جلسة 16 من ديسمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/
محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير
أنيس، إيهاب عبد المطلب ونبيه زهران نواب رئيس المحكمة.
-------------
(192)
الطعن رقم 11796 لسنة 72
القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن
وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في
الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن
بالنقض وتقديم الأسباب إلى اليوم التالي لنهايته إذا صادف يوم عطلة رسمية. أثره:
قبول الطعن شكلاً.
(3)اختصاص "الاختصاص المحلي". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص
المحلى". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "حالات
الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
امتداد الاختصاص المحلى
للنيابة والمحكمة إلى وقائع ليست في الأصل من اختصاصها إذا كون الفعل جرائم متعددة
أو ارتكبت عدة جرائم لغرض واحد مرتبطة ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة. المادة
214 إجراءات. مؤدى ذلك؟
رفض الدفع بعدم الاختصاص
المحلي على سند من امتداد الاختصاص وفقًا للمادة 214 إجراءات على الرغم من تغاير
الجرائم المنسوبة للطاعنين في عناصرها ومرتكبيها والقصد الجنائي فيها. مخالفة
للقانون. أساس ذلك؟
(4) اختصاص "الاختصاص
المحلى". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المحلي". حكم "تسبيبه.
تسبيب معيب". إعانة جناة على الفرار.
جريمة إعانة جناة على
الفرار لا تقوم في حق الجاني المعان سواء بصفته فاعلاً أو شريكًا فيها.
إغفال الحكم بيان العلاقة
بين تحقيق جريمة إعانة جناة على الفرار وامتداد الاختصاص المحلى للنيابة باتخاذ
إجراءات تحقيق واقعة تمت خارج دائرتها. قصور.
(5) قبض. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص
المحلى". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نيابة عامة.
عدم اختصاص عضو النيابة
العامة إلا ما يقع من جرائم في دائرة اختصاصه ما لم تقتض ظروف التحقيق القيام بعمل
من أعماله خارجها أو ندب لإجرائه من الجهة المختصة.
بطلان أمر القبض لصدوره
من نيابة غير مختصة. أثره؟
(6)اختصاص "الاختصاص المحلي". محكمة الجنايات
"اختصاصها". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". أمر
الإحالة.
الاختصاص المحلي لمحكمة
الجنايات متعلق بالنظام العام. شموله ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية. المادة
8/ 1 من قانون السلطة القضائية. مخالفة الحكم ذلك يبطله وتوجب الإحالة إلى محكمة
الجنايات المختصة.
بطلان الحكم لا يؤثر في قرار
الإحالة إلى محكمة الجنايات. أساس ذلك؟
(7)نقض "أثر الطعن".
حسن سير العدالة. يوجب
امتداد أثر نقض الحكم للطاعنين الآخرين ومن لم يقبل طعنه شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ..... فقرر المحكوم عليهم الأربعة الأول بالطعن فيه بطريق النقض وقدموا خمس مذكرات بأسباب الطعن في الميعاد القانوني إلا أن مذكرتي الأسباب السادسة والسابعة لم تقدما إلا بتاريخ...... وكان ميعاد الطعن في الحكم المطعون فيه ينقضي في ..... إلا أنه لما كان ذلك اليوم عطلة رسمية - بداية عيد الفطر - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل رسمي وهو...... ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
3 - من المقرر قانونًا أن الارتباط المذكور في الفقرة الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية والذي من بين ما يترتب عليه امتداد الاختصاص المحلي إلى وقائع هي في الأصل ليست من اختصاص النيابة والمحكمة المحلي، يقصد به الارتباط حسب مفهومه في المادة 32 من قانون العقوبات وهو أن يكون الفعل جرائم متعددة أو ترتكب عدة جرائم لغرض واحد وترتبط ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، مما يستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين طبقًا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، أما الارتباط البسيط حيث لا تتوفر شروط تطبيق هذه المادة فإنه لا يندرج في مفهوم الارتباط الذى تقصده الفقرة الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية مما يقتضي بداهة أنه لا يترتب عليه إتمام امتداد الاختصاص المكاني لقضاء التحقيق والحكم ليشمل وقائع هي في الأصل غير مختص بها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين تمسك بعدم اختصاص نيابة ومحكمة جنايات ...... بالوقائع المسندة إليهما لوقوعها خارج دائرة اختصاصهما المحلي وبطلان أمر القبض عليهما وقرار إحالتهما لمحكمة الجنايات الصادر من نيابة.....، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أستند في عدم قبول هذه الدفوع إلى أن الاختصاص المكاني لقضاء التحقيق والحكم يمتد ليشمل ما يقع خارج دائرة اختصاصه المحلى في حالتي الارتباط الذي لا يقبل التجزئة والارتباط البسيط عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الجرائم التي نسبتها النيابة العامة إلى الطاعنتين هي جرائم هتك عرض أنثى وحجزها في غير الأحوال المصرح بها قانونًا وتعذيبها بدنيًا وأضافت للأولى تهمة الضرب بينما نسبت إلى المتهمين الثالث والرابع تهمة إعانة الطاعنتين على الفرار من وجه القضاء، ولما كانت هذه التهمة تختلف في عناصرها وتاريخ ومكان وقوعها ومن ارتكابها والقصد الجنائي فيها عن الجرائم المنسوبة للطاعنتين مما لا يتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي قصدها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ولا التعدد المعنوي في معنى الفقرة الأولى من هذه المادة وهو ما لا يتحقق منه الارتباط المقصود في الفقرة الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية وكان الارتباط البسيط لا يدخل في معنى الارتباط المشار إليه في المادة 214 إجراءات المذكورة أنفا. لما كان ما تقدم، فإن ما أقام عليه الحكم قضاءه برفض الدفع المشار إليه يكون معيبًا بمخالفة القانون.
4 - لما كان من المقرر قانونًا أن جريمة إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء المنصوص عليها في المادة 145 من قانون العقوبات لا تقوم في حق الجاني "المعان" سواء بصفته فاعلاً أو شريكًا فيها. وكان الحكم المطعون فيه قد استند في رفضه لدفوع الطاعنتين المتعلقة بالاختصاص إلى أن جريمة إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء تمت في دائرة..... وباشرت نيابتها التحقيق فيها مما يجعلها مختصة بالوقائع التي ارتكبتها الطاعنتان خارج دائرة تلك النيابة. وإذ كان الحكم قد خلا من بيان العلاقة بين تحقيق الجريمة المؤثمة بالمادة 145 من قانون العقوبات وامتداد اختصاص تلك النيابة ليشمل ما ليس في اختصاصها أصلاً وهو ما نسب للطاعنتين ارتكابه بدائرة.... وإذ خلت مدونات الحكم من سند قانوني كان قائمًا وقت مباشرة نيابة...... التحقيق مع المتهمين الثالث والرابع يبرر تجاوزها لدائرة اختصاصها بمباشرتها إجراءات تحقيق واقعة حدثت في دائرة نيابة......، فإن الحكم في هذا الشق منه يكون معيبًا بالقصور فوق عيبه بمخالفة القانون.
5 - لما كان ما عول عليه الحكم في تأسيس رفضه للدفع بعدم الاختصاص من أن أمر القبض على الطاعنتين الصادر من نيابة..... وضبطهما بدائرتها يعقد الاختصاص لها بالتحقيق معهما في الجرائم المنسوب إليهما ارتكابهما خارج اختصاص تلك النيابة ومحاكمتهما أمام محكمة جناياتها عملاً بالمادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية مردودًا بأن الشارع حدد اختصاص كل عضو من أعضاء النيابة العامة بحدود الدائرة التي يعمل بها دون ما يقع خارجها واستثنى من ذلك صدور ندب له من الجهة صاحبة الاختصاص في ذلك، أو أن المشرع في تحقيق واقعة داخلة في دائرة اختصاصه واقتضت ظروف التحقيق القيام بعمل من أعماله خارج هذه الدائرة وكان الوقائع المنسوبة للطاعنتين - حسبما تكشف عنه مدونات الحكم - قد تمت في دائرة نيابة ..... وكان أمر القبض الصادر في حق الطاعنتين قد صدر من نيابة غير مختصة وخلت مدونات الحكم من سند قانوني لإصداره فإنه يكون باطلاً ولا يعطى تلك النيابة اختصاصًا بتحقيق ما وقع خارج دائرتها وبالتالي فإن ما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح قانونًا.
6 - لما كان مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 وتعديلاته أن المشرع حدد الاختصاص المكاني لمحكمة الجنايات بشموله ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية وهذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الجرائم المنسوبة للطاعنتين وقعت في دائرة نيابة قسم..... التابعة لمحكمة جنايات...... ومن ثم تكون هذه المحكمة هي صاحبة الاختصاص بنظر الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والبطلان وكان البطلان المشار إليه في المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا الإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة دون ما سبقه من إجراءات تمت صحيحة وليس من شأنه أن يؤثر في قرار إحالة القضية إلى محكمة الجنايات فإن ما تثيره الطاعنتان في شأن بطلانه يكون غير مقبول.
7 - لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات..... المختصة بنظرها بالنسبة للطاعنتين والطاعنين الثالث والرابع وكذا الخامس - الذى لم يقبل طعنه شكلاً - لحسن سير العدالة, دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنتين أو التعرض لأسباب الطعن المقدمة من الطاعنين الثالث والرابع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم في غضون الفترة من..... حتى..... سنة..... أ - المتهمتان الأولى
والثانية: 1 - هتكتا عرض..... بالقوة بأن أمسكت بها الثانية لشل مقاومتها وجردتها
الأولى من ملابسها وكشفت عوراتها ولامست مواضع العفة منها باستخدام سكين ساخنة حال
كون المجنى عليها لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة وتعمل لديها خادمة بالأجرة.
2 - احتجزتا....... بدون أمر
أحد الحكام المختصين داخل مسكنهما وقامت بتعذيبها بدنيًا بأن أمسكت بها الثانية
لشل مقاومتها وقامت الأولى بكيها بسكين ساخن وضربها بعصا ومحاولة نزع أظافر أصابع
يديها بأداة (كماشة) فأحدثا بها إصاباتها الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق
بالأوراق.
ب - المتهمة الأولى: -
أحدثت عمدًا بـ...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بالأوراق التي
أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يومًا وكان ذلك باستخدام أداتين
(عصا وسكين).
ج - المتهمان الثالث
والرابع: علما بوقوع الجنايتين موضوع التهمتين الأولى والثانية وأعانا مرتكبتهما
على الفرار من وجه القضاء بإخفاء أدلة الجريمة وذلك بأن اصطحبا المجنى عليها.....
وهى في حالة إعياء شديد إثر إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي في سيارة
المتهمة الأولى وألقيا بها في الطريق العام.
د - المتهم الخامس - أخفى
بنفسه المتهمتين الأولى والثانية والصادر في حقهما أمرًا بالقبض عليهما لاتهامهما
بارتكاب الجرائم موضوع التهم سالفة البيان مع علمه بذلك بأن قام بإيوائهما بمسكن
استأجره لهذا الغرض وأحالتهم إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والد المجني عليهما
بصفته وليًا طبيعيًا عليهما بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات...... قضت
حضوريًا عملاً بالمواد 144/ 1 بند 3، 145/ 1 بند 2، 242/ 1 - 3 267/ 2، 268، 280،
282 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة
المتهمة الأولى بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمعاقبة كل من المتهمين الثانية
والثالث والرابع والخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وفي الدعويين المدنيتين
بإلزام المتهمتين الأولى والثانية بأن تؤديا للمدعي بالحقوق المدنية بصفته وليًا
طبيعيًا على ابنته القاصر المجني عليه الأولى مبلغ واحد وخمسين جنيهًا على سبيل
التعويض المؤقت وبإلزام المتهمة الأولى بأن تؤدي له مبلغًا مماثلاً بصفته وليًا
طبيعيًا على ابنته القاصر المجنى عليها الثانية على سبيل التعويض المؤقت.... إلخ.
فالطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه
الخامس..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد القانوني إلا
أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بالمادة
34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه صدر بتاريخ....... فقرر المحكوم عليهم الأربعة الأول بالطعن فيه بطريق النقض
وقدموا خمس مذكرات بأسباب الطعن في الميعاد القانوني إلا أن مذكرتي الأسباب
السادسة والسابعة لم تقدما إلا بتاريخ....... وكان ميعاد الطعن في الحكم المطعون
فيه ينقضي في...... إلا أنه لما كان ذلك اليوم عطلة رسمية - بداية عيد الفطر -
فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل رسمي هو ....... ويكون الطعن قد استوفى الشكل
المقرر في القانون.
وحيث إن ما تنعاه
الطاعنتان الأولى والثانية على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والبطلان
ذلك بأن الدفاع عنهما دفع بعدم الاختصاص المكاني لنيابة ومحكمة جنايات......
بالدعوى وبطلان أمر الإحالة إلا أن الحكم أطرح ذلك بما لا يصلح قانونًا مما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه رد على الدفع المبدى من الطاعنتين الأولى والثانية بعدم اختصاص نيابة......
محليًا بتحقيق الواقعة محكمة جنايات...... بنظر الدعوى وبطلان تحقيقات النيابة
العامة وأمر الإحالة بقوله: "لما كان ما تقدم وبالنسبة للدفع المبدى من دفاع
المتهمتين الأولى والثانية ببطلان أمر إحالة وبطلان تحقيقات النيابة العامة وبعدم
اختصاص نيابة....... محليًا بتحقيق الواقعة وكذا الدفع بعدم اختصاص المحكمة محليًا
بنظر الدعوى فإنه مردود بأنه من المقرر أن ضوابط الاختصاص المحلي لسلطة التحقيق هي
ذاتها ضوابط الاختصاص المحلي لقضاء الحكم المنصوص عليها بالمادة 217 من قانون
الإجراءات الجنائية ويتعين هذا الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي
يقيم فيه المتهم أو الذى يقبض عليه فيه، وقد حدد المشرع حالات يمتد فيها هذا
الاختصاص للنظر في بعض الدعاوى التي تدخل أصلاً في اختصاص محاكم أخرى مكانيًا
ونوعيًا طبقًا للأصل العام السالف ذكره ومن ضمن هذه الحالات حالة الجرائم المرتبطة
التي تدخل في اختصاص محاكم مختلفة، وقد نص على ذلك في المادة 214/ 4 من قانون
الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه (إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة
من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى
المحكمة المختصة مكانًا بإحداها فإذا كانت الجرائم من اختصاص محاكم من درجات
مختلفة تحال إلى المحكمة الأعلى درجة.....) وجدير بالذكر أن الارتباط المقصود في هذه
المادة أما يكون ارتباطًا لا يقبل التجزئة أو ارتباطًا بسيطًا، وهذا النوع الأخير
من الارتباط يتوافر إذا قام بين الجرائم التي تناولها التحقيق عنصر مشترك مثل أن
يكون المتهم واحدًا فيها أو تكون قد وقعت جميعها على مجنى عليه واحد دون أن ترتبط
بوحدة الغرض ووحدة الحق المعتدى عليه، فإذا ما توافر هذا الارتباط بالمعنى المقصود
ترتب على ذلك أن تختص المحكمة الأعلى درجة بنظر الدعاوى التي من اختصاص محاكم أقل
منها وينسحب هذا الحكم أيضًا على اختصاص سلطة التحقيق باعتبار - كما سلف الإشارة -
أن ضوابط الاختصاص المحلى للمحاكم هي ذاتها التي تنطبق على الاختصاص المحلى لسلطة التحقيق،
ومن ثم ولما كان ما تقدم وكانت تحقيقات نيابة...... قد بدأت إثر دخول المجنى
عليها...... مستشفى..... وأبلغت النيابة العامة بالتقرير الطبي الموقع عليها
وباشرت تحقيقاتها بناء على ذلك وكانت الجريمة التي ارتكبها المتهمان الثالث و
الرابع ..... هي جريمة مستمرة استغرق الركن المادي فيها فترة من الزمن في أكثر من
مكان منذ نقلهما المجنى عليها..... من شقة المتهمة الأولى إلى بلدتها قرية.....
بمركز..... ومن ثم فإن هذه الجريمة المسندة إليهما وقعت بعض عناصر الركن المادي
فيها واكتمل بدائرة مركز ..... محافظة..... وبالتالي وبناء على ما تقدم تكون
نيابة...... مختصة مكانيًا بالتحقيق في هذه الجريمة طبقًا لما سبق سرده من أحكام
ويمتد الاختصاص تبعًا لذلك إلى تحقيق أية جريمة مرتبطة بها فضلاً عن أن المتهمتين
الأولى والثانية قبض عليهما بمحافظة...... وبذلك تكون هذه النيابة مختصة بتحقيق
جرائم هتك عرض المجني عليها المذكورة واحتجازها وضرب المجني عليها...... طبقًا لنص
المادتين 214، 217 من قانون الإجراءات الجنائية وتكون كذلك محكمة جنايات ......
مختصة محليًا قانونًا بنظر الدعوى الجنائية عن كل الجرائم المسندة للمتهمتين
الأولى والثانية ومختصة كذلك بنظر الدعوى الجنائية عن الجريمة المسندة للمتهمين
الثالث والرابع باعتبارها المحكمة الأعلى درجة وتكون هذه الدفوع بعدم اختصاص
المحكمة محليًا بنظر الدعوى وعدم اختصاص نيابة...... بالتحقيق فيها دفوعًا غير
قائمة على أساس من القانون متعينًا رفضها". لما كان ذلك، وكان من المقرر
قانونًا أن الارتباط المذكور في الفقرة الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات
الجنائية والذى من بين ما يترتب عليه امتداد الاختصاص المحلي إلى وقائع هي في الأصل
ليست من اختصاص النيابة والمحكمة المحلى، يقصد به الارتباط حسب مفهومه في المادة 32
من قانون العقوبات وهو أن يكون الفعل جرائم متعددة أو ترتكب عدة جرائم لغرض واحد
وترتبط ببعضها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، مما يستوجب بحكم اللزوم العقلي أن تتبع
الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق
والإحالة والمحاكمة، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على
الجريمتين طبقًا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، أما الارتباط البسيط حيث لا
تتوفر شروط تطبيق هذه المادة فإنه لا يندرج في مفهوم الارتباط الذى تقصده الفقرة
الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية مما يقتضي بداهة أنه لا يترتب
عليه حتمًا امتداد الاختصاص المكاني لقضاء التحقيق والحكم ليشمل وقائع هي في الأصل
غير مختص بها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن
الطاعنين تمسك بعدم اختصاص نيابة ومحكمة جنايات ..... بالوقائع المسندة إليهما
لوقوعها خارج دائرة اختصاصهما ....... وبطلان أمر القبض عليهما وقرار إحالتهما
لمحكمة الجنايات الصادر من نيابة......، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه
أستند في عدم قبول هذه الدفوع إلى أن الاختصاص المكاني لقضاء التحقيق والحكم يمتد
ليشمل ما يقع خارج دائرة اختصاصه المحلى في حالتي الارتباط الذى لا يقبل التجزئة
والارتباط البسيط عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان البين من
مدونات الحكم المطعون فيه أن الجرائم التي نسبتها النيابة العامة إلى الطاعنتين هي
جرائم هتك عرض أنثى وحجزها في غير الأحوال المصرح بها قانونًا وتعذيبها بدنيًا
وأضافت للأولى تهمة الضرب بينما نسبت إلى المتهمين الثالث والرابع تهمة إعانة
الطاعنتين على الفرار من وجه القضاء، ولما كانت هذه التهمة تختلف في عناصرها
وتاريخ ومكان وقوعها ومن ارتكابها والقصد الجنائي فيها عن الجرائم المنسوبة للطاعنتين
مما لا يتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي قصدها الشارع بالحكم الوارد
بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ولا التعدد المعنوي في معنى
الفقرة الأولى من هذه المادة وهو ما لا يتحقق منه الارتباط المقصود في الفقرة
الأخيرة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية وكان الارتباط البسيط لا يدخل
في معنى الارتباط المشار إليه في المادة 214 إجراءات المذكورة أنفا. لما كان ما
تقدم، فإن ما أقام عليه الحكم قضاءه برفض الدفع المشار إليه يكون معيبًا بمخالفة
القانون. لما كان ذلك، و كان من المقرر قانونًا أن جريمة إعانة الجاني على الفرار
من وجه القضاء المنصوص عليها في المادة 145 من قانون العقوبات لا تقوم في حق الجاني
"المعان" سواء بصفته فاعلاً أو شريكًا فيها. وكان الحكم المطعون فيه قد
استند في رفضه لدفوع الطاعنتين المتعلقة بالاختصاص إلى أن جريمة إعانة الجاني على
الفرار من وجه القضاء تمت في دائرة...... وباشرت نيابتها التحقيق فيها مما يجعلها
مختصة بالوقائع التي ارتكبتها الطاعنتان خارج دائرة تلك النيابة. وإذ كان الحكم قد
خلا من بيان العلاقة بين تحقيق الجريمة المؤثمة بالمادة 145 من قانون العقوبات
وامتداد اختصاص تلك النيابة ليشمل ما ليس في اختصاصها أصلاً وهو ما نسب للطاعنتين
ارتكابه بدائرة...... وإذ خلت مدونات الحكم من سند قانوني كان قائمًا وقت مباشرة
نيابة...... التحقيق مع المتهمين الثالث والرابع يبرر تجاوزها لدائرة اختصاصها
بمباشرتها إجراءات تحقيق واقعة حدثت في دائرة نيابة الدقي، فإن الحكم في هذا الشق
منه يكون معيبًا بالقصور فوق عيبه بمخالفة القانون. لما كان ذلك، وكان ما عول عليه
الحكم في تأسيس رفضه للدفع بعدم الاختصاص من أن أمر القبض على الطاعنتين الصادر من
نيابة..... وضبطهما بدائرتها يعقد الاختصاص لها بالتحقيق معهما في الجرائم المنسوب
إليهما ارتكابها خارج اختصاص تلك النيابة ومحاكمتهما أمام محكمة جناياتها عملاً
بالمادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية مردودًا بأن الشارع حدد اختصاص كل عضو من
أعضاء النيابة العامة بحدود الدائرة التي يعمل بها دون ما يقع خارجها واستثنى من
ذلك صدور ندب له من الجهة صاحبة الاختصاص في ذلك، أو أن المشرع في تحقيق واقعة
داخلة في دائرة اختصاصه واقتضت ظروف التحقيق القيام بعمل من أعماله خارج هذه
الدائرة وكانت الوقائع المنسوبة للطاعنتين - حسبما تكشف عنه مدونات الحكم - قد تمت
في دائرة نيابة...... وكان أمر القبض الصادر في حق الطاعنتين قد صدر من نيابة غير
مختصة وخلت مدونات الحكم من سند قانوني لإصداره فإنه يكون باطلاً ولا يعطى تلك
النيابة اختصاصًا بتحقيق ما وقع خارج دائرتها وبالتالي فإن ما ذهب إليه الحكم في هذا
الخصوص يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان مؤدى الفقرة الأولى من المادة الثامنة من
قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 وتعديلاته أن
المشرع حدد الاختصاص المكاني لمحكمة الجنايات بشموله ما تشمله دائرة المحكمة
الابتدائية وهذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام وكان الثابت من الحكم لمطعون فيه أن
الجرائم المنسوبة للطاعنتين وقعت في دائرة نيابة قسم...... التابعة لمحكمة
جنايات...... ومن ثم تكون هذه المحكمة هي صاحبة الاختصاص بنظر الدعوى وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والبطلان وكان
البطلان المشار إليه في المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا
الإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة دون ما سبقه من إجراءات تمت
صحيحة وليس من شأنه أن يؤثر في قرار إحالة القضية إلى محكمة الجنايات فإن ما تثيره
الطاعنتان في شأن بطلانه يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم
المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات.... المختصة بنظرها بالنسبة للطاعنتين
والطاعنين الثالث والرابع وكذا الخامس - الذى لم يقبل طعنه شكلاً - لحسن سير
العدالة, دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنتين أو التعرض لأسباب
الطعن المقدمة من الطاعنين الثالث والرابع.