الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 يناير 2020

الطعن 7314 لسنة 58 ق جلسة 31 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 203 ص 1125


جلسة 31 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزه نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وفتحي الصباغ.
-------------
(203)
الطعن رقم 7314 لسنة 58 القضائية

 (1)استئناف "نطاقه". محكمة ثاني درجة. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود مصلحة رافعه. استئناف المتهم وحده يحصل لمصلحته الخاصة.
(2) قانون "تفسيره" "تطبيقه". استئناف "نظره والحكم فيه". محكمة استئنافية. بطلان. حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إغفال محكمة أول درجة القضاء في إحدى التهمتين المسندتين إلى المتهم. وجوب إعمال نص المادة 193 مرافعات. أساس ذلك ؟
قعود محكمة أول درجة عن الفصل في جزء من الدعوى. لا يجيز للمحكمة الاستئنافية الفصل فيه. مخالفة ذلك: تبطل الحكم.

-----------------
1 - من المقرر أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود مصلحة رافع الاستئناف، وأن استئناف المتهم وحده إنما يحصل لمصلحته الخاصة.
2 - لما كانت محكمة أول درجة - على ما سلف بيانه - أغفلت النظر والفصل في التهمة الأول المسندة إلى الطاعن، وفات النيابة العامة أن ترجع إلى تلك المحكمة، وأن تطلب منها الفصل فيما أغفلته إعمالا للمادة 193 من قانون المرافعات حيث خلا قانون الإجراءات الجنائية من إيراد القاعدة مضمونها، وكانت محكمة ثاني درجة تتصل بالدعوى من واقع تقرير الاستئناف فهي تتقيد بما جاء به، وتعيد النظر فيما فصلت فيه محكمة أول درجة، طالما أنها لم تفصل في جزء من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقيا بالنسبة له، فإذا أدانت المحكمة الاستئنافية المتهم عن تهمة أغفلت المحكمة الجزئية نظرها والفصل فيها، فإن هذا منها قضاء فيما لم تتصل به المحكمة طبقا للقانون، وفيه حرمان للمتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، وهذا لتعلقه بالنظام الفضائي ودرجاته يعد مخالفا للأحكام المتعلقة بالنظام العام، فقضاؤها على تلك الصورة باطل بالنسبة للتهمة الأولى.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولا: وهو من رعايا جمهورية مصر العربية وأثناء وجوده بدولة الإمارات العربية أعطى شيكا لـ ........ لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. ثانيا: وهو من رعايا جمهورية مصر العربية وأثناء وجوده بدولة الأمارات العربية أعطى شيكا لـ....... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الوايلي قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات وكفالة ثلاثة آلاف جنيه لا يقاف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا اعتباريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته أولا برفض الدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة. ثانيا: برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. ثانيا: بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
قطعن الأستاذ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه انطوى على بطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دانه عن تهمة لم يسبق عرضها على محكمة أول درجة، وأن القضاء على هذه الصورة باطل لأن محكمة ثانى درجة لا تملك أن تعاقبه عن واقعة جديدة لم يسبق طرحها على محكمة الدرجة الأولى. الأمر الذى يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من المفردات - التي امرت المحكمة بضمها - أن النيابة العامة رفعت الدعوى على المتهم - الطاعن - بوصف أنه: وهو من رعايا جمهورية مصر العربية، وأثناء وجوده بدولة الإمارات العربية المتحدة. أولا: أعطى بسوء نية شيكا لـ......... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. ثانيا: أعطى بسوء نية شيكا لـ..... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمة بذلك، وطلبت عقابه بالمواد 3، 4، 336، 337 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت غيابيا بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل، وكفالة ثلاثة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ وأقامت قضاءها على قولها، وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه أعطى بسوء نية شيكا لـ........ لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمة بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 عقوبات. وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم من تقديم المدعى بالحق المدني المستندات، اطلعت عليها المحكمة. وحيث إن المتهم لم يحضر بالجلسة ولم يدفع الاتهام بأي دفاع جدى، ومن ثم يتعين عقابه طبقا لمادتي الاتهام وعملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
فعارض المتهم، وقضى في معارضته بقبولها شكلا، ورفضها موضوعيا، وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم، وقضت محكمة ثاني درجة - حضوريا اعتباريا - بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف لذات الأسباب التي أقيم عليها، وإذ عارض قضى بقبول المعارضة شكلا، وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه على أسباب نصها: وحيث أنه عن الموضوع فإن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى أن الثابت من حافظة مستندات المعارض المقدمة بجلسة.......... والتي لم يجحدها احد بأنه تم سداد مبلغ عشرة آلاف درهم لصالح بنك أبو ظبى عن الشيك رقم....... ومن ثم تسقط هذه المحكمة قيمة الشيك المذكور من حسبانها ومن قرار اتهام النيابة العامة إذ أن هذا السداد تم في....... أي قبل تحريك الدعوى الجنائية وقبل الحكم - وحيث أنه عن الشيك رقم........ والمحرر لصالح........ فلما كان الثابت من أوراق الدعوى أن هذا الشيك لم يتم سداده رغم عدم صرف قيمته من البنك المسحوب عليه ولم يقدم المتهم مستند يفيد سداده، ومن ثم فإن الحكم المستأنف إذ قضى بإدانة المتهم يكون في محله. ولما سلف يتعين الحكم بتأييده عملا بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. ومفاد ما تقدم، أن محكمة أول درجة نظرت التهمة الثانية فحسب وعاقبت عنها الطاعن، وأغفلت النظر والفصل في التهمة الأولى وخلا مدونات حكمها من الحديث عنها، وإذ استأنف الطاعن وحده ذلك الحكم نظرت محكمة ثاني درجة التهمتين وقضت بإسقاط التهمة الثانية عنه، وعاقبته عن التهمة الأولى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية في حدود مصلحة رافع الاستئناف، وأن استئناف المتهم وحده إنما يحصل لمصلحته الخاصة، فإن استئناف الطاعن يكون قاصرا على محله المتمثل في الحكم الذى صدر ضده عن التهمة الثانية فحسب التي نظرتها وفصلت فيها محكمة أول درجة وإذ قضت محكمة ثاني درجة بما يفيد براءة الطاعن عن هذه التهمة، وإذ لم تطعن النيابة العامة بالنقض على هذا الحكم، فإنه يكون قد حاز حجية الشيء المحكوم فيه، وعلى ذلك فإن محل الطعن الماثل يكون قد تحدد بالحكم الصادر من محكمة ثاني درجة عن التهمة الأولى ومتى كان ما تقدم، وكانت محكمة أول درجة - على ما سلف بيانه - أغفلت النظر والفصل في التهمة الأول المسندة إلى الطاعن، وفات النيابة العامة أن ترجع إلى تلك المحكمة، وأن تطلب منها الفصل فيما أغفلته إعمالا للمادة 193 من قانون المرافعات حيث خلا قانون الإجراءات الجنائية من إيراد القاعدة مضمونها، وكانت محكمة ثاني درجة تتصل بالدعوى من واقع تقرير الاستئناف فهي تتقيد بما جاء به، وتعيد النظر فيما فصلت فيه محكمة أول درجة، طالما أنها لم تفصل في جزء من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقيا بالنسبة له، فإذا أدانت المحكمة الاستئنافية المتهم عن تهمة أغفلت المحكمة الجزئية نظرها والفصل فيها، فإن هذا منها قضاء فيما لم تتصل به المحكمة طبقا للقانون، وفيه حرمان للمتهم من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة أساس من التحقيقات، وهذا لتعلقه بالنظام الفضائي ودرجاته يعد مخالفا للأحكام المتعلقة بالنظام العام، فقضاؤها على تلك الصورة باطل بالنسبة للتهمة الأولى، ومن ثم يكون الطعن في محله, ويتعين القضاء ببطلان الحكم الاستئنافي الصادر بشأن التهمة المذكورة، وبهذا تعود الدعوى بخاصتها في مجال الخصومة الجنائية إلى الحالة التي كانت عليها قبل أن يصدر فيها الحكم.

الطعن 8996 لسنة 58 ق جلسة 17 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 20 ص 146

جلسة 17 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجى اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.
---------------
(20)
الطعن رقم 8996 لسنة 58 القضائية
 (1)نصب. جريمة "أركانها". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
جريمة النصب وفق نص المادة 336 عقوبات. مناط توافرها؟
مثال لقضاء صادر من محكمة النقض تنتفى به أركان جريمة النصب.
(2) نصب. جريمة "أركانها".
وجوب أن يكون من شأن الطرق الاحتيالية في جريمة النصب الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل في حدوث ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة بالمادة 336 عقوبات.
مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب. وجوب أن يكون الكذب مصحوبا بأعمال خارجية تحمل الاعتقاد بصحته.
(3)نصب. جريمة "أركانها". اشتراك. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
جريمة النصب بالاستعانة بشخص آخر. شرط وقوعها؟
مثال لحكم بالبراءة في جريمة نصب صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
 (4)دعوى مدنية. دعوى جنائية.
انحسار التأثيم عن الفعل موضوع الدعوى الجنائية. أثره. عدم اختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية.
---------------
1 - من المقرر أن جريمة النصب كما هى معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجنى عيه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجنى عليه ضحية هذا الاحتيال الذى يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو التصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف، وكانت أوراق الدعوى قد خلت من أى دليل يؤيد ما ذهب إليه المدعى بالحقوق المدنية من أن المتهم قد باع الأرض محل التعامل القائم بينهما، بل العكس من ذلك فإن الأوراق تكشف عن أن الأمر قد اقتصر على تنازل المتهم عن تلك الأرض للمدعى بالحقوق المدنية وهو ما ردده هذا الأخير نفسه في قول له، كما أن الثابت من الاطلاع على الكتاب الصادر من المتهم الموجه للجمعية التعاونية الزراعية انه قد اقتصر على تنازله عن الحيازة فقط وقد اقر المدعى بالحقوق المدنية أنه لم يحرر عقد بيع بينهما ولم ينسب للمتهم أنه قدم له ما يفيد ملكيته لتلك الأرض بل على العكس من ذلك فلقد ذكر أن المتهم حرر له تنازل وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية خاصة وأن المدعى بالحقوق المدنية طبيب يستبعد أن يشترى تلك المساحة من الأرض دون اطلاع على مستندات ملكيتها وأن يسلم الشيكات التي ذهب إلى أنها تمثل ثمنها للمتهم دون أى محرر مكتوب يضمن حقوقه، ومن ناحية أخرى فإن تنازل المتهم للمدعى بالحقوق المدنية عن قطعة الأرض ينأى عن نطاق التأثيم ذلك أن البين من مستندات المتهم أنه كان يحوز تلك الأرض بناء على تنازل صادر له من الحائزين لها وانه استخرج بطاقة حيازة زراعية باسمه عنها ظلت سارية إلى ما بعد تاريخ عقد الشركة الذى قدم صورته والذى يمثل هذا التنازل أثرا من آثاره، بل أن كتاب التنازل الصادر منه لا يحمل تاريخا معينا بحيث يمكن القول بأنه صدر بعد إلغاء حيازته كما ذهب المدعى بالحقوق المدنية. ومن ثم فإن هذا التنازل صادر ممن يملكه على ضوء ما قدم في الدعوى من مستندات وبغض النظر عن حقيقة العلاقة بين الطرفين.
2 - من المقرر أن القانون وان نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزوره أو إحداث الأمل بحدوث ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات. كما أنه من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية، بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوبا بأعمال خارجية تحمل المجنى عليه على الاعتقاد بصحته.
3 - من المقرر أنه يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص أخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة، أن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعي من الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق وأن يكون تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييدا صادرا عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك، وكان البين من وقائع الدعوى إن المتهم لم يكن هو الذى سعى إلى المجنى عليه كي يعرض علية قطعة الأرض محل التعامل بينهما بل على العكس من ذلك فإن المدعى بالحقوق المدنية هو الذى توجه إلى المتهم في محله طالبا منه بيعه الأرض - على حد قوله - ولم ينسب له إتيان أي فعل مما يعد من وسائل الاحتيال فقد اقتصر الأمر على اتفاقهما على التعامل شفاهة وسلم المدعى بالحقوق المدنية الشيكات للمتهم، هذا إلى أن أقوال المدعى بالحقوق المدنية لا تكشف عن قيام...... بتأييد أقوال المتهم بشأن الأرض أو انه أرشده عن المتهم بسعي من الأخير أو تدبيره، مما تخرج به الواقعة برمتها عن نطاق التأثيم، ويتعين القضاء ببراءة المتهم.
4 - لما كان الفعل وقد انحسر عنه التأثيم فإنه لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية وهو ما تقضي به هذه المحكمة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق، المملوك لـ....... بان تصرف له في عقار ليس ملكا له وليس له حق التصرف فيه، وذلك على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح الزيتون قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ، والزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... القضائية. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... الخ.

المحكمة
من حيث إن النيابة العامة أسندت للمتهم انه في يوم..... بدائرة قسم شرطة الزيتون توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك لـ......، وذلك بأن تصرف له في عقار ليس ملكا له وليس له حق التصرف فيه وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبته بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل فيما ابلغ به وقرره الطبيب...... "المدعى بالحقوق المدنية" بتاريخ....... من انه أثناء وجوده بمحافظة القاهرة لتسجيل قطعة ارض مملوكة له تقابل مصادفة مع المهندس..... - الذى كان قد تعرف عليه حين تردده على المحافظة - وإذ استفسر منه الأخير عن مصير الأرض المذكورة فأخبره أنه سيقيم فيها مشروعا فعرض عليه إرشاده عن ارض أخرى واصطحبه إلى محل المتهم..... الذى اخبره أن له أرضا بطريق القاهرة بلبيس وعرض عليه خريطة لها فوافق على شرائها منه وحرر له ثلاثة شيكات بثمنها قيمتها عشرة آلاف وخمسمائة جنيه تستحق الدفع في تاريخي.... و.....، على أن يحضر له الأخير سند ملكيتها فيما بعد وأضاف أنه لم يحرر عقد بيع وقت هذا الاتفاق ولم يعاين الأرض ولا يعرف مكانها تحديدا وان المتهم حرر له تنازلا عن الأرض المذكورة موجه للجمعية التعاونية الزراعية وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية الخاصة به، وإذ تحرى محاميه عن تلك الأرض تبين عدم وجودها فطالب المتهم رد الشيكات له ولكنه رفض ذلك، وقدم بطاقة الحيازة الزراعية والخطاب المنوه عنه في أقواله - وأمام محكمة أول درجة ادعى مدنيا قبل المتهم بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وإذ سئل المتهم..... انكر ما نسبه إليه المبلغ، مقررا انه اتفق معه على تكوين شركة تضامن لاستزراع قطعة الأرض الزراعية التي يحوزها وذلك برأس مال قدره 42000 جنيه وقد سلمه المبلغ الشيكات الثلاثة كجزء من نصيبه في رأس مال الشركة على أن يتولى المبلغ عمليات الاستصلاح بمعرفته ولذا فقد حرر له خطابا موجها للجمعية التعاونية الزراعية يتضمن تنازله عن الحيازة وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية يتمكن من صرف مستلزمات الإنتاج , إلا أن المبلغ لم يفي بالتزاماته الناشئة عن العقد وأضاف إنه سلم اصل عقد الشركة للمبلغ وقت التوقيع عليه واحتفظ بصورته التي قدمها كما قدم المستندات الدالة على حيازته للأرض محل التعامل.
وثبت من الاطلاع على المستندات المقدمة من المبلغ انها عبارة عن خطاب موجه من المتهم إلى مدير جمعية تعاون..... الزراعية يبلغه فيه بتنازله عن مساحة ثلاثين فدانا من حيازته الثابتة بالبطاقة الزراعية رقم...... إلى المبلغ وانه وضع يده عليها والخطاب غير مؤرخ وكذا بطاقة الحيازة الزراعية الصادرة من الجمعية سالفة الذكر باسم المتهم برقم..
كما ثبت من المستندات المقدمة من المتهم أنها عبارة عن تنازل بعض أعضاء جمعية...... لاستصلاح الأراضي له عن مساحة 45 فدانا وذلك بتاريخ...... وصورة عقد شركة بغرض تضامن مؤرخ..... محرر بين المتهم والمبلغ واتفقا فيه على تكوين الشركة بغرض استصلاح الأرض المملوكة للمتهم ومساحتها 30 فدان وان المبلغ دفع للمتهم مبلغ 10500 جنيه من قيمة نصيبه في رأسمال الشركة البالغ 42000 جنيه على أن يقوم بعمليات الاستصلاح كما نص فيه على تنازل المتهم للمبلغ عن بطاقة الحيازة الزراعية لاستخدامها في صرف مستلزمات الإنتاج وكذا خطاب صادر من الإدارة الزراعية...... موجه للمتهم يفيد أن حيازته للأرض محل التعامل ألغيت بتاريخ.......
ومن حيث ان المدعى بالحقوق المدنية حضر وصمم على طلباته وذكر بلسان الحاضر عنه انه لم يتفق على تكوين شركة التضامن مع المتهم بل أن الأخير باع الأرض له ثم تبين له انه كان مجرد حائز لها وألغيت حيازته منذ عام 1979 مما تتوافر به في حقه الجريمة المسندة له.
وحضر المتهم منكرا ما نسب له، مدافعا بأنه كان يحوز الأرض محل التعامل واتفق مع المدعى بالحقوق المدنية على تكوين شركة لاستصلاحها واستزراعها وان الأخير سلمه الشيكات الثلاثة كجزء من نصيبه في رأس مال الشركة على أن يكون الجزء الباقي متمثلا في إحضار المعدات والآلات ومستلزمات الإنتاج. إلا أنه لم يقم بتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الشركة، وان حيازة المتهم لم تلغ إلا في عام 1982 أي بعد قيام الشركة وحدوث التنازل بفترة طويلة مما لا تتوافر به الجريمة المسندة له، هذا إلى أنه لم يصدر منه أية أفعال يصح أن تعتبر من الطرق الاحتيالية المؤثمة.
ومن حيث إن جريمة النصب كما معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجنى عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجنى عليه ضحية هذا الاحتيال الذى يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو التصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف، وكانت أوراق الدعوى قد خلت من أي دليل يؤيد ما ذهب إليه المدعى بالحقوق المدنية من أن المتهم قد باعه الأرض محل التعامل القائم بينهما، بل العكس من ذلك فإن الأوراق تكشف عن أن الأمر قد اقتصر على تنازل المتهم عن تلك الأرض للمدعى بالحقوق المدنية وهو ما ردده هذا الأخير نفسه في قول له، كما أن الثابت من الاطلاع على الكتاب الصادر من المتهم الموجه للجمعية التعاونية الزراعية انه قد اقتصر على تنازله عن الحيازة فقط وقد اقر المدعى بالحقوق المدنية أنه لم يحرر عقد بيع بينهما ولم ينسب للمتهم أنه قدم له ما يفيد ملكيته لتلك الأرض بل على العكس من ذلك فلقد ذكر أن المتهم حرر له تنازل وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية خاصة وأن المدعى بالحقوق المدنية طبيب يستبعد أن يشترى تلك المساحة من الأرض دون اطلاع على مستندات ملكيتها وأن يسلم الشيكات التي ذهب إلى أنها تمثل ثمنها للمتهم دون أي محرر مكتوب يضمن حقوقه، ومن ناحية أخرى فإن تنازل المتهم للمدعى بالحقوق المدنية عن قطعة الأرض ينأى عن نطاق التأثيم ذلك أن البين من مستندات المتهم أنه كان يحوز تلك الأرض بناء على تنازل صادر له من الحائزين لها وأنه استخرج بطاقة حيازة زراعية باسمه عنها ظلت سارية الى ما بعد تاريخ عقد الشركة الذى قدم صورته والذى يمثل هذا التنازل أثرا من آثاره، بل أن كتاب التنازل الصادر منه لا يحمل تاريخا معينا بحيث يمكن القول بأنه صدر بعد إلغاء حيازته كما ذهب المدعى بالحقوق المدنية. ومن ثم فإن هذا التنازل صادر ممن يملكه على ضوء ما قدم في الدعوى من مستندات وبغض النظر عن حقيقة العلاقة بين الطرفين، هذا فضلا عن ان القانون وان نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزوره أو إحداث الأمل بحدوث ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات، كما أنه من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية، بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال خارجية تحمل المجنى عليه على الاعتقاد بصحته كما أنه يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة أن يكون الشخص الأخر قد تدخل بسعي من الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق وأن يكون تأييد الأخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك وكان البين من وقائع الدعوى أن المتهم لم يكن هو الذى سعى إلى المجنى عليه كي يعرض علية قطعة الأرض محل التعامل بينهما بل على العكس من ذلك فإن المدعى بالحقوق المدنية هو الذى توجه إلى المتهم في محله طالبا منه بيعه الأرض - على حد قوله - ولم ينسب له إتيان أي فعل مما يعد من وسائل الاحتيال فقد اقتصر الأمر على اتفاقهما على التعامل شفاهة وسلم المدعى بالحقوق المدنية الشيكات للمتهم، هذا إلى أن أقوال المدعى بالحقوق المدنية لا تكشف عن قيام..... بتأييد أقوال المتهم بشأن الأرض أو انه أرشده عن المتهم بسعي من الأخير أو تدبيره، مما تخرج به الواقعة برمتها عن نطاق التأثيم، ويتعين القضاء ببراءة المتهم. 
لما كان ذلك، وكان الفعل وقد انحسر عنه التأثيم فإنه لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية وهو ما تقضى به هذه المحكمة، مع الزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية شاملة أتعاب المحاماة عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.

الطعن 8250 لسنة 58 ق جلسة 14 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 17 ص 129

جلسة 14 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
--------------
(17)
الطعن رقم 8250 لسنة 58 القضائية
 (1)حكم "إصداره" "وصفه والتوقيع عليه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا بطلان على تأخير التوقيع على أحكام الإدانة وإيداعها. إلا إذا مضى ثلاثون يوما.
دون حصول التوقيع دون تفرقة بين الأحكام التي تصدر في جلسة المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها. المادة 312 إجراءات.
اشتمال قانون الإجراءات الجنائية على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية. لا محل معه للرجوع إلى ما أورده قانون المرافعات المدنية.
(2) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تحرير مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات. وروده على سبيل التنظيم والإرشاد. لا بطلان على مخالفته.
خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره. ليس من شأنه إهدار قيمته في الإثبات. حق محكمة الموضوع في تقدير النقض أو العيب الذى يعترى محضر جمع الاستدلالات. عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
(3)  دفوع "الدفع بصدوره الإذن بعد الضبط والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. كفايته للرد عليه.
 (4)دفوع "الدفع ببطلان اذن الضبط والتفتيش" "الدفع ببطلان الإجراءات". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لصدوره لغير مختص وبطلان الإجراءات لعدم إخطار الجهات الشرعية.
(5) دفوع "الدفع بعدم ارتكاب الجريمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي. الرد عليه غير لازم. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام الحكم بتعقب المتهم في جزئيات دفاعه. التفاته عنها مفاده. اطراحها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". أثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منه".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة. لها استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه ؟
 (7)جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها "
الباعث على الجريمة ليس من أركانها. ولا عبرة به في المسئولية.
- مثال.
(8) إثبات "بوجه عام" "معاينة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته. مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقرها القانون. غير جائزة. حقه أخذ من أي بينة أو قرينة دليلا لحكمه.
الجدل الموضوعي في عناصر استنباط محكمة الموضوع معتقدها. غير حائز أمام النقض.
 (9)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. متى أطمأنت إلى صدقه ولو عدل عنه في مراحل أخرى.
إثارة بطلان الاعتراف لصدوره وليد أكراه أو رهبة لأول مرة أمام النقض. غير جائزة.
-------------
1 - لما كانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد فصلت نظام وضع الأحكام والتوقيع عليها ولم ترتب البطلان على تأخير التوقيع على الأحكام وإيداعها إلا إذا مضى ثلاثون يوما على الحكم الصادر بالإدانة دون حصول التوقيع ولم تفرق بين الأحكام التي تصدر في الجلسة ذاتها التي تمت فيها المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها، ومن ثم فإن قانون الإجراءات الجنائية يكون قد اشتمل على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية بما لم يعد معه محل للرجوع إلى ما ورد في قانون المرافعات في شأن ختم الحكم وإيداع مسودته موقعاً عليها من الرئيس والقضاة فور النطق به ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة البطلان التي رماه بها الطاعن.
2 - لما كانت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها". مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط الفضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبينا فيه وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته للبطلان، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره ليس من شأنه إهدار قيمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونيا ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد.
3 - لما كان الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره للضابط........ بقسم الجوازات بالإسماعيلية الذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى وبطلان الإجراءات التي سبقت هذا الإذن لعدم إبلاغ النيابة العامة بها قبل إجرائها - واطرحه في قوله "وحيث إنه عما طعن به الدفاع من بطلان الإذن لصدوره لغير مختص فمردود... عليه بأنه من المقرر قانوناً أن رجل الضبط الفضائي له صفه الضبطية القضائية في مكان اختصاصه بالنسبة لجميع الجرائم، لما كان الثابت أن إذن النيابة قد صدر للرائد...... رئيس جوازات الإسماعيلية وهو أحد رجال الضبطية القضائية ومن ثم كان له اختصاص بالنسبة لضبط جميع الجرائم المتصلة بأعمال وظيفته في مكان اختصاصه الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الإذن قد صدر لمختص ومن ثم كان الدفع في غير محله وتلتفت عنه المحكمة ولا يعول عليه. وحيث إنه عن بطلان ما أتخذ من إجراءات دون إخطار الجهات الشرعية فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه بمجرد أن يعلم مأمور الضبط الفضائي بوقوع جريمة سواء كان ذلك بناء على تحرياته أو بناء على شكوى أو بلاغ فقد أوجب عليه القانون القيام بجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق وجمع العناصر والقرائن والأدلة التي تساعد على سهولة التحقيق، ومن ثم كان ما فعله الضابط من إجراءات يتفق وصحيح القانون وكان الدفع على غير أساس سليم من القانون وتلتفت عنه المحكمة ولا تعول عليه" وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويسوغ به إطراح الدفعين المار ذكرهما ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد بدعوى الفساد في الاستدلال غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بإنكار الجريمة وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن إنكار المتهم فلا يعدو أن يكون بدوره ضربا من الدفاع بقصد درء ما تردى فيه من إتهام" ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشة على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 - لما كان ما ذهب إليه الطاعن من أن أحدا من الشهود لم يقل بتزوير الأوراق التي قدمت لاستخراج جوازي السفر ومن ثم ينتفى الباعث على ارتكاب الجريمة مردود بأن الباعث على الجريمة لا يؤثر في قيامها وليس ركناً من أركانها ولا عبره به في المسئولية، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن يكون غير سديد.
8 - لما كان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينه يرتاح إليها دليلاً لحكمه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به مما ثبت من معاينة مكان الضبط - من إمكان رؤية الشاهدين لواقعة عرض الطاعن مبلغ الرشوة وسماعهم ما دار من حديث بشأنها - وعولت على هذه المعاينة - من بين الأدلة التي أخذت بها - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وان عدل عنه في مراحل أخرى.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجب من واجبات وظيفته بأن عرض على ..... الموظف بقسم جوازات الإسماعيلية مبلغ خمسمائة جنيه قدم له منه مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيها على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على استخراج جواز سفر باسم....... وأخر بموجب مستندات مزوره قدمها له ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسماعيلية لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 109/ 1 مكرر من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض رشوه قد شابه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه على الرغم من صدوره بعد حجز الدعوى للحكم فإن أسبابه لم توقع إلا في اليوم التالي لإصداره، وقد أغفل ما أثاره الطاعن من بطلان محضر جمع الاستدلالات لخلوه من بيان مكان تحريره، وبطلان القبض على الطاعن لإجرائه قبل الإذن به من النيابة العامة هذا إلى أن الطاعن دفع كذلك ببطلان إذن التفتيش لصدوره للضابط...... بقسم الجوازات بالإسماعيلية، والذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى، ولبطلان الإجراءات السابقة على ذلك الإذن إذ لم تبلغ بها النيابة العامة قبل إجرائها وبعدم ارتكابه الجريمة فأطرح الحكم هذه الدفوع جميعا ـ بما لا يسوغ إطراحها وعول في الإدانة على أقوال الشهود في حين خلت هذه الأقوال مما استخلصه الحكم من أن الطاعن وآخر - سبق الحكم عليه - عرضا مبلغ الرشوة على الباحث ..... بقسم جوازات الإسماعيلية، كما جرت أقوال الأخير بأن المتهم الآخر هو الذى عرض عليه الرشوة ولم يكن الطاعن معه ولم ينسب للطاعن أنه قدم إليه جوازي السفر والأوراق اللازمة لاستخراجها، ولم يقل أي من الشهود أن هذه الأوراق مزوره، ومن ثم ينقض الباعث على ارتكاب الجريمة. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول في الإدانة ضمن ما عول عليه على المعاينة التي أجريت لمكان الضبط في حين أن الضبط جرى في مسكن الشاهد....... ولم يكن الطاعن دور فيما جرى فيه، وهو الذى جحد الاعتراف المعزو إليه بمحضر جمع الاستدلالات ودفع ببطلانه لكونه وليد إكراه ورهبة تمثلا في القبض عليه والذى وقع باطلا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم........ - الطاعن - وآخر سبق الحكم عليه تقابلا مع...... الموظف بقسم جوازات الإسماعيلية وعرض عليه مساعدتهما في استخراج جوازات سفر لأشخاص دون حضورهم بالقسم وعرض المتهم أن يكون ذلك مقابل مائتين وخمسين جنيها لكل جواز فأخبرهما بأن المختص بذلك هو زميله........ الذى يعمل باحث بالقسم فتوجه إليه المحكوم عليه - المتهم الثاني - بعيدا عن مقر عمله وأنهى إليه الغرض السابق محيطا إياه علما بأن المستندات التي ستقدم له هي سلبية في الظاهر، فتظاهر بالموافقة على طلبه وابلغ الشرطة فطلبت منه مسايرته، وأنه لما توجه إلى مكتبه بعد ذلك في 14/ 7/ 1982 وجد طلبين لاستخراج جوازي سفر باسم..... و...... ومبلغ ثلاثة عشر جنيها هي رسوم استخراج الجوازين وحدد ميعادا لتسليمهما في مساء اليوم التالي بمنزله وحينئذ استصدر الرائد..... إذنا من النيابة العامة بالضبط والتفتيش وأعد كمينا بمنزل...... وضبط المتهم بعد أن قدم مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيها للموظف المذكور على سبيل الرشوة نظير استخراج الجوازين سالفي الذكر، وذلك بعد أن خصم من المبلغ المتفق عليه مائة وخمسين جنيها بمقولة أنها تدفع تأمينا للجوازين". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة بالصورة المار ذكرها أدلة مستمدة من أقوال الشهود..... و.... الموظفين بقسم جوازات الإسماعيلية والرائد...... والمقدم..... بمباحث قسم جوازات الإسماعيلية ومن إقرار المتهم - الطاعن - بمحضر الضبط وما ثبت من معاينة مكان الضبط، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولها أصلها الصحيح في الأوراق - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد فصلت نظام وضع الأحكام والتوقيع عليها ولم ترتب البطلان على تأخير التوقيع على الأحكام وإيداعها إلا إذا مضى ثلاثون يوما على الحكم الصادر بالإدانة دون حصول التوقيع ولم تفرق بين الأحكام التي تصدر في الجلسة ذاتها التي تمت فيها المرافعة وتلك التي تصدر في جلسة حجزت إليها الدعوى للنطق بها، ومن ثم فإن قانون الإجراءات الجنائية يكون قد اشتمل على بيان نظام وضع الأحكام الجنائية بما لم يعد معه محل للرجوع إلى ما ورد في قانون المرافعات في شأن ختم الحكم وإيداع مسودته موقعاً عليها من الرئيس والقضاة فور النطق به ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة البطلان التي رماه بها الطاعن. لما كان ذلك، وكانت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه "ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط الفضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها". مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط الفضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبينا فيه وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته للبطلان، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من مكان تحريره ليس من شأنه إهدار قيمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقض أو عيب لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني الظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان إن التفتيش لصدوره للضابط...... بقسم الجوازات بالإسماعيلية الذى لا يختص بضبط الواقعة موضوع الدعوى وبطلان الإجراءات التي سبقت هذا الإذن لعدم إبلاغ النيابة العامة بها قبل إجرائها - واطرحه في قوله "وحيث إنه عما طعن به الدفاع من بطلان الإذن لصدوره لغير مختص فمردود... عليه بأنه من المقرر قانوناً أن رجل الضبط الفضائي له صفه الضبطية القضائية في مكان اختصاصه بالنسبة لجميع الجرائم، لما كان الثابت أن إذن النيابة قد صدر للرائد.... رئيس جوازات الإسماعيلية وهو أحد رجال الضبطية القضائية ومن ثم كان له اختصاص بالنسبة لضبط جميع الجرائم المتصلة بأعمال وظيفته في مكان اختصاصه الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الإذن قد صدر لمختص ومن ثم كان الدفع في غير محله وتلتفت عنه المحكمة ولا يعول عليه. وحيث إنه عن بطلان ما أتخذ من إجراءات دون إخطار الجهات الشرعية فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه بمجرد أن يعلم مأمور الضبط الفضائي بوقوع جريمة سواء كان ذلك بناء على تحرياته أو بناء على شكوى أو بلاغ فقد أوجب عليه القانون القيام بجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق وجمع العناصر والقرائن والأدلة التي تساعد على سهولة التحقيق، ومن ثم كان ما فعله الضابط من إجراءات يتفق وصحيح القانون وكان الدفع على غير أساس سليم من القانون وتلتفت عنه المحكمة ولا تعول عليه" وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ويسوغ به إطراح الدفعين المار ذكرهما ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد بدعوى الفساد في الاستدلال غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بإنكار الجريمة فأطرحه في قوله "وحيث إنه عن إنكار المتهم فلا يعدو أن يكون بدوره ضربا من الدفاع بقصد درء ما تردى فيه من إتهام " ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذى أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق لها معينها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استدلال الحكم بأقوال الشهود وما جرت به أقوال الشاهد.... الباحث بقسم جوازات الإسماعيلية لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما ذهب إليه الطاعن من أن أحدا من الشهود لم يقل بتزوير الأوراق التي قدمت لاستخراج جوازي السفر ومن ثم ينتفى الباعث على ارتكاب الجريمة مردودا بأن الباعث على الجريمة لا يؤثر في قيامها وليس ركناً من أركانها ولا عبره به في المسئولية، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا في الأحوال التي يقررها القانون، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به مما ثبت من معاينة مكان الضبط - من إمكان رؤية الشاهدين لواقعة عرض الطاعن مبلغ الرشوة وسماعهم ما دار من حديث بشأنها - وعولت على هذه المعاينة - من بين الأدلة التي أخذت بها - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه بمحضر الضبط ولم يقل بأنه كان وليد إكراه أو رهبة فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 122 لسنة 23 ق جلسة 13 / 12 / 1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 140 ص 986


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1956
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الرحمن يوسف، واحمد قوشه، وابراهيم عثمان يوسف المستشارين.
-------------
(140)
القضية رقم 122 سنة 23 القضائية

(أ) شفعة. "الجوار". إثبات. تسجيل. 
صدور عقد شراء الأرض المشفوع فيما قبل تسجيل عقد الجار المثبت لملكيته لما يشفع به. عدم اعتباره مالكا لما يشفع به وقت شراء الأرض المشفوع فيها. م 935، 936 مدني. ما يرد في عقد المشترى من أن الأرض المذكورة محدودة بملك الشفيع. لا يعول عليه في إثبات ملكية الشفيع.
(ب) استئناف "شكله". قوة الأمر المقضي. نقض. 
الدفع أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف شكلا لبطلان عريضة الاستئناف والحكم برفضه. الدفع بعد ذلك بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد والحكم برفضه أيضا. عدم الطعن بالنقض على الحكم الأول والاقتصار في الطعن على الحكم الثاني. اعتبار الحكم الأول قد حاز قوة الأمر المقضي ولو كان الحكم الثاني قد تناول القول في الدفع ورفضه.
(ج) دعوى "تقدير قيمتها". 
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير وحدة السبب في الدعوى التي تتضمن طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد. المادة 41 مرافعات.

------------
1 - مجرد التعاقد على البيع ينشأ عنه حق للجار في الأخذ بالشفعة بشرط أن يكون مالكا وقت البيع لما يشفع به وفقا للمادتين 935، 936 من القانون المدني. فإذا كان عقد شراء الأرض المشفوع فيها سابقا على تاريخ تسجيل عقد الجار المثبت لملكيته لما يشفع به فإنه لا يكون مالكا لما يشفع به وقت شراء الأرض المشفوع فيها ولا يعول في إثبات هذه الملكية على ما يرد في عقد المشترى من أن الأرض المذكورة محدودة بملك الشفيع.
2 - إذا دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف شكلا لبطلان عريضة الاستئناف فقضت محكمة الاستئناف برفضه ثم دفع أمامها بعد ذلك بعدم قبول الاستئناف شكلا لرفعه بعد الميعاد فقضت أيضا برفضه، ولم يطعن في الحكم الأول بطريق النقض واقتصر التقرير على الطعن في الحكم الثاني - فإن الحكم الأول يكون قد حاز قوة الأمر المقضي. ولا يجدى التمسك بأن الحكم المطعون فيه قد أعاد القول في الدفع بعدم قبول الاستئناف ورفضه.
3 - إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة من سبب قانوني واحد فإن لمحكمة الموضوع - عند تقدير قيمة هذه الدعوى طبقا للمادة 41 مرافعات - تقدير وحدة السبب ولا رقابة المحكمة النقض عليها ما دامت قد حصلت هذه الوحدة بناء على أسباب واقعية سائغة.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
... من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 200 سنة 1951 مدنى كلى الجيزة على الطاعنين وباقي المطعون عليهم بعريضة أعلنت في 9 من مايو سنة 1951 طالبا الحكم بأحقيته في قطعة أرض معدة للبناء مساحتها 1 ط و23 س تعادل 344 م و80 س مربعا كائنة بزمام ناحية "الطالبية" مقسمة إلى قطعتين مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى مبيعة إلى الطاعنين من المطعون عليهما الثاني والثالث مستندا إلى أنه يجاورها من الجهة البحرية، فدفع الطاعنان الدعوى بجملة دفوع منها أن الأرض المشفوع فيها والأرض المشفوع بها كلتاهما من الأراضي الزراعية وبأن الشفيع جار من حد واحد، وبتاريخ 27 من يناير سنة 1952 حكمت محكمة الجيزة الابتدائية برفض الدعوى استنادا على أن الأرضين هما من الأراضي الزراعية. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 144 سنة 69 ق استئناف القاهرة وتحدد لنظر استئنافه كما ورد بأصل عريضته جلسة 8 من أبريل سنة 1952 أمام الدائرة السادسة وفى هذه الجلسة لم يحضر أحد من المستأنف عليهم وأجلت الدعوى لجلسة 13 من مايو سنة 1952 لتبادل المذكرات وفى 23 من أبريل سنة 1952 أعلن المستأنف خصومه بمذكرة شرح فيها أسباب الاستئناف وفى 8 من مايو سنة 1952 أودع الطاعنان مذكرة طلبا فيها الحكم ببطلان عريضة الاستئناف وبالتالي اعتبار الاستئناف غير مقبول لأنهما لم يعلما بحصول الاستئناف إلا من المذكرة المعلنة إليهما وعلى أن الصورتين المسلمتين إليهما من إعلان صحيفة الاستئناف جاءتا خلوا من بيان تاريخ الجلسة المحددة لنظره ومن بيان رقم الدائرة التي تقرر نظره أمامها. وبجلسة 13 من مايو سنة 1952 حضر الطرفان وطلبا التأجيل للصلح فتأجل الاستئناف لهذا الغرض ولما لم يتم الصلح حجزت المحكمة القضية للحكم في الدفع - وفى 21 من يونيه سنة 1952 حكم برفض الدفع وباعتبار عريضة الاستئناف صحيحة وبتحديد جلسة لسماع أقوال الخصوم فيما عدا الدفع وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1952 صدر حكم بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل للانتقال إلى محل النزاع ومعاينة الأرض وبيان ما إذا كانت زراعية أو معدة للبناء وقد قدم الخبير تقريره مثبتا فيه أن الأرض معدة للبناء، وتمسك الطاعنان في مذكرتهما الختامية بأربعة دفوع أولها عدم قبول الاستئناف شكلا لرفعه بعد الميعاد وثانيها بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى بالنسبة للمقدار المبيع إلى المستأنف عليه الرابع (الطاعن الثاني) لأن قيمته تقل عن نصاب المحكمة الابتدائية وثالثها بعدم أحقية المطعون عليه الأول في الأخذ بالشفعة لأنه لم يكن مالكا وقت بيع الأرض المشفوع فيها ورابعها عدم أحقية الشفيع في أخذ الأرض المشفوع فيها لأنها أرض زراعية ولا يجاورها إلا من حدّ واحد، وبتاريخ 10 من مارس سنة 1953 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلا وفى موضوع الاستئناف أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظر الدعوى وثانيا: بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون عليه الأول) لأخذ قطعتي الأرض بالشفعة فقرر الطاعنان الطعن فيه بالنقض في 9 من مايو سنة 1953 وقدما مذكرة شارحة لطعنهما كما قدم المطعون عليه الأول مذكرة طلب فيها رفض الطعن وأبدت النيابة العامة رأيها بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6 من يونيه سنة 1956 قررت إحالته على هذه الدائرة.
ومن حيث إن الطاعنين طعنا على الحكم الصادر في 10 من مارس سنة 1953 بانيين طعنهما على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلا قد أخطأ في تطبيق القانون وقالا في بيان ذلك إن أول علم لهما بقيام الاستئناف تم بإعلانهما بالمذكرة المقدمة لجلسة 13 من مايو سنة 1952 وبعد هذا الإعلان أول إجراء صحيح ومتى كان الثابت أن الحكم المستأنف أعلن في 19 من فبراير سنة 1952 فإن ميعاد الاستئناف يكون قد انقضى لمرور أكثر من عشرة أيام ولكن الحكم قضى برفض الدفع لنفس الأسباب التي قضى بها رفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف وهذا خلط بين دفعين لكل منهما كيانه القانوني وذاتيته المستقلة.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعنين سبق أن دفعا أمام محكمة الاستئناف ببطلان إعلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن وبالتالي اعتبار الاستئناف غير مقبول، وفى 21 من يونيه سنة 1952 أصدرت محكمة الاستئناف حكمها بأنه "وقد زال البطلان الذى شاب عريضة الاستئناف بحضور المستأنف عليهما الثالث والرابع (الطاعنين) فيكون الدفع ببطلان عريضة الاستئناف واعتبارها كأن لم تكن وبالتالي اعتبار الاستئناف غير مقبول دفعا على غير أساس من القانون ويتعين رفضه". ولكن الطاعنين لم يطعنا في هذا الحكم بطريق النقض واقتصر التقرير على الطعن في حكم 10 من مارس سنة 1953 وعلى ذلك يكون حكم 21 من يونيه سنة 1952 قد حاز قوة الأمر المقضي ولا يجدي الطاعنين أن يكون الحكم المطعون عليه منهما الصادر بتاريخ 10 من مارس سنة 1953 قد أعاد القول في الدفع بعدم قبول الاستئناف ثم رفضه ذلك لأن الحكم الأول هو الذى حاز الحجية ولم يكن الحكم الأخير إلا تكرارا لأمر استقرت حجيته.
ومن حيث إن السبب الثاني من الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى بالنسبة للطلب الموجه إلى الطاعن الثاني كما أخطأ في التسبيب وقالا بيانا لذلك إنه وإن كان العقد الابتدائي الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1950 قد صدر لهما ببيع 350 مترا إلا أن الثابت من هذا العقد أن كلا منهما اشترى نصيبا مفرزا محددا وتحرر لكل منهما عقد نهائي مستقل قام بتسجيله مما يفيد اعتبار البيعين مستقلين وقد رفض المطعون عليه الأول في دفاعه أمام محكمة الاستئناف الاعتراف بالعقد الابتدائي كما أنه عندما رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة وكذلك في عريضة الاستئناف طلب الحكم بالشفعة بالنسبة للقطعتين وأورد حدود كل منهما وأنه ترتيبا على ذلك تكون الدعوى تضمنت طلبين للشفعة أحدهما قيمته قيمة العقد الأول ومقدارها 262 ج والآخر قيمته قيمة العقد الثاني ومقدارها 88 جنيها وتمسك الطاعن الثاني أمام محكمة أول درجة بعدم الاختصاص ولكن المحكمة المذكورة قضت برفض الدفع ولما عاود التمسك به أمام محكمة الاستئناف قضت هي الأخرى برفضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدفع على أن طلب الأخذ بالشفعة قد قام على أن السبب القانوني للأخذ بالشفعة في القطعتين هو سبب واحد وهو العقد الابتدائي المؤرخ 27 من نوفمبر سنة 1950 الذى باع بمقتضاه المالكان الأصليان للطاعنين قطعتي الأرض وأن تحرير عقد نهائي مستقل لكل من المشترين لا يخل بالحقيقة الواقعة وهو قيام سبب واحد وأنه يؤكد ذلك أن العقدين النهائيين حررا معا في وقت واحد وصدق عليهما في مكتب توثيق واحد الأمر الذى يحقق أنها صفقة واحدة بحكم مولدها بالعقد الأول المشترك وبحكم نهايتها المشتركة على هذا الوجه لما كان ذلك وكانت المادة 41 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمها جملة. ولما كان لمحكمة الموضوع تقدير وحدة السبب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت قد حصلت هذه الوحدة بناء على أسباب واقعية سائغة كما هو الحال في هذا النزاع لما كان ذلك وكانت جملة قيمة قطعتي الأرض موضوع الشفعة تبلغ 350 جنيها مما يدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص لا يكون أخطأ في القانون.
ومن حيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر أن ملكية المطعون عليه الأول سابقة على عقد شراه الطاعنين وفى تبيان ذلك قال الطاعنان إن المطعون عليه الأول صرح في دعواه بأنه يشفع بناء على عقده المسجل في 11 من يناير سنة 1951 وقد تمسك الطاعنان بأن عقد مشتراهما الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1950 كان سابقا على عقد الشفيع المسجل وبأنه كان يسق أيضا عقده الابتدائي الذى تم في 10 من ديسمبر سنة 1950 والذى قال المطعون عليه الأول أنه وإن كان خلوا من التاريخ إلا أنه ورد به أن مقدم الثمن دفع بموجب شيك مؤرخ في 10 من ديسمبر سنة 950 ولا يمكن أن يسبق العقد دفع مقدم الثمن وقد رفض الحكم المطعون فيه الأخذ بدفاع الطاعنين مستندا في ذلك إلى سببين أولهما - أن تحرير الشيك قد يكون مصحوبا بخطأ في تاريخه والثاني - أنه ورد في العقد الابتدائي الخاص بالطاعنين أن الحد البحري هو الدكتور أحمد عز الدين واستخلصت محكمة الاستئناف من ذلك أن عقد الشفيع الابتدائي هو الأسبق ولم يبين الحكم المطعون فيه علة قوله باحتمال الخطأ في تاريخ تحرير الشيك كما أن ما ورد في عقد الطاعنين من أن الحد البحري هو الدكتور أحمد عز الدين لا يفيد أن هذا الحد هو ملك الدكتور، ويضيف الطاعنان إلى ما ذكر أنه لو صح شراء المطعون عليه الأول قبل مشتراهما فإن هذا لا يشفع له في طلب الشفعة لأن عقد الشراء الابتدائي لا يرتب حقوقا عينية ولا ينقل ملكية ولما كان المطعون عليه الأول قد استند في طلب الشفعة إلى عقده المسجل وكان مشترى الطاعنين بعقدهما العرفي المؤرخ في 27 من نوفمبر سنة 1950 الذى اعتمده الحكم المطعون فيه عند الرد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. لما كان ذلك فان المطعون عليه الأول لم يكن مالكا وقت شراء الطاعنين للأرض المشفوع فيها.
ومن حيث إن المادة 935 من القانون المدني نصت على أن الشفعة "رخصة تجيز في بيع العقار الحلول محل المشترى في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في المواد التالية م 936 (هـ) للجار الملك في الأحوال الآتية..." وحاصل هذا النص أن مجرد التعاقد على البيع ينشأ عنه حق للجار في الأخذ بالشفعة بشرط أن يكون مالكا وقت البيع لما يشفع به. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه ورد به "وحيث إنه بالنسبة للأمر الثالث وهو القول بأن شراء المستأنف للأرض المشفوع بها متأخر عن شراء المستأنف عليهما الثالث والرابع للأرض المشفوع فيها فانه مردود بما جاء في عقد شراء المستأنف عليهما المؤرخ 27 من نوفمبر سنة 1950 من أن الحد البحري للأرض المبيعة لهما هو الدكتور أحمد عز الدين وهو المستأنف الأمر الذى يؤكد أنه اشترى الأرض المشفوع بها قبل شراء المستأنف عليهما ولا يلتفت بعد ذلك إلى ما جاء بعقد شراء المستأنف العرفي من أن جزءا من الثمن دفع بشيك مؤرخ 10/ 12/ 1950 والاستنتاج بأن هذا هو تاريخ عقده لأن العقد بغير تاريخ إذ أنه لا يجوز اللجوء إلى الاستنتاج من واقعة قد تكون مشوبة بخطأ في هذا التاريخ أو مقصودا بها تأجيل الصرف من البنك إلى تاريخ متأخر عن وقت الشراء أمام صراحة ما جاء بعقد المستأنف عليهما أنفسهما من أن الأرض المبيعة لهما محدودة بملك المستأنف وهو ما لا يدع مجالا للشك أنه مالك للأرض المشفوع بها من قبل بيع الأرض المشفوع فيها إلى المستأنف عليهما ولما كان الحكم المذكور قد استند إلى ما ورد بعقد مشترى الطاعنين في بيان حدهما البحري وأورد أنه "ملك" المطعون عليه الأول مع أن الوارد بالعقد هو "البحري الدكتور أحمد عز الدين" دون توضيح لما إذا كان هذا الحد مملوكا له أو غير مملوك له مع أن هذا العقد لم يكن معدا لإثبات الملكية بل المعول في إثباتها على العقد المسجل الذى آلت به الملكية للشفيع ومن ثم يتعين قبول هذا السبب ونقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما كان عقد شراء القطعتين المشفوع فيهما صادرا في 27 من نوفمبر سنة 1950 وكان عقد الشفيع المثبت لملكيته لما يشفع به مسجلا في 10 من يناير سنة 1951 فانه لا يكون بذلك مالكا لما يشفع به وقت شراء الطاعنين لقطعتي الأرض المشفوع فيهما ومن ثم يتعين رفض الطلب الشفعة ويتعين لهذه الأسباب تأييد الحكم المستأنف.

الطعن 73 لسنة 19 ق جلسة 14 / 12 / 1950 مكتب فني 2 ج 1 ق 32 ص 168


جلسة 14 من ديسمبر سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
------------
(32)
القضية رقم 73 سنة 19 القضائية

 (أ) حكم. تسبيبه.
حكم استئنافي قضى برفض دعوى شفعة. قيامه على أن عقد شراء الشفيع للعقار المشفوع به لم يسجل إلا بعد البيع. مقتضى ذلك أن الشفيع لا يعتبر شريكاً على الشيوع في الملك المشفوع فيه. عدم تعرض الحكم لسائر أوجه الدفع التي أسس الحكم الابتدائي قضاءه برفض الدعوى على واحد منها. لا قصور.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
(ب) استئناف. شفعة. طلب جديد.

الدفع بأن الشفيع لم يكن مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه. لا يعتبر طلباً جديداً، إنما هو دليل جديد.
(المادتان 368/ 369 من قانون المرافعات - القديم - ).

-------------
) أ) متى كان الحكم الاستئنافي إذ قضى برفض دعوى الشفيع - الطاعن - قد أقام قضاءه على ما قرره من أن عقد شراء الشفيع للعقار المشفوع به لم يسجل إلا بعد حصول البيع الذي تولد عنه حق الشفعة فإن مقتضى هذا التقرير أن الشفيع لا يعتبر شريكاً على الشيوع في الملك المشفوع فيه وهذا يغني عن التعرض لسائر أوجه الدفع التي تناولها الحكم الابتدائي وقضى برفض الدعوى على أساس واحد منها وبذلك لا يكون في عدم بحث الحكم الاستئنافي لها قصور يعيبه.
(ب) الدفع بأن الشفيع لم يكن مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه ليس من الطلبات الجديدة التي لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وإنما هو من الأدلة الجديدة التي يجوز للخصوم الإدلاء بها في الاستئناف وفقاً للمادة 369 من قانون المرافعات - القديم.
وإذن فمتى كان الواقع في الدعوى هو أن المشفوع منه - المطعون عليه الأول - دفع أمام محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول دعوى الشفيع لعدم جواز تجزئة الصفقة كذلك دفع بسقوطها لعدم رفعها في الميعاد القانوني كما دفع بسقوط الحق في الشفعة لعدم إظهار الرغبة في الميعاد القانوني، وكان الحكم الابتدائي إذ قضى برفض الدعوى قد أقام قضاءه على عدم جواز تجزئة الصفقة. وكان الحكم الاستئنافي إذ قضى بتأييد هذا الحكم قد أسس قضاءه على ما أبداه المشفوع منه للمرة الأولى لدى محكمة الاستئناف من أن الشفيع لم يكن مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه. فإن في هذا الذي أورده الحكم الاستئنافي ما يكفي لحمله فيما قضى به من رفض الدعوى. ومن ثم فإن طعن الشفيع على هذا الحكم بحجة قبوله طلباً جديداً لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ولقصوره استناداً إلى أنه لم يعن ببحث الدفاع الذي أدلى به رداً على الدفوع التي أبداها المشفوع منه أمام محكمة الدرجة الأولى. هذا الطعن بشقيه يكون على غير أساس.


الوقائع
في يوم 18 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف مصر الصادر في 28 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 854 س 64 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات المبينة بعريضة الدعوى الافتتاحية وعريضة الاستئناف وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي.
وفي 22 و26 و31 من مايو سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 6 من يونيه سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 21 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة - ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 26 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مدون بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة
ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه عاره قصور في التسبيب من ناحيتين الأولى أنه صرف النظر عن جميع وجوه الدفاع التي تناولها الحكم المستأنف وأخذ بدفع جديد أثير أمام محكمة الاستئناف للمرة الأولى هو الدفع بأن الطاعن لم يكن مالكاً للعقار المشفوع به وقت صدور البيع المشفوع فيه وبنى قضاءه بتأييد الحكم المستأنف الصادر برفض دعوى الطاعن على هذا السبب وحده، والناحية الأخرى أنه لم يعن ببحث الدفاع الذي أدلى به الطاعن رداً على الدفوع التي أبداها المطعون عليه الأول أمام محكمة الدرجة الأولى وهي الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم جواز تجزئة الصفقة والدفع بسقوط الدعوى لعدم رفعها في الميعاد القانوني والدفع بسقوط الحق في الشفعة لعدم إظهار الرغبة في الميعاد القانوني وهي الدفوع التي أقام الحكم الابتدائي قضاءه على واحد منها. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم إذ سلك هذا المسلك يكون قد خالف المادة 368 من قانون المرافعات القديم بقبوله طلباً جديد لأول مرة أمام الاستئناف وبذلك حرم الطاعن من إحدى درجتي التقاضي وتصدى للموضوع في حالة ليست هي من حالات التصدي.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان: أولاً - بما ورد في الحكم المطعون فيه من أن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) دفع دعوى الشفعة أمام هذه المحكمة بأن المستأنف (الطاعن) لم يكن مالكاً ولا شريكاً في المنزلين اللذين طلب أحقيته بالشفعة للحصة المبيعة إليه فيهما من باقي المستأنف عليهن... وأن المستأنف عليه الأول اشترى الحصة المشفوعة من باقي المستأنف عليهم بعقد ابتدائي تاريخه 23 من يونيه سنة 1942 وهذا التاريخ لا مطعن عليه من المستأنف وقد تعززت صحته بأن قدم المستأنف عليه الأول إيصالات موقعاً عليها من مصلحة المساحة ببني سويف تاريخها 24 من يونيه سنة 1942 تفيد أنه قدم طلباً لهذه المصلحة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحرير عقد البيع النهائي عن نفس الصفقة التي حرر بها العقد الابتدائي المذكور هذا وأما المستأنف فإن مشتراه من عبده وأخيه محمد محمد السيد رمضان فإن تاريخه العرفي 27 من يونيه سنة 1942 ومن هذا يتبين أن المستأنف لم يكن شريكاً ولا مالكاً لأي حصة في المنزلين عندما اشترى المستأنف عليه الأول الحصة المشفوعة في المنزلين من باقي المستأنف عليهن ومن ثم تكون دعوى الشفعة على غير أساس. وهذا الذي أورده الحكم يكفي لما قضى به من رفض الدعوى إذ متى كان الحكم قد قرر أن عقد شراء الطاعن للعقار المشفوع به لم يسجل إلا بعد حصول البيع الذي تولد عنه حق الشفعة كان مقتضى هذا التقرير أن الطاعن لا يعتبر شريكاً على الشيوع في الملك المشفوع فيه، وهذا يغني عن التعرض لسائر أوجه الدفع التي تناولها الحكم الابتدائي وقضى برفض الدعوى على أساس واحد منها وبذلك لا يكون في عدم بحث الحكم المطعون فيه لها قصور يعيبه. ومردودان ثانياً بأن هذا الدفع الذي أقره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه برفض دعوى الشفعة ليس من الطلبات الجديدة التي لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وإنما هو من الأدلة الجديدة التي يجوز للخصوم الإدلاء بها في الاستئناف وفقاً للمادة 369 من قانون المرافعات (القديم).
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن بسببيه على غير أساس ويتعين رفضه.