جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة
ومحمد محمد وهبة، وأحمد على موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.
-------------
(221)
الطعن رقم 873 لسنة 46
القضائية
(1)محكمة
الموضوع. "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص
الصورة الصحيحة للواقعة، واطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغا.
(2) إثبات. "شهادة".
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(3)إثبات. "معاينة". دعوى جنائية. "نظرها والحكم
فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذى تلتزم المحكمة
بإجابته. هو الطلب الجازم.
متى يعد الطلب جازما ؟
طلب المعاينة الذي لا
يتجه إلى نفى الفعل أو إثبات استحالة حصوله. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(4) حكم. "تسبيبه. تسبيب
غير معيب". إثبات. "بوجه عام". معاينة. "نقض".
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعويل الحكم على الرسم التخطيطي
لمكان الضبط. لا يعيبه. متى كان المتهم لم يجحد صدوره من سلطة التحقيق.
منازعة المتهم في صدور
الرسم التخطيطي من سلطة التحقيق. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
--------------
1 - الأصل أن من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - وزن أقوال الشاهد
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى
تطمئن إليه بغير معقب.
3 - لما كان ما يثيره
الطاعن في شأن إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن وإن أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام
المرافعة ولم يضمنه طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب
دون أن تطمئن حكمها ردها عليه، لما هو مقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع
تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقر سمع المحكمة
ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا
فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو إثبات
استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل
الذى اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم
المحكمة بإجابته.
4 - لما كان الطاعن لم
يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط من سلطة التحقيق ولا
تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى الطاعن في هذا الصدد
وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب الإجراءات التي جرت في المرحلة
السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم وكان الطاعن لم
يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة
ذلك أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
بأنه بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة أحرز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من
مستشار الإحالة إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و37 أو 38 أو42 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول
رقم (1) الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام
والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه
خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
... إلخ.
المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الإتجار
أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى
على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن أثار في مرافعته استحالة حدوث
الواقعة على الصورة التي رواها الضابط شاهد الإثبات لوجود منخفض بعمق مترين على
حافة الجسر الترابي للطريق مباشرة مما يستحيل معه استقرار كيس المخدر على أرض
الطريق عند إلقاء الطاعن له من نافذة السيارة وهو ما يكذب رؤية الشاهد للكيس
مستقرا على الأرض، وطلب تحقيقا لذلك إجراء معاينة لمكان الضبط، إلا أن المحكمة لم
تستجب إلى هذا الطلب وأطرحت دفاع الطاعن بما لا يسوغ إطراحه إذا استندت إلى الرسم التخطيطي
لمكان الضبط المرفق بالأوراق مع عدم صلاحيته لخلوه مما يشير إلى إجرائه بمعرفة
سلطة التحقيق وخلو الأوراق من محضر معاينة يوضح مكان ضبط المخدر ومكان وقوف الضابط
والسيارة وبعدها من حافة الطريق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز
المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما
رتبه عليها، عرض لدفاع الطاعن الوارد بوجه الطعن وأطرحه استنادا إلى أن الثابت من
الرسم التخطيطي لمكان الضبط الذى أجرته سلطة التحقيق أن عرض الطريق ستة أمتار وأن
هناك جسرا ترابيا على حافتي الطريق حوالى 70 سم لكل ناحية وأن هذا الاتساع يسمح
بوقوف السيارة وباستقرار كيس المخدر عند إلقائه منها بالصورة التي رواها الضابط،
لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر
العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه
اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة
مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه
بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في
استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب طالما
أنها تناولت دفاعه وردت عليه ردا سليما يسوغ به إطراحه. لما كان ذلك،
وكان ما يثيره الطاعن في شأن
إطراح الحكم لطلب المعاينة مردودا بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن
أبدى هذا الطلب في مستهل مرافعته إلى أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة ولم يضمنه
طلباته الختامية، فلا على المحكمة إن هى التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها
ردها عليه، لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع تلتزم محكمة الموضوع
بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا
ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومع هذا فإن طلب المعاينة في
صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفصل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة
كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه
المحكمة، ومن ثم فإن هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما
كان ذلك، وكان الطاعن لم يجحد أمام محكمة الموضوع صدور الرسم التخطيطي لمكان الضبط
من سلطة التحقيق ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت عليه في قضائها، وكان منعى
الطاعن في هذا الصدد وبخلو التحقيقات من محضر المعاينة إنما ينطوي على تعييب
للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا
للطعن على الحكم، وكان الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بطلب إجراء تحقيق معين في هذا
السبيل فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن
يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.