الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 فبراير 2021

الطعن 18572 لسنة 84 ق جلسة 27 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 21 ص 188

جلسة 27 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مجدي عبد الحليم نائب رئيس المحكمة وعضويـــة الســادة القضـاة / إبراهيم عبد الله ، علي عبد البديع ونادر جويلي نواب رئيس المحكمة ود/ أيمن أبو علم .
----------

(21)

الطعن رقم 18572 لسنة 84 القضائية

(1) تظاهر . تجمهر . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المواد 7 ، 11 ، 14/2 ، 19 من القرار بقانون 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية . مفادها ؟

حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق مسبق . كفايته لاستحقاق المتجمهرين للعقاب .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع يزيد أفراده على عشرة وبدون إخطار الجهة المختصة ومنهم الطاعنون مع علمهم بالغرض الإجرامي منه وارتكابهم جرائم أثناء اشتراكهم فيه محاطين بحشد من أنصارهم بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي. كفايته لثبوت مسئوليتهم قانوناً عنها .

الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز

(2) اشتراك . ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تظاهر .

نعي الطاعنين بعدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب . غير مجدٍ . ما دامت المحكمة طبقت المادة 32 عقوبات وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع .

(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

        عدم التزام الأحكام أن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .

        عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت . لها إيراد ما تطمئن إليه واطراح ما عداه .

        تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . شرط ذلك ؟

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

إيراد الحكم الأدلة والقرائن التي تثبت اقتراف الطاعن لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع . كفايته . الجدل الموضوعي في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها أمام محكمة النقض . غير جائز .

(4) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . سلطتها الأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها .

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

مضي وقت طويل في إجراء التحريات . غير لازم .

النعي بتعويل الحكم على التحريات رغم قصورها في التدليل على مقارفة الطاعنين
لما أدينوا به . جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى . خارج عن رقابة محكمة النقض .

(5) مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تظاهر . تجمهر . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " المصلحة في الطعن " .

النعي بمسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر . موضوعي . أثر ذلك ؟

        نعي الطاعنين بوجود متجمهرين آخرين . غير مجدٍ . طالما أن اتهامهم لا يحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها .

(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى . خطأ مادي . لا تأثير له على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها .

(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

         أمثلة لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة . لا تناقض . علة ذلك ؟

منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم لسراي المحكمة وقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير مقبول لدى محكمة النقض .

(9) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام .

نعي الطاعنين بشأن جريمة التعدي على قوات الشرطة . غير مجدٍ . ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف المؤثمة بالمادة 375/مكرراً 1، 2 عقوبات .

(10) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب ضم قضية قصد به تجريح أقوال أحد الشهود . علة ذلك ؟

(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها "

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

دفع الطاعنين ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام . غير مقبول . ماداموا لم يفصحوا عن أساسه .

(12) أمر الإحالة . نيابة عامة . بطلان . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفوع " الدفع ببطلان أمر الإحالة " .

أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . غير خاضع لقواعد البطلان في الأحكام . أثر ذلك؟

إعادة محكمة الموضوع الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزتها . غير جائزة . علة ذلك ؟

(13) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

كفاية إيراد الحكم فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة .

الجدل الموضوعي في مسائل واقعية . تقدره محكمة الموضوع بغير معقب .

(14) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . استدلالات .

        طلب الطاعن استبعاد التسجيلات المقدمة من النيابة في عبارة عامة مرسلة . دفاع موضوعي . الرد عليه . غير لازم . استفادة الرد عليه من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت .

للمحكمة الأخذ بالتسجيلات على فرض بطلانها كعنصر من عناصر الاستدلال . حد ذلك؟

(15) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

نعي الطاعنين بعدم إجابتهم لطلب نسخ مقاطع الفيديوهات . غير مقبول . ما دامت المحكمة فضت الأحراز المحتوية عليها وعرضت على بساط البحث والمناقشة في حضورهم وأبدوا ملاحظاتهم عليها .

(16) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم توضيح الدفاع سبب طلبه بعرض الفيديوهات على المختصين . طلب مجهل . سكوت المحكمة عنه إيراداً له أو رداً عليه . لا عيب . حد ذلك ؟

(17) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير في الدعوى . ما دامت الواقعة وضحت لديها .

اطمئنان المحكمة للدليل المستمد من تقرير النيابة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة والتعويل عليه في الإدانة . مفاده : أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير لذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيًّن واقعة الدعوى بما مؤداه " أنه بتاريخ .... ورد للعقيد .... معلومات من الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية مصدرها شبكة التواصل الاجتماعي " .... " مفادها اعتزام المتهم الأول المطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة القضية رقم .... بالحضور لمقر محكمة .... رفقة أنصاره من جماعة .... للعرض على نيابة .... الأمر الذي دعاه لاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المبنى حتى حضر المتهم الأول رفقة الثاني والثالث محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... مرددين هتافات معادية للجيش والشرطة وانضموا لمجموعة أخرى كانت متواجدة أمام الباب الرئيسي للمحكمة وتسببوا في إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة وحاولوا اقتحام الباب الجانبي للمحكمة فتصدت لهم قوات الشرطة فقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات وأثاث المقهى المواجه للباب الجانبي للمحكمة الأمر الذى أدى لإصابة ثلاثة مجندين من أفراد الأمن وتمكن المتهم الأول من دخول مبنى المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع عام يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهر يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابعة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطريق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، هذا وقد يكون الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر المخطر عنه – بريئاً في بدء تكوينه – إلَّا أنه قد يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمي للتعبير عن الرأي ، لذا فقد أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن يكون لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض الموكب أو التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، كما أجازت لمدير الأمن المختص مكانياً قبل الفض أو التفريق أو القبض أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة ندب من يراه لإثبات الحالة غير السلمية للاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر ويصدر القاضي أمره على وجه السرعة ، كما حظرت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة على المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر تجاوز نطاق الحرم المعين أمام المواقع الحيوية والمحددة بفقرتها الأولى ، وحقَّت في جميع الصور سالفة الإشارة على كل من شارك الموكب أو التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفي في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع وبدون إخطار الجهة المختصة والذي يزيد أفراده على عشرة أشخاص وأن الطاعنين كانوا ضمن هذا الموكب وعلى علم بالغرض الإجرامي – هو التأثير على سلطات التحقيق – وذلك بعد عزم الطاعن الأول المطلوب ضبطه وإحضاره لحضور مقر محكمة .... للعرض على نيابة .... وأن وقوع ما وقع من جرائم إنما حصل أثناء اشتراكهم في هذا الموكب محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... لما سببوه من إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة ومحاولة اقتحام الباب الجانبي للمحكمة بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي مما توجب مسئوليتهم قانوناً عنها ، وأورد الحكم على ثبوت ذلك في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض .

2- لما كانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجرائم التدبير لموكب مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص والاشتراك فيه بدون إخطار الجهة المختصة وطبقت عليهم المادة 32 من قانون العقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع فلا جدوى لهم من النعي على الحكم من جهة عدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب .

3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولما كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت الأدلة والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع التي دينوا بها ، فإن ما أثير بشأن أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .

4- لما كان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها وأن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، فإن النعي على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفة الطاعنين لما أدينوا به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .

5- لما كان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر ، مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالاً اكتفاءً بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى التي خلصت منها في منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وأنصارهم هم الذين تواجدوا بالموكب ، هذا فضلاً على أنه لا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من وجود متجمهرين آخرين أمام المحكمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

6- لما كان تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد .

7- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من أن شهود الإثبات .... ، .... و.... لم يتعرفوا على الطاعن الثاني وأن شاهد الإثبات .... لم يتعرف على الطاعن الأول خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه من إجماع هؤلاء الشهود على أن الطاعنين الأول والثاني كانا مشاركين بين حشد من أنصارهما فإنه – بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ – فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها من اشتراك الطاعنين في الموكب محاطين بحشد من أنصارهما من جماعة .... وهو ما بان للمحكمة من مشاهدتها لمقاطع الفيديوهات المسجلة ، وكانت أقوال باقي شهود الإثبات والتي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على مشاركة الطاعنين مع باقي المتظاهرين حال احتشاد الموكب ، ومن ثم فلا يعيب الحكم – في خصوصية هذه الدعوى – ما شابه من خطأ في الإسناد في هذه الجزئية ، أما ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم في هذا الصدد أيضاً بالنسبة إلى كل من .... ، .... ، .... والعقيد .... بشأن خلو أقوالهم من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة فهو مردود أيضاً بأن هذا الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من الطاعن الأول لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة من اشتراكه مع باقي الطاعنين والمتجمهرين في الموكب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من المفردات أن ما حصله الحكم المطعون فيه – حال بيانه لصورة الواقعة – من أقوال العقيد .... من خلوها من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة له أصل صحيح في تحقيق النيابة ، فإنه بهذا ينتفي الخطأ في الإسناد .

8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يكون واقعاً بين أسبابه بحيث إن بعضها ينفي ما يثبته بعض ، أما الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة من باقي أدلة الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا يعتبر تناقضاً لأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها ألَّا تعتمد إلَّا على ما يرتاح إليه ضميرها من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم إلى سراي المحكمة ووقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها إنما تنحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض .

9- لما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وكانت هذا العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف بواسطة الغير المؤثمة بالمادة 375 مكرراً/1-2 ، فإنه لا جدوى للطاعنين مما أثير في شأن جريمة التعدي على قوات الشرطة لأن مصلحتهم في هذه الحالة تكون منتفية .

10- لما كان طلب ضم قضية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى .

11- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أساس دفعهم ومقصدهم من القول ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام وفقاً للقانون رقم 10/14 والمادة 375 مكرراً ، 375 مكرراً فقرة أولى ، والمواد 7-9-19-21 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107/2013 ، فإن ما أثير في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

12- لما كان أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة .

13- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع
الفيديوهات المسجلة المقدمة من النيابة العامة – بما له أصله من محاضر تفريغها من الأوراق – والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة منها يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب عليها من محكمة النقض .

14- لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن الثاني اقتصر على القول بعدم جواز الاستناد إلى ما قدمته النيابة العامة من تسجيلات وطلب استبعادها كدليل إدانة وذلك في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من التسجيلات توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، مما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها ، هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه التسجيلات – على فرض بطلانها – على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة .

15- لما كان الثابت من محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الأحراز المحتوية على مقاطع الفيديوهات المسجلة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم ، ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وقد أبدوا فعلاً ما شاء لهم من ملاحظات عليها - حال عرضها – حسبما يبين من محاضر جلسة المحاكمة سالف البيان ، فإن ما أثير بشأن عدم إجابتهم إلى طلب نسخ تلك المقاطع على نفقتهم لا يكون له وجه .

16- لما كان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته – وبأسباب طعنه – عندما طلب عرض الفيديوهات المسجلة على المختصين فيها سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يعدو طلباً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له أو رداً عليه ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى .

17- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه " أنه بتاريخ .... ورد للعقيد .... معلومات من الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية مصدرها شبكة التواصل الاجتماعي " .... " مفادها اعتزام المتهم الأول المطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة القضية رقم .... بالحضور لمقر محكمة .... رفقة أنصاره من جماعة .... للعرض على نيابة .... الأمر الذي دعاه لاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين المبنى حتى حضر المتهم الأول رفقة الثاني والثالث محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... مرددين هتافات معادية للجيش والشرطة وانضموا لمجموعة أخرى كانت متواجدة أمام الباب الرئيسي للمحكمة وتسببوا في إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة وحاولوا اقتحام الباب الجانبي للمحكمة فتصدت لهم قوات الشرطة فقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات وأثاث المقهى المواجه للباب الجانبي للمحكمة الأمر الذى أدى لإصابة ثلاثة مجندين من أفراد الأمن وتمكن المتهم الأول من دخول مبنى المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء مواد القرار بقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية أنها قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن كل اجتماع عام يقام في مكان أو محل عام وكل موكب أو تظاهر يقام أو يسير في مكان أو طريق أو ميدان عام مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل ولو حصل بآراء أو أغراض غير سياسية أو بمطالب أو احتجاجات سياسية محظور بمقتضى المادة السابعة منه ، متى كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطريق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر ، هذا وقد يكون الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر المخطر عنه – بريئاً في بدء تكوينه – إلَّا أنه قد يقع فيه ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون أو يخرجه عن الطابع السلمي للتعبير عن الرأي ، لذا فقد أوجبت المادة الحادية عشرة من القانون ذاته أن يكون لقوات الأمن بالزي الرسمي وبناءً على أمر من القائد الميداني المختص فض الموكب أو التظاهر والقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة ، كما أجازت لمدير الأمن المختص مكانياً قبل الفض أو التفريق أو القبض أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة ندب من يراه لإثبات الحالة غير السلمية للاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر ويصدر القاضي أمره على وجه السرعة ، كما حظرت الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة على المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهر تجاوز نطاق الحرم المعين أمام المواقع الحيوية والمحددة بفقرتها الأولى ، وحقَّت في جميع الصور سالفة الإشارة على كل من شارك الموكب أو التظاهر العقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة عشرة من هذا القانون ، وكان من المقرر أنه يكفي في حكم القانون حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الاشتراك في موكب غير مشروع وبدون إخطار الجهة المختصة والذي يزيد أفراده على عشرة أشخاص وأن الطاعنين كانوا ضمن هذا الموكب وعلى علم بالغرض الإجرامي – هو التأثير على سلطات التحقيق – وذلك بعد عزم الطاعن الأول المطلوب ضبطه وإحضاره لحضور مقر محكمة .... للعرض على نيابة .... وأن وقوع ما وقع من جرائم إنما حصل أثناء اشتراكهم في هذا الموكب محاطين بحشد من أنصارهم من جماعة .... لما سببوه من إعاقة حركة المرور في الشارع وبث الرعب في نفوس أهالي المنطقة ومحاولة اقتحام الباب الجانبي للمحكمة بقصد تنفيذ غرضهم الإجرامي مما توجب مسئوليتهم قانوناً عنها ، وأورد الحكم على ثبوت ذلك في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد إنما ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجرائم التدبير لموكب مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص والاشتراك فيه بدون إخطار الجهة المختصة وطبقت عليهم المادة 32 من قانون العقوبات لما بين هذه الجرائم من ارتباط وأوقعت عليهم عقوبة الاشتراك في موكب غير مشروع فلا جدوى لهم من النعي على الحكم من جهة عدم توافر أركان جريمة التدبير للموكب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولما كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الطعن الماثل – وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وإذ كانت الأدلة والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الاشتراك في موكب غير مشروع التي دينوا بها ، فإن ما أثير بشأن أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن سلطتها أن تأخذ من أي بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلاً لحكمها وأن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في إجراء التحريات ، فإن النعي على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفة الطاعنين لما أدينوا به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن مسئولية آخرين من المتجمهرين عن التظاهر ، مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة بها مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالاً اكتفاءً بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى التي خلصت منها في منطق سليم وتدليل مقبول على أن الطاعنين وأنصارهم هم الذين تواجدوا بالموكب ، هذا فضلاً على أنه لا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من وجود متجمهرين آخرين أمام المحكمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص لم يكن ليحول دون مساءلتهم عن الجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن بعض الشهود بصيغة المثنى في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من أن شهود الإثبات .... ، .... و.... لم يتعرفوا على الطاعن الثاني وأن شاهد الإثبات .... لم يتعرف على الطاعن الأول خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه من إجماع هؤلاء الشهود على أن الطاعنين الأول والثاني كانا مشاركين بين حشد من أنصارهما فإنه – بفرض تردي الحكم في هذا الخطأ – فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها من اشتراك الطاعنين في الموكب محاطين بحشد من أنصارهما من جماعة .... وهو ما بان للمحكمة من مشاهدتها لمقاطع الفيديوهات المسجلة ، وكانت أقوال باقي شهود الإثبات والتي اطمأنت إليها محكمة الموضوع متفقة على مشاركة الطاعنين مع باقي المتظاهرين حال احتشاد الموكب ، ومن ثم فلا يعيب الحكم – في خصوصية هذه الدعوى – ما شابه من خطأ في الإسناد في هذه الجزئية ، أما ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم في هذا الصدد أيضاً بالنسبة إلى كل من .... ، .... ، .... والعقيد .... بشأن خلو أقوالهم من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة فهو مردود أيضاً بأن هذا الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقاً بالأفعال التي وقعت من الطاعن الأول لا يعد مؤثراً في عقيدة المحكمة من اشتراكه مع باقي الطاعنين والمتجمهرين في الموكب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من المفردات أن ما حصله الحكم المطعون فيه – حال بيانه لصورة الواقعة – من أقوال العقيد .... من خلوها من إشارة الطاعن الأول لأنصاره للدخول إلى المحكمة له أصل صحيح في تحقيق النيابة ، فإنه بهذا ينتفي الخطأ في الإسناد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يكون واقعاً بين أسبابه بحيث إن بعضها ينفي ما يثبته بعض ، أما الخلاف بين ما قرره الشهود وما استنتجته المحكمة من باقي أدلة الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فلا يعتبر تناقضاً لأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها ألَّا تعتمد إلَّا على ما يرتاح إليه ضميرها من أقوال الشهود وأن تطرح ما لا تطمئن إليه منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في سلامة استنتاج الحكم من أقوال الشهود لكيفية دخولهم إلى سراي المحكمة ووقت مقاومتهم قوات الأمن والاعتداء عليها إنما تنحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض ، هذا فضلاً على أن الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وكانت هذا العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة استعراض القوة والعنف بواسطة الغير المؤثمة بالمادة 375 مكرراً/1-2 ، فإنه لا جدوى للطاعنين مما أثير في شأن جريمة التعدي على قوات الشرطة لأن مصلحتهم في هذه الحالة تكون منتفية . لما كان ذلك ، ومتى كان طلب ضم قضية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أساس دفعهم ومقصدهم من القول ببطلان القيد والوصف في توجيه الاتهام وفقاً للقانون رقم 10/14 والمادة 375 مكرراً ، 375 مكرراً فقرة أولى ، والمواد 7-9-19-21 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 107/2013 ، فإن ما أثير في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً على أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى الدليل الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة المقدمة من النيابة العامة – بما له أصله من محاضر تفريغها من الأوراق – والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة منها يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب عليها من محكمة النقض ، وكان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن الثاني اقتصر على القول بعدم جواز الاستناد إلى ما قدمته النيابة العامة من تسجيلات وطلب استبعادها كدليل إدانة وذلك في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من التسجيلات توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، مما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها ، هذا إلى أنه ليس ما يمنع المحكمة من الأخذ بهذه التسجيلات – على فرض بطلانها – على أنها عنصر من عناصر الاستدلال ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالمناقشة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة .... أن المحكمة قامت بفض الأحراز المحتوية على مقاطع الفيديوهات المسجلة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم ، ومن ثم فقد كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وقد أبدوا فعلاً ما شاء لهم من ملاحظات عليها - حال عرضها – حسبما يبين من محاضر جلسة المحاكمة سالف البيان ، فإن ما أثير بشأن عدم إجابتهم إلى طلب نسخ تلك المقاطع على نفقتهم لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الدفاع عن الطاعنين لم يوضح في مرافعته – وبأسباب طعنه – عندما طلب عرض الفيديوهات المسجلة على المختصين فيها سبب هذا الطلب ومرماه فإنه يعدو طلباً مجهلاً لا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له أو رداً عليه ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى ، هذا فضلاً على أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، وما دام في مقدورها أن تشق طريقها في المسألة المطروحة عليها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 27 فبراير 2021

الطعن 23371 لسنة 4 ق جلسة 27 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 20 ص 185

جلسة 27 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي ومجدي تركي نائبي رئيس المحكمة وهشام رسمي وأيمن العشري .
-----------

(20)

الطعن رقم 23371 لسنة 4 القضائية

(1) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . زنا . جريمة " الجريمة الوقتية " " الجريمة المستمرة " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المادة الثالثة إجراءات . مفادها ؟

مثال لتدليل سائغ لاطراح الدفع بسقوط الحق في الشكوى عن جريمة الزنا لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبيها .

(2) زنا . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " " قيود تحريكها " . تقادم . دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تحديد تاريخ الجريمة " . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 تعيين تاريخ وقوع الجرائم . موضوعي . مادام سائغاً .

 استدلال الحكم سائغاً لتحريك النيابة الدعوى لعدم تقديم الزوج شكواه ضد الطاعنة قبل سقوط حقه فيها لسريان مدة التقادم المقررة بالمادة 15 إجراءات في مواد الجنح . لا عيب .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علَّقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274 ، 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج ، نصت في فقرتها الأخيرة على أنه " لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " ، وجريمة الزنا الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج بامرأة أجنبية يزني بها أو ارتبط أجنبي بالزوجة لغرض الزنا وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع ، ما دام قد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني ووحدة الحق المعتدى عليه ، ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة أشهر تسري حتماً من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع ، إذ لا شك في أن علم المجني عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافي بالجريمة وبمرتكبها ويتيح له فرصة الالتجاء إلى القضاء ولا يضيف اطراد العلاقة إلى علمه جديداً ولا يتوقف حقه في الشكوى على إرادة الجاني في اطراد تلك العلاقة ، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بجريمة الزنا الذي يبدأ فيه سريان ميعاد السقوط يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد في حق الزوج إلَّا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني . ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت علم الزوج علماً يقينياً بالعلاقة الآثمة التي نشأت بين الطاعنة والمحكوم عليه الآخر حين أقرت له الطاعنة بارتكابها للجريمة قبل شهر ونصف من اليوم الذي تقدم فيه بالشكوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في الشكوى عن جريمة الزنا لمضي مدة ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبيها ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .

2- من المقرر أن تعيين تاريخ وقوع الجرائم مما يستقل به قاضي الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض ، ما دام استدلاله سائغاً ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في استدلال سائغ إلى أن النيابة العامة قد باشرت سلطتها في تحريك الدعوى واستعمالها بعد تقديم الزوج المجني عليه لشكواه خلال الأجل المقرر في القانون - أي قبل سقوط حقه في الشكوى - وأن الدعوى الجنائية لم تسر عليها مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية في مواد الجنح ، فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

    حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وكانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن علَّقت رفع الدعوى الجنائية في جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274 ، 275 من قانون العقوبات على شكوى الزوج ، نصت في فقرتها الأخيرة على أنه " لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " ، وجريمة الزنا الأصل فيها أن تكون وقتية لأن الركن المادي المكون لها وهو الوطء فعل مؤقت على أنها قد تكون متتابعة الأفعال كما إذا ارتبط الزوج بامرأة أجنبية يزني بها أو ارتبط أجنبي بالزوجة لغرض الزنا وحينئذ تكون أفعال الزنا المتتابعة في رباط زمني متصل جريمة واحدة في نظر الشارع ، ما دام قد انتظمها وحدة المشروع الإجرامي ووحدة الجاني ووحدة الحق المعتدى عليه ، ولما كان القانون قد أجرى ميعاد السقوط من تاريخ العلم بالجريمة فإن مدة الثلاثة أشهر تسري حتماً من يوم العلم بمبدأ العلاقة الآثمة لا من يوم انتهاء أفعال التتابع ، إذ لا شك في أن علم المجني عليه بالعلاقة الآثمة من بدايتها يوفر له العلم الكافي بالجريمة وبمرتكبها ويتيح له فرصة الالتجاء إلى القضاء ولا يضيف اطراد العلاقة إلى علمه جديداً ولا يتوقف حقه في الشكوى على إرادة الجاني في اطراد تلك العلاقة ، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بجريمة الزنا الذي يبدأ فيه سريان ميعاد السقوط يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد في حق الزوج إلَّا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني . ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت علم الزوج علماً يقينياً بالعلاقة الآثمة التي نشأت بين الطاعنة والمحكوم عليه الآخر حين أقرت له الطاعنة بارتكابها للجريمة قبل شهر ونصف من اليوم الذي تقدم فيه بالشكوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الحق في الشكوى عن جريمة الزنا لمضي مدة ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبيها ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تعيين تاريخ وقوع الجرائم مما يستقل به قاضي الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض ما دام استدلاله سائغاً ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في استدلال سائغ إلى أن النيابة العامة قد باشرت سلطتها في تحريك الدعوى واستعمالها بعد تقديم الزوج المجني عليه لشكواه خلال الأجل المقرر في القانون - أي قبل سقوط حقه في الشكوى - وأن الدعوى الجنائية لم تسر عليها مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية في مواد الجنح ، فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10564 لسنة 80 ق جلسة 19 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 18 ص 169

 جلسة 19 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / إيهاب عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد سيد سليمان ، محمد رضوان ، عطية أحمد عطية وهشام أنور نواب رئيس المحكمة .
-----------

(18)

الطعن رقم 10564 لسنة 80 القضائية

 حكم " تصحيحه ". محكمة النقض "سلطتها " .

 الخطأ في اسم الطاعن بالحكم الصادر من محكمة النقض . يوجب تصحيحه . المادة 191 مرافعات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 لما كان البيِّن من الأوراق وتقرير الطعن بالنقض أن اسم الطاعن .... في حين صدر الحكم باسم .... ، مما يتعين معه تصحيح ذلك الخطأ المادي إعمالاً لنص المادة 191 من قانون المرافعات .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائـع

 حيث صدر قرار لجنة قبول المحامين بنقل اسم الطاعن الى جدول المحامين غير المشتغلين .

فطعن في هذا القرار بطريق النقض فقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة قيد الطاعن بجدول المحامين المشتغلين .
فتقدم الطاعن بطلب للرجوع في هذا الحكم تأسيساً علي ورود خطأ مادي فيه تمثل ذلك في الاسم الرابع للطاعن بأن كتب في الحكم .... بدلاً من .... .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

 لما كان البيِّن من الأوراق وتقرير الطعن بالنقض أن اسم الطاعن .... في حين صدر الحكم باسم .... ، مما يتعين معه تصحيح ذلك الخطأ المادي إعمالاً لنص المادة 191 من قانون المرافعات .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 20849 لسنة 4 ق جلسة 17 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 17 ص 166

 جلسة 17 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مصطفى صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الناصر الزناتي ، أسامة عباس وعبد الباسط سالم نواب رئيس المحكمة وخالد إلهامي .
-------------

 (17)

الطعن رقم 20849 لسنة 4 القضائية

مصنفات فنية . اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة استئنافية . محكمة اقتصادية . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

قضاء محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها بنظر جريمة عرض مصنف سمعي وبصري بغير ترخيص وإحالتها للمحكمة الاقتصادية للاختصاص . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه والإعادة . أساس وعلة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان البيِّن من القانون رقم 430 لسنة 1955 بشأن تنظيم الرقابة على المصنفات الفنية المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 أنه قد نص في المادة الثانية على أنه : " أولاً : لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الثقافة القيام بأي عمل من الأعمال الآتية ويكون متعلقاً بالمصنفات السمعية والبصرية .... ثانياً : أداؤها أو عرضها أو إذاعتها في مكان عام وتُحدد شروط وأوضاع المكان المُشار إليه آنفاً بقرار من رئيس مجلس الوزراء . " ، كما نص في المادة الخامسة عشرة على أنه : " يُعاقب كل من يُخالف أحكام المادة (2) من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين . " ، كما نص في المادة السابعة عشرة على أنه : " يجوز في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين الحكم بغلق المكان العام مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر ومصادرة الأدوات والأجهزة والآلات التي استعملت في ارتكاب المخالفة ..... " مما مفاده أن هذا الاتهام المؤثم بهذا القانون غير مُتعلق بالقانون رقم 82 لسنة 2002 والخاص بحماية الملكية الفكرية الواردة في الفقرة التاسعة من المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية - كما ذهبت محكمة الجنح المستأنفة - وكان المطعون ضده قد طعن بالاستئناف أمام محكمة الجنح المستأنفة .... في الحكم الصادر بإدانته من محكمة جنح .... الجزئية مما كان يتعين معه على محكمة الجنح المستأنفة أن تفصل في هذه التهمة ، أما وقد خالفت هذا النظر وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها للمحكمة الاقتصادية فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما يوجب نقضه والإعادة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : عرض مصنفاً سمعياً وبصرياً بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة ، وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2/2 ، 4 ، 16 ، 17 من القانون رقم 430 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 .

ومحكمة جنح .... الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ . عارض ، وقُضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن .

استأنف ، ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية .

فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية قد أخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن جريمة عرض مصنف سمعي وبصري بغير ترخيص ليست من بين الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية مما يعيبه ، بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إن البيِّن من القانون رقم 430 لسنة 1955 بشأن تنظيم الرقابة على المصنفات الفنية المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992 أنه قد نص في المادة الثانية على أنه : " أولاً : لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الثقافة القيام بأي عمل من الأعمال الآتية ويكون متعلقاً بالمصنفات السمعية والبصرية .... ثانياً : أداؤها أو عرضها أو إذاعتها في مكان عام وتُحدد شروط وأوضاع المكان المُشار إليه آنفاً بقرار من رئيس مجلس الوزراء . " ، كما نص في المادة الخامسة عشرة على أنه : " يُعاقب كل من يُخالف أحكام المادة (2) من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين . " ، كما نص في المادة السابعة عشرة على أنه : " يجوز في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين الحكم بغلق المكان العام مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر ومصادرة الأدوات والأجهزة والآلات التي استعملت في ارتكاب المخالفة .... . " مما مفاده أن هذا الاتهام المؤثم بهذا القانون غير مُتعلق بالقانون رقم 82 لسنة 2002 والخاص بحماية الملكية الفكرية الواردة في الفقرة التاسعة من المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية - كما ذهبت محكمة الجنح المستأنفة - وكان المطعون ضده قد طعن بالاستئناف أمام محكمة الجنح المستأنفة بـــ .... في الحكم الصادر بإدانته من محكمة جنح .... الجزئية مما كان يتعين معه على محكمة الجنح المستأنفة أن تفصل في هذه التهمة ، أما وقد خالفت هذا النظر وقضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها للمحكمة الاقتصادية فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما يوجب نقضه والإعادة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للأحكام الباتة الصادرة من هيئات التحكيم بوزارة العدل – قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 2020 – قوة الأمر المقضي فيه.

الدعوى رقم 9 لسنة 39 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 2 / 1 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2021م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من

وزيـر الماليـة، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية.

ضد

رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للبترول

الإجراءات

بتاريخ التاسع عشر من فبراير سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هـذه الدعوى قلــــــم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً: بصفة مستعجلة، وقـف تنفيـذ الحكم الصــادر بجلسة 30/9/2015، من هيئة التحكيم بوزارة العدل في الدعوى التحكيمية المقيدة برقم 16 لسنة 2014. ثانيًا: في الموضوع، عدم الاعتداد بذلك الحكم، والمضي في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادر أولهما بجلسة 7/4/2013، في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية"، وثانيهما بجلسة 6/1/2001، في الدعوى رقم 65 لسنة 18 قضائية "دستورية".

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه نشب نزاع بين مصلحة الضرائب على المبيعات والشركة المدعى عليها – باعتبارها إحدى شركات القطاع العام - تقدمت على إثره الشركة بطلب تحكيم إلى مكتب التحكيم بوزارة العدل، قيد برقم 16 لسنة 2014، طالبة القضاء بعدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات في مطالبتها بالفروق الناشئة عن فحص الإقرارات الضريبية الخاصة بها خلال عامى2010/2011، 2011/2012، وبجلسة 30/9/2015، قضت هيئة التحكيم: (أ) عدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات في المبالغ المطالب بها بالنسبة لمبيعات الشركة من المتكثفات، وهى:9964350,180 جنيهًا، 6540742,60 جنيهًا عن عامي الفحص 2010/2011، 2011/2012. (ب) عدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات في المبالغ المطالب بها بالنسبة لمبيعات المخلفات والسلع والأصول المستهلكة، وهى: 139533,50 جنيهًا، 87398 جنيهًا عن عامي الفحص المشار إليهما، (ج) أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات في المبالغ المطالب بها كإيرادات خدمات بمبلغ 18110,40 جنيهات، 53013,70 جنيهًا عن عامي الفحـص 2010/2011، 2011/2012. (د) أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات في المبلغ المطالب قيمة تأجير ماكينة طباعة لشركة تاون جاز بمبلغ 1152 جنيهًا عن عامي الفحص.

وإذ ارتأى المدعى أن حكم هيئة التحكيم المشار إليه يشكل عقبة في سبيل تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013، في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية"، فيما قضى به من عدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17)، ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، الذى بموجبه أضحت محاكم مجلس الدولة هي المختصة – دون غيرها – تملك ولاية الفصل في المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات. كما أن حكم هيئة التحكيم المار ذكره، يشكل عقبة أخرى، في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 6/1/2001، في الدعوى رقم 65 لسنة 18 قضائية "دستورية"، فيما قضى به من عدم دستورية المادتين (17، 35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن نظام التحكيم الإجباري في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون المذكور. ومن ثم فقد أقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتهــا موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعـدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بهـا مـن صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعــة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعـن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعات حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 7/4/2013، في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17)، ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005. وشيدت المحكمة قضاءها على أن "المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، في القوانين المنظمة لمجلس الدولة، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955، ومرورًا بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959، وانتهاءً بما نصت عليه المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة. وحيث إنه متى كان ذلك، وكان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة، بما في ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة، والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها، إلى قانون هذه الضريبة، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه، فإن المنازعة في هذا القرار تُعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصـــاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص المادة (174) من الدستور الحالي الصادر في 25/12/2012. وإذ أسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا لأحكام الدستور الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره من جهات القضاء – وفى حدود النطاق المتقدم ذكره – هو صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والذى تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب.

وحيث إن الفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 قد شُرعت له وسيلتان، تستقل كل منهما عن الأخرى، ويعد أطراف الخصومة في كلٍ، هو مناط التوسل بأيهما للفصل في المنازعات المشار إليها، أولاهما: قضائية، وسد من خلالها الحكم الصادر في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية"، الولاية العامة للفصل في منازعات الضريبة العامة على المبيعات لمحاكم مجلس الدولة، نابذًا اختصاص محاكم جهة القضاء العادي بالفصل في المنازعات المار ذكرها، على نحو ما كانت تنص عليه المادتــان (17/ فقرة أخيرة) و(35/6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، المقضي بعدم دستوريتهما. وثانيتهما: تحكيمية، يتساند إعمالها إلى نص المادة (56) الوارد ضمن مواد الباب السابع من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته – قبل إلغاء الباب السابع من القانون المذكور بالقانون رقم 4 لسنة 2020، المعمول به اعتبارًا من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 5 (مكرر) الصادر في 20 فبراير 2020 – إذ قررت المادة المشار إليها، ولاية خاصة لهيئات التحكيم بوزارة العدل، للفصل – دون غيرها – في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها البعض، أو بين شركة قطاع عام من ناحية وجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطـاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى. وإذ ورد لفظ "المنازعات" في النص السالـف البيان عامًا، مطلقًا، مما لا يجوز معه تخصيصه أو تقييده، فإن مؤدى ذلك؛ سريانه على منازعات الجهات المخاطبة بالنص المشار إليه، التي نشأت عن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات، ويكون للأحكام الباتة الصادرة من هيئات التحكيم بوزارة العدل في تلك المنازعات – قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 2020 – قوة الأمر المقضي فيه.

متى كان ما تقدم، وكان نطاق الحكم الصادر في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية" تحدد بالفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (17)، والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005، ولم يتعد هذا النطاق إلى القضاء في دستورية نص المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 المار بيانه – المعمول به في تاريخ صدور حكم هيئة التحكيم المشار إليه – الذى كان قد حدد طريق التحكيم، دون غيره، للفصل في المنازعات الناشئة بين الشركة المدعى عليها بوصفها من شركات القطاع العام، ومصلحة الضرائب المصرية، باعتبارها جهة حكومية مركزية – مهما كانت طبيعة تلك المنازعات وتكييفها القانوني - ومن ثم لا يكون لحكم هيئة التحكيم بوزارة العدل الصادر بجلسة 2/1/2020، في الدعوى التحكيمية المقيدة برقم 16 لسنة 2014، أي صلة بمنطوق الحكم الصادر في الدعوى رقم 162 لسنة 31 قضائية "دستورية" أو الأسباب المرتبطة به ارتباطًا حتميًّا، ولا يكون مصادمًا له، ولا يشكل عقبة في تنفيذه، مما تنحل معه المنازعة المعروضة، والحال كذلك، إلى طعن في حكم هيئة التحكيم المار بيانه، وهو ما لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، إذ لا تُعد منازعة التنفيذ طريقًا للطعن على الأحكام، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 6/1/2001، في الدعوى رقم 65 لسنة 18 قضائية "دستورية"، أولاً: بعدم دستورية نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 فيما تضمنه من أن لصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم المنصوص عليه في هذا القانون إذا رفض تظلمه أو لم يبت فيه، وإلا اعتبر تقدير المصلحة نهائيًّا. ثانيًا: بعدم دستورية نص المادة (35) من ذلك القانون. ثالثًا: بسقوط نص المادة (36) من القانون المشار إليه. وتساندت هذه المحكمة في قضائها إلى أن المادتين الطعينتين فرضتا التحكيم قهرًا على أصحاب الشأن، وخلعتا قوة تنفيذية على القرارات التي تصدرها لجان التحكيم في حقهم عند وقوع الخلاف بينهم وبين مصلحة الضرائب على المبيعات، وبهذه المثابة فإن هذا النوع من التحكيم – الذى يبسط مظلته على جُل منازعات هذه الضريبة – يكون منافيًا للأصل فيه. باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة ولا يجوز إجراؤه تسلطًا وكرهًا، بما مؤداه أن اختصاص جهة التحكيم التي أنشأهـا قانون الضريبة العامة على المبيعات – بالمادتين الطعينتين – لنظر المنازعات التي أدخلها جبرًا في ولايتها يكون منتحلاً، ومنطويًا بالضرورة على إخلال بحق التقاضي بحرمان المتداعين من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي بالمخالفة للمادة (68) من الدستور، ومنعدمًا بالتالي من زاوية دستورية. وحيث إن المادة (36) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه ترتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة بالمادتين (17) و(35) منه، فإنها تسقط لزومًا تبعًا للحكم بعدم دستوريتهما، إذ لا يتصور وجودها بدون هذين النصين.

وحيث إن البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 65 لسنة 18 قضائية "دستورية" أن نطاق حجيته مقصور على عدم دستورية نصى المادتين (17) و(35)، وسقوط نص المادة (36) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 – قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005، وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم 16 لسنة 2014 – المصور عقبة في التنفيذ – أنه تساند في الاختصاص الولائي لهيئة التحكيم بوزارة العدل التي أصدرته إلى نص المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته، وهو غير التحكيم المنصوص عليه في قانون الضريبة العامة على المبيعات، المحكوم بعدم دستوريته على النحو السالف بيانه – سندًا وتكييفًا وأطرافًا -، ومن ثم فإن الحكم المصور عقبة في التنفيذ لا يكون له من صلة بالحكم الدستوري المنازع في تنفيذه المشار إليه آنفًا، وتغدو الدعوى المعروضة – في هذا الشق منها – قمينة بعدم القبول.

وحيث إنه عن طلب المدعى وقف تنفيذ حكم هيئة التحكيم بوزارة العدل، السالف بيانه، فإنه يُعد فرعًا مـن أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلــب وقف التنفيذ – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يكون قد بات غير ذى موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة