الصفحات

الثلاثاء، 31 مارس 2020

الطعن 882 لسنة 46 ق جلسة 26 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 223 ص 991


جلسة 26 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد محمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد فاروق راتب.
---------------
(223)
الطعن رقم 882 لسنة 46 القضائية

إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد.
منازعة المتهم في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق. عقب إصابته بطلق ناري مزق القلب. مسألة فنية بحت ودفاع جوهري. وجوب تحقيقها عن طريق المختص فنيا. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع.

-----------
لما كان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذي مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز فوة محافظة كفر الشيخ. (أولا) قتل...... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا (مسدس) وترصده في الطريق الموصل إلى منزله والذى أيقن مروره في مثل هذا الوقت من النهار حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، (ثانيا) أحرز سلاحا ناريا (مسدس) مششخنا بدون ترخيص وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، (ثالثا) أحرز ذخيرة (طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له في حيازته أو إحرازه، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به. فقرر ذلك، وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و232 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبه المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 250 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمه القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن نفى صلته بالواقعة وأثار الدفاع عنه أمام محكمة الموضوع أن الحادث لم يقع على الصورة التي رواها شاهدا الإثبات إذ يكذبهما أن المجنى عليه وقد أصابه المقذوف الناري في القلب كما أورى تقرير الصفة التشريحية لم يكن في استطاعته أن يجرى ويستغيث حسبما شهد الشاهدان، وطلب تحقيقا لهذا الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته ورغم جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب بقالة عدم لزومه لأنها اقتنعت بصحة رواية الشاهدين من أن المجنى عليه عقب إصابته تسنى له الجري والنطق، وهو ما لا يصلح ردا، فضلا عن أن المحكمة بذلك تكون قد أبدت الرأي في دليل لم يعرض عليها وأحلت نفسها محل الخبير في مسألة فنية بحت، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أنكر التهمة المسندة إليه وأن المدافع عنه قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من أن الطاعن أطلق عيارا ناريا من مسدسه على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته تسنى له الجري والاستغاثة، إذ أورى تقرير الصفة التشريحية أن المقذوف الناري أصاب القلب وأحدث تهتكا به مما يستحيل معه على المجنى عليه الجري أو الاستغاثة عقب إصابته، وطلب تحقيقا لدفاعه مناقشة الطبيب الشرعي في قدرة المجنى عليه على الحركة والنطق عقب إصابته، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن بادر المجنى عليه بطلق ناري أحدث به إصابة نارية أحدثت تهتكا برئته اليمنى وبجزء من القلب وتهتك بالفص الأيسر للكبد نشأت عنها المضاعفات التي أودت بحياته، وقد قضت المحكمة بإدانة الطاعن معتمدة في ذلك على أقوال شاهدي الإثبات التي ينازع الطاعن في صحتها ورفضت تحقيق دفاع الطاعن في هذا الصدد بقولها "أما عن طلب استيضاحه أي الطبيب الشرعي - في إمكان الجري أو الحديث بعد إصابته - تقصد المجنى عليه - فهو أمر ترى المحكمة بشأنه أن أقوال الشاهدين المذكورين كافية في عقيدتها أخذا منها بما شهدا به أن المجنى عليه فور إصابته بالطلق الناري يتسنى له الجري على مسافة أو النطق بأي استغاثة". ولما كان مفاد ما تقدم أن محامى الطاعن قد تمسك بكذب شاهدي الإثبات فيما قرراه من رؤيتهما الطاعن يطلق العيار الناري على المجنى عليه وأن الأخير عقب إصابته بالمقذوف الناري جرى واستغاث، وطلب تحقيق هذا الدفاع عن طريق الخبير الفني. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذى أبداه الطاعن حول قدره المجنى عليه على الجري والنطق عقب إصابته بالمقذوف الناري الذى مزق القلب يعد دفاعا جوهريا في صورة الدعوى ومؤثرا في مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، وهو يعد من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها إليها بنفسها لإبداء الرأي، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغا إلى غاية الأمر فيها، وذلك عن طريق المختص فنيا وهو الطبيب الشرعي، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ رفض إجابة الطاعن إلى طلبه تحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق الخبير الفني، واستند في الوقت نفسه إلى أقوال شاهدي الإثبات التي يعارضها الطاعن ويطلب تحقيق دفاعه في شأنها للقطع بحقيقة الأمر فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع فضلا عما شابه من قصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق