جلسة 27 من فبراير سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضه رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر ومحمد عوض الله مكي.. المستشارين.
-------------------
(44)
القضية رقم 643 لسنة 13 القضائية
1 - دعوى الإلغاء "ميعاد رفعها".
صدور قرار من اللجنة القضائية بأحقية العامل في تسوية حالته - تراخي جهة الإدارة في تنفيذ هذا القرار - ميعاد الطعن في قرار الترقية الذي صدر بعد قرار اللجنة القضائية وقبل تنفيذه - يبدأ من التاريخ الذي تصدر فيه جهة الإدارة قرارها بتنفيذ قرار اللجنة القضائية - بيان ذلك (1).
2 - عاملون مدنيون "ترقية. تسوية. قواعد الإنصاف".
صدور قرار بالترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط - ليس للعامل الذي كان معيناً في تاريخ هذه الترقية في كادر العمال أن يزاحم من كان يشغل الدرجة السابعة فعلاً - لا يغير ذلك أن تسوى حالة هذا العامل في الكادر الفني المتوسط بعد إجراء الترقية وترد أقدميته فرضاً إلى ما قبل ذلك - كما لا يغير منه أن يكون للعامل الحق في تسوية حالته طبقاً لقواعد الإنصاف - أساس ذلك أن تطبيق قواعد الإنصاف على عمال اليومية يقتصر على منحهم أجوراً موازية لمؤهلاتهم دون منحهم الدرجات التي تقررها هذه القواعد - بيان ذلك.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 399 لسنة 10 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية وطلب فيها الحكم "بإلغاء القرار الصادر في 25 من يناير سنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة بالكادر الفني المتوسط مع ما يترتب على ذلك من آثار" وبجلسة 2 من سبتمبر سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية للرئاسة والمؤسسات والهيئات العامة، وقد أحالتها هذه المحكمة بدورها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص تنفيذاً لحكم القانون 144 لسنة 1964 وقيدت بسجل المحكمة برقم 2540 لسنة 19 القضائية، وتخلص الدعوى في أن المدعي عين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء في 17 من أغسطس سنة 1948 ثم نقل إلى إدارة الغاز والكهرباء في 13 من فبراير سنة 1956 وصدر لصالحه حكم من اللجنة القضائية في الدعوى 1373 لسنة 1 القضائية قضى بأحقيته في تسوية حالته وفقاً للقواعد الواردة في قرار مجلس الوزراء في أول يوليه و2 و9 ديسمبر سنة 1951 وأصبح الحكم نهائياً، وقد تباطأت إدارة الغاز والكهرباء في تنفيذ الحكم المشار إليه إلى أن أصدرت القرار الوزاري رقم 14 لسنة 1962 في 30 من يونيه سنة 1962 بإرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 17 من أغسطس سنة 1948، وقد صدر قرار في 25 من يناير سنة 1958 بترقية زميله السيد/ سعيد علي خليل إلى ذات الدرجة وذلك بعد نقل المدعي لإدارة الغاز والكهرباء بأكثر من سنة، ولما كان المدعي يسبق المطعون في ترقيته في أقدمية الدرجة السابعة فقد كان من المتعين إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى تاريخ القرار كأثر للحكم، وقال أنه بمجرد علمه بقرار تسوية حالته تنفيذاً للحكم بطريقة مبتورة بادر بتقديم تظلمه في 19 من أغسطس سنة 1962 ولما لم يصله رد على تظلمه مما يعتبر رفضاً ضمنياً بادر بتقديم طلب إعفاء من الرسوم قيد برقم 57 لسنة 10 وتقرر رفضه في 20 من فبراير سنة 1963 فبادر بتقديم دعواه هذه في الميعاد. وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة سائق ديزل باليومية بدرجة دقيق بأجر يومي قدره 320 مليماً اعتباراً من 17 من أغسطس سنة 1948 وهو حاصل على دبلوم المدارس الصناعية نظام حديث خمس سنوات عام 1948 ثم نقل إلى إدارة الغاز والكهرباء بتاريخ 13 من فبراير سنة 1956 وكان أجره اليومي قد بلغ 380 مليماً ثم رقى إلى درجة دقيق ممتاز في 29 من أبريل سنة 1958 فبلغ أجره 440 مليماً وصدر القرار الوزاري رقم 14 لسنة 1962 متضمناً تسوية حالته باعتباره في الدرجة السابعة الفنية المتوسطة من 17 من أغسطس سنة 1948 وتدرج حالته وفقاً لما هو وارد بهذا القرار وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وكان ذلك استناداً إلى قرار اللجنة القضائية لوزارة الأشغال الصادر بجلسة 12 من مارس سنة 1953 وقالت الجهة الإدارية أن الطعن على القرار رقم 140 لسنة 1958 الصادر في 25 يناير سنة 1958 لم يقدم في الميعاد مما يجعل القرار حصيناً من الإلغاء ولا دخل لتراخي الإدارة في تسوية حالته طبقاً لقرار اللجنة القضائية في تحصن القرار المطعون فيه، وعقب المدعي على هذا الرد بأن العبرة بالقرار الصادر بتسوية حالته والذي به يتحدد مركزه وهو لم يتراخ في طلب تنفيذه وبجلسة 16 من فبراير سنة 1967 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى ويقضي "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الفنية المتوسطة إلى 25 من يناير سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المؤسسة المصروفات" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بقبول الدعوى شكلاً على أن قرار تسوية حالة المدعي الذي صدر في 30 من يونيه سنة 1962 هو الذي أرسى اليقين لديه بحقيقة مركزه القانوني، وقد تظلم من القرار المطعون في 20 من أغسطس سنة 1962 وتقدم بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 15 من أكتوبر سنة 1962، ولما رفض طلبه في 10 من فبراير سنة 1963 أقام دعواه في الموعد القانوني. وفيما يتعلق بالناحية الموضوعية أقامت المحكمة قضاءها على أنه لا محل لما تذهب إليه جهة الإدارة من أن تعيين المدعي في الدرجة السابعة كان لاحقاً على صدور القرار المطعون فيه، لأن العبرة بتاريخ تقرير حقه في أقدمية الدرجة السابعة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1951 والذي منحه الحق في الدرجة السابعة المقررة لمؤهله الدراسي من بدء تعيينه في 17 من أغسطس سنة 1948 وهو ما أقرته اللجنة القضائية بمقتضى حكمها الحائز لقوة الشيء المقضى فيه، وأصبح نهائياً بعدم الطعن عليه، وكان يتعين إجراء تسوية حالته على مقتضاه قبل إجراء الحركة المطعون فيها، ولكن جهة الإدارة تراخت في إجراء هذه التسوية حتى 30 من يونيه سنة 1962 وكان نتيجة ذلك أن تخطته في الترقية بالأقدمية المطلقة، وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر على خلاف القانون إذ أن المطعون في ترقيته ترجع أقدميته في الدرجة السابعة إلى أول يناير سنة 1949 بينما ترجع أقدمية المدعي في هذه الدرجة إلى 17 من أغسطس سنة 1948 ولما كان المدعي قد رقى إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1962 فإن مصلحته تصبح قاصرة على إرجاع أقدميته في الدرجة المشار إليها إلى 25 من يناير سنة 1959 تاريخ نفاذ الحركة المطعون فيها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لأن المدعي لا يطعن في القرار رقم 140 لسنة 1958 الصادر في 25 يناير سنة 1958 في المواعيد القانونية ومن ثم فقد أصبح حصيناً وتكون الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد، كما جانب الحكم المطعون فيه جادة الصواب عندما ألقى على عاتق جهة الإدارة مسئولية عدم تنفيذ قرار اللجنة القضائية إذ أن هذه المسئولية تقع على المدعي وحده الذي لم يطلب تنفيذ هذا القرار، وقد منحه القانون الوسائل اللازمة لإجبار الإدارة على ذلك، كذلك فإن المطعون ضده لم يكن قد عين في الكادر الفني المتوسط وقت صدور القرار المطعون فيه، ذلك أن تاريخ تعيينه بالدرجة السابعة الفنية المتوسطة كان في 5 من فبراير سنة 1962 وهو تاريخ لاحق على صدور القرار المطعون فيه الذي صدر في 25 من يناير سنة 1958 ومن البديهي أن حقه في الترقية إلى الدرجة المشار إليها لن يترتب إلا إذا كان معيناً بهذا الكادر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يطلب إرجاع أقدميته في هذه الدرجة.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من الطعن المتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإن الحكم المطعون فيه سليم فيما انتهى إليه في هذا الخصوص ذلك:
أن وضع المدعي القانوني لم يتحدد وفقاً لقرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه في التظلم رقم 1373 لسنة 1 القضائية على نحو يتبين منه حقيقة مركزه في الطعن على القرار الذي تخطاه في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة، إلا بعد أن قامت الجهة الإدارة بتسوية حالته وفقاً لقرار اللجنة المشار إليه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1962 - حيث وضع على الدرجة السابعة الفنية المتوسطة التي يستحقها اعتباراً من 17 من أغسطس سنة 1948 - وبذلك انحسم مركزه القانوني وتحدد بصفة نهائية، وأرسخ اليقين لديه بحقيقة وضعه من القرار المطعون فيه وأفسح له ميعاد التظلم منه ومن هذا التاريخ راعى المدعي المواعيد المقررة للطعن.
وبذلك تكون دعواه قد استوفت أوضاعها الشكلية ورفعت في الميعاد فهي مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لوجه الطعن المتعلق بالموضوع، فإن الثابت من الأوراق أن وضع المدعي الوظيفي - عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 25 من يناير سنة 1958 وقبل تعيينه بالدرجة السابعة في الكادر الفني المتوسط بتاريخ 5 من فبراير سنة 1962 - كان مستقراً في كادر العمال بينما الحركة المطعون فيها صادرة بالترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط, ومن ثم فإن المدعي لم يعين في هذا الكادر إلا بعد صدور القرار المطعون فيه, وبهذه المثابة لم يكن له أصل حق في أن يتزاحم في الترقية مع من كان ينتظمهم هذا الكادر ممن كانوا يشغلون فعلاً الدرجة السابعة الفنية وقت صدور الحركة المطعون فيها، وكان لابد لكي يكون له هذا الحق أن يكون القرار الصادر بتعيينه في هذا الكادر قد صدر سابقاً على هذه الحركة، أما وقد صدر بعد هذه الحركة فإنه بذلك ينهار الأساس القانوني الذي يقيم عليه المدعي هذه الدعوى.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم - أن المدعي قد سويت حالته في 30 من يونيه سنة 1962 - أي في تاريخ لاحق لتعيينه في الكادر الفني المتوسط - تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية, فردت أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر إلى 17 من أغسطس سنة 1948 فرضاً مما يؤهله للترقية في الحركة المطعون فيها - لا يغير هذا مما تقدم, ذلك أنه مهما يكن من أمر أقدميته هذه التي لم ترتب له في هذه الدرجة إلا بعد تسوية حالته وبعد الحركة المطعون فيها, فإنه ما كان ممكناً ولا جائزاً أن ترتب له هذه الأقدمية قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط، ومن ثم فليس من شأن إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر على النحو المشار إليه, أن يتزاحم في الترقيات التي تمت به قبل تعيينه, وإلا أدى ذلك إلى أن يقع المساس بالحقوق التي اكتسبت لذويها من موظفي هذا الكادر الأمر الذي لا يجوز قانوناً.
ومن حيث إنه لا حجة فيما استند إليه الحكم المطعون فيه, من أن العبرة بتقرير حق المدعي في أقدمية الدرجة السابعة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1951 والذي منحه الحق في هذه الدرجة المقررة لمؤهله من بدء تعيينه في 17 من أغسطس سنة 1948 الأمر الذي أقرته اللجنة القضائية في قرارها المشار إليه - لا حجة في ذلك، إذ أن منح الدرجات والمرتبات التي تقررها قواعد الإنصاف لا يكون إلا لمن كانوا في سلك الدرجات أما من لم يكونوا في هذا السلك وإنما كانوا معينين في كادر عمال اليومية فإن حق هؤلاء يقتصر على منحهم أجوراً موازية لمؤهلاتهم قياساً على مرتبات نظرائهم المؤهلين والمعينين في سلك الدرجات، ومن ثم فإنه لما كان وضع المدعي الوظيفي - قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط - كان مستقراً في كادر عمال اليومية فإنه ليس من شأن قرار اللجنة القضائية الذي قضى بأحقيته في تسوية حالته وفقاً للقواعد الواردة في قرارات مجلس الوزراء الصادرة في أول يوليه و9 من ديسمبر سنة 1951 - ليس من شأن هذا القرار أن يمنحه الدرجة المقررة لمؤهله وهو في هذا الكادر وإنما كل ما يمكن أن يمنحه له هو تسوية أجره اليومي قياساً على ما هو مقرر لنظيره المعين على درجة بالميزانية بأن يرفع أجره إلى ما يعادل مرتب هذا النظير، وتتمخض هذه التسوية في النهاية عن مصرف مالي في الكادر الذي ينتمي إليه وهو كادر العمال.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين لذلك الحكم بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
(1) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1965 في القضية رقم 1418 لسنة 8 ق المنشور بمجموعة السنة الحادية عشرة قاعدة رقم 4 ص 28 - وقارن حكمها الصادر بجلسة 23 من مارس سنة 1969 في القضية رقم 853 لسنة 10 ق المنشور بمجموعة السنة الرابعة عشرة قاعدة رقم 67 ص 525.