الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 يونيو 2022

الطعن 8 لسنة 45 ق جلسة 1 / 4 / 2006 إدارية عليا مكتب فني 51 ج 2 ق 94 ص 677

جلسة 1 من ابريل سنة 2006

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد أمين حسان نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / بخيت محمد إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / لبيب حليم لبيب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود محمد صبحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مصطفي سعيد حنفي نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / د. حسن محمد هند مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوي أمين السر

-------------

(94)

الطعن 8 لسنة 45 ق

(1) دعوى الإلغاء - الميعاد - التظلم - امتداد ميعاد بحث التظلم - أثره.

قانون مجلس الدولة قد نص على أن فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفضه إلا أنه يكفي في تحقيق معني الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية إذا استشعرت حق التظلم فيه قد اتخذت مسلكا إيجابيا واضحا في سبيل استجابته ومن ثم يمتد ميعاد بحث التظلم في هذه الحالة حتى يصدر من الجهة الإدارية ما ينبئ عن عدولها عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن. تطبيق

(2) موظف - عاملون مدنيون - معيار التفرقة بين الترقية والتعيين.

الترقية هي تنصب العامل في مركز وظيفي أعلى من المركز الذي يشغله، وهي بهذا الوصف تشبه التعيين وكلاهما يتضمن تقليدا لمركز وظيفي ولا يختلفان إلا في صفة الشخص الذي ينسحب عليه القرار. فالتعيين ينسحب على شخص خارج الوظيفة، أما الترقية فتنسحب على عامل شاغل للوظيفة - تطبيق.

(3) موظف - عاملون مدنيون - ترقية - ضوابط الترقية في شأن العاملين المعارين أو الحاصلين على إجازات خاصة.

من بين الضوابط التي يحافظ بها نظام العاملين على فرص الترقية المتاحة ما نص عليه قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة1978 بنصوص المواد (58) و(69) في شأن تحديد أقدمية العامل الذي يعار أو يرخص له بإجازة خاصة بدون مرتب تجاوز مدة أي منهما أربع سنوات مفاده وضع عدد من العاملين أمامه في ترتيب الأقدمية مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات أو عدد جميع العاملين الشاغلين درجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل، فضلا عن أنه يتعين التفرقة بين أمرين في ظل الأثر المباشر للقاعدة سالفة البيان، أولهما اكتمال مدة الإعارة وهي أربع سنوات قبل تاريخ العمل بأحكام المادة (58) من القانون، وثانيهما:- اكتمال هذه المدة بعد تاريخ العمل بأحكام هذه المادة، ففي الحالة الأولى: يتخذ من تاريخ العمل بالمادة المذكورة أساسا لتحديد أقدمية العامل بعد عودته من الإعارة، وفي الحالة الثانية: يكون تاريخ عودة العامل أو تسلمه العمل بعد أن تجاوز الأربع سنوات أساسا لهذه التسوية وتحديد أقدميته في الدرجة - تطبيق.

------------

الوقائع

في يوم الخميس الموافق 1/10/1998 أودع الأستاذ........... المحامي بصفته وكيلا عن السيد / ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/8/1998 في الدعوى رقم ........ لسنه 50 ق المقامة منه ضد المطعون ضدهم والقاضي:-
أولا:- بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 شكلا لرفعه بعد الميعاد.
ثانيا:- بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 لانتفاء شرط المصلحة .
وطلب الطاعن للأسباب التي ساقها في تقرير طعنه قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته في الدعوى وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلستها المعقودة بتاريخ 11/4/2005 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة الموضوع - فنظرته الأخيرة بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 18/2/2006 قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها أصدرت الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونا.

ومن حيث إن الطعن استوفي كافة أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 4/6/1996 أقام الطاعن ضد المطعون ضدهم الدعوى رقم ...... لسنه 50ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ قرار رئيس مصلحة الضرائب برد أقدميته في الدرجة الأولي إلي تاريخ ترقية زملائه وبإلغاء القرار رقم ...... لسنة 1996 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لوظيفة قيادية بدرجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وذكر شرحا لدعواه أنه يعمل بمصلحة الضرائب ورقي إلى الدرجة الأولي في 17/2/1988 ونما إلى علمه في 2/4/1995 أن قرار كان قد صدر بترقيه من هم أحدث منه إلى الدرجة الأولي في 1/6/1985 فتظلم من القرار الصادر بترقيتهم وقد رأت الإدارة القانونية وجوب رد أقدميته في الدرجة الأولي إلى تاريخ ترقية زملائه وقد وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي - إلا أن الإدارة القانونية رأت عرض الأمر على إدارة الفتوى إلا أن نائب رئيس المصلحة رأي وجوب تنفيذ قرار رئيس المصلحة وقد تراخت المصلحة في تنفيذ هذا الرأي على نحو اشتبه معه الامتناع عن تنفيذه مما دعاه إلى تقديم تظلم جديد وفي أثناء ذلك صدر قرار أخر بترقية زملائه له إلى درجة مدير عام وقد تخطاه هذا القرار رغم أنه أقدم ممن رقوا وتوافرت فيه كافة شروط الترقية . ونعي المدعي على هذين القرارين مخالفتهما للقانون وخلص إلى ما تقدم من طلبات . وبجلسة 2/8/1998 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المتقدم وأقامته على أن الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء ينفتح في حالة ما إذا اتخذت الجهة الإدارة مسلكا إيجابيا نحو إجابة المدعي إلى طلباته فإن نكلت عن مسلكها الإيجابي فإنه يجب أن يقيم دعواه خلال ستين يوما من تاريخ علمه بهذا النكول وأنه متى كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية سلكت مسلكا إيجابيا نحو إجابة المدعي من تظلمه في القرار رقم 1046 لسنه 1986 ووافق رئيس مصلحة الضرائب على ذلك في 18/6/1995 إلا أن المدعي علم في 18/1/1996 أن الجهة الإدارية نكلت عن مسلكها الإيجابي نحو إجابته إلى طلبه وهو الأمر الذي تأكد فيه علمه بهذا النكول في 18/1/1996 حيث قدم تظلما أخر يدعوها فيه إلى تنفيذه مسلكها الإيجابي ومن ثم فإنه كان يتعين عليه أن يقيم دعواه خلال ستين يوما من هذا التاريخ وإذ أقام دعواه في 4/6/1996 فإن دعواه بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد وأنه لما كان سبق للمحكمة أن قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 2/8/1997 في الدعوى رقم 7643 لسنه 50ق بإلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 إلغاء مجردا فإنه لا مصلحة للمدعي في طلب إلغاء هذا القرار ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الطاعن تظلم من القرار الصادر بتخطيه في الترقية إلى الأولي وتقدم بطلب لرد أقدميته في الدرجة الأولي إلى تاريخ ترقية زملائه إلى هذه الدرجة وأن الإدارة القانونية أجابته إلى طلبه وأن رئيس المصلحة وافق على رد أقدميته ومن ثم فإن موافقة رئيس المصلحة تعد قرارا إداريا مكتمل الأركان وأن الإمتناع عن تنفيذ هذا القرار لا يعد عدولا عن مسلك ايجابي نحو الاستجابة لتظلمه إنما هو امتناع غير مشروع عن تنفيذ قرار رئيس المصلحة وأنه على فرض أنه هناك نكول عن هذا المسلك الإيجابي فإن الطاعن قد راعي المواعيد وتقدم بطلب في 19/3/1996 لإعفائه من الرسوم القضائية فضلا عن أنه وأن كانت المحكمة قد قضت بإلغاء القرار المطعون عليه الثاني إلغاء مجردا فإن هذا الإلغاء كان لاحقا على تاريخ رفع دعواه وبالتالي فإنه لا يلزم قانونا بمصروفات الدعوى.

ومن حيث إن حقيقة طلبات الطاعن طبقا للتكييف القانوني الصحيح هو إلغاء القرارين رقمي 1036 لسنه 1986 و 315 لسنه 1996 فيما تضمناه من تخطيه : الأول في الترقية إلى الدرجة الأولي . والثاني في التعيين في وظيفة قيادية بدرجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

ومن حيث إنه عن الطلب الأول فإن قضاء هذه المحكمة قد جري على وجوب رفع دعوى الإلغاء خلال ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به وأن علم صاحب الشأن به يقوم مقام إعلانه متى كان علما يقينا شاملا لجميع العناصر التي يمكن على أساسها تبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار وتحديد طريقة الطعن عليه وأن هذا العلم يثبت من أية واقعة أو قرينه تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة 0 وأنه إذ أن قانون مجلس الدولة قد نص على أن فوات ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة يعتبر بمثابة رفضه إلا أنه يكفي في تحقيق معني الاستفادة المانعة من هذا الافتراض أن يتبين أن السلطات الإدارية إذا استشعرت حق التظلم فيه قد اتخذت مسلكا إيجابيا واضحا في سبيل استجابته ومن ثم يمتد ميعاد بحث التظلم في هذه الحالة حتى يصدر من الجهة الإدارية ما ينبئ عن عدولها عن هذا المسلك ويعلم به صاحب الشأن.

ومن حيث إن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد علم الطاعن بالقرار المطعون عليه في تاريخ سابق على 2/4/1995 تاريخ تظلمه منه إلى السيد رئيس مصلحة الضرائب .

وإذ كان الثابت إن الأخير قد أحال التظلم إلى إدارة الشئون القانونية فأعدت مذكره في 7/6/1995 ارتأت فيها رد أقدمية المتظلم في الدرجة الأولي إلى تاريخ صدور قرار ترقية زملائه إلى هذه الدرجة على سند من أنه كان مرافقا للزوجة ولا يجوز تخطيه في الترقية استنادا إلى هذا السبب وقد وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي في 19/6/1995 وإذ تقدم المدعي بطلب أخر إلى رئيس المصلحة في 8/1/1996 طالبا فيه التنبيه على المختصين بتنفيذ هذا القرار فعرض الأمر على المستشار القانوني الذي انتهي إلى رأي مخالف لما انتهت إليه إدارة الشئون القانونية وأقام رأيه على أن المتظلم لم يكن في أجازة لمرافقة الزوجة إنما كان في إعارة لمدة ستة سنوات وخمسة اشهر وأنه عملا بحكم المادة 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنه 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنه 1983 يتعين إعادة ترتيب أقدميته بأن يوضع أمامه عدد من العاملين مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات ومن ثم فإن أقدميته في تاريخ صدور القرار المتظلم منه لا تكن تؤهله للترقية وفي 22/5/1996 وافق رئيس المصلحة على هذا الرأي ومن ثم لا ينبغي حساب ميعاد الستين يوما الواجب إقامة الدعوى فيها إلا من هذا التاريخ الأخير بعد أن تكشفت نية الإدارة نهائيا في عدم الاستجابة بعد أن كانت المقدمات في مسلكها تنبئ بغير ذلك وعلى هذا الأساس فإذا كان المدعي قد أقام دعواه في 4 يونيه سنه 1996 فإنه يكون قد راعي الإجراءات والمواعيد المقررة قانونا وتكون دعواه مقبولة شكلا.

ومن حيث إن الترقية هي تنصب العامل في مركز وظيفي أعلي من المركز الذي يشغله وهي بهذا الوصف تشبه التعيين وكلاهما يتضمن تقليدا لمركز وظيفي ولا يختلفان إلا في صفة الشخص الذي ينسحب عليه القرار 0 فالتعيين ينسحب على مرشح خارج الوظيفة أما الترقية فتنسحب على عامل شاغل للوظيفة ولذلك فقد عني المشرع بوضع مجموعه من القواعد تسمح بالحفاظ على الفرص المتاحة منها للقائمين بالعمل فعلا . ومن بين الضوابط التي يحافظ بها نظام العاملين على فرص الترقية المتاحة ما نص عليه في المادتين 58 و 69 من القانون رقم 47 لسنه 1978 المعدل بقانون رقم 115 لسنه 1983 في شأن تحديد أقدمية العامل الذي يعار أو يرخص له بإجازة خاصة بدون مرتب تجاوز مدة أي منهما أربع سنوات مفاده وضع عدد من العاملين أمامه في ترتيب الأقدمية مماثل للعدد الذي كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات أو عدد جميع العاملين الشاغلين درجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل .

ولما كان ما تقدم وكان الأثر المباشر للقاعدة التي قررتها المادة 58 آنفه البيان هو سريانها على الوقائع التي تمت في ظل العمل بها ولا يجوز سريان هذه القاعدة على الوقائع والمراكز التي تمت قبل سريانها ومن ثم يتعين التفرقة بين أمرين :- أولهما :- اكتمال مدة الإعارة وهي أربع سنوات قبل تاريخ العمل بأحكام المادة 58 من القانون 0

ثانيهما :- اكتمال هذه المدة بعد تاريخ العمل بأحكام هذه المادة .

ففي الحالة الأولي يتخذ من تاريخ العمل بالمادة المذكورة أساسا لتحديد أقدمية العامل بعد عودته من الإعارة وفي الحالة الثانية يكون تاريخ عودة العامل أو استلامه العمل بعد أن تجاوز الأربع سنوات أساسا لهذه التسوية وتحديد أقدميته في الدرجة.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن أعير للعمل بالمملكة العربية السعودية المدة من 15/2/1981 حتى 27/7/1987 وعاد وتسلم عمله في اليوم التالي أي أن مدة الأربع سنوات تكون قد اكتملت في 15/2/1985 0 وإذ كان نص المادة 58 قد بدء تطبيقه اعتبارا من 12/11/1983 ومن ثم فإن 28/7/1987 تاريخ عودة الطاعن واستلامه العمل بعد أن تجاوز مدة الأربع سنوات أساسا لتحديد أقدميته وإذ كان القرار المطعون عليه قد صدر عام 1986 أثناء إعارة الطاعن ومتخطيا أياه في الترقية استنادا إلى هذا السبب فإن هذا القرار يكون قد صدر مطابقا للقانون ويضحي المطعون عليه في غير محله جديرا بالرفض.

ومن حيث إنه عن الطلب الثاني من طلبات الطاعن وهو إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين لوظيفة قيادية بدرجة مدير عام.

ومن حيث إنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون محلها قرارا إداريا نهائيا 0 وكان الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 2/8/1997 في الدعوى رقم ..... لسنه 50ق بإلغاء هذا القرار مجددا مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلساتها المعقودة بتاريخ 10/5/2004 في الطعن رقم ....... لسنه 43ق0 عليا بإجماع الآراء برفض الطعن المقام على هذا الحكم ومن ثم فإنه لا يكون هناك ثمة قرار يصح الطعن عليه الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها لانتفاء القرار الإداري الذي يصح الطعن عليه.

ومن حيث إن الحكم الطعين خالف هذا النظر فإنه يكون قد صدر معيبا واجب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 315 لسنه 1996 لانتفاء القرار الإداري وبقبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 1046 لسنه 1986 شكلا ورفضها موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات.

صدر هذا الحكم وتلي علنا يوم السبت الموافق 3 ربيع أول 1427 هجرية والموافق 1/4/2006 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

الطعن 6852 لسنة 45 ق جلسة 9 / 11 / 2002 إدارية عليا مكتب فني 48 أحزاب ق 5 ص 59

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز. رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ علي فكري حسن صالح، ويحيى خضري نوبي محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة وهم: أ. د/ محمد عادل أحمد يحيى، وأ. د/ طه محمد عبد المنعم لبيب، وأ. محمد فتحي أحمد حسن، وأ. محمد عوني عبد المجيد عجور، وأ. د/ زكريا إبراهيم محمد جاد.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو. نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

----------------

(5)

الطعن 6852 لسنة 45 ق "أحزاب"

أحزاب سياسية - دائرة شئون الأحزاب السياسية - تأييد الحكم الصادر منها لأسباب قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية برفض تأسيس الحزب لا يصلح سندا لدعوى البطلان الأصلية.

ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التي تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية في إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب فإن هي اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرار الطعين، وإن هي لم تقتنع بسلامة الأسباب التي قام عليها القرار قضت بإلغائه - الطاعن أثار نقطة معينة في برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهي أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن، ويرى من وجهة نظره أنها تعد سببا لتميز برنامج الحزب المذكور، وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية في ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية - لا تثريب على المحكمة إن هي اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت في نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب المذكور - أساس ذلك - أن ما اعتنقه حكم دائرة شئون الأحزاب هو وليد قناعة وفي إطار سلطة المحكمة التقديرية، وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام - تطبيق.

--------------

الوقائع

في يوم الأربعاء الموافق 14/ 7/ 1999 أودع الأستاذ/ ..... المحامي بالنقض وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - تقريرا بدعوى بطلان أصلية قيد بجدولها تحت رقم 6852 لسنة 45ق. عليا وذلك في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا "دائرة الأحزاب السياسية" في الطعن رقم 2583 لسنة 42 ق. عليا بجلسة 6/ 2/ 1999والقاضي منطوقه: أولا: بقبول الطعن شكلا، ثانيا: برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. ثالثا: برفض الطعن موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير دعوى البطلان الأصلية - للأسباب الواردة به - القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل فيه مجددا من دائرة أخرى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان تقرير دعوى البطلان الأصلية للمطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.

وقد نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا -دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقا لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه - وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
تتحصل واقعات النزاع الماثل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن بصفته وكيلا عن مؤسسي حزب السادات كان قد أقام الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 7/ 3/ 1996 طعنا على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشكلة طبقا للمادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والذي جاء نصه "الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ........ بتأسيس حزب باسم حزب السادات" وطلب في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء قرار الاعتراض على تكوين حزب السادات" وما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعن شرحا لطعنه أنه بصفته وكيلا عن مؤسسي حزب سياسي جديد باسم حزب السادات تقدم بتاريخ 8/ 10/ 1995 بإخطار إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب الموافقة على تأسيس هذا الحزب وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسي وكشفا بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 73 عضوا منهم 23 من الفئات و50 من العمال والفلاحين مصدقا رسميا على توقيعاتهم جميعا والبيان السياسي للحزب إلا أن اللجنة المذكورة أصدرت القرار المطعون عليه بالاعتراض على تأسيس الحزب المذكور استنادا إلى أنه قد تبين لها أن برنامج حزب السادات يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزا ظاهرا عن برامج الأحزاب القائمة فبرامجه كلها تتناول مجالات مطروحة سلفا من قبل أحزاب أخرى أو ترديدا لبرامج وخطط قائمة ويجري تنفيذها فعلا، وأن ما يؤمن به الحزب ويقترحه من مطالب منصوص عليه في الدستور ومطبق فعلا عملا وواقعا.

ونعى الطاعن بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون لأسباب حاصلها: أولا: عدم دستورية أي تقييد تشريعي لحرية تكوين الأحزاب وعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية.

ثانيا: بطلان تشكيل لجنة الأحزاب حيث يرجح فيها الطابع الحزبي بما يفقدها حيادها بما يبطل القرار المطعون فيه.

ثالثا: انتماء غالبية أعضاء اللجنة للحزب الوطني الذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي.

رابعا: عدم صحة الأسباب التي استند إليها القرار المطعون فيه وسرد الطاعن لذلك عدد 21 نقطة يراها إضافة هامة وتميز برنامج الحزب عما هو موجود في برامج حزبية في الساحة وعلى رأسها أنه أول حزب سياسي يطالب باستعادة واحة جغبوب المصرية بالطرق السلمية والتحكيم العربي والدولي حفاظا على تراب الوطن المقدس وآخر تلك النقاط الدعوة إلى الاهتمام بالريف وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات ثم أتبعته بتقرير تكميلي انتهت فيه إلى رفض الدفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.

تدوول نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية - دائرة الأحزاب السياسية المشكلة وفقا لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية - على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 6/ 2/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الطعن موضوعا.

وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت برنامج حزب السادات ورد لجنة شئون الأحزاب - على أنه يبين مما تقدم جميعه أن المشروعات والأفكار التي عرضها الحزب طالب التأسيس لا تعدو أن تكون أفكارا مطروحة على الساحة السياسية ومحل تطبيق في الكثير منها في خطط الحكومة التنفيذية ومحل ترديد في الكثير من برامج الأحزاب القائمة مما يفقد البرنامج ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي من شأنها أن تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزا ظاهرا عن برامج الأحزاب القائمة ومن ثم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من افتقاد برنامج الحزب لشرط التميز الظاهر الذي يتطلبه البند ثانيا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وبالتالي الاعتراض على الطلب المقدم من وكيل مؤسسي حزب السادات يكون قائما على سببه الصحيح ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالرفض وأضافت المحكمة أنه لا ينال من ذلك ما عقب به الطاعن على رد لجنة شئون الأحزاب السياسية من وجود (21) نقطة سبق بيانها وتعد في نظره سببا للتميز وعلى رأسها ما أثاره بالنسبة لواحة جغبوب وأنه أول حزب يطالب باستعادتها إلى أرض الوطن، فإن ذلك المطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ولا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب فضلا عن تعارض هذا الطلب مع توجهات الحزب ذاته من مطالبة بتضامن عربي ووحدة بين الدول المتجاورة كما لا يصح أن يكون ذلك منهجا حزبيا لما فيه من إثارة على الساحة السياسية.

وأردفت المحكمة بأنه عن بقية النقاط الأخرى التي يراها الطاعن محل تميز فقد اتضح أنها جميعا ليست جديدة على الساحة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية التي تطبقها الحكومة وأن الكثير منها موجود في برامج الأحزاب القائمة وكانت محل طرح منها فلذلك جميعه يضحي الطعن على قرار الاعتراض على تأسيس حزب السادات غير قائم على سند صحيح من القانون.

ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - سالف الذكر بدعوى البطلان الأصلية الماثلة يقوم على الأسباب الآتية:

أولا: أن الحكم الطعين انطوى على خطأ بين غير مستور كاشف بذاته عن أمره بما ينحدر به إلى درجة الانعدام لإهداره العدالة المكفولة دستوريا لكل مواطن - مثل الطاعن - حيث إن المحكمة قد تخلت عن ولايتها وما هو منوط بها من اختصاص قضائي إلى القيادة السياسية وذلك فيما أثاره تقرير الطعن بشأن واحة جغبوب ولا شك في أن القيادة السياسية هي بحكم اللزوم وفي موضع الخصم بالنسبة للطاعن نظرا لقيام لجنة شئون الأحزاب السياسية على تشكيل أغلبه من تلك القيادة السياسية فخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية هو خضوع ينتفي به الاستقلال الواجب توافره في القاضي الطبيعي ويجرد الحكم الطعين من ضمانة الاستقلال المكفولة دستوريا وهو عيب جسيم يؤدي إلى إهدار العدالة ويفقد الحكم الطعين وظيفته.

ثانيا: إن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفع ببطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطني فيها والذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي وهو دفاع جوهري لم يرد عليه الحكم الطعين مما يعد إهدارا للعدالة ينحدر بالحكم إلى درجة الانعدام.

ومن حيث إنه من المسلم به أن الحكم القضائي متى صدر صحيحا يظل منتجا لآثاره، فيمتنع بحث أسباب العوار التي تلحقه إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى طرق الطعن التي حددها القانون على سبيل الحصر، فإذا كان الطعن غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهداره بدعوى بطلان أصلية لمساس ذلك بحجيته وأنه وإن كان قد أجيز - استثناء من هذا الأصل -الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية إلا أن هذا الاستثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع، كما فعل في المادة (147) مرافعات - يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جوهري جسيم يصيب كيانه، ويفقده صفته كحكم وذلك يفقد أحد أركانه الأساسية والتي حاصلها أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية وأن يصدر بما لها من سلطة قضائية في خصومة وأن يكون مكتوبا.

ومن حيث إن من المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا - بما وسد لها من اختصاص في الرقابة على أحكام مجلس الدولة تحقيقا للشرعية وسيادة القانون وما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير معقب على أحكامها - تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة فلا يكون من سبيل إلى إهدار أحكامها إلا استثناء محضا بدعوى البطلان الأصلية وهي دعوى لها طبيعة خاصة توجه إلى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وطريق طعن استثنائي وفي غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية التجارية، يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته وبه تتزعزع قرينة الصحة التي تلازمه أما إذا قام الطعن على أسباب موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام وهي مناط قبول دعوى الإلغاء.

ومن حيث إن المبادئ المتقدمة هي ما يتعين الأخذ بها كذلك ولذات الأسباب في الأحكام الصادرة من هذه المحكمة بتشكيلها الخاص المنصوص عليه في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية وهي الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة منضما إلى تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة وعلى النحو الذي أشار به القانون سالف البيان.

ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن بدعوى البطلان الأصلية على حكم المحكمة الإدارية العليا "دائرة الأحزاب السياسية" المطعون فيه من انطوائه على خطأ بين غير مستور ينحدر به إلى درجة الانعدام بتخلي لمحكمة عن ولايتها القضائية إلى القيادة السياسية وذلك بالنسبة إلى ما آثاره الطاعن بشأن واحة جغبوب بخضوع الحكم الطعين لإملاء من جانب القيادة السياسية يجرده من ضمانة الاستقلال ويفقده وظيفته فإن هذا القول من جانب الطاعن في غير محله ومردود عليه بأن ولاية المحكمة القضائية تحتم عليها مراقبة صحة الأسباب التي تستند إليها لجنة شئون الأحزاب السياسية في إصدار قرارها برفض تأسيس الحزب المذكور فإن هي اقتنعت بها بعد وزنها بميزان المشروعية وتقديرها بما لها من سلطة تقديرية أيدت القرار الطعين وإن هي لم تقتنع بسلامة الأسباب التي قام عليها القرار قضت بإلغائه، ولما كان الطاعن قد أثار نقطة معينة في برنامج حزب السادات المطلوب تأسيسه وهي أن هذا الحزب يعد أول حزب يطالب باستعادة واحة جغبوب إلى أرض الوطن ويرى من وجهة نظره أنها تعد سببا لتميز برنامج الحزب المذكور وقد رأت لجنة شئون الأحزاب السياسية في ردها على هذه النقطة أن هذا الطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ومن ثم لا تثريب على المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - إن هي اقتنعت برد لجنة شئون الأحزاب وارتأت في نطاق سلطتها التقديرية أن هذه الجزئية لا تصلح أن تكون عنصرا مميزا لبرنامج الحزب المذكور وقررت أن هذا الطلب يتعارض مع توجهات الحزب ذاته من مطالبته بتضامن عربي ووحدة بين الدول المتجاورة وأنه لا يصح أن يكون ذلك منهجا حزبيا لما فيه من إثارة على الساحة السياسية ومن ثم فإن ما اعتنقه الحكم المطعون فيه إنما هو وليد اقتناعها وفي إطار سلطتها التقديرية ومن منطلق ولايتها القضائية ولا معقب عليها في هذا الشأن ويكون ما أورده الطاعن في هذا الشأن هو مما يدخل في باب الاجتهاد والتقدير وليس فيه ما ينحدر بالحكم إلى حمأة الانعدام وأن غاية ما يهدف إليه الطاعن من إثارة هذه الجزئية هو إعادة طرح طعنه في قرار لجنة شئون الأحزاب وإعادة مناقشة ما قضى به الحكم الطعين في شأنه بدعوى البطلان الماثلة وهو أمر غير جائز متعين الرفض.

ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب دعوى البطلان الأصلية - الماثلة - المتمثل في أن الحكم المطعون فيه لم يورد دفاعا جوهريا للطاعن ولم يرد عليه مما يعد إهدارا للعدالة ينحدر بالحكم الطعين إلى هاوية الانعدام وهو ما أوجزه الطاعن من بطلان لجنة شئون الأحزاب لبطلان تمثيل الحزب الوطني فيها والذي لم يتم ظهوره بشكل شرعي فإن هذا النعي رغم كونه غير سديد ولا يصلح سندا ترتكز عليه دعوى البطلان الأصلية الماثلة فمردود أولا بأنه ليس صحيحا ما أثاره الطاعن من تمثيل الحزب الوطني داخل لجنة شئون الأحزاب فالمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980 و114 لسنة 1983 تنص على أنه "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي:
1- رئيس مجلس الشورى رئيسا 2- وزير العدل 3- وزير الداخلية
4- وزير الدولة لشئون مجلس الشعب.
5- ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية أعضاء ........"

أي أن المشرع اعتمد في تشكيل لجنة شئون الأحزاب بالنسبة للرئيس والأعضاء من الثاني حتى الرابع بالمنصب الوظيفي وليس بالانتماء الحزبي ومن ثم فالوزراء - المشار إليهم - ممثلون في اللجنة بحكم وظيفتهم أيا كان انتماؤهم الحزبي ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس وأعضاء لجنة شئون الأحزاب المذكورين إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين على أي منهم التنحي عن صفته الحزبية عند الانضمام إلى هذه اللجنة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلا عنه بدليل وضعه لهذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم وهذا مما يدخل في باب الجدل والخلاف القانوني مما لا يصلح سندا لدعوى البطلان الأصلية.

ومن حيث إنه يضاف إلى ما تقدم للرد على ما أثاره الطاعن أن لجنة شئون الأحزاب السياسية بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي هي لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قرارا إداريا شكلا وموضوعا وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام هذه المحكمة ومن ثم لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في الحكم فضلا عن أنه لهذه المحكمة التحقق من الأسباب التي استندت إليها هذه اللجنة في الاعتراض على تأسيس الحزب.

ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب السياسية - محل دعوى البطلان الأصلية - قد صدر صحيحا ومطابقا للأوضاع والإجراءات الشكلية الجوهرية والموضوعية المنصوص عليها قانونا ولم يعتوره أي سبب يفقده صفته كحكم أو يفقده أحد أركانه الأساسية كحكم قضائي صادر من قمة محاكم مجلس الدولة ومن ثم لا يكون ثمة وجه للطعن ببطلان الحكم الصادر بجلسة 6/ 2/ 1999 في الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا ويكون الطعن عليه بالبطلان على غير أساس سليم من القانون خليقا بالرفض.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
برفض الطعن يبطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 2583 لسنة 42ق. عليا وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2846 لسنة 46 ق جلسة 8 / 5 / 2003 إدارية عليا مكتب فني 48 توحيد مبادئ ق 1 ص 7

جلسة 8 من مايو سنة 2003
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد مسلم، وجودة عبد المقصود فرحات، وعادل محمود زكي فرغلي، وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي، ود. فاروق عبد البر السيد إبراهيم، وعلي فكري حسن صالح، والسيد محمد السيد الطحان، وغبريال جاد عبد الملاك، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، ويحيى أحمد عبد المجيد مصطفى. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

------------------

(1)

الطعن 2846 لسنة 46 ق " توحيد مبادئ"

هيئة الشرطة - شئون ضباط - إعادة تعيين الضابط المستقيل - وجوب عرض طلب إعادة التعيين على المجلس الأعلى للشرطة.

شكل المشرع المجلس الأعلى للشرطة بوزارة الداخلية لمعاونة الوزير وأسند إليه النظر في كافة شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين بالقانون وجعل قراراته نافذة باعتماد الوزير واعتبرها معتمدة بمضي خمسة عشر يوما على رفعها للوزير وأجاز للوزير الاعتراض على قرارات المجلس مع إلزامه بأن يكون اعتراضه مكتوبا ومسببا وخول المجلس في تلك الحالة الإصرار على رأيه مع اعتبار قرار الوزير في تلك الحالة نهائيا، وأوجب في غير حالات التعيين بوظائف مساعد أول ومساعد وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة عرض التعيين على المجلس الأعلى للشرطة لأخذ رأيه - مؤدى ذلك - أن العرض على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه يعد مسألة جوهرية يؤدي تخلفها إلى بطلان القرار الإداري الصادر من وزير الداخلية دون أخذ رأي المجلس إن كان العرض عليه واجبا كما هو الحال في شئون أعضاء هيئة الشرطة بصفة عامة والتعيين بها بصفة خاصة - خولت المادة 11 من قانون هيئة الشرطة الضابط المستقيل المقدر كفاءته بتقدير جيد على الأقل في السنتين الأخيرتين من خدمته حقا في طلب إعادة تعيينه خلال سنة من الاستقالة وجعلته في مركز قانوني خاص بالنسبة للوظيفة من شأنه ثبوت الحق في طلب إعادة التعيين إن توافرت شروط المادة سواء من ناحية تقدير الكفاءة أو ميعاد التقدم بالطلب - أثر ذلك - يندرج طلب إعادة التعيين في مفهوم شئون أعضاء هيئة الشرطة التي يختص المجلس الأعلى للشرطة بنظرها بصفة عامة - كما أن هذا المركز الخاص يستوجب إخضاع إعادة التعيين المتوافرة في شأنه عناصر هذا المركز لأحكام التعيين وبالتالي يتعين أن تعمل في شأنه كافة الضمانات المقررة لهيئة الشرطة وللمنتسبين إليها ومن بينها العرض على المجلس الأعلى للشرطة لإبداء رأيه - تطبيق.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق المودعة ملف الطعن - في أن المطعون ضده أقام في 11/ 11/ 1996 الدعوى رقم 1130 لسنة 51ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالباً الحكم – وفقاً للتكييف الذي أسبغته المحكمة على طلباته – بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الداخلية برفض إعادة تعيينه في وظيفته السابقة برتبة رائد مع التعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا القرار وأوضح المطعون ضده في صحيفة دعواه المشار إليها أنه تخرج في أكاديمية الشرطة عام 1983 وعين بمديرية أمن بني سويف ورشح عام 1985 للعمل بالمباحث الجنائية وقدرت كفاءته في كل تقاريره بمرتبة ممتاز وأنه قدم استقالته وصدر قرار وزير الداخلية رقم 891 المؤرخ 7/ 7/ 1995 بقبولها وفي 16/ 7/ 1996 طلب إعادة تعيينه إعمالاً للقواعد التي تجيز ذلك خلال سنة من تاريخ الاستقالة إلا أن الإدارة لم تتخذ أي إجراء في شأنه الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فيها انتهى إلى قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.

وجرى تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة على الوجه المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 20/ 12/ 1999 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وإلغاء قرار وزير الداخلية برفض إعادة تعيينه خلال سنة من تاريخ الاستقالة وأن المادة 8 من ذات القانون توجب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة عند إصدار قرار التعيين وذلك فيما عدا مساعدو أول ومساعدو وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم الذين يعينون بقرار من رئيس الجمهورية وأن المحكمة الإدارية قررت في الطعن رقم 3117 لسنة 41 بجلسة 8/ 12/ 1998 أن إعادة التعيين تأخذ حكم التعيين في كل ما يتصل به من أحكام وإجراءات. ولما لم يلق هذا القضاء قبولاً من الطاعن بصفته فقد أقام الطعن رقم 2846 لسنة 46ق. عليا ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الواردة بالتقرير وحاصلها أن المادة 11 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 أجازت إعادة تعيين ضابط الشرطة المستقيل ولم توجبه وأن امتناع الإدارة عن إصدار قرار إعادة التعيين لا يمثل قراراً سلبياً لأن مثل هذا القرار لا يوجد إلا إذا ألزم المشرع الإدارة باتخاذ إجراء معين وامتنعت عن اتخاذه وأن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية في إعادة التعيين، وأن عدم العرض على المجلس الأعلى للشرطة لا يؤدي إلى البطلان لأن إعادة التعيين من الأمور التي يختص بها وزير الداخلية ولم يلزمه المشرع بعرضه على المجلس الأعلى للشرطة كما قرر بالنسبة إلى التعيين وأن دور المجلس الأعلى للشرطة يقتصر على إبداء رأي غير ملزم للوزير، وأن المشرع لم يرتب البطلان بنص صريح على عدم العرض على المجلس، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوعه انتهى إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً لأسباب حاصلها أن المشرع أجاز إعادة تعيين الضابط المستقيل خلال سنة من تاريخ الاستقالة وأن سلطة الإدارة التقديرية في إعادة التعيين مقيدة بالضمانات المقررة بالقانون وأخصها العرض على المجلس الأعلى للشرطة وأن القرار الصادر برفض إعادة التعيين دون العرض على المجلس يفتقد – بناء على ذلك – إجراءً جوهرياً الأمر الذي يصمه بالبطلان.

ومن حيث إن الطعن نظر أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة السابعة) على الوجه المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 1/ 8/ 2001 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 30/ 9/ 2001 وقد نظرت الدائرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 6/ 5/ 2001 قررت إحالته إلى دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للأسباب المبينة بمحضر الجلسة وحاصلها أن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا قضت بجلسة 8/ 12/ 1998 في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق بأن إعادة التعيين تأخذ حكم التعيين في كل ما يتعلق به من شروط وإجراءات فإذ استوجبت المادة الثامنة من قانون هيئة الشرطة في التعيين أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة في غير وظائف مساعدي الوزير ورؤساء القطاعات فإنه يتعين تطبيق ذات الإجراءات على حالات إعادة التعيين وأنه إذا كان مقبولاً سحب أحكام التعيين على حالات إعادة التعيين عندما يقرر وزير الداخلية إعادة الضابط فعلاً إلى وظيفته بحسبانها ضمانة مقررة لصالح الهيئة التي ينتمي إليها الضابط وهي هيئة الشرطة فإن هذا الحكم لا ينسحب على الحالات التي يرى فيها وزير الداخلية رفض طلب إعادة التعيين لأن الرفض لا يثير مسألة التعيين أو إعادة التعيين لأن هذه الضمانة ليست مقررة لصالح من يطلب إعادة التعيين ولأن مجرد تقدمه بالطلب لا يكسبه أي مركز قانوني ولا أي حق تجاه هيئة الشرطة بعد انفصام العلاقة الوظيفية بينه وبينها الأمر الذي يقتضي العدول عن الحكم المشار إليه.

ومن حيث إن المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أنه (إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها إحالة الطعن إلى دائرة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه). وكان مناط إعمال هذا النص تعارض الأحكام أو العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة وكانت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) قد ذهبت في حكمها الصادر بجلسة 8/ 12/ 1998 في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا إلى وجوب عرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط الذي قدرت كفاءته بمرتبة جيد في السنتين الأخيرتين على المجلس الأعلى للشرطة وكانت الدائرة السابعة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا قد رأت العدول عن هذا المبدأ للأسباب السالف ذكرها فإن إحالة الطعن إلى هذه الدائرة يكون سليماً ومطابقاً للقانون.

ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في مدى وجوب عرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط على المجلس الأعلى للشرطة.

ومن حيث إن قانون هيئة الشرطة ينص في المادة الرابعة على أن (يشكل بوزارة الداخلية مجلس أعلى للشرطة برئاسة أقدم مساعدي وزير الداخلية). وينص في المادة الخامسة على أن (يعاون المجلس الأعلى للشرطة وزير الداخلية في رسم السياسة العامة للوزارة. ويختص بالنظر في شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين في هذا القانون ….. وتكون قرارات المجلس نافذة من تاريخ اعتمادها من الوزير وتعتبر معتمدة قانوناً بمرور خمسة عشر يوماً على رفعها إليه دون أن يعترض عليها كتابة اعتراضاً مسبباً …… فإذا أعترض الوزير عليها كلها أو بعضها كتابة أعاد ما أعترض عليه منها إلى المجلس لإعادة النظر فيه خلال مدة يحددها فإذا أصر المجلس على رأيه أصدر الوزير قراره في الموضوع ويكون هذا القرار نهائياً). وينص القانون في المادة الثامنة على أن (يعين مساعد أول ومساعد وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة بقرار من رئيس الجمهورية ….. ويكون التعيين في غير ذلك من وظائف هيئة الشرطة بقرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة). وينص في المادة الحادية عشرة على أن (الضابط الذي نقل من هيئة الشرطة أو استقال من الخدمة يجوز إعادة تعيينه بها إذا كان التقريران السنويان الأخيران المقدمان عنه في وظيفته السابقة بتقدير جيد على الأقل ويشترط لإعادة تعيينه ألا يكون قد مضى على نقله أو استقالته مدة تزيد على سنة ميلادية ويوضع في أقدميته السابقة).

ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع شكل المجلس الأعلى للشرطة بوزارة الداخلية لمعاونة الوزير وأسند إليه النظر في كافة شئون أعضاء هيئة الشرطة على الوجه المبين بالقانون وجعل قراراته نافذة باعتماد الوزير واعتبرها معتمدة بمضي خمسة عشر يوماً على رفعها للوزير وأجاز للوزير الاعتراض على قرارات المجلس مع إلزامه بأن يكون اعتراضه مكتوباً ومسبباً وخول المجلس في تلك الحالة الإصرار على رأيه مع اعتبار قرار الوزير في تلك الحالة نهائياً وأوجب في غير حالات التعيين بوظائف مساعد أول ومساعد وزير الداخلية ورؤساء القطاعات ونوابهم ورؤساء المصالح والإدارات العامة عرض التعيين على المجلس الأعلى للشرطة لأخذ رأيه وبناء على ذلك فإن العرض على المجلس الأعلى للشرطة وأخذ رأيه يعد مسألة جوهرية يؤدي تخلفها إلى بطلان القرار الإداري الصادر من وزير الداخلية دون أخذ رأي المجلس إن كان العرض عليه واجباً كما هو الحال في شئون أعضاء هيئة الشرطة بصفة عامة والتعيين بها بصفة خاصة.

ومن حيث إنه وقد خولت المادة 11 من قانون هيئة الشرطة الضابط المستقيل المقدر كفاءته بتقدير جيد على الأقل في السنتين الأخيرتين من خدمته حقاً في طلب إعادة تعيينه خلال سنة من الاستقالة فإنها بذلك تكون قد جعلته في مركز قانوني خاص بالنسبة للوظيفة من شأنه ثبوت الحق في طلب إعادة التعيين إن توافرت شروط المادة سواء من ناحية تقدير الكفاءة أو ميعاد التقدم بالطلب وبالتالي يندرج طلبه إعادة التعيين في مفهوم شئون أعضاء هيئة الشرطة التي يختص المجلس الأعلى للشرطة بنظرها بصفة عامة كما أن هذا المركز الخاص يستوجب إخضاع إعادة التعيين المتوافر في شأنه عناصر هذا المركز لأحكام التعيين وبالتالي يتعين أن تعمل في شأنه كافة الضمانات المقررة لهيئة الشرطة وللمنتسبين إليها ومن بينها العرض على المجلس الأعلى للشرطة لإبداء رأيه.

ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما أستند إليه تقرير الطعن من أسباب ذلك لأنه إذا كانت المادة 11 من قانون هيئة الشرطة قد أجازت إعادة تعيين الضابط المستقيل فإنها أوجبت نظر ذات الطلب إن توافرت شروط المادة من ناحية تقارير الكفاية والتقدم بالطلب خلال عام من الاستقالة وإذا كان الامتناع عن إعادة التعيين لا يمثل قرارا سلبيا فإن الامتناع عن عرض طلب إعادة تعيين المستقيل الذي توافرت شروط المادة في شأنه على المجلس الأعلى للشرطة هو الذي يشكل قراراً سلبياً لوجوب هذا العرض باعتباره ضمانة سنها المشرع واستهدفها بتشكيل المجلس وتحديد اختصاصاته على الوجه سالف الذكر، ولأن تمتع الإدارة بسلطة تقديرية في إعادة التعيين لا يبرر التنصل من إجراءاته وضماناته ولأن البطلان كما يتقرر بالنص فإنه يترتب تلقائياً على إغفال الإجراءات الجوهرية ومن بينها تلك التي يقررها المشرع كضمانة لأصحاب المراكز القانونية ولأن إعادة التعيين يقبل قطعاً القياس على التعيين لاتحادهما في العلة فيما يتعلق بأخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة ولأن رأي المجلس الأعلى يدخل عنصراً في قرار إعادة التعيين رغم عدم التزام الوزير به لأن الوزير ملزم عند الاعتراض على رأي المجلس أن يكون اعتراضه مكتوباً ومسبباً وذلك إجراء من شأنه أن يحد من السلطة التقديرية التي لا يصح وصفها في أي موضع أو مقام بالإطلاق لأنها تتقيد دوماً بالصالح العام والضمانات التي يقررها القانون لأصحاب الحقوق المستمدة من المراكز القانونية المشروعة.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فإنه لا يكون هناك محل للعدول عن المبدأ الذي قررته المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) في الطعن رقم 3117 لسنة 41ق. عليا بجلسة 8/ 12/ 1998 بوجوب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة قبل البت في طلب إعادة تعيين الضابط المستقيل المقدر كفاءته بجيد في السنتين الأخيرتين والمقدم خلال سنة من الاستقالة.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بالتزام وزير الداخلية بعرض طلب إعادة التعيين المقدم خلال سنة من تاريخ استقالة الضابط المقدر كفاءته بجيد في السنتين الأخيرتين من خدمته على المجلس الأعلى للشرطة لأخذ رأيه وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة السابعة لتحكم فيه على هذا الأساس.

الأحد، 26 يونيو 2022

الطعن 2081 لسنة 43 ق جلسة 4 / 3 / 2004 إدارية عليا مكتب فني 49 توحيد مبادئ ق 1 ص 11

جلسة 4 من مارس سنة 2004 
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أحمد الحسيني عبد المجيد مسلم, وجودة عبد المقصود فرحات, وعادل محمود زكي فرغلي, وإسماعيل صديق محمد راشد, وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي, ومنصور حسن علي غربي, وأبو بكر محمد رضوان سليمان, وغبريال جاد عبد الملاك, ود. حمدي محمد أمين الوكيل, ويحيى أحمد عبد المجيد مصطفى. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

------------------

(1)

الطعن 2081 لسنة 43 ق " توحيد مبادئ"

مؤسسة مصر للطيران. لائحة جزاءات العاملين. تحديد السلطة المختصة بتوقيع جزاء الخفض إلى الدرجة الوظيفية الأدنى، حكمه.
المواد (1)، (2)، (3) من القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران.
المادتان (23)، (25) من قرار رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران رقم 600 لسنة 1993 بلائحة الجزاءات وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين بالمؤسسة.
المواد (82)، (83)، (84) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.

-------------------

أحكام لائحة الجزاءات وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين بمؤسسة مصر للطيران جاءت على نحو يخالف ما ورد بأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978, فعلى حين خولت اللائحة المذكورة رئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في المادة 23 من تلك اللائحة - ومنها جزاء الخفض في الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة - فإنه على خلاف ذلك فإن القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه لم يمنح سلطة الخفض للدرجة الأدنى لشاغلي وظائف الإدارة العليا, بل قصرها على مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوقها - هذا النص فيه إخلال بالضمانات التي قررها المشرع للعاملين بالقطاع العام من ناحية شخص المختص بتوقيع الجزاء, وذلك بمنح اللائحة تلك السلطة إلى سلطة أقل من المقررة بالقانون رقم 48 لسنة 1978, كما أنه يخل - أيضا - بالضمانات المقررة للعاملين بالمؤسسة من ناحية أخرى وذلك بالنسبة للجهة التي يقدم إليها التظلم من قبل هذا الجزاء فعلى حين حددها المشرع بالقانون 48 لسنة 1978 بالمحكمة التأديبية, فإن اللائحة جعلتها لذات السلطة التي أصدرت القرار أو السلطة الرئاسية أي لرئيس القطاع أو المدير العام أو رئاسته وهما بطبيعة الحال سلطة أقل من المحكمة التأديبية, وفي هذا انتقاص من ضمانات جوهرية للعاملين, بما يؤثر في ذلك النص ويصمه بعدم المشروعية ويكون واجب الاستبعاد - لا يغير مما تقدم أن تكون لائحة الجزاءات للعاملين بمؤسسة مصر للطيران قد صدرت استنادا إلى نص المادة (3) من القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران والذي خول مجلس إدارة المؤسسة وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها دون التقيد بالقواعد والنظم المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام, ذلك أن الثابت أن البند (هـ) من ذات المادة استلزم مراعاة أن تسري على العاملين القواعد والنظم الحالية ما لم تكفل لهم اللوائح وضعا أفضل, أي أنه لا يجوز للائحة أن تأتي بنص يهدر ضمانة مقررة للعاملين, فضلا عما تقدم فإنه لا يجوز للوائح التنفيذية التي تصدرها السلطة التنفيذية والتي تتضمن الأحكام التفصيلية والتكميلية اللازمة لتنفيذ القانون أن تعطل أحكامه أو تتناولها بالتعديل أو بالاستثناء, وينبغي على الجهة التي تصدر اللوائح أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات سواء ما ورد منها في الدستور أو في قانون نظام العاملين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام. كما أن تخويل القانون لجهة معينة إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون بالنسبة لباقي العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره تفويضا تشريعيا, إذ من المسلم به أن لكل من القانون واللوائح التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله وفقا لأحكام الدستور - تطبيق.

---------------

الوقائع

بتاريخ 25/2/1997 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلا عن رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران، تقرير الطعن الماثل ضد المطعون ضدهما، وذلك في حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها الصادر في الطعن رقم 222 لسنة 30 ق بجلسة 29/12/1996 والقاضي "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 686 لسنة 1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين (المطعون ضدهما حالياً) بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة مع ما يترتب على ذلك من آثار".

وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 686 لسنة 1994 ورفض طعن المطعون ضدهما مع إلزامهما بالمصروفات.

وتم إعلان الطعن إدارياً إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 16/3/1997 وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 686 لسنة 1994 ورفض دعوى الطعن التأديبي رقم 222 لسنة 30 ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون الخامسة بالمحكمة التي قررت بجلسة 9/11/2001 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة – موضوع) وحددت لنظره جلسة 11/3/2001.

وتم تداول الطعن أمام دائرة الموضوع بالمحكمة التي قررت بجلسة 30/12/2001 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها في المادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لوجود تعارض بين الأحكام السابقة الصادرة من المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام 4629 لسنة 43 و4086 لسنة 43 ق بجلسة 25/9/2001 والطعن رقم 1099 لسنة 38 ق بجلسة 10/1/1999 التي خلصت جميعها إلى جواز تحديد لائحة الجزاءات لمؤسسة مصر للطيران السلطات التأديبية المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية والنصاب القانوني للجزاءات التي تقررها في ضوء اختصاصها بالمخالفة لنص المادة (84) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام ودون المساس بالاختصاص المقرر للمحكمة التأديبية، وبين الأحكام الصادرة في الطعن رقم 330 لسنة 37 ق بجلسة 2/5/1999 (خاص ببنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة الدقهلية) والطعن رقم 3763 لسنة 42 ق بجلسة 30/5/1999 (خاص بالجمعية التعاونية للبترول) والطعن رقم 3193 لسنة 43 ق (خاص بشركة الشرق للتأمين) والتي خلصت جميعها إلى أن المشرع حدد في المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 الجهات المختصة بتوقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بالقطاع العام ولا يجوز للوائح الجزاءات الصادرة من الجهات المشار إليها أن تضع نصاً يحدد الاختصاص بتوقيع الجزاءات على نحو يخالف التنظيم الوارد بالمادة (84) من القانون المذكور.

وقد أحيل الطعن إلى هذه الدائرة وجرى إعداد تقرير من هيئة مفوضي الدولة فيه انتهى إلى تأييد ما قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام: 330 لسنة 37 ق. ع، 3763 لسنة 42 ق. ع و3193 لسنة 43 ق.ع و7349 لسنة 44 ق.ع من أنه لا يجوز للوائح الجزاءات أن تضع نصاً يحدد الاختصاص بتوقيع الجزاءات على نحو يخالف التنظيم الوارد بالمادة (84) من القانون رقم 148 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام.

وجرى تداول الطعن أمام هذه الدائرة (دائرة توحيد المبادئ) على النحو الموضح بمحاضر الجلسات التي قررت بجلسة 4/7/2002 التأجيل لإخطار المؤسسة الطاعنة وتصحيح شكل الدعوى (الطعن) واستمر التأجيل لذات السبب حتى تم تصحيح شكل الطعن بمعرفة شركة مصر للطيران للصيانة والأعمال الفنية بموجب صحيفة تصحيح أعلنت إدارياً إلى المطعون ضدهما الأول في 23/9/2003، والثاني في 23/8/2003، واستمر تداول الطعن حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 16/7/1994 أقام المطعون ضدهما الطعن التأديبي رقم 222 لسنة 30 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها طالبين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الأمر التنفيذي رقم 686 لسنة 1994 بتاريخ 27/6/1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد استند المطعون ضدهما ضمن ما استند إليه إلى أن الجزاء الصادر به الأمر التنفيذي سالف الذكر صدر مشوباً بمخالفة القانون واغتصاب السلطة إذ صدر من رئيس قطاع الشئون الفنية وكان يتعين أن يصدر من مجلس الإدارة طبقاً للمادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام.

وبجلسة 29/12/1996 صدر حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها في الطعن سالف الذكر قاضياً بإلغاء القرار رقم 686 لسنة 1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنين (المطعون ضدهما) بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، وأقام قضاءه على أساس أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر على أن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التي ناط بها المشرع هذا الاختصاص في الشكل الذي حدده لما في ذلك من ضمانات قدر أنها لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع، وترتيباً على ذلك فإن قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 قد حدد السلطات التأديبية التي تملك توقيع الجزاءات على العاملين على سبيل الحصر ولم يخول هذه السلطات التفويض في اختصاصها كما كان الشأن في القانون رقم 61 لسنة 1971 فمن ثم لا يجوز للسلطات التأديبية أن تنزل عن هذا الاختصاص أو أن تفوض فيه تحقيقاً للضمانات التي توخاها المشرع باعتبار أن شخص الرئيس المنوط به توقيع الجزاء محل اعتبار.

وأضاف الحكم التأديبي سالف الذكر أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين (المطعون ضدهما حالياً) يشغلان وظيفة من الدرجة الأولى ومن ثم تكون السلطة المختصة بتوقيع الجزاء عليهما هي مجلس إدارة الشركة، وإذ كان الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 686 لسنة 1994 صدر من مدير عام الإدارة العامة لشئون الأفراد ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من سلطة غير مختصة بإصداره ويكون باطلاً جديراً بالإلغاء.

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن مؤسسة مصر للطيران خصها المشرع بقانون خاص هو القانون رقم 116 لسنة 1975 والذي ناطت المادة الثانية منه بمجلس إدارة المؤسسة (أ) إصدار اللوائح بتنظيم أعمال المؤسسة وإدارتها ..... (ب) وضع اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالمؤسسة. كما أن المادة الثالثة من ذات القانون نصت على حق المؤسسة في وضع اللوائح المنصوص عليها بالبند (ب) من المادة (2) دون التقيد بالقواعد والنظم المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام.

وإنه نفاذاً لما تقدم أصدرت المؤسسة لائحة الجزاءات للعاملين بها بالقرار رقم 600 لسنة 1993 والتي تضمنت الفقرة الرابعة من المادة (5) منها أنه "لرئيس القطاع أو مدير الإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة 23 من هذه اللائحة على جميع العاملين في القطاع أو الإدارة التي يرأسها كل منهم عدا شاغلي وظائف الإدارة العليا".

وأورى الطعن أن قرار الجزاء صدر في حدود الاختصاص المقرر باللائحة وأن مصدره هو رئيس قطاع الشئون الفنية التابع له المطعون ضدهما وليس المدير العام لشئون الأفراد كما جاء بالحكم المطعون فيه وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر.

ومن حيث إن المادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 78 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أن:

"إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة يخالف بعضها البعض أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العامة لتلك المحكمة في كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه ...... وتصدر الهيئة المذكورة أحكامها بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل".

ومن حيث إن الدائرة الخامسة بالمحكمة أحالت الطعن الماثل إلى هذه الدائرة لوجود أحكام سابقة من بعض دوائر المحكمة يعارض بعضها البعض على النحو الموضح بقرار الإحالة ومن ثم فإنه في نطاق الحالة المعروضة يتعين ترجيح أي الأحكام هو المطابق للقانون أولا: استعراض النصوص القانونية التي يثور حولها النزاع وأخصها النصوص الخاصة بمؤسسة مصر للطيران، ثم أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام.

ومن حيث إن القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران ينص في المادة (1) على أن "مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران هو السلطة المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسة التي تسير عليها في إطار الخطة العامة للدولة، ويكون مجلس الإدارة مسئولاً عن تنفيذ السياسة في مجال النقل الجوي لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله المؤسسة والأهداف المحددة لها، وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المعمول بها في الحكومة والقطاع العام".

وتنص المادة (2) من ذات القانون على أن: "يتولى مجلس إدارة المؤسسة وضع النظم واللوائح التي تتفق مع طبيعة نشاط النقل الجوي وبما يسمح لها بالمنافسة مع الشركات العالمية.
وللمجلس – في سبيل ذلك – على الأخص ما يأتي:
أ- إصدار اللوائح المتعلقة بتنظيم أعمال المؤسسة وإدارتها ونظام حساباتها وشئونها الإدارية والمالية وما تبرمه من عقود.
ب- وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بالمؤسسة في الداخل والخارج وبأفراد أطقم النيابة والضيافة الجوية وتحديد مرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والحوافز والبدلات الخاصة وفئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج".
كما ناطت المادة (3) من ذات القانون بمجلس إدارة المؤسسة سلطة "وضع اللوائح المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (2) دون التقيد بالقواعد والنظم المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام، وذلك مع عدم الإخلال بسلطة المحكمة التأديبية وبمراعاة القواعد الآتية:...... (هـ) تسري على العاملين القواعد والنظم الحالية ما لم تكفل لهم اللوائح وضعاً أفضل (و) .......
وتعتمد هذه اللوائح بقرار من وزير الطيران المدني".

وإعمالاً للأحكام السابقة أصدر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مصر للطيران القرار رقم 600 لسنة 1993 بلائحة الجزاءات وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين بالمؤسسة بعد إقرارها من مجلس الإدارة في 28/9/1993 واعتمادها من الوزير بتاريخ 13/10/1993 ونصت المادة (23) منها على أن:
"الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين من غير شاغلي الوظائف العليا هي:
1- الإنذار.
2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة الدورية لمدة لا تزيد على سنة.
ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذاً لهذا الجزاء ربع الأجر شهرياً بعد الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانوناً.
3- الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة.
4- الحرمان من نصف العلاوة الدورية.
5- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
6- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين.

7- خفض الأجر في حدود علاوة.
8- خفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
9- خفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية.
10- الإحالة إلى المعاش.
11- الفصل من الخدمة".

وتنص المادة (25) من ذات اللائحة على أنه: "يكون الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية على الوجه الآتي: 1- ......، 2- ......، 3- ......، 4- لرئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) من هذه اللائحة على جميع العاملين في القطاع أو الإدارة العامة التي يرأسها كل منهم فيما عدا شاغلي وظائف الإدارة العليا"، وتنص المادة (26) من ذات اللائحة على أن "يكون التظلم من قرار الجزاء الصادر من الوزير أو من رئيس مجلس الإدارة إلى السلطة التي أصدرته أو السلطة الرئاسية له.
ويكون التظلم من باقي قرارات الجزاءات إلى السلطة التي أصدرت القرار أو السلطة الرئاسية لها ......".

ومن حيث إنه بالرجوع إلى أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 فإن المادة (82) منه تنص على ما يلي:
"الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي:
1- الإنذار. 2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر. 3- الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة، ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذاً لهذا الجزاء ربع الأجر شهرياً بعد الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانوناً. 4- الحرمان من نصف العلاوة الدورية. 5- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر. 6- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتين. 7- خفض الأجر في حدود علاوة. 8- الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة. 9- الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية. 10- الإحالة إلى المعاش. 11- الفصل من الخدمة".
أما بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا الواردة بجدول توصيف وتقييم الوظائف المعتمدة من مجلس الإدارة فلا يوقع عليه إلا الجزاءات التالية:
1- التنبيه. 2- اللوم. 3- الإحالة إلى المعاش. 4- الفصل من الخدمة.

ونصت المادة (83) من ذات القانون على أن: "يضع مجلس الإدارة لائحة تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها وإجراءات التحقيق والجهة المختصة بالتحقيق مع العاملين مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والقوانين المعدلة له ...".

كما نصت المادة (84) من القانون المذكور على أن:

"يكون الاختصاص في توقيع الجزاءات التأديبية كما يلي:

1- لشاغلي الوظائف العليا كلٌ في حدود اختصاصاته توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة بحيث لا تزيد مدته في المرة الواحدة عن خمسة عشر يوماً. ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى رئيس مجلس الإدارة وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.

2- لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثالثة فما دونها توقيع أي من الجزاءات التأديبية الواردة في البنود من 1-8 من الفقرة الأولى من المادة 82 ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى رئيس مجلس إدارة الشركة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.

وتُعرض التظلمات من الجزاءات الموقعة من رئيس مجلس الإدارة على لجنة ثلاثية يشكلها مجلس الإدارة للنظر في هذه التظلمات ويكون من بين أعضائها عضو تختاره اللجنة النقابية.

3- للمحكمة التأديبية بالنسبة للجزاءات الواردة في البنود من 9-11 من المادة (82) ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا.

4- لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة (82) من هذا القانون.

ويكون التظلم من هذه الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه.

5- لرئيس الجمعية العمومية للشركة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة توقيع أحد جزائي التنبيه أو اللوم وله توقيع أي من الجزاءات الواردة في البنود من 1-8 على أعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية فيما عدا جزاء الوقف فيكون بناءً على حكم من السلطة القضائية المختصة.

ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالجزاء الموقع عليه. وفي جميع الأحوال السابقة الواردة في البنود من 1-4 من هذه المادة تكون القرارات الصادرة بالبت في التظلم وكذلك أحكام المحاكم نهائية.

6- للمحكمة التأديبية المختصة بالنسبة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة.

ويكون التظلم من توقيع هذه الجزاءات أمام المحكمة الإدارية العليا خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان العامل بالحكم".

ومن حيث إنه يبين من استعراض النصوص المتقدمة لأحكام لائحة الجزاءات وإجراءات التحقيق والتأديب للعاملين بمؤسسة مصر للطيران الصادرة إعمالاً لأحكام القانون رقم 116 لسنة 1975 المشار إليه، وأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، أن أحكام تلك اللائحة بشأن الحالة المعروضة قد جاءت على نحو يخالف ما ورد بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 فعلى حين خولت اللائحة المذكورة رئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) من تلك اللائحة ومنها جزاء الخفض في الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، فإنه على خلاف ذلك فإن القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه لم يمنح سلطة الخفض للدرجة الأدنى لشاغلي وظائف الإدارة العليا، بل قصرها على مجلس الإدارة بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوقها، ومن هنا جاء الاختلاف والتعارض في الأحكام؛ فبعضها أقر بما تضمنته أحكام اللوائح المماثلة في هذا الشأن في حين لم تساير ذلك بعض الأحكام الأخرى وانتهت إلى عدم مشروعية تلك الأحكام، ولحسم هذا الخلاف فقد أحيل الطعن الماثل إلى هذه الدائرة لتأييد أي الاتجاهين، مع ملاحظة أن سلطة لوائح الجزاء في وضع أحكام تخالف ما هو مقرر للمحكمة التأديبية بموجب القانون رقم 48 لسنة 1978 قد حسم بحكم هذه الدائرة الصادر بجلسة 18/1/2001 في الطعنين 1368/1430 لسنة 34ق بعدم جواز ذلك، ومن ثم ينحصر النزاع فيما عدا ذلك.

ومن حيث إن المادة (84) من قانون العاملين بالقطاع العام السابق إيرادها، وكما ورد في المذكرة الإيضاحية لذلك القانون، قد أوضحت حدود الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية تدرجاً من شاغلي الوظائف العليا حتى رئيس الجمعية العمومية للشركة وكذلك حدود اختصاص المحكمة التأديبية في هذا الشأن، وأن هذا الإيضاح قد جاء على سبيل البيان المحدد لكل سلطة في توقيع أنواع محددة من الجزاءات علواً بحسب تدرج العاملين الذين يوقع عليهم هذا الجزاء في السلم الوظيفي، وأن المشرع بما أورده صراحةً بالنص في المادة (84) فقرة (4) على أن مجلس الإدارة هو الذي يختص بتوقيع أي من الجزاءات الواردة في المادة (82) من هذا القانون على شاغلي وظائف الدرجة الثانية فما فوقها – عدا أعضاء مجلس الإدارة المعينين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية – قد قصد إلى تخصيص العام الوارد في الفقرة الأدنى من هذه المادة والذي يجعل لشاغلي الوظائف العليا توقيع جزاء الإنذار أو الخصم من المرتب بما لا يجاوز ثلاثين يوماً في السنة بما يفيد أن أخرج شاغلي وظائف الدرجة الثانية وما فوقها من الاختصاص العام المقرر لشاغلي الوظائف العليا وجعل الاختصاص بتوقيع الجزاءات الواردة في المادة (82) من القانون رقم 48 لسنة 1978 على أي منهم لمجلس إدارة الشركة وجعل التظلم من توقيع هذه الجزاءات إلى المحكمة التأديبية، وذلك بما يتفق مع المنهج الذي سار عليه المشرع من التدرج في أنواع الجزاءات، وضمان توقيعها بمعرفة المفوض في توقيعها بما يضمن تحقيق الانضباط وحسن سير العمل، وما يكفل رعاية أكثر العاملين ...... ويؤيد ذلك أن المشرع قد نص في الفقرة الأولى من المادة المذكورة على أن يكون التظلم من توقيع الجزاءات الموقعة من شاغلي الوظائف العليا أمام رئيس مجلس الإدارة بما مفاده أن شاغلي وظائف الإدارة العليا المنوه بهم في الفقرة الأولى من المادة المذكورة هم أدنى درجة من رئيس مجلس الإدارة ومن ثم يسوغ التظلم من قرارات الجزاءات الصادرة منهم إلى رئيس مجلس الإدارة بصفته جهة أعلى .... وأن المشرع قد راعى بنص المادة 83 سالفة الإيراد أنه كان من المتعذر تحديد المخالفات في القانون على سبيل الحصر بسبب تنوع الوظائف والمجموعات النوعية التي تضمنها القانون وبسبب اختلاف ظروف العمل من شركة لأخرى ودرجة ثباتها أو تغيرها، فإن ذلك لا يحول دون إيجاد نوع من المرونة في تحديد هذه المخالفات بإعطاء كل شركة سلطة تحديدها في لائحة خاصة تصدر بقرار من مجلس الإدارة، إلا أن المشرع لم ينهج هذا النهج بالنسبة لتحديد الجزاءات التي يمكن توقيعها على جميع المخالفات الممكن وقوعها، فحدد هذه الجزاءات وجعل للائحة التي تصدرها حرية تحديد مقدار الجزاء المقرر لكل مخالفة من حيث الخفة والشدة على أن يكون محصوراً في الحدود التي رسمها القانون وجاءت نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام أكثر تشدداً عند بيان سلطات توقيع أي من الجزاءات المقررة على طوائف العاملين بالشركة بحسب تدرجهم في المستويات الوظيفية، وذلك حتى توفر نصوص القانون الضمانات الأساسية التي يجب كفالتها لجميع العاملين تحقيقاً للعدالة وتوفير الاستقرار النفسي لهم في أداء أعمالهم على النحو المنشود ولذلك خص القانون شاغلي الوظائف العليا بجزاءات تناسب مكانتهم من الهيكل التنظيمي للشركة وبما يوحد بين معاملتهم في هذا الشأن والمعاملة التي يعامل بها نظراؤهم في القطاع الحكومي، فأوضحت المادة 84 من القانون حدود الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية تدرجاً من شاغلي الوظائف العليا حتى رئيس الجمعية العمومية للشركة وكذلك حدود المحكمة التأديبية في هذا الشأن وقد جاء هذا التحديد جامعاً مانعاً بحيث لا يجوز أن تتضمن لائحة الجزاءات الخاصة بالشركة نصاً يحدد الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية على نحو يغاير التنظيم الوارد بالمادة (84) من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه وكل نص يرد على خلاف هذا التنظيم يعتبر مخالفاً للقانون ومستبعداً من دائرة التطبيق ويعتبر القرار الصادر بتوقيع جزاء تأديبي من سلطة غير مختصة طبقاً لأحكام المادة 84 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام قراراً مشوباً بعيب عدم الاختصاص خليقاً بالإلغاء (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 759 لسنة 29 ق بجلسة 20/5/1986 منشور بمجموعة السنة الحادية والثلاثين الجزء الثاني بند 239 ص 747 وما بعدها).

ومن حيث إن نص المادة (25) من لائحة جزاءات مؤسسة مصر للطيران قد خولت في البند 4 منها رئيس القطاع أو المدير العام للإدارة العامة سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في البنود من (1) إلى (8) من المادة (23) منها، ولما كان البند (8) قد تضمن جزاء تخفيض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، فإنه يكون قد ورد مخالفاً لصريح نص المادة (84) بند (4) الذي ضمن اختصاص مجلس الإدارة سلطة توقيع جزاء الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، ويكون في هذا إخلال بالضمانات التي قررها المشرع للعاملين بالقطاع العام من ناحية شخص المختص بتوقيع الجزاء وذلك بمنح اللائحة تلك السلطة إلى سلطة أقل من المقررة بالقانون رقم 48 لسنة 1978، كما أن هذا النص – أيضاً – يخل بالضمانات المقررة للعاملين بالمؤسسة من ناحية أخرى وذلك بالنسبة للجهة التي يقدم إليها التظلم من قبل هذا الجزاء فعلى حين حددها المشرع بالقانون 48 لسنة 1978 بالمحكمة التأديبية، فإن نص المادة 26 من اللائحة جعلها لذات السلطة التي أصدرت القرار أو السلطة الرئاسية أي لرئيس القطاع أو المدير العام أو رئاسته وهما بطبيعة الحال سلطة أقل من المحكمة التأديبية، وفي هذا انتقاص من ضمانات جوهرية للعاملين، بما يؤثر في ذلك النص ويصمه بعدم المشروعية ويكون واجب الاستبعاد.

ومن حيث لا يغير مما تقدم أن تكون لائحة الجزاءات للعاملين بمؤسسة مصر للطيران قد صدرت استناداً إلى نص المادة (3) من القانون رقم 116 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بمؤسسة مصر للطيران والذي خول مجلس إدارة المؤسسة وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها دون التقيد بالقواعد والنظم المطبقة على العاملين بالحكومة والقطاع العام، ذلك أن الثابت أن البند (هـ) من ذات المادة (3) استلزم مراعاة أن تسري على العاملين القواعد والنظم الحالية ما لم تكفل لهم اللوائح وضعاً أفضل، أي أنه لا يجوز للائحة أن تأتي بنص يهدر ضمانة مقررة للعاملين على النحو الذي قرره نص المادة (25) سالف الذكر وذلك على النحو السابق إيضاحه.

وفضلاً عما تقدم فإنه لا يجوز للوائح التنفيذية التي تصدرها السلطة التنفيذية والتي تتضمن الأحكام التفصيلية والتكميلية اللازمة لتنفيذ القانون، أن تعطل أحكامه أو تتناولها بالتعديل أو بالاستثناء، وينبغي على الجهة التي تصدر اللوائح أن تتقيد بالمبادئ والأسس والضمانات سواء ما ورد منها في الدستور أو في قانون نظام العاملين بالدولة أو نظام العاملين بالقطاع العام ... كما أن تخويل القانون لجهة معينة إصدار لائحة خاصة بالعاملين دون التقيد بما هو مقرر بقانون بالنسبة لباقي العاملين بالدولة والقطاع العام لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره تفويضاً تشريعياً، إذ من المسلم به أن لكل من القانون واللوائح التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله وفقاً لأحكام الدستور، حيث تنص المادة (86) منه على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع. وتنص المادة (108) على أنه لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي الأحوال الاستثنائية وبناءً على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه أن يصدر قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة محددة وأن يبين فيه موضوعات هذه القرارات والأسس التي تقوم عليها ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب في أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان لها من قوة القانون، أي أن التفويض التشريعي لا يكون إلا لرئيس الجمهورية دون غيره وعند الضرورة وفي أحوال استثنائية وبشروط معينة حددتها المادة (108) المشار إليها، أما ما يصدر من قوانين يخول رئيس الجمهورية أو غيره إصدار لوائح العاملين دون التقيد بالقوانين والقواعد المعمول بها لا يمكن أن ينطوي على تفويض في إصدار قرارات لها قوة القانون وفقاً لما تنص عليه المادة (108) من الدستور ولا يخرج عن كونه دعوة لممارسة اختصاص رئيس الجمهورية أو غيره بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القانون طبقاً لما تقضي به المادة (144) من الدستور، والتي نصت على أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه من تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه.

(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ في الطعنين 1368 لسنة 43 ق عليا جلسة 18/1/2001 مجموعة المبادئ لهذه المحكمة بند 45 ص 503 وما بعدها).

ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم يبين أنه ليس في حكم القانون رقم 116 لسنة 1975 المشار إليه ما يبيح مخالفة أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام التي حددت السلطات التأديبية تحديداً جامعاً ومانعاً، ويغدو ما تضمنته اللائحة في هذا الشأن قد جاء على خلاف حكم القانون، بما يصمه بعدم المشروعية، ويكون لذلك مستوجباً الاستبعاد عند التطبيق، وما ينطبق على لائحة الجزاء الخاصة بمؤسسة مصر للطيران ينطبق كذلك على كل لائحة جزاءات مماثلة، وتكون أحكام المحكمة الإدارية العليا التي انتهت إلى مثل هذه النتيجة هي الأحكام التي تتفق وصحيح حكم القانون وتكون هي واجبة التأييد دون تلك التي انتهت إلى عكس ذلك.
ومن حيث إن الطعن الماثل مهيأ للحكم فيه وأنه أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع هذا الطعن فإن الثابت أن القرار التأديبي محل المنازعة قد تضمن مجازاة المطعون ضدهما بخفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة، وصدر من رئيس قطاع الشئون الفنية وليس من مجلس إدارة المؤسسة، فمن ثم يكون صادراً من غير مختص، على النحو السابق إيضاحه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك وقضى بإلغائه يكون قد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون، ويغدو الطعن عليه فاقد الأساس مستوجباً الرفض.

ومن حيث إن الطعن مُعفًى من الرسوم القضائية باعتباره متعلقاً بقرار تأديبي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.