في 9، 12، 22 من مارس سنة 1983، وبتاريخ 19 من مارس سنة 1985 حكمت المحكمة: (أولا) في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين أن يؤديا إلى المطعون ضده الأول مبلغ ألفي جنيه. (ثانيا) وفي طلب الضمان العارض بإلزام المطعون ضده الثاني أن يؤدي إلى الطاعن ما حكم به عليه في الدعوى الأصلية وبرفض الطلب بالنسبة للمطعون ضده الثالث. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 613 لسنة 41 القضائية طالبا إلغاءه والقضاء: أصليا بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة أو بانقضائها واحتياطيا برفضها ومن باب الاحتياط الكلي وفي طلب الضمان العارض بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بالتضامن بأداء ما قد يقضى به عليه في الدعوى الأصلية، كما رفع المطعون ضده الأول استئنافا آخر قيد برقم 617 لسنة 41 القضائية الإسكندرية طالبا تعديل المبلغ المقضي له به إلى ثلاثة آلاف جنيه، أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول، وبتاريخ 22 من يناير سنة 1986 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على دائرة المواد المدنية في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
ومن حيث أن الدائرة المدنية قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 5 من أبريل سنة 1987 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيه عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظره فقد قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
ومن حيث أن النص في المادة 140 من قانون المرافعات على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على أخر إجراء صحيح فيها، ومع ذلك لا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض"، يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة ثلاث سنوات، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها - دون الحق موضوع التداعي الذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون المدني - وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً، وإذ كان تقادم الخصومة من شأنه أن يلغى آثارا ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد يؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقا للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصدا إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حدث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصم موالاة السير في الخصومة، أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك، وإذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر حكم بوقفها إعمالاً لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، ومخالفة ذلك تجعل الإجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائما، ولهذا فلا تحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجنائية قائمة حتى انقضت بصدور الحكم النهائي فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ولا يقدح في ذلك تصدير نص المادة 140 من قانون المرافعات بعبارة "في جميع الأحوال" لأن هذه العبارة لا تعني الخروج على المبادئ الأساسية المقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية والموضوعية للتقادم المسقط، وإنما قصارى ما تعنيه هو انطباق النص على الخصومة في جميع مراحلها - عدا مرحلة الطعن بطريق النقض التي حرص الشارع على استثنائها بالنص الصريح في الفقرة الثانية من تلك المادة - وفي الحالات التي يكون فيها عدم موالاة السير في الخصومة مرجعه إلى مطلق إرادة الخصوم أو إلى قلم كتاب المحكمة، وهي حالات أماز الشارع فيها انقضاء الخصومة عن سقوطها الذي نص عليه في المادة 134 من قانون المرافعات جزاء إهمال المدعي وحده السير فيها، ولو أنه أراد استثناء مدة انقضاء الخصومة من الوقف لنص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 16 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لانقضاء الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1983 في الطعن رقم 1822 سنة 50 القضائية والأحكام الأخرى التي نحت منحاه، قد خالفت هذا النظر وجرت في قضائها - استرشادا بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي - على أن مدة انقضاء الخصومة لا يرد عليها الوقف أيا كان سببه، فإنه يتعين العدول عما قررته من ذلك بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى برفض الدفع الذي تمسك فيه بسقوط خصومة الدعوى المبتدأة كما قضى برفض الدفع بانقضاء هذه الخصومة وأقام قضاءه برفضهما على أن الدعوى الجنائية التي أقيمت بشأن الحادث محل المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عنه كانت مطروحة على المحكمة الجنائية وأن قيامها يعتبر مانعا قانونيا يوقف سريان مدة سقوط الخصومة ومدة انقضائها على سند من القاعدة المقررة بالمادة 382 من القانون المدني، في حين أن هذه القاعدة إنما تتعلق بالتقادم المسقط للحقوق فلا شأن لها بإجراءات الخصومة التي رأى الشارع في قانون المرافعات النص على سقوطها بمضي سنة كجزاء يجب إعماله لعدم السير في الخصومة بفعل المدعي أو امتناعه دون اعتداد بمانع يعوق المطالبة بالحق ذاته موضوع التداعي، كما أن انقضاء الخصومة المقرر بالمادة 140 من هذا القانون هو من الشمول والعموم بحيث ينطبق في جميع الأحوال مهما يكن سبب انقطاع الخصومة أو وقفها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث أن هذا النعي مردود، ذلك بأن سقوط الخصومة وفقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات هو جزاء فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة سنة، فمناط إعمال الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أوقفت المدة حتى يزول المانع إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي، كذلك فإن انقضاء الخصومة المنصوص عليه في المادة 140 من قانون المرافعات هو - وعلى ما سلف بيانه - تقادم مسقط للخصومة يخضع في سريان مدته للوقف إذا وجد مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الخصومة والسير في إجراءاتها. ولما كان الواقع في الدعوى أن الفعل غير المشروع الذي أدى إلى تلف سيارة المطعون ضده الأول قد نشأ عنه في الوقت ذاته جريمة قتل وإصابة بطريق الخطأ ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها المطعون ضده الثاني في القضية رقم 3894 لسنة 1976 شرق الإسكندرية، فإن خطأ هذا الأخير في اقتراف تلك الجريمة يكون هو بعينه الخطأ المؤسس عليه طلب تعويض الضرر الناشئ عن تلف السيارة فيعتبر بالتالي هذا الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازما للفصل في كلتيهما، فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المطروحة عليها حتى يفصل في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملا بنص المادتين 265/ 1 و456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وهو ما فعلته محكمة أول درجة تطبيقا لهذه النصوص فأصدرت حكما بوقف الدعوى بتاريخ 30 من أبريل سنة 1979، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن قيام الدعوى الجنائية آنفة الذكر أثناء نظر الدعوى المدنية يعد مانعاً قانونيا يحول دون اتخاذ إجراءات السير في الخصومة ويظل المانع قائما حتى تنقضي الدعوى الجنائية التي ظلت قائمة من قبل ومن بعد صدور الحكم بوقف الدعوى المدنية إلى أن صدر فيها حكم غيابي استئنافي بتاريخ الثامن من نوفمبر سنة 1980 قضى بإدانة المطعون ضده الثاني لم يعلن ولم ينفذ حتى انقضت الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة لها ولم تصدر النيابة العامة قرارا بانقضائها إلا في 25 من ديسمبر سنة 1984 وهو تاريخ تال لإعلان المطعون ضده الأول الطاعن في التاسع من مارس سنة 1983 باستئناف السير في الدعوى قبل انقضاء الدعوى الجنائية، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفعين بسقوط الخصومة وبانقضائها بمضي المدة، فإنه يكون قد اقترن بالصواب، ولا يعيبه - من بعد - خطؤه في الاستناد إلى نص المادة 382 من القانون المدني التي تحكم وقف تقادم الحقوق، إذ لمحكمة النقض تصحيح ما يرد بالحكم من تقرير قانوني خاطئ غير مؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها
ومن حيث أن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك في أسباب استئنافه بخطأ الحكم الابتدائي لقضائه برفض طلب الضمان العارض قبل شركة التأمين المطعون ضدها الثالثة مع أن عقد التأمين يشمل التأمين من المسئولية عن الحادث محل التداعي فيتحقق بذلك ضمان هذه الشركة المؤمنة بتعويض هيئة النقل المؤمن لها - التي يمثلها الطاعن - بأداء ما يتقاضاه المضرور منها، وعلى الرغم من أن هذا الدفاع جوهري فإن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيصه ولم يعن بالرد عليه بما يفنده وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث أن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الاستئناف إذا هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي أن تحيل على ما جاء فيه سواء في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض في أسبابه لبحث أوجه الدفاع الجديدة المثارة من الطاعن التي لم يسبق أن طرحها أمام محكمة أول درجة - وهي المتعلقة بالدفع بسقوط الخصومة وبانقضائها وأدلة ثبوت المساءلة عن التعويض - وتكفل بالرد عليها ردا سائغا سديدا، ثم اتخذ من أسباب الحكم الابتدائي أسبابا له فيما قضى به في طلب الضمان العارض دون أن يضيف شيئا، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه قضى برفض طلب الضمان قبل شركة التأمين المطعون ضدها على سند من القول أن نصوص عقد التأمين تضمنت شرطا باستثناء مساءلة الشركة المؤمنة عن الضمان في حالة قيادة السيارة محل العقد من شخص غير مرخص له بالقيادة، وخلص الحكم إلى تحقق هذا الشرط لما ثبت بالأوراق أن المطعون ضده الثاني كان يقود السيارة دون رخصة قيادة، وإذ كان الطاعن لا يماري في سلامة ما أثبته الحكم الابتدائي من ذلك، فلا على محكمة الاستئناف إن هي اعتنقت أسباب ذلك الحكم دون إضافة لأن في تأييدها له محمولا على أسبابه في هذا الخصوص ما يفيد أنها لم تجد فيما وجه إليه من مطاعن ما يستأهل الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب، ويكون النعي بالقصور على الحكم المطعون فيه على غير أساس.

الطعنان 300، 409 لسنة 56 ق جلسة 16 / 12 / 1987 مكتب فني 35 ج 1 هيئة عامة ق 2 ص 18

برياسة السيد المستشار / محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية نواب رئيس المحكمة السادة المستشارين /  أحمد ضياء عبد الرازق ومصطفى كمال محمد صالح سليم وجمال الدين محمد محمود وسيد عبد الباقي سيف ومحمد إبراهيم خليل ومحمد محمود راسم وسعيد أحمد صقر وعبد المنصف أحمد هاشم وجرجس اسحق عبد السيد والحسيني محمد إبراهيم الكتاني.
-----------
- 1  حكم " الطعن في الحكم . الخصوم في الطعن". دعوى " الخصوم في الدعوى". تجزئة
نسبية أثر الطعن. مؤداها. ألا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. الاستثناء الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. م218 مرافعات علة ذلك.
تنص المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن "وهو ما يتأدى منه أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناه منها وهى تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان، وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن قانوناً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه.
- 2  استئناف " رفع الاستئناف. الخصوم فى الاستئناف". حكم " الطعن فى الحكم . الخصوم فى الطعن". دعوى " الخصوم فى الدعوى". نقض "نظر الطعن ". تجزئة
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من أحد زملائه قعوده على ذلك. التزام محكمة الطعن بتكليف الطاعن باختصامه كما تلتزم محكمة الاستئناف دون محكمة النقض بتكليفه باختصام باقي المحكوم لهم. علة ذلك. امتناعه عن تنفيذ أمر المحكمة. أثره. عدم قبول الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام.
أجاز الشارع - تحقيقاً لاستقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة - للمحكوم عليه - في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين - أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو الاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف - دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع منه الخاصة بالطعن بالنقض عن حكم مغاير - أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد. وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتباراً بأن الغاية من الإجراءات هو وضعها في خدمة الحق، ويساير أيضاً اتجاهه في قانون المرافعات الحالي - وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية - إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي تاركاً الدعوى لمفاضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى بما أورده على سبيل الجواز - كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغى الذي كان يحصرها - فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة، وبعضها الآخر أورده على سبيل الوجوب، كما هو الشأن في الفقرة الثانية من المادة 218 سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه. أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة - ولو من تلقاء نفسها - أن تقضي بعدم قبوله. وإن كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه - على نحو ما سلف بيانه - التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهو توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بأعمالها.
- 3  استئناف " الحكم في الاستئناف . بطلان الحكم الاستئنافي". إيجار " تشريعات ايجار الاماكن .  دعاوى الايجار". دعوى "  دعوى الاخلاء". نقض " اسباب الطعن . الاسباب المتعلقة بالنظام العام". تجزئة
طلب المؤجرين الإخلاء والتسليم وطلب الخصم إلزامهم بتحرير عقد إيجار. كل منهما غير قابل للتجزئة بحسب طبيعة المحل فيه. الحكم بقبول الاستئناف شكلا دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف. أثره. بطلان الحكم لمخالفته قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع. جواز التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم والسيدة/ .... أقاموا الدعوى ابتداء بطلب إخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها لهم بينما أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المدعين بطلب تحرير عقد إيجار لها عن تلك الشقة وحكم ابتدائياً برفض الدعوى الأصلية وبإجابة الطاعنة إلى طلباتها في الدعوى الفرعية، فاستأنف المطعون ضدهم فقط هذا الحكم دون المدعية الرابعة السيدة/ . . . . ولم تأمر المحكمة باختصامها في الاستئناف حتى صدور الحكم فيه، وكانت الدعوى بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمؤجر وطلب الخصم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لا تقبل التجزئة بحسب طبيعة المحل في كلا الطلبين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف يكون قد خالف قاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع بما يجوز معه التمسك، بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
-------------
الوقائع
من حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم والسيدة/ ...... أقاموا الدعوى رقم 12398 سنة 1982 جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة بطلب إخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها إليهم، وقالوا بياناً لذلك إن المرحوم ....... كان يستأجر هذه الشقة بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 2/ 1965 وأقام بها مع زوجته الطاعنة وأبنهما إلى أن انتهت الحياة الزوجية بالطلاق، إلا أن الطاعنة استمرت شاغلة للعين بغير سند بعد أن اقترنت بآخر وانتهت حضانتها لأبنها وتوفى المستأجر الأصلي. تمسكت الطاعنة بأن المستأجر الأصلي تنازل لها عن الشقة بموافقة المؤجرين، ووجهت للمدعين دعوى فرعية بطلب إلزامهم بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة. وبتاريخ 28/ 2/ 1985 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وبإلزام المدعى عليهم في الدعوى الفرعية بتحرير عقد إيجار للطاعنة عن شقة النزاع

استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 3330 سنة 102ق القاهرة. وبتاريخ 15/ 1/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الشقة محل النزاع وبتسليمها للمطعون ضدهم وبرفض الدعوى الفرعية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين الماثلين وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعنان على الدائرة المختصة فقررت ضم الطعن 409 سنة 56ق للطعن الآخر وحددت جلسة لنظرهما وفيها ألتزمت النيابة برأيها
ومن حيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 15/ 1/ 1987 إحالة الطعنين إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية للفصل فيهما عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 سنة 1972، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعنين قدمت النيابة مذكرة ألتزمت فيها برأيها السابق.

-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة

ومن حيث إن المادة 218 من قانون المرافعات تنص في فقرتيها الأولى والثانية على أنه "فيما عدا الأحكام الخاصة بالطعون التي ترفع من النيابة العامة لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة إليهم. وهو ما يتأدى منه أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناه منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه. وتحقيقاً لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن – بالنقض أو بالاستئناف – المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة في الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مغاير – أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد
وهو ما يتفق مع اتجاه الشارع إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة إجراءات الطعن واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها، اعتباراً بأن الغاية من الإجراءات هو وضعها في خدمة الحق، ويساير أيضاً اتجاهه في قانون المرافعات الحالي – وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية – إلى عدم الوقوف بالقاضي عند الدور السلبي، تاركاً الدعوى لمناضلة أطرافها يوجهونها حسب هواهم ووفق مصالحهم الخاصة، فمنحه مزيداً من الإيجابية التي تحقق هيمنته على الدعوى، بعضها أورده على سبيل الجواز – كما هو الشأن في إطلاق الحالات التي يجوز فيها للقاضي الأمر بإدخال من لم يختصم في الدعوى، على خلاف القانون الملغي الذي كان يحصرها – فأجاز للقاضي في المادة 118 إدخال كل من يرى إدخاله، كما هو الشأن في الفقرة الثانية من المادة 218 سالفة البيان، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة – ولو من تلقاء نفسها – أن تقضي بعدم قبوله. وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ذلك، وكانت الأحكام السابق صدورها من دائرة المواد المدنية والتجارية في الطعون أرقام 348 سنة 51 ق بجلسة 27/5/1982، 555 سنة 47 ق بجلسة 13/5/1982، 195 سنة 46 ق بجلسة 22/2/1982 تتفق وهذا النظر، فلا يكون ثمة محل للعدول عن المبدأ القانوني الذي قررته
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة بالطعن رقم 300 سنة 56 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن السيدة ..... لم تشارك المطعون عليهم في استئناف الحكم الابتدائي الصادر ضدهم كما أن المحكمة لم تأمر باختصامها في الطعن إعمالاً لنص المادة 218 من قانون المرافعات رغم أن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة – وعلى ما تقدم بيانه – أنه وفقاً لنص المادة 218 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المنظور أمامها الطعن بأن تأمر الطاعن باختصام المحكوم عليه الذي لم يطعن مع زملائه في الحكم الصادر ضدهم في نزاع لا يقبل التجزئة، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم والسيدة ....... أقاموا الدعوى ابتداء بطلب إخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها لهم بينما أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المدعين بطلب تحرير عقد إيجار لها عن تلك الشقة وحكم ابتدائياً برفض الدعوى الأصلية وبإجابة الطاعنة إلى طلباتها في الدعوى الفرعية، فاستأنف المطعون ضدهم فقط هذا الحكم دون المدعية الرابعة السيدة ...... ولم تأمر المحكمة باختصامها في الاستئناف حتى صدور الحكم فيه، وكانت الدعوى بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمؤجر وطلب الخصم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لا تقبل التجزئة بحسب طبيعة المحل في كلا الطلبين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً دون اختصام المحكوم عليها التي لم تطعن بالاستئناف يكون قد خالف قاعدة قانونية إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع بما يجوز معه التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض، مما يبطل الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 8426 لسنة 66 ق جلسة 25 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 152 ص 849

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عزب مصطفى، صلاح سعداوي خالد، صلاح الدين كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
المسائل المتعلقة بالنظام العام. إثارتها من محكمة النقض. شرطه.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تُثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام بشرط أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم.
- 2 تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
نسبية أثر الطعن. مؤداها. ألا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. الاستثناء. الطعن في الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. م 218 مرافعات. علة ذلك.
مفاد النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يدل على أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه.
- 3  تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من أحد زملائه. قعوده عن ذلك. التزام محكمة الطعن بتكليف الطاعن باختصامه. تنفيذه أمر المحكمة. أثره. استقامة شكل الطعن وسريانه في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه بعد رفعه. امتناعه عن التنفيذ. لازمه. القضاء بعدم قبول الطعن. تعلق ذلك بالنظام العام.
المقرر أن الشارع أجاز للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن - بالنقض أو بالاستئناف - المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا ما تم اختصامه استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثره في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة ولو من تلقاء ذاتها أن تقضي بعدم قبوله، وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه - التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها.
- 4  تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
طلب الممول إلغاء نشاطه التجاري عن أحد سنوات المحاسبة وتخفيض أرباحه عن سنوات أخرى. غير قابل للتجزئة. تصحيح شكل الاستئناف المقام منه لوفاته وحلول ورثته محله. لازمه. اختصامهم في الطعن على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف. تكليف محكمة النقض الطاعنة (أحد الورثة) باختصامهم وامتناعها عن تنفيذ ما أمرتها به. أثره. عدم قبول الطعن.
إذ كان مورث الطاعنة قد أقام الدعوى ابتداءً بطلب إلغاء النشاط التجاري له عن السنوات من 1978 إلى 1989، وتخفيض الأرباح عن سنتي 1990، 1991 وحكم ابتدائياً بتخفيض أرباحه عن سنوات المحاسبة، فاستأنف مورثها هذا الحكم وتوفي أثناء نظر الاستئناف وصحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محله، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وتخفيض أرباح المورث، وأقامت الطاعنة طعنها الحالي دون أن تختصم فيه باقي الورثة في صحيفة الطعن رغم كونهم محكوماً عليهم فقضت المحكمة بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن - باعتبار أن الدعوى لا تقبل التجزئة - إلا أنها امتنعت عن تنفيذ ما أمرتها به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافي أرباح مورث الطاعنة عن نشاطه – تجارة أسمدة كيماوية – عن السنوات من 1978 حتى 1991، وأخطرته بذلك فاعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت تخفيض التقديرات. طعن مورث الطاعنة في هذا القرار بالدعوى رقم ...... لسنة 1994 أسيوط الابتدائية "مأمورية منفلوط" التي ندبت خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 من فبراير سنة 1995 بتخفيض أرباح مورث الطاعنة عن سنوات المحاسبة. استأنف الأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم ...... لسنة 70 ق، وتوفى إبان نظر الاستئناف. صحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محل مورثهم، والمحكمة بعد أن ندبت خبيراً قضت بتاريخ 17 من يونيه سنة 1997 بتعديل الحكم المستأنف بجعل أرباح مورث الطاعنة مبلغ 1545 جنيهاً عن سنة 1990، ومبلغ 33768 جنيهاً عن سنة 1991. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بانقضاء الخصومة في الطعن عن نشاط مورث الطاعنة في سنة 1990، ونقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به بشأن الضريبة عن نشاطه في سنة 1991، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، ثم حكمت بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن وحددت لذلك جلسة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة
وحيث إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام بشرط أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم، وأن النص في المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتيها الأولى والثانية مفاده أن الشارع بعد أن أرسى القاعدة العامة في نسبية الأثر المترتب على رفع الطعن بأن لا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، بين الحالات المستثناة منها وهي تلك التي يفيد فيها الخصم من الطعن المرفوع من غيره أو يحتج عليه بالطعن المرفوع على غيره في الأحكام التي تصدر في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وقد استهدف الشارع من ذلك استقرار الحقوق ومنع تعارض الأحكام في الخصومة الواحدة بما يؤدي إلى صعوبة تنفيذ تلك الأحكام بل واستحالته في بعض الأحيان وهو ما قد يحدث إذا لم يكن الحكم في الطعن نافذاً في مواجهة جميع الخصوم في الحالات السالفة التي لا يحتمل الفصل فيها إلا حلاً واحداً بعينه وتحقيقاً لهذا الهدف أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن – بالنقض أو بالاستئناف – المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا ما تم اختصامه استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثره في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامه فيه بعد رفعه، أما إذا امتنع الطاعن عن تنفيذ ما أمرته به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته ويجب على المحكمة ولو من تلقاء ذاتها أن تقضي بعدم قبوله، وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه – على ما سلف بيانه – التزاماً بمقتضيات الصالح العام وتحقيقاً للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ذلك، وكان مورث الطاعنة قد أقام الدعوى ابتداءً بطلب إلغاء النشاط التجاري له عن السنوات من 1978 إلى 1989، وتخفيض الأرباح عن سنتي 1990، 1991 وحكم ابتدائياً بتخفيض أرباحه عن سنوات المحاسبة، فاستأنف مورثها هذا الحكم وتوفى أثناء نظر الاستئناف وصحح ورثته شكل الاستئناف بحلولهم محله، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وتخفيض أرباح المورث، وأقامت الطاعنة طعنها الحالي دون أن تختصم فيه باقي الورثة في صحيفة الطعن رغم كونهم محكوماً عليهم فقضت المحكمة بتاريخ 9 من يناير سنة 2007 بتكليف الطاعنة باختصام باقي ورثة مورثها في الطعن – باعتبار أن الدعوى لا تقبل التجزئة – إلا أنها امتنعت عن تنفيذ ما أمرتها به المحكمة فلا يكون الطعن قد اكتملت له مقوماته، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.

السبت، 5 أغسطس 2017

الطعن 259 لسنة 74 ق جلسة 5 / 2 / 2014

باسم الشعب
محكمة النقـض
الدائرة المدنيـة
دائرة الأربعـاء (ب)
ــــــ
برئاسة السيد القاضى / عـزت عبـد الجـواد عمــران       نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة د/ محمــــــــــــــــد فرغلـــــــى   ،    د/ محســــــن إبراهيــم      
                  محمــد عبـــد الحليــم    نواب رئيس المحكمة                  
                                             ورضــــــــــــــا سالمـــــــــــــان .
بحضور السيد رئيس النيابة / منير أمين . 
والسيد أمين السر/ صلاح على سلطان .
فى الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأربعاء 5 من ربيع آخر سنة 1435 هـ الموافق 5 من فبراير سنة 2014 م .
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 259 لسنة 74ق .
المرفــوع مـن
1ــــ ....... المقيمين بناحية ...... ـــــ مركز الزقازيق . لم يحضر عنهم أحد بالجلسة .
ضــــــــــــد
ـــــ رئيس مجلس إدارة شركة التأمين الأهلية بصفته .ومقره 41 شارع قصر النيل ـــــ محافظة القاهرة.  لم يحضر عنه أحد بالجلسة .
" الوقائــــــــــــــع "
فى يوم 1/1/2004 طُعن بطريق النقض فى حكـم محكمـة استئنـاف المنصورة " مأمورية الزقازيق " الصادر بتاريخ 17/11/2003 فى الاستئناف رقم ...... لسنة 45ق وذلك بصحيفـة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفـى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنون مذكرة شارحة .
وفى 26/1/2004 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
وفى 29/1/2004 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه .
وبجلسة 4/12/2013 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة . 
وبجلسة 1/1/2014 سُمعت الدعوى أمـام هذه الدائرة على مـا هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـــــــ والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــــــــــــة
بعــــد الاطـــلاع علــى الأوراق وسماع التقرير الـذى تـلاه السيـد المستشار المقــــرر/ رضا سالمان  ، والمرافعة وبعد المداولة  .
        حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
  وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــــ تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 2002 مدنى محكمة الزقازيق الابتدائية على المطعون ضده وآخر غير مختصم فى الطعن ـــــ ...... ـــــ بطلب الحكم بإلزامهما على سبيل التضامم بأن يؤديا إليهم مبلغ " 150000 جنيها " تعويضاً عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية فضلاً عما يستحقونه من تعويض موروث جراء وفاة مورثهم ـــــ ....... ـــــ فى حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لدى المطعون ضده  وأدين عنه قائدها " ...... " بحكم جنائى بات ، حكمت المحكمة بإلزامهما بالتضامم بأن يؤديا للطاعنين مبلغ 39949 جنيها . استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ........ لسنة 45 ق المنصورة ـــــ مأمورية الزقازيق ـــــ وبتاريخ 17/11/2003 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى ، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى ببطلان الطعن لعدم اختصام قائد السيارة مرتكبة الحادث ـــــ .... ـــــ فى الطعن ، وفى موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة ـــــ فى غرفة مشورة ـــــ حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الطعن لعدم اختصام ـــــ .... ـــــ فى الطعن أنه أحد المحكوم لهم فى الحكم المطعون فيه وأنه صادر فى موضوع غير قابل للتجزئة .
حيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه لما كان مفاد المادتين 218/2 ، 253 من قانون المرافعات ـــــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـــــ أنه إذا أغفل الطاعن اختصام بعض المحكوم لهم فى الحكم المطعون فيه والصادر فى موضوع غير قابل للتجزئة كان طعنه باطلاً ومن ثم غير مقبول " وأن ما أوجبه المشرع على المحكمة أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد يكون لمحكمة الاستئناف ـــــ دون محكمة النقض ـــــ لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات الواردة فى الفصل الرابع الخاص بالطعن بالنقض عن حكم مغاير، وكان موضوع النزاع المطروح والذى صدر بشأنه الحكم المطعون فيه هو نزاع يقبل التجزئة بطبيعته مادام أنه لا تلازم بين مسئولية المؤمن له أو مرتكب الحادث حسب الأحوال ومسئولية شركة التأمين لاختلاف أساس التزام كل منهما ، فضلاً عن أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد حاز قوة الأمر المقضى التى تعلو على اعتبارات النظام العام بالنسبة ـــــ للمدعو/ .... ـــــ المطلوب اختصامه فى الطعن لعدم استئنافه من قبله ، إضافة إلى أن الحكم الجنائى البات الذى أرسى أساس المسئولية وثبوتها فى حق قائد السيارة مرتكبة الحادث وقضى بإلزامه بالتعويض المؤقت قد حاز قوة الأمر المقضى أيضاً . فإن الدفع المبدى من النيابة على هذا النحو يكون قائماً على غير أساس .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ رفض إلزام المطعون ضدها ـــــ شركة التأمين ـــــ بأداء التعويض المطالب به باعتبار أن الحادث يخرج عن نطاق التغطية التأمينية بالوثيقة سند الطاعنين فى دعواهم لأن مورثهم كان يركب فى غير المكان المرخص بالركوب فيه ومن ثم لا يفيد من التأمين ، فى حين أن سماح قائد السيارة النقل بركوب ركاب فى أى مكان بالسيارة أو مخالفته شروط الترخيص أو الغرض من استعمالها لا ينتقص من حق المضرور فى الرجوع على شركة التأمين والتى تلتزم بتغطية الأضرار التى تحدث من السيارة لركابها وللغير مادامت قد ثبتت مسئولية قائدها بحكم جنائى بات قضى بالعقوبة وبالتعويض المؤقت بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك بأن من المقرر ـــــ فى قضاء هذه المحكمة ـــــ أن النص فى المادة 17 من القانون 652 لسنة 1955 على أنه " يجوز للمؤمن أن يرجع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض إذا أثبت أن التأمين قد عقد بناء على إدلاء المؤمن له ببيانات كاذبة أو إخفائه وقائع جوهرية تؤثر فى حكم المؤمن على قبول تغطية الخطر أو على سعر التأمين أو شروطه أو أن السيارة استخدمت فى أغراض لا تخولها الوثيقة " وفى المادة 19 منه على أنه " لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن ـــ أى مساس بحق المضرور قبله " وكذلك النص فى المادة الخامسة من وثيقة التأمين النموذجية الصادرة بالقرار رقم 152 لسنة 1955 على أنه " يجوز للمؤمن أن يرجع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض فى الحالات التى عددتها المادة ومنها استعمال السيارة فى غير الغرض المبين برخصتها " وفى المادة السادسة من الوثيقة على أنه " لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقاً لأحكام القانون والشروط الواردة بهذه الوثيقة أى مساس بحق المضرور قبله " يدل على أن المشرع يهدف إلى تخويل المضرور من حوادث السيارات حقاً فى مطالبة المؤمن بالتعويض فى الحالات المبينة بالمادة الخامسة من القرار رقم 152 لسنة 1955 الصادر بوثيقة التأمين النموذجية ومنها استعمال السيارة فى غير الغرض المبين برخصتها دون أن يستطيع المؤمن أن يحتج قبله بالدفوع المستمدة من عقد التأمين والتى يستطيع الاحتجاج بها قبل المؤمن له . ومنح المؤمن فى مقابل ذلك حق الرجوع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض ، فإذا ما غير المؤمن له وجه استعمال السيارة من سيارة نقل وعلى خلاف الغرض المبين برخصتها إلى سيارة لنقل الركاب ، التزم المؤمن بتغطية الأضرار التى تحدث للركاب والغير معاً وأياً كان مكان الركوب والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل النص على حق المؤمن فى الرجوع على المؤمن له بما أداه من تعويض عند استعمال السيارة فى غير الغرض المبين برخصتها لغواً لا طائل منه وهو ما يتنزه عنه المشرع . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض إلزام المطعون ضدها بالتعويض على سند من أن مورث الطاعنين لم يكن راكباً فى الأماكن المخصصة بها للركاب أو العاملين عليها ـــــ على كبود السيارة ـــــ ومن ثم ، فإنه لا يتمتع بحماية مظلة التأمين الإجبارى ولا تلتزم شركة التأمين المؤمن لديها ـــــ المطعون ضدها ـــــ على السيارة بتغطية المسئولية المدنية عن وفاته ، حال أن مورث الطاعنين يستفيد من مظلة التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية على السيارات إذ الثابت أن قائد السيارة النقل ـــــ ناصر محمود عباس ـــــ أداة الحادث سمح بوجود ركاب ـــــ مورث الطاعنين ـــــ على كبود السيارة النقل ، واستعملها فى غير الغرض المبين برخصتها وذلك باستخدامها فى نقل الأشخاص إلى جانب الأشياء ، بما يرتب التزام الشركة المؤمنة على السيارة بتغطية الأضرار التى تحدث للركاب وللغير معاً ، وهى وشأنها فى الرجوع على المؤمن له وفقاً للقانون ، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلــــــــــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق " وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .  

الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

عدم دستورية ضريبة الأيلولة (رسم أيلولة على التركات)

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 5 ديسمبر سنة 1998 الموافق 16 شعبان سنة 1419 هـ .
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال                          رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق                    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر                                  أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 28 لسنة 15 قضائية "دستورية " بعد أن أحالت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة 22 ضرائب - ملف الدعوى رقم 4345 لسنة 66 ضرائب كلى جنوب القاهرة
المقامة من
السيد / وزير المالية
ضد
السيد / يوسف طرخان
" الإجراءات "
بتاريخ 4 أغسطس سنة 1993، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 4345 لسنة 66 ضرائب كلى جنوب القاهرة ، بعد أن قضت محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية "الدائرة 22 ضرائب" بجلسة 30 يونيه 1993 بوقف الطعن لحين الفصل فى دستورية الفقرة الثانية من المادة (17) من القانون رقم 228 لسنة 1989.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
      " المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن السيدة / رونق هانم أركو على التركية الجنسية ، كانت قد توفيت دون وارث لها، عدا ابنها بالتبنى السيد/ يوسف طرخان، وذلك وفقاً لقضاء المحكمة الأهلية للحقوق بحكمها رقم 1801 لسنة 45 المصادق عليه من القنصلية المصرية فى اسطنبول فى 15من فبراير سنة 1962. وقد اشتملت تركتها على أطيان زراعية مساحتها فدانان وأربعة قراريط وسبعة عشر سهماً كائنة بمصر، وإذ قدرت مأمورية الضرائب المختصة صافى تركتها بمبلغ 482ر1852 جنيهاً. فقد طعن ابنها بالتبنى على هذا القرار، إلا أن لجنة الطعن قررت فى 27 من فبراير سنة 1966 اعتماد التقدير الخاص بأصول التركة ، واعتبار الطاعن ابناً بالتبنى لمورثته. ولم يرتض وزير المالية ذلك، فطعن على قرار لجنة الطعن من خلال دعواه رقم 4345 لسنة 1966 ضرائب كلى جنوب القاهرة ، ناعياً على قرارها اعتباره الابن بالتبنى فرعاً للمتوفاة ، حال أن بنوته لها غير حقيقية ، وكان يتعين بالتالى أن يأتى متأخراً بعد الفروع والأصول والأزواج، وأن يزاد الرسم على ما يؤول إليه من تركتها إلى أربعة أمثال باعتباره مشمولاً بعبارة "ومن عداهم من الورثة " المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات.
وإذ صدر قبل الفصل فى النزاع الموضوعى قانون جديد هو قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989، متوخياً إعادة تنظيم أوضاعها، وكانت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد إصداره، تقضى بأنه فيما عدا الحالات التى تم فيها ربط رسم الأيلولة المفروض بالقانون رقم 142 لسنة 1944 بصفة نهائية ، تحدد قيمة عناصر التركة والضريبة المستحقة على كل وارث أو مستحق فيها وفقاً لأحكام هذا القانون؛ وكان ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته السابعة عشرة من أن الابن بالتبنى يعتبر فرعاً للمورث، إذا كان قانون الأحوال الشخصية للمورث الأجنبى يجيز التبنى ، قد دل على أن الشرائح الضريبية الخاصة بالفروع، هى ذاتها التى تنطبق بالنسبة إليه، ومن ثم فقد أحالت محكمة الموضوع أوراق الدعوى الموضوعية المطروحة عليها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية تلك الفقرة عملاً بالبند (أ) من المادة (29) من قانونها، وذلك بعد أن تراءى لها أن تلك الفقرة تناهض قوله تعالى "وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم"، وأن الابن بالتبنى لا يجوز أن يلحق بالإبن نسباً، ولا أن يعامل وفقاً للشرائح الضريبية التى اختص بها المشرع الفروع والأصول والأزواج والمنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة (17) من قانون هذه الضريبة .
وحيث إنه ولئن كان القانون رقم 227 لسنة 1996 بإلغاء ضريبة الأيلولة ، قد صدر أثناء نظر الدعوى الدستورية الراهنة ، ونص فى مادته الثانية على أن يتجاوز فى جميع الأحوال عما لم يسدد من رسم الأيلولة الذى كان مفروضاً بالقانون رقم 142 لسنة 1944 ومن ضريبة الأيلولة المفروضة بالقانون رقم 228 لسنة 1989، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة ، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية ، هو سريانها على الوقائع التى تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها، فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة ، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية فى ظل القاعدة القانونية القديمة ، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكوماً بها وحدها. إذ كان ذلك وكان القانون رقم 227 لسنة 1996 المشار إليه، قد نص على التجاوز عما لم يسدد من ضريبة الأيلولة المفروضة بالقانون رقم 228 لسنة 1989 على ما سلف بيانه، وكان مؤدى هذا التجاوز هو النزول عن اقتضاء الضريبة ، وهو ما يعنى قيام الحق فيها ابتداء؛ فإن بحث دستورية الفقرة الثانية من المادة (17) من القانون رقم 228 لسنة 1989 -رغم إلغائه- يكون لازماً.
وحيث أن الفصل فيما إذا كان الأبناء بالتبنى يعتبرون شرعاً فروعاً لمورثهم - فى تطبيق قانون تلك الضريبة - وخاضعين بالتالى للقواعد ذاتها التى يجوز إعمالها ضريبياً فى شأن هؤلاء الفروع، يفترض ابتداءً -وعقلاً - أن يكون سريان قانون الضريبة المطعون عليها فى شأن المخاطبين بها -والمتبنين من بينهم- جائزاً دستورياً، فإذا كان بنيان هذه الضريبة لا يقيمها على سند من الدستور، بل يزيل أصل الحق فيها، فإن ما تفرع عنها أو اتصل بها من القواعد القانونية ، يسقط تبعاً لإنهدام وجودها.
وحيث أن المادة الأولى من قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989، تنص على أن تفرض ضريبة على صافى ما يؤول من أموال إلى كل وارث أو مستحق فى تركة من يتوفى اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، وتستحق هذه الضريبة من تاريخ الوفاة .
وعملاً بمادته الثانية ، تشمل الضريبة :
أولاً:- جميع الأموال العقارية والمنقولة الموجودة فى مصر وخارجها إذا كان المورث مصرياً سواء أكان مقيماً بمصر أم بالخارج.
ثانياً: جميع الأموال العقارية الموجودة فى مصر إذا كان المورث أجنبياً أياً كان محل توطنه.
ثالثاً:- جميع الأموال المنقولة الموجودة فى مصر إذا كان المورث أجنبياً متوطناً فيها.
وحيث أن المشرع قد دل بذلك على أن محل الضريبة أو وعاءها، ينصب على الأموال العقارية والمنقولة أياً كان موقعها، إذا كان من تركها مصرياً ولو كان مقيماً فى الخارج. فإن كان أجنبياً، دخلت أمواله العقارية الموجودة فى مصر فى وعاء الضريبة أياً كان المكان الذى يقيم فيه عادة . ولا تشمل الضريبة أمواله المنقولة الموجودة فى مصر إلا إذا كان متوطناً فيها.
وحيث أن التطور التاريخى لكل من ضريبة التركات وضريبة الأيلولة ، يدل على أن أولاًهما فرضها المشرع بالمرسوم بقانون رقم 159 لسنة 1952 على التركة فى مجموع عناصرها، وقبل تجزئتها وتوزيعها على الورثة . ومن ثم كان وعاؤها منصرفاً إلى صافى قيمتها كوحدة متكاملة ، وذلك على خلاف ثانيتهما التى قرر المشرع سريانها فى شأن صافى نصيب كل وارث أو مستحق فى الأموال التى خلفها المتوفى بعد قسمتها؛ وقد كان فرضهما منتقداً سيّما وأن ضرائب التركات لم تكن من بين النظم المالية والضريبية التى طبقها العرب فى مصر بعد الفتح الإسلامى . بل أن مجلس الشورى فى مناقشاته لهذا الموضوع إبان دور انعقاده العادى التاسع - وعلى ما هو ثابت بمضابط الجلسات خلال الفترة من 3 إلى 5/12/1988 - ذهب أغلب المتحدثين فيه إلى مهاجمة مبدأ فرض كل من هاتين الضريبتين لتأثيرهما السلبى على التنمية ، إذ ليس من مقاصد الضريبة أن تكون طاردة للاستثمار، بل يتعين أن تكون جاذبة لقواه، فضلاً عما يصاحب فرضهما من عيوب عملية تدفع بالممولين فى نزاع متصل مع جهة الإدارة يمتد سنين عددا، ولا تفرج خلالها عن تركتهم، بل تمسكها إضراراً بهم، فلا يتعففون، بل يتكففون، وليس التذرع بالمصالح المرسلة أو بالتكافل الاجتماعى للدفاع عنها، إلا باطل ألبس ثوب الحق. فالله سبحانه أعلم أين تكون المصلحة ، والمواريث من حدوده التى لايجوز لمؤمن أن يقربها "تلك حدود الله فلا تقربوها". بل أن أمن كل مواطن، يقتضى ألا يؤول جهده وما له إلى من لم يُرده أو من يحدده الشرع، والقول بأن الدولة يجب أن تبسط يدها إلى هؤلاء الذين أفلتوا بثرواتهم من قبضتها، لا يستقيم، ولا يتصور أن يفرض المشرع ضريبة جديدة كجزاء على تهرب البعض من ضرائب سبق فرضها.
وحيث أن أحكام الشريعة الإسلامية هى التى تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وكانت هذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة ، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها سارياً فى شأن المصريين جميعاً، ولو كانوا غير مسلمين، بل ولو اتفقوا جميعاً على تطبيق قانون ملتهم. وكان ما تقدم مؤداه: أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعاً نهائياً فى كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثاً أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التى يجوز توزيعها بين الورثة ، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم فى هذه الحقوق، ويحلون محله فى مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعاً لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر بها دون سواه، ولا يخول مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، وليكون مال الأسرة بين آحادها بما يوثق العلائق بينهم و لا يوهنها. وتلك حدود الله تعالى التى حتم التقيد بها، فلا يتعداها أحد بمجاوزتها. وفى ذلك يقول تعالى حملاً على إعمال قواعد المواريث وفقاً لمضمونها "يبين الله لكم أن تضلوا، والله بكل شئ عليم".
وحيث أن قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن ما نص عليه الدستور فى مادته الثانية -بعد تعديلها فى سنة 1980- من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزل عليه فى تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل - ومن بينها قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989 المطعون على بعض أحكامها - فلا يجوز لنص تشريعى ، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادؤها الكلية ، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالى أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هى عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا فى شأنها، على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها. ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد، أحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها ومبادئها الكلية ، إذ هى إطارها العام، وركائزها الأصيلة التى تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإنكاراً لما علم من الدين بالضرورة . ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهى بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة ، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعاً فى إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزماً ضوابطها الثابتة ، متحرياً مناهج الاستدلال على الأحكام العملية ، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وحيث أن البين من النصوص التى نظم بها المشرع ضريبة الأيلولة ، أنها تربط بين استحقاقها وواقعة الوفاة ذاتها، وما يتصل بها من اغتناء ينجم عن تلك الحقوق المالية التى تركها المتوفى ، لتؤول لورثته وفقاً لقواعد آمرة بينها الله تعالى محدداً لكل منهم نصيباً مفروضاً يصلهم بالمتوفى باعتبارهم أحق من غيرهم بالأموال التى خلفها، وبما لاظلم فيه لأحد من بينهم، تقديراً بأن أنصبتهم هذه - التى فصلها القرآن الكريم - هى التى اقتضاها عدل الله ورحمته بين عباده. ليظل مقدارها ثابتاً باعتبارها من حدوده التى لا يجوز لأحد أن يقربها، وإلا كان باغياً، فلا تتغير ضوابطها بتغير الزمان والمكان، ولا بما يطرأ على الناس من أوضاع جديدة تمليها عاداتهم أو أعرافهم، بل يكون أمرها عصيا على التعديل.
وحيث أن تقرير قواعد جامدة تتحدد على ضوئها حقوق الورثة الشرعية دون زيادة فيها أو نقصان، يعنى أن تخلص لذويها فلا ينازعهم غيرهم فيها أو يزاحمهم أحد فى طلبها، وإلا كان وارثاً إضافياً على غير مقتضى الشرع، فيما عدا ما يخرج من التركة -سابقاً على توزيعها- من حقوق شرعية تتمثل فيما يكون لازماً لتجهيز وتكفين ونقل ودفن المورث أو سداد ما عليه من ديون أو تنفيذاً لوصاياه فى الحدود التى تجوز فيها الوصية .
وحيث أن الله عز وجل ما شرع حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد، وما أهمل مصلحة اقتضتها أحوالهم دون أن يورد فى شأنها حكماً يكفلها؛ وكان ما عداها من المصالح التى تناقضها، ليس إلا مصلحة متوهمة لا اعتبار لها، أدخل إلى أن تكون تشهيا أو إنحرافاً، فلا يجوز تحكيمها؛ وكان أمراً مقضياً، أن ما يعتبر مفروضاً شرعاً، يكون مأموراً به وجوباً، ومطلوبا بالتالى طلباً لازماً لا ترخص فيه.
وحيث أن وعاء ضريبة الأيلولة محل النزاع الماثل، لا يتعلق أصلاً إلا بما يؤول لكل وارث من صافى الحقوق المالية التى خلفها مورثهم بعد توزيعها عليهم وفقاً لأنصبتهم الشرعية ؛ وكان مؤدى ذلك اقتطاع جزء من تلك الأنصبة عن طريق هذه الضريبة ومقاسمة الدولة للورثة فى حقوق قصرها الشرع عليهم لتهدر بذلك نص المادة الثانية من الدستور التى ترد التشريعات جميعها إلى القواعد الكلية فى الشريعة الإسلامية المقطوع بثبوتها ودلالتها.
وحيث أن قضاء هذه المحكمة مطرد كذلك، على أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون- وعلى ما تنص عليه المادتان (61، 119) من الدستور - هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية ، ويقوم تنظيمها على أسس موضوعية تقتضيها، وتبرر بمضمونها فرضها على المخاطبين بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية إطاراً لها وفقاً لنص المادة (38) من الدستور.
وحيث أن العدالة الاجتماعية وإن تعددت صورها، وكان مضمونها قد يتبدل بتغير الزمان والمكان، على ضوء القيم التى ارتضتها الجماعة لمفهوم الحق والعدل فى بيئة بذاتها، وخلال زمن معين، إلا أن تطبيقاتها فى نطاق الضريبة تشى ببعض ملامحها الأصيلة ، وبوجه خاص من خلال زاويتين، أولاًهما: أن يكون ممكناً عقلاً ربط عبئها بالأغراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المقصودة منها. ثانيتهما: ألا يكون فرضها قد تم إخلا لاً بحقوق ينبغى أن تخلص لأصحابها.
وحيث أن البين من مضابط جلسات مجلس الشورى السابق الإشارة إليها، أن وطأة ضريبة الأيلولة على المخاطبين بها لا تقابلها مصلحة مبررة ، بل تظهر جوانبها السلبية فيما قام الدليل عليه من أنها لا توفر للتنمية أسبابها؛ ولا للاستثمار أو الادخار روافدهما من الثقة والاطمئنان؛ ولا لقيمة العمل مناخها الملائم. كذلك فإن فرضها طريق إلى مزالق لها خطرها، من بينها أن الأموال محلها يتم تسريبها توقياً لها، فإذا تعذر تجنبها، فإن مايبقى بعد الضريبة من هذه الأموال يظل ثروة خامدة خوفاً من تعقبها ظلماً وبهتاناً بعد انتقالها بالميراث إلى آخرين. بل أن ما كانت الدولة تتوقعه من تلك الضريبة ، سواء باعتبارها مصدراً لتمويل احتياجاتها أو بوصفها أداة تيسر توزيعها للثروة ، غدا وهما وسرابا بالنظر إلى ضآلة حصيلتها ولأن واقعتها المنشئة - وهى الوفاة -لا يترتب عليها تركيز الثروة ، بل تفتيتها.
وحيث أن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة كفل حمايتها لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته فى شأنها من ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التى تُعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء كان ذلك بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها؛ ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية . ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ، ويكون العدوان عليها غصبا، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
وحيث أن الدستور يعتبر مآباً لكل سلطة وضابطاً لحركتها. والأصل فى النصوص التى يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها فى إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازماً، وكان الدستور إذ نص فى المادة (34) على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولاً بها، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثاً فى حدود أنصبتهم الشرعية ، يعتبر من عناصر ملكيتهم التى لا يجوز لأحد أن ينال منها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان فرض ضريبة الأيلولة بالمادة الأولى من القانون سالف الذكر مصادماً لأحكام المواد (2، 34، 38، 61، 119) من الدستور، فقد غدا متعيناً الحكم بعدم دستوريتها، وإذ كانت باقى نصوص هذا القانون ترتبط ارتباطا لا يقبل التجزئة بنص مادته الأولى فإنها تسقط تبعاً لذلك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الأولى من قانون ضريبة الأيلولة الصادر بالقانون رقم 228 لسنة 1989وبسقوط باقى مواده.