جلسة 24 مارس سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.
---------------
(100)
القضية رقم 330 لسنة 9 القضائية
(أ) عامل "إعانة غلاء معيشة".
قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 أكتوبر سنة 1952 بمنح العمال المؤقتين إعانة غلاء معيشة من اليوم التالي لمضي سنة في الخدمة - لا يفيد منه العمال المعينون على اعتماد عملية التعداد العام لسكان الجمهورية عن سنة 1960 - أساس ذلك أنه لم يكن ملحوظاً في هذا الاعتماد عند تقديره تطبيق أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه على العمال المؤقتين المعينين عليه للفترة الزمنية المحددة التي قدرت لإتمام عملية الإحصاء، ومن ثم وجب على الإدارة التزام تقديرات الاعتماد المالي المخصص لهم وعدم تجاوزها، فإن جاوزت حدوده أعوز قرارها سنده المالي ووقع بذلك غير ناجز ولا نافذ.
(ب) عامل. "إعانة غلاء معيشة".
استبقاء هؤلاء العمال تطبيقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 بشأن عدم جواز فصل العمال المؤقتين والموسميين بغير الطريق التأديبي - لا يقرر لهم حقاً في الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 أكتوبر سنة 1952 في فترة استبقائهم - أساس ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 299 لسنة 9 القضائية ضد مصلحة الإحصاء والتعداد (رياسة الجمهورية) بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية في 25 من يوليه سنة 1962 بناء على قرار صادر لصالحه في 16 من يونيه سنة 1962 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في طلب الإعفاء رقم 360 لسنة 9 القضائية وطلب في عريضة الدعوى "الحكم باستحقاقه لصرف إعانة غلاء المعيشة على أجره القانوني ومقداره 200 مليم في وظيفة فراش بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية وإلزام المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه في أنه التحق في 9 من أكتوبر سنة 1960 بمصلحة الإحصاء والتعداد في مهنة فراش ومنح أجراً شاملاً قدره مائتا مليم يومياً، إلا أن المصلحة لم تمنحه إعانة غلاء المعيشة في حين أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 يخوله الحق في تقاضيها بعد مضي سنة من تعيينه على أساس الأجر المقدر لمهنة فراش طبقاً لأحكام كادر العمال وهو مائتا مليم يومياً. وقد أجابت مصلحة الإحصاء والتعداد عن الدعوى بأن المدعي عين بها في وظيفة ساع على اعتماد تعداد السكان لسنة 1960 بمكافأة شاملة قدرها مائتا مليم يومياً لمدة ستة شهور اعتباراً من 10 من أكتوبر سنة 1960 وأنه استبقى في الخدمة بعد ذلك إعمالاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 في شأن العمال المؤقتين والعمال الموسميين، ولم يمنح إعانة غلاء معيشة نظراً لأنه عين بمكافأة شاملة، ولأن الاعتماد المعين عليه لا يسمح بمنحه هذه الإعانة. وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة وذلك على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أن المدعي وقد عين بصفة غير منتظمة على اعتماد مؤقت فإنه يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 ويحق له أن يتقاضى إعانة غلاء معيشة بعد مضي سنة عليه في الخدمة إلا أنه لما كان قد عين في مهنة ساع بأجر يومي قدره مائتا مليم وهو يزيد على الأجر القانوني المقرر لهذه المهنة في كادر العمال فإنه يتعين لذلك حساب إعانة غلاء المعيشة المستحقة له طبقاً لحالته الاجتماعية وبالفئات المقررة قانوناً على أساس الأجر المقرر لمهنته وقدره مائة وأربعون مليماً مع خصم الفرق بين الأجر القانوني والأجر الفعلي من إعانة الغلاء هذه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين: أولهما أن حقيقة المهنة التي يشغلها المدعي هي مهنة عامل عادى، ومن ثم فإن صح أنه يستحق إعانة غلاء معيشة فإنه يتعين حسابها على أساس الأجر المقرر لهذه المهنة في كادر العمال وهو مائة مليم يومياً، وثانيهما أن الواضح من مطالعة قانون ربط الميزانية للسنة المالية 1962 - 1963 أنه تضمن تحديد مبلغ 72900 جنيه قيمة المكافأة الشاملة السنوية المخصصة للعمال المؤقتين الذين سبق تعيينهم على اعتماد التعداد العام لسكان الجمهورية، ومتى كانت مكافأة المطعون عليه قد حددت سلفاً بمقتضى هذا القانون فإنه لا يجوز أن يزيد أجره القانوني مضافاً إليه إعانة غلاء المعيشة على هذه المكافأة وإلا كان قرار تعيينه غير نافذ لأن تنفيذ القرار الإداري رهين بوجود الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه.
ومن حيث إنه يؤخذ من الأوراق، أن الاعتماد المالي الذي رصد لمواجهة عملية التعداد العام لسكان الجمهورية عن سنة 1960 لم يكن ملحوظاً فيه عند تقديره تطبيق أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 على العمال المؤقتين المعينين على هذا الاعتماد للفترة الزمنية المحددة التي قدرت لإتمام عملية الإحصاء، يؤكد ذلك أمور ثلاثة: أولها - أن التعيين على هذا الاعتماد كان لمدة ستة شهور في حين أن قرار مجلس الوزراء المذكور يستلزم لمنح إعانة غلاء المعيشة وفقاً لأحكامه انقضاء سنة كاملة منذ بدء التعيين، وثانيها - أن هذا الاعتماد لم يقتصر على مواجهة الأجور الأصلية للعمال المعينين عليه بل اتسع بحيث تناول مكافآت هؤلاء العمال الشاملة لإعانة غلاء المعيشة المستحقة لهم، ومن أجل ذلك نصت قرارات التعيين على أن المكافآت المحددة للعمال المذكورين هي مكافآت - تقتضي إنشاء عدد معين من الوظائف يكفي لمواجهة هذه العملية واستيعابها، شاملة، وهو ما أقر به المدعي نفسه في عريضة دعواه التي سلم فيها بأنه عين بمكافأة شاملة لإعانة غلاء المعيشة، وثالثها - أن عملية التعداد العام وهي عملية موقوتة بطبيعتها ويتعين إتمامها في أجل محدد معلوم تقتضي إنشاء عدد معين من الوظائف يكفي لمواجهة هذه العملية واستيعابها وإنشاء هذه الوظائف يتعين بحكم اللازم أن يكون في حدود الاعتماد المالي المخصص لها، لأنه إذا صدر اعتماد مالي معين وجب على جهة الإدارة أن تلتزم حدوده فيما تصدره من قرارات مرتبطاً تنفيذها به، فإن هي جاوزته أعوز قرارها سنده المالي ووقع بذلك غير نافذ ولا ناجز لفقدان محله شرائطه القانونية، وهو ما حدا بها إلى أن تسلك في تحديدها مكافآت العمال المعينين على اعتماد تعداد السكان سبيل المكافأة الشاملة المقدرة سلفاً في حدود هذا الاعتماد على وجه يجعلها لا تخضع لأية تغييرات مستقبلة تبعاً لحالة العامل الاجتماعية أو لغير ذلك من الأسباب، حتى تضمن استكمال العدد اللازم من الوظائف وتأمن - في الوقت ذاته - من عدم تجاوز الاعتماد.
ومن حيث إن استبقاء هؤلاء العمال في الخدمة بعد إنشاء عملية التعداد إعمالاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والعمال الموسميين لم يؤثر شيئاً في مركزهم القانوني في تقديرات الاعتماد المالي المعينين عليه، ذلك أن هذا القرار إذ حظر في المادة الأولى منه فصل العمال المؤقتين أو الموسميين إلا بالطريق التأديبي، وأوجب في مادته الخامسة استخدام العمال المذكورين في المشروعات التي تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة بالأجر الذي كان يتقاضاه كل منهم، ينبني عليه أن استبقاءهم في الفترة السابقة على إعادة استخدامهم إنما يكون من باب أولى - بحالتهم التي كانوا عليها وبالأجور ذاتها التي كانوا يتقاضونها، وأخذاً بهذا النظر قامت جهة الإدارة بتقدير الاعتماد المالي في السنوات التالية في الحدود ذاتها لمواجهة المكافآت الشاملة السنوية الخاصة بالعمال المؤقتين الذين سبق تعيينهم على اعتماد التعداد العام لسكان الجمهورية استصحاباً لحالتهم من حيث الأجور الشاملة التي قدرت لهم من قبل كما هي بغير زيادة فيها أو نقصان.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، فإن الجهة الإدارية ما كان في وسعها أن تطبق في حق المدعي وأقرانه أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 سواء في خلال المدة التي استغرقتها عملية التعداد العام للسكان، أو في أثناء فتر استبقائهم بعد ذلك إعمالاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 آنف الذكر لعدم وجود الاعتماد المالي الذي يسمح بهذا، وذلك التزاماً منها لتقديرات الاعتماد المالي المخصص لهم وارتباطاً بحدوده التي لا تملك تجاوزها لكونها مقيدة بهذا الاعتماد ولا سلطان لها في الخروج عليه إذ مرجع الأمر فيه إلى جهة أخرى هي السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص وحدها في ذلك، ولو أنها أخذت نفسها بتطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه في شأنهم لما كان من الممكن قانوناً أن يتولد عن قرارها في هذا الخصوص أثره حالاً ومباشرة إلا بفتح اعتماد إضافي يخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملكه وهو ما لم يتحقق بالفعل، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بغير هذا النظر، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق