جلسة 4 من يونيه سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.
----------------
(121)
الطعن رقم 674 لسنة 56 القضائية
تفتيش "التفتيش بغير إذن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حرمة المسكن. استمدادها من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه.
كل مكان خاص يقيم فيه الشخص بصفة مؤقتة أو دائمة. ولو لم يكتمل بناؤه أو لم يكن به نوافذ وأبواب. هو مسكن، عدم جواز دخول الغير إليه إلا بإذنه. مؤدى ذلك؟.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما حازا بقصد التعاطي جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 والبند 57 من الجدول رقم واحد المرفق والمعدل بقرار من وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة..... بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه ومعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور وتغريمه مائة جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي ودان الثاني بجريمة الضبط في مكان أعد لتعاطي المخدرات وكان يجرى فيه تعاطيها مع علمه بذلك قد انطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه رفض دفعهما ببطلان تفتيش المسكن لحصوله بغير إذن من النيابة العامة تأسيساً على أن مكان الضبط بناء على طور الإنشاء ليس له أبواب أو نوافذ وغير مسكون فلا تتوافر له حرمة المساكن التي قصد الشارع حمايتها، في حين أن هذا المسكن ملك للطاعن الأول وفي حيازته ويقوم بالسكنى فيه لحين اكتماله ولا يجوز تفتيشه بغير إذن من السلطة المختصة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "أنه أثناء قيام الرائد..... لملاحظة حالة الأمن وضبط المشتبه فيهم والهاربين من الجندية والمحكوم عليهم وفيما كان يمر ليلاً بناحية البراجيل في منطقة حديثة الإنشاء سمع أصواتاً تصدر من أحد المباني في طور الإنشاء ليس له أبواب أو شبابيك كما شاهد كمية من الدخان تنبعث منه فدلف إليه حيث شاهد شخصين يجلسان على الأرض ويتناوبان تعاطي الجوزة كما أن أحدهما يقوم بتقطيع شيء ويقوم بوضع القطع على أحجار وأمامها قطع من الفحم المشتعل وقطعة من الصفيح فاقترب منه وتمكن من ضبطه والشيء الذي يقوم بتقطيعه فتبين أنه لفافة سلفانية بداخلها مادة داكنة اللون تشبه الحشيش وأنه يدعى....... (الطاعن الأول) وتبين أن الشخص الأخر الذي تم ضبطه يدعى..... فقام بضبط تلك الأشياء وبمواجهتهما اعترفا بتعاطيهما المخدر المضبوط فتم ضبطهما والأشياء سالفة الذكر" ثم عرض الحكم للدفع ببطلان تفتيش المنزل والقبض على الطاعنين وأطرحه بقوله "أن المشرع وإن كان قد حرم في المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية على رجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون، إلا أن المقصود من تلك المحال هي المحال المسكونة بأهلها ولما كان الثابت من التحقيقات أن المكان الذي ضبط المتهمان فيه هو في طور الإنشاء ليس له أبواب أو نوافذ وأنه غير مسكون من أحد بطبيعته هذه ومن ثم فإن حرمة المسكن التي قصد المشرع حمايتها تكون غير متوافرة في مكان الضبط مما يبيح لرجل السلطة العامة الدخول إليه لملاحظة حالة الأمن والنظام ومن ثم يكون القول ببطلان التفتيش وما تلاه من قبض غير قائم على أساس". لما كان ذلك، وكانت حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه، فإن مدلول المسكن يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة، فهو كل مكان خاص يقيم الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة، وعلى ذلك فإن عدم اكتمال بناء المسكن أو عدم تركيب أبواب أو نوافذ له لا يقدح في أنه مكان خاص طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعاً لسره ويستطيع أن يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه، فلا يعد مكاناً متروكاً يباح للغير دخوله دون إذنه ولا يجوز لرجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على اعتبار المبنى الذي تم فيه الضبط غير مسكون لمجرد عدم اكتماله وخلوه من الأبواب والنوافذ، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال الذي أسلمه إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق