الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 يوليو 2016

الطعن 115 لسنة 33 ق جلسة 21 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 84 ص 557

جلسة 21 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

---------------

(84)
الطعن رقم 115 لسنة 33 القضائية

(أ) اختصاص "اختصاص ولائي". ضرائب. رسوم "المنازعة في تقدير الرسوم".
المنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم. عدم اختصاص مجلس الدولة بها حتى يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي متضمناً تنظيم نظر هذه المنازعات وهو ما لم يصدر بعد. الدعوى بطلب رد رسوم دفعت بغير حق. اختصاص المحاكم العادية بها باعتبارها ذات الاختصاص العام ولو تضمنت منازعة في تقدير الرسوم.
(ب) رسوم. "رسوم المجالس البلدية على المحال الصناعية والتجارية".
القرار الذي يصدر من لجنة بحث التظلمات من الرسوم المفروضة من المجالس البلدية على المحال الصناعية والتجارية. وصفه - قانوناً - بالنفاذ. هذا الوصف لا يؤدي إلى اعتباره انتهائياً بمعنى أنه لا يقبل الطعن فيه أمام المحاكم. المقصود أنه واجب النفاذ وأن الطعن فيه لا يوقف تنفيذه. قرار اللجنة برفض تظلم الممول - الذي لم يكن محل اعتراض من وزير الصحة العمومية - قابل للطعن فيه أمام المحاكم.
(ج) دفع ما لا يجب "أحوال الرد".
رد ما دفع بغير حق. لا محل له إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون قد أكره على الوفاء. مثال.
(د) رسوم "رسوم المجالس البلدية". دفع ما لا يجب "أحوال الرد". تقادم.
عدم تحديد القانون ميعاداً للطعن في قرار لجنة التظلمات من تقدير الرسوم البلدية أمام المحاكم. جواز المطالبة برد ما دفع من الرسوم بغير حق ما دام الحق في طلب الرد لم يسقط بالتقادم.
(هـ) رسوم "رسوم المجالس البلدية". "تحديدها".
الأصل أن تحديد الرسوم على المحال الصناعية يكون على أساس إنتاجها الفعلي. إذا استحال الوصول إلى هذا الإنتاج كان التحديد على أحد الأسس الأخرى الواردة بالمادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 المعدل بمرسوم 20 سبتمبر سنة 1948 وهي تكشف عن الإنتاج الفعلي للمحل الصناعي. عدم استحقاق الرسم على الآلات أو القوى المحركة الاحتياطية التي تحل محل مثيلاتها من الآلات الأصلية حال تعطلها.

------------------
1 - لما كان القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة قد نص في المادة 73 منه على أنه بالنسبة للمنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم تظل الجهات الحالية مختصة بنظرها وفقاً لقوانينها الخاصة وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي متضمناً تنظيم نظر هذه المنازعات - وكان قانون الإجراءات المشار إليه لما يصدر بعد، فإن الدعوى المرفوعة من الشركة بطلب رد رسوم دفعت منها بغير حق استناداً إلى المادة 181 من القانون المدني وبطلب التعويض عن الأضرار التي أصابت الشركة بسبب الحجز الإداري الذي أوقعه المجلس البلدي ضدها وفاء لهذه الرسوم، تكون من اختصاص المحاكم العادية باعتبارها ذات الاختصاص العام حتى ولو كيفت الدعوى بأنها تتضمن منازعة في تقدير الرسوم.
2 - وصفت المادة 17 من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 القرار الذي يصدر من لجنة بحث التظلمات من الرسوم المفروضة من المجالس البلدية على المحال الصناعية والتجارية - استناداً إلى القانون رقم 145 لسنة 1944 - ولا يكون محل اعتراض من وزير الصحة العمومية بأنه نافذ، وهذا الوصف لا يؤدي إلى اعتبار هذا القرار "انتهائياً" بمعنى أنه لا يقبل الطعن فيه أمام المحاكم وإنما المقصود بذلك أن يكون القرار واجب النفاذ بانقضاء ميعاد الاعتراض عليه من الوزير دون أن يستعمل الوزير حقه في هذا الاعتراض وأن الطعن في هذا القرار لا يوقف تنفيذه ومن ثم فإن القرار الصادر من اللجنة سالفة الذكر برفض تظلم الممول والذي لم يكن محل اعتراض من الوزير يكون قابلاً للطعن فيه أمام المحاكم ما دام لم ينص صراحة على عدم الطعن فيه.
3 - تنص المادة 181 من القانون المدني على أن من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده وأنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون قد أكره على الوفاء فإذا استخلصت محكمة الموضوع أن وفاء الشركة للبلدية بالرسوم لم يكن تبرعاً بل نتيجة إكراه لحصوله تحت تأثير الحجز الذي توقع على أموالها وتحديد يوم لبيع هذه الأموال وحضور مندوب البلدية في هذا اليوم لإجراء البيع فعلاً فإن هذا الاستخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون لأن الإكراه بالمعنى المقصود في المادة 181 يتحقق في هذه الصورة.
4 - ما دام القانون لم يحدد ميعاداً للطعن في قرار لجنة التظلمات من تقدير الرسوم البلدية أمام المحاكم فإنه يجوز المطالبة برد ما دفع من الرسوم بغير حق ما دام الحق في طلب الرد لم يسقط بالتقادم المقرر له في القانون.
5 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 المعدل بمرسوم 20 سبتمبر سنة 1948 أن الأصل في تحديد الرسوم على المحال الصناعية أن يكون على أساس إنتاجها الفعلي فإذا استحال الوصول إلى هذا الإنتاج كان التحديد على أحد الأسس الأخرى الواردة في هذه المادة وهي كلها من المظاهر الخارجية التي تكشف إلى حد كبير عن مقدار الإنتاج الفعلي للمحل الصناعي. وإذ كان المشرع حين أجاز تحديد الرسم على أساس عدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال قد نص صراحة على ألا يدخل في الحساب في هذه الحالة إلا ما يدار منها اعتباراً بأنه هو الذي يعبر عن الإنتاج الفعلي، فإن المستفاد من ذلك أن ما يوجد في المصنع من آلات احتياطية لتحل فقط محل مثيلاتها من الآلات الأصلية في حالة تعطلها فإنه لا يستحق عنها رسم لأن الإنتاج الفعلي لا يتغير بإدارة هذه الآلات الاحتياطية ما دامت لا تستعمل إلا في حالة توقف مثيلتها من الآلات التي تدار بصفة أصلية. وكذلك الشأن أيضاً بالنسبة لجميع القوى المحركة الأخرى الاحتياطية التي لا تستعمل إلا في حالة الطوارئ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة معاصر الزيوت النباتية والمصابن - المطعون ضدها - أقامت الدعوى رقم 232 سنة 1957 كلي بنها على بلدية بنها ممثلة في الطاعن ووزير الشئون البلدية والقروية طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 1071 ج و750 م من ذلك مبلغ 1020 ج و750 م اقتضى منها بدون وجه حق وبالمخالفة للقانون ومبلغ 51 ج تعويضاً لها عما أصابها من أضرار بسبب ما اتخذ معها من إجراءات جبرية وتعسفية وقالت الشركة شرحاً لدعواها إنها تملك مصنعاً لعصر بذرة القطن واستخراج الزيوت منها يدار بثلاث آلات مجموع قوتها 155 حصاناً علاوة على آلتين أخرتين احتياطيتين مشابهتين في القوة والنوع لآلتين من الثلاث الأولى لتحل كل منهما محل شبيهتها من الآلتين العاملتين إذا أصاب أيهما خلل أو عطل وبتاريخ 11 سبتمبر سنة 1956 أخطرها مجلس بلدي مدينة بنها ربط على المعصرة رسوماً بلدية جملتها 1485 ج و750 م عن السنة المالية 1956/ 1957 على أساس أن القوى المحركة في المصنع 495 حصاناً، ولما كان هذا التقدير مخالفاً لأحكام المادة الأولى من المرسوم الصادر في 30/ 10/ 1945 المعدلة بالمرسوم الصادر في 20/ 9/ 1948 فقد تظلمت منه في 20 سبتمبر سنة 1956 طالبة استبعاد الآلتين الاحتياطيتين على أساس أن الرسم لا يفرض إلا على الآلات المدارة فعلاً والتي سددت الشركة الرسم المستحق عنها وقدره 465 ج إلا أن المجلس أبلغها في 18 مارس سنة 1957 بحفظ تظلمها وطالبها بسداد باقي الرسم المقدر عليها وقدره 1020 ج و750 م ثم أوقع ضدها في 30 يونيو سنة 1957 حجزاً إدارياً على مشتملات المعصرة وحدد يوم 10 أغسطس سنة 1957 لبيع المحجوزات فاضطرت لسداد هذا المبلغ حافظة لنفسها الحق في استرداده لأنه دفع بغير حق ثم رفعت دعواها بطلب رده مع التعويض - دفع المجلس بعدم اختصاص المحاكم العادية ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى المادة 18 من قانون نظام القضاء وأسس هذا الدفع على أن الشركة وإن كيفت دعواها بأنها استرداد للرسوم التي دفعتها بغير حق إلا أن الدعوى في حقيقتها منازعة في أساس ربط هذه الرسوم والهدف منها الوصول إلى إلغاء الأمر الإداري الصادر بفرض تلك الرسوم ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم المدنية نظره وأنه إذ كان المشرع قد رسم طريقاً للتظلم من الرسوم المقدرة وقد سلكته الشركة ورفض تظلمها فإن قرار اللجنة برفضه يكون نافذاً وقال المجلس عن الموضوع إن الرسم يستحق على جميع ما بالمعصرة من آلات سواء كانت تدار بصفة أصلية أو احتياطية وبتاريخ 24 يونيو سنة 1959 قضت محكمة أول درجة (أولاً) برفض الدفع المبدى من المدعى عليهما وباختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب مهندس من مكتب الخبراء بوزارة العدل للانتقال إلى المعصرة ومعاينة الآلات الموجودة بها لتحديد الآلات المحركة التي تدار فعلاً والآلات الاحتياطية وبيان ما إذا كانت الأخيرة مشابهة للأولى فعلاً وهل تدار بصفة دائمة أم عند الضرورة ولما اعتذر مكتب الخبراء عن أداء المهمة قضت المحكمة في 18 نوفمبر سنة 1959 بندب الأستاذ المختص بتدريس مادة الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لأداء المأمورية المبينة بالحكم السابق فقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مجموعة القوة المحركة للمصنع الواجب احتسابها 155 حصاناً وأنه يوجد بالمصنع ماكينة قوة 90 حصاناً وأخرى قوة 40 حصاناً مشابهتين لماكينتين أخرتين من الماكينات التي تدار بصفة أصلية ولا تحتسب قوتهما لأنهما وضعتا بصفة احتياطية - وبعريضة أعلنت في 3 إبريل سنة 1962 صححت الشركة المطعون ضدها دعواها فوجهتها بنفس الطلبات إلى محافظ القليوبية بصفته رئيس مجلس بلدي بنها وإلى وزير الإسكان والمرافق وبتاريخ 19 يونيو سنة 1962 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المدعى عليهما المذكورين بصفتهما بأن يؤديا للشركة المدعية مبلغ 1020 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1536 سنة 79 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بقبول الدفع بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها. وفي 20 يناير سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وفي 20 مارس سنة 1963 قرر رئيس مجلس مدينة بنها بصفته ممثلاً للبلدية بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وتمسكت بهذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الاختصاص الوظيفي ذلك إنه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة الصادر في 24/ 6/ 1959 برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم المدنية ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على ما قاله من أن الدعوى لا تعدو أن تكون مطالبة برد رسوم اقتضتها الحكومة من الشركة بغير حق وعلى خلاف أحكام القانون وبتعويض عن الإجراءات التعسفية التي اتخذت ضدها ولم تتعرض الشركة فيها لطلب إلغاء أو تأويل القرار الإداري - وهذا من الحكم خطأ في القانون لأن طلب استرداد مبلغ الرسم ليس إلا طعناً وتعقيباً على قرار لجنة التظلمات الذي استندت إليه البلدية في اقتضائها هذا الرسم وإذ كان هذا الطلب يتضمن في واقع الأمر طلب إلغاء قرار اللجنة المذكور فإن المحكمة إذ قبلته وقضت برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظره تكون قد نصبت نفسها جهة طعن على قرار لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي بالمخالفة لنص المادة 11 من القانون 55 سنة 1959 الصادر بتنظيم مجلس الدولة فضلاً عن أنه لو صحت مساءلة البلدية عن المخالفات القانونية التي تنشأ عن قرارات لجنة التظلمات فإن جهة القضاء الإداري هي التي تختص دون غيرها بنظر دعاوى المسئولية التي ترفع عنها عملاً بالمادة 9 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك بأن القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية خول في المادة 23 منه للمجالس البلدية كل منها في دائرة اختصاصه سلطة فرض رسوم في حالات بينها منها الرسوم على المجال الصناعية والتجارية ونص على أن تعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها... وقد صدر لهذا الغرض مرسوم بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1945 ونص في المادة العاشرة منه على أن تؤلف في كل مجلس لجنة للقيام بعملية حصر المحال والعقارات وغيرها من الأشياء المبينة بالمادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 وتقدير الرسوم البلدية على كل منها.. وبين في المادة 11 كيفية تشكيل هذه اللجنة ونص في المادتين 12 و13 على أن تقدم اللجنة كشوف الحصر والتقدير إلى رئيس المجلس وأوجب على رئيس المجلس إخطار كل ممول بخطاب موصى عليه بقيمة الرسوم التي قدرت عليه ونص في المادة 14 على أن لكل ممول الحق في أن يرفع إلى المجلس بخطاب موصى عليه تظلماً من الرسوم المقدرة عليه في مدى الخمسة عشر يوماً التالية لانقضاء مدة عرض الكشوف المبينة في المادة 13 وأوجب في المادة 15 على المجلس عرض التظلمات مع كشوف الحصر على اللجنة المبين تشكيلها في هذه المادة كما أوجب في المادة 16 على هذه اللجنة مراجعة كشوف الحصر والتقدير وفحص التظلمات وتقرير ما تراه من الإعفاء أو الرفع أو التعديل على أن يتم ذلك في مدى خمسة وأربعين يوماً من تاريخ التظلم، ونصت المادة 17 على أن لوزير الصحة العمومية في مدى شهرين من تاريخ إبلاغه قرارات اللجنة المشار إليها في المادة السابقة أن يطلب إعادة النظر في تلك القرارات إذا رأى أن هناك أسباباً تستدعي ذلك، وعلى اللجنة أن تعيد بحث المسألة وأن تتخذ بشأنها قراراً يكون نهائياً فإذا انقضى الشهران دون أن يطلب الوزير إعادة النظر في القرارات أصبحت نافذة ولما كان وصف القرار الذي يصدر من لجنة بحث التظلمات ولا يكون محل اعتراض من الوزير بأنه نافذ لا يؤدي إلى اعتباره انتهائياً بمعنى أنه لا يقبل الطعن فيه أمام المحاكم وإنما المقصود بذلك أن يكون القرار واجب النفاذ بانقضاء ميعاد الاعتراض عليه من الوزير دون أن يستعمل الوزير حقه في هذا الاعتراض وأن الطعن في هذا القرار لا يوقف نفاذه - لما كان ذلك فإن القرار الصادر من اللجنة برفض تظلم الشركة المطعون ضدها والذي لم يكن محل اعتراض من الوزير يكون قابلاً للطعن فيه أمام المحاكم ما دام لم ينص صراحة على منع الطعن فيه، ولما كان القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة والذي صدر هذا القرار في ظله قد نص في المادة 73 منه على أنه بالنسبة للمنازعات الخاصة بالضرائب والرسوم تظل الجهات الحالية مختصة بنظرها وفقاً لقوانينها الخاصة وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي متضمناً تنظيم نظر هذه المنازعات وكان قانون الإجراءات المشار إليه لما يصدر إلى الآن وكانت الدعوى المرفوعة من الشركة تتضمن طلب رد رسوم دفعت منها بغير حق واستندت الشركة في هذا الاسترداد إلى المادة 181 من القانون المدني كما تضمنت الدعوى طلب التعويض عن الأضرار التي أصابت الشركة بسبب الحجز الإداري الذي أوقعه المجلس البلدي ضدها وفاء لهذه الرسوم فإن المحاكم العادية باعتبارها ذات الاختصاص العام تكون المختصة بالفصل في هذه الدعوى حتى ولو كيفت بأنها تتضمن منازعة في تقدير الرسوم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر وقضى على أساسه برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى لا يكون مخالفاً للقانون وبالتالي يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه استند في إلزام المجلس البلدي برد مبلغ ال 1020 جنيهاً إلى المادة 181 من القانون المدني وفي سبيل التدليل على انطباق هذه المادة انتهى إلى اعتبار حق البلدية في اقتضاء هذا المبلغ لم يكن له وجود أصلاً وهو حسب تعبير الحكم دين منعدم من الأصل كما اعتبر أن وفاء الشركة المطعون ضدها للبلدية بهذا المبلغ مشوب بالإكراه الذي يتمل في توقيع الحجز على أموالها وتحديد يوم لبيعها وحضور مندوب في هذا اليوم لإجراء البيع وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك أن الدين الذي أوفى به الطاعن كان له وجود عند الوفاء به وكان وجوده مستمداً من سند قانوني واجب النفاذ هو قرار لجنة التظلمات الذي أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه أمام جهة القضاء المختصة ومن ثم فقد كان وفاء الشركة بالمبلغ محل النزاع وفاءً صحيحاً لدين قائم في ذمتها كما أن إجراءات التنفيذ التي اتخذتها البلدية ضد الشركة قد اتخذت استناداً إلى قرار لجنة التظلمات الذي أصبح نهائياً وواجب النفاذ ومن ثم فقد كانت هذه الإجراءات مشروعة قصد منها تحقيق غرض مشروع واتخذت بالاستناد إلى قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 ومن ثم فلا يمكن اعتبار الوفاء الناتج عنها مشوباً بعيب الإكراه ويكون الحكم المطعون فيه إذ طبق على واقعة النزاع المادة 181 من القانون المدني قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قد استند في قضائه بإلزام المجلس بمبلغ ال 1020 جنيه إلى أن البلدية اقتضته من الشركة بدفع رسم مستحق عليها مع أنه غير مستحق وفقاً للتطبيق الصحيح للقانون الذي يفرض الرسم وأن الرسم الصحيح الواجب اقتضاؤه هو مبلغ 465 جنيهاً وقد أدته الشركة وأنها قد أكرهت على أداء مبلغ ال 1020 جنيهاً زيادة على المبلغ المستحق عليها بتوقيع الحجز الإداري على أموالها وتحديد يوم 10 أغسطس سنة 1958 لبيعها وحضور مفتش التحصيل في هذا اليوم لإجراء البيع - وأنه قد ثبت أن هذا المبلغ الذي دفعته الشركة للمجلس قد دفع بغير حق ومن ثم فإنه يجب عليه رده طبقاً للمادة 181 من القانون المدني - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه و أقام عليه قضائه برد المبلغ لا مخالفة فيه للقانون ذلك بأنه وقد انتهى الحكم إلى أن مبلغ ال 1020 جنيهاً لم يكن مستحقاً أصلاً للبلدية وفقاً للتطبيق الصحيح للقانون الذي يفرض الرسوم البلدية على المحال الصناعية وأن الشركة المطعون ضدها قد أكرهت على الوفاء به بعد أن حجزت البلدية على أموالها وحددت يوماً لبيعها وحضر مندوب البلدية في هذا اليوم لإجراء البيع فإن البلدية تلتزم برد هذا المبلغ بالتطبيق لنص المادة 181 من القانون المدني التي تنص على أن من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده وأنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون قد أكره على هذا الوفاء - واستخلاص محكمة الموضوع أن الوفاء لم يكن تبرعاً بل نتيجة إكراه من أنه تم تحت تأثير الحجز الذي توقع على أموال الشركة الموفية وتحديد يوم لبيع هذه الأموال وحضور مندوب البلدية في هذا اليوم لإجراء البيع فعلاً هو استخلاص سائغ ولا مخالفة فيه للقانون لأن الإكراه بالمعنى المقصود في المادة 181 يتحقق في هذه الصورة ولا محل لتحدي الطاعن بصدور قرار واجب النفاذ من لجنة فحص التظلمات بفرض هذا الرسم ما دامت المحكمة قد انتهت إلى أن تقدير الرسم على النحو الذي قدره هذا القرار يخالف التطبيق الصحيح للقانون وإلى أن المبلغ الذي ألزم البلدية برده لم يكن مستحقاً أصلاً بحسب القانون في ذمة الشركة الموفية. أما ما أثاره الطاعن بشأن انتهائية قرار اللجنة فمردود بما سبق الرد به على السبب السابق وبأنه ما دام القانون لم يحدد ميعاداً للطعن فيه أمام المحاكم فإنه يجوز المطالبة برد ما دفع من الرسوم بغير حق ما دام الحق في طلب الرد لم يسقط بالتقادم المقرر له في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه صدر على خلاف حكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه وفي بيان ذلك يقول إن البلدية أخطرت الشركة بالرسوم المستحقة على المصنع عن سنة 56/ 1957 والبالغة 1485 جنيه باعتبار أن القوى المحركة الموجودة به تبلغ 495 حصاناً وأن الرسم المستحق على الحصان 3 جنيه ولم تقبل الشركة هذا التقدير ورفعت عنه تظلماً إلى اللجنة المنصوص عنها في المادة 15 من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 وقد نظرت اللجنة التظلم وانتهت بجلسة 18 ديسمبر سنة 1956 إلى رفضه وتأييد تقدير البلدية وأخطرت الشركة بهذا القرار في 18 مارس سنة 1957 إلا أنها لم تطعن عليه في الموعد القانوني فأصبح ذلك نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه لصدوره من لجنة ذات اختصاص قضائي ولكن الشركة عادت ورفعت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بطلب الحكم بعدم أحقية البلدية لما زاد على مبلغ 465 جنيهاً من قيمة الرسوم وأحقيتها في استرداده هادفة من وراء ذلك إلى التخلص من قرار اللجنة النهائي الذي قرر مديونيتها بكامل المبالغ التي اقتضتها البلدية وإذ كانت المنازعة الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه هي بذاتها المنازعة التي فصلت فيها اللجنة سواء من حيث الخصوم أو المحل أو السبب فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف نص المادة 405 من القانون المدني، وأنه وإن كانت البلدية قد تمسكت بهذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنها تستند في ذلك إلى المادة 3 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والتي تجيز الطعن بالنقض في هذه الحالة ولو لم يسبق التمسك بحجية الحكم السابق.
وحيث إن هذا النعي مردود بما تقدم ذكره في الرد على السببين السابقين من أن القرار الصادر من لجنة فحص التظلمات برفض تظلم الشركة المطعون ضدها لا يعتبر انتهائياً بحيث يمتنع الطعن فيه أمام المحاكم ولا يحول دون مطالبة الشركة المطعون ضدها برد الرسوم التي دفعتها بغير حق طالما أن حقها في استردادها لم يسقط بالتقادم.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله في بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأحقية الشركة المطعون ضدها في استرداد المبلغ المطالب به على أسباب مؤداها إن الرسوم البلدية تحديد على أساس قوة الآلات التي تدار بالمصنع فعلاً مستنداً في ذلك إلى نص المادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 المعدل بمرسوم 20 سبتمبر سنة 1948 وهذا الذي قاله الحكم لا يستقيم وصريح نص المادة الذكورة الذي يقضي بأن يكون تحديد الرسوم على أساس القوى المحركة الموجودة بالمحل الذي تقدر عليه الرسوم سواء كان يجرى تشغيلها فعلاً وفي جميع الأوقات أم أعدت لمواجهة طوارئ العمل وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المادة الأولى من مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 المعدلة بمرسوم 20 سبتمبر سنة 1948 قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "بالنسبة إلى المحال الصناعية يكون تحديد الرسوم على أساس إنتاجها الفعلي فإذا تعذر التحديد على هذا الأساس يكون على أساس القوى المحركة في هذه المحال أو عدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله" ومفاد ذلك أن الأصل في تحديد الرسوم على المحال الصناعية أن يكون على أساس إنتاجها الفعلي فإذا استحال الوصول إلى هذا الإنتاج كان التحديد على أحد الأسس الأخرى الواردة في هذه المادة وهي كلها من المظاهر الخارجية التي تكشف إلى حد كبير عن مقدار الإنتاج الفعلي للمحل الصناعي، وإذ كان المشرع حين أجاز تحديد الرسم على أساس عدد الدواليب أو الآلات أو الأنوال قد نص صراحة على ألا يدخل في الحساب في هذه الحالة إلا ما يدار منها اعتباراً بأنه هو الذي يعبر عن الإنتاج الفعلي، فإن المستفاد من ذلك أن ما يوجد في المصنع من آلات احتياطية لتحل فقط محل مثيلتها من الآلات الأصلية في حالة تعطلها فإنه لا يستحق عنها رسم لأن الإنتاج الفعلي لا يتغير بإدارة هذه الآلات الاحتياطية ما دامت لا تستعمل إلا في حالة توقف مثيلتها من الآلات التي تدار بصفة أصلية فلا يزداد عدد الآلات بإدارتها، وكذلك الشأن أيضاً بالنسبة لجميع القوى المحركة الأخرى الاحتياطية التي لا تستعمل إلا في حالة الطوارئ - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذا النظر ولم يعتبر الرسم البلدي مستحقاً إلا على الآلات التي تبين من تقرير الخبير أنها تدار فعلاً فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق