الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 أبريل 2024

الطعن 4147 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 169 ص 1048

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل ومحمد حسين مصطفى.

---------------

(169)
الطعن رقم 4147 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. صحيحه. حد ذلك: أن تنصب هذه الشهادة على واقعة واحدة ولا يوجد خلاف فيها.
(2) إثبات "شهادة". قانون "تفسيره".
الشهادة. تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحاسة من حواسه.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني ولا على الألفاظ والمباني.
(4) إثبات "شهادة". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بالسياق الذي ورد فيه.
لفظة المشاهدة. دلالتها على ما يدركه الشاهد بسائر حواسه. مثال.
(5) جريمة "أركانها". باعث. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" 

سبب الجريمة. ليس من أركانها. الخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم. متى لم تجعل له المحكمة اعتباراً في إدانة المتهم.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر نية القتل.
(7) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم قصوره في استظهار نية القتل. متى كانت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
سلطة محكمة الموضوع في الالتفات عما تضمنه محضر الصلح بعدول المجني عليه من اتهام المتهم دون بيان العلة. أخذها بأدلة الثبوت يؤدي دلالة إلى إطراحه.
(9) إثبات "خبرة" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(10) قتل عمد. إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز حدوث إصابة المجني عليه بالظهر والضارب له أمامه أو خلفه. تقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة. علة ذلك؟
(11) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 

عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.

--------------
1 - من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له.
2 - الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه.
3 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
4 - إن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع، أو ما يدركه بسائر حواسه، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الرابع بما مؤداه أن المتهم الأول حمل سلاحه وأعده للإطلاق بينما حمل المتهم الثاني عصا حديدية ودلفا إلى مسكن المجني عليهما، بينما اقتصر دور المتهم الثالث على الوقوف أمام الباب الخارجي لمسكن المجني عليهما لمنع دخول من قد يسعى لإنقاذ المجني عليهما، ثم شاهد إطلاق الأعيرة النارية، وأنه عقب مغادرة المتهمين للمسكن تبين له إصابة المجني عليه الأول بأعيرة نارية. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه لرواية ذلك الشاهد، أنه إنما أراد بكلمة شاهد - على السياق المتقدم - التي نسبها إليه، الإدراك والمعاينة بحاسة السمع - لا الإدراك والمعاينة بحاسة البصر - وهو معنى يدخل في معاني الكلمة تلك مدلولاً وتأويلاً، يؤكد ذلك ما نقله الحكم عن الشاهد من أن المتهم الثالث وقف على الباب الخارجي للمسكن لمنعه والآخرين من الدخول إلى المنزل محل الحادث، لإنقاذ المجني عليهما. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقترن بالصواب.
5 - إن سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصر من عناصرها والخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً من إدانة المتهمين.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق بادي الذكر - قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليهم - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنتين لكل - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
8 - لما كان الصلح المبرم عقب الواقعة بين الطاعنين والمجني عليهما لا يعدو أن يكون تحولاً جديداً من المجني عليهما يتضمن عدولهما عن اتهامهما، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح المذكور.
9 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
10 - إن جسم الإنسان - في الأصل - متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء - ما لم يقم دليل على تقييد حركته أياً كان سبب هذا التقييد - مما يجوز معه حدوث الإصابة بمدخل يسار الظهر، والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون عليه الجسم وقت الاعتداء، وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة.
11 - لا جناح على المحكمة إن هي لم تجب طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها - على ما أفصحت عنه في حكمها - ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين 1 - شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً (مسدس) مع الأول وأداة صلبة راضة (قطعة حديد) مع الثاني واقتحموا عليه المسكن وما أن ظفروا به حتى ضربه الثاني بقطعة الحديد على جسمه وأطلق عليه الأول أعيرة نارية بينما وقف المتهم الثالث على باب المنزل لمنع دخول أحد لإسعافه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج - 2 - شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً (مسدس) مع المتهم الأول وأداة صلبة راضة "قطعة حديد" مع الثاني واقتحموا عليه المسكن وما أن ظفروا به حتى ضربه الثاني بقطعة الحديد وأطلق عليه الأول أعيرة نارية بينما كان الثالث يقف بباب المنزل لمنع دخول أحد لإسعافه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو هرب المجني عليه ومداركته بالعلاج. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني والأستاذ...... المحامي عن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الشروع في القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أحال في بيان شهادة شاهدي الإثبات الثاني والثالثة إلى ما شهد به الشاهد الأول دون أن يورد مضمون شهادتيهما، كما أحال في بيان شهادة الشاهدين الخامس والسادس إلى ما شهد به شاهد الإثبات الرابع..... وحصل شهادة الأخير بأنه شاهد واقعة إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما في حين أن مؤدى شهادته هو والآخرين أنهم لم يشاهدوا تلك الواقعة، كما نقل الحكم عن الشاهد الرابع أن المتهم الثالث طلب منه الشهادة على الخلاف القائم بينه وبين المجني عليهما حال أن أقواله بالتحقيقات قد تضمنت أن الخلاف قام بين ذاك المتهم والمجني عليه الأول وحده، ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل في حقهم تدليلاً كافياً، كما جمع الحكم بين النقيضين فيما نقله عن التقرير الطبي من مسار العيار الناري الذي أصاب المجني عليه الأول بيسار الظهر - من أعلا إلى أسفل ثم عودته إلى القول بأنه لا يمكن الجزم بأن إصابة المجني كانت من أعلا إلى أسفل - رغم أن المجني عليه قرر بأن إطلاق النار كان في مواجهته، وقد طلب الدفاع عنهم استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته واستجلاء واقعة الدعوى غير أن المحكمة أطرحت طلبهم بما لا يصلح رداً. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة والتقرير الطبي الشرعي ومعاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحاسة من حواسه، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، كما أن العبرة في تحري حقيقة معنى اللفظ في اللغة هي بسياقه الذي ورد فيه، فقد تدل لفظة المشاهدة على ما يدركه الشاهد بحاسة البصر أو ما يدركه بحاسة السمع، أو ما يدركه بسائر حواسه، وذلك بحسب وضع الكلمة في مساق العبارة التي تكون موضع التأويل، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل شهادة شاهد الإثبات الرابع بما مؤداه أن المتهم الأول حمل سلاحه وأعده للإطلاق بينما حمل المتهم الثاني عصا حديدية ودلفا إلى مسكن المجني عليهما، بينما اقتصر دور المتهم الثالث على الوقوف أمام الباب الخارجي لمسكن المجني عليهما لمنع دخول من قد يسعى لإنقاذ المجني عليهما، ثم شاهد إطلاق الأعيرة النارية، وأنه عقب مغادرة المتهمين للمسكن تبين له إصابة المجني عليه الأول بأعيرة نارية. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه لرواية ذلك الشاهد، أنه إنما أراد بكلمة شاهد - على السياق المتقدم - التي نسبها إليه، الإدراك والمعاينة بحاسة السمع - لا الإدراك والمعاينة بحاسة البصر - وهو معنى يدخل في معاني الكلمة تلك مدلولاً وتأويلاً، يؤكد ذلك ما نقله الحكم عن الشاهد من أن المتهم الثالث وقف على الباب الخارجي للمسكن لمنعه والآخرين من الدخول إلى المنزل محل الحادث لإنقاذ المجني عليهما. ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص الباعث على الجريمة من أن الطاعنين استأجروا محلاً تجارياً من المجني عليهما وقد نشب خلاف بين الطرفين بصدد تلك العلاقة كان من نتيجته اعتداء المجني عليه الأول بالضرب على المتهم الثاني الأمر الذي أثار حفيظة الطاعنين فانتوا الاعتداء على المجني عليهما، وكان ما استخلصه الحكم له صداه من أقوال شهود الواقعة ومن بينهم الشاهد الرابع فمن ثم يكون منعى الطاعنين من أن الشاهد الأخير قد قرر بالتحقيقات أن الخلاف قام بين المتهم الثاني والمجني عليه الأول وحده غير سديد، هذا إلى أن سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصر من عناصرها والخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر في سلامة الحكم ما دامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتباراً في إدانة المتهمين - كما هو الحال في الدعوى المطروحة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد القتل وتوافره في حق الطاعنين بقوله "إنه عن قصد القتل فهو قائم في حق المتهمين من ظروف الدعوى وملابساتها فلقد ثبت من التحقيقات أن هناك نزاع قام بين المجني عليهما والمتهمين بصدد استئجار الآخرين لمحل تجاري بمسكن المجني عليهما اللذين أرادا إخلاء هذا المحل الأمر الذي رفضه المتهمين وفي يوم الحادث توجه المجني عليه..... إلى المحل المذكور وحاول الاعتداء على المتهم الثالث....... إلا أن المتهم الثاني...... منعه من ذلك الاعتداء فاعتدى عليه المجني عليه..... وأحدث إصابته الموصوفة بالتحقيقات وهي عبارة عن إصابة بشفته العليا كما جاء بوصف النيابة لها في التحقيقات الأمر الذي آثار حفيظة المتهمين وحرك عوامل الغضب في نفوسهم فاستل كل من المتهمين الأول والثاني لقطعة من الحديد واتجهوا وجهة واحدة قاصدين كل منهم قصد الآخر في إزهاق روح المجني عليهما حيث أطلق المتهم الأول....... أعيرة نارية أصابت المجني عليه...... بينما اعتدى عليه المتهم الثاني بقطعة من الحديد وبالإضافة إلى أن الآلتين المستخدمتين في الاعتداء على المجني عليه سالف الذكر من شأنهما إحداث القتل فإن إصابة المذكور بالصدر والبطن كانت في مقتل وخطيرة وجسيمة لنفاذها للصدر والتجويف البطني وما أحدثته من تمزقات بالرئة والحجاب الحاجز والكبد ويتوافر القصد بالنسبة للمتهمين في واقعة الشروع في قتل..... لذات الأسباب والظروف التي شرحتها المحكمة في أسباب هذا الحكم والمتحصلة في تحرك عوامل الغضب لدى المتهمين واتجاههم وجهة واحدة إلى مسكن المجني عليهما قاصدين القتل عندما أطلق المتهم الأول أعيرة نارية على المجني عليه..... بينما اعتدى عليه المتهم الثاني بقطعة من الحديد بالإضافة إلى الآلة القاتلة وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج كما خاب أثر الجريمة بالنسبة للمجني عليه الثاني..... وهروبه من مسرح الجريمة". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق بادي الذكر - قد دلل على هذه النية تدليلاً سائغاً، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضى بها عليهم - وهي الحبس مع الشغل لمدة سنتين لكل - مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد. لما كان ذلك، وكان الصلح المبرم عقب الواقعة بين الطاعنين والمجني عليهما لا يعدو أن يكون تحولاً جديداً من المجني عليهما يتضمن عدولهما عن اتهامهما، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى إطراح الصلح المذكور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب استدعاء الطبيب الشرعي وأطرحه بقوله "إنه عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لاستجلاء واقعة إصابة المجني عليه.... وبيان كيفية حدوثها بيسار ظهره ويمين بطنه فمن المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة ولم تر من جانبها إجراء أي تحقيق فيها وأصبح الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فإنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي ذلك لأن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن إصابة المجني عليه...... النارية بمدخل يسار ظهره ومخرج يمين بطنه وإن كانت في مستوى من أعلا إلى أسفل إلا أن أساس ذلك يكون في الوضع القائم المعتدل للجسم من الخلف إلى الأمام ومن اليسار إلى اليمين، ولما كان أحد لم ير واقعة إصابة المجني عليه سالف الذكر حتى يمكن الاستدلال من أقواله على وضع المجني عليه أثناء إطلاق النار عليه. ومن ثم فلا يمكن القول بجزم بأن الإصابة كانت من أعلا إلى أسفل لأن أساس ذلك أن يكون المجني عليه في الوضع القائم المعتدل للجسم وهو ما لا يبين من الأوراق في خصوص اتجاهه العيار الناري بالإضافة إلى أن الثابت من المعاينة أن إطلاق النار على المجني عليه كان على بسطة السلم بالدور الأرضي أمام الشقتين الكائنتين بدلالة الآثار المشاهدة أثناء المعاينة، ومن المقرر أن للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب متى كانت واقعة الدعوى قد أيدت ذلك عندها باعتبارها الخبير الأعلى". لما كان ذلك، وكان ما أوره الحكم المطعون فيه رداً على طلب استدعاء الطبيب الشرعي - على النحو آنف الذكر - ينهض كافياً لدحض قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ولما هو مقرر من أن جسم الإنسان - في الأصل - متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء - ما لم يقم دليل على تقييد حركته أياً كان سبب هذا التقييد - مما يجوز معه حدوث الإصابة بمدخل يسار الظهر، والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون عليه الجسم وقت الاعتداء، وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة، إذا كان ذلك، وكان الطاعنون لا يذهبون في منعاهم إلى أن جسم المجني عليه المعني بوجه الطعن كان مقيداً أو مغلولاً عن الحركة، فإنه لا يكون هناك من تناقض بين ما قرره المجني عليه الأول من أن الضارب له كان يقف أمامه - بفرض صحة ذلك - وبين ما أورده تقرير الطبيب الشرعي من أن إصابته بمدخل يسار الظهر، كما وأنه لا جناح على المحكمة إن هي لم تجب طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها - على ما أفصحت عنه في حكمها - ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3540 لسنة 59 ق جلسة 15 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 157 ص 973

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.

-----------------

(157)
الطعن رقم 3540 لسنة 59 القضائية

بناء. قانون "تفسيره".
القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 صدر لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المحدد إلى الجهة الإدارية المختصة. أثر ذلك: عدم سريان أحكام تلك القوانين إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون 30 لسنة 1983.

-----------------
لما كان القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قد نص في مادته الثالثة على أنه يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وتضمن النص أن العقوبة هي الغرامة بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 ونص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 آنفة الذكر النص الآتي "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 8 يونيه سنة 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده" وأبقت عقوبة الغرامة محددة بذات النسب المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وإن أعفت من الغرامة جميع الأعمال التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه. ثم صدر من بعد القانون رقم 99 لسنة 1986 ليستبدل بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984 المادة الأولى من القانون 99 لسنة 1986 ويجيز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده ومد مهلة تقديم الطلب بأن جعلها تنتهي في 7 يونيه سنة 1987. لما كان ذلك، وكان القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 المشار إليهما، على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الحكم المحلي والتنظيمات الشعبية من مضبطة الجلسة السابعة والستين يوم 17 من يونيو سنة 1986 قد صدرا لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المقرر إلى الجهة الإدارية المختصة لعدم معرفتهم أصلاً بالمهلة إما لقصور الإعلام أو لوجودهم أثنائها خارج البلاد أو عجز معظمهم عن تدبير قيمة الغرامة المقررة عن المخالفات التي ارتكبوها مما يفصح عن عدم سريان أحكام القوانين المشار إليها إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون رقم 30 لسنة 1983.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أقام بناء بدون ترخيص من الجهة المختصة، وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح السنطة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بتغريمه مائة جنيه والإزالة. استأنف كل من المحكوم عليه والنيابة العامة ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة البناء بدون ترخيص بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 وقضى بتغريمه مائة جنيه والإزالة، قد شابه الخطأ في القانون، ذلك بأن المحكمة لم توقف نظر الدعوى بعد أن قدم المطعون ضده للوحدة المحلية طلباً بوقف الإجراءات ضده عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984 المعدل بالقانون رقم 99 لسنة 1986، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قد نص في مادته الثالثة على أنه يجوز لكل من ارتكب مخالفة أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وتضمن النص أن العقوبة هي الغرامة بنسب معينة من قيمة الأعمال المخالفة، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 ونص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 آنفة الذكر النص الآتي "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 8 يونيه سنة 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده" وأبقت عقوبة الغرامة محددة بذات النسب المشار إليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وأن أعفت من الغرامة جميع الأعمال التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه. ثم صدر من بعد القانون رقم 99 لسنة 1986 ليستبدل بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984 المادة الأولى من القانون 99 لسنة 1986 ويجيز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده ومد مهلة تقديم الطلب بأن جعلها تنتهي في 7 يونيو سنة 1987. لما كان ذلك وكان القانونان رقما 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 المشار إليهما، على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الحكم المحلي والتنظيمات الشعبية من مضبطة الجلسة السابعة والستين يوم 17 من يونيو سنة 1986 قد صدرا لمد المهلة المقررة لوقف الإجراءات والتصالح والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وذلك تقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المقرر إلى الجهة الإدارية المختصة لعدم معرفتهم أصلاً بالمهلة إما لقصور الإعلام أو لوجودهم أثنائها خارج البلاد أو عجز معظمهم عن تدبير قيمة الغرامة المقررة عن المخالفات التي ارتكبوها مما يفصح عن عدم سريان أحكام القوانين المشار إليها إلا على المباني التي تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل العمل بأحكام القانون رقم 30 لسنة 1983. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لا تمارى في أن البناء موضوع التهمة قد أقيم في 22 من أكتوبر سنة 1985 فإن ما ينعاه على الحكم المطعون فيه من عدم إعمال أحكام القانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 يكون غير سديد، ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4122 لسنة 59 ق جلسة 14 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 156 ص 967

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي ومحمود رضوان نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وحسن عشيش.

-----------------

(156)
الطعن رقم 4122 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام".
إثارة الطاعن أن جانباً من المواد المضبوطة لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب. جدل موضوعي. غير مقبول أمام النقض.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "خبرة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات؟

-----------------
1 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن الجانب الأكبر من المخدر المضبوط لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب - مردوداً بأنه فضلاً عن أن محامي الطاعن قد تنازل في مستهل جلسة...... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه عن طلب ضم الأحراز المضبوطة، وعن طلب تحليلها بالتالي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وعلى ما جرى به قضاء النقض هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازه لكمية الأفيون التي أرسلت للتحليل، فمسئوليته الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قَلّ ما ضبط منها أو كثر.
2 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة، وكان خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير التحليل - من وجود آثار لمادة الأفيون بالوعاء الذي ضبط به - بفرض وجوده غير مؤثر فيما وقر في عقيدة المحكمة من مسئولية الطاعن عن إحراز اللفافات الخمس من الأفيون التي ضبطت معه، فإن نعيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه استناداً إلى عدم اطمئنانه لما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن تأسيساً على ما شاب أقواله من تضارب في تحديد الشخص الذي سلمه المضبوطات ضمن بعض المتاع في مدينة..... لتوصيله إلى محله في مدينة......، فضلاً عن أنه لو كان صادقاً في عدم علمه لكان قد احتفظ بالحذاء المحتوي على بعض المخدر المضبوط في وعائه المدعى باستلامه فيه، ولم ينقله محاولاً الإفلات به وبحمله المؤثم من الدائرة الجمركية، إضافة إلى ما قرره الشاهد من أن جزء من الأفيون كان يسيل على جانب الحذاء وكانت رائحته نفاذة. الأمر الذي استخلصت منه محكمة الموضوع علم الطاعن بكنه ما أحضره معه، لما كان ذلك وكان هذا الذي ساقته المحكمة تبريراً لاقتناعها بعلم الطاعن بكنه المادة المضبوطة كافياً وسائغاً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة - فاعلين كانوا أو شركاء - والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط باقي الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو في معرض الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - أن هذا الدفاع مجرد زعم لا سند له من القانون أو الواقع - لتخبط الطاعن في الإرشاد عن المتهم الحقيقي الذي سلمه المخدر المضبوط على حد زعمه، وكان لقاضي الموضوع أن يفصل في ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض مطلب الطاعن بالانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (أفيون) وذلك دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 المعدل والبند 9 من الجدول الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه خمسة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جوهر الأفيون المخدر دون ترخيص، فقد شابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك أنه ضبطت خمس لفافات وزنها جميعها ألف وثلاثون جراماً، أخذت من إحداها فقط عينة وزنها عشرة جرامات، وعولت المحكمة على نتيجة تحليلها في إسناد تهمة جلب الكمية كلها رغم تمسك محامي الطاعن بضرورة أخد عينة من كل لفافة وتحليلها، قائلة - على خلاف الحقيقة - أنه ثبت من تقرير التحليل وجود فتتات من الأفيون بالوعاء الذي ضبط فيه. هذا أن دفاع الطاعن قام على عدم علمه بكنه المادة المنسوب إليه جلبها، وتمسك بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، إلا أن المحكمة ردت بما لا يسوغ، الأمر الذي يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة كافية وسائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من أن الجانب الأكبر من المخدر المضبوط لم يرسل إلى التحليل وبالتالي لم يثبت أنه مادة مخدرة فلا يجوز الاستناد إلى مقداره في معرض التدليل على جريمة الجلب - مردوداً بأنه فضلاً عن أن محامي الطاعن قد تنازل في مستهل جلسة....... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه عن طلب ضم الأحراز المضبوطة، وعن طلب تحليلها بالتالي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن وعلى ما جرى به قضاء النقض هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازه لكمية الأفيون التي أرسلت للتحليل، فمسئوليته الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قَلّ ما ضبط منها أو كَثُر. ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة، وكان خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير التحليل - من وجود آثار لمادة الأفيون بالوعاء الذي ضبط به - بفرض وجوده غير مؤثر فيما وقر في عقيدة المحكمة من مسئولية الطاعن عن إحراز اللفافات الخمس من الأفيون التي ضبطت معه، فإن نعيه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه استناداً إلى عدم اطمئنانه لما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن تأسيساً على ما شاب أقواله من تضارب في تحديد الشخص الذي سلمه المضبوطات ضمن بعض المتاع في مدينة..... لتوصيله إلى محله في مدينة......، فضلاً عن أنه لو كان صادقاً في عدم علمه لكان قد احتفظ بالحذاء المحتوي على بعض المخدر المضبوط في وعائه المدعى باستلامه فيه، ولم ينقله محاولاً الإفلات به وبحمله المؤثم من الدائرة الجمركية، إضافة إلى ما قرره الشاهد من أن جزء من الأفيون كان يسيل على جانب الحذاء وكانت رائحته نفاذة. الأمر الذي استخلصت منه محكمة الموضوع علم الطاعن بكنه ما أحضره معه، لما كان ذلك وكان هذا الذي ساقته المحكمة تبريراً لاقتناعها بعلم الطاعن بكنه المادة المضبوطة كافياً وسائغاً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن مناط الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة - فاعلين كانوا أو شركاء - والمبادرة بالإبلاغ قبل علم السلطات بالجريمة أو بعد علمها بها إذا كان البلاغ قد وصل فعلاً إلى ضبط باقي الجناة. ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه - وهو في معرض الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - أن هذا الدفاع مجرد زعم لا سند له من القانون أو الواقع - لتخبط الطاعن في الإرشاد عن المتهم الحقيقي الذي سلمه المخدر المضبوط على حد زعمه، وكان لقاضي الموضوع أن يفصل في ذلك ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفض مطلب الطاعن بالانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون المخدرات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن كله يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4154 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 151 ص 912

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(151)
الطعن رقم 4154 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تجزئة الدليل. والأخذ بما يطمئن إليه وإطراح ما عداه. مرده اطمئنان المحكمة.
مثال:
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "ضرب أفضى إلى موت".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دام سائغاً. مثال لتسبيب سائغ لانتفاء توافر حالة الدفاع الشرعي بالنسبة للطاعن.
(3) ضرب "أفضى إلى موت". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقوبة الحبس في مفهوم المادة 18 عقوبات. ماهيتها؟
مثال:

---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات المشار إليهما وهو ما يتعلق بمقارفة الطاعن ضرب المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بتحديد أداة الاعتداء لتعارضه وما قرره الطاعن نفسه وما كشف عنه الدليل الفني من وصف لتلك الأداة على نحو ما سلف، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين.
2 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما قاله الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي فإن المحكمة لا تلتفت إليه إذ لم يثبت أن المجني عليه قد اعتدى على المتهم قبل الحادث وأن المتهم كان يقصد بضربه له منع الاعتداء الأمر الذي يجعل الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي قولاً مرسلاً لا دليل عليه ويتعين الالتفات عنه" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سليماً إلى ما انتهى إليه.
3 - لما كانت المادة 242 من قانون العقوبات بعد أن نصت في فقرتها الأولى على عقوبة جريمة الضرب البسيط نصت في فقرتها الثالثة على أنه "وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس" وكانت الفقرة الأولى من المادة 18 منه قد عرفت عقوبة الحبس بأنها "وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً". وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بآلة راضية "يد مكنسة" أنزل به عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات استناداً لنص المادة 242/ 3 آنفة الذكر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين "قضي ببراءتهم" بأنهم: قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد... بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أجساماً صلبة راضة (عصي وقطع من الحديد) وتربصوا في المكان الذي أيقنوا مروره سلفاً فيه وما أن ظفروا به حتى أمسك به المتهم (الطاعن) وشل حركته وانهال عليه الآخرون ضرباً بالعصي وقطع الحديد السالفة على رأسه وباقي جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى....... وآخرون مدنياًَ قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. باعتباره مرتكباً جريمة الضرب المفضي إلى الموت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة 57 القضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بدائرة أخرى - قضت عملاً بالمادة 242/ 3 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن التهمة المسندة إليه هي الضرب.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) .... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنحة الضرب قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه عول في الإدانة على الدليل القولي المستمد من شهادة كل من....... و....... والدليل الفني المتمثل في التقرير الطبي الشرعي رغم تناقض هذين الدليلين، إذ قررت الشاهدتان أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة بينما أثبت التقرير أن جميع إصابات الأخير رضية لا تحدث من تلك الأداة، ورد الحكم على الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال بما لا يصلح، وتجاوز في تقدير عقوبة الحبس المقضى بها الحد المقرر لها بالمادة 242 من قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بموجبها، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها الصحيح ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل من شهادة كل من...... و....... و....... أن الطاعن اعتدى على المجني عليه بالضرب كما حصل من أقوال الطاعن بالتحقيقات أنه ضرب المجني عليه بيد مكنسة ونقل عن التقرير الطبي الشرعي أن إصابات المجني عليه "تحدث من الصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة أياً كان نوعها وجائزة الحدوث من مثل قطعة من الحديد أو العصي". وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدتي الإثبات المشار إليهما وهو ما يتعلق بمقارفة الطاعن ضرب المجني عليه، ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بتحديد أداة الاعتداء لتعارضه وما قرره الطاعن نفسه وما كشف عنه الدليل الفني من وصف لتلك الأداة على نحو ما سلف، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي وطرحه في قوله "وحيث إنه عما قاله الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي فإن المحكمة لا تلتفت إليه إذ لم يثبت أن المجني عليه قد اعتدى على المتهم قبل الحادث وأن المتهم كان يقصد بضربه له منع الاعتداء الأمر الذي يجعل الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي قولاً مرسلاً لا دليل عليه ويتعين الالتفات عنه" فإن ما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفي لتبرير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي، إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب ما دام استدلالها سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك وكانت المادة 242 من قانون العقوبات بعد أن نصت في فقرتها الأولى على عقوبة جريمة الضرب البسيط نصت في فقرتها الثالثة على أنه "وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس" وكانت الفقرة الأولى من المادة 18 منه قد عرفت عقوبة الحبس بأنها "وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانوناً". وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بآلة راضية "يد مكنسة" أنزل به عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات استناداً لنص المادة 242/ 3 آنفة الذكر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين القضاء برفضه موضوعاً.

الطعن 2524 لسنة 59 ق جلسة 9 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 150 ص 904

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

---------------

(150)
الطعن رقم 2524 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم.
بحسب الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً. أساس ذلك؟
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قبض.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي بالنسبة للطاعنين.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "استعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة" قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع باستعمال حق مقرر بمقتضى الشريعة. موضوعي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(5) قبض "قبض وحجز بدون وجه حق". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القبض على الشخص. ماهيته؟
(6) تعذيب "تعذيبات بدنية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعي.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم أقوال الشاهد بما له صداه وأصله في الأوراق. ينتفي معه الخطأ في الإسناد.

------------------
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أما عن قول الدفاع بأن المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي، فإن ذلك مردود عليه بأن الثابت من مطالعة الأوراق ومن أقوال الشهود أن المجني عليهما لم يحدث منهما ثمة اعتداء على المتهمين وقت الحادث حتى يسوغ للمتهمين الدفاع عن أنفسهم" لما كان ذلك وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا لدى محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما أتوه مع المجني عليهما كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه عن نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة.
5 - القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
6 - لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
7 - لما كان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما سطره الحكم من أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاحين المضبوطين له صداه في الأوراق فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم المتهمون جميعاً: قبضوا على..... و...... واحتجزوهما بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بأن قاموا بالقبض عليهما واحتجزوهما بمنزل المتهمين الأول والثالث وشدوا وثاقهما بالحبال وهددوهما بالقتل بسلاحين ناريين كان يحمل كلاً منهما المتهمان الأول والثاني وتعدى المتهم الأول على المجني عليه الأول بالضرب بأداة "حذاء". المتهمان الأول والثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين (فرد خرطوش وسلاح ناري يدوي). وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 280، 282/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليهم ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
ثانياً: بإلزام المتهمين بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية، كما دان الطاعنين الأول والثاني بجريمة إحراز سلاحين ناريين غير مششخنين بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون كما انطوى على الخطأ في الإسناد، ذلك بأن دفاع الطاعنين الأول والثالث قام في جميع مراحل الدعوى على أساس أن قصدهما من إمساك المجني عليهما هو اقتيادهما لديوان عمدة الناحية وأنهما قاماً بإدخالهما إلى منزل الطاعن الأول خشية الاعتداء عليهما من ذوي المجني عليهما وأنهما حرراً بذلك بلاغاً لعمدة الناحية وقد أيد جميع الشهود دفاعهما وكذلك المجني عليه....... إلا إن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع كلية، كما أن الدفاع الذي أثاره عن جميع الطاعنين لم يثبت كاملاً في محاضر الجلسة كذلك أطرح الحكم دفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي في حقهم بما لا يسوغه فضلاً عن أن ما أتاه الطاعنون يستند إلى حكم المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية مما لا محل لإدانتهم عنه عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، كما أن الحكم جاء قاصراً في استظهار أركان جريمة القبض بدون وجه حق كما وردت في وصف النيابة إذ أنه لا توجد ثمة تعذيبات بدنية على درجة بالغة من الجسامة بدلالة عدم وجود إصابات بالمجني عليهما هذا إلى أن الحكم أورد في مدوناته أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاح وهو قول لا أصل له في الأوراق، إذ أن عمدة الناحية قرر بالتحقيقات بأنه ضبط السلاح مع المجني عليهما. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها فإن ما يثيره الطاعنان الأول والثالث بدعوى القصور في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعنين بشأن قيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أما عن قول الدفاع بأن المتهمين كانوا في حالة دفاع شرعي، فإن ذلك مردود عليه بأن الثابت من مطالعة الأوراق ومن أقوال الشهود أن المجني عليهما لم يحدث منهما ثمة اعتداء على المتهمين وقت الحادث حتى يسوغ للمتهمين الدفاع عن أنفسهم" لما كان ذلك وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا لدى محكمة الموضوع شيئاً عن أن ما أتوه مع المجني عليهما كان استعمالاً لحق مقرر بمقتضى الشريعة بما يخرجه عن نطاق التأثيم عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين اقتادوا المجني عليهما إلى منزل إحداهما حيث قاموا بتعذيبهما بأن قام أحدهم بضرب المجني عليه....... كما أوثقوا أيديهما بالحبال وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتيادهم إلى ديوان عمدة الناحية وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها في المادتين 280، 282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة، والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن منعى الطاعنين على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما سطره الحكم من أن عمدة الناحية شهد بأن المجني عليهما أخبراه بأن المتهمين دسوا لهما السلاحين المضبوطين له صداه في الأوراق فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3749 لسنة 59 ق جلسة 8 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 149 ص 901

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.

----------------

(149)
الطعن رقم 3749 لسنة 59 القضائية

قضاة "صلاحيتهم". نيابة عامة. بطلان "بطلان الأحكام". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى. رهن بقيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع حيدته. أساس ذلك؟
مجرد حضور وكيل النيابة جلسة النطق بالحكم. لا يجعل له رأياً في الدعوى. أثر ذلك؟

-----------------
إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد قضت على أن "يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً، أو إذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي، أو بوظيفة النيابة العامة...."، وكان البين من الأوراق أن جلسة 27/ 6/ 1985 كانت مخصصة للنطق بالحكم فقط وكانت هيئة المحكمة مشكلة من القاضي..... و..... ممثلاً للنيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أساس وجوب امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضي من الحيدة فضلاً عن خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً وهو ما لا يتحقق إذا كان القاضي قد قام بوظيفة النيابة العامة في الدعوى، وكان حضور ممثل النيابة ..... جلسة النطق بالحكم - بمجرده - لا يجعل له رأياً في الدعوى يمنعه من القضاء فيها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون ممثل النيابة المذكور عضواً في هيئة المحكمة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة دليل عذر تخلفه عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم الأربعين ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336/ 1، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بتعويض مدني مؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. عارض المحكوم عليه، وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف، ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه بطلان، وإخلال بحق الدفاع ذلك لأن القاضي...... عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كان قد مثل النيابة العامة بجلسة 27/ 6/ 1985 والصادر فيها الحكم الابتدائي من محكمة جنح الأربعين، كما أنه لم يتخلف عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه إلا لعذر قهري أبداه وكيله وطلب أجلاً لحضوره إلا أن المحكمة التفت عنه وقضت في الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً، أو إذا كان قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي، أو بوظيفة النيابة العامة...."، وكان البين من الأوراق أن جلسة 27/ 6/ 1985 كانت مخصصة للنطق بالحكم فقط وكانت هيئة المحكمة مشكلة من القاضي.....، ...... ممثلا للنيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أساس وجوب امتناع القاضي عن الاشتراك في نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً فيها يتعارض مع ما يشترط في القاضي من الحيدة فضلاً عن خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً وهو ما لا يتحقق إذا كان القاضي قد قام بوظيفة النيابة العامة في الدعوى، وكان حضور ممثل النيابة....... جلسة النطق بالحكم - بمجرده - لا يجعل له رأياً في الدعوى يمنعه من القضاء فيها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون ممثل النيابة المذكور عضواً في هيئة المحكمة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة دليل عذر تخلفه عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون على غير سند، لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن.

الطعن 4152 لسنة 59 ق جلسة 23 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 170 ص 1061

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(170)
الطعن رقم 4152 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بإذن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(2) دفوع "الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش". تفتيش "بطلانه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لم يبد في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
صدور أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه تنفيذه عليه. أينما وجده. شرط ذلك؟
(4) تفتيش "تفتيش الأنثى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اشتراط القانون تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى. حده؟
إمساك رجل الضبط يد الطاعنة وأخذه حقيبة يدها وتفتيشها لضبط ما بها من مخدر صحيح. أساس ذلك؟
(5) إثبات "اعتراف". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير صحته. موضوعي.
حق محكمة الموضوع الأخذ بالاعتراف في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وإن عدل عنه.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه.

--------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها.
2 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة قد اقتصر على القول ببطلان إجراءات القبض والتفتيش في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه.
3 - من المقرر متى صدر أمر النيابة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط المنتدب لإجرائه تنفيذه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه.
4 - لما كان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، ومن ثم فإن ضابط الشرطة لا يكون قد خالف القانون إن هو أمسك بيد الطاعنة - على فرض صحة ما تقرره في أسباب طعنها - وأخذ منها حقيبة يدها وقام بتفتيشها فعثر بداخلها على المخدر المضبوط على النحو الذي أثبته الحكم، ويكون النعي على الحكم بأنه أهدر نص الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها هو نعي بما ليس فيه، ومن ثم يضحى منعى الطاعنة على إجراءات القبض والتفتيش للأسباب المتقدم ذكرها غير سديد.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنة من بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه وإجراءات باطلة وأطرحه في قوله "إن للمحكمة أن تعول على اعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى إذا اطمأنت إليه وكان الثابت بتحقيقات النيابة إجرائها بسراي النيابة وناظر السيد وكيل النيابة المحقق المتهمة وأحاطها علماً بالتهمة المسندة إليها وبعقوبتها وأن النيابة العامة هي التي تباشر إجراءات التحقيق فأدلت باعترافها كاملاً ولا دليل على ثمة إكراه وقع على المتهمة الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى الاعتراف الصادر من المتهمة بالتحقيقات بما يبين منه فساد الدفع ويتعين الالتفات عنه" وهو تدليل سائغ في الرد على الدفع ببطلان اعترافها، لما هو مقرر من الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بغير معقب تقدير صحة ما تدعيه المتهمة من أن اعترافها وليد إكراه أو خداع أو تضليل ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، كما أن لتلك المحكمة السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدلت عنه بعد ذلك ما دامت اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن بطلان اعترافها وعدم مناقشة المحكمة له وأخذها به رغم عدولها عنه لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" بدون تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق وقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبتها بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع واعتراه البطلان في الإجراءات ذلك أنه جاء قاصراً في الرد على دفعيها ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وكذلك بطلان القبض والتفتيش لإجرائهما بالطريق العام وهو ما يخرج عن حدود الإذن بهما ولم يتم بمعرفة أنثى، لأن إمساك الضابط بيد الطاعنة فيه مساس بعورة لها، ولم يعن الحكم بالرد على دفاعها القائم على بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه معنوي متمثل في وعدها بإخلاء سبيلها في حالة اعترافها، فضلاً عن عدولها عنه بجلسة المحاكمة ويضاف إلى ما تقدم أنه فات الحكم أنه لم يتم تحريز الحقيبة التي وجدت بها قطعة المخدر عارية وإرسالها للتحليل للتحقق من وضع مخدر بها من عدمه، كما أن هناك اختلاف في وزن المخدر بين ما ضبط وما حلل، وكان حرياً بالحكم أن يرفع هذا الاختلاف - ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الضابط واعتراف الطاعنة وتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في قوله "إنه ليس صحيحاً ذلك لأن صحة التحريات وكفايتها أمر متروك لمصلحة التحقيق في الأسباب التي ركنت إليها في إصدار إذن التفتيش المطعون عليه بما ينبني عليه فساد الدفع وإطراحه" وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت هذه المحكمة قد أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها. فإنه يكون ما انتهت إليه المحكمة من إقرار للإذن ورفض للدفع المبدى في هذا الخصوص صحيحاً في القانون، ويكون ما تثيره الطاعنة على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة قد اقتصر على القول ببطلان إجراءات القبض والتفتيش في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أنه متى صدر أمر النيابة بتفتيش شخص كان لمأمور الضبط المنتدب لإجرائه تنفيذه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه، وهو ما لم تجحده الطاعنة ومن ثم يكون تفتيش الضابط لها في الطريق العام قد تم صحيحاً، - كذلك فإنه لما كان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، ومن ثم فإن ضابط الشرطة لا يكون قد خالف القانون إن هو أمسك بيد الطاعنة - على فرض صحة ما تقرره في أسباب طعنها - وأخذ منها حقيبة يدها وقام بتفتيشها فعثر بداخلها على المخدر المضبوط على النحو الذي أثبته الحكم، ويكون النعي على الحكم بأنه أهدر نص الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها هو نعي بما ليس فيه، ومن ثم يضحى منعى الطاعنة على إجراءات القبض والتفتيش للأسباب المتقدم ذكرها غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنة من بطلان اعترافها لأنه وليد إكراه وإجراءات باطلة وأطرحه في قوله "إن للمحكمة أن تعول على اعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل الدعوى إذا اطمأنت إليه وكان الثابت بتحقيقات النيابة إجرائها بسراي النيابة وناظر السيد وكيل النيابة المحقق المتهمة وأحاطها علماً بالتهمة المسندة إليها وبعقوبتها وأن النيابة العامة هي التي تباشر إجراءات التحقيق فأدلت باعترافها كاملاً ولا دليل على ثمة إكراه وقع على المتهمة الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى الاعتراف الصادر من المتهمة بالتحقيقات بما يبين منه فساد الدفع ويتعين الالتفات عنه" وهو تدليل سائغ في الرد على الدفع ببطلان اعترافها، لما هو مقرر من الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بغير معقب تقدير صحة ما تدعيه المتهمة من أن اعترافها وليد إكراه أو خدع أو تضليل ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، كما أن لتلك المحكمة السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهمة في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدلت عنه بعد ذلك ما دامت اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن بطلان اعترافها وعدم مناقشة المحكمة له وأخذها به رغم عدولها عنه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعنة لم يتحدث بشيء عما قالته في طعنها بشأن عدم تحريز الحقيبة التي ضبط بها المخدر عارياً ولم يتم إرسالها للتحليل وعن اختلاف وزن المخدر ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقض ومن ثم فلا يحل لها - من بعد - أن تثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الجمعة، 5 أبريل 2024

الطعن 823 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 153 ص 922

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(153)
الطعن رقم 823 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". استدلالات. نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. خلو إذن التفتيش من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته أو الخطأ في اسم الشهرة. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن. أساس ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة. أو تأذن بإجرائه. شرط صحته؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. جلب. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال: لتسبيب سائغ لصدور إذن التفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً لا لضبط جريمة مستقبلة في جريمة جلب مخدر.
(4) تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. رداً عليه.
(5) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز استجواب المتهم أو مواجهته. بغير دعوة محاميه. في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة. تقدير ذلك للمحقق. تحت رقابة محكمة الموضوع.
مناط الاستفادة من حكم المادة 124 من قانون الإجراءات؟
(6) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". جمارك "إقليم جمركي" "خط جمركي".
جلب المخدر في مفهوم القانون رقم 182 لسنة 1960؟
الإقليم الجمركي. والخط الجمركي. ماهية كل منهما في مفهوم المواد الثلاثة الأول من القانون 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي. بغير استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(7) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الحيازة المادية للمخدر ليست شرطاً لاعتبار الشخص حائزاً لمادة مخدرة. كفاية أن يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر.
(8) مواد مخدرة. فاعل أصلي. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى يعد المتهم فاعلاً أصلياً للجريمة؟
مثال:
(9) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". تزوير "الطعن بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو بالحكم إلا عن طريق الطعن بالتزوير.
(10) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. بل يقصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة. موضوعي.
(11) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة. موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته. ما دام المقصود به إثارة الشبهة في الدليل.
(12) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع كاملاً. لا يعيب الحكم. طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(14) إثبات "اعتراف". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين. وإن عدل عنها. حد ذلك؟
(15) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم. إذا ارتد إلى أصل ثابت بالتحقيقات.
(16) خطأ مادي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي لا يعيب الحكم. طالما لم يكن له أثر في قيام الجريمة.
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ المادي. ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
(17) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
(18) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها". مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي.
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. إذا بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله. أساس ذلك؟
مثال:

-------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو بصفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
2 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة.
3 - لما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
5 - من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها.
6 - من المقرر أن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل إنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة تصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً.
7 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره.
8 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... - المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحدد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير.
10 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق.
11 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته.
13 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
14 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد أطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
15 - لما كان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله.
16 - لما كان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد.... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
17 - لما كان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و...... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنها كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب وهو ما تطمئن معه المحكمة التي توافر القصد الجنائي لدى المتهمين" وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
18 - لما كانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية كانت أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: جلبوا إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيش" قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هربوا البضائع آنفة الذكر موضوع الاتهام الأول بالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة إلى أراضي جمهورية مصر العربية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسون جنيهاً ومائتي مليم. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ د، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121/ 1 - 2، 122/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وإلزامهم متضامين بدفع تعويض لمصلحة الجمارك قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسين جنيهاً ومائتي مليماً وذلك عن التهمتين المسندتين إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب المقدمة من الطاعنين الثلاثة هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمتي جلب جوهر مخدر وتهريبه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية قصرت عن تحديد أسماء الطاعنين ومحل إقامتهم ومهنهم وخلطت بين أسماء الشهرة لبعضهم، ولأنه صدر لضبط جريمة مستقبلة بما لا يصح رداً، ولم يفطن إلى القرائن التي سبقت للتدليل على صدور هذا الإذن بعد الضبط كما أطرح الدفع المبدى من المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث ببطلان استجوابهما بمعرفة النيابة لتمامه دون دعوة محاميهما للحضور بما لا يسوغ إطراحه، واعتبر الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين جلباً في حين أنه - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد نقل بغير قصد إذ لم يثبت أن المواد المخدرة المضبوطة قد جلبت من خارج البلاد كما اعتبر الطاعنين الأول والثالث فاعلين أصليين في الجريمة دون أن يستظهر دورهما في ارتكابها أو يدلل على وجود اتفاق بينهما وبين الطاعن الأول وعلى الرغم من انتفاء صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة. هذا إلى أن المحكمة أثبتت على لسان المدافع عن الطاعن الثالث - على خلاف الواقع - أنه اكتفى بتلاوة أقوال باقي شهود الإثبات بعد أن استمعت إلى الشاهدين الحاضرين الأول والسادس عشر، والتفتت عن طلب ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق كما لم تستجب إلى طلبه إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحت دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ إطراحه، وخلا محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملاً، كما عول الحكم في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها في تحديد أدوار المتهمين وبعدها عن الحقيقة والواقع وعلى أقوال الضابطين...... و....... في التحقيقات على الرغم من أنهما قررا بمحضر الجلسة أنهما لا يذكران شيئاً عن الواقعة، كما عول على أقوال الطاعن الثالث في التحقيقات رغم أنها كانت وليدة إكراه مادي ومعنوي تعرض له بقسم الشرطة وعلى الرغم من عدوله عنها بالجلسة، واستند الحكم في قضائه إلى أقوال المتهم...... وأسند له القول بأن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل المخدرات وهو ما لا أصل له في الأوراق. هذا فضلاً عن خطأ الحكم حين أسند إلى الضابط.... أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم.... قد اشتهر باسم...... في حين أنه بالرجوع إلى هذا المحضر وتلك الأقوال يتضح أن اسم الشهرة يخض متهم آخر. ثم إن الحكم أطرح دفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء علمهما بحقيقة الجواهر المضبوطة بما لا يصلح رداً، وأخيراً فإن الحكم ولئن أشار في مدوناته إلى طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية إلا أنه أغفل صفة مصدر الطلب وهو بيان جوهري يتصل بسلامة تحريك الدعوى الجنائية، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية لجريمتي جلب مخدر وتهريبه اللتين دان الطاعنين بهما، وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهم...... والطاعنين الأول والثالث بالتحقيقات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه قوله: "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدافعين عن المتهمين (الطاعنين) ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، ولما كان الثابت أن محضر التحريات المحرر بتاريخ 18/ 3/ 1985 الساعة 2 م قد تضمن أسماء المتهمين والجهات التي تقع بها محال إقامتهم وأوضحت التحريات أدوار هؤلاء المتهمين في إتمام جريمة الجلب كما أشارت التحريات إلى تحديد المنطقة التي تم إنزال المخدرات بها على الشاطئ وإلى أرقام السيارات التي أعدت لنقل هذه الشحنة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن محضر التحريات قد تضمن وفق ما سلف تفصيله مقومات جديته التي تبعث على الاطمئنان بصحة ما جاء به، ومن ثم فإن إذن التفتيش يكون قد جاء محمولاً على أسباب كافية يقتضيها المقام "وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على نحو ما تقدم - يستقيم به إطراح هذا الدفع، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة "ولما كان من المستفاد من محضر التحريات المنوه عنه أنه تضمن ما يفيد أن بعض المتهمين ومنهم المتهم...... - الطاعن الثاني - قد تمكنوا بالفعل من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأن هؤلاء المتهمين اتفقوا مع آخرين ومنهم المتهمين...... و....... (الطاعن الثالث) و(الطاعن الأول) على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد، ولما كان هذا الذي تضمنه محضر التحريات يشكل وقوع جناية اتفاق جنائي على جلب المواد المخدرة ويكون إذن النيابة العامة عند صدوره الساعة 4.50 م يوم 18/ 3/ 1985 إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً وليس عن جريمة مستقبلة". لما كان ذلك وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم ويكون ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة وإذ ثبت من أقوال شهود الإثبات بل ومما أجمع عليه المتهمون في استجوابهم الأول من أن القبض تم في فجر يوم 19/ 3/ 1985 ولما كان الإذن صدر يوم 18/ 3/ 1985 الساعة 4.50 م، ومن ثم يضحى هذا الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة" وكان ما ورد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن نعي الطاعنين الثاني والثالث على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعنون من بطلان استجوابهم أمام النيابة لحصوله في غيبة محاميهم وأطرحه بقوله "وحيث إن الدفع المبدى من المتهمين ببطلان التحقيقات التي أجريت بقسم المنتزه لعدم دعوة محامي المتهمين للحضور ولما كان الثابت أن المحقق قدم محضر الضبط وقد تضمن ما يفيد أن إقراراً صدر من المتهمين لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة وأنه عند مواجهة المحقق للمتهمين بالاتهام بعد إفصاحه لهم عن شخصيته فقد أدلى بعضهم بأقوال تفيد في كشف الحقيقة وفي تحديد أدوار المتهمين، ومن ثم فكان الأمر يحتم المسارعة باستجواب المتهمين لتلقي هذه الأقوال منهم وذلك خوفاً من ضياع الأدلة خاصة ما قد تسفر عنه هذه الأقوال من وجوب اتخاذ إجراءات عاجلة يقتضيها صالح التحقيق وهو ما يجوز للمحقق دون دعوة محامي المتهمين للحضور وفقاً لصريح نص المادة 124/ 1 إجراءات جنائية. هذا بالإضافة إلى أنه لم يثبت أن هؤلاء المتهمين قد حددوا أسماء المدافعين عنهم سواء للمحقق عند استجوابهم أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن وهو مناط الاستفادة بحكم المادة 124 سالفة الذكر أما عن قول بعض المدافعين بأنهم منعوا من حضور التحقيق بالقسم فإنه مجرد دفاع مرسل لا يكفي للتدليل عليه تلك البرقية المرسلة باسم المحامي العام وتخلص المحكمة إلى أن استجواب المتهمين في التحقيقات التي أجريت بالقسم إنما يكون قد جاء صحيحاً في القانون وترفض المحكمة هذا الدفع". فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على دفع الطاعنين، ذلك بأن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل أنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الالتزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه بقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الثاني قد جلب الجواهر المخدرة من خارج البلاد وتم إنزالها بالكابين رقم...... بالدور الأرضي بشاطئ ميامي، ودلل على ذلك بما اطمأن إليه من أقوال للطاعن الأول مؤداها أنه شاهد الطاعن الثاني مساء يوم 17/ 3/ 1985 بشاطئ ميامي حال تواجد إحدى المراكب على مقربة من الشاطئ وكانت ملابسه مبتلة بالمياه وأن باب الكابين كان مفتوحاً فإن فعل الجلب يكون قد تم فعلاً وحق العقاب عليه، ولا وجه للتحدي بما خاض فيه الطاعنون من جدل حول المنطقة التي بها الكابين وكونها داخله في النطاق البري للإقليم، ما دام أن الحكم قد استخلص من عناصر الدعوى السائغة التي أوردها أن النقل تم باجتياز الخط الجمركي على خلاف الأحكام المنظمة لجلب المخدرات، ويكون بذلك قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ويضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما ينعاه الطاعنان الأول والثالث في هذا المقام غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يحوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير. وإذ كان الثابت أن الطاعن الثالث لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحاضر جلسات المحاكمة من اكتفاء المدافع عنه بتلاوة أقوال باقي أقوال شهود الإثبات الذين لم يسمعوا فإن الزعم بأن ما أثبت من ذلك مغاير للواقع يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق، ومن ثم يكون منعى الطاعن الثالث على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن والثالث في شأن طلب إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحه بقوله: "وحيث إنه طلب محامي المتهم..... (الطاعن الثالث) بإجراء معاينة لمكان الضبط فإن المحكمة تعرض عنه بعد أن وضحت الواقعة لديها بما ترى معه أن المعاينة المطلوبة غير منتجة في الدعوى". وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كان طلب الدفاع عن الطاعن الثالث إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك في أقوال شهود الإثبات، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التي رواها الشهود، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها، وإذ كان ما أورده الحكم في الرد على طلب إجراء المعاينة كافياً وسائغاً، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه فإنه لما كان الطاعن المذكور لا يدعي أن المحكمة قد منعت الدفاع عنه من مباشرة حقه، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أما محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على جلسات المحاكمة أن الضابطين...... و....... وإن كانا قد قررا حال إجابتهما، على بعض الأسئلة التي وجهتها إليهما المحكمة أنهما لا يذكران شيئاً لمرور ثلاث سنوات على حصول الواقعة، فكان أن سكت الطاعن الثالث والمدافع عنه عن أن يوجها لهما ما يعن لهما من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهدين ينسيان ما دارت حوله بعض الأسئلة، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهدين المذكورين في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعن الثالث منعاه بأن الشاهدين المذكورين قررا بالجلسة بعدم تذكرهما بعض الوقائع ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث من بطلان أقوالهما في التحقيقات لصدورها تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي الواقع عليهما بقسم الشرطة ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع عن المتهم...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الثاني) بأنهما تعرضا لتعذيب وإكراه بقسم المنتزه وأن أقوالهما بالتحقيقات أمليت عليهما فإن هذا الدفاع ولا سند له يظاهره تلتفت عنه المحكمة خاصة وقد جاء التقرير الطبي الشرعي للمتهم...... يفيد أنه لم يبين بعموم جسمه أية آثار لإصابات". لما كان ذلك، كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله. أما ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد..... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين ويكون ما ينعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنهما كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب الضبط وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى توافر القصد الجنائي لدى المتهمين". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي، وإذ انتهت المحكمة - محكمة النقض - إلى ما تقدم، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان بقالة أنه أغفل بيان صفة مصدر طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية يكون لا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. فيما عدا ما تقدم من تصحيح الحكم المطعون فيه بشأن ما قضى من عقوبة التعويض الجمركي.