الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 سبتمبر 2024

الطعن 2470 لسنة 91 ق جلسة 4 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 94 ص 889

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / سعيد فنجري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سيد حامد ، ضياء الدين جبريل زيادة ومحمد قطب نواب رئيس المحكمة ومحمود البمبي.
----------------------
(94)
الطعن رقم 2470 لسنة 91 القضائية
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من القرارات " .
الطعن بطريق النقض . غير جائز إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى .
عدم جواز الطعن في قرار محكمة الجنايات بتأييد أمر المنع من التصرف . لا يغير من ذلك إسباغ المحكمة عليه وصف الحكم . علة وأساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان والعناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما أدلة سائغة في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً في الدلالة على إلمامه بالواقعة وظروفها .
بيان الحكم الأفعال المادية التي أتاها الطاعن والمحكوم عليه الآخر في بيان واف يفصح عن دوره في الجريمة التي دانه الحكم بها . لا قصور .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة . النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) قضاة " صلاحيتهم " .
الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة متروك له .
(4) مسئولية جنائية . نقض " المصلحة في الطعن " .
إثبات الحكم ارتكاب الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما . نعيه بعدم تدليله على توافر عناصر اشتراكه فيهما . غير مجد . علة ذلك ؟
(5) استيلاء على أموال أميرية . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً عقوبات . مناط تحققها ؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً عقوبات . غير لازم . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بانتفاء أركان جريمة الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة والقصد الجنائي فيها . غير مقبول . متى اطرحه الحكم بأسباب سائغة .
مثال .
(6) نيابة عامة . دعوى جنائية " تحريكها " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . استيلاء على أموال أميرية .
اختصاص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية لا يرد عليه قيد إلَّا استثناءً . أساس ذلك ؟
مثال لرد سائغ على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية في جريمتي استيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة وتسهيله للغير .
(7) تعويض . دعوى مدنية .
عدم أحقية المضرور من الجريمة في اللجوء إلى الطريق الجنائي بعد إقامة دعواه المدنية والمطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(8) أمر الإحالة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إحالة الدعوى لمحكمة الجنايات عقب تحقيق الواقعة من النيابة العامة . مؤداه : اتصالها بالدعوى اتصالاً صحيحاً . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(9) دعوى جنائية " حق التصدي " . نقض " المصلحة في الطعن " .
حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 إجراءات جنائية . جوازي لمحكمة الجنايات.
نعي الطاعن عدم إدخال متهمين آخرين في الدعوى . غير مجد . ما دام لا يحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها .
(10) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
عدم التزام المحكمة بندب خبير في الدعوى . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها . اطراحها بأسباب سائغة طلب الطاعن ندب خبير حسابي . لا إخلال بحق الدفاع . لا يغير من ذلك ما أورده الحكم أن طلبه كان أمام النيابة العامة . علة ذلك ؟
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن تكون مؤدية إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ .
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه . عدم التزامها بأن تورد منها إلا ما تقيم عليه قضاءها . إسقاطها لبعض أقوال الشهود . مفاده : اطراحها . علة ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لمحكمة الموضوع تحصيل أقوال الشهود واستخلاص مراميها . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بشأن إقرار لم يستند إليه الحكم في قضائه بالإدانة . غير مجد .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
مثال .
(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(16) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة . النعي باختلال فكرته عنها . غير مقبول .
(17) قانون " سريانه " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . نيابة عامة .
عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها . خضوع جواز الطعن في الحكم أو القرار أو الأمر للقانون الساري وقت صدوره .
طعن النيابة العامة بطريق النقض في الحكم الصادر غيابياً بعد سريان القانون 74 لسنة 2007 . غير جائز . علة ذلك ؟
(18) قانون " تفسيره " . رد . استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل . البحث في حِكمة التشريع ودواعيه تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه . علة ذلك ؟
لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب التطبيق .
الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة . المقصود منه ؟
إدانة المطعون ضده بجريمتي الاستيلاء على عقارات مملوكة لشركة مساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها وتسهيل ذلك لغيره والقضاء بإلزامه برد قيمتها وليس ردها عيناً . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلزامه برد العقارات بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن المادة ٣٠ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع التي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة قد عرضت على محكمة الجنايات أمر المنع من التصرف رقم .... لسنة .... ، فإن ما يصدر من تلك المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق وليس حكماً بالمعنى القانوني الوارد في المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة الجنايات قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم ، إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه . وإذ كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره ، وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم ١٧٠ لسنة ١٩٨٠ الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق ، وكانت المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية ، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بتأييد أمر المنع من التصرف محل الطعن يكون غير جائز وهو ما يتعين القضاء به .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من - .... ، .... (عضوا مجلس إدارة .... ) ، .... المدير المالي السابق للشركة المار بيانها ، .... المحاسب القانوني للشركة ، .... خبير تقييم ، .... المدير بالإدارة العامة للشئون القانونية لشركات الأموال بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... بمكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... ، .... أمين مكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... - بتحقيقات النيابة العامة ، ومن اطلاع النيابة العامة على محضر مجلس إدارة .... المؤرخ .... ، ومن اطلاع المحكمة على كل من السجل التجاري للشركة ولائحة النظام الأساسي لها وميزانيتها لعام .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وأورد مضمون ومؤدى كل منها في بيان كاف وواف ، وكان القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة ألمت بالواقعة وبظروفها وأقوال شهود الإثبات عليها ، ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، فإن ذلك يكون محققاً للقانون ، فضلاً عن أن تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعن والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون لا محل له .
3- من المقرر أن حالة الرغبة في الإدانة من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن .
4- من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ، ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر عناصر الاشتراك عن جريمتي الاستيلاء وتسهيلها للغير ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لهاتين الجريمتين اللتين دين بهما .
5- من المقرر أن جريمة الاستيلاء على مال إحدى شركات المساهمة المنصوص عليها في المادة ١١٣ مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم ، ويتحقق بمجرد حصوله على هذا المال خلسة أو عنوة أو حيله بقصد ضياع المال على ربه ، ولا مراء في أن ما أتاه الطاعن للحصول على المال المستولى عليه من التصرف بالبيع صورياً في قطعتي الأرض المملوكتين للشركة دون حق - بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 ولائحة النظام الأساسي للشركة - للمتهم الثاني ثم أعاد شرائهما منه ونقل ملكيتهما لنفسه بالمخالفة للتفويض الممنوح له من مجلس إدارة الشركة والذي لا يبيح له بيع أصول الشركة لنفسه بما مكنه من الاستيلاء عليها قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على المال وحرمان الشركة المجنى عليها منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، فإن ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، مما يضحى معه رمي الحكم بالقصور في الرد على دفاعه بانتفاء أركانها والقصد الجنائي في حقه غير سليم ، هذا فضلاً أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفة الشاهدين الأول والثاني للنظام الأساسي للشركة واطرحه استناداً إلى أن الجريمتين المسندتين للطاعن لا تتقيد فيهما النيابة العامة بأي قيد لاتخاذ إجراء التحقيق ورفع الدعوى عنهما ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا استثناء بنص خاص ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه وبصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ارتكب جريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره وطلبت عقابه بالمادتين 113 مكرراً/1 ، 118 من قانون العقوبات ، ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين المار بيانهما ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون على غير سند .
7- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن سقوط حق الشاهدين الأول والثاني - المدعيين بالحق المدني - في اختيار الطريق الجنائي ، فإن المستفاد من مفهوم المخالفة لنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت عن ذات الجريمة من النيابة العامة ، فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعي بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت من النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- لما كان قيام النيابة العامة عقب تحقيق الواقعة بإحالتها إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعني اتصال الأخيرة بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ويكون استخلاصها منها لأدلة إدانة الطاعن له معينه من الأوراق وفقاً لصحيح القانون ، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن في هذا الصدد من عدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، لما هو مقرر من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته ، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه ، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم وهو غير جائز ، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة تصحيح ما جاء بأمر الإحالة خطأ وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا كله يكون على غير أساس .
9- من المقرر أن حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، وإذ كانت المحكمة لم تشأ استعمال هذا الحق ، وكان لا جدوى للطاعن من التمسك بإدخال أشخاص آخرين في الدعوى ، طالما أن إدخال هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها ، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
10- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساند إليها الطاعن ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من الأدلة القائمة في الدعوى ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
11- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن استولى لنفسه دون وجه حق على عقارات مملوكة لشركة المساهمة رئاسته وسهل ذلك للغير لعقارات أخرى ، فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين الأول والثاني ، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم حال اطراحه لذلك الطلب من أن إبداءه كان من الطاعن أمام النيابة العامة وليس أثناء المحاكمة إذ إن ذلك لا أثر له في منطق الحكم ولا في النتيجة التي خلص إليها ، إذ يستوي الأمر إبدائه للطلب في أي مرحلة منهما .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها أو التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله .
13- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال شهود الإثبات - بفرض حصوله - ما يفيد اطراحها ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بوقوع الجريمتين موضوع الأوراق على الصورة التي اعتنقتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات - التي حصلها بغير تناقض - وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن ما يثيره الطاعن حول تصور المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها بمقولة تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك وفقاً لما جاء بالإقرار الصادر من مدير الشئون القانونية بالشركة ، ومن أن الواقعة لا تعدو أن تكون نزاع مدني ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى إقرار مدير الشئون القانونية للشركة ، وإنما عول في ذلك - حال رده على دفاع الطاعن بإجراء المقاصة - على أقوال سالف الذكر أمام المحكمة بأن ما حدث لم يوافق ما جاء بالإقرار لعدم تسليمه عقود البيع لمدير الشئون المالية بالشركة وإنما سلمها للطاعن ليخطر بها الأول الذي شهد أمام المحكمة بعدم استلامه لثمة عقود ، فإن ما ينعاه الطاعن من مخالفة شهادة سالف الذكر لمضمون الإقرار وأقواله بالتحقيقات يكون غير مجد ، فضلاً عن أن الحكم قد حصل أقوال مدير الشئون القانونية للشركة بما يتفق وما تضمنته أسباب الطعن منها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق تكون غير مقبولة ، ولا يغير من الأمر أن الطاعن أراد لتلك الأقوال غير المعنى الذي استخلصه الحكم ، ذلك أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشهود وأن تفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد يكون على غير محل .
14- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة ، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فإنه لا يحق له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
15- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى وساق على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - من عدم أخذ الحكم بمواد النظام الأساسي للشركة حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى وأخذه بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع - غير سديد
16- لما كان الحكم قد بيّن واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد .
17- لما كان الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بالنسبة للمطعون ضده الثاني / .... بجلسة 5/11/2020 وكان قد صدر من قبل القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذي نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذي أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني / .... يكون غير جائز
18- من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته ، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه ، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه ، وكان نص المادة 118 من قانون العقوبات وإن جرى على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) ، وكان المقرر أن الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة - أو المؤسسات المجني عليها - عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه ومؤداه وصريح دلالته حسب الحكمة المبتغاة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال وهو ذات المعنى الذي يساير مفهوم نص المادة 118 من قانون العقوبات بما تضمنه من إلزام المحكوم عليه في أي من الجرائم المشار إليها بالمادة آنفة الذكر بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه .... ، وكانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي عقوبة تكميلية وجوبية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، وهي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنها تكون محددة بقدرها ، ولذلك فهي توقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو استولى عليه ، وكان الحكم قد دان المطعون ضده الأول بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة لشركة المساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره على أموالها المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه إذ قضى بإلزام المطعون ضده الأول برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري - أخذاً بأقوال شاهد الإثبات الخامس لقيمة العقارات محل الاتهام - وليس رد العقارات والمحددة بقدرها عيناً بالأوراق محل الاتهام ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح عقوبة الرد المقضي بها بإلزام المطعون ضده الأول برد العقارات محل الاتهام بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : ۱ - .... ( الطاعن ) ۲ - .... بأنهما :
المتهم الأول : 1- بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ( .... ) استولى بغير حق وبنية التملك على الأموال المملوكة لجهة عمله بأن استولى على قطعتي الأرض المملوكتين لـها الأولى رقم .... بمساحة .... متر مربع المقدر قيمتها بمبلغ ١٦,٧٧٠,٠٠٠ مليون جنيه ( ستة عشر مليوناً وسبعمائة وسبعين ألف جنيه ) والثانية رقم .... بمساحة .... متر مربع والمقدر قيمتها بمبلغ ٣٢,٦٠٠,٠٠٠ مليون جنيه ( اثنين وثلاثين مليوناً وستمائة ألف جنيه ) والكائنتين بـ .... مدينة .... وكان ذلك حيلة بأن تصرف فيهما دون حق بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة بصفته ممثلاً عن الشركة للمتهم الثاني بعد أن قدم طلباً لإدخاله كمشترٍ بدلاً منه لرفض الشهر العقاري نقل ملكيتهما باسمه لمخالفة ذلك لقواعد التصرف في أصول الشركة ونقل ملكيتهما للمتهم الثاني بموجب عقدي بيع مشهرين برقمي .... ، .... لسنة .... مكتب توثيق .... وأثبت بهما قيمة أقل من قيمتهما السوقية ودون توريدها للشركة جهة عمله ثم أعاد شرائهما ونقل ملكيتهما من المتهم الثاني لنفسه بموجب المشهرين رقمي .... ، .... لسنة .... مكتب توثيق .... مما مكنه من الاستيلاء عليهما بغير حق وبنية التملك على النحو المبين بالتحقيقات
2- بصفته السابقة سهل للغير الاستيلاء بغير حق على الأموال المملوكة لجهة عمله بأن سهل للمتهم الثاني الاستيلاء على الحانوتين رقمي .... بالدور الأرضي ورقم .... بالميزانين فوق الأرضي والبدروم بالعقار رقم .... والمقدر قيمتهما بمبلغ نحو ۱۱ مليون جنيه والمملوك لجهة عمله وكان ذلك حيلة بأن تصرف فيهما دون حق بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة بصفته ممثلاً عن الشركة للمتهم الثاني بعد أن قدم طلباً لإدخاله كمشترٍ بدلاً منه لرفض الشهر العقاري نقل ملكيتهما باسمه لمخالفة ذلك لقواعد التصرف في أصول الشركة ونقل ملكيتهما للمتهم الثاني بموجب عقد بيع مشهر برقم .... لسنة .... مكتب توثيق .... وأثبت به قيمة تقل عن قيمتهما السوقية وقت البيع ودون توريدها للشركة جهة عمله مما مكنه من تسهيل استيلاء المتهم الثاني على تلك الأصول بغير حق وبنية التملك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثاني : اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين موضوع الاتهامين السابقين بأن اتفق معه على ارتكابهما وساعده بأن أثبت شرائه للأصول المملوكة للشركة محل الاتهامين السابقين بدلاً من المتهم الأول ونقل ملكيتها لنفسه بموجب العقود المشهرة آنفة البيان تحايلاً على قواعد التصرف في تلك الأصول بالمخالفة لقانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ ولائحة النظام الأساسي للشركة ثم بيع قطعتي الأرض للمتهم الأول واحتفظ بملكية الحانوتين موضوع الاتهام الثاني لنفسه فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى كل من / .... ، .... ، .... قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد ٤٠/ ثانياً وثالثاً ، ٤١/۱ ، ۱۱۳ مكرراً/۱ ، ۱۱۸ من قانون العقوبات ، مع إعمال المواد ۱۷ ، ۳۲ ، 55/1 ، ٥٦ من ذات القانون ، بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهما برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري وبغرامة مساوية لمبلغ الرد وعزل المتهم الأول من وظيفته لمدة سنتين عما أسند إليهما وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة للمتهم الأول فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم مع استمرار سريان أمر المنع من التصرف المقضي به في أموالهما حتى تمام تنفيذ العقوبات المالية المقضي بها وألزمتهما المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية المقامة قبل المتهم الأول إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
1- بشأن قرار محكمة الجنايات بتأييد أمر المنع من التصرف في أمواله :
لما كانت المادة ٣٠ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع التي تنتهي بها الدعوى أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة قد عرضت على محكمة الجنايات أمر المنع من التصرف رقم .... لسنة .... ، فإن ما يصدر من تلك المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق وليس حكماً بالمعنى القانوني الوارد في المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة الجنايات قد أسبغت على القرار المطعون فيه وصف الحكم ، إذ العبرة في تحديد ماهيته هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه . وإذ كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره ، وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم ١٧٠ لسنة ١٩٨٠ الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق ، وكانت المادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية ، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر بتأييد أمر المنع من التصرف محل الطعن يكون غير جائز وهو ما يتعين القضاء به .

2- بشأن أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه :
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة بجريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه حرر في صورة غامضة مبهمة وبصيغة عامة مجملة قاصرة عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ودوره والمتهم الآخر فيها ومضمون ومؤدى أدلتها خاصة أقوال شهود الإثبات منها مكتفياً في ذلك بترديد صيغة الاتهام مما ينبئ عن رغبة المحكمة في الإدانة ، ولم يدلل على عناصر اشتراكه في ارتكاب الواقعة ، ورد بما لا يسوغ على دفاعه ودفوعه المتعلقة بانتفاء أركان جريمة الاستيلاء والقصد الجنائي عنها في حقه لصحة ما قام به من إجراءات البيع لحصوله على تفويض صحيح بذلك من مجلس إدارة الشركة ، وبعدم قبول الدعوى الجنائية المقامة من الشاهدين الأول والثاني ضده لمخالفتها للنظام الأساسي للشركة الذي لا يبيح للمساهمين الشكوى إلا بموافقة ثلثي أعضاء الجمعية العمومية ، وسقوط حقهما أيضاً فيها لسبق لجوئهما للطريق المدني ، وبعدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، وطلبه إقامة الدعوى الجنائية ضد الشاهدين المار بيانهما باعتبارهما متهمين بوقائع استيلاء على أموال الشركة - غير من أقيمت الدعوى عليهما - وأحالتها للنيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها وفقاً لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية بدلالة ما قدمه من مستندات لنفي الاتهام عنه ، والتفت الحكم عن إجابة طلبه بتحقيقات النيابة العامة ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين سالفي الذكر خاصة وأنه أبدى ذلك الطلب الأخير أيضاً بجلسة المحاكمة ، وعن الرد على باقي دفوعه الجوهرية ، كما عول الحكم في الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك ، فضلاً عن قصور أدلة النيابة عن الواقعة ، وكون الأخيرة لا تعدو أن تكون نزاعاً مدنياً ، هذا إلى تناقض الحكم في أسبابه إذ إنه لم يأخذ بمواد النظام الأساسي للشركة الوارد وفقاً لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى بينما أخذ بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع مما ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من - .... ، .... (عضوا مجلس إدارة شركة .... ) ، .... المدير المالي السابق للشركة المار بيانها ، .... المحاسب القانوني للشركة ، .... خبير تقييم ، .... المدير بالإدارة العامة للشئون القانونية لشركات الأموال بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... رئيس مأمورية الشهر العقاري بـ .... ، .... بمكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... ، .... أمين مكتب سجل تجاري الاستثمار بـ .... - بتحقيقات النيابة العامة ، ومن اطلاع النيابة العامة على محضر مجلس إدارة .... المؤرخ .... ، ومن اطلاع المحكمة على كل من السجل التجاري للشركة ولائحة النظام الأساسي لها وميزانيتها لعام .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وأورد مضمون ومؤدى كل منها في بيان كاف وواف ، وكان القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة ألمت بالواقعة وبظروفها وأقوال شهود الإثبات عليها ، ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، فإن ذلك يكون محققاً للقانون ، فضلاً عن أن تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعن والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في الإدانة من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ، ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر عناصر الاشتراك عن جريمتي الاستيلاء وتسهيلها للغير ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لهاتين الجريمتين اللتين دين بهما . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاستيلاء على مال إحدى شركات المساهمة المنصوص عليها في المادة ١١٣ مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم ، ويتحقق بمجرد حصوله على هذا المال خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه ، ولا مراء في أن ما أتاه الطاعن للحصول على المال المستولى عليه من التصرف بالبيع صورياً في قطعتي الأرض المملوكتين للشركة دون حق - بالمخالفة لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 ولائحة النظام الأساسي للشركة - للمتهم الثاني ثم أعاد شرائهما منه ونقل ملكيتهما لنفسه بالمخالفة للتفويض الممنوح له من مجلس إدارة الشركة والذي لا يبيح له بيع أصول الشركة لنفسه بما مكنه من الاستيلاء عليها قد انطوى على حيلة توصل بها إلى الاستيلاء على المال وحرمان الشركة المجنى عليها منه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، فإن ما أورده الحكم من وقائع الدعوى تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها ، مما يضحى معه رمي الحكم بالقصور في الرد على دفاعه بانتفاء أركانها والقصد الجنائي في حقه غير سليم ، هذا فضلاً أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لمخالفة الشاهدين الأول والثاني للنظام الأساسي للشركة واطرحه استناداً إلى أن الجريمتين المسندتين للطاعن لا تتقيد فيهما النيابة العامة بأي قيد لاتخاذ إجراء التحقيق ورفع الدعوى عنهما ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا استثناء بنص خاص ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه وبصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة ارتكب جريمتي الاستيلاء بغير حق على أموالها بنية التملك وتسهيل ذلك لغيره وطلبت عقابه بالمادتين 113 مكرراً/1 ، 118 من قانون العقوبات ، ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين المار بيانهما ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن سقوط حق الشاهدين الأول والثاني - المدعيين بالحق المدني - في اختيار الطريق الجنائي ، فإن المستفاد من مفهوم المخالفة لنص المادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية أن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية أن يلجأ إلى الطريق الجنائي إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت عن ذات الجريمة من النيابة العامة ، فإذا لم تكن قد رفعت منها امتنع على المدعي بالحقوق المدنية رفعها بالطريق المباشر، وكان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت من النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قيام النيابة العامة عقب تحقيق الواقعة بإحالتها إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يعني اتصال الأخيرة بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ويكون استخلاصها منها لأدلة إدانة الطاعن له معينه من الأوراق وفقاً لصحيح القانون ، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن في هذا الصدد من عدم اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية بأمر الإحالة المقدم من النيابة العامة لعدم صحته ولتضمنه بيع عقارات بقيمة أقل من الثمن الحقيقي لها ، لما هو مقرر من أن أمر الإحالة نهائي بطبيعته ، فلا محل للقول بوجود ضرر يستوجب بطلانه ، وإلا ترتب على ذلك إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بقضاء الحكم وهو غير جائز ، وأن كل ما للمتهم أن يطلب إلى المحكمة تصحيح ما جاء بأمر الإحالة خطأ وإبداء دفاعه بشأنه أمام المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا كله يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً لمحكمة الجنايات تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، وإذ كانت المحكمة لم تشأ استعمال هذا الحق ، وكان لا جدوى للطاعن من التمسك بإدخال أشخاص آخرين في الدعوى ، طالما أن إدخال هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة التي دين بها ، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات التي تساند إليها الطاعن ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من الأدلة القائمة في الدعوى ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، وكان الحكم قد انتهى في تدليل سائغ وسليم إلى أن الطاعن استولى لنفسه دون وجه حق على عقارات مملوكة لشركة المساهمة رئاسته وسهل ذلك للغير لعقارات أخرى ، فإن المحكمة إذ رفضت للأسباب السائغة التي أوردها الحكم وبعد أن وضحت لديها الواقعة المسندة إلى الطاعن طلبه ندب خبير حسابي للوقوف على صحة الواقعة وتقدير قيمة العقارات موضوع الأوراق لإجراء مقاصة لتسوية مديونية بينه وبين شريكيه الشاهدين الأول والثاني ، يكون حكمها بمنأى عن الإخلال بحق الدفاع ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم حال اطراحه لذلك الطلب من أن إبداءه كان من الطاعن أمام النيابة العامة وليس أثناء المحاكمة إذ إن ذلك لا أثر له في منطق الحكم ولا في النتيجة التي خلص إليها ، إذ يستوي أمر إبدائه للطلب في أي مرحلة منهما . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع والدفوع التي ينعى على الحكم عدم الرد عليها أو التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى المحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة في الدعوى ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه فإن إسقاط الحكم لبعض ما ورد بأقوال شهود الإثبات - بفرض حصوله - ما يفيد اطراحها ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بوقوع الجريمتين موضوع الأوراق على الصورة التي اعتنقتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات - التي حصلها بغير تناقض - وبصحة تصويرهم للواقعة ووثقت بروايتهم ، فإن ما يثيره الطاعن حول تصور المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها بمقولة تناقض أقوال الشاهد الثاني وإغفال المحكمة لما جاء بها من ثبوت استيلاء الشاكيين على أموال الشركة وصحة إجراءات بيعه لعقاراتها محل الأوراق وعلمهما المسبق بذلك وفقاً لما جاء بالإقرار الصادر من مدير الشئون القانونية بالشركة ، ومن أن الواقعة لا تعدو أن تكون نزاع مدني ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى إقرار مدير الشئون القانونية للشركة ، وإنما عول في ذلك - حال رده على دفاع الطاعن بإجراء المقاصة - على أقوال سالف الذكر أمام المحكمة بأن ما حدث لم يوافق ما جاء بالإقرار لعدم تسليمه عقود البيع لمدير الشئون المالية بالشركة وإنما سلمها للطاعن ليخطر بها الأول الذي شهد أمام المحكمة بعدم استلامه لثمة عقود ، فإن ما ينعاه الطاعن من مخالفة شهادة سالف الذكر لمضمون الإقرار وأقواله بالتحقيقات يكون غير مجد ، فضلاً عن أن الحكم قد حصل أقوال مدير الشئون القانونية للشركة بما يتفق وما تضمنته أسباب الطعن منها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق تكون غير مقبولة ، ولا يغير من الأمر أن الطاعن أراد لتلك الأقوال غير المعنى الذي استخلصه الحكم ، ذلك أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشهود وأن تفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الصدد يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة ، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فإنه لا يحق له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى وساق على ثبوتها في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه ، مما تنتفي معه قالة التناقض ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن - من عدم أخذ الحكم بمواد النظام الأساسي للشركة حال رده على دفعه بعدم قبول الدعوى وأخذه بها حال رفضه لدفعه بصحة إجراءات البيع - غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني غيابياً : .... :
لما كان الحكم المطعون فيه صدر غيابياً بالنسبة للمطعون ضده الثاني / .... بجلسة 5/11/2020 وكان قد صدر من قبل القانون رقم 74 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذي نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ

نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذي أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الثاني / .... يكون غير جائز.

ثالثاً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه الأول / .... :
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده الأول بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة للشركة بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه قضى بإلزامه برد قيمة العقارات محل الجريمتين نقداً دون إلزامه بردها والمحددة عيناً بالتحقيقات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه جزئياً وتصحيحه .
وحيث إنه من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته ، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه ، إذ تدور الأحكام القانونية مع علتها لا مع حكمتها ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكان الأصل في قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرف هذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه ، وكان نص المادة 118 من قانون العقوبات وإن جرى على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرراً ، 117 فقرة أولى يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ) ، وكان المقرر أن الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة - أو المؤسسات المجني عليها - عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها بما لازمه ومؤداه وصريح دلالته حسب الحكمة المبتغاة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال وهو ذات المعنى الذي يساير مفهوم نص المادة 118 من قانون العقوبات بما تضمنه من إلزام المحكوم عليه في أي من الجرائم المشار إليها بالمادة آنفة الذكر بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه .... ، وكانت عقوبة الرد المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي عقوبة تكميلية وجوبية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله ، وهي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، فإنها تكون محددة بقدرها ، ولذلك فهي توقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو استولى عليه ، وكان الحكم قد دان المطعون ضده الأول بجريمتي الاستيلاء على أموال مملوكة لشركة المساهمة بوصفه رئيساً لمجلس إدارتها بغير حق وبنية التملك وتسهيل ذلك لغيره على أموالها المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه إذ قضى بإلزام المطعون ضده الأول برد مبلغ ستين مليون وثلاثمائة وسبعين ألف جنيه مصري - أخذاً بأقوال شاهد الإثبات الخامس لقيمة العقارات محل الاتهام - وليس رد العقارات المحددة عيناً بالأوراق محل الاتهام ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيح عقوبة الرد المقضي بها بإلزام المطعون ضده الأول برد العقارات محل الاتهام بالإضافة لعقوبات الحبس والغرامة والعزل المقضي بها عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1375 لسنة 82 ق جلسة 12 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 103 ص 981

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي ، علاء البغدادي ، حسين حجازي وخالد مصطفى نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(103)
الطعن رقم 1375 لسنة 82 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعنين وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور . المادة 310 إجراءات جنائية .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
بيان الحكم وصف إصابة المجني عليه وما تخلف من جرائها من عاهة ونسبتها . كفايته بياناً لمؤداه .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
(3) رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقديرها موضوعي . ما دام سائغاً .
(4) مسئولية جنائية . ضرب " ضرب أحدث عاهة " . رابطة السببية .
مسئولية الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي . ولو كانت بطريق غير مباشر . حد ذلك ؟
الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه . لا يقطع رابطة السببية . ما لم يثبت تعمد المجني عليه تجسيم المسئولية .
(5) فاعل أصلي . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
متى يعتبر الجاني فاعلاً أصلياً في جريمة العاهة ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه . لها الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقواله واطراح ما عداها . عدم إيرادها هذه التفصيلات . مفاده ؟
(7) إثبات " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جحد الطاعنين الصورة الضوئية للتقرير الطبي الذي اعتمد عليه تقرير الطب الشرعي في نتيجته . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز لدى محكمة النقض .
(8) دفوع " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
الدفع بعدم التواجد على مسرح الجريمة وانتفاء الصلة بها وانتفاء أركانها . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
نعي الطاعنين على الحكم عدم رده على دفاعهم الجوهري الذي لم يكشفوا عنه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(10) محكمة الجنح . دعوى جنائية " وقفها " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " . اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
إيقاف محكمة الجنح السير في الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة للنظر في شبهة جناية العاهة . يتضمن القضاء بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها . صحة اتصال محكمة الجنايات بها عقب إحالتها إليها بإجراءات صحيحة . النعي بشأن ذلك . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعنين ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفق ما أوجبه الشارع في نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في الأحكام الصادرة بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في هذا الشأن لا يكون له محل .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير الطب الشرعي الخاص بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليه وأثبت منه وصف الإصابة التي لحقت به والعاهة التي تخلفت لديه من جرائها وبين نسبتها وبأنها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة ، فإن ذلك بحسب الحكم بياناً لمؤدى ذلك الدليل ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا محل له ، ولما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
3- من المقرر أن إثبات علاقة السبيبة في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وهو ما لم يقصر الحكم المطعون فيه في إثباته ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن غير سديد .
4- من المقرر أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتملة حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ولا كذلك الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه – على فرض صحة زعم الطاعنون في هذا الشأن - ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية ، وهو ما لم يقل به الطاعنون ولم يقم عليه دليل ، فإن نعيهم فيما سلف يكون غير قويم ولا سند له .
5- من المقرر أن الجاني يكون مسئولاً بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة العاهة إذا كان اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً لهذا الغرض الإجرامي الذي اتفق عليه ولو لم يكن محدث الضربة أو الضربات التي سببت العاهة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها – كالحال في هذه الدعوى – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن لا يكون سديداً .
6- لما كان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره وسائر الأدلة في الأوراق لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وبحسبان أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وتطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على أقوال المجني عليه والتي اعتمد عليها الحكم في قضاءه في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
7- لما كان ما أثاره الطاعنون بشأن جحد الصورة الضوئية من التقرير الطبي الذي زعموا بأسباب طعنهم بأن التقرير الطبي الشرعي قد اعتمد عليه في النتيجة التي خلص إليها – فإنه على فرض صحة ذلك – فإنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي أفصحت محكمة الموضوع عن الاطمئنان إليه وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه لدى محكمة النقض .
8- من المقرر أن الدفع بعدم التواجد على مسرح الجريمة وانتفاء الصلة بها وبانتفاء أركان الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، كما وأن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
9- لما كان الطاعنون لم يكشفوا بأسباب طعنهم عن ماهية أوجه الدفاع الجوهري التي التفت الحكم عن الرد عليها بل جاء مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام لا يكون مقبولاً .
10- لما كان البين من ملف الطعن أن محكمة الجنح قد أوقفت السير في الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة للنظر في شبهة جناية العاهة المثارة في الأوراق ، بما يتضمن منها قضاء بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى ، وإذ قامت النيابة العامة عقب ذلك بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً ، فإن محكمة الجنايات تكون قد اتصلت بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الخصوص والطعن برمته على غير أساس خليقاً للقضاء برفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعنين بأنهم أولاً : ضربوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على إيذائه وتوجهوا لمكان تواجد .... وما أن ظفروا به حتى كالوا له ضربات بأسلحة بيضاء " سنج ومطاوي " فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة باليدين تقدر بحوالي 10% على النحو المبين بالأوراق .
ثانياً : أحرزوا أسلحة بيضاء " سنج – مطاوي " دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية المصرح بها قانوناً .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/1 ، 2 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 ، والبندين رقمي " 5 ، 7 " من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر لكل منهم عما هو منسوب إليهم وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إحداث عاهة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى تقرير الطب الشرعي بياناً كافياً ، ودانهم رغم دفاع الطاعنين بانقطاع رابطة السببية بين فعل الاعتداء والعاهة والتي ترجع إلى إهمال المجني عليه في العلاج ، فضلاً عن أن إصابته إصابة واحدة فلا يسأل عنها الطاعنين جميعاً ، واعتمد الحكم في قضائه – ضمن ما اعتمد - على شهادة المجني عليه رغم تعدد رواياته عن الواقعة وتناقضها فيما بينها وبين سائر الأدلة في الأوراق ، كما جحد دفاع الطاعنين الصورة الضوئية من التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه والتي اعتمد عليها التقرير الطبي الشرعي في النتيجة التي انتهى إليها ، كما دفع الطاعنون بانقطاع صلتهم بالواقعة وبعدم تواجدهم على مسرح الجريمة وانتفاء أركان الجريمة في حقهم واطرح الحكم ذلك الدفاع بما لا يواجهه ، ملتفتاً عن أقوال شاهدي النفي التي تظاهر ذلك الدفاع ، ولم يعن الحكم بالرد على دفاع الطاعنين الجوهري ، وأخيراً فإن الدعوى كانت منظورة أمام محكمة الجنح ولم يصدر منها حكماً بعدم الاختصاص ولم تتخلى عنها قبل أن تحيلها النيابة العامة إلى محكمة الجنايات فلم تتصل بها اتصالاً قانونياً صحيحاً ، ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعنين ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفق ما أوجبه الشارع في نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في الأحكام الصادرة بالإدانة ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قصور في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى تقرير الطب الشرعي الخاص بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليه وأثبت منه وصف الإصابة التي لحقت به والعاهة التي تخلفت لديه من جرائها وبين نسبتها وبأنها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة ، فإن ذلك بحسب الحكم بياناً لمؤدى ذلك الدليل ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا محل له ، ولما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إثبات علاقة السبيبة في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وهو ما لم يقصر الحكم المطعون فيه في إثباته ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتملة حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ولا كذلك الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه – على فرض صحة زعم الطاعنون في هذا الشأن - ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية ، وهو ما لم يقل به الطاعنون ولم يقم عليه دليل ، فإن نعيهم فيما سلف يكون غير قويم ولا سند له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجاني يكون مسئولاً بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة العاهة إذا كان اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً لهذا الغرض الإجرامي الذي اتفق عليه ولو لم يكن محدث الضربة أو الضربات التي سببت العاهة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها – كالحال في هذه الدعوى – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره وسائر الأدلة في الأوراق لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وبحسبان أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وتطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على أقوال المجني عليه والتي اعتمد عليها الحكم في قضاءه في هذا الخصوص لا يكون سديداً ، أما ما أثاره الطاعنون بشأن جحد الصورة الضوئية من التقرير الطبي الذي زعموا بأسباب طعنهم بأن التقرير الطبي الشرعي قد اعتمد عليه في النتيجة التي خلص إليها – فإنه على فرض صحة ذلك – فإنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي أفصحت محكمة الموضوع عن الاطمئنان إليه وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم التواجد على مسرح الجريمة وانتفاء الصلة بها وبانتفاء أركان الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، كما وأن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لم يكشفوا بأسباب طعنهم عن ماهية أوجه الدفاع الجوهري التي التفت الحكم عن الرد عليها بل جاء مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين من ملف الطعن أن محكمة الجنح قد أوقفت السير في الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة للنظر في شبهة جناية العاهة المثارة في الأوراق ، بما يتضمن منها قضاء بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى ، وإذ قامت النيابة العامة عقب ذلك بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات بإجراءات صحيحة قانوناً ، فإن محكمة الجنايات تكون قد اتصلت بالدعوى اتصالاً قانونياً صحيحاً ، ويكون معه ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الخصوص والطعن برمته على غير أساس خليقاً للقضاء برفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 195 لسنة 42 ق جلسة 9 / 4 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 ق 121 ص 552

جلسة 9 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، ومحمد عبد المجيد سلامه.

---------------

(121)
الطعن رقم 195 لسنة 42 القضائية

حكم: "إصداره والتوقيع عليه". محكمة استئنافية. نقض: "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لعدم التوقيع عليه في الميعاد لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع به أمام محكمة ثاني درجة.

----------------
إذا كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لعدم التوقيع عليه في الميعاد المحدد قانونا، فإنه لا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 5/ 6/ 1967 بدائرة قسم بولاق: 1 - لم يؤدوا رسم الإنتاج المقرر على الكحول خلال المدة المحددة لذلك. 2 - عرضوا للبيع شيئا من أغذية الإنسان "خمور" مغشوشة على النحو الثابت بالمحضر، وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و3 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 وقرار وزارة الصناعة رقم 365 لسنة 1957 المعدل بالقرارين رقمي 511 لسنة 1958 و351 لسنة 1965 والمادة الأولى من القانون رقم 328 لسنة 1952 والمواد 1 و2 و5 و6 و15 و20 من القانون رقم 80 لسنة 1961. وادعت إدارة الإنتاج بالقاهرة مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 112 ج و800 م على سبيل التعويض. ومحكمة جنح بولاق الجزئية قضت غيابيا للأول وحضوريا للثاني وحضوريا اعتباريا للثالث ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية المقامة عليهم والزام المدعية مصاريفها. فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا للأول والثاني وحضوريا للثالث بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن إدارة إنتاج القاهرة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1969 والمؤيد استئنافيا - قد شابه بطلان في الإجراءات لعدم إيداع أسبابه في الميعاد المقرر قانونا.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لعدم التوقيع عليه في الميعاد المحدد قانونا، فإنه لا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا، مع الزام الطاعنة المصروفات المدنية.

الطعن 72 لسنة 46 ق ، 310 لسنة 48 ق جلسة 23 / 12 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 391 ص 2011

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور أحمد رفعت خفاجي، الدكتور بشرى رزق، رأفت عبد الرحيم ومحمد حسب الله.

(391)
الطعن رقم 72 لسنة 46 القضائية والطعن رقم 310 لسنة 48 القضائية

(1) حكم "الطعن فيه" عمل. نقض.
القضاء بأحقية العامل لأول مربوط الفئة المالية مع ندب خبير لتحديد الفروق المالية المستحقة له. قضاء غير منه للخصومة كلها، عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. م 212 مرافعات.
(2) عمل "تسكين العمال".
تسوية حالات العاملين بشركات القطاع العام. اللائحة 3546 لسنة 1962. كيفيتها. قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها. اعتباره ندباً للقيام بأعبائها. لا حق له في الحصول على بداية مربوطها.

------------------
1- النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري"، يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهى لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي، ولما كان الحكم المطعون فيه - الصادر في 26/ 11/ 1975 - قد اقتصر على الحكم بأحقية المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وبإعادة المأمورية للخبير لبيان الفروق المالية المستحقة لكل منهم، وهو حكم لا تنتهى به الخصومة كلها، كما أنه ليس حكماً قابلاً للتنفيذ الجبري، لما كان ذلك فإن الطعن في ذلك الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.
2- فرضت المادتان 63، 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على هذه الشركات أن تقوم بوصف وظائفها، وتحديد واجباتها ومسئولياتها، والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها، وتقييمها وتصنيفها فى جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة، وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره مجلس إدارة المؤسسة يصدق عليه من مجلس الوزراء، وتسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل. وكان مؤدى ذلك أن هذه التسوية لا تقوم أساساً على الحالة الشخصية للعامل، وإنما تقتضى الربط بين العامل والوظيفة التي يشغلها قبل التقييم أي في 30 يونيه سنة 1964 وبين الوظيفة المعادلة لها بعدم التقييم - وذلك بمطابقة الاشتراطات التي يجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، حتى إذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح صالحاً لشغلها بغض النظر عما إذا كان حاصلاً على مؤهل وتوافرت له مدة خبرة يجيزان له شغل وظيفة ذات فئة أعلى، وأن قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها - على النحو السالف بيانه - يعتبر بمثابة ندب له للقيام بأعباء هذه الوظيفة دون أن يكون له الحق فى الحصول على بداية. مربوطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 222 لسنة 1971 كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة طالبين الحكم بأحقيتهم في أول مربوط الفئة الخامسة اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 مع الفروق المستحقة لكل منهم اعتباراً من أول يوليه سنة 1965 والفوائد؛ وقالوا بياناً لها أنهم يعملون لدى الشركة الطاعنة التي قامت بتسوية حالتهم على وظائف من الفئة الخامسة ابتداء من 1/ 7/ 1964 ولم تصرف لهم أول مربوطها ومقداره 35 جنيهاً وإنما صرفت للأول والثاني والثالث منهم مرتباً شهرياً مقداره 27 جنيهاً و271 مليما، وللرابع والخامس 28 جنيهاً و20 مليماً ، والسادس مبلغ 32 جنيهاً و448 مليماً. وبجلسة 27 من فبراير سنة 1973 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره - قضت المحكمة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1974 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم تحت رقم 357 لسنة 92 ق. وفي 26 من نوفمبر سنة 1975 حكمت المحكمة بأحقية كل من المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وقبل الفصل في موضوع الفروق المالية بإعادة الأوراق إلى الخبير السابق ندبه لبيان الفروق المستحقة لكل منهم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 72 لسنة 46 ق. دفع المطعون ضدهم بعدم جواز الطعن استنادا إلى أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة كلها ولا يجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 212 من قانون المرافعات، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول هذا الدفع. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1977 حكمت محكمة استئناف القاهرة في باقي الطلبات بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده الأول 327 جنيهاً و458 مليماً وللمطعون ضده الثاني مبلغ 304 جنيهاً و94 مليماً، وللمطعون ضده الثالث مبلغ 352 جنيهاً و242 مليماً وللمطعون ضده الرابع مبلغ 325 جنيهاً و581 مليماً وللمطعون ضده الخامس مبلغ 320 جنيهاً و596 مليماً وللمطعون ضده السادس مبلغ 161 جنيهاً و337 مليماً قيمة الفروق المستحقة لكل منهم في الفترة من 15/ 4/ 1966 حتى 15/ 4/ 1971 على أن تخصم منها عند المنبع الضرائب المستحقة عليها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها تحت رقم 310 لسنة 48 ق - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيهما نقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعنان في غرفة مشورة، وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 72 لسنة 46 ق إلى الطعن رقم 310 لسنة 48 ق ليصدر فيها حكم واحد، وتحدد لنظرهما جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بعدم جواز هذا الطعن في محله، ذلك أن النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهى لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى، وما يترتب عليه حتماً من زياده نفقات التقاضي، ولما كان الحكم المطعون فيه - الصادر في 26/ 11/ 1975 - قد اقتصر على الحكم بأحقية المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وبإعادة المأمورية للخبير لبيان الفروق المالية المستحقة لكل منهم، وهو حكم لا تنتهى به الخصومة كلها، كما أنه ليس حكماً قابلاً للتنفيذ الجبري، لما كان ذلك فإن الطعن في ذلك الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله. وفى بيان ذلك تقول أنها بتاريخ 6/ 11/ 1965 - أصدرت قراراً بالتطبيق لأحكام المادتين 63، 64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 62 باعتبار أن كل من سكن بصفة شخصية قيداً بوظيفة لعدم استيفائه كامل مدة الخبرة المحددة لهذه الوظيفة فى أول يوليه سنة 1964 يعتبر منتدباً لتلك الوظيفة والتي سكن عليها مؤقتاً ولا يستحق أول مربوطها إلا عند استيفائه كامل تلك المدة، وإذ كان الثابت من تقرير الخبير عدم استيفاء المطعون ضدهم لكامل مدة الخبرة المحددة للفئة التي سكنوا عليها قيداً أو بصفة شخصية، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى لهم بأحقيتهم لأول مربوط الفئة المالية الخامسة وبالفروق المالية المستحقة ترتيباً على ذلك يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت المادتان 63، 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962، قد فرضت على هذه الشركات أن تقوم بوصف وظائفها، وتحديد واجباتها ومسئوليتها، والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها، وتقييمها وتصنيفها في جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة، وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره مجلس إدارة المؤسسة يصدق عليه من مجلس الوزراء، وتسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل. وكان مؤدى ذلك أن هذه التسوية لا تقوم أساساً على الحالة الشخصية للعامل، وإنما تقتضي الربط بين العامل والوظيفة التي يشغلها قبل التقييم أي في 30 يونيه سنة 1964 وبين الوظيفة المعادلة لها بعد التقييم - وذلك بمطابقة الاشتراطات التي يجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، حتى إذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح صالحاً لشغلها بغض النظر عما إذا كان حاصلاً على مؤهل وتوافرت له مدة خبرة يجيزان له شغل وظيفة ذات فئة أعلى، وأن قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها - على النحو السالف بيانه - يعتبر بمثابة ندب له للقيام بأعباء هذه الوظيفة دون أن يكون له الحق في الحصول على بداية مربوطها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1975 أن الشركة الطاعنة بعد أن سلكت المراحل التي رسمتها المادتان 63، 64 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962، قامت بتسكين المطعون ضدهم - والذين كانوا يشغلون وظائف من الفئة الخامسة قبل التسكين في 30/ 6/ 1964 - على هذه الفئة، والتي لا يجادل المطعون ضدهم في أنهم لم يستوفوا مدة الخبرة الكاملة اللازمة لها، فإنه لا يعدو أن يكون ندباً للقيام بمهام هذه الوظائف ومن ثم فلا يستحقون بداية مربوط هذه الفئة وما يترتب على ذلك من فروق مالية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، مما يتعين معه نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 22 لسنة 46 ق جلسة 1 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 321 ص 1667

جلسة أول نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

(321)
الطعن رقم 22 لسنة 46 ق أحوال شخصية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف". نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. للخصوم إبداء أوجه دفاع ودفوع جديدة أمام محكمة الإحالة. وجوب التزامها بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض.
(2) نقض.
تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م 269 مرافعات. شرطه. أن ينصب الطعن في المرة الثانية على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى.

-------------------
1- مفاد المادة 235 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم أن يتقدموا لمحكمة الدرجة الثانية بأدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة لم يسبق لهم إبداؤها أمام محكمة الدرجة الأولى، وكانت وسائل الدفاع الجديدة يتميز عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير من موضوع النزاع، بل تعنى الحجج التي يستند إليها الخصم في تأييد ما يدعيه دون أن يغير من مطلوبة، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للخصوم أمام محكمة الإحالة إبداء ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المفوض من دفاع ودفوع، وكانت لهذه المحكمة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما قدم إليها من هذه الوجوه وعلى ما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة، لما كان ذلك وكان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت بطلب الحكم ببطلان الوصية وأن الحكم ببطلان الوصية لعدم توافر شروط سماعها المقررة بالمادة الثانية من قانون الوصية وأن الحكم الابتدائي استجاب لطلب المطعون عليه في هذا الشأن، فإن تمسك هذا الأخير أمام محكمة الإحالة بذات الطلب مؤسسا على سبب جديد متعلق بشروط صحة الوصية لا يعد إبداء لطلب جديد أمام محكمة الاستئناف. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية على سند من ثبوت عدم توافر هذه الشروط لا يتعارض في أسبابه مع وجوب الالتزام بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض والتي تناولت مجرد تحقق المسوغ لسماع الدعوى.
2- توجب المادة 269/ 4 من قانون المرافعات على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعي على ما قضى به بشأن عدم السماع وورد الطعن الثاني على القضاء في الموضوع وهو ما لم يكن معروضا أصلا في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 8 لسنة 1963 أحوال شخصية "أجانب" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مورث الطاعنة بطلب الحكم ببطلان الوصية المقول بصدورها إليه بتاريخ 1/ 7/ 1962 من المرحومة...... أرملة المرحوم...... واعتبارها كأن لم تكن وعديمة الأثر، وقال شرحاً لها إن الموصية المذكورة المسيحية الديانة المصرية الجنسية توفيت في 14/ 11/ 1962 بالقاهرة وتركت وصية مؤرخة 23/ 3/ 1959 محررة بخطها ومذيلة بتوقيعها أوصت له فيها بكل أملاكها، وقد فتحت الوصية بتاريخ 23/ 11/ 1962 أمام رئيس محكمة القاهرة الابتدائية في طلب إثبات الوفاة والوراثة رقم 146 لسنة 1962 إلا أن مورث الطاعنة اعترض على ضبط إشهاد الوفاة والوراثة بدعوى صدور وصية لاحقة مؤرخة 1/ 7/ 1962 من المتوفاة لصالحه تضمنت الإيصاء له بكل أملاكها، وأن هذه الوصية الأخيرة تلغى الوصية الأولى، وإذ كانت الوصية الأخيرة باطلة لعدم تحريرها بخط المتوفاة ولأنه لا يكفى لصحتها أن يكون موقعاً عليها من الموصية، وإنما يلزم أن تكون محررة صلباً وتوقيعاً بخطها وفقاً لما تقضى به المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، فقد أقام الدعوى. كما أقام مورث الطاعنة الدعوى رقم 185 لسنة 1962 أحوال شخصية أمام ذات المحكمة ضد المطعون عليهما بطلب إلغاء الأمر رقم 180 لسنة 1962 أحوال شخصية أجانب القاهرة الصادر في 27/ 11/ 1962 بتعيين المطعون عليه الثاني مديراً مؤقتاً للتركة والحكم بتعيينه بدلاً منه بصفته موصى له بالوصية المسجلة بالشهر العقاري بتاريخ 1/ 7/ 1962، وقال بياناً لدعواه إن الوصية اللاحقة الصادرة له موقع عليها من الموصية أمام الموثق بالشهر العقاري، وتلغى الوصية العرفية السابقة عليها والصادرة لصالح المطعون عليه الأول، ضمت الدعويان، وبتاريخ 25/ 6/ 1963 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 8 لسنة 1963 ببطلان الوصية الصادرة بتاريخ 1/ 7/ 1962 من المرحومة السيدة...... إلى مورث الطاعنة، وفى الدعوى رقم 185 لسنة 1962 برفضها. استأنف مورث الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 لسنة 80 ق القاهرة، وبوفاته حلت محله زوجته الطاعنة عن نفسها وبصفتها وبتاريخ 27/ 3/ 1967 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 8 لسنة 1963 إلى عدم جواز سماع الدعوى بالنسبة للوصية الصادرة لمورث الطاعنة وتأييده فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 185 لسنة 1961. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 15 لسنة 37 قضائية "أحوال شخصية"، وقد حكم فيه بتاريخ 31/ 12/ 1969 بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وبعد تعجيل الدعوى حكمت محكمة الإحالة في 2/ 12/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما أن الموصية وقعت على وصيتها لمورث الطاعنة وهى فاقدة الإدراك منعدمة الإرادة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 11/ 1/ 1974 بقبول ترك الخصومة في الاستئناف عن التظلم من الأمر رقم 180 لسنة 1962 في الدعوى رقم 185 لسنة 1962 أحوال شخصية القاهرة ثم عادت وحكمت في 17/ 4/ 1976 في موضوع الاستئناف برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النعي أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول والوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أيد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية الصادرة لمورثها لعدم استيفائها الشروط الواردة بالمادة الثانية من قانون الوصية في حين أن محكمة النقض بحكمها الصادر في 31/ 12/ 1969 وقد نقضت الحكم الاستئنافي الأول على سند من أن الدعوى في حقيقتها دعوى بعدم سماع الوصية وإنما تشتمل على مسوغ سماعها، فإنه كان يتحتم على محكمة الإحالة أن تقضي بإلغاء الحكم الابتدائي تبعاً لأن محكمة النقض قد أعدمت الأسباب التي بني عليها هذا الحكم، ولا يسوغ القضاء بتأييده على خلاف ما تقضي به المادة 269/ 2 من قانون المرافعات. هذا إلى أن طلب المطعون عليه من محكمة الإحالة بطلان الوصية يعد طلباً جديداً أبدى لأول مرة في الاستئناف خاص ببطلان الوصية لتخلف شروط صحتها، يمتنع قبوله عملاً بالمادة 235 من ذات القانون، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 235 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم أن يتقدموا لمحكمة الدرجة الثانية بأدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة لم يسبق لهم إبداؤها أمام محكمة الدرجة الأولى، وكانت وسائل الدفاع الجديدة تتميز عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير من موضوع النزاع بل تعنى الحجج التي يستند إليها الخصم في تأييد ما يدعيه دون أن يغير مطلوبة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للخصوم أمام محكمة الإحالة إبداء ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع، وكانت لهذه المحكمة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما تقدم إليها من هذه الوجوه وعلى مما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة، لما كان ذلك وكان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت بداءة بطلب الحكم ببطلان الوصية لعدم توافر شروط سماعها المقررة بالمادة الثانية من قانون الوصية وأن الحكم الابتدائي استجاب لطلب المطعون عليه فى هذا الشأن، فإن تمسك هذا الأخير أمام محكمة الإحالة بذات الطلب مؤسساً على سبب جديد يتعلق بشروط صحة الوصية لا يعد إبداء لطلب جديد أمام محكمة الاستئناف. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية على سند من ثبوت عدم توافر هذه الشروط، لا يتعارض في أسبابه مع وجوب الالتزام بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض، والتي تناولت مجرد تحقق المسوغ لسماع الدعوى، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بباقي الأسباب الفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه ببطلان الوصية على سند من شهادة شاهدي المطعون عليهما وما قدماه من خطابات صادرة عن الموصية تشكو فيها من تصرفات مورث الطاعنة معها، في حين أن ما نسباه للموصية من صفات وتصرفات لا تنبئ عن أنها كانت عديمة الإدراك وقت تحرير الوصية وإيداعها. هذا إلى أنه لا مجال للاستدلال بهذه الخطابات لأن الاعتداد بها باعتبار صدورها منها وهي كاملة الإرادة يتعارض مع إصدارها على الوصية حتى وفاتها والتي كان يمكنها الرجوع عنها في أي وقت. بالإضافة إلى أنه مسخ أقوال شاهدها الدكتور..... بأن نسب إليه القول بأن مرض الموصية أثر على قوة إدراكها في حين أنه أقر لها بقوة الشخصية وشهد بأن تأثير مرضها اقتصر على الذاكرة، كما استدل الحكم بإصابة الموصية بتصلب الشرايين وضغط الدم على انعدام إدراكها وإرادتها وقت صدور الوصية رغم أن الطبيب المعالج لم يستطيع التقرير بأنها كانت مصابة بهذين المرضين عند الإيصاء، فضلاً عن انعدام الصلة بينهما وبين توافر الإدراك وسلامة الإرادة وهو ما يعيب الحكم بالتناقض والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان الوصية الصادرة لصالح مورث الطاعنة على سند مما ثبت للمحكمة من أن الموصية كانت عند توقيعها على الوصية فريسة مرض عضال من ضغط دم وتصلب في شرايين المخ أثر على ذاكرتها أو يحتمل أن يكون كذلك فضلاً عن وهن الشيخوخة ومخاوف الوحدة التي تعيشها وكانت تحت تسلط من الطاعنة ومورثها حتى أصبحت معدومة الإرادة، واستدلت على ذلك بما شهد به شاهدا المطعون عليهما من أنها كانت مريضة غريبة الأطوار دائبة الشكوى لمحاميها المطعون عليه الثاني من تصرفات مورث الطاعنة معها، ومما شهد به شاهد الطاعنة الدكتور....... من أنه كان يعالج الموصية فى الفترة من أواخر سنة 1961 إلى حوالى وسط أكتوبر سنة 1962 من أمراض ضغط الدم والتصلب في شرايين القلب والمخ والتهاب الكليتين وأنها كانت تبلغ من العمر حوالى سبعين عاماً، وأنه لا يمكنه أن ينفي أن شخصا أو أشخاصا يمكنهم السيطرة عليها أم لا في بعض الظروف وبما ضمنته الموصية خطاباتها المرسلة إلى محاميها المطعون عليه الثاني في تواريخ لاحقة لإيداع الوصية من شكواها من تصرفات مورث الطاعنة منها، وبما حصل عليه المذكور من إقرارات من مورث الطاعنة تضمنت إقراره بالحصول على مبالغ ومنقولات من الموصية وتعهده بردها. لما كان ذلك، وكانت أقوال الشهود حسبما أوردها الحكم، وما تضمنته الخطابات والإقرارات المقدمة في الدعوى لا تكشف عن أن الموصية كانت تحت تسلط الطاعنة ومورثها على نحو إعدام إرادتها كما ذهبت إلى الحكم، فقد خلت شهادة شاهدي المطعون عليهما من أية إشارة لهذا التسلط سوى ما قرره ثانيهما من أن الموصية دأبت على التردد على مكتب محاميها المطعون عليه الثاني والذي يزامله في العمل به والشكوى من مورث الطاعنة وهو ما يتعارض مع القول بأن لهذا الأخير تأثيراً عليها من شأنه إعدام إرادتها بل إن في شكواها لمحاميها وتضمينها خطاباتها المرسلة إليه ما ينفى قيام حالة التسلط سيما وأنها انصبت على مجرد مطالبتها باسترداد منقولات ومبالغ تقاضاها مورث الطاعنة للإنفاق على بعض شئونها دون أن يفي بما تعهد به، بالإضافة إلى أن هذه الخطابات وقد أرسلت في تواريخ لاحقة لإيداع الوصية بمكتب التوثيق، كان من الممكن تضمينها واقعة الإكراه بما كان يكفي لإلغاء الوصية ولا ينال من ذلك ما شهد به طبيبها المعالج الدكتور.... من أنه لا يمكنه أن ينفي أن شخصاً أو أشخاصاً يمكنهم السيطرة عليها أم لا في بعض الظروف لأن شهادته بذلك لا تصلح لأن يحمل عليها الحكم، إذ الأحكام يجب أن تبنى على الجزم واليقين، ولا يصح أن تؤسس على مجرد الاحتمال والتخمين. لما كان ما سلف وكان ما قرره الطبيب المعالج من أن ما تعانيه الموصية من أمراض إنما أثرت على ذاكرتها دون أن يقطع بأنها مست إدراكها وإرادتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص من أقوال الشهود ومن خطابات الموصية والإقرارات الصادرة من مورث الطاعنة أن الموصية كانت وقت تحرير الوصية وإيداعها منعدمة الإرادة يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأوجه.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى. ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعي على ما قضى به بشأن عدم السماع، ورد الطعن الثاني على القضاء في الموضوع وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً فى الطعن الأول، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 28 لسنة 46 ق جلسة 25 / 10 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 314 ص 1628

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

-----------------

(314)
الطعن رقم 28 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "لغير المسلمين". محكمة الموضوع.
(1) للجهات الكنسية تتبع مدى سلامة الانضمام إليها بعد حصوله. حقها في إبطال الانضمام بأثر رجعي لسبب معاصر لقرار الانضمام. لمحكمة الموضوع مراقبة ظروف هذا الإبطال والتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية.
(2) للجهات الكنسية حق توقيع جزاء الفصل على أتباعها لسبب تال لانضمامهم إليها. أثر ذلك. اعتبار الشخص المفصول بلا ملة أو مذهب.

------------------
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة إن للجهات الكنسية سلطة البحث في دوافع وبواعث تغيير العقيدة لقبول الانضمام إليها بداءة، كما أن لها أيضا تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، بمعنى أن لها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون شريطة أن يكون سبب الإبطال معاصراً لقرار الانضمام وليس لاحقاً عليه فينبسط الإلغاء عندئذ بأثر رجعى، ويعتبر باقيا على مذهبه القديم وكأن تغييراً لم يحدث، ولقاضي الموضوع مراقبة الظروف التي حدت الجهة الدينية إلى إبطال قرار الانضمام - أياً كان الوصف الذى تطلقه عليه - للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه يبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام عند تقديم طلبه وأن مرده إلى سبب مصاحب لقرار الانضمام ومعاصر له وليس مبعثه سلوك الشخص في فترة لاحقة على انتمائه سليماً، باعتبار ذلك مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى.
2- يتعين التفرقة بين هذه الحالة - حالة إبطال قرار الانضمام - التي جزاؤها السحب أو الإلغاء أو البطلان جزاء الغش في التغيير، وبين إتمام الانضمام عن عقيدة وبحسن نية ثم يتبين للجهة الدينية المنتمي إليها أن سلوك المنضم الشخصي غير قويم وأنه أقدم على ما يخالف تعاليم الطائفة فإنها توقع عليه جزاء الفصل من الكنسية، ولا يعود المفصول إلى ملته القديمة بل يعتبر بلا مذهب أو ملة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1087 سنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة طالباً الحكم بإثبات طلاقه لها، وقال شرحاً لدعواه أنه تزوجها في 24/ 2/ 1949 على مذهب الأقباط الأرثوذكس، وإذ واكبت حياتهما الزوجية سلسلة من المتاعب مما جعل المعاشرة بينهما مستحيلة، وانضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس بموجب شهادة مؤرخة 5/ 10/ 1971 ومن قبل رفع الدعوى في 12/ 10/ 1972 بينما ظلت هي منتمية لطائفة الأقباط الأرثوذكس، وهما يدينان بالبطلان، ومن حقه أن يطلقها بإرادته المنفردة، وأوقع طلاقها به، فقد أقام دعواه بطلبه سالف الذكر. ادعت الطاعنة بتزوير الشهادة آنفة الذكر، وبتاريخ 19/ 10/ 1973 حكمت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص الشهادة وبيان ما إذا كانت مزورة أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 28/ 1/ 1975 برفض الادعاء بالتزوير، ثم عادت فحكمت في 15/ 4/ 1975 بإثبات طلاق المطعون عليه للطاعنة طلقة رجعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 68 سنة 92 ق القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وبتاريخ 16/ 5/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أسس قضاءه بإثبات التطليق على سند من اختلاف الطرفين طائفة، أخذاً بشهادة الانضمام المؤرخة 5/ 10/ 1971 والتي قضى برفض الادعاء بتزويرها، مما لا محل معه للعود للمجادلة في صحة انتماء المطعون عليه إلى طائفة الروم الأرثوذكس، ورتب على ذلك أن الشهادة التي تركن إليها الطاعنة متضمنة إلغاء هذا الانضمام لا تفيد نفى وقوع الاختلاف بين الزوجين عند إيقاع الطلاق، في حين أن الطاعنة تقدمت أمام محكمة الاستئناف بشهادة مؤرخة 23/ 1/ 1976 انطوت على صدور أمر من بطريركية الروم الأرثوذكس بإلغاء انضمام المطعون عليه إلى تلك الطائفة بأثر رجعي، بحيث يعتبر الانضمام منعدماً غير قائم ولا يترتب عليه أي أثر، والمقرر أن من حق الجهة الدينية إلغاء الانضمام إليها طبقاً للسلطات الروحية الممنوحة لرجال الدين والتي ظلت باقية لهم رغم إلغاء المحاكم الملية، هذا إلى أن رفض الادعاء بتزوير شهادة انضمام المطعون عليه ليس من شأنه أن يحول دون إلغاء هذا الانضمام فيما بعد، وإذ أخذ الحكم من القضاء في دعوى التزوير دليلا على اختلاف الطرفين في الجلسة فإنه علاوة على مخالفته للقانون يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن للجهات الكنسية سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير لقبول الانضمام إليها بداءة، كما أن لها أيضاً تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، بمعنى أن لها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون، شريطة أن يكون سبب الإبطال معاصراً لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، فينبسط الإلغاء عندئذ بأثر رجعى ويعتبر باقياً على مذهبه القديم وكأن تغييراً لم يحدث، وكان يتعين التفرقة بين هذه الحكمة التي جزاؤها السحب أو الإلغاء أو البطلان جزاء الغش في التغيير وبين حالة إتمام الانضمام عن عقيدة وبحسن نية ثم يتبين للجهة الدينية المنتمي إليها أن سلوك المنضم الشخصي غير قويم وأنه أقدم على ما يخالف تعاليم الطائفة، فإنها توقع عليه جزاء الفصل من الكنيسة، ولا يعود المفصول إلى ملته القديمة بل يعتبر بلا مذهب أو ملة. لما كان ذلك وكان لقاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت الجهة الدينية إلى إبطال قرار الانضمام - أياً كان الوصف الذى تطلقه عليه - للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه يبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام عند تقديم طلبه، وأن مرده إلى سبب مصاحب لقرار الانضمام ومعاصر له، وليس مبعثه سلوك الشخص في فترة لاحقة على انتمائه سليماً، باعتبار ذلك مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 5/ 10/ 1971 وأنه عمد إلى تطليق زوجته في 12/ 11/ 1972، وأن شهادة إلغاء الانضمام لم تصادف محلها إلا بتاريخ 23/ 1/ 1976، وكان الحكم المطعون فيه قد جعل عدته في قضائه شهاده الانضمام للطائفة التي قضى برفض الادعاء بتزويرها أهدر ما ورد بشهادة الطائفة من إلغاء الانضمام بأثر رجعي، وإذ تحجب الحكم بذلك عن أن يستشف من ظروف الدعوى وملابساتها ما يعين على الاعتداد بقرار الإلغاء أو إطراحه في الحدود السالف بيانها، فإنه علاوة على مخالفته القانون يكون قاصر التسبيب. بما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 21 لسنة 46 ق جلسة 29 / 6 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 311 ص 1612

جلسة 29 من يونيه سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب، إبراهيم فوده، عماد الدين بركات.

----------------

(311)
الطعن رقم 21 لسنة 46 القضائية

دعوى. مسئولية "مسئولية تقصيرية". تأمين. شركات.
دعوى المضرور قبل شركة التأمين. ق 256 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات، دعوى مباشرة. عدم إلزام المضرور باختصام المؤمن له في الدعوى. علة ذلك.

------------------
أوجب المشرع في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور على كل من يطلب ترخيصاً لسيارة أن يقدم وثيقة تأمين - غير محدودة القيمة عن الحوادث التي تقع منها واستكمالاً للغرض من هذا النص وضماناً لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر فقد أصدر القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات ونص بالفقرة الأولى من المادة الخامسة على إلزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدينه تلحق بأي شخص من حوادث السيارات كما قررت المواد 16، 17، 18، 19 من القانون المذكور حق المؤمن في الرجوع على المؤمن له لاسترداد ما يكون قد دفعه من تعويض إذا أخل الأخير بما يكون قد فرضه الأول - عليه من واجبات معقولة وقيود على استعمال السيارة وقيادتها وكذا إذا ثبت أن التأمين قد عقد بناء على إدلاء المؤمن له ببيانات كاذبة أو إخفاء وقائع جوهرية تؤثر في قبول المؤمن تغطية الخطر أو على سعر التأمين أو شروطه أو استخدام السيارة في أغراض لا تبيحها الوثيقة وأجازت للمؤمن أيضاً إذا التزم أداء التعويض في حالة وقوع المسئولية المدنية على غير المؤمن له وغير من صرح له بقيادة سيارته أن يرجع على المسئول عن الأضرار لاسترداد ما يكون قد أداه من تعويض على أن لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقاً للأحكام سالفة الذكر أي مساس بحق المضرور قبله. ومفاد ذلك أن للمضرور من الحادث الذي يقع من سيارة مؤمن عليها إجبارياً أن يرجع على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه في ذلك من نصوص القانون المشار إليها آنفاً دون اشتراط أن يستصدر أولاً حكماً بتقرير مسئولية المؤمن له عن الحادث وتحديد مبلغ التعويض المستحق عنه ودون ضرورة لاختصام المؤمن له في الدعوى ذلك أن التزام المؤمن طبقاً للأحكام سالفة الذكر - يمتد إلى تغطية المسئولية عن أفعال المؤمن له ومن يسأل عنهم وغيرهم من الأشخاص غير المصرح لهم بقيادة السيارة المؤمن عليها على حد سواء ومن ثم فإن التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التعويض للمضرور ولا يستلزم سوى أن تكون السيارة التي وقع منها الحادث مؤمناً عليها لديها وأن تثبت مسئولية قائدها عن الضرر سواء كان تابعاً للمؤمن له أو غير تابع، صرح له بقيادتها أم لم يصرح إذ لا أثر لذلك كله إلا بالنسبة لدعوى الرجوع المقرر للمؤمن دون أن يمتد إلى حق المضرور قبل الأخير. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى قبل شركة التأمين المطعون عليها الأولى على أساس أن المؤمن له لم يختصم كمسئول عن الحقوق المدنية في الجنحة..... الدعوى الماثلة لإقرار مبدأ مسئوليته ومقدار التعويض وذلك رغم ثبوت وقوع الحادث الذي نشأ عنه الضرر من السيارة المؤمن عليها إجبارياً لدى المطعون عليها الأولى بالحكم النهائي الصادر في الجنحة فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة والمطعون عليهم من الثانية للأخير أقاموا الدعوى رقم 1069 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة ضد.....، ..... وشركة مصر التأمين (المطعون عليها الأولى) للحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لهم متضامنين مبلغ 52000 جنيه. وقالوا بياناً للدعوى أن المدعى عليه الأول تسبب في قتل مورثهم المرحوم الدكتور....... نتيجة خطئه أثناء قيادته السيارة رقم 526 نقل منوفية المملوكة للمدعى عليه الثاني والمؤمن عليها تأميناً إجبارياً لدى شركة مصر للتأمين وصدر الحكم بإدانة السائق في الجنحة 740 سنة 1973 حلوان وبإلزامه بأن يؤدي إليهم (الطاعنة والمطعون عليهم من الثانية للأخير) مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وتأيد هذا الحكم بالحكم الصادر بتاريخ 10/ 11/ 1973 في القضية رقم 859 لسنة 1973 جنح مستأنفه جنوب القاهرة. وقد ألحق الحادث بمورثهم وبهم أضراراً مادية وأدبية تقدر بمبلغ 52000 جنيه وأقاموا الدعوى للحكم بطلباتهم قررت الطاعنة والمطعون عليهم من الثانية للأخير بتنازلهم عن مخاصمة السائق ومالك السيارة المدعى عليها الأول والثاني. وبتاريخ 28/ 11/ 1974 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تؤدي لورثة المرحوم الدكتور..... مبلغ 10000 جنيه منه مبلغ 7000 جنيه تعويضاً لهم عن الضرر المادي الذي أصاب مورثهم يتقاسمون حسب الفريضة الشرعية ومبلغ 500 جنيه لكل من الطاعنة والمطعون عليها الثانية، 400 جنيه لكل من المطعون عليهم من الثالث للأخير استأنفت الطاعنة والمطعون عليهم من الثانية للأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والقضاء لهم بطلباتهم. وقيد الاستئناف برقم 5123 لسنة 91 ق. كما استأنفته المطعون عليها الأولى طالبة إلغاءه ورفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ 2000 جنيه منها 500 جنيه لكل من الطاعنة والمطعون عليها الثانية، 200 جنيه لكل من المطعون عليهم من الثالث إلى السابع وقيد استئنافها برقم 195 سنة 92 القاهرة. أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للأول ليصدر فيها حكم واحد. دفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام مالك السيارة أمام محكمة أول درجة. وفي 17/ 11/ 1975 حكمت المحكمة في الاستئناف 195 سنة 92 ق - بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى رقم 1069 سنة 74 كلي جنوب القاهرة، وفي الاستئناف رقم 5123 سنة 91 ق برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات صريحة في أن للمضرور أن يرفع دعوى مباشرة على المؤمن الذي يلتزم بدفع مبلغ التعويض الذي يحكم به قضائياًَ مهما بلغت قيمته إلى صاحب الحق فيه مباشرة ولم تشترط أن يصدر حكم قضائي بالتعويض قبل المؤمن له لأن المشرع أخضع دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن للتقادم الخاص وهذا دليل على افتراضه أن يكون المؤمن له غير ممثل في الدعوى فأعطى المؤمن حق الدفع بالتقادم الخاص الذي كان له قبل المؤمن له ولأن القول باشتراط تمثيل المؤمن له في الدعوى المباشرة وإلا كانت مقبولة يجعل دعوى المضرور قبل المؤمن غير مباشرة وتابعة للدعوى التي ترفع على مالك السيارة وينتفي بذلك غرض المشرع من تقريرها فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى وهي الدعوى المباشرة المقررة للمضرور لعدم تمثيل المؤمن له فيها أو صدور حكم قضائي بالتعويض سابق على رفعها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المشرع في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور أوجب على كل من يطلب ترخيصاً لسيارة أن يقدم وثيقة تأمين غير محددة القيمة - عن الحوادث التي تقع منها واستكمالاً للغرض من هذا النص وضماناً لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر فقد أصدر القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات ونص بالفقرة الأول من المادة الخامسة على إلزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو أي إصابة بدينه تلحق بأي شخص من حوادث السيارات كما قررت المواد 16، 17، 18، 19 من القانون المذكور حق المؤمن في الرجوع له لاسترداد ما يكون قد دفعه من تعويض أخل الأخير بما يكون قد فرضه الأول عليه من واجبات معقولة وقيود على استعمال السيارة وقيادتها وكذا إذا ثبت أن التأمين قد عقد بناء على إدلاء المؤمن له بياناته كاذبة أو إخفاء وقائع جوهرية تؤثر في قبول المؤمن تغطية الخطر أو على سعر التأمين أو شروط أو استخدام السيارة في أغراض لا تبيحها الوثيقة وأجازت للمؤمن أيضاً إذا التزم أداء التعويض في حالة وقوع المسئولية المدنية على غير المؤمن له وغير من صرح له بقيادة سيارته أن يرجع على المسئول عن الأضرار لاسترداد ما يكون قد أداه من تعويض على أن لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقاً للأحكام سالفة الذكر أي مساس بحق المضرور قبله. ومفاد ذلك أن للمضرور من الحادث الذي يقع من سيارة مؤمن عليها إجبارياً أن يرجع على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمداً حقه في ذلك من نصوص القانون المشار إليها آنفاً دون اشتراط أن يستصدر أولاً حكماً بتقرير مسئولية المؤمن له عن الحادث وتحديد مبلغ التعويض المستحق عنه ودون ضرورة لاختصام المؤمن له في الدعوى ذلك أن التزام المؤمن طبقاً للأحكام سالفة الذكر يمتد إلى تغطية المسئولية عن أفعال المؤمن له ومن يسأل عنهم من الأشخاص غير المصرح لهم بقيادة السيارة المؤمن عليها على حد سواء ومن ثم فإن التزام شركة التأمين بدفع مبلغ التعويض المضرور لا يستلزم سوى أن تكون السيارة التي وقع منها الحادث مؤمناً عليها لديها وأن تثبت مسئولية قائدها عن الضرر سواء كان تابعاً للمؤمن له أو غير تابع صرح له بقيادتها أم لم يصرح إذ لا أثر لذلك بالنسبة لدعوى الرجوع المقررة للمؤمن دون أن يمتد إلى حق المضرور قبل الأخير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى قبل شركة التأمين المطعون عليها الأول على أساس أن المؤمن له لم يختصم كمسئول عن الحقوق المدنية في الجنحة 740 سنة 1973 حلوان ولم تثبت مسئوليته عن تعويض الضرر ومقداره بحكم قضائي أو يخصم في الدعوى الماثلة لإقرار مبدأ مسئوليته ومقدار التعويض وذلك رغم ثبوت وقوع الحادث الذي نشأ عنه الضرر من السيارة المؤمن عليها إجبارياً لدى المطعون عليها الأولى بالحكم النهائي الصادر في الجنحة 740 سنة 1973 حلوان فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.