الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 يوليو 2016

الطبيعة الإدارية للطعون في القرارات الصادرة في منازعات الضرائب والرسوم

الطعن 19 لسنة 37 ق "تنازع". جلسة  7 / 5 / 2016 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مايو سنة 2016م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 19 لسنة 37 قضائية "تنازع".

------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 مدني كلي ضد المدعي، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلزام مصلحة الجمارك برد مبلغ 9687550 جنيها، والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، قولاً منها: إنها تزاول نشاطها في مجال الاستيراد، وأن مصلحة الجمارك قامت بتحصيل رسوم خدمات إضافية عن الرسائل التي استوردتها عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة تلك الرسائل، تنفيذا لقراري وزير المالية رقم 250 لسنة 1993، و752 لسنة 1997، الصادرين طبقا لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وبجلسة 5/9/2004 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" والذي قضى "أولاً: بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الصادر بقرار رئيس الجمهورية. ثانياً: سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. ثالثا: سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمي 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997"، ونشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم (38) تابع (أ) بتاريخ 16/9/2004، ومن ثم غدا تحصيل المصلحة لهذه الرسوم غير مستند إلى أساس قانوني. وبتاريخ 18/8/2005 تقدمت الشركة بطلب إلى لجنة فض المنازعات التي أوصت بسقوط حق الشركة الطالبة في استرداد رسوم الخدمات المطالب بها، مما حدا بالشركة إلى إقامة دعواها سالفة الذكر توصلاً للقضاء لها بطلباتها، وبجلسة 27/2/2006 قضت تلك المحكمة بإلزام وزير المالية بصفته بأن يرد للشركة مبلغ 9572601.08 جنيها، والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 1/11/2005 وحتى تمام السداد، وذلك على سند من أن القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية – سند المطالبة بهذه الرسوم – يؤدي إلى انعدام الأساس القانوني الذي تم تحصيل هذه الرسوم بناء عليه، بما يوجب القضاء بردها، وقد طعن على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1071 لسنة 123 قضائية، وبجلسة 16/1/2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، فطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية، وبجلسة 27/11/2014 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 10171 لسنة 123 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، ومن جهة أخرى أقامت الشركة الدعوى رقم 12701 لسنة 62 قضائية ضد المدعي أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، بطلب القضاء بأحقية الشركة في استرداد المبالغ التي سددتها كرسوم خدمات إضافية فرضتها مصلحة الجمارك استنادا لنص المادة (111) من قانون الجمارك والقرارات المنفذة له والفوائد القانونية، على سند من أنها قامت باستيراد بضائع من الخارج خلال السنوات من 1996 حتى 1998، وقامت مصلحة الجمارك بقرض مقابل خدمات إضافية عليها بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، وبجلسة 29/12/2009 قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسا على أن القضاء بعدم دستورية النصوص التي قامت مصلحة الجمارك استنادا إليها بتحصيل الرسوم، لا يوجب أحقية من سددها في استردادها في جميع الأحوال، ذلك أن الاسترداد يكون رهنا بإثبات عدم التصرف في الرسائل المستوردة إلى المستهلكين، وإضافة ما سدد من هذه الرسوم إلى ثمنها، وهو ما لم تقدم الشركة الدليل عليه، وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا الحكم طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 10129 لسنة 65 قضائية عليا فقضت بجلسة 27/2/2012 برفض الطعن. وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تناقضا بين الحكمين المار ذكرهما، بما يتعذر تنفيذهما معاً، فقد أقام دعواه الماثلة
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقاً لنص البند ثالثاً من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى هذه المحكمة حسم التناقض الواقع بين الحكمين، بالمفاضلة بينهما على أساس قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وذلك بدءا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن مجلس الدولة، الذي أسند البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على ذات النهج، فنص في البند سابعاً من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص البند السادس من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، الذي عقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وقد أكدت المادة (190) من الدستور هذا الاختصاص حينما عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو فريضة مالية تستأدي جبرا، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذي فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن طلبها عوضا عن كلفتها، وإن لم تكن بمقدارها
وحيث إن النزاع – موضوع الحكمين محل التناقض الماثل – يدور حول أحقية الشركة المدعى عليها في استرداد قيمة مقابل الخدمات الإضافية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل التي قامت باستيرادها خلال الأعوام من 1996 حتى 1998، وقامت مصلحة الجمارك بإلزامها بسدادها استنادا لنص المادة (111) من قانون الجمارك، وقرارات وزير المالية المنفذة لها، إبان فترة سريان أحكام هذه النصوص والعمل بها، والتي كانت تقضي بتحصيل مقابل الخدمات الإضافية بالموانئ والمنافذ الجمركية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل الواردة للبلاد بنسب محددة، ولما كان هذا المقابل يفرض بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضا، كمقابل للخدمات التي تقدمها الجمارك للرسائل المستوردة، وتستأدي من المستفيدين منها، ومن ثم فإنه يعد بحسب التكييف القانوني الصحيح له رسما تكميلياً، تسري عليه الأحكام الخاصة بالرسوم في شأن الاختصاص القضائي بنظر المنازعات المتعلقة بها والفصل فيها، والذي ينعقد لجهة القضاء الإداري، باعتبارها صاحبة الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية، وقاضيها الطبيعي، ومن ثم فإن الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري يكون هو الأحق بالتنفيذ، مما يتعين معه القضاء بالاعتداد به
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية بجلسة 27/11/2014 المؤيد للحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 بجلسة 27/2/2006، فإن من المقرر أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين - أو كليهما – هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل في موضوعه – على ما تقدم – فإن الفصل في طلب وقف التنفيذ يكون قد صار غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 29/12/2009 في الدعوى رقم 12701 لسنة 62 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 27/11/2014 في الطعن رقم 3429 لسنة 78 قضائية، المؤيد للحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 27/2/2006 في الدعوى رقم 9584 لسنة 2005 مدني كلي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق