الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 29 يوليو 2025

الدعوى رقم 267 لسنة 30 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 5 / 7 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 267 لسنة 30 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد محمود بدر
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير العدل
4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
5- رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
---------------
الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من نوفمبر سنة 2008، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (150) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المستبدل بها المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي.
وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، كما قدمت الهيئة المدعى عليها الخامسة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن المدعو/ صبري حامد عبد الفتاح، أقام أمام محكمة المنصورة الابتدائية -مأمورية ميت غمر الكلية- الدعوى رقم 14 لسنة 2002 مدني كلي عمال، ضد المدعي والهيئة المدعى عليها الخامسة، وآخر، بطلب الحكم، أولًا: بثبوت علاقة العمل بين مورثته/ ماجدة محمد حسين، وبين المدعي، في الفترة من فبراير سنة 2001 إلى 15 أغسطس سنة 2001، كعاملة بمنشأته، بأجر شهري مقداره (240) جنيهًا، مع صرف المعاش الشهري. ثانيًا: بإلزام الهيئة المدعى عليها الخامسة بأداء الحقوق التأمينية المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975. وبجلسة 17/6/2003، حكمت المحكمة بثبوت علاقة العمل، وبإلزام الهيئة بأداء متجمد المعاش ومقداره (3151) جنيهًا، عن المدة من 1/8/2001 إلى 30/11/2002، ومبلغ (210) جنيهات معاشًا شهريًّا ابتداءً من 1/12/2002، ومبلغ (2400) جنيه مكافأة نهاية الخدمة، وكذا مبلغ (4982) جنيهًا تعويضًا إضافيًّا، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وإذ لم ترتض الهيئة المذكورة ذلك الحكم؛ فطعنت عليه أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 3119 لسنة 55 قضائية. وبجلسة 19/4/2004، قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وعلى إثر ذلك قامت الهيئة بمطالبة المدعي بسداد مبلغ (40766) جنيهًا، وذلك عملًا بأحكام المواد (128 و129 و130) من قانون التأمين الاجتماعي المار ذكره، والقانون رقم 108 لسنة 1976 بشأن التأمين على أصحاب الأعمال، فأقام المدعي الدعوى التي آل قيدها أمام محكمة مركز ميت غمر الجزئية برقم 670 لسنة 2006 مدني، طلبًا للحكم ببراءة ذمته من المبلغ محل المطالبة عن فترة عمل العاملة المقضي لها بالمعاش بسبب الوفاة، وضَمَّن صحيفة دعواه دفعًا بعدم دستورية نص المادة (150) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المستبدل بها المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 2003، وقدَّم المدعي مذكرة تمسك فيها بالدفع بعدم دستورية النص المشار إليه. وبعد أن قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، صرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (150) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المستبدل بها المادة الرابعة من القانون رقم 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي، تنص على أنه: "واستثناءً من قواعد وأحكام الاشتراكات يلتزم صاحب العمل بأن يؤدي للصندوق المختص القيمة الرأسمالية للمعاش وكذا المستحقات التأمينية الأخرى المترتبة على ثبوت علاقة العمل".
وتنص المادة الخامسة من القانون رقم 91 لسنة 2003 المشار إليه، على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتبارًا من 1/7/2003".
وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعي في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق بالمدعي، سواء كان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلًا، ويتعين دومًا أن يكون الضرر المدعى به مباشرًا، منفصلًا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلًّا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره. والآخر: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلًا أو مجهلًا، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلًا على من ادعي مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة؛ ذلك إن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن قوانين التأمين الاجتماعي المتعاقبة قد صدرت مقررة الحق في المعاش ومبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه، فإن لازم ذلك -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الحق في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون، فإنه ينهض التزامًا على الجهة التي تقرر عليها مترتبًا في ذمتها بقوة القانون، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش، استقر مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل في العناصر التي قام عليها أو الانتقاص منه؛ ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدمًا لوجوده، وإحداثًا لمركز قانوني جديد يستقل عن المركز السابق الذي نشأ مستوفيًا لشرائطه بما يخل بالحقوق التي رتبها بإنكار موجباتها.
وحيث إن من المقرر، طبقًا للمبادئ الدستورية المتواضع عليها، أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها، ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل من تصرفات، أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولًا به وقت وقوعها، إعمالًا لمبدأ عدم رجعية القوانين.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن النزاع الموضوعي ينصب على طلب المدعي الحكم ببراءة ذمته من مطالبة الهيئة المدعى عليها الخامسة بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش المحتسب على سند من الحكم الصادر بجلسة 17/6/2003، في الدعوى رقم 14 لسنة 2002 مدني كلي عمال، الذي قضى بثبوت علاقة العمل مع العاملة لديه/ ماجدة محمد حسين، حتى وفاتها في 15/8/2001، وبإلزام الهيئة بصرف المعاش ومكافأة نهاية الخدمة والتعويض الإضافي المستحق للورثة، ومن ثم فإن واقعة العمل واستحقاق الاشتراكات التأمينية والمعاش المستحق عنها نشأت واكتملت وأنتجت آثارها قبل 1/7/2003 - تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 2003 المشار إليه -؛ مما مؤداه: أن التعديل الذي استحدثه المشرع على النص المطعون فيه - والذي لم يتضمن حكمًا يقضي بسريانه على الوقائع التي حدثت قبل تاريخ العمل به - لا يسرى على واقعة النزاع، وتظل الاشتراكات التأمينية المستحقة عنها خاضعة لحكم المادة (150) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، قبل استبدال القانون رقم 91 لسنة 2003 بها. وبهذه المثابة، لا يكون المدعي من المخاطبين بأحكام النص المطعون فيه، وتبعًا لذلك؛ فإن الفصل في دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية، لعدم انطباقه في شأنها؛ مما تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الدعوى المعروضة، ولزامه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق