الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 يوليو 2022

الطعن 822 لسنة 74 ق جلسة 26 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 41 ص 259

جلسة 26 من فبراير سنة 2017

برئاسة السيد القاضي/ كمال مراد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ علي بدوي، عبد الصبور خلف الله، مجدي جاد نواب رئيس المحكمة ومصطفى صفوت.

-------------

(41)

الطعن 822 لسنة 74 ق

(1 - 3) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: تحكيم: التزام الحكمين بالإخطار، بطلان عمل الحكمين". دعوى "إجراءات نظر الدعوى: مبدأ المواجهة".
(1) التزام الحكمين بإخطار الزوجين بموعد ومكان مجلس التحكيم. م 9 /1 من ق 25 م لسنة 1929 المعدلة بق 100 لسنة 1985. عدم استلزام شكل خاص في الإخطار وحضور الزوجين معاً. غياب أحدهما لا يرتب بطلان إجراءات التحكيم.

(2) إبداء الخصم دفاعاً أو تقديمه أوراقاً بعد قفل باب المرافعة أو أثناء المدة المصرح فيها بتقديم مذكرات استكمالاً لدفاعه السابق قبل حجز القضية للحكم طالباً إعادة فتح باب المرافعة. التزام المحكمة بالتحقق من مدى جدية الطلب وبقبوله عند جديته. علة ذلك. تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم. حق الدفاع. من أصول المرافعات. امتداده للعناصر المؤثرة على ضمير القاضي وإفضاؤه إلى حسن سير العدالة.

(3) تقديم الطاعن طلباً بإعادة الدعوى للمرافعة تأسيساً على بطلان عمل الحكمين لعدم إخطاره بموعد مباشرتهما المأمورية مرفقاً به شهادة من البريد تفيد بعدم إخطاره بالمسجلين وارتدادهما للجهة المرسلة. عدم تعرض المحكمة للطلب ولدلالة الشهادة وقضاؤها بتأييد حكم أول درجة المؤسس على رأي الحكمين. مؤداه. تخلي المحكمة عن واجبها في التحقق من جدية الطلب والمستندات المرفقة به. أثره. مخالفة القانون والقصور.

------------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص الفقرة الأولى من المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 يدل على أن المشرع أوجب على الحكمين إخطار الزوجين بموعد ومكان التحكيم دون أن يحدد شكلاً خاصاً يتعين على الحكمين التزامه في الإخطار ولم يشترط هذا النص لصحة عمل الحكمين حضور الزوجين معاً، فإذا لم يحضر أحدهما عن عمد أو تراخ فلا يترتب على ذلك بطلان إجراءات التحكيم، طالما تم إخطاره بالموعد المحدد للتحكيم.

2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أنه إذا عُنَ لخصم بعد قفل باب المرافعة في الدعوى أو أثناء المدة المصرح فيها بتقديم مذكرات أن يبدي دفاعاً، أو يقدم أوراقاً أو مستندات استكمالاً لدفاعه السابق الذي أبداه قبل حجز القضية للحكم، وطلب إعادة فتح باب المرافعة في الدعوى تمكيناً لخصمه من الرد على هذا الدفاع فإن واجب المحكمة - وهي في معرض التحقق من مدى جدية الطلب - أن تطلع على ما ارتأى الخصم استكمال دفاعه به توطئة للتقرير بما إذا كان يتسم بالجدية، أم قصد به عرقلة الفصل في الدعوى وإطالة أمد التقاضي، فإذا ما ارتأته متسماً بالجدية بأن كان دفاعاً جوهرياً من شأنه - إذا صح - تغيير وجه الرأي في الحكم، فإنها تكون ملزمة بقبول ما رافق الطلب من أوراق أو مستندات وبإعادة فتح باب المرافعة في الدعوى تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم وإلا تكون قد أخلت بحق الدفاع المعتبر أصلاً من أصول المرافعات والذي يمتد إلى كل العناصر التي تشكل تأثيراً على ضمير القاضي، ويؤدي إلى حسن سير العدالة.

3 - إذ كان الثابت من الأوراق أنه خلال فترة حجز الاستئناف للحكم قدم الطاعن طلباً بإعادة الدعوى للمرافعة مستنداً فيه إلى بطلان عمل الحكمين لعدم إخطاره بموعد مباشرتهما المأمورية أرفق به شهادة صادرة من الهيئة القومية للبريد تفيد بأنه لم يتم إخطاره بالمسجلين رقمي ...، ... وأنهما قد ارتدا للجهة الراسلة "......" إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الطلب ولدلالة الشهادة الصادرة من الهيئة القومية للبريد سالفة البيان وقضت بتأييد الحكم الابتدائي الذي أسس قضاءه على رأي الحكمين مما ينبئ عن أن المحكمة قد تخلت عن واجبها في التحقق من جدية الطلب المعروض عليها لفتح باب المرافعة والمستندات المرفقة به مع ما لها من دلالة مؤثرة يتغير ببحثها وجه الرأي في الدعوى ومن ثم فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع وأضرت بحسن سير العدالة مما يعيب حكمها المطعون فيه بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.

--------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى ..... لسنة 2002 كلي أحوال شخصية الإسكندرية على الطاعن بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة الموجه منه إليها بتاريخ 9/11/2002 وقالت بياناً لدعواها بأنها زوج له وإذ كان غير أمين عليها لاعتدائه عليها بالضرب والسب والطرد من مسكن الزوجية وعدم إنفاقه عليها ومن ثم أقامت الدعوى، ثم أضافت طلب التطليق لاستحكام النفور. ندبت المحكمة حكمين وبعد أن أودعا تقريرهما حكمت بتاريخ 29/11/2003 بالتطليق وبعدم الاعتداد بإنذار الطاعة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 59 ق الإسكندرية وبتاريخ 5/7/2004 قضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان عمل الحكمين لعدم إخطاره بالموعد المحدد للتحكيم وقدم خلال فترة حجز الاستئناف للحكم طلباً لإعادة الدعوى للمرافعة وحافظة مستندات طويت على شهادة صادرة من الهيئة القومية للبريد تفيد أن الإخطارين المسجلين رقمي .....، ..... قد ارتدا للراسل لعدم الاستدلال إلا أن المحكمة قضت بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن تعرض لهذا الطلب ولدلالة المستند المرفق به الذي يتضمن دفاعاً جوهرياً قد يتغير بحثه وجه الرأي في الدعوي مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن النص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "لا يؤثر في سير عمل الحكمين امتناع أحد الزوجين عن حضور مجلس التحكيم متى تم إخطاره "يدل على أن المشرع أوجب على الحكمين إخطار الزوجين بموعد ومكان التحكيم دون أن يحدد شكلاً خاصاً يتعين على الحكمين التزامه في الإخطار ولم يشترط هذا النص لصحة عمل الحكمين حضور الزوجين معاً، فإذا لم يحضر أحدهما عن عمد أو تراخ فلا يترتب على ذلك بطلان إجراءات التحكيم طالما تم إخطاره بالموعد المحدد للتحكيم، كما وأنه من المقرر أنه إذا عن لخصم بعد قفل باب المرافعة في الدعوى أو أثناء المدة المصرح فيها بتقديم مذكرات أن يبدي دفاعاً، أو يقدم أوراقاً أو مستندات استكمالاً لدفاعه السابق الذي أبداه قبل حجز القضية للحكم، وطلب إعادة فتح باب المرافعة في الدعوى تمكيناً لخصمه من الرد على هذا الدفاع، فإن واجب المحكمة - وهي في معرض التحقق من مدى جدية الطلب – أن تطلع على ما ارتأى الخصم استكمال دفاعه به توطئة للتقرير بما إذا كان يتسم بالجدية، أم قصد به عرقلة الفصل في الدعوى وإطالة أمد التقاضي، فإذا ما ارتأته متسماً بالجدية بأن كان دفاعاً جوهرياً من شأنه – إذا صح - تغيير وجه الرأي في الحكم، فإنها تكون ملزمة بقبول ما رافق الطلب من أوراق أو مستندات وبإعادة فتح باب المرافعة في الدعوى تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم وألا تكون قد أخلت بحق الدفاع المعتبر أصلاً من أصول المرافعات والذي يمتد إلى كل العناصر التي تشكل تأثيراً على ضمير القاضي، ويؤدي إلى حسن سير العدالة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه خلال فترة حجز الاستئناف للحكم قدم الطاعن طلباً بإعادة الدعوى للمرافعة مستنداً فيه إلى بطلان عمل الحكمين لعدم إخطاره بموعد مباشرتهما المأمورية أرفق به ..... شهادة صادرة من الهيئة القومية للبريد تفيد بأنه لم يتم إخطاره بالمسجلين رقمي .....، ..... وأنهما قد ارتدا للجهة الراسلة "جمعية ....." إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الطلب ولدلالة الشهادة الصادرة من الهيئة القومية للبريد سالفة البيان وقضت بتأييد الحكم الابتدائي الذي أسس قضاءه على رأي الحكمين مما ينبئ عن أن المحكمة قد تخلت عن واجبها في التحقق من جدية الطلب المعروض عليها لفتح باب المرافعة والمستندات المرفقة به مع ما لها من دلالة مؤثرة يتغير ببحثها وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع وأضرت بحسن سير العدالة مما يعيب حكمها المطعون فيه بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 10170 لسنة 75 ق جلسة 23 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 39 ص 249

جلسة 23 من فبراير سنة 2017
رئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ ممدوح القزاز، عز الدين عبد الخالق، كمال عبد الله وأشرف أبو العز نواب رئيس المحكمة.
--------------

(39)
الطعن رقم 10170 لسنة 75 القضائية

(1 ، 2) شيوع" إدارة المال الشائع: سلطة أغلبية الشركاء: أعمال الإدارة المعتادة".
(1) التغييرات الأساسية الخارجة عن الإدارة المعتادة للمال الشائع. وجوب موافقة الشركاء مالكي ثلاثة الأرباع قبل إجرائها أو إقرارها بعد ذلك. مؤداه. جواز إجبار الشريك دون تلك الأغلبية على إزالتها وتعويض باقي الشركاء دون حاجة للقسمة. العلم بالتغييرات دون اعتراض اعتباره موافقة أو إقرار ضمني. م 829 مدني.

(2) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة بطلب التعويض عن قيام المطعون ضدهم ومورثهم بهدم عقار على أرض مملوكة لهم جميعا على الشيوع مناصفة رغم ثبوت اعتراضها تأسيسا على أن طلبها التعويض دون الإزالة يعد إقرارا ضمنيا بالأعمال. فساد وقصور. علة ذلك.

--------------

1 - مفاد النص في المادة 829 من القانون المدني، أنه ليس للشريك الذي لا يملك على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع، الحق في إدخال تغييرات أساسية في الغرض الذي أعد له، مما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة دون الحصول على موافقة باقي الشركاء، أصحاب تلك الأغلبية، لما تقتضيه خطورة تلك الأعمال، فإذا لم توافق هذه الأغلبية على تلك التغييرات قبل إجراءها، أو لم تقرها بعد ذلك، جاز إجبار هذا الشريك على إزالتها، ودفع التعويض لسائر الشركاء عما عسى أن تحدثه من ضرر في المال، دون حاجة إلى طلب القسمة، ودون انتظار لنتائجها، وتعتبر موافقة أو إقرارا ضمنيا، علم هؤلاء الشركاء بهذه التغييرات وسكوتهم دون اعتراض، أما إذا علموا واعترضوا، أو لم يعلموا أصلا، فيعتبرون غير موافقين.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- إذ كان الثابت بالأوراق أن مورث المطعون ضدهم- وهم من بعده - شركاء على الشيوع في كامل أرض وبناء عقار النزاع مع الطاعنة، وبحق النصف لكل منهما، ومع علمهم بذلك، قاموا بهدمه وشادوا على كامل أرضه المملوكة لهم وللطاعنة - وليس على حصة تعادل نصيبهم فيها – بناء من أربعة طوابق، رغم اعتراضها وقيامها بتحرير محضر بالواقعة قيد برقم ... لسنة 1989 إداري السنطة لإيقاف أعمال الهدم والبناء، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة لمجرد أن طلباتها قد انحصرت في طلب التعويض دون الإزالة، وأن مفاد ذلك اعتمادها وإقرارها ضمنيا لأعمال الهدم وإعادة البناء التي قام بها المطعون ضدهم، ومن ثم يعتبرون - في هذه الحالة – في حكم الوكلاء عنها في إحداث تلك التغييرات، مع أن هذا الاستنتاج الذي تساند إليه الحكم لا يفيد بذاته تلك النتيجة التي انتهى إليها، سيما وأن اعتراض الطاعنة وطلبها إيقاف تلك الأعمال ثابت في الأوراق، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، الأمر الذي حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعنة في طلب التعويض عن الاعتداء على ملكيتها وهدم العقار والاستيلاء على أنقاضه والبناء على كامل أرضه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى .... لسنة 2002 مدني محكمة طنطا الابتدائية على المطعون ضدهم طلبا للحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليها تعويضا ماديا وأدبيا قدره ثمانون ألفا من الجنيهات، وقالت بيانا لذلك، إنها تمتلك – بحق النصف - مع مورثهم وهم من بعده، العقار المبين بالصحيفة، إلا أنها فوجئت بقيامهم – دون موافقتها - بهدمه والاستيلاء على أنقاضه، والشروع في البناء على كامل أرضه، فحررت عن الواقعة المحضر رقم .... لسنة 1989 إداري السنطة، بيد أنهم استمروا في غيهم، ورغم صدور حكم نهائي لصالحها في الدعوى .... لسنة 1995 مدني محكمة طنطا الابتدائية بإلزامهم بالريع عن الحصة المملوكة لها في العقار، إلا أن فريقا منهم أقاموا ضدها الدعوى .... لسنة 1997 أمام ذات المحكمة بطلب تثبيت ملكيتهم لكامل العقار، مما حدا بها إلى رفع دعوى فرعية قبلهم بطلب إلزامهم بتسليمها حصتها فيه بحق النصف والكائنة بالناحية الشرقية منه، إلا أنه قضى برفض دعواها الفرعية، وفي الدعوى الأصلية بعدم القبول، وتأييد هذا الحكم استئنافيا، على سند من أن العقار قد تم هدمه وأعيد بناؤه من جديد وأن طلب التسليم أضحى واردا على غير محل، وليس لها سبيل من بعد سوى التعويض إن كان له مقتضى، وإذ لحقها جراء ذلك أضرار تمثلت في سلب ملكيتها، وتكبدها نفقات بالغة في التقاضي، فضلا عن الأضرار الأدبية، فقد أقامت الدعوى بالطلبات السالفة البيان. ومحكمة أول درجة بعد أن ضمت الدعاوى المرددة بين الطرفين واستئنافاتها، حكمت بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنة مبلغ التعويض الذي قدرته.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف ..... سنة 54 ق طنطا، كما استأنفه المطعون ضدهم أمام ذات المحكمة بالاستئناف ..... سنة 54 ق، وبعد أن ضمت الأخيرة الاستئنافين، قضت بتاريخ 13/4/2005 في الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفي الاستئناف الأول برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى برفض دعواها استنادا إلى أنها اقتصرت في طلباتها على التعويض دون الإزالة، وهو ما ينطوي ضمنا على إقرارها لأعمال الهدم وإعادة البناء التي قام بها المطعون ضدهم كشركاء لها بحق النصف في عقار النزاع، وهم يعتبرون في هذه الحالة في حكم الوكلاء عنها، الأمر الذي يكون معه طلبها بالتعويض في غير محله، مع أن أوراق الدعوى ومستنداتها، والدعاوى المضمومة تقطع في اعتراضها على تلك الأعمال، وعدم موافقتها عليها، وفي سوء نية المطعون ضدهم – ومورثهم من قبلهم – قبلها، وتوافر جميع عناصر المسئولية الموجبة للتعويض في حقهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد النص في المادة 829 من القانون المدني، أنه ليس للشريك الذي لا يملك على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع، الحق في إدخال تغييرات أساسية في الغرض الذي أعد له، مما يخرج عن حدود الإدارة المعتادة دون الحصول على موافقة باقي الشركاء، أصحاب تلك الأغلبية، لما تقتضيه خطورة تلك الأعمال، فإذا لم توافق هذه الأغلبية على تلك التغييرات قبل إجراءها، أو لم تقرها بعد ذلك، جاز إجبار هذا الشريك على إزالتها، ودفع التعويض لسائر الشركاء عما عسى أن تحدثه من ضرر في المال، دون حاجة إلى طلب القسمة، ودون انتظار لنتائجها، وتعتبر موافقة أو إقرارا ضمنيا، علم هؤلاء الشركاء بهذه التغييرات وسكوتهم دون اعتراض، أما إذا علموا واعترضوا، أو لم يعلموا أصلا، فيعتبرون غير موافقين. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن مورث المطعون ضدهم – وهم من بعده - شركاء على الشيوع في كامل أرض وبناء عقار النزاع مع الطاعنة، وبحق النصف لكل منهما، ومع علمهم بذلك، قاموا بهدمه وشادوا على كامل أرضه المملوكة لهم وللطاعنة – وليس على حصة تعادل نصيبهم فيها – بناء من أربعة طوابق، رغم اعتراضها وقيامها بتحرير محضر بالواقعة قيد برقم .... لسنة 1989 إداري السنطة لإيقاف أعمال الهدم والبناء، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة لمجرد أن طلباتها قد انحصرت في طلب التعويض دون الإزالة، وأن مفاد ذلك اعتمادها وإقرارها ضمنيا لأعمال الهدم وإعادة البناء التي قام بها المطعون ضدهم، ومن ثم يعتبرون - في هذه الحالة – في حكم الوكلاء عنها في إحداث تلك التغييرات، مع أن هذا الاستنتاج الذي تساند إليه الحكم لا يفيد بذاته تلك النتيجة التي انتهى إليها، سيما وأن اعتراض الطاعنة وطلبها إيقاف تلك الأعمال ثابت في الأوراق، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، الأمر الذي حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعنة في طلب التعويض عن الاعتداء على ملكيتها وهدم العقار والاستيلاء على أنقاضه والبناء على كامل أرضه، بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 4719 لسنة 72 ق جلسة 23 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 38 ص 242

جلسة 23 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ ممدوح القزاز، عز الدين عبد الخالق، مراد أبو موسى وأشرف أبو العز نواب رئيس المحكمة.
--------------

(38)
الطعن رقم 4719 لسنة 72 القضائية

(1) حكم" الطعن في الحكم: مدى تعلقه بالنظام العام".
جواز الطعن في الحكم. تعلقه بالنظام العام. للخصوم وللنيابة ولمحكمة النقض التمسك به، شرطه. استكمال عناصر الفصل فيه من المستندات المقدمة بملف الطعن تقديما صحيحا. عدم توافرها. مؤداه. اعتبار الدفع عاريا عن الدليل.

(2) دعوى "تقدير قيمة الدعوى".
تقدير قيمة الطلبات في الدعوى محل الطعن بقيمة العقار المتعاقد عليه. اعتبار الضريبة المربوطة على العقار أساس في تحديد تلك القيمة. للمحكمة تقدير قيمته عند عدم وجود ضريبة مربوطة عليه. خلو الطعن بالنقض من عناصر تقدير قيمة الدعوى وصولا لما إذا كانت تجاوز النصاب الانتهائي للمحكمة، مؤداه. عدم قبول النعي بعدم جواز الطعن بالاستئناف. المادتان 37/1 ، 2، 47 مرافعات.

(3) عقد" زوال العقد: فسخ العقد: الفسخ الاتفاقي".
الأصل عدم انفراد أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء المتعاقد الآخر. جواز الاتفاق على التعديل صراحة أو ضمنا.

(4) إثبات" خبرة: دور الخبير".
الخبير. اقتصار مهمته على تحقيق الواقع وإبداء الرأي في المسائل الفنية دون المسائل القانونية.

(5) حكم" حجية الأحكام: أحكام ليس لها حجية".
بيع والدة الطاعن والمطعون ضده كامل حصتها في عقار النزاع للأخير ثم معاودتها بيع جزء منها فقط للمطعون ضده وباقيها للطاعن وشراء الأخير الجزء السابق بيعه للمطعون ضده في ذات العقد. مقتضاه. انصراف إرادتهم إلى تعديل عقد البيع الأول وتقابلهم عنه ضمنيا. سبق القضاء بإلحاق محضر الصلح المحرر بشأن ذلك العقد بمحضر الجلسة. لا يحول دون إلغاءه أو تعديله أو التقايل منه بإرادة عاقديه. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ.

------------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن جواز الطعن في الحكم من عدمه يتعلق بالنظام العام، وأن من الجائز للخصوم أو للنيابة التمسك به، وفي أي وقت، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون عناصر الفصل فيه مستكملة من واقع الدعوى والمستندات المقدمة بملف الطعن تقديما صحيحا، فإذا لم تتوافر العناصر الواقعية التي تمكن محكمة النقض من الفصل فيه، فإنه يعد عاريا عن الدليل.

2 - إذ كانت الطلبات في الدعوى محل هذا الطعن يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار موضوع التداعي، وفقا لنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكانت الضريبة الأصلية المربوطة على العقار هي الأساس في تحديد هذه القيمة، إذا كان العقار مربوطا عليه ضريبة، فإذا لم يكن مربوطا عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته، ولما كانت الأوراق قد خلت من هذه العناصر، والتي يتم على أساسها تحديد قيمة الدعوى وصولا لما إذا كانت تدخل في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية الوارد بنص المادة 47 من ذات القانون من عدمه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وإن كان الأصل في العقود أن تكون ملزمة، بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء الطرف الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على تعديل العقد، وكما يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين يصح أن يكون ضمنيا.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مهمة الخبير المندوب في الدعوى تقتصر على تحقيق الواقع فيها وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها.

5 - إذ كان الواقع الثابت في الدعوى أن زوجة المورث الأصلي لطرفي النزاع ووالدة كل من الطاعن والمطعون ضده السيدة/ ... كانت قد باعت للأخير بموجب العقد المؤرخ 6/1/1989 حصتها الميراثية في عقار النزاع التي آلت إليها من المورث الأصلي، فضلا عن الحصة التي اشترتها من ابنتيه/ ... و ... بالعقدين المؤرخين 24/7/1965، 27/3/1971، في ذات العقار، ثم عادت وأبرمت مع المطعون ضده عقد البيع المؤرخ 1/1/1990، وبموجبه باعته حصتها الميراثية فقط، ومن ثم فإن إرادتيهما بذلك التصرف تكون قد انصرفت إلى تعديل العقد الأول تعديلا جزئيا بتقابلهما ضمنيا من بيع وشراء حصة البائعة التي آلت إليها بالشراء بموجب العقدين سالفي الذكر، ولا أدل على ذلك من أن ذات البائعة له عادت - من بعد - وباعت للطاعن تلك الحصة الأخيرة بالعقد المؤرخ 13/7/1990، وفي ذات العقد باعه المطعون ضده الحصة المشتراة منها بالعقد المؤرخ 1/1/1990 والتي آلت إليها بالميراث، بما لا معدي - في هذه الحالة - من القول بأن إرادة ثلاثتهم قد استقرت بإبرام العقد الأخير على نحو ما تقدم، ومن ثم أصبحت تلك الحصص الثلاث داخلة في نصيب الطاعن، ولا يغير من ذلك أن العقد الأول المؤرخ 1/1/1990 كان قد قضى في الدعوى ... لسنة 1990 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية المرفوعة بصحته ونفاذه بإلحاق محضر الصلح المبرم في شأنه بمحضر الجلسة وبإثبات محتواه فيه، بينما قضي بصحة التوقيع على العقد الأخير المؤرخ 3/7/1990، بالحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، ذلك أن الصلح الذي يصدق عليه القاضي لا يعدو أن يكون عقدا ليس له حجية الشيء المحكوم فيه عند إثباته، فإذا تبين- من بعد- أن طرفي هذا الاتفاق قد تلاقت إرادتهما صراحة أو ضمنا على إلغاء عقد البيع الذي صدر في شأنه أو التقايل منه أو تعديله، فلا يحاج به أيهما قبل الآخر، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون معيبا.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن – وآخرين - الدعوى .... لسنة 1994 مدني محكمة بندر شبين الكوم الجزئية بطلب الحكم بفرز وتجنيب نصيبه في العقار المبين بالصحيفة والمخلف عن مورث الطرفين، على سند من أنه يمتلك فيه حصة شائعة بالشراء والميراث، ولرغبته في إنهاء حالة الشيوع فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، أمرت بإدخال باقي الملاك المشتاعين في عقار التداعي، وإذ ثار نزاع حول الملكية، حكمت المحكمة بوقف دعوى القسمة لحين الفصل فيه، وأمرت بإحالتها إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية، وقيدت بجدولها برقم ... لسنة 1994. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره، عادت وندبت لجنة خبراء ثلاثية، وبعد أن أودعت الأخيرة تقريرها، حكمت بتاريخ 28/6/1999 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" بالاستئناف ... سنة 32ق. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29/5/2002 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده في ملكية حصة قدرها 83.13 ط من 24 ط مشاعا في عقار التداعي، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها كلفت الطاعن بإدخال باقي المحكوم عليهم خصوما في الطعن، ولدى تنفيذ ذلك القرار، التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الأول من السببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بقبول الاستئناف شكلا دون أن يستوثق من أن الحكم المستأنف الصادر في الدعوى في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية من عدمه، وهي من الدعاوى التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار، وتقدر باعتبار خمسمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه لكون العقار مبنيا, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان جواز الطعن في الحكم من عدمه يتعلق بالنظام العام، وأن من الجائز للخصوم أو للنيابة التمسك به، وفي أي وقت، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون عناصر الفصل فيه مستكملة من واقع الدعوى والمستندات المقدمة بملف الطعن تقديما صحيحا، فإذا لم تتوافر العناصر الواقعية التي تمكن محكمة النقض من الفصل فيه، فإنه يعد عاريا عن الدليل. لما كان ذلك، وكانت الطلبات في الدعوى محل هذا الطعن يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار موضوع التداعي، وفقا لنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكانت الضريبة الأصلية المربوطة على العقار هي الأساس في تحديد هذه القيمة، إذا كان العقار مربوطا عليه ضريبة، فإذا لم يكن مربوطا عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته، ولما كانت الأوراق قد خلت من هذه العناصر، والتي يتم على أساسها تحديد قيمة الدعوى وصولا لما إذا كانت تدخل في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية الوارد بنص المادة 47 من ذات القانون من عدمه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السببين الأول والثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول، إن الحكم اتخذ من تقرير الخبير المقدم أمام محكمة الاستئناف عمادا لقضائه، وانتهى إلى نتيجة مؤداها أن للمطعون ضده حصة قدرها 18.38 ط من 24 ط مشاعا في عقار النزاع، على سند من أنه لم يبعه كامل الحصة التي آلت إليه بالشراء من والدته السيدة/ ..... بالعقد المؤرخ 6/1/1989، وأنه ما زال مالكا بموجبه لجزء منها، في حين أن ذلك العقد استبدل بعقد جديد مؤرخ 1/1/1990 تضمن شرائه مجددا منها حصتها الميراثية دون الحصة التي آلت إليها بالشراء من كل من/ ........ بالعقدين المؤرخين 24/7/1965، 27/3/1971 والتي كانت ضمن البيعة بالعقد الأول المستبدل، وإذ قضي بصحة ونفاذ العقد الجديد بالحكم الصادر في الدعوى .... لسنة 1990 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، باعه المطعون ضده الحصة محل هذا العقد، بالعقد المؤرخ 13/7/1990، وبموجب ذات العقد باعته البائعة للمطعون ضده الحصة الأخرى التي آلت إليها بالشراء بالعقدين المشار إليهما سلفا، وقضى بصحة توقيع البائعين على ذلك العقد الأخير بالحكم الصادر في الدعوى .... لسنة 1991 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، وإذ اعتد الحكم بالعقد الملغى دون العقد الجديد بقالة إن الحكم بصحة التوقيع خلافا للحكم بصحة ونفاذ العقد لا تبحث فيه المحكمة حقيقة وجود العقد وصحته، وإنما تقتصر مهمتها على التثبت من صحة توقيع البائع عليه، وهو ما لا يواجه دفاعه ولا يصلح ردا عليه، فإنه يكون معيبا مستوجبا نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان الأصل في العقود أن تكون ملزمة، بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء الطرف الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على تعديل العقد، وكما يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين يصح أن يكون ضمنيا، كما أن من المقرر أيضا أن مهمة الخبير المندوب في الدعوى تقتصر على تحقيق الواقع فيها وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها. لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت في الدعوى أن زوجة المورث الأصلي لطرفي النزاع ووالدة كل من الطاعن والمطعون ضده السيدة/ .... كانت قد باعت للأخير بموجب العقد المؤرخ 6/1/1989 حصتها الميراثية في عقار النزاع التي آلت إليها من المورث الأصلي، فضلا عن الحصة التي اشترتها من ابنتيه/ .....، ..... بالعقدين المؤرخين 24/7/1965، 27/3/1971، في ذات العقار، ثم عادت وأبرمت مع المطعون ضده عقد البيع المؤرخ 1/1/1990، وبموجبه باعته حصتها الميراثية فقط, ومن ثم فإن إرادتيهما بذلك التصرف تكون قد انصرفت إلى تعديل العقد الأول تعديلا جزئيا بتقابلهما ضمنيا من بيع وشراء حصة البائعة التي آلت إليها بالشراء بموجب العقدين سالفي الذكر، ولا أدل على ذلك من أن ذات البائعة له عادت – من بعد – وباعت للطاعن تلك الحصة الأخيرة بالعقد المؤرخ 13/7/1990، وفي ذات العقد باعه المطعون ضده الحصة المشتراة منها بالعقد المؤرخ 1/1/1990 والتي آلت إليها بالميراث، بما لا معدي – في هذه الحالة – من القول بأن إرادة ثلاثتهم قد استقرت بإبرام العقد الأخير على نحو ما تقدم، ومن ثم أصبحت تلك الحصص الثلاث داخلة في نصيب الطاعن، ولا يغير من ذلك أن العقد الأول المؤرخ 1/1/1990 كان قد قضى في الدعوى ... لسنة 1990 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية المرفوعة بصحته ونفاذه بإلحاق محضر الصلح المبرم في شأنه بمحضر الجلسة وبإثبات محتواه فيه، بينما قضي بصحة التوقيع على العقد الأخير المؤرخ 3/7/1990، بالحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، ذلك أن الصلح الذي يصدق عليه القاضي لا يعدو أن يكون عقدا ليس له حجية الشيء المحكوم فيه عند إثباته، فإذا تبين – من بعد - أن طرفي هذا الاتفاق قد تلاقت إرادتهما صراحة أو ضمنا على إلغاء عقد البيع الذي صدر في شأنه أو التقايل منه أو تعديله، فلا يحاج به أيهما قبل الآخر، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 14891 لسنة 49 ق إدارية عليا جلسة 3 / 3 / 2012

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة الثانية)
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد محمود حسام الدين نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمود فؤاد محمود عمار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / د. حمدي حسن الحلفاوي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / صلاح شندي عزيز تركي نائب رئيس مجلس الدولــة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمود سيد فؤاد مفـــوض الدولـة
وسكرتارية السيد / سيد عشماوي أميــن السـر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمي 14891 لسنة 49 ق. عليا ، 4223 لسنة 50ق.عليا
المقامين من
.............
ضــــــــــــد
السيد/ رئيس الجمهورية
السيد المستشار/ وزير العدل
السيد المستشار/ رئيس هيئة قضايا الدولة

---------------
الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 28/8/2003 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 14891 لسنة 49 ق. عليا طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع أولاً: بإلغاء القرار الصادر من رئيس هيئة قضايا الدولة بتاريخ 30/6/2003 بتوجيه تنبيه للطاعن وإيداع ذلك التنبيه ملفه السري وما يترتب على ذلك من أثار أهمها تخطيه في الترقية إلى وظيفة مستشار مساعد فئة (ب) ثانياً: بإلزام رئيس هيئة قضايا الدولة بصفته بأن يؤدى للطاعن مبلغ خمسون ألف جنيه على سبيل التعويض.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المقرر قانوناً، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن.
وفى يوم الأحد الموافق 25/1/2004 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 4223 لسنة 50 ق.عليا طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 208 لسنة 2003 فيما تضمنه من تخطى الطاعن في الترقية إلى درجة مستشار مساعد فئة (ب) مع ما يترتب على ذلك من أثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن.
وجرى نظر كلا من الطعنين أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقدم كلا من الطاعن والجهة الإدارية المطعون ضدها المذكرات والمستندات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/11/2011 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 4223 لسنة 50ق.عليا للطعن رقم 14891 لسنة 49ق.عليا ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم 3/3/2012 ومذكرات في أسبوعين وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث أن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية، لذا فهما مقبولان شكلا.
ومن حيث انه بالنسبة للطعن رقم 14891 لسنة 49ق.عليا فإن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 9/7/2003 أعلن الطاعن بقرار رئيس هيئة قضايا الدولة الصادر بتاريخ 30/6/2003 بتوجيه تنبيه له وإيداع ذلك التنبيه ملفه السري لما ثبت في حقه من مخالفة على النحو الثابت بملف التحقيق رقم 250/17/22/2003 من قيامه بأفعال لا تتناسب وكرامة وهيبة الوظيفة التي يشغلها ومكانة الهيئة القضائية التي ينتسب إليها وذلك بأن وضع نفسه موضع الشبهات وقدم متهماً في إحدى الجرائم المخلة بالشرف، وهى الجنحة المقامة ضده من مطلقته عن واقعة تبديد منقولات الزوجية حيث قضى فيها قبله غيابيا بمعاقبته بعقوبة مقيدة للحرية وأن ذلك يمثل إخلالاً بما تقتضيه الوظيفة من بقائه محمود السيرة حسن السمعة، وأنه قام بالتظلم من ذلك القرار إلى السيد المستشار/رئيس الهيئة.
وينعى الطاعن على قرار التنبيه الموجه إليه مخالفته للواقع والقانون وأن هذا القرار صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لأنه بتاريخ 18/3/2003 قام بتطليق زوجته غيابياً للمرة الثانية لاستحالة الحياة بينهما وأن المطلقة ووالدها قدما أكثر من سبع شكاوى، وبينما كان يحاول إنهاء الخلافات فوجئ باستدعائه للتفتيش الفني تليفونياً بتاريخ 25/6/2003 وذلك لإجراء تحقيق معه صباح يوم 30/6/2003 لصدور حكم غيابي ضده من محكمة جنح مدينة نصر بتاريخ 29/5/2003 بحبسه ستة أشهر وكفالة 300 جنيه لإيقاف التنفيذ لتبديد منقولات الزوجية، وأنه قد تم التحقيق معه في ذات اليوم وعرض على رئيس التفتيش ورئيس الهيئة في نفس اليوم وهو ما يقطع بوجود نية مبيتة للإيقاع به، كما أن هذا القرار قد أصابه بأضرار نفسية وأدبية حيث لاكت سمعته الألسن من موظفي وأعضاء الهيئة مما يجعله يطالب بمبلغ التعويض المشار إليه.
ومن حيث أن المادة (28) من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة تنص على أنه لرئيس القسم أو الفرع حق تنبيه الأعضاء في دائرة اختصاصاته إلى كل ما يقع منهم مخالفاً لواجباتهم أو مقتضيات وظيفتهم بعد سماع أقوالهم ويكون التنبيه شفاهة أو كتابة.......ولوزير العدل ولرئيس الهيئة حق تنبيه أعضاء الهيئة بعد سماع أقوالهم....... و تنص المادة (36) من اللائحة الداخلية لهيئة قضايا الدولة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 4286 لسنة 1994 على أنه :- للمستشار رئيس الهيئة تنبيه الأعضاء وتوجيه الملاحظات القضائية والإدارية والسلوكية إليهم وذلك بعد سماع أقواله........
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن التنبيه لا يعد في حد ذاته – جزاء من الجزاءات التي نصت عليها المادة (26) من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 ولا يعدو أن يكون إجراء يتخذه الرئيس المنوط به حق توجيهه لإثبات خروج عضو الهيئة على مقتضيات وواجبات وظيفته وأن عليه تلافى ذلك مستقبلاً إلا أن التنبيه في الوقت ذاته إنما يعد دليلا على ثبوت الخطأ الذي ارتكبه العضو ويرفق بملف خدمته.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم ولئن كان الثابت بالأوراق خاصة ملف التحقيق رقم 250/17/22/2003- أن الطاعن من واقع أقواله المؤرخة 23/4/2003 أقر باستعداده لتسليم مطلقته قائمة منقولاتها الزوجية في أي وقت تشاء، كما قرر بعلمه برفعها جنحة تبديد منقولات الزوجية ضده، بيد أنه لم يبادر بإنذارها بعرض تلك المنقولات واستعداده لتسليمها لها أو تسليمها تلك المنقولات فعلاً إلى أن صدر حكم غيابي ضده من محكمة جنح مدينة نصر بتاريخ 29/5/2003 بحبسه ستة أشهر وكفالة 300 جنيه لإيقاف التنفيذ، وهو ما يكشف عن السوء في تقدير العواقب كما يكشف عن اللدد في الخصومة حيث لم يقم بتلك الإجراءات إلا بتاريخ 29/6/2003 بعد علمه باستدعائه للتحقيق معه بمعرفة إدارة التفتيش الفني عن هذه الواقعة يوم 30/6/2003، وإذ صدر القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه للطاعن وإيداع ذلك التنبيه ملفه السري لما ثبت في حقه من قيامه بأفعال لا تتناسب وكرامة وهيبة الوظيفة التي يشغلها ومكانة الهيئة القضائية التي ينتسب إليها على النحو المشار إليه الأمر الذي يمثل إخلالا منه بما تقتضيه الوظيفة من بقائه محمود السيرة حسن السمعة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه للطاعن لتلافى الوقوع في مثل ذلك مستقبلاً قائماً على سببه المبرر له واقعاً وقانوناً ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقاً بالرفض.
ومن حيث انه عن طلب التعويض فإنه لما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط مسئولية الجهة الإدارية في التعويض عن القرارات الإدارية الصادرة عنها هو توافر أركان ثلاثة أولها الخطأ بأن يثبت عدم مشروعية القرار وثانيها الضرر الذي يصيب صاحب الشأن وثالثها علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم وإذ ثبت للمحكمة مشروعية القرار المطعون فيه الأمر الذي لا يتوافر معه ركن
الخطأ في جانب جهة الإدارة ومن ثم تنهار أركان دعوى التعويض الأمر الذي تقضى معه المحكمة برفض هذا الطلب.
- ومن حيث انه بالنسبة للطعن رقم 4223 لسنة 50ق.عليا فتخلص وقائعه – حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 11/8/2003 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 208 لسنة 2003 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 14/8/2003 بترقية عدد من الأعضاء بهيئة قضايا الدولة مع تخطى الطاعن في هذه الترقية لسبق توجيه تنبيه كتابي إليه من ملف التحقيق رقم 250/17/22/2003 مما دعاه إلى التقدم بتظلم من ذلك القرار بتاريخ 7/1/2003، وينعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون لأنه استوفى الشروط اللازمة للترقية وحصل على تقدير كفاية بدرجة فوق المتوسط عند التفتيش على أعماله عن الفترة السابقة على صدور قرار الترقية فضلاً عن عدم توقيع أية إجراءات ضده كما أن التنبيه ليس عقوبة من شأنها حرمانه من الترقية.
ومن حيث أن المادة (18) من القانون رقم 75 لسنة 1963 بإصدار قانون هيئة قضايا الدولة تنص على أنه:- إذا قدر عضو الهيئة بدرجة أقل من المتوسط أو متوسط فلا تجوز ترقيته إلى الدرجة أو الفئة الأعلى إلا بعد حصوله على تقرير متتاليين في سنتين بدرجة فوق المتوسط على الأقل و تنص المادة (24) من هذا القانون على أن يكون بهيئة قضايا الدولة إدارة للتفتيش الفني تتألف من رئيس في درجة مستشار على الأقل وعدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين......
ويضع وزير العدل لائحة للتفتيش الفني بناء على اقتراح رئيس الهيئة بعد أخذ رأى المجلس المذكور ويكون التقدير بإحدى الدرجات الآتية:- كفء- فوق المتوسط- متوسط – أقل من المتوسط. ويجب أن يحاط رجال الهيئة علماً بكل ما يلاحظ عليهم.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع قرر أن تكون ترقية عضو هيئة قضايا الدولة بعد ثبوت كفايته الفنية فلا يجوز ترقية الحاصل على تقدير أقل من المتوسط أو متوسط إلا بعد حصوله على تقريرين بدرجة فوق متوسط على الأقل، كما استقر قضاء هذه المحكمة أيضاً على التفرقة بين الملاحظة أو التنبيه الذي يوجه إلى العضو كعقبة في سبيل الترقية إلى الوظائف الأعلى وبين الملاحظة أو التنبيه المتعلق بالأخطاء الفنية، وتلك المتعلقة بالانحرافات المسلكية والأخلاقية ذلك أن الطائفة الأولى من الأخطاء تكون تحت نظر إدارة التفتيش الفني عند النظر في تقدير كفاية العضو فتضعها في الاعتبار عند تحديد مرتبة كفايته فتهبط بها إلى المرتبة التي تمنعه من الترقية إلى الوظيفة الأعلى إذا كان الخطأ الفني جسيماً يصم كفايته بالضعف المانع من الترقية فتقدر كفايته بمرتبة متوسط أو أقل من المتوسط أو تلتفت عنه إذا كان الخطأ طفيفاً استطاع العضو أن يتداركه خلال فترة التفتيش على أعماله وبذلك ينتهي اثر التنبيه بصدور القرار بتقدير كفاية العضو ويندمج فيه ويؤول إليه. أما إذا كان التنبيه متعلقاً بخطأ مسلكي أو انحراف أخلاقي فإن تقدير كفاية العضو على نحو معين لا يجبر الخطأ الذي فرط منه ولا يعفى أثره أو ينفيه بل تظل للسلطة المختصة بالترقية سلطة تقديرية وتترخص بها في تقدير خطورة الذنب الذي كان محلاً للتنبيه عند النظر في ترقيه العضو فترجىء ترقيته إذا ما رأت عدم ملاءمتها مع جسامه الخطأ الذي ارتكبه أو تغض الطرف عنها إذا لم تجد فيها مانعاً من الترقية.
كما أن دائرة توحيد المبادئ قد انتهت في حكم لها بجلستها المعقودة بتاريخ 13/6/2009 في الطعن رقم 4360 لسنة 53ق.عليا إلى أن المجازاة بعقوبة اللوم لا يترتب عليه بذاته التخطي في الترقية كأثر لهذه العقوبة.
ومن حيث انه على هدى ما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق- في الطعن رقم 14819 لسنة 49ق.عليا أن الطاعن قد وجه إليه بتاريخ 30/6/2003 تنبيه كتابي عن خطأ مسلكي على النحو السابق بيانه، وهو بلا شك أقل من عقوبة اللوم التي قدرت المحكمة أنه لا يترتب عليه بذاته التخطي في الترقية كأثر لهذه العقوبة. وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قدرت كفايته عن الفترة من 1/10/1999 إلى 30/9/2000 بدرجة فوق المتوسط، وعلى ذلك يكون قد حصل في آخر تقرير كفاية سابق على صدور قرار الترقية المطعون فيه على تقرير كفاية بدرجة فوق المتوسط، ولا يغير من ذلك توجيه ملحوظة فنيه للطاعن عن بعض أعماله في 24/6/1999 لكونها لم يكن لها أيه تأثير على أعماله التالية والتي تم تقرير كفايته عنها بدرجة فوق المتوسط وبذلك يكون صالحاً للترقية، ولما كان التنبيه الموجه للطاعن لا يشكل مانعاً من الترقية إلى وظيفة مستشار مساعد (ب) ومن ثم فإن تخطى الجهة الإدارية للطاعن في الترقية إلى هذه الوظيفة بالقرار المطعون فيه- وهو يشغل وظيفة في أدنى الدرجات يكون غير قائم على سند من القانون مما يوجب الحكم بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن في الترقية إلى وظيفة مستشار مساعد (ب) بهيئة قضايا الدولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 14891 لسنة 49ق.عليا بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 4223 لسنة 50ق.عليا بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 208 لسنة 2003 فيما تضمنه من تخطى الطاعن في الترقية إلى وظيفة مستشار مساعد(ب) بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
صدر هذا الحكم و تلي علناً يوم السبت 3/3/2012 الموافق 10 من ربيع الثاني سنة 1433 هجرية.

الطعن 4360 لسنة 53 ق جلسة 13 / 6 / 2009 إدارية عليا مكتب فني 54 توحيد المبادئ ق 4 ص 53

جلسة 13 من يونيه سنة 2009
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وإدوارد غالب سيفين، ويحيى أحمد راغب دكروري وحسين علي شحاتة السماك، وإبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب، ومحمود محمد صبحي العطار، ود. سامي حامد إبراهيم عبده ومحمد الشيخ علي أبو زيد نواب رئيس مجلس الدولة.
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد فرج الأحول مفوض الدولة.

---------------

(4)
)دائرة توحيد المبادئ(

الطعن رقم 4360 لسنة 53 القضائية عليا.

مجلس الدولة - شئون الأعضاء - تأديب - عقوبة اللوم وأثرها في الترقية.
- المادة 66 من دستور 1971.
- المواد (99) و(100) و(101) و(102) و(103) و(120) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972.
لا يجوز أن يعاقب شخص على فعل لم يكن مجَرمًا وقت ارتكابه، كما لا يجوز أن يعاقب بعقوبة غير واردة في القانون - أوضح المشرع الإداري المخالفات الإدارية التي يحظر على الموظف العام ارتكابها، وحدد إطارًا عامًا في شأن تلك المخالفات بأنها: الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، أو الظهور بمظهر يمس كرامة الوظيفة. وفي مجال العقاب حدد المشرع على سبيل الحصر الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل في قوانين الوظائف العامة المختلفة، وفي بعض الأحيان يرتب المشرع ذاته أثرًا قانونيًا محددًا على توقيع عقوبة بذاتها، وفي هذه الحالة يخضع الأثر المترتب على العقوبة لذات المبادئ الأصلية في العقاب، وهي: لا عقاب بغير نص، ولا أثر للعقاب بغير نص خاص، ولا يجوز العقاب عن الفعل الواحد مرتين - ترتيبا على ذلك: إذا عوقب الموظف عن الفعل بمقتضى النص الحاكم للعقوبات في عمله، وقامت جهة الإدارة بترتيب أثر لا وجود له في إطار ذلك النص عد ذلك عقوبة جديدة عن ذات الفعل، وكان من شأنه مخالفته لأحكام القانون والمبادئ الدستورية في العقاب.
نص المشرع صراحة على جواز تخطي عضو مجلس الدولة في الترقية، سواء كان ذلك لأسباب تتعلق بتقدير الكفاية، وهي وضع تقدير كفاية عن العضو بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط)، أو لأسباب لا تتعلق بها، وهي ارتكاب العضو من الأفعال أو المخالفات ما يمس واجبات وظيفته، إلا أنه أوجب في الحالتين إتباع الإجراءات المحددة قانونا من وجوب الإخطار بخطاب موصي عليه بعلم الوصول، ومنح العضو مهلة للتظلم، ثم البت في التظلم من السلطة المختصة وبقرار نهائي، سواء بقبوله أو رفضه، وبدون إتباع هذه الإجراءات لا يجوز تخطي العضو في الترقية - حدد قانون مجلس الدولة في المادة (120) منه العقوبات الجائز توقيعها على عضو مجلس الدولة، وهي اللوم أو العزل، وخلت نصوصه من ترتيب أي أثر لتوقيع عقوبة اللوم - مؤدى ذلك: ترتيب أثر التخطي في الترقية على من تم مجازاته بعقوبة اللوم يعد مخالفة لأحكام القانون، وازدواجا في العقوبة، وتقريرا لجزاء لم ينص عليه القانون.


الإجراءات

بتاريخ 14/ 1/ 2007 أودع الأستاذ ...... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا, بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4360 لسنة 53 ق. عليا، طالبا - لما ورد به من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بأحقية الطاعن في إعادة ترتيب أقدميته بين شاغلي درجة (مستشار) بمجلس الدولة، بحيث يكون ترتيبه سابقا على المستشار/ ........، ولاحقا على المستشار/ ........، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شرحا لطعنه: أنه في بداية العام القضائي 2003/ 2004 نقل للعمل بإدارة الفتوى لوزارات الداخلية والخارجية والعدل، وكان حينها يشغل درجة (مستشار مساعد أ)، وبتاريخ 14/ 7/ 2004 حدثت بينه وبين أحد زملائه بتلك الإدارة مشادة، فأحيل إلى مجلس التأديب بتاريخ 27/ 8/ 2005، وذلك عقب انتهاء إدارة التفتيش الفني من التحقيق في تلك الواقعة. وتم ترقية زملاء دفعته لدرجة (مستشار) اعتبارا من 18/ 9/ 2005، بينما تم حجز درجة له. وعقب انتهاء الدعوى التأديبية رقم (3) لسنة 51 ق بصدور قرار مجلس التأديب بمجازاته بعقوبة اللوم بجلسة 25/ 2/ 2006، تقدم الطاعن بطلب لترقيته إلى درجة (مستشار) اعتبارا من 18/ 9/ 2005، إلا أنه صدر القرار الجمهوري رقم (273) لسنة 2006 بتاريخ 27/ 6/ 2006 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 3/ 8/ 2006 بترقية الطاعن إلى درجة (مستشار)، دون أن يتضمن ترقيته على الدرجة المحجوزة له اعتبارا من 18/ 9/ 2005. فتظلم من هذا القرار بتاريخ 20/ 9/ 2006، وإذ لم يتلق ردا على تظلمه، فقد أقام طعنه الماثل.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون، تأسيسا على أن القانون لم يرتب أي أثر لعقوبة اللوم كالتخطي في الترقية أو تأجيلها أو أي أثر آخر. كما أن القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، على سند من القول أنه من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه لا يجوز عقاب الشخص عن الفعل المؤثم مرتين، وهو ما تم تطبيقه على الطاعن, حيث تمت معاقبته بجزاء اللوم، وأن تخطيه في الترقية يعد عقوبة ثانية عن ذات الفعل، وهو الأمر الذي ترتب عليه ضرر جسيم لحق به، تمثل في أن سبقه في الترتيب عدد (54) عضوا من دفعات 1990 و1991 و1992 رغم أن الطاعن كان يسبقهم في الترتيب منذ التعيين مندوبا مساعدا بالمجلس، وحتى درجة مستشار مساعد ( أ ).
وأعدت هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم (273) لسنة 2006 الصادر بتاريخ 20/ 7/ 2006 فيما تضمنه من عدم رد أقدمية الطاعن في درجة (مستشار) بمجلس الدولة إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم (368) لسنة 2005 في 6/ 11/ 2005 بترقية زملائه لتلك الدرجة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتدوول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 2/ 7/ 2007 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/ 9/ 2007 مع السماح بمذكرات خلال شهر. وبجلسة النطق بالحكم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 3/ 2008، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة ثم إحالته إلى الدائرة المشكلة طبقا لحكم المادة (54) مكرر من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وذلك تأسيسا على أن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد جرت على أن التخطي في الترقية يتحقق إذا ارتكب العضو من الأفعال ما يمس واجبات وظيفته بما يشكل مخالفة تأديبية لا تستأهل عقوبة العزل، وإنما تقتضي مجازاته بعقوبة الإنذار أو اللوم بناء على حكم مجلس التأديب المختص. والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن تصبح أحكام مجلس التأديب عديمة الأثر. (الطعن رقم 340 لسنة 39 ق. عليا بجلسة 29/ 1/ 1995 والطعن رقم 1420 لسنة 38 ق. عليا بجلسة22/ 6/ 1996)، وإن الدائرة السابعة عليا ترى العدول عن هذا المبدأ، تأسيسا على أن قانون مجلس الدولة قد حدد العقوبات التي يجوز توقيعها على العضو، والسلطة المختصة بتوقيعها، وقد جاءت نصوص هذا القانون خالية من أي نص يرتب أي أثر لتلك العقوبات على ترقية العضو. وأن التخطي في الترقية عن ذات الفعل الذي تم مجازاة العضو عنه تأديبيًا يعد بمثابة ازدواج في العقوبة بالمخالفة لأحكام القانون. كما أنه من المقرر أنه ولئن كان لجهة العمل سلطة تحديد الجزاء المناسب بحسب تقديرها للذنب الإداري وما يستأهله من عقاب، ألا أن ذلك منوط بأن يكون ثمة نظام قانوني قد خص ذنبا إداريا معينا بعقوبة محددة. وأنه لا يجوز للسلطة المختصة وهي بصدد تحديد الجزاءات أن تبتدع جزاءات أخرى غير تلك المنصوص عليها قانونا.
وتدوول الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، انتهت فيه - لما ورد به من أسباب - إلى الرأي بالحكم بأن مجازاة عضو مجلس الدولة بعقوبة الإنذار أو اللوم لا يترتب عليه التخطي في الترقية كأثر لهذه العقوبة.
وبجلسة 14/ 2/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 11/ 4/ 2009، وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 13/ 6/ 2009 لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن مقطع النزاع في شقه المعروض أمام هذه الدائرة (دائرة توحيد المبادئ) هو ما إذا كان يجوز ترتيب أثر التخطي في الترقية فيمن سبق مجازاته من مجلس التأديب بعقوبة اللوم, إزاء خلو قانون مجلس الدولة من ترتيب ذلك الأثر فيمن جوزي بتلك العقوبة, وإن التخطي في الترقية هو في حد ذاته عقوبة قائمة بذاتها، مما يشكل ازدواجا في العقوبة عن ذات الفعل بالمخالفة للقانون، فضلا عن أنه لا يجوز للسلطة المختصة وهي بصدد توقيع الجزاءات أن تبتدع جزاءات أخرى غير تلك المنصوص عليها قانونا.
وحيث إن المادة (99) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "تشكل بمجلس الدولة إدارة للتفتيش الفني على أعمال المستشارين المساعدين والنواب والمندوبين والمندوبين المساعدين، برئاسة أحد نواب رئيس المجلس وعضوية عدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين. ويكون تقدير الكفاية بإحدى الدرجات الآتية: كفء - فوق المتوسط - متوسط - أقل من المتوسط........ ويجب إجراء التفتيش مرة على الأقل كل سنتين. ويجب إيداع تقرير التفتيش خلال شهرين على الأقل من تاريخ انتهاء التفتيش".
وتنص المادة (100) من ذات القانون على أن: "يخطر رئيس مجلس الدولة من تقدر كفايته بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط) من الأعضاء وذلك بمجرد انتهاء إدارة التفتيش الفني من تقدير كفايته. ولمن أخطر الحق في التظلم من التقدير خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإخطار.
كما يقوم رئيس مجلس الدولة قبل عرض مشروع حركة الترقيات على المجلس الخاص للشئون الإدارية بثلاثين يوما على الأقل بإخطار أعضاء مجلس الدولة الذين حل دورهم ولم تشملهم حركة الترقيات لسبب غير متصل بتقارير الكفاية التي فصل فيها وفقا للمادة (102) أو فات ميعاد التظلم منها. ويبين بالإخطار أسباب التخطي, ولمن أخطر الحق في التظلم في الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
ويتم الإخطار المشار إليه في الفقرتين السابقتين بخطاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول".
وتنص المادة (101) من ذات القانون على أن: "يكون التظلم بعريضة تقدم إلى إدارة التفتيش الفني، وعلى هذه الإدارة إحالة التظلم إلى المجلس الخاص للشئون الإدارية خلال خمسة أيام من تاريخ تقديم التظلم".
كما تنص المادة (102) على أن: "يفصل المجلس الخاص للشئون الإدارية في التظلم بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال المتظلم، ويصدر قراره خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إحالة الأوراق إليه وقبل إجراء حركة الترقيات... ويكون قرار المجلس الخاص للشئون الإدارية في شأن تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائيا، ويخطر به صاحب الشأن بكتاب موصي عليه بعلم الوصول".
وتنص المادة (103) على أن: "تعرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية عند نظر مشروع حركة الترقيات قرارات المجلس الخاص للشئون الإدارية الصادرة في التظلمات من التخطي للأسباب غير المتصلة بتقارير الكفاية، طبقا لما هو مقرر في الفقرة الثانية في المادة (100) وذلك لإعادة النظر فيها. وتكون قرارات المجلس الأعلى للهيئات القضائية نهائية، ويخطر بها المتظلم بكتاب موصي عليه بعلم الوصول".
كما تنص المادة (120) على أن: "العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء مجلس الدولة هي اللوم والعزل... أما عقوبة اللوم فيصدر بتنفيذها قرار من رئيس مجلس الدولة. ولا ينشر هذا القرار أو منطوق الحكم في الجريدة الرسمية".
ومفاد ما تقدم أن المشرع ناط بإدارة التفتيش الفني بمجلس الدولة بالتفتيش على أعمال المستشارين المساعدين والنواب والمندوبين والمندوبين المساعدين. وإن تقدير كفاية العضو عن أعماله التي تم التفتيش عليها يكون بإحدى الدرجات الآتية: كفء - فوق المتوسط - متوسط - أقل من المتوسط. وأوجب المشرع على رئيس مجلس الدولة أخطار من تقدر كفايته بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط) من الأعضاء وذلك بمجرد انتهاء إدارة التفتيش الفني من تقدير كفايته. ولمن أخطر الحق في أن يتظلم من التقدير خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطاره.
وحيث إن المشرع قد فرق بين التخطي بسبب تقدير الكفاية والتخطي لأسباب أخرى لا تتعلق بتقارير الكفاية، وأوجب في الحالتين على رئيس مجلس الدولة إخطار العضو ويكون الإخطار بشأن تقدير الكفاية للعضو الذي تقدر كفايته بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط)، وذلك الإخطار يتم بمجرد انتهاء إدارة التفتيش الفني من تقدير الكفاية. كما يكون الإخطار بشأن الأسباب الأخرى التي لا تتعلق بتقارير الكفاية قبل عرض مشروع حركة الترقيات على المجلس الخاص بثلاثين يومًا على الأقل، مع وجوب أن يتضمن الإخطار أسباب التخطي، وذلك للعضو الذي حل دوره في الترقية، ولم تشمله حركة الترقيات لأسباب لا تتصل بتقارير الكفاية.
وأجاز في الحالتين للعضو أن يتظلم، سواء من تقدير الكفاية أو من الأسباب الأخرى غير المتصلة بتقارير الكفاية، وذلك خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطاره. على أن يكون التظلم من تقدير الكفاية بعريضة تقدم إلى إدارة التفتيش الفني؛ وذلك بالنظر إلى أن هذه الجهة هي التي وضعت التقدير، وهي الأقدر على إبداء الرأي في التظلم، إلا أن المشرع ناط بالمجلس الخاص للشئون الإدارية - باعتباره المهيمن على السلطة الأعلى في مجلس الدولة - الفصل في هذا التظلم بعد إحالته إليه من إدارة التفتيش الفني، وذلك بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال المتظلم، ويكون قرار المجلس الخاص للشئون الإدارية في تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائيًا، ويخطر به صاحب الشأن بكتاب موصي عليه بعلم الوصول.
أما التظلم من قرار التخطي لأسباب لا تتصل بتقارير الكفاية فينظرها المجلس الخاص بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال العضو، مع عرضها بعد ذلك على المجلس الأعلى للهيئات القضائية لإعادة النظر فيها، ويكون قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية نهائيًا، ويخطر المتظلم بكتاب موصي عليه بعلم الوصول.
وحيث إن المحكمة الإدارية العليا قد قضت - فيما يتعلق بتقدير الكفاية والتظلم منه - بأن تقدير الكفاية له أثره البالغ في ترقيات أعضاء مجلس الدولة ومستقبلهم الوظيفي، وإن المشرع وضع من الضوابط ما يكفل قيام التقدير على أسس سليمة وعادلة، وناط أمر هذا التقدير بإدارة التفتيش الفني؛ ضمانًا لحسن التقدير. وأجاز القانون لمن قدرت كفايته بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط) أن يتظلم خلال المواعيد المقررة بعريضة تقدم إلى إدارة التفتيش الفني، ويفصل فيه المجلس الخاص قبل إجراء حركة الترقيات. ويكون قرار المجلس الخاص في شأن تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائيًا.
كما قضت المحكمة الإدارية العليا فيما يتعلق بالتخطي لأسباب لا تتصل بتقدير الكفاية بأن التخطي في الترقية له أثره البالغ في المستقبل الوظيفي لعضو مجلس الدولة؛ لذلك وضع المشرع في التظلم والضوابط ما يكفل إجراء الترقيات على أسس سليمة وعادلة، بما يكفل لأعضاء مجلس الدولة الإحاطة بأسباب التخطي في الترقية، وإبداء دفاعهم، وتقديم أدلتهم لنفي هذه الأسباب، وذلك بإتباع إجراءات محددة، هي إخطار الأعضاء الذين حل دورهم ولم تشملهم حركة الترقيات لسبب غير متصل بتقارير الكفاية التي فصل فيها، أو فات ميعاد التظلم منها مع إيضاح أسباب التخطي، وذلك قبل عرض مشروع حركة الترقيات على المجلس الخاص للشئون الإدارية. يتم الإخطار قبل عرض المشروع بثلاثين يومًا على الأقل، وللعضو الذي أخطر بالتخطي في الترقية أن يتظلم خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الإخطار بعريضة تقدم إلى إدارة التفتيش الفني، التي تعرضه على المجلس الخاص للشئون الإدارية ليصدر فيه قرار نهائيا خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إحالة الأوراق إليه قبل إجراء حركة الترقيات. وعند نظر مشروع حركة الترقيات تعرض على المجلس الخاص للشئون الإدارية قراراته الصادرة في التظلمات من التخطي في الترقية وذلك لإعادة النظر فيها.
كما قضت المحكمة الإدارية العليا بجواز تخطي عضو مجلس الدولة في الترقية ولو كان حاصلاً على تقدير كفاية بدرجة (كفء) أو (فوق المتوسط) إذا ارتكب أفعالاً تمس واجبات وظيفته، بما من شأنه أن يؤدي إلى مجازاته بعقوبة اللوم. وإن التخطي في الترقية طبقًا لقانون مجلس الدولة المشار إليه حتى وظيفة (مستشار) قد يكون لأسباب متعلقة بتقدير الكفاية أو لأسباب أخرى غير متصلة بتقدير الكفاية، طبقًا لنص المادتين (100) و (103) سالفتي الذكر، ومفادهما: جواز تخطي عضو مجلس الدولة في الترقية حتى ولو كان حاصلاً على تقدير كفاية بدرجة (كفء) أو (فوق المتوسط) وهو ما يتأتى إذا ارتكب من الأفعال أو المخالفات ما يمس واجبات وظيفته.
وحيث إن المشرع قد نص صراحة على جواز تخطي عضو مجلس الدولة، سواء كان ذلك لأسباب تتعلق بتقدير الكفاية، وهي وضع تقدير كفاية عن العضو بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط)، أو لأسباب لا تتصل بتقارير الكفاية، وهي ارتكاب العضو من الأفعال أو المخالفات ما يمس واجبات وظيفته، وذلك بإهماله وتقصيره في أداء واجبات وظيفته، إلا أنه أوجب في الحالتين إتباع الإجراءات المحددة قانونًا في وجوب الإخطار بخطاب موصي عليه بعلم الوصول، ومنح العضو مهلة للتظلم، ثم البت في التظلم من السلطة المختصة وبقرار نهائي سواء بقبوله أو رفضه ودون إتباع هذه الإجراءات لا يجوز تخطي العضو في الترقية.
ومن حيث إنه في شأن الأثر المترتب على توقيع عقوبة اللوم على عضو مجلس الدولة فإنه يتعين الوقوف على الطبيعة القانونية للتخطي في الترقية في حق عضو مجلس الدولة، فهذا الإجراء لم يرد في قانون مجلس الدولة أو لائحته إلا في حالتين: الأولى - لأسباب تتصل بتقدير الكفاية، حينما يتم تقدير كفاية العضو بدرجة (متوسط) أو (أقل من المتوسط)، ويرفض المجلس الخاص للشئون الإدارية للتظلم من ذلك التقدير. والثانية - أسباب لا تتصل بتقدير الكفاية، ويقدر المجلس الخاص للشئون الإدارية أنها تمس وظيفته، وتوجب التخطي، ويرفض المجلس الخاص التظلم.
وعلى ذلك فإن هذا الإجراء يتطلب تحديد التكييف القانوني له، وهل هو عقوبة أم أثر لعقوبة. وللقطع في ذلك فإنه من المبادئ السماوية وكذا الدستورية والقانونية انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. فقد قال البارئ سبحانه وتعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" وفي آية أخرى: "ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى".
كما أورد الدستور في المادة (66) النص على أن: "العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون".
وفي ضوء تلك المبادئ التي تعتبر من أساسيات القانون الإنساني فإنه لا يجوز أن يعاقب شخص على فعل لم يكن مجرمًا وقت ارتكابه، كما لا يجوز أن يعاقب بعقوبة غير واردة في القانون.
والتزامًا بذلك من المشرع الإداري فقد أوضح المخالفات الإدارية التي يحظر على الموظف العام ارتكابها، وحدد إطارًا عامًا في شأن تلك المخالفات بأنها: الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، أو الظهور بمظهر يمس كرامة الوظيفة. ويخضع تحديد هذا المفهوم للفعل المخالف لتقدير المحكمة، وهي بصدد رقابة قرار الجزاء الإداري. أما في مجال العقاب فإن المشرع قد حدد على سبيل الحصر الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل في قوانين الوظائف العامة المختلفة، سواء تلك الوظائف التي تخضع للقانون العام، أو تلك التي تخضع لقوانين خاصة، أو تلك التي تباشر في إطار السلطة العامة للدولة، فجميعها يحدد فيها القانون المنظم الجزاءات الخاضع لها المخاطبين بأحكامه وفي بعض الأحيان يرتب المشرع ذاته أثرًا قانونيًا محددًا على توقيع عقوبة بذاتها، وفي هذه الحالة يخضع الأثر المترتب على العقوبة لذات المبادئ الأصلية في العقاب، وهي: لا عقاب بغير نص، كذلك: لا أثر للعقاب بغير نص خاص وتلك المبادئ مستقاة جميعًا من النص الدستوري المشار إليه سلفًا، ولذلك فإنه من المبادئ المسلمة إنه لا يجوز العقاب عن الفعل الواحد مرتين، فإن عوقب الموظف عن الفعل بمقتضى النص الحاكم للعقوبات في عمله، وقامت جهة الإدارة بترتيب أثرًا لا وجود له في إطار ذلك النص عد ذلك عقوبة جديدة عن ذات الفعل، وكان من شأنه مخالفته لأحكام القانون والمبادئ الدستورية في العقاب.
وفي ضوء ما تقدم، ولما كان قانون مجلس الدولة قد حدد العقوبات الجائز توقيعها على عضو مجلس الدولة في المادة (120) المشار إليها سلفا،ً وهي اللوم أو العزل، كما خلت نصوصه من ترتيب أي أثر على عقوبة اللوم، فضلاً عن أنه عالج أسباب تخطي عضو مجلس الدولة في الترقية وحصرها في سببين: الأول - تقرير الكفاية، والثاني - إهماله وتقصيره في أداء واجبات وظيفته، ووضع من الضوابط والشروط ما يكفل للعضو التظلم وإبداء أوجه دفاعه، كما جعل للمجلس الخاص فرصة أخرى لإصدار قراره النهائي بعد أن يكون قد أطلع على دفاع العضو (التظلم) على أسس سليمة وعادلة، لذلك فإننا أمام منظومة شاملة للإجراء كعقوبة، من حيث النص عليه، وسلطة توقيعه، والإجراءات واجبة الإتباع لتوقيعه.
وبناء على ما تقدم فإن ترتيب أثر التخطي في الترقية على من تم مجازاته بعقوبة اللوم يعد مخالفة لأحكام القانون، وازدواجًا في العقوبة وتقرير لجزاء لم ينص عليه القانون.
يؤكد ذلك ويدعمه أن المشرع حين أجاز تخطي العضو لأسباب لا تتصل بتقدير الكفاية، لم يشترط أن يكون قد صدر بشأنها حكمًا تأديبي، وإنما ترك ذلك لتقدير السلطة المختصة، وهي المجلس الخاص للشئون الإدارية، فإذا ارتأى المجلس الخاص للشئون الإدارية لدى عرض مشروع حركة الترقيات عليه تخطي عضو في الترقية لما نسب إليه - وفقًا لتقدير المجلس الخاص - من إهمال وتقصير في أداء واجبات وظيفته، سواء جوزي عن ذلك تأديبيًا أم لم يتم مجازاته، وسواء أكان تقدير كفايته بدرجة (كفء) أو (فوق المتوسط) - وهو التقدير المؤهل للترقية - أم بدرجة أقل، فإنه يحق له تخطيه، شريطة إتباع الإجراءات التي يتطلبها القانون، والتي تكفل صدور القرار على أسس سليمة وعادلة.
وعليه فإن المشرع لم يرتب على عقوبة اللوم بذاتها التخطي في الترقية كأثر لهذه العقوبة، وإن أجاز للمجلس الخاص للشئون الإدارية سلطة تخطي العضو في الترقية إذا قدَّر أن ما نسب إليه يمس واجبات وظيفته بعد إتباع الإجراءات سالفة الذكر.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن مجازاة عضو مجلس الدولة بعقوبة اللوم لا يترتب عليه بذاته التخطي في الترقية كأثر لهذه العقوبة. وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة للفصل فيه.