الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مارس 2020

الطعن 978 لسنة 46 ق جلسة 22 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 208 ص 919


جلسة 22 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي.
--------------
(208)
الطعن رقم 978 لسنة 46 القضائية

شيك بدون رصيد. دفوع. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".  حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
دفع الطاعنة بجهلها القراءة والكتابة وأن المستفيد استوقعها على ورقة لا تدري ماهيتها. دفاع جوهري. على المحكمة أن تتعرض له إيرادا وردا.

--------------
إن دفاع الطاعنة بجهلها القراءة والكتابة وأن المستفيد استوقعها على ورقة لا تدري ماهيتها يعد في خصوص دعوى إصدارها شيك بدون رصيد هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليتها الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه - أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع وهو ما يعيب الحكم.


الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة قسم المنصورة ضد الطاعنة متهما إياها بأنها بدائرة قسم أول المنصورة أعطت له بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابها طبقا للمادة 237 من قانون العقوبات مع إلزامهما بأن تدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت في الدعوى حضوريا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهمة أسبوعا واحدا مع الشغل وكفالة 2 ج لوقف التنفيذ واعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركا لدعواه المدنية مع إلزامه مصروفاتها. فاستأنف كل من المتهمة والمدعى المدني الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الجنائية وإلغائه فيما قضى به بشأن الدعوى المدنية وإعادة هذه الدعوى الأخيرة لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها. فطعن الأستاذ .... نائبا عن الأستاذ ..... المحامي عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأن دفاع الطاعنة قام على أن المجنى عليه - المستفيد - استغل جهلها بالقراءة والكتابة واستوقعها على ورقة دون أن تدرى ماهيتها وصدر الحكم المطعون فيه دون أن يرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه حصل دفاع الطاعنة الذى تشير إليه في طعنها بقوله: "وحيث إنه بجلسة 7/ 4/ 1974 مثلت المتهمة والمدعى بالحق المدني ودفع الحاضر مع المتهمة....... بأنها لا تعرف القراءة والكتابة...... وبعرض الشيك عليها، قررت أن التوقيع المنسوب لها عليه هو توقيعها وأن المدعى بالحق المدني كان خطيبها ولم يعقد قرانه عليها وقدمت صورة فوتوغرافية بتنازل عن أثاث مؤرخة 24/ 7/ 1973" ثم انتهى إلى تأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة في شقه الجنائي الذى دان الطاعنة أخذا بأسبابه، دون أن يعرض لدفاع الطاعنة، لما كان ذلك وكان هذا الدفاع يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاما وجوهريا، لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليتها الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالا وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه - أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع وهو ما يعيب الحكم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنة في أوجه طعنها.

الطعن 882 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 223 ص 991


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد فاروق راتب.
---------------
(223)
الطعن رقم 882 لسنة 46 القضائية

إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد.
منازعة المتهم في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق. عقب إصابته بطلق ناري مزق القلب. مسألة فنية بحت ودفاع جوهري. وجوب تحقيقها عن طريق المختص فنيا. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع.

-----------
لما كان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذي مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز فوة محافظة كفر الشيخ. (أولا) قتل...... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا (مسدس) وترصده في الطريق الموصل إلى منزله والذى أيقن مروره في مثل هذا الوقت من النهار حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، (ثانيا) أحرز سلاحا ناريا (مسدس) مششخنا بدون ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، (ثالثا) أحرز ذخيرة (طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له في حيازته أو إحرازه، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به. فقرر ذلك، وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و232 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبه المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمه القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن نفى صلته بالواقعة وأثار الدفاع عنه أمام محكمة الموضوع أن الحادث لم يقع على الصورة التي رواها شاهدا الإثبات إذ يكذبهما أن المجنى عليه وقد أصابه المقذوف الناري في القلب كما أورى تقرير الصفة التشريحية لم يكن في استطاعته أن يجرى ويستغيث حسبما شهد الشاهدان، وطلب تحقيقا لهذا الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته ورغم جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب بقالة عدم لزومه لأنها اقتنعت بصحة رواية الشاهدين من أن المجنى عليه عقب إصابته تسنى له الجري والنطق، وهو ما لا يصلح ردا، فضلا عن أن المحكمة بذلك تكون قد أبدت الرأي في دليل لم يعرض عليها وأحلت نفسها محل الخبير في مسألة فنية بحت، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أنكر التهمة المسندة إليه وأن المدافع عنه قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من أن الطاعن أطلق عيارا ناريا من مسدسه على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته تسنى له الجري والاستغاثة، إذ أورى تقرير الصفة التشريحية أن المقذوف الناري أصاب القلب وأحدث تهتكا به مما يستحيل معه على المجنى عليه الجري أو الاستغاثة عقب إصابته، وطلب تحقيقا لدفاعه مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الحركة والنطق عقب إصابته، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن بادر المجنى عليه بطلق ناري أحدث به إصابة نارية أحدثت تهتكا برئته اليمنى وبجزء من القلب وتهتك بالفص الأيسر للكبد نشأت عنها المضاعفات التي أودت بحياته، وقد قضت المحكمة بإدانة الطاعن معتمدة في ذلك على أقوال شاهدي الإثبات التي ينازع الطاعن في صحتها ورفضت تحقيق دفاع الطاعن في هذا الصدد بقولها "أما عن طلب استيضاحه أي الطبيب الشرعي - في إمكان الجري أو الحديث بعد إصابته - تقصد المجنى عليه - فهو أمر ترى المحكمة بشأنه أن أقوال الشاهدين المذكورين كافية في عقيدتها أخذا منها بما شهدا به أن المجنى عليه فور إصابته بالطلق الناري يتسنى له الجري على مسافة أو النطق بأي استغاثة". ولما كان مفاد ما تقدم أن محامى الطاعن قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من رؤيتهما الطاعن يطلق العيار الناري على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته بالمقذوف الناري جرى واستغاث، وطلب تحقيق هذا الدفاع عن طريق الخبير الفني. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدره المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذى مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص فنيا وهو الطبيب الشرعي، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 876 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 222 ص 987


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، وأحمد على موسى، ومحمد وجدى عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
-------------
(222)
الطعن رقم 876 لسنة 46 القضائية

حكم "حجية. إثبات". قرائن قانونية. قوة الأمر المقضي". قوة الأمر المقضي. تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. جريمة. "أركانها".
حجية الأحكام. رهن باتحاد الخصوم والموضوع والسبب.
متى يتوافر اتحاد السبب ؟
كون الواقعة الثانية من نوع الأولى أو تتخذ معها في الوصف. أو أن كلتاهما حلقة من سلسة وقائع متماثلة. لا تتحقق به وحدة السبب.
متى تتم جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة ؟

----------------
من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلا للحكم السابق ولا يكفى القول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها. ولما كانت جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، وكان لا يشترط لقيام جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يبددها الحارس أو يتصرف فيها بل يكفي أن يمتنع عن تقديمها يوم البيع أو الإرشاد عنها بقصد عرقلة التنفيذ إضرارا بالدائن الحاجز، وإذ كان البين من مطالعة الأورق والحكم المطعون فيه موضوع الجنحة رقم 99 لسنة 1973 كفر الدوار السابق الحكم فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة هو تبديده لبقرة توقع الحجز عليها في 1/ 8/ 1972 وتمت الجريمة بمجرد امتناعه عن تقديمها في يوم 27/ 11/ 1972 المحدد لبيعها بقصد عرقلة التنفيذ، في حين أن موضوع الدعوى المطروحة هو تبديد لبقرة توقع عليها حجزا آخر في 21/ 6/ 1973 - بعد تمام الجريمة الأولى - وحدد لبيعها يوم 10/ 9/ 1973 وهي من ثم واقعة مغايرة تماما لتلك التي كانت محلا للحكم السابق صدوره في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 آنفة البيان، ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية من نوع الواقعة الأولى واتحدت معها في الوصف القانوني ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة، ووقعت كل منها بناء على نشاط إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل من الدعوى السابق الحكم فيها والدعوى المطروحة مما لا يجوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز كفر الدوار: بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائيا لصالح ورثة.... والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالدائنين الحاجزين. وطلبت معاقبته بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات ومحكمة جنح كفر الدوار الجزئية قضت غيابيا عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى - في موضوع جريمة اختلاس المحجوزات المسندة إلى المطعون ضده - بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أنه سبق الحكم بإدانة المطعون ضده في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 مركز كفر الدوار واستئنافها رقم 552 لسنة 1974 مستأنف دمنهور بجريمه تبديد ذات البقرة المحجوز عليها في حين أن واقعة التبديد محل الدعوى المماثلة الحاصلة في 10 سبتمبر سنة 1973 مغايرة لتلك الحاصلة في 27 نوفمبر سنة 1972 موضوع الدعوى الأولى، وليس ثمة ما يحول دون حيازة المطعون ضده لأكثر من بقرة.
وحيث أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة شهر في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 مركز كفر الدوار تأسيسا على أن البقرة المحجوزة عليها في الدعوى المماثلة هي ذات البقرة محل التبديد في الدعوى الأولى لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلا للحكم السابق ولا يكفى للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها. ولما كانت جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي في عهدته إلى المكلف ببيعها في اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ وذلك لما ينطوي عليه هذا الفعل من الإضرار بمصلحة الدائن الحاجز ومن مخالفة لواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، وكان لا يشترط لقيام جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة أن يبددها الحارس أو يتصرف فيها بل يكفى أن يمتنع عن تقديمها يوم البيع أو الإرشاد عنها بقصد عرقلة التنفيذ إضرارا بالدائن الحاجز، وإذ كان البين من مطالعة الأوراق والحكم المطعون فيه موضوع الجنحة رقم 99 لسنة 1973 كفر الدوار السابق الحكم فيها بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة هو تبديده لبقرة توقع عليها الحجز عليها في 1/ 8/ 1972 وتمت الجريمة بمجرد امتناعه عن تقديمها في يوم 27/ 11/ 1972 المحدد لبيعها بقصد عرقلة التنفيذ، في حين أن موضوع الدعوى المطروحة هو تبديده لبقرة توقع عليها حجزا آخر في 21/ 6/ 1973 - بعد تمام الجريمة الأولى - وحدد لبيعها يوم 10/ 9/ 1973 وهى من ثم واقعة مغايرة تماما لتلك التي كانت محلا للحكم السابق صدوره في الجنحة رقم 99 لسنة 1973 آنفة البيان، ولا يقدح في ذلك أن تكون الواقعة الثانية موضوع الدعوى الحالية من نوع الواقعة الأولى واتحدت معها في الوصف القانوني ما دام الثابت أن لكل من الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة ووقعت كل منها بناء على نشاط إجرامي خاص بما يتحقق معه المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل من الدعوى السابق الحكم فيها والدعوى المطروحة مما لا يجوز معه الحكم السابق حجيته في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن بحث موضوع الدعوى فيتعين نقضه والإحالة.

الطعن 873 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 221 ص 982

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة ومحمد محمد وهبة، وأحمد على موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.
-------------
(221)
الطعن رقم 873 لسنة 46 القضائية
 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى". 
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة، واطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغا.
(2) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
 (3)إثبات. "معاينة". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته. هو الطلب الجازم.
متى يعد الطلب جازما ؟
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفى الفعل أو إثبات استحالة حصوله. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(4) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". معاينة. "نقض". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعويل الحكم على الرسم التخطيطي لمكان الضبط. لا يعيبه. متى كان المتهم لم يجحد صدوره من سلطة التحقيق.
منازعة المتهم في صدور الرسم التخطيطي من سلطة التحقيق. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
--------------
1 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن في شأن إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة ولم يضمنه طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب دون أن تطمئن حكمها ردها عليه، لما هو مقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقر سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.
4 - لما كان الطاعن لم يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط من سلطة التحقيق ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى الطاعن في هذا الصدد وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب الإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة بأنه بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة أحرز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و37 أو 38 أو42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن أثار في مرافعته استحالة حدوث الواقعة على الصورة التي رواها الضابط شاهد الإثبات لوجود منخفض بعمق مترين على حافة الجسر الترابي للطريق مباشرة مما يستحيل معه استقرار كيس المخدر على أرض الطريق عند إلقاء الطاعن له من نافذة السيارة وهو ما يكذب رؤية الشاهد للكيس مستقرا على الأرض، وطلب تحقيقا لذلك إجراء معاينة لمكان الضبط، إلا أن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب وأطرحت دفاع الطاعن بما لا يسوغ إطراحه إذا استندت إلى الرسم التخطيطي لمكان الضبط المرفق بالأوراق مع عدم صلاحيته لخلوه مما يشير إلى إجرائه بمعرفة سلطة التحقيق وخلو الأوراق من محضر معاينة يوضح مكان ضبط المخدر ومكان وقوف الضابط والسيارة وبعدها من حافة الطريق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، عرض لدفاع الطاعن الوارد بوجه الطعن وأطرحه استنادا إلى أن الثابت من الرسم التخطيطي لمكان الضبط الذى أجرته سلطة التحقيق أن عرض الطريق ستة أمتار وأن هناك جسرا ترابيا على حافتي الطريق حوالى 70 سم لكل ناحية وأن هذا الاتساع يسمح بوقوف السيارة وباستقرار كيس المخدر عند إلقائه منها بالصورة التي رواها الضابط، لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب طالما أنها تناولت دفاعه وردت عليه ردا سليما يسوغ به إطراحه. لما كان ذلك،
وكان ما يثيره الطاعن في شأن إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة ولم يضمنه طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هى التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها ردها عليه، لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفصل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط من سلطة التحقيق ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى الطاعن في هذا الصدد وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 869 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 220 ص 978


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدى عبد الصمد.
---------------
(220)
الطعن رقم 869 لسنة 46 القضائية

 (1)استدلالات. تفتيش "التفتيش بإذن". إذن التفتيش. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش لسلطة التحقيق. تحت إشراف محكمة الموضوع.
ورود خطأ في محضر التحريات. بخصوص اسم الشارع الذى به مسكن المتهم لا ينال بذاته جدية التحريات.
(2) تحقيق "التحقيق بمعرفة المحكمة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره. دعوى. "نظرها والحكم فيها". إثبات "معاينة".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلبات التحقيق. متى كانت غير منتجة أو كانت الواقعة قد وضحت لديها.
طلب إجراء المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل أو استحالة حصوله. دفاع موضوعي. لا تلتزم المحكمة بإجابته.

-----------
1 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مؤدى دفاع الطاعن هو النعي بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة بتفتيش مسكنه، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذى يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر.
2 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وإذ عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب التي يستقيم بها إطراحه له، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: حاز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول (1) المرفق بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن حيازته للمخدر كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جوهرين مخدرين قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن أقام دفاعه على أن التفتيش وقع على مسكن خلاف ذلك الموضح بمحضر التحريات والذى انصب عليه أمر التفتيش وطلب من المحكمة إجراء معاينة للتحقق من ذلك إلا أنها استدلت على إقامة الطاعن بالمسكن الذى تم تفتيشه من إيصال ضبط فيه يفيد ذلك حالة أن العنوان الموضح بذلك الإيصال ينصرف إلى محل لزوجة الطاعن وأن المعاينة التي أجرتها النيابة كشفت عن اختلاف العنوانين، ولم تستجب المحكمة إلى هذا الطلب مع جوهرية هذا الدفاع لما قد يترتب على تحقيقه من بطلان التفتيش وانعدام الدليل المستمد منه وأطرحته باستدلال غير سائغ يجعل حكمها معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتلخص في أنه وصل إلى علم النقيب ..... معاون قسم مكافحة المخدرات أن المتهم يتجر في المواد المخدرة ولما استوثق من ذلك رفع محضرا بما تقدم للنيابة العامة التي أذنت بتفتيش شخص ومسكن المتهم لضبط جواهر مخدرة.. وإعمالا لمقتضى هذا الإذن انتقل في الساعة التاسعة من مساء نفس اليوم إلى مسكن المتهم حيث وجد بابه مفتوحا وبدخوله الشقة وجد المأذون بتفتيشه بحجرة النوم فأجرى ضبطه وبتفتيشه عثر معه على مبلغ من النقود وبتفتيش النوم عثر بداخل الدولاب الخشبي بالضلفة الوسطى على حقيبة من النايلون بداخلها تسع طرب من الحشيش بلغ وزنها 2340 جراما ولفافة كبيرة من الورق الأبيض بداخلها قطعة من الأفيون بلغ وزنها 830 جراما كما عثر بالشقة على إيصال ثابت به أن المتهم المقيم بالعنوان الصادر به إذن التفتيش قد سلم آخر مبلغ ثلاثة جنيهات"، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال معاون قسم مكافحة المخدرات ومن تقرير التحليل. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن في شأن طلب إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات أنه يخالف المسكن الذى صدر به إذن التفتيش وأطرحه بقوله "أن المحكمة ترى أن إجراء معاينة بعد مرور عدة سنوات على وقوع الحادث لمعرفة حقيقة سكن المتهم كما يقرر الدفاع أمر غير مجد كما أم الثابت من التحقيق أن النيابة العامة قد أجرت المعاينة المطلوبة وأن الثابت للمحكمة من الإيصال الذى عثر عليه بمسكن المتهم أن الأخير يقيم بالعنوان الذى وقع به التفتيش وضبط به المخدر وأن المتهم هو المقصود بالتحريات والضبط". لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن مؤدى دفاع الطاعن هو النعي بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة بتفتيش مسكنه. وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذى يقع به مسكن الطاعن في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وإذ عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب المتقدم بيانها والتي يستقيم بها إطراحه له، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 863 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 219 ص 975


جلسة 20 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إسماعيل محمود حفيظ، والسيد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
---------------
(219)
الطعن رقم 863 لسنة 46 القضائية

رعى ماشية. صيد أسماك. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم جواز استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعي الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة المصرية للثروة المائية المادة 14 من القانون 140 لسنة 1960.
عدم بيان الحكم لأركان الجريمة على هذا الأساس والاكتفاء بأن التهمة ثابتة قصور.

-------------------
البين من القانون رقم 140 سنة 1960 في شأن صيد الأسماك المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 أنه حظر - في الفقرة الأولى من المادة 14 منه - إنشاء الجسور والسدود بالبحيرات وشواطئها أو تسوية أية مساحة مائية منها بأي ارتفاع إلا بترخيص من المؤسسة المصرية العامة للثروة المائية كما أنه حظر - في الفقرة الأخيرة - استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعى الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة سالفة الذكر في حدود الاختصاصات المخولة لها ومؤدى ذلك أنه اقتصر على تأثيم رعى الماشية في جزر البحيرات ومراحاتها دون ترخيص. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤها ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - ..... و2 - ..... (الطاعن) و3 - ..... بأنهم بدائرة قسم المطرية محافظة الدقهلية أنشأوا حوشا وسدود لصيد السمك وتربية المواشي على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و14 و16 و17 من القانون رقم 144 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 فقرر ذلك. ومحكمة المطرية الجزئية قضت في الدعوى غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين خمسة جنيهات عن كل متر من السد أو الجسر وخمسين جنيها عن كل رأس للماشية ومصادرة المراكب وأدوات الصيد والماشية والأسماك المضبوطة وإزالة المخلفات على نفقة المتهمين فعارضوا وقضى في معارضتهم باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهمون الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت في الدعوى حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم الأول 250 ج والمتهم الثاني 600 ج والمتهم الثالث 100 ج ومصادرة جميع المضبوطات. فطعن الأستاذ .... المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة رعى الماشية في حوشه بغير ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المادة 14 من قانون صيد السمك حظرت رعى الماشية في جزر البحيرات وليس في الحوش التي ورد الحظر فقط على الصيد فيها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من القانون رقم 140 سنة 1960 في شأن صيد الأسماك المعدل بالقانون رقم 46 سنة 1966 أنه حظر - في الفقرة الأولى من المادة 14 منه - إنشاء الجسور والسدود بالبحيرات وشواطئها أو تسوية أية مساحة مائية منها بأي ارتفاع إلا بترخيص من المؤسسة المصرية العامة للثروة المائية كما أنه حظر - في الفقرة الأخيرة - استغلال جزر البحيرات ومراحاتها في رعى الماشية أو صيد الطيور إلا بترخيص من المؤسسة سالفة الذكر في حدود الاختصاصات المخولة لها ومؤدى ذلك أنه اقتصر على تأثيم رعى الماشية في جزر البحيرات ومراحاتها دون ترخيص، لما كان ذلك. وكان الحكم الابتدائي الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه - اكتفى بنقل وصف التهمة المسندة إلى الطاعن وآخرين من رعيهم - ماشية على النحو المبين بالمحضر وإستطرد بعد ذلك مباشرة إلى القول بأن التهمة ثابتة قبل المتهمين ويتعين عقابهم طبقا لمواد الاتهام وأضاف الحكم المطعون فيه أنه قد ثبت في حقهم رعيهم الماشية بمنطقة الضبط بعد أن نفى مسئوليتهم عن إنشاء الدش دون أن يبين ماهية مكان الضبط وماذا كان يعد من جزر البحيرات ومراحاتها، لما كان ذلك. وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤها ومؤدى كل منها في بيان كاف يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور الذى له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون وهو ما يتسع له وجه الطعن مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى وتقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن، لما كان ذلك. وكان هذا الوجه الذى بنى عليه النقض والإحالة بالنسبة إلى الطاعن يتصل بالمتهمين الآخرين الذين لم يقررا بالطعن، فإنه يتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليهما وذلك عملا بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 195

الطعن 855 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 218 ص 969

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار/ حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إسماعيل حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
------------------
(218)
الطعن رقم 855 لسنة 46 القضائية
 (1)تفتيش. "التفتيش بإذن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
 (2)تفتيش. التفتيش بإذن. إجراءات. إجراءات تحقيق. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية صدور إذن التفتيش على ذات محضر التحريات لاعتباره محمولا على أسباب كافية لإصداره.
 (3)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود. مفاده. إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
 (4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها.
مجادلة المتهم بإحراز مخدرات فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبول.
----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - إذا كان الثابت أن محضر التحريات تضمن وفق ما سلف تفصيله مقومات جديته التي تبعث على الاطمئنان بصحة ما جاء به فإن إذن التفتيش بذلك يكون قد جاء محمولا على أسباب كافية يقتضيها المقام، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بما مؤداه أن الإذن قد صدر بعد الاطلاع على محضر التحريات واقتناع بجديتها واطمئنان لكفايتها كاف لاعتبار الإذن مسببا ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 - من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى ما قرره الشهود من أن الطاعن يسكن بالعنوان الذى ورد بمحضر التحريات وتم ضبطه وتفتيشه به وكان ما أورده الحكم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله وجدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - إن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات وفى عملية التحليل التي اطمأنت إليهما محكمة الموضوع. فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر. بأنهما بدائرة قسم الخليفة محافظة القاهرة المتهم الأول: حاز جوهرين مخدرين (حشيشا وأفيونا) بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا: المتهم الثاني: حاز جوهرا مخدرا (حشيشا) بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمواد
1/ 1 و7 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات: (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدرين المضبوطين: (ثانيا) ببراءة المتهم الثاني من التهمة المسندة إليه مع مصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الأستاذ ..... المحامي تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.

المحكمة
وحيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين - حشيش وأفيون - بقصد الإتجار، قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك أن الدفاع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات ولخلوه من الأسباب وقد ردت المحكمة على ذلك بأن المراقبة أيدت المعلومات التي وردت إلى مكتب مكافحة المخدرات عن إتجار الطاعن رغم أن محضر التحريات قد خلا من ذلك وكان مصدره العلم العام بما اشتهر به الطاعن من الإتجار في المواد المخدرة كما وردت على بطلان الإذن لعدم تسبيبه بالرجوع إلى التحريات ذاتها كسبب يحمل الإذن وهو سبب معدوم وفضلا عن هذا فقد قام دفاع الطاعن على أنه لا يقيم في مكان ضبط المخدر الذى يستقل بالإقامة فيه سيدة أجنبية عن الوقعة وقد أطرحت المحكمة هذا الدفاع لأسباب غير سائغة كما ردا الحكم على دفاع الطاعن بشأن الخلاف في عدد طرب الحشيش بين ما أثبت في محضر الضبط وتحقيق النيابة بما لا يسانده في الأوراق أو أجرى بشأنه تحقيق يوضحه كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال ضباط قسم مكافحة المخدرات بالقاهرة ومحضر معاينة النيابة العامة لمكان الضبط ومما ورد بتقرير التحليل وحصل الحكم أقوال الرائد/ ...... بقسم مكافحة المخدرات بالقاهرة بأن تحرياته السرية أكدت له "أن المتهم (الطاعن) المقيم بالمدفن رقم 99/ 3 شارع "مسجد لؤلؤ" بمنطقة مقابر الطحاويه التابعة لقسم الخليفة يحوز مواد مخدرة بقصد الإتجار فيها فاستصدر إذنا من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه، وتفتيش مسكنه، ونفاذا لهذا الإذن انتقل صباح يوم الحادث إلى مسكنه برفقة عدد من زملائه حيث وجد المتهم جالسا في غرفة على يسار الداخل بتفتيشها عثر على خمس عشرة طربة من مخدر الحشيش بداخل حقيبة من المشمع، ثم أرشده المتهم إلى حوش مقبرة مجاور بمسكنه قال بأنه يحتفظ به على كمية من مخدري الحشيش والأفيون لحساب شخص آخر، فانتقل الضابط بصحبته إلى ذلك الحوش حيث عثر فيه على أربع كرتونات تحوى العديد من طرب مخدر الحشيش وثماني لفافات تنطوي على مخدر الأفيون - ثم عرض الحكم للدفع ببطلان إذن النيابة لأنه لم يسبقه التحريات ولعدم تسببه في قوله "وحيث أن دفع المتهم مردود إذ أثبت الرائد ...... في محضره أن تحرياته ومراقبته السرية للمتهم أكدت له صحة ما وصل إليه من معلومات بشأن قيام المتهم المسجل (خطر مخدرات) بأرشيف القسم بمعاودة نشاطه في الإتجار بالمواد المخدرة......" وهو ما لا يستقيم معه القول أن إذن التفتيش لم يسبقه أى تحر عن المتهم... ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت (على ما سلف بيانه) بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن لعدم تسبيبه ورد عليه بقوله: "وأن وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش في إصداره إلى ما أحس من اطمئنان لصحة ما تضمنه محضر التحريات ضد المتهم فإذا كان الثابت أن محضر التحريات تضمن وفق ما سلف تفصيله مقومات جديته التى تبعث على الاطمئنان بصحة ما جاء به فإن إذن التفتيش بذلك يكون قد جاء محمولا على أسباب كافية يقتضيها المقام" - لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بما مؤداه أن الإذن قد صدر بعد إطلاع على محضر التحريات واقتناع بجديتها واطمئنان لكفايتها كاف لاعتبار الإذن مسببا ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وقد واجه دفاع الطاعن في أنه لا يقيم في مكان الضبط الذى تستقل به سيدة أجنبية عنه بما هو كاف لاطراحه بقوله: أنه وإن كانت معاينة النيابة العامة لمكان الحادث أثبتت أن المدفن الذى ضبط به المتهم والخمس عشرة طربة حشيش يحمل رقم 90/ 3 بشارع مسجد لؤلؤ وتشغله سيدة تدعى....... وإن الحوش المجاور لذلك المدفن أزيل تماما وجارى العمل في أعادة بناءه إلا أن..... هذه قدمت بطاقتها الشخصية وثبت فيها أنها تقيم بقرافة الطحاوية 91/ 3 بشارع مسجد لؤلؤ كما ثبت من الخرائط المقدمة من الدفاع أن شارعي الطحاوية ومسجد لؤلؤ يقعان في منطقة واحدة هي منطقة مقابر الطحاوية الأمر الذى يؤيد ما ذهب إليه الرائد......... في التحقيقات من أن......... اقتحمت على المدفن 90/ 3 بشارع مسجد لؤلؤ رغم ثبوت إقامتها في بناء آخر يحمل رقم 91/ 3 من نفس الشارع خدمة للمتهم ولهذا الغرض نفسه أزيل الحوش المجاور للمدفن وأعيد بناؤه لإزالة معالم الضبط كما تؤيد الخرائط قول الضابط بأن المنطقة كلها يطلق عليها مقابر الطحاوية يضاف إلى هذا أن وجود عنوان للمتهم بالبناء رقم 3 بشارع الطحاوية ببطاقته الشخصية لا يقطع بانعدام صلته بالمدفن رقم 90/ 3 شارع مسجد لؤلؤ الذى ضبط فيه وفى حوزته كمية من مخدر الحشيش "وإذ كان من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى ما قرره الشهود من أن الطاعن يسكن بالعنوان الذى ورد بمحضر التحريات وتم ضبطه وتفتيشه به وكان ما أورده الحكم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله ويعد جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن الخلاف بين ما أثبت في محضر الضبط وما رصدته النيابة عن كمية المخدر المضبوط بقوله: "وبأنه وإن كان الثابت أن محرر الضبط أثبت في نهاية محضره في مقام إثباته لوزن طرب الحشيش المضبوط أن عددها224 طربة تزن 65 كيلو 370 جرام فقد أثبت وكيل النيابة المحقق أن مجموع طرب المقدمة له وعددها 207 طربة تزن 65 كيلوا و5 جرام وبذلك يتقارب الوزن الذى قام به وكيل النيابة مع الوزن الذى قام به الضابط محرر الضبط مما ترى معه المحكمة أن ثمة خطأ مادى وقع فيه الأخير في عد طرب الحشيش المضبوطة دون قيام عبث لها..." وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة إلى سلامه كمية المخدر المضبوط دون حدوث أي عبث بها هذا فضلا عن أن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين طرب الحشيش المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد في أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات وفى عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع. فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو في إطلاقاتها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 854 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 217 ص 960

جلسة 20 ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إسماعيل حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
-------------
(217)
الطعن رقم 854 لسنة 46 القضائية
 (1)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
(2) محكمة الجنايات. "نظرها الدعوى والحكم فيها". تصدى. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تحقيق.
حق التصدي المقرر لمحكمة الجنايات. وفقا للمادة 11 إجراءات. انحصاره في تحريك الدعوى الجنائية. فحسب.
حرية الجهة التي تجرى التحقيق. في التصرف في الأوراق. حسبما يتراءى لها.
عدم التزام الهيئة التي تقضى في الدعوى بقرار التصدي وما ورد به من أسباب.
(3 و 4) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 (3)وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
 (4)حق المحكمة في الأخذ بقول للشاهد دون قول آخر له في أي مرحلة من مراحل التحقيق. دون بيان العلة.
 (5)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه، وإطراح ما عداه.
 (6)إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. ما دامت وقائع الدعوى تسوغه.
 (7)إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير قيمة الاعتراف. موضوعي.
--------------
1 - إن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
2 - إن حق التصدي المقرر لمحكمة الجنايات إنما هو استثناء من مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة ولا يترتب على استعماله سوى تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فليس في القانون ما يلزم الهيئة التي تقضى في الدعوى بالتقيد بقرار التصدي وما ورد به من أسباب بل إنها تنظر الدعوى بكامل حريتها وتقضى فيها بما يطمئن إليه وجدانها دون أن تكون ملزمة بالرد على ما ورد بأسباب القرار المذكور لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد من الأسباب إلا ما يكفى لإقامة قضاءها، وأنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
3  و4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروك لمحكمة الموضوع ولا تثريب عليها إن هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له في أي مرحلة من مراحل التحقيق دون أن تبين العلة.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن في أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها.
6 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
7 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته لحقيقة الواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه المادي أو المعنوي بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما بدائرة مركز أبو كبير محافظة الشرقية: ضربا...... عمدا الأول بفأس والثاني بعصا على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا لمواد الاتهام، فقرر ذلك. وادعى..... والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت في الدعوى حضوريا للأول وغيابيا للثاني عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة الطاعن (المتهم الأول) بالسجن مدة خمس سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. (ثانيا) ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور والتناقض في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد. ذلك أنه استند في الإدانة إلى ما شهد به الشاهد....... في الجلسة من أنه رأى الطاعن يعتدى بالضرب على المجنى عليه على حين أن هذا الشاهد كان قد قرر بجلسة 4/ 12/ 1972 أن المتهم الثاني هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه المذكور مما حدا بالنيابة العامة إلى أن توجه إليه تهمة شهادة الزور بالجلسة وقررت المحكمة إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم الثاني وأسست قرارها على ما استبان لها من أن هذا المتهم قد ساهم في إحداث إصابة المجنى عليه إلا أنها عادت وقضت ببراءته مما يناقض قرارها السابق دون أن تعرض له وتبين عدولها عنه. كما اعتمد الحكم على ما شهد به الشاهد...... في الجلسة من أن الطاعن وحده هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه وأنه لم ير المتهم الثاني بمكان الحادث مع أن هذا يخالف ما قرره هذا الشاهد أمام النيابة وبجلسة 4/ 12/ 1972. وعلى الرغم من أن الشهود قد أجمعوا على أن المتهم الثاني شارك في الاعتداء على المجنى عليه بأن ضربه بعصا في رأسه ولم ينف الطبيب الشرعي في تقريره احتمال حصول إصابة بالرأس من عصا أصابت المجنى عليه في نفس موضع إصابته التي أحدثها به الطاعن بالفأس، فإن المحكمة أطرحت أقوال هؤلاء الشهود بالنسبة للمتهم الثاني فقضت ببراءته في حين أنها أخذت بها دليلا على إدانة الطاعن مما يصم الحكم بالتناقض. هذا فضلا عن أن الحكم تساند أيضا إلى اعتراف الطاعن في التحقيقات مع أنه كان صادرا منه تحت تأثير إكراه أدبى هو رغبته في افتداء شقيق المتهم الثاني، ورغم أن الدفاع تمسك بذلك، فإن الحكم رد عليه ردا سائغ، كل ذلك مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات...... و....... و...... و........ و...... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات والتقارير الطبية الابتدائي والشرعيين وهى أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وحصل الحكم مؤدى أقوال الشهود بأنهم أبصروا بالطاعن يوم الحادث يضرب المجنى عليه بفأس في رأسه ضربة واحدة فأحدث إصابته وأوضح الشاهدان الأول والثاني أن الاعتداء كان بخرس الفأس، ونسب الحكم إلى الطاعن اعترافه في تحقيق النيابة بأنه وحده المعتدى على المجنى عليه بأن ضربه بفأس في رأسه ضربة واحدة فأصابه بها. ونقل الحكم عن التقرير الطبي الابتدائي أن المجنى عليه وجد مصابا بجرح رضى بفروة الرأس فوق الجدارية اليمنى تسبب في كسر منخسف بعظام الجدارية والصدغية اليمنى وتهتك بأغشية المخ وبروز جوهر المخ ونزيف داخلي بالمخ وصدمة عصبية شديدة وأنه أجريت له عملية تربنة لإزالة العظام وتوفى المصاب متأثرا بجراحه. ونقل من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 6/ 12/ 1971، "يبين أن هذه الإصابات يمكن حصولها من ضربة واحدة بجسم صلب راض أحدث جرح فروة الرأس وما كان تحته من كسور بعظم الجمجمة وتهتك المخ وما صحب ذلك من نزيف داخل الجمجمة وقد حدثت وفاة المجنى عليه نتيجة الإصابات المشار إليها بالرأس وحدها... كما نقل عن التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 25/ 12/ 1971. أنه من الممكن حدوث الإصابة الموضحة بالرأس من ضربه واحدة بجسم صلب راض أحدث الجرح الرضى بالفروة وكسور عظام الجمجمة وما صحب ذلك من تهتك بالأغشية السحائية وبروز المخ والرأي أنه من الممكن حدوث كل ذلك من الضرب بالجزء المقابل من الفأس (الخرزة) مثلا، إلا أنه من الوجهة الفنية لا يمكن نفى احتمال اشتراك ضربة أخرى من عصا صادفت نفس موضع ضربه بالفأس أو قريبا جدا منها بحيث اختلطت الإصابات الناشئة عن الضربتين بعضهما مع بعض دون تفرق وأحدثت الصورة النهائية التي ورد وصفها بالأورق الطبية ويفسر في هذه الحالة وجود جرح راضي بالفروة إن إحدى الإصابتين أحدثت الجرح الرضى بينما لم تحدث الأخرى جرحا بالفروة وإنما شاركت في أحداث الانسكاب الدموي الموصوف بها ولا يمكن فنيا ترجيح أي من الرأيين على الآخر. ثم أوردت المحكمة بأسبابها" إذا كان جاء في ذلك التقرير هذا الذى أسلف فإنه ناقش فيه مجرد احتمال أمر الاتهام على استصدار الرأي الطبي بشأنه دون أن تطمئن هذه المحكمة إلى هذا الاحتمال كحقيقة تناقش آراء ما رأت من أن الاتهام الثابت في حق (الطاعن) وحده الذى ثبت بيقين مما خصص من قبل أنه وحده الذى اعتدى على المجنى عليه بضربه له بالجزء الكل من الفأس وهو ما كان التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 6/ 12/ 1971 قطع به وتطمئن إليه المحكمة كحقيقة لا كمجرد احتمال، فضلا عن أنه بالنسبة لانتفاء الاطمئنان إلى اتهام المتهم الثاني ... على نحو ما سلف فقد أكد الخفير النظامي ...... في شهادته أمام المحكمة بأن المتهم الأول (الطاعن) وحده هو الذى اعتدى على المجنى عليه بضربه "بخرزة" الفأس على رأسه وأنه لم ير المتهم الثاني بمكان الحادث. ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على أقوال الشاهد........ دون أن يسند هذه الأقوال إلى ما قرره الشاهد بمحضر الجلسة على خلاف ما ذهب إليه الطاعن في مذكرة أسباب طعنه، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة نسبة أقوال الشاهد المذكور - التي حصلها الحكم - إليه هي التحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك. وكان الثابت أن هيئة محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى ابتداء قبل الطاعن قد استعملت حقها في التصدي طبقا للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وأقامت الدعوى قبل متهم آخر مع الطاعن وأحالت الأوراق للنيابة العامة، ثم نظرت الدعوى برمتها هيئة أخرى أصدرت الحكم المطعون فيه، وكان من المقرر أن هذا الحق المقرر لمحكمة الجنايات إنما هو استثناء من مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة ولا يترتب على استعماله سوى تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فليس في القانون ما يلزم الهيئة التي تقضى في الدعوى بالتقيد بقرار التصدي وما ورد به من أسباب بل إنها تنظر الدعوى بكامل حريتها وتقضى فيها بما يطمئن إليه وجدانها دون أن يكون ملزمة بالرد على ما ورد بأسباب القرار المذكور لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد من الأسباب إلا ما يكفى لإقامة قضاءها، وأنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند إليه - في قضائه إلى أن الشاهد.... قد أكد في شهادته أمام الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بأن الطاعن وحده هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة 8/ 2/ 1975 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه صحة نسبة هذا القول إلى الشاهد المذكور، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروك لمحكمة الموضوع ولا تثريب عليها إن هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له وذلك في أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تأخذ بقول الشاهد بتحقيق النيابة أو في مرحلة سابقة من مراحل المحاكمة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن في أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها، فإن قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المتهم الثاني عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت لعدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في حقه لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن وحده بهذه الجريمة أخذا بأقوال المذكورين والتي تأيدت لديها باعتراف الطاعن بتحقيق النيابة بأنه وحده الذى ضرب المجنى عليه وشهادة "......" بالجلسة وهي من الأدلة التي ساقها الحكم ووثق بها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة للتناقض في التسبيب يكون غير سديد. أما في خصوص ما أثاره الطاعن من أن الخبير لم ينف احتمال اشتراك ضربة أخرى من عصا أصابت المجنى عليه في نفس مكان ضربه الفأس المنسوبة للطاعن وأنه لم يجزم بترجيح أي من الروتين فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن الاعتراف المنسوب صدروه إليه كان وليد إكراه أدبى ورد عليه في قوله: "وأما ما أدعاه من أنه استهدف به (أي بالاعتراف) افتداء" "أخ صغير له هو المتهم الثاني ..... فإنه مفروض بأن ما كان ارتآه من" "الافتداء لا زال قائما ببقاء هذا الشقيق متهما في القضية يحاكم معه وما كان له إذا كان اعترافه بقصد الافتداء أن يعدل عنه أما وقد عدل وحاول" "جاهدا أن يلصق الاتهام بشقيقه المذكور فإن التبرير يسقط ولا يبقى" "إلا أنه قرر الحقيقة وقت اعترافه ثم لاذ بما يجافيها حتى ولو أضر" "بشقيقه الذى يدعى أنه كان أراد اقتدائه. يضاف إلى هذا إلى أنه وقد" "ركز على أنه هو الذى يعول أخوته الصغار. وأنه لهذا استهدف حماية "شقيقه المذكور لأن والده كان توفى وأنه هو وحده المسئول عنه فإنه" "وبمنطقه كان لا بد ينأى عن الاتهام منذ البداية ليبقى عائلا له ولأشقائه" "الصغار الآخرين ومسئولا عنهم وهو ما لم يفعل وأثر الاعتراف بالحقيقة" "أو كان لا بد يبقى نائيا للنهاية، وهو أيضا ما لم يفعله إذ استفاق" على مغبة اعترافه فارتضى إلصاق الاتهام بشقيقه رغبة في النجاة. "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها. في الإثبات ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه المادي أو المعنوي بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. ولما كانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذى استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره من الطاعن طواعية واختيارا فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يستوجب رفضه موضوعا.