الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 23 مارس 2024

الطعن رقم 53 لسنة 38 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 9 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مارس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 38 قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - الدائرة السادسة - بحكمها الصادر بجلسة 24/ 1/ 2016، ملف الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية.

المقامة من
زياد طارق محمد عبد العزيز حليمة
ضــد
1- وزير الداخلية
2- رئيس أكاديمية الشرطة
3- مديـــر كلية الشرطة

---------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثالث عشر من أبريل سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - الدائرة السادسة - بجلستها المعقودة في 24 من يناير سنة 2016، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (1) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976، المعدلة بقرارات وزير الداخلية أرقام 453 لسنة 1985 و3856 لسنة 1992 و14162 لسنة 2001 و11720 لسنة 2004 و737 لسنة 2011 و2695 لسنة 2012 و1657 لسنة 2013.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 6/ 1/ 2024، وفيها قدم المدعي في الدعوى الموضوعية مذكرة، طالبًا الحكم بعدم دستورية النص المحال، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة تكميلية، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وبتاريخ 8/ 1/ 2024، قدم المدعي في الدعوى الموضوعية طلبًا لفتح باب المرافعة في الدعوى، أرفق به ثلاث حوافظ مستندات.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- في أن الولي الطبيعي على المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية، ضد المدعى عليهم، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بفصل نجله من كلية الشرطة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه؛ على سند من القول بأن نجله التحق بكلية الشرطة بعد أن اجتاز جميع الاختبارات المقررة، وبعد إجراء التحريات عنه وعن أفراد أسرته وعائلته، وانتظم نجله في الدراسة بالكلية، وانتقل إلى الفرقة الرابعة في العام الدراسي 2014/ 2015، حتى أخطرت كلية الشرطة نجله بصدور قرار بفصله منها، دون سبب قانوني صحيح يبرر ذلك، الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه الموضوعية بطلباته السالفة البيان. وعقب بلوغ المدعي سن الرشد صحح شكل الدعوى. وبجلسة 24/ 1/ 2016، قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (1) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 المعدلة بقرارات وزير الداخلية أرقام 453 لسنة 1985 و3856 لسنة 1992 و14162 لسنة 2001 و11720 لسنة 2004 و737 لسنة 2011 و2695 لسنة 2012 و1657 لسنة 2013، ناعية عليه أنه لم يقصر شرط حسن السيرة والسمعة على طالب الالتحاق بكلية الشرطة وحده، وإنما تطلب توافره في أقاربه حتى الدرجة الرابعة؛ مما يمثل إهدارًا للحق في العمل وتولي الوظائف العامة على أساس من الكفاءة دون محاباة أو وساطة، إذ جعل عدم توافر شرط حسن السمعة والسيرة المحمودة في شأن أحد أقارب الطالب حتى الدرجة الرابعة مانعًا من ولوجه إلى الوظيفة العامة ابتداءً، أو الاستمرار فيها؛ مما تراءى معه لمحكمة الموضوع مخالفة النص المحال للمادتين (12 و14) من الدستور.
وحيث إنه عن الطلب المقدم من المدعي لفتح باب المرافعة في الدعوى المعروضة، وإذ قدم هذا الطلب بعد أن تهيأت الدعوى للحكم، فإن المحكمة تلتفت عنه.
وحيث إن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المعدل بالقانون رقم 39 لسنة 1984، والقانون رقم 155 لسنة 2004 ينص في المادة (10) منه على أنه يشترط فيمن يقبل بالقسمين، كلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين:
(1) .......
(2) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
(3) ....... (4) ........ (7) ......
وتجري المادة (15) من القانون المار ذكره على أنه يفصل الطالب من الأكاديمية في الحالات الآتية:
(1) .....
(2) .......
(3) فقده أي شرط من شروط القبول بالأكاديمية.
(4) ........ (5) .....(7) .....
وتنص المادة (34) من القانون ذاته على أنه يُصدر وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة ومجلس إدارة الأكاديمية اللائحة الداخلية للأكاديمية ولائحتها المالية والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون.
ونصت اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 المعدل بالقرار رقم 1657 لسنة 2013 في المادة (1) منها على أنه يكون نظام قبول الطلبة الجدد وفقًا لما يأتي:
(1) ........ (2) ....
(3) ....... (4) .....
(5) المفاضلة:
تكون المفاضلة بين الطلبة راغبي الالتحاق بالكلية ممن اجتازوا الاختبارات السابقة وتوافر فيهم شرط السيرة المحمودة وحسن السمعة لهم ولأقاربهم حتى الدرجة الرابعة، .........
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا لم يكن الفصل في دستورية النص التشريعي المحال الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته لازمًا للفصل في النزاع المطروح عليها؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن النزاع في الدعوى الموضوعية تدور رحاه حول طلب المدعي إلغاء قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بفصله من كلية الشرطـة، وكـان نص القـرار الصـادر من المجلـس بــتاريخ 16/ 12/ 2014، بجلسته رقم (284) قد تساند في فصل المدعي وآخرين من كلية الشرطة في العام الدراسي 2014/ 2015 - وفق صريح عبارته - لثبوت انتمائهم أو ذويهم لتيارات دينية متطرفة، وهو ما أفقدهم شرطًا جوهريًّا من شروط القبول والاستمرار بكلية الشرطة، إعمالًا قانونيًّا صريحًا لنص المادتين (10 و15) من قانون إنشاء أكاديمية الشرطة رقم 91 لسنة 1975. ومن ثم فإن الضرر المدعى به في الدعوى الموضوعية، ليس مرده إلى النص المحال، وإنما إلى نصوص أخرى وردت بقانون إنشاء أكاديمية الشرطة المار ذكره، وهي نصوص لم يشملها حكم الإحالة، وتبعًا لذلك، فإن الفصل في دستورية النص المحال لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، وهو ما تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة، ولزامه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه عما أبداه المدعي في الدعوى الموضوعية، أمام هذه المحكمة، من طلب الحكم بعدم دستورية النص المحال، فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها، بطريقين لا يلتقيان، أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة، وثانيهما: برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام، باعتباره شكلًا جوهريًّا في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة؛ حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. فإذا اتصلت الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نص قانوني، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا - وفقًا للبند (أ) من المادة (29) من قانونها - لتقول كلمتها الفاصلة في شأن دستورية النص المحال، في النطاق الذي حدده؛ فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى الموضوعية إلى النص المحال، الذي قضت هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى الدستورية المحالة طعنًا عليه، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ مما يتعين معه الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن رقم 8 لسنة 39 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 9 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مارس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 39 قضائية دستورية.

المقامة من
1- سحر حمدي محمد الزيات
2- تغريد حمدي محمد الزيـــات
من ورثة/ نازلي محمد شريف
ضـد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزيـر العـدل
3- أحمد محمد حمدي الزيات
4- حمدي محمد حمدي الزيات

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني من فبراير سنة 2017، أودعت مورثة المدعيتين صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (1 مكررًا) من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، المضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985، والمادة (6) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، المعدل بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1964.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على نص المادة (1 مكررًا) من القانون رقم 36 لسنة 1975 المضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985، ثانيًا: برفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن على نص المادة (6) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 2/ 12/ 2023، وفيها قرر الحاضر عن المدعية وفاتها، وطلب أجلًا لتصحيح شكل الدعوى، وأودع صحيفة التصحيح. وبجلسة 6/ 1/ 2024، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق في أن مورثة المدعيتين وأخريات، أقمن أمام محكمة مدينة نصر الجزئية التظلم رقم 4 لسنة 2013، من أمر تقدير الرسوم القضائية، الصادر في الدعوى رقم 274 لسنة 2005 مدني جزئي مدينة نصر. وبجلسة 10/ 1/ 2017، دفعت مورثة المدعيتين بعدم دستورية المادة (1 مكررًا) من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، المضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985، والمادة (6) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية المعدل بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1964؛ لمخالفتهما أحكام المادتين (35 و97) من دستور 2014. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامتها.
وحيث إن المادة (1 مكررًا) من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، المضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985، تنص على أن يفرض رسم خاص أمام المحاكم ومجلس الدولة يعادل نصف الرسوم القضائية الأصلية المقررة في جميع الأحوال، ويكون له حكمها، وتؤول حصيلته إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.
ويعفى نشاط الصندوق وكافة الخدمات التي يقدمها من جميع الضرائب والرسوم.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية نص المادة (1 مكررًا) من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، المضاف بالقانون رقم 7 لسنة 1985، وقضت بجلسة 3/ 6/ 2000، برفض الدعوى رقم 152 لسنة 20 قضائية دستورية، المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (24) بتاريخ 17/ 6/ 2000. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة إليهم، باعتبارها قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًــا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته؛ ومن ثم فإن الخصومة الدستورية بالنسبة إلى هذا النص - وهي عينية بطبيعتها - تكون قد انحسمت؛ الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة - في هذا الشق - قمينة بعدم القبول.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، تنص على أن يفرض في الدعاوى، معلومة القيمة، رسم نسبي حسب الفئات الآتية: ........
وتنص المادة (6) من القانون السالف ذكره على أن تخفض الرسوم إلى النصف في الأحوال الآتية:
(1) دعاوى القسمة بين الشركاء....
وتنص المادة (75) من القانون ذاته على أن يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على الوجه الآتي:
................
(تاسعًا) إذا طلب الحكم بقسمة حصة في عقار مشترك وبيعه عند عدم إمكان قسمته أخذ الرسم النسبي على ثمن العقار كله ويشمل هذا الرسم جميع إجراءات البيع فيما عدا رسم رسو المزاد فيستحق عليه الرسم المبين في المادة (44).
...........
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، الأول: أن يقوم الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق بالمدعى، والثاني: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون عليه، والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها، أو المحالة إليها، للتثبت من شروط قبولها، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية تدور حول أساس استحقاق الرسم المفروض على دعوى الفرز والتجنيب المقامة من مورثة المدعيتين، الذي تقرر استنادًا إلى نص المادة (1)، والبند (تاسعًا) من المادة (75) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وكانت المدعيتان لم تختصما أيًّا من هذين النصين، وإنما أقامتا الدعوى الدستورية المعروضة طعنًا على نص المادة (6) من القانون ذاته، التي قررت إعفاءً لصالحهما بمقدار النصف من الرسم الذي تقرر بموجب المادتين السالفتي البيان، وكان مبتغى المدعيتين من إقامة الدعوى الدستورية المنازعة في أساس استحقاق هذا الرسم بقصد إعفائهما منه؛ فإن القضاء في دستورية نص المادة (6) من القانون المار ذكره، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية؛ ومن ثم تغدو الدعوى برمتها غير مقبولة.
فلهــذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعيتين المصروفات.

الجمعة، 22 مارس 2024

الطعن رقم 37 لسنة 36 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 9 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع مــــن مارس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 37 لسنة 36 قضائية دستورية

المقامة من
رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعــب (مجلس النـواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الشورى (مجلس الشيوخ حاليًّا)
4- رئيس مجلس الــــوزراء
5- وزير العــدل
6- النقيب العام لنقابة المهن الرياضية

----------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الثاني والعشرين من مارس سنة 2014، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص البند (ح/7) من المادة (48) من القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 2010.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم المدعى عليه السادس مذكرة، طالبًا الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعى عليه السادس مذكرة ختامية، طالبًا الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------------
" المحكمــــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه السادس أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، الدعوى رقم 4619 لسنة 2013 مدني كلي، ضد المدعي وآخر، بطلب الحكم بإلزام المدعي بوضع طابع نقابة المهن الرياضية على أية عقود تبرم مع اللاعبين والمدربين والإداريين الوطنيين والأجانب، وما يترتب على ذلك من آثار، لصالح النقابة المذكورة. على سند من القول بأن القانون رقم 63 لسنة 2010 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، قد أوجب على النوادي والاتحادات الرياضية وضع طابع نقابة المهن الرياضية على العقود المشار إليها، وإذ أنذر المدعي بسداد النسبة المئوية المقررة على العقود التي أبرمها إلى النقابة العامة للمهن الرياضية؛ إعمالًا لأحكام القانون المار ذكره، إلا أنه لم يمتثل، فأقام دعواه بالطلبات السالفة، وبجلسة 5/3/2014، دفع المدعي بعدم دستورية نص البند (ح/7) من المادة (48) من القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 2010، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (48) من القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، بعد تعديلها بالقانون رقم 63 لسنة 2010، تنص على أن تتكون موارد النقابة من: أ - .....................
(ح) حصيلة طوابع النقابة ويكون تحصيلها لصالح صندوق المعاشات والإعانات بالفئات الآتية:
1- ...............
7- نسبة (5٪) تحصل على أية عقود يتم إبرامها مع اللاعبين والمدربين والإداريين الوطنيين، وتزاد هذه النسبة إلى (10٪) للأجانب، ولا يتم اعتماد هذه العقود إلا بعد سداد هذه النسبة.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي تدور رحاه حول طلب المدعى عليه السادس، إلزام النادي المدعي بأن يؤدي إلى نقابة المهن الرياضية النسبة المئوية المستحقة على العقود التي أبرمها مع اللاعبين والمدربين والإداريين الوطنيين والأجانب، وكان النادي المدعي قد أمسك عن سداد النسبة المبينة بالنص المطعون فيه لصالح تلك النقابة، محتجًّا بعــــدم التزامه بأدائها أو تحصيلها، وما يترتب على ذلك من عدم اعتماد العقود التي تم إبرامها مع اللاعبين والمدربين والإداريين الوطنيين والأجانب إلا بعد سداد هذه النسبة؛ ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص البند (ح/7) من المادة (48) من القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 2010، يرتب انعكاسًا أكيدًا وأثرًا مباشرًا على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، ويتوافر للمدعي مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليه، وبه يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه - في النطاق المتقدم - أنه فرض رسمًا على عقود اللاعبين والمدربين والإداريين الوطنيين والأجانب لا تقابله خدمة فعلية تقدمها النقابة التي فُرض لصالحها هذا الرسم؛ مما يتنافى مع كفالة الدولة لحق العمل، ويُشكل عدوانًا على الملكية الخاصة، وإخلالًا بالضوابط الدستورية لفرض الضرائب والرسوم، بالمخالفة لنصوص المواد (12 و35 و38) من الدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها؛ إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعـاد عليهم مردودهـا؛ ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفيـة، ولا شــــأن لهـــا بما آل إليهـــم من فائدة بمناسبتها، وإلا كــــان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحـق مقابلًا لنشــــاط خاص أتاه الشخص العــام - وعوضًا عن تكلفته - وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الفريضة المالية الواردة بالنص المطعون فيه، لا تقابلها خدمة فعلية تؤديها نقابة المهن الرياضية إلى من يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة من الناحية الدستورية، وهي بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها في إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمي للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتبًا لدينها في ذمة الممول؛ مما مؤداه تكافؤ الممولين في الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالي - وبالقوة ذاتها - كلما توافر مناطها في أية جهة داخل الحدود الإقليمية للدولة، وهو ما يعني أنها ضريبة عامة يقوم التماثل فيما بين الممولين بصددها، على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية، وليس بالنظر إلى مقدار الضريبة التي يؤدونها؛ ذلك أن التعادل بينهم في نطاقها ليس فعليًّا، بل جغرافيًّا.
وحيث إن الدستور أعلى شأن الضريبة العامة، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التي ترتبها، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الإنتاج، أو طردها أو تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها بالتالي على فرص الاستثمار والادخار والعمل وتكلفة النقل وحجم الإنفاق، وكان الدستور - نزولًا على هذه الحقائق واعترافًا بها - قد مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها في الحدود التي يبينها القانون. ولازم ذلك أن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنًا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين - أصلًا- بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصليها وتوريدها، وكيفية أدائها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة، عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين التمييز بين الملتزمين - أصلًا - بأداء الضريبة العامة، وبين المسئولين عن توريدها؛ ذلك أن لكل التزام بالضريبة طرفين، أحدهما هو الدائن بمبلغها ممثلًا في الشخص العام الذي تؤول إليه حصيلتها، والآخر هو المدين بها، سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا. وقد يكون هذا المدين ملتزمًا - أصلًا - بمبلغها، أو مسئولًا عنها. ويعتبر ملتزمًا - أصلًا - بالضريبة من تتوافر بالنسبة إليه الواقعة التي أنشأتها، والتي يتمثل عنصراها في المال المحمل بعبئها والمتخذ وعاء لها، ثم وجود علاقة بين هذا المال وشخص معين؛ ليكون اجتماعهما معًا مظهرًا للالتزام بالضريبة من خلال تحديد المشرع لظروفها الموضوعية والشخصية.
وحيث إن عجز الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور ينص على أن يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأي متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة، وأن الدستور وإن أوجب أصلًا عامًّا يقتضي أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة السلطة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور؛ بيد أنه يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور - أن مقتضى هذا النص: أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفي أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد العامة في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة - بحسبانها استثناء من الأصل العام - أداته القانون، وفي حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذي طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر المشرع - استنادًا إلى أسباب جدية - صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالًا لأحكام الدستور، وتفعيلًا لمراميه.
وحيث إن الدستور قد اتخذ من النظام الضريبي وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص في المادة (38) منه على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، وكان إنشاء النقابات على أساس ديمقراطي حقًّا يكفله القانون، بما لها من شخصية اعتبارية تمارس من خلالها نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، والأمر ذاته بالنسبة إلى النقابات المهنية، فينظم القانون إنشاءها وإدارتها على أساس ديمقراطي يكفل استقلالها ويحدد مواردها، وفقًا لنص المادتين (76 و77) من الدستور، بما يشمله ذلك من ضرورة توفير الرعاية الاجتماعية لأعضائها وتقرير المعاشات التي تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها؛ ومن ثم فإن هذا الواجب يُعد من التكليفات الدستورية التي يتعين على المشرع العادي القيام عليها والوفاء بها.
وحيث إن حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها وإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين بها والمسئولين عنها، في تحصيلها وفق قوالبها الشكلية والأسس الموضوعية التي ينبغي أن تكون قوامًا لها من زاوية دستورية، وبغيرها تنحل الضريبة عدمًا.
متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه، وإن بيَّن وعاء الضريبة وحصره في عقود اللاعبين والمدربين والإداريين التي تبرم مع الهيئات الرياضية المحددة في القوانين ذات الصلة، وحدد سعر الضريبة بنسبة (5٪) من قيمة تلك العقود التي تبرم مع الوطنيين منهم، وزادها إلى نسبة (10٪) بالنسبة للعقود التي تبرم مع نظرائهم من الأجانب، ووجه مصرفها لصالح صندوق المعاشات والإعانات بنقابة المهن الرياضية، ملتزمًا بالضوابط التي أقرتها الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور، استصحابًا لالتزام الدولة - المنصوص عليه في المادة (84) من الدستور - باتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة، التي يقوم على شئونها الرياضيون، مدعومين بنقابتهم التي تضطلع بحماية مصالح أعضائها، على ما يجري به نص المادة (76) من الدستور، وذلك على نحو استكملت معه هذه الضريبة عناصر بنيانها السالفة، بيد أن النص المطعون فيه، وقد خلا من تحديد الملتزم - أصلًا - بأداء الضريبة المقررة بموجبه، والمسئول عن تحصيلها وتوريدها إلى النقابة التي خُصصت لها كمورد من مواردها، فيما لو مايز القانون بينهما، فإن ذلك مما يفقد هذه الضريبة العامة أحد أركانها الأساسية ويقوض بنيانها، ويجافي مبدأ العدالة الضريبية الذي يقوم عليه النظام الضريبي، بالمخالفة لنص المادة (38) من الدستور، مما لزامه القضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (ح/7) من المادة (48) من القانون رقم 3 لسنة 1987 بإنشاء وتنظيم نقابة المهن الرياضية، المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 2010، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 62 لسنة 37 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 9 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مارس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 62 لسنة 37 قضائية دستورية

المقامة من
هشام هلال صادق السويدي، رئيس مجلس إدارة شركة إنرجيا للصناعات الحديدية

ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزيـر العدل
3- النائـب العــام

---------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثلاثين من مارس سنة 2015، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وسقوط المادة (247) من القانون ذاته.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعي مذكرة صمم فيها على طلباته، لمخالفة النص المطعون فيه لأحكام المواد (13 و27 و28 و33 و35 و36) من الدستور، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة أسندت إلى المدعي، في الدعوى رقم 10055 لسنة 2012 جنح العاشر من رمضان، أنه في يوم 21/ 10/ 2012، بصفته صاحب عمل، وقَّع جزاء الفصل من الخدمة على العامل/ أحمد رجب حامد، حال كونه غير مختص بتوقيعه، وقدمته إلى المحاكمة الجنائية، طالبة عقابه بالمـواد (1 و3 و4 و68 و237 و247/ 1) من قانون العمـل الصادر بالقانـون رقـم 12 لسنة 2003. وبتاريخ 28/ 1/ 2013، أصدر قاضي المحكمة الجزئية أمرًا جنائيًّا - غيابيًّا - بتغريم المدعي مائة جنيه، فاعترض المدعي على هذا الأمر أمام محكمة جنح مستأنف بلبيس، بالدعوى رقم 2401 لسنة 2015 جنح مستأنف، وحال نظره بجلسة 16/ 3/ 2015، قدم وكيل المدعي مذكرة، ضمنها دفعًا بعدم دستورية نص المادة (68) من ذلك القانون، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه استلابه سلطة صاحب العمل في إنهاء عقد العمل بإرادته المنفردة دون اللجوء إلى القضاء، إذا أخل العامل إخلالًا جسيمًا بالتزاماته، وهو ما يتعارض مع طبيعة علاقة العمل، وسلطة صاحب العمل في تنظيم سير العمل بمنشأته، وإدارتها على نحو يكفل نجاحها وزيادة أرباحها، بما ينال من ملكيته، ويعطل مبدأ سلطـان الإرادة والرضائية في العقود، مخالفًا بذلك المادتين (34 و64) من دستور 1971، فضلًا عن مخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، وتعارضه مع أحكام المواد (147 و157 و694 و695) من القانون المدني، كما أنه يمثل ردة عما كان منصوصًا عليه في المادة (61) من قانون العمل السابق الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، من حق صاحب العمل في إنهاء علاقة العمل، إما بالفسخ أو بفصل العامل من الخدمة تأديبيًّا.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى للتجهيل بالنصوص الدستورية المدعى مخالفتها، وأوجه المخالفة، فمردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن كل شكلية جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التداعي وفقًا لحكمها لا يجوز فصلها عن دواعيها، وإلا كان القول بها إغراقًا في التقيد بضوابطها، وانحرافًا عن مقاصدها، وأن التجهيل بالنصوص التشريعية، والدستورية المدعى مخالفتها، وأوجه تلك المخالفة، يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلًا بما يحول عقلًا دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر في شأنها، ومن خلال الربط المنطقي بينها وبين الطلبات في الدعوى الموضوعية يفصح عن تحديدها، وما قصد إليه الطاعن، فإن قالة التجهيل بها تكون غير قائمة على أساس. لما كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى المعروضة قد تضمنت تحديدًا للنص المطعون فيه، وهو نص المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، كما أبانت صحيفة الدعوى أوجه المخالفة الدستورية، على النحو السالف إيراده، وهو ما ينصرف إلى مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المواد (2 و13 و27 و28 و33 و35 و36 و54 و92) من الدستور، الأمر الذي تضحى معه صحيفة الدعوى المعروضة مستوفية للبيانات الجوهرية التي تطلبها نص المادة (30) من قانون هـذه المحكمة؛ ومن ثم فإن الدفع المبدى بعـدم قبـول الدعوى - في هذا الخصوص - يكون فاقدًا لسنده.
وحيث إن المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 تنص على أن يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة للمحكمة العمالية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون.
ويكون توقيع باقي الجزاءات التأديبية لصاحب العمل أو من يفوضه لذلك.
ويكون لمدير المنشأة توقيع جزاءي الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام.
كما تنص الفقرة الأولى من المادة (247) من القانون ذاته على أن يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا خالف أيًّا من أحكام المواد ( ..... و68) من هذا القانون والقرارات الوزارية المنفذة لها.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول اعتراض المدعي أمام محكمة جنح مستأنف بلبيس على الأمر الجنائي الصادر ضده من قاضي محكمة جنح العاشر من رمضان، بتغريمه مائة جنيه، إزاء ما ثبت من قيامه بفصل أحد العاملين لديه بإرادته المنفردة، بالمخالفة لنص المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، التي تعقد الاختصاص بتوقيع هذا الجزاء للمحكمة العمالية دون غيرها، وكانت المادة (68) المشار إليها هى التي خصت المحكمة العمالية بتوقيع جزاء فصل العامل من الخدمة؛ ومن ثم فإن الفصل في دستوريتها يرتب أثرًا مباشرًا وانعكاسًا أكيدًا على موقف المدعي من الاتهام المسند إليه في الدعوى الموضوعية، وتتوافر له مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستوريتها في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاق هذه الدعوى في نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008، دون سائر ما تضمنته تلك المادة من أحكام أخرى.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لأحكام المواد (147 و157 و694 و695) من القانون المدني، والمادة (61) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، فمردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستورية النصوص التشريعية، مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا - بذاته - على مخالفة دستورية؛ مما يتعين معه الالتفات عن هذا النعي.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن حكم المادة الثانية من دستور سنة 1971، بعد استبدالها في 22/ 5/ 1980 - والتي تردد حكمها في المادة الثانية من الدستور الحالي - من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، يدل على أن الدستور أوردها ليفرض بمقتضاها قيدًا على السلطة التشريعية، يلزمها فيما تقرره من النصوص القانونية بألا تناقض أحكامها مبادئ الشريعة الإسلامية في أصولها الثابتة - مصدرًا وتأويلًا - والتي يمتنع الاجتهاد فيها، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معًا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد إلى سواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها. وإذا كان الاجتهاد في الأحكام الظنية وربطها بمصالح الناس عن طريق الأدلة الشرعية - النقلية منها والعقلية - حقًّا لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون هذا الحق مقررًا لولي الأمر، ينظر في كل مسألة بخصوصها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دومًا واقعًا في إطار الأصول الكلية للشريعة لا يتجاوزها، ملتزمًا ضوابطها الثابتة، متحريًا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلًا صون المقاصد الكلية للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستلهمًا في ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هي تلك التي تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها؛ ومن ثم كان على ولي الأمر عند الخيار بين أمرين مراعاة أيسرهما ما لم يكن إثمًا، وكان واجبًا كذلك ألا يشرع حكمًا يضيق على الناس أو يرهقهم عسرًا، وإلا كان مصادمًا لقوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج (الآية 6 من سورة المائدة).
متى كان ما تقدم، وكان ما قضى به النص المطعون فيه، من إسناد الاختصاص بتوقيع جزاء فصل العامل تأديبيًّا من الخدمة إلى المحكمة العمالية بناءً على طلب صاحب العمل، دون أن يخوله إيقاع هذا الجزاء بإرادته المنفردة، لم يرد بشأنه نص قطعي الثبوت والدلالة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن ثم؛ فإن هذا التنظيم التشريعي لعلاقة العمل يعتبر من المسائل التي يجوز الاجتهاد فيها تنظيمًا لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعًا، ولا يعطل حركتهم في الحياة، وذلك في إطار الأصول الكلية للشريعة، وبما يصون مقاصدها العامة. وترتيبًا على ذلك، يكون النص المطعون فيه قد جاء موافقًا للمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، ولا مخالفة فيه لمبادئها.
وحيث إن البيّن من استقراء أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، أن المشرع قد ضمَّنه أحكامًا آمرة متعلقة بالنظام العام، لتنظيم علاقات العمل وروابطه وإنهائه، ولإرساء الالتزامات المتبادلة بين العامل وصاحب العمل، مستهدفًا تحقيق التوازن في علاقات العمل بين طرفي العملية الإنتاجية، بما لا يهدر مصلحة لحساب المصلحة الأخرى، مراعيًا من خلال هذا التنظيم الحفاظ على الحقوق الاجتماعية والمالية للعمال من جانب، والاستقرار الإداري والاقتصادي للمنشأة من جانب آخر؛ فوضع تنظيمًا متكاملًا لفصم صاحب العمل عرى علاقة العمل غير محددة المدة، في حالة ارتكاب العامل أيًّا من الأخطاء الجسيمة التي وردت أمثلة لها في المادة (69) من قانون العمل سالف الذكر، فخوله حق الولوج إلى أحد طريقين: إما عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة (71) من قانون العمل المار ذكره، المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008، بالإجراءات الواردة في المواد المنظمة لتأديب العامل، وإما النكوص عن ذلك، وإنهاء العقد بإرادته المنفردة، إعمالًا لنص المادة (110) من ذلك القانون، بشرط إخطار العامل كتابة قبل الإنهاء. وأجازت المادة (66) من ذلك القانون لصاحب العمل أن يوقف العامل عن العمل مؤقتًا، لمدة لا تزيد على ستين يومًا، إذا طلب من المحكمة العمالية فصله من الخدمة، وناطت المادة (71) من القانون ذاته بالمحكمة العمالية سلطة الفصل في هذا الطلب على وجه السرعة، بحكم واجب النفاذ، ولو تم استئنافه خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ أول جلسة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لكل حق أوضاعًا يقتضيها، وآثارًا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفًا وإنسانيًّا ومواتيًا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرًا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقًّا وعقلًا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها. ومن ثم؛ لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافًا بها عن غايتها.
وحيث إن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور، وهى فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها وثيقة الصلة بحرية العمل، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي يرتبها عقد العمل فيما بين أطرافه - أيًّا كان العامل أو صاحب العمل- بيد أن هذه الحرية التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها مـن أهدافهـا قدر التوازن بين جموحها وتنظيمها، لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددًا بقواعد آمرة، تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإدارة حركتها، فلا يكون لسلطانها بعد هدمها من أثر.
وحيث إن من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة، أنه يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنتظم مسألة معينة، بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية والمقاصد الكلية التي تجمعها، ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل أحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون الجزء الآخر، لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقـوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها، يعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها - بعيدًا عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها، مرتبطة عقلًا بها.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يُعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وشخصيته المتكاملة، كما أن استقلال السلطة القضائية، وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم، إلا أن حيدتها عنصر فاعل في صون رسالتها، لا تقل شأنًا عن استقلالها، بما يؤكد تكاملهما.
متي كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أوجب على صاحب العمل إذا ما ارتأى فصل العامل تأديبيًّا من الخدمة، لارتكابه خطأ جسيمًا ذا صلة بالعمل، أن يطلب من المحكمة العمالية توقيع هذا الجزاء، وتفصل المحكمة في الطلب على ضوء ما تستجليه من المبررات التي ساقها صاحب العمل، ودفاع العامل بشأنها؛ الأمر الذي تتوافر معه الحماية اللازمة للعامل من جراء عسف صاحب العمل في استعمال السلطة، ودون إهدار لحقوق صاحب العمل في إدارة وحسن سير منشأته، إذا كان لطلب فصل العامل ما يبرره، وعلى هذا النحو فإن النص المطعون فيه يغدو متضمنًا - إلى جانب التوازن بين طرفي علاقة العمل الذي يوجبه نص المادة (13) من الدستور- تنظيمًا آمرًا لحرية التعاقد، بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، بمراعاة أن النص ذاته، لم ينفصل عن الأهداف التي سعى المشرع إلى تحقيقها في مسألة إنهاء علاقة العمل غير محددة المدة، على النحو المار بيانه، ليتكامل التنظيم التشريعي لهذه المسألة في إطار وحدة عضوية، وكان هذا التنظيم يقع في إطار سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق باعتبارها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، مستلهمًا في تنظيمه لها أغراضًا يقتضيها الصالح العام؛ بما يكون معه النعي على النص المطعون فيه بمخالفته المادتين (13 و14) من الدستور، غير قائم على سند صحيح، خليقًا برفضه.
وحيث إن الدستور قد أكد في المواد (27 و28 و36) منه على أهمية الاستثمار وتشجيعه وتوفير المناخ الجاذب له، وتحفيز القطاع الخاص لأداء مسئوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، وجعل ذلك التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، وهدفًا للنظام الاقتصادي تسعى إلى تحقيقه من خلال خطة التنمية التي تضعها تنفيذًا له، كما اعتبر الحفاظ على حقوق العاملين أحد أهداف هذا النظام، وعنصرًا جوهريًّا في تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة في علاقة العمل، وقيدًا على كل تشريع يتم إقراره، ويتناول بالتنظيم أيًّا من تلك الحقوق، وفي هذا الإطار ضمَّن الدستور نص المادة (92) منه قيدًا عامًا على سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، بألا يترتب على ذلك تقييد ممارستها بما يمس أصلها وجوهرها، وإلا وقع في حومة المخالفة للدستور.
وحيث إنه ولئن كان الدستور - في المادتين (33 و35) منه - قد كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية، وتدرأ كل عدوان عليها، فإنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعي لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، مادامت لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يصيب حق الملكية في جوهره أو يعدم جل خصائصه.
وحيث كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على ما سلف - ليس إلا حلقة من حلقات ضمان حقوق العمال، وخطوة صوب تأمين مستقبل الجاد منهم، فلا تكون أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية رهنًا بقرار فصل يصدر من غير تبصر، أو تعسف في استعمال الحق؛ ومن ثم فقد ناط المشرع بالمحكمة العمالية الفصل في طلب صاحب العمل إيقاع ذلك الجزاء، كونها جهة قضاء تتمتع بالاستقلال والحيدة، فتقوم بالموازنة بين المبررات التي ساقها صاحب العمل لفصل العامل تأديبيًّا، وما يبديه العامل من دفاع بشأنها، ودعوة ممثل عن النقابة العمالية المختصة، وآخر عن منظمة أصحاب الأعمال لسماع رأيهم. وعلى ضوء ما تستجليه المحكمة مما تقدم تفصل في الطلب، بإجابة صاحب العمل لطلبه، أو برفضه، وهو ما يوفر الطمأنينة للعامل، ويحقق - بالتالي - التوازن بين أطراف علاقة العمل في هذا الخصوص، بما يؤدي إلى استقرارها، واستمرار التعاون بين أطرافها، ويسهم في دفع عجلة الإنتاج في كافة المشروعات، ودعم مختلف الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية والخدمية، على نحو يوفر مناخًا جاذبًا للاستثمار، ويحفز القطاع الخاص لأداء دوره في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، بما ينعكس على حماية ملكية صاحب العمل لأدوات الإنتاج. ومن ثم؛ تتوافق أحكام النص المطعون فيه مع أحكام المواد (27 و28 و33 و35 و36) من الدستور.
وحيث إنه عن طلب سقوط نص المادة (247) من قانون العمل المشار إليه، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب السقوط لا يعتبر طلبًا جديدًا منبت الصلة بما دفع به أمام محكمة الموضوع، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا فيما لو قضت بعدم دستورية نص معين، ورتبت السقوط للمواد الأخرى المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وهو أمر تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، حتى ولو لم يطلبه الخصوم. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى القضاء برفض الدعوى بشأن الطعن على دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (68) من قانون العمل المار ذكره، فإن طلب سقوط نص المادة (247) من ذلك القانون يكون قد ورد على غير محل.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتصادم وأي نص آخر من نصوص الدستور؛ فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.