الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 أغسطس 2019

الطعن 2189 لسنة 84 ق جلسة 1 / 11 / 2014 مكتب فني 65 ق 99 ص 775

جلسة 1 من نوفمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / مصطفى صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي أبو الخير ، محمود خضر ، الأسمر نظير وخالد جاد نواب رئيس المحكمة .
------------
(99)
الطعن 2189 لسنة 84 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . خطف . احتجاز بدون أمر أحد الحكام .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها وإسنادها للطاعنين أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة .
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالإدانة بجريمتي خطف أنثى بالتحايل وحجزها دون أمر أحد الحكام المختصين .
(2) احتجاز بدون أمر أحد الحكام . خطف . ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين على الحكم بشأن تدليله على جريمة الاحتجاز . غير مجد . ما دام قد أعمل في حقهما حكم الارتباط واعتبر الجرائم المسندة لهما جريمة واحدة وأوقع العقوبة المقررة لأشدها وهي الخطف بالتحايل .
(3) خطف . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة الخطف . مناط تحققه ؟
مثال لتدليل سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف واطراح الدفع بانتفائه . 
(4) اشتراك . اتفاق . إثبات " بوجه عام " " قرائن " .
الاشتراك بالاتفاق . مناط تحققه ؟
للقاضي الجنائي الاستدلال على الاشتراك باستنتاجه من القرائن التي تقوم لديه أو من فعل لاحق للجريمة يشهد به . التدليل على حصول الاتفاق بأدلة محسوسة . غير لازم . كفاية استخلاصه من وقائع الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(6) استدلالات . إثبات " قرائن " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته . لا ينال من جديتها .
مثال .
(7) إثبات " شهود " . استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إقامة الحكم قضاءه على أقوال الشهود وما استخلصه من أقوال مجر التحريات والإجراءات التي قام بها . مؤداه ؟
(8) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التلبس . صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها .
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس .
تقدير قيام حالة التلبس من الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت منذ وقوعها حتى اكتشافها . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي . غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس واطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش .
   الأصل عدم قبول شهادة من يقوم بإجراء باطل . شرط ذلك ؟
للحكم التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . ما دام انتهى سديداً إلى صحة ما قام به من إجراءات .
(10) خطف . قانون " سريانه " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم عدم بيانه كيفية توصله لسن المجني عليها في جريمة خطف أنثى بالتحايل المؤثمة بالمادة 290/1 عقوبات بعد تعدليها بالقانون 214 لسنة 1980 . غير مقبول . علة ذلك ؟
(11) ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " تطبيقها " . خطف . احتجاز بدون أمر أحد الحكام .
تقدير محكمة الموضوع ظروف الرأفة . يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قِبَل المتهم .
اعتبار المحكمة جريمتي الخطف والاحتجاز قد انتظمهما مشروع إجرامي واحد ومعاقبتها الطاعنين بالسجن المشدد ثلاث سنوات كعقوبة مقررة للجريمة الأولى الأشد بعد إعمالها المادة 17 عقوبات دون أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه . مفاده : أنها رأت تناسب العقوبة المقضي بها مع الواقعة التي ثبتت لديها .
(12) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محاماة .
تولي محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة . جائز . ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي للقول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم .
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام للدفاع عنه . مناط تحققه ؟
 (13) باعث . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجرائم . ليس ركناً فيها . الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله . غير قادح في سلامة الحكم .
(14) استجواب . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن " .
الدفع ببطلان استجواب الطاعن بمحضر الشرطة . غير جائز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
النعي على الحكم بشأن الاستجواب . غير مجد . ما دام لم يعول في الإدانة على دليل مستمد منه .
(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن التفات المحكمة عن الرد على أوجه دفاعه ودفوعه دون الكشف عنها . غير مقبول . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  1– لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أن المتهمة الثالثة .... لا تنجب ولديها رغبة في تبني طفل وفشلت في ذلك لعدم توافر الشروط لتبني طفل من دور الأيتام عليها فلجأت لشقيقها المتهم الرابع الذي استعان بالمتهم الثاني محامي العائلة لتحقيق رغبتها واتفق معه على إحضار طفل بأي وسيلة لقاء مبلغ خمسة آلاف جنيه فاستعان الأخير بالمتهمة الأولى والتي تعمل في أحد دور الأيتام واتفق معها على أن تحضر له طفلاً ووعدها بمبلغ ألف جنيه فقامت الأخيرة عند مشاهدة المجني عليها تلهو مع ابنتها فكلفت الأخيرة باصطحابها بعيداً عن مسكنها وقامت بالتوجه إلى المتهم الثاني بمكتبه وأخبرته بأنها نفذت ما اتفقت معه عليه وأن الطفلة المتفق عليها صحبة نجلتها وحددت له المكان وانصرفت وانتظرته مع الطفلة المختطفة حيث حضر بسيارته إلى مكان تواجدهم واصطحبها هي ونجلتها والمجني عليها داخل السيارة ثم قام بإنزالها هي ونجلتها بعد مسافة وأخذ المجني عليها وطلب من المتهمة الأولى الحضور لمكتبه بعد ساعة لتقاضي ما اتفق عليه وتوجه بالطفلة المختطفة إلى منزل المتهمة الثالثة وسلمها الطفلة ثم توجه إلى المتهم الرابع وتسلم منه مبلغ خمسة آلاف جنيه مقابل تنفيذ الاتفاق ثم توجه إلى مكتبه حيث حضرت المتهمة الأولى وأعطاها مبلغ ألف جنيه مقابل ما اتفق عليه وقد أقرت المتهمة الأولى بتحقيقات النيابة العامة تفصيلاً باقترافها الواقعة على نحو ما سلف ، وقد تلقى النقيب .... معاون مباحث قسم .... بلاغ والدي الطفلة المجني عليها باختفاء نجلتهما المجني عليها من أمام مسكنها في الساعة 2,30 صباح يوم .... فانتقل إلى مكان الواقعة وأجرى تحرياته حولها فأبلغه .... أنه شاهد الطفلة المجني عليها صحبة المتهمة الأولى فكثف تحرياته حول الواقعة فتبين له أن المتهمة الأولى هي من كانت الطفلة بصحبتها فقام باستدعائها في ذات تاريخ تحرير المحضر .... الساعة 6,30 صباحاً أي عقب البلاغ بحوالي أربع ساعات فأقرت باتفاقها مع المتهم الثاني على خطف الطفلة على نحو ما سلف سرده وأرشدت الضابط عن المتهم الثاني حيث استدعاه وواجهه بأقوال المتهمة الأولى فأقر بالواقعة وأنه طلب من المتهمة الأولى طفل وأنه سلم الطفلة للمتهمة الثالثة وأرشده عن محل إقامتها فعثر على الطفلة لدى المتهمة الثالثة التي أقرت بالواقعة وسلمته الطفلة وبضبط المتهم الرابع أقر بارتكاب الواقعة وأن المتهم الثاني هو الذي أحضر الطفلة لشقيقته المتهمة الثالثة وأنهم جميعاً اتفقوا على ارتكاب الواقعة وأنه انتقل إلى المتهم الثاني وقام بضبطه في ذات التاريخ التاسعة صباحاً ثم أتى بالطفلة المجني عليها من مسكن المتهمة الثالثة في ذات التاريخ الحادية عشر صباحاً " ، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على النحو آنف البيان وإسنادها للطاعنين أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها وما قررت به المجني عليها بالتحقيقات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ؛ ويكون منعى الطاعنين على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
      2- لما كانت مصلحة الطاعنين في النعي على تدليل الحكم على جريمة الاحتجاز منتفية ؛ ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الخطف بالتحايل والتي لا يماري الطاعنان في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما ؛ ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الحجز وهي الجريمة الأخف .
3- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 290/1 من قانون العقوبات يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوفة من بيئتها وقطع صلتها بأهلها مهما كان غرضه في ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن نية الطاعنين في الخطف بقوله : " أن المتهمة الثالثة .... لا تنجب ولديها رغبة في تبني طفلاً وفشلت في ذلك لعدم توافر الشروط لتبني أحد أطفال دور الأيتام فلجأت لشقيقها المتهم الرابع الذي استعان بالمتهم الثاني " محامي العائلة " لتحقيق رغبتها واتفق معه على إحضار طفل بأي وسيلة لقاء مبلغ خمسة آلاف جنيه فاستعان الأخير بالمتهمة الأولى والتي تعمل في أحد دور الأيتام واتفق معها على أن تحضر له طفلاً ووعدها بمبلغ ألف جنيه " ، ثم عرض الحكم لما أثاره الطاعنان من دفع بانعدام القصد الجنائي لديهما وأطرحه في قوله : " أن جريمة الخطف المؤثمة بالمادة 290 عقوبات لا تستدعي قصداً جنائياً خاصاً بها بل يتوافر القصد بتعمد ستر المخطوف عن رؤية الذين لهم حق ضمه ورعايته وكل ما يجب لتوافر القصد الجنائي في جريمة الخطف أن يكون الجاني قد تعمد قطع صلة المجني عليه بأهله قطعاً جدياً -لا اعتداد بالباعث في الحكم على الجريمة فالجريمة تقع ولو كان غرض الجاني رعاية الطفل المخطوف وتربيته بعيداً عن ذويه ، والمقرر أن الخطف يعد متحققاً فيه عنصر التحايل إذا كان المخطوف لم يبلغ درجة التمييز بسبب حداثة سنه كما سوى القانون في تلك الجريمة بين الفاعل المادي والفاعل الأدبي (المحرض) واعتبر كليهما فاعلاً أصلياً وتقوم جريمة الخطف على عنصرين انتزاع المخطوف من بيئته قسراً أو غشاً أو خديعة إلى محل احتجازه فيه تحقيقاً لهذا القصد وكل من قارف شيئاً من الفعلين أعتبر فاعلاً أصلياً ومن ثم فاحتجاز المتهم المجني عليه بمسكنه يتحقق به الجريمة في حقه وهو ما تم بالفعل في دعوانا من خلال تحريض المتهمين الثالثة والرابع للمتهم الثاني على خطف الطفلة المجني عليها وأن الثاني قد لجأ إلى الأولى وحرضها على خطف المجني عليها مقابل جعل مادي وبذلك تلاقت إرادة المتهمين الثالثة والرابع مع باقي المتهمين على ارتكاب جريمة خطف الطفلة المجني عليها وقد ثبت ذلك يقيناً من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمة الأولى بالتحقيقات وأن المتهمين ( الثالثة والرابع ) قد تحققا علمهما يقيناً بأن المجني عليها مختطفة وذلك من تحريض المتهم الرابع للمتهم الثاني على احضار الطفلة بأي وسيلة رغم فشله هو وشقيقته المتهمة الثالثة في تبني طفل بالطريق الذي رسمه القانون لعدم توافر شروط التبني فيها ولقبولهما الطفلة من المتهم الثاني دون إجراءات رسمية تفيد التبني يعلمانها والكافة واحتجاز المتهمة الثالثة للطفلة بمسكنها حتى تم ضبطها فضلاً عن أن الطفلة المختطفة وصلت إلى مرحلة سنية (أربع سنوات) وتعرف أهلها جيداً وتجيد التحدث وهو ما ثبت من خلال التحقيقات من تعرفها على المتهمين وهو ما يقطع بأن المتهمين قد اقترفا الجرم المسند إليهما عن علم وإرادة . " وكان ما رد به الحكم على الدفع بانعدام القصد الجنائي سائغاً ؛ فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد .
   4- من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره كما أنه يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة التي أوردها على اتفاق الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين على ارتكاب الجرائم التي دينوا بها ؛ فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ذلك بأنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاتفاق بأدلة محسوسة ، بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد .
5- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها صداها وأصلها الثابت في الأوراق ، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وسائر الأدلة التي أوردتها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ؛ فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض .      
6- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، وكان ما أورده الحكم من أقوال الضابط .... – الشاهد الثالث – بشأن تحرياته السرية يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا محل له .
7 - لما كان الحكم قد أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وما استخلصه من أقوال مجر التحريات والإجراءات التي قام بها ؛ ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان إجراءات القبض والتفتيش واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش المبدى من الدفاع عن المتهمين الحاضرين فالمقرر في ضوء المادتين 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة فإذا لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره والبين من مطالعة أوراق الدعوى أن مأمور الضبط القضائي تلقى البلاغ بوقوع جناية الخطف للطفلة في الساعة 2,30 صباحاً ثم أجرى تحرياته حول الواقعة وتمكن من ضبط المتهمين عقب ارتكابها وعثر معهم على الطفلة وذلك في غضون أربع ساعات من ارتكابها ومن ثم فقد وجد مرتكبي الواقعة وهم المتهمين الماثلين عقب وقوع الجريمة بوقت قريب ومعهم المجني عليها بما يدل على أنهم فاعلي الجريمة وشركاء فيها وهي إحدى حالات التلبس المنصوص عليها بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد جانبه الصواب جدير بالرفض ذلك أن وقت ضبط المتهمين وبحوزتهم الطفلة المجني عليها هو وقت استغرقه ضابط الواقعة في البحث والتحري وتتبع المتهمين حتى تمكن من ضبطهم وهم متلبسين بالجريمة وهو ما استقر في وجدان هذه المحكمة بصفتها محكمة الموضوع التي أنيط بها تقدير ذلك . " وخلص من ذلك إلى توافر حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على الطاعن وتفتيشه ، ولما كان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلاّ أن ذلك لا يكون إلاّ عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض على المتهمين ؛ فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ويضحى منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم .
10- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة خطف أنثى بالتحايل والمؤثمة بالفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون 214 لسنة 1980 ؛ فإن النعي على الحكم بدعوى عدم بيان كيفية توصله لسن المجني عليها لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
11- لما كان تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع إنما يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم ، فإذا اعتبرت أن الجريمتين اللتين دين الطاعنين بهما وهما جريمتا الخطف والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام انتظمهما مشروع إجرامي واحد وعاقبتهما بعقوبة الجريمة الأولى الأشد وعاملتهما بالمادة 17 من قانون العقوبات وأوقعت عليهما عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات فهذا مفاده أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 290/1 من قانون العقوبات وهي السجن المؤبد ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً ، وكان في وسع المحكمة – لو كانت قد أرادت – أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى السجن وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات ، وما دامت لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها ؛ ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد .
12- من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبا مع المحكوم عليهما غيابياً أفعال الخطف بالتحايل واعتبرهما فاعلين أصليين في هذه الجريمة ، وكان القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من أسباب الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى أن تولت هيئة دفاع واحدة عن الطاعنين ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن من قالة الإخلال بحقهما في الدفاع يكون في غير محله .
13- من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ؛ ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله .
14- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن الثاني أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان استجوابه بمحضر الشرطة ، فلا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانته على دليل مستمد من استجوابه بمحضر الضبط ؛ فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن .
15- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي يقول أنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ؛ ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... 2- .... 3- .... ( الطاعنة ) 4- .... ( الطاعن ) بأنهم :- خطفوا بالتحايل / .... البالغة من العمر أربع سنوات ؛ بأن استدرجتها المتهمة الأولى إبان لهوها مع نجلتها بزعم اصطحابها للتسوق فوقعت المجني عليها ضحية ذلك الإيهام ، وما أن انفردت بها حتى سلمتها للمتهم الثاني وفقاً لاتفاقهما المسبق فاقتادها الأخير إلى الثالثة والرابع اللذين أخفياها بمسكنهما بمنأى عن ذويها على النحو المبين بالأوراق . - المتهمان الثالث والرابع : حجزا المجني عليها سالفة الذكر بمسكنهما بعيداً عن ذويها دون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى كُلٌّ من .... و.... " والدي المجني عليها " قبل المتهمين مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً عملاً بالمادتين 280 ، 290 /1 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من ذات القانون أولاً : بمعاقبة كل من .... و.... بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً . ثانياً : بمعاقبة كل من .... و.... بالسجن المشدد لمدة خمس سنـوات . ثالثاً : في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين جميعاً بأن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم .... لسنة .... القضائية .
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة " بهيئة مغايرة " قضت عملاً بالمادتين 280 ، 290/ 1 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من القانون ذاته حضورياً للثالثة والرابع وغيابياً للأولى والثاني أولاً : بمعاقبة المتهمين الثالثة .... والرابع .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات . ثانياً : بمعاقبة المتهمين الأولى .... والثاني .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة . ثالثاً : بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعنت الأستاذة / .... المحامية بصفتها وكيلة عن المحكوم عليهما الثالثة والرابع في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن الطاعنين ينعيان بمذكرتي أسباب طعنهما على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي خطف أنثى بالتحايل وحجزها دون أمر أحد الحكام المختصين بذلك قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وخلا من الأفعال التي قارفها الطاعنان خاصة بالنسبة للتهمة الثانية التي دانهما بها ، ولم يستظهر القصد الجنائي بشأنها بدلالة أن استلامهما للمجني عليها كان بغرض إيوائها وكفالتها وتلك الأفعال لاحقة على جريمة الخطف ، وعول على تحريات الشرطة رغم عدم تحديد دور كل متهم على حدة ، واطرح – بما لا يسوغ – دفعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة مستنداً في ذلك إلى نص المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية رغم أنها منسوخة بالمادة 41 من دستور 1971 مما يبطل شهادة من أجراهما وما ترتب عليه من إجراءات ، واستند الحكم إلى أن عمر المجني عليها أربع سنوات دون مستند رسمي ، ولم ينزل بالعقوبة إلى الحدود التي تسمح بها المادة 17 من قانون العقوبات ، وترافع عن الطاعنين محاميان دون إفراد محام لكل منهما رغم تعارض مصالحهما ، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم المطعون فيه خلط في استدلاله على ارتكاب الجريمة بين القصد الجنائي والباعث على ارتكابها ، وأنه تمسك ببطلان استجوابه بمحضر الضبط لعدم حضور محام بصحبته وباستحالة تصور الواقعة إلاّ أن المحكمة ردت على الدفع الأول بما لا يسوغ ، وأخيراً لم يعرض الحكم المطعون فيه لما أثاره من أوجه دفاع ودفوع ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أن المتهمة الثالثة .... لا تنجب ولديها رغبة في تبني طفل وفشلت في ذلك لعدم توافر الشروط لتبني طفل من دور الأيتام عليها فلجأت لشقيقها المتهم الرابع الذي استعان بالمتهم الثاني محامي العائلة لتحقيق رغبتها واتفق معه على إحضار طفل بأي وسيلة لقاء مبلغ خمسة آلاف جنيه فاستعان الأخير بالمتهمة الأولى والتي تعمل في أحد دور الأيتام واتفق معها على أن تحضر له طفلاً ووعدها بمبلغ ألف جنيه فقامت الأخيرة عند مشاهدة المجني عليها تلهو مع ابنتها فكلفت الأخيرة باصطحابها بعيداً عن مسكنها وقامت بالتوجه إلى المتهم الثاني بمكتبه وأخبرته بأنها نفذت ما اتفقت معه عليه وأن الطفلة المتفق عليها صحبة نجلتها وحددت له المكان وانصرفت وانتظرته مع الطفلة المختطفة حيث حضر بسيارته إلى مكان تواجدهم واصطحبها هي ونجلتها والمجني عليها داخل السيارة ثم قام بإنزالها هي ونجلتها بعد مسافة وأخذ المجني عليها وطلب من المتهمة الأولى الحضور لمكتبه بعد ساعة لتقاضي ما اتفق عليه وتوجه بالطفلة المختطفة إلى منزل المتهمة الثالثة وسلمها الطفلة ثم توجه إلى المتهم الرابع وتسلم منه مبلغ خمسة آلاف جنيه مقابل تنفيذ الاتفاق ثم توجه إلى مكتبه حيث حضرت المتهمة الأولى وأعطاها مبلغ ألف جنيه مقابل ما اتفق عليه وقد أقرت المتهمة الأولى بتحقيقات النيابة العامة تفصيلاً باقترافها الواقعة على نحو ما سلف ، وقد تلقى النقيب .... معاون مباحث قسم .... بلاغ والدي الطفلة المجني عليها باختفاء نجلتهما المـجني عليها من أمام مسكنها في الساعة 2,30 صباح يوم .... فانتقل إلى مكان الواقعة وأجرى تحرياته حولها فأبلغه .... أنه شاهد الطفلة المجني عليها صحبة المتهمة الأولى فكثف تحرياته حول الواقعة فتبين له أن المتهمة الأولى هي من كانت الطفلة بصحبتها فقام باستدعائها في ذات تاريخ تحرير المحضر .... الساعة 6,30 صباحاً أي عقب البلاغ بحوالي أربع ساعات فأقرت باتفاقها مع المتهم الثاني على خطف الطفلة على نحو ما سلف سرده وأرشدت الضابط عن المتهم الثاني حيث استدعاه وواجهه بأقوال المتهمة الأولى فأقر بالواقعة وأنه طلب من المتهمة الأولى طفل وأنه سلم الطفلة للمتهمة الثالثة وأرشده عن محل إقامتها فعثر على الطفلة لدى المتهمة الثالثة التي أقرت بالواقعة وسلمته الطفلة وبضبط المتهم الرابع أقر بارتكاب الواقعة وأن المتهم الثاني هو الذي أحضر الطفلة لشقيقته المتهمة الثالثة وأنهم جميعاً اتفقوا على ارتكاب الواقعة وأنه انتقل إلى المتهم الثاني وقام بضبطه في ذات التاريخ التاسعة صباحاً ثم أتى بالطفلة المجني عليها من مسكن المتهمة الثالثة في ذات التاريخ الحادية عشر صباحاً " ، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على النحو آنف البيان وإسنادها للطاعنين أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها وما قررت به المجني عليها بالتحقيقات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ؛ ويكون منعى الطاعنين على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مصلحة الطاعنين في النعي على تدليل الحكم على جريمة الاحتجاز منتفية ؛ ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الخطف بالتحايل والتي لا يماري الطاعنان في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما ؛ ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الحجز وهي الجريمة الأخف . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة 290/1 من قانون العقوبات يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوفة من بيئتها وقطع صلتها بأهلها مهما كان غرضه في ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن نية الطاعنين في الخطف بقوله : " أن المتهمة الثالثة .... لا تنجب ولديها رغبة في تبني طفلاً وفشلت في ذلك لعدم توافر الشروط لتبني أحد أطفال دور الأيتام فلجأت لشقيقها المتهم الرابع الذي استعان بالمتهم الثاني " محامي العائلة " لتحقيق رغبتها واتفق معه على إحضار طفل بأي وسيلة لقاء مبلغ خمسة آلاف جنيه فاستعان الأخير بالمتهمة الأولى والتي تعمل في أحد دور الأيتام واتفق معها على أن تحضر له طفلاً ووعدها بمبلغ ألف جنيه " ، ثم عرض الحكم لما أثاره الطاعنان من دفع بانعدام القصد الجنائي لديهما واطرحه في قوله : " أن جريمة الخطف المؤثمة بالمادة 290 عقوبات لا تستدعي قصداً جنائياً خاصاً بها بل يتوافر القصد بتعمد ستر المخطوف عن رؤية الذين لهم حق ضمه ورعايته وكل ما يجب لتوافر القصد الجنائي في جريمة الخطف أن يكون الجاني قد تعمد قطع صلة المجني عليه بأهله قطعاً جدياً - لا اعتداد بالباعث في الحكم على الجريمة فالجريمة تقع ولو كان غرض الجاني رعاية الطفل المخطوف وتربيته بعيداً عن ذويه ، والمقرر أن الخطف يعد متحققاً فيه عنصر التحايل إذا كان المخطوف لم يبلغ درجة التمييز بسبب حداثة سنه كما سوى القانون في تلك الجريمة بين الفاعل المادي والفاعل الأدبي (المحرض) واعتبر كليهما فاعلاً أصلياً وتقوم جريمة الخطف على عنصرين انتزاع المخطوف من بيئته قسراً أو غشاً أو خديعة إلى محل احتجازه فيه تحقيقاً لهذا القصد وكل من قارف شيئاً من الفعلين أعتبر فاعلاً أصلياً ومن ثم فاحتجاز المتهم المجني عليه بمسكنه يتحقق به الجريمة في حقه وهو ما تم بالفعل في دعوانا من خلال تحريض المتهمين الثالثة والرابع للمتهم الثاني على خطف الطفلة المجني عليها وأن الثاني قد لجأ إلى الأولى وحرضها على خطف المجني عليها مقابل جعل مادي وبذلك تلاقت إرادة المتهمين الثالثة والرابع مع باقي المتهمين على ارتكاب جريمة خطف الطفلة المجني عليها وقد ثبت ذلك يقيناً من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمة الأولى بالتحقيقات وأن المتهمين ( الثالثة والرابع ) قد تحققا علمهما يقيناً بأن المجني عليها مختطفة وذلك من تحريض المتهم الرابع للمتهم الثاني على إحضار الطفلة بأي وسيلة رغم فشله هو وشقيقته المتهمة الثالثة في تبني طفل بالطريق الذي رسمه القانون لعدم توافر شروط التبني فيها ولقبولهما الطفلة من المتهم الثاني دون إجراءات رسمية تفيد التبني يعلمانها والكافة واحتجاز المتهمة الثالثة للطفلة بمسكنها حتى تم ضبطها فضلاً عن أن الطفلة المختطفة وصلت إلى مرحلة سنية (أربع سنوات) وتعرف أهلها جيداً وتجيد التحدث وهو ما ثبت من خلال التحقيقات من تعرفها على المتهمين وهو ما يقطع بأن المتهمين قد اقترفا الجرم المسند إليهما عن علم وإرادة . " وكان ما رد به الحكم على الدفع بانعدام القصد الجنائي سائغاً ؛ فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره كما أنه يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة التي أوردها على اتفاق الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين على ارتكاب الجرائم التي دينوا بها ؛ فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ذلك بأنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاتفاق بأدلة محسوسة ، بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها صداها وأصلها الثابت في الأوراق ، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال شهود الإثبات وسائر الأدلة التي أوردتها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ؛ فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، وكان ما أورده الحكم من أقوال الضابط .... – الشاهد الثالث – بشأن تحرياته السرية يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وما استخلصه من أقوال مجر التحريات والإجراءات التي قام بها ؛ ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان إجراءات القبض والتفتيش واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش المبدى من الدفاع عن المتهمين الحاضرين فالمقرر في ضوء المادتين 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة فإذا لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره والبين من مطالعة أوراق الدعوى أن مأمور الضبط القضائي تلقى البلاغ بوقوع جناية الخطف للطفلة في الساعة 2,30 صباحاً ثم أجرى تحرياته حول الواقعة وتمكن من ضبط المتهمين عقب ارتكابها وعثر معهم على الطفلة وذلك في غضون أربع ساعات من ارتكابها ومن ثم فقد وجد مرتكبي الواقعة وهم المتهمين الماثلين عقب وقوع الجريمة بوقت قريب ومعهم المجني عليها بما يدل على أنهم فاعلي الجريمة وشركاء فيها وهي إحدى حالات التلبس المنصوص عليها بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد جانبه الصواب جدير بالرفض ذلك أن وقت ضبط المتهمين وبحوزتهم الطفلة المجني عليها هو وقت استغرقه ضابط الواقعة في البحث والتحري وتتبع المتهمين حتى تمكن من ضبطهم وهم متلبسين بالجريمة وهو ما استقر في وجدان هذه المحكمة بصفتها محكمة الموضوع التي أنيط بها تقدير ذلك . " وخلص من ذلك إلى توافر حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على الطاعن وتفتيشه ، ولما كان من المقرر قانوناً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبساً أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلاّ أن ذلك لا يكون إلاّ عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض على المتهمين ؛ فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ويضحى منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة خطف أنثى بالتحايل والمؤثمة بالفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون 214 لسنة 1980 ؛ فإن النعي على الحكم بدعوى عدم بيان كيفية توصله لسن المجني عليها لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع إنما يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم ، فإذا اعتبرت أن الجريمتين اللتين دين الطاعنين بهما وهما جريمتا الخطف والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام انتظمهما مشروع إجرامي واحد وعاقبتهما بعقوبة الجريمة الأولى الأشد وعاملتهما بالمادة 17 من قانون العقوبات وأوقعت عليهما عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات فهذا مفاده أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 290 /1 من قانون العقوبات وهي السجن المؤبد ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً ، وكان في وسع المحكمة – لو كانت قد أرادت – أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى السجن وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات ، وما دامت لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها ؛ ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبا مع المحكوم عليهما غيابياً أفعال الخطف بالتحايل واعتبرهما فاعلين أصليين في هذه الجريمة ، وكان القضاء بإدانة أحدهما - كما يستفاد من أسباب الحكم – لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى أن تولت هيئة دفاع واحدة عن الطاعنين ، ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن من قالة الإخلال بحقهما في الدفاع يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ؛ ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن الثاني أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان استجوابه بمحضر الشرطة ؛ فلا يجوز له من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانته على دليل مستمد من استجوابه بمحضر الضبط ؛ فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي يقول أنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ؛ ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12709 لسنة 4 ق جلسة 1 / 11 / 2014 مكتب فني 65 ق 98 ص 770

جلسة 1 من نوفمبر سنة 2014
برئاسة السيد القـاضي / أحمد عمر محمدين نائب رئيس المحكمة وعـضوية السادة القضاة / جمال عبد المجيد ، طلال مرعي ، ناجي عز الدين وعمرو الحناوي نواب رئيس المحكمة .
-----------
(98)
الطعن 12709 لسنة 4 ق
حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " " ما يعيبه في نطاق التدليل " . صيدلة . غش . قصد جنائي .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .
عدم بيان الحكم الأفعال التي أتاها الطاعن مما يعدها القانون عرضاً لبيع أدوية وعقاقير منتهية الصلاحية أو لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو تداولها . قصور . عرض تلك الأدوية بصيدليته . غير كاف لإدانته . وجوب إثبات أنه هو من قام بعرضها للجمهور مع علمه بذلك .
عدم بيان الحكم الأفعال التي أتاها الطاعن مما يعدها القانون صرفاً للأدوية بالبيع للجمهور دون تذكرة طبية . قصور . وجود نقص بتلك الأدوية داخل الصيدلية وعدم إدراجها بالدفاتر المعدة لذلك . ليس دليلاً بذاته على صرفها للجمهور دون تذكرة طبية .
 مثال لتسبيب معيب في حكم صادر بالإدانة بجرائم حيازة وعرض أدوية وعقاقير طبية منتهية الصلاحية وأخرى لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها وتداولها وصرف أدوية بدون تذكرة طبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله " ... تخلص الواقعة حسبما أثبته محرر المحضر بمحضره المؤرخ في .... من أن تحرياته السرية دلت على أن المتحرى عنه – المتهم – الصيدلي .... يقوم بالاتجار في الأقراص والعقاقير المخدرة وكذا الأقراص والعقاقير غير المسجلة بوزارة الصحة وغير المصرح بتداولها داخل الصيدليات وذلك عن طريق بيعها والاتجار فيها في غير الأحوال المصرح بها بقرار وزير الصحة متخذاً من الصيدلية الخاصة به مكاناً لحيازة تلك الأقراص والعقاقير المخدرة وغير المسجلة بوزارة الصحة وعليه تم استصدار إذن من النيابة العامة بتفتيش شخص وصيدلية المتحرى عنه برفقة أحد مفتشي الصيادلة لضبط ما يحوزه أو يحرزه من أقراص وعقاقير مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وذلك في غضون أربعة وعشرين ساعة تبدأ من ساعة وتاريخ إصداره ونفاذاً لذلك الإذن انتقل في تاريخه وبرفقته لجنة من تفتيش الصيادلة بـ .... إلى حيث صيدلية المأذون بتفتيشه – المتهم – حيث وجد باب الصيدلية مفتوحاً وتقابل مع المتحرى عنه .... وأثبت صحة اسمه .... ، وتم تفتيش الصيدلية والذي أسفر التفتيش عن ضبط – الأدوية المبينة بمدونة ذلك الحكم – وبمواجهته بالمضبوطات أقر بحيازة الأقراص والعقاقير المخدرة بقصد الاتجار ... " وأورد الحكم بمدوناته ما ثبت بتقرير مفتشي الصيادلة ، ودلل الحكم على ثبوت الجريمتين الأولى والثانية – كما يبين بمدوناته – على مجرد ما دون بذلك التقرير من ضبط أدوية منتهٍ تاريخ صلاحيتها وأخرى لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو بتداولها بداخل الصيدلية واتخاذه من ذلك دليلاً على اتجاه إرادة الطاعن لعرض تلك الأدوية للبيع . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين ما آتاه الطاعن من أفعال مما يعده القانون عرضاً لبيع أدوية وعقاقير منتهية الصلاحية أو لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو بتداولها ، وكان لا يكفي لإدانة الطاعن أن يثبت أن تلك الأدوية عُرضت في صيدليته بل لابد أن يثبت أنه هو من قام بعرضها للجمهور مع علمه بانتهاء تاريخ صلاحيتها أو لم يصدر باستعمالها أو تداولها قرار من وزير الصحة ، كما أن الحكم اكتفى في مقام التدليل على ثبوت الجريمة الثالثة – الأخيرة – في حق الطاعن على مجرد قيامه بالتصرف فيها وعدم إدراجها بالدفاتر المعدة لذلك داخل الصيدلية ، دون أن يبين الأفعال التي أتاها الطاعن مما يعده القانون صرفاً بالبيع لها للجمهور دون تذكرة طبية ، إذ وجود نقص بتلك الأدوية داخل الصيدلية وعدم إدراجها بالدفاتر المعدة لذلك لا يعد في حد ذاته دليلاً على صرفها للجمهور دون تذكرة طبية ولا يكون الحكم على هذا النحو قد استظهر عناصر تلك الجريمة حتى يتسنى لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها به ، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه :- أولاً : حاز وعرض للبيع شيئاً من الأدوية والعقاقير حال كونهما منتهياً تاريخ صلاحيتهما . ثانياً: عرض للبيع أدوية لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها وتداولها. ثالثاً: وهو صيدلي صرف للجمهور دواء بالصيدلية بدون تذكرة طبية . وطلبت عقابه بالمواد 2 ، 6 ، 7 ، 8 من القانون 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون 281 لسنة 1994 والمادتين 5 ، 6 من القانون رقم 10 لسنة 1966 والمواد 10 ، 29 /2 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 81 /1 ، 83 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 360 لسنة 1956، 167 لسنة 1998.
ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً بتوكيل بحبس المتهم سنة مع الشغل والإيقاف وغرامة عشرة آلاف جنيه والمصادرة ونشر ملخص الحكم في جريدتين رسميتين عن التهمة الأولى وكذا تغريمه عشرين ألف جنيه عن التهمة الثانية وكذا مائتي جنيه عن التهمة الثالثة .
        استأنف ومحكمة .... الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
        عارض استئنافيا وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم .
        فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقـض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
  ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وعرض أدوية وعقاقير طبية منتهية الصلاحية وأخرى لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها وتداولها وصرف أدوية بدون تذكرة طبية ، قد شابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأنه خلا من الأسباب فلم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها وأدلتها ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى بقوله " ... تخلص الواقعة حسبما أثبته محرر المحضر بمحضره المؤرخ في .... من أن تحرياته السرية دلت على أن المتحرى عنه – المتهم – الصيدلي .... يقوم بالاتجار في الأقراص والعقاقير المخدرة وكذا الأقراص والعقاقير غير المسجلة بوزارة الصحة وغير المصرح بتداولها داخل الصيدليات وذلك عن طريق بيعها والاتجار فيها في غير الأحوال المصرح بها بقرار وزير الصحة متخذاً من الصيدلية الخاصة به مكاناً لحيازة تلك الأقراص والعقاقير المخدرة وغير المسجلة بوزارة الصحة وعليه تم استصدار إذن من النيابة العامة بتفتيش شخص وصيدلية المتحرى عنه برفقة أحد مفتشي الصيادلة لضبط ما يحوزه أو يحرزه من أقراص وعقاقير مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وذلك في غضون أربعة وعشرين ساعة تبدأ من ساعة وتاريخ إصداره ونفاذاً لذلك الإذن انتقل في تاريخه وبرفقته لجنة من تفتيش الصيادلة بـ .... إلى حيث صيدلية المأذون بتفتيشه – المتهم – حيث وجد باب الصيدلية مفتوحاً وتقابل مع المتحرى عنه .... وأثبت صحة اسمه .... ، وتم تفتيش الصيدلية والذي أسفر التفتيش عن ضبط – الأدوية المبينة بمدونة ذلك الحكم – وبمواجهته بالمضبوطات أقر بحيازة الأقراص والعقاقير المخدرة بقصد الاتجار... " وأورد الحكم بمدوناته ما ثبت بتقرير مفتشي الصيادلة ، ودلل الحكم على ثبوت الجريمتين الأولى والثانية – كما يبين بمدوناته – على مجرد ما دون بذلك التقرير من ضبط أدوية منتهٍ تاريخ صلاحيتها وأخرى لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو بتداولها بداخل الصيدلية واتخاذه من ذلك دليلاً على اتجاه إرادة الطاعن لعرض تلك الأدوية للبيع . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً ، وكان الحكم المطعون فيه لم يُبين ما آتاه الطاعن من أفعال مما يعده القانون عرضاً لبيع أدوية وعقاقير منتهية الصلاحية أو لم يصدر قرار من وزير الصحة باستعمالها أو بتداولها ، وكان لا يكفي لإدانة الطاعن أن يثبت أن تلك الأدوية عُرضت في صيدليته بل لابد أن يثبت أنه هو من قام بعرضها للجمهور مع علمه بانتهاء تاريخ صلاحيتها أو لم يصدر باستعمالها أو تداولها قرار من وزير الصحة ، كما أن الحكم اكتفى في مقام التدليل على ثبوت الجريمة الثالثة – الأخيرة – في حق الطاعن على مجرد قيامه بالتصرف فيها وعدم إدراجها بالدفاتر المعدة لذلك داخل الصيدلية ، دون أن يبين الأفعال التي أتاها الطاعن مما يعده القانون صرفاً بالبيع لها للجمهور دون تذكرة طبية ، إذ وجود نقص بتلك الأدوية داخل الصيدلية وعدم إدراجها بالدفاتر المعدة لذلك لا يعد في حد ذاته دليلاً على صرفها للجمهور دون تذكرة طبية ولا يكون الحكم على هذا النحو قد استظهر عناصر تلك الجريمة حتى يتسنى لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها به ، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

عدم دستورية سقوط الحقوق بالنسبة إلى الأموال المصادرة لعدم المطالبة بها خلال سنة


القضية رقم 215 لسنة 19 ق "دستورية " جلسة 2 / 10 / 1999
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 أكتوبر سنة 1999 الموافق 22 من جمادى الآخرة سنة 1420 هـ .
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين.
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر         أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 215 لسنة 19 قضائية "دستورية ".
بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية
المقامة من
1- السيدة / فريال فاروق فؤاد
2- الآنسة / فوزية فاروق فؤاد
3- السيدة / فادية فاروق فؤاد
ضد
1- السيد / وزير الأوقاف
2- السيد / رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعى
3- السيد / رئيس الجمهورية
4- السيدة / نعمة الله محمد على الخواص الحارسة القضائية على أوقاف أجدادها السادة الأشراف المحروقى ، السلامونى ، الشبراخيتى ، غراب المغربي
5- السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات الحكومية
" الإجراءات "
فى السابع من ديسمبر سنة 1997، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في موضوعه بوقفه وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد (9، 12، 1/14، 15، 17) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وقدمت المدعى عليها الرابعة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم دستورية قرار الاستيلاء على الأطيان محل النزاع الموضوعي ، وعدم أحقية المدعيات لهذه الأطيان.
وقدم المدعى عليه الأخير مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعيات كن قد أقمن ضد المدعى عليهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 10677 لسنة 1995 مدنى كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بأحقية كل منهن لخمسين فداناً من مساحة 13 س 11 ط  1744 ف كان والدهن الملك السابق فاروق قد أوقفها عليهن وعلى والدتهن، وتثبيت ملكيتهن بالتساوي بينهن لقصر الطاهرة البالغ مساحته 30ر20056 متراً مربعاً والذى كان موضوع عقد الهبة الصادر من جدهن لأمهن بصفته وكيلاً عن والدتهن إلى والدهن الذى قرر إسكانهن ووالدتهن فيه بعد طلاقه لها مما يُعتبر- في رأيهن- عدولاً عن قبول الهبة يعيد القصر إلى ملكية والدتهن فينتقل بالميراث إليهن، وأحقيتهن بالتساوى بينهن في مساحة 5س 18ط 3ف كائنة بزمام نزلة السمان محافظة الجيزة ، كانت والدتهن قد اشترتها بعقد مشهر سنة 1951 بعد طلاقها من والدهن وصيرورتها غريبة عن أسرة محمد على . ثم أضافت المدعيات طلباً بتعويضهن عن القدر الزائد على الحد الأقصى لملكية الأراضي الزراعية والذى تم الاستيلاء عليه- طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى - من أطيانهن وأطيان والدهن ووالدتهن. وأثناء نظر الدعوى طلب المدعى عليه الأخير التدخل فيها هجومياً بطلب إلزام المدعى عليه الثانى بتعويضه عماتم الاستيلاء عليه من أطيان زراعية كانت مملوكة للمدعيات ووالدهن ووالدتهن. كما طلبت المدعى عليها الرابعة التدخل في تلك الدعوى طالبة الحكم بعدم أحقية المدعيات في أطيان الوقف التى يطالبن بها تأسيساً على أنه وقف صدر من أجدادها لصالح ذريتهم، وأن الملك السابق فاروق كان ناظراً على الوقف، وأن نظارة الوقف لا تنقل ملكيته إلى ناظره. وبجلسة 18/3/1997 قضت محكمة جنوب القاهرة بقبول تدخل هيئة الخدمات الحكومية ، وتدخل السيدة / نعمة الله محمد على الخواص، وفى موضوع التدخل وموضوع الدعوى بعدم سماعهما، إستناداً إلى المادة (14) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة ، فطعنت المدعيات على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة التى قضت بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بوقفه وبإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد (9، 12، 1/14، 15، 17) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه لمخالفتها الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية .
وحيث إن الدعوى الماثلة اتصلت بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نصوص المواد سالفة الذكر، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا- وفقاً للبند (أ) من المادة (29) من قانونها- لتقول فيها كلمتها الفاصلة ؛ فلا اعتداد- من ثم- بما قرره أحد الخصوم أمام هذه المحكمة بقصر الدعوى الراهنة على بعض النصوص المحالة من محكمة الموضوع دون البعض الآخر، إذ يعد ذلك منه تغولاً على اختصاص محكمة الموضوع، ولا يغير من هذه النتيجة أن يكون هذا الخصم قد سبق له أن دفع أمام تلك المحكمة بعدم دستورية ذات النصوص؛ ذلك أنه إذا كان جائزاً في الدعوى الدستورية التي يقيمها الخصم إثر دفع بعدم الدستورية قدرت محكمة الموضوع جديته- وفقاً للبند (ب) من المادة (29) المشار إليها- أن يترك الخصومة فيها كلياً أو في شق منها، فإن ذلك لا يجوز في الدعوى الدستورية المحالة إلى هذه المحكمة مباشرة من محكمة الموضوع.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية ؛ فالأولى لا تغنى عن الثانية . فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص المحالة التى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على النزاع الموضوعى ، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة .
وحيث إن المادة (9) من القانون 598 لسنة 1953 المشار إليه تنص على تشكيل لجان بقرار من وزير العدل تختص بالفصل في كل طلب بدين أو ادعاء بحق قبل الأشخاص المصادرة أموالهم، وفى كل منازعة في دين لهم قبل الغير، والنظر في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أحدهم، وفى كل نزاع يتعلق بالأموال المصادرة ، وتقضى المادة (12) من ذات القانون في فقرتيها الأولتين بعدم نفاذ أي حق بالنسبة لهذه الأموال لا يقدم صاحبه طلباً في الميعاد المحدد بالمادة العاشرة مع إجازة قبول الطلب إن كان عدم تقديمه في الميعاد راجعاً إلى قوة قاهرة أو ظرف استثنائي تقبله اللجنة ، ومن ثم فإن التنظيم التشريعي الوارد بالمادة (9) وفقرتي المادة (12) المشار إليها فيما سبق، لا محل لإعماله إلا بالنسبة للأنزعة التى يكون قد تم تقديم طلب بشأنها إلى اللجنة المذكورة ، وإذ كانت أوراق الدعوى الماثلة خلوا من الإشارة إلى سبق تقديم أى طلب إلى تلك اللجنة ، فليس ثمة مصلحة قائمة في الدعوى الراهنة تقتضى الفصل في دستورية النصوص سالفة الذكر.
وحيث إنه بالنسبة للمادة (17) من القانون المشار إليه فأنها إذ تقرر إنشاء إدارة لتصفية الأموال المصادرة يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وتختص بإدارة هذه الأموال وتمثيل الدولة في شأن المنازعات الخاصة بها، وكانت مصادرة المال تعنى انتقاله من الملكية الخاصة إلى ملكية الدولة بلا مقابل، فإن تحديد جهة معينة لإدارته وتمثيل الدولة في المنازعات المتعلقة به، لا تتصل بالطلبات المطروحة على محكمة الموضوع في النزاع الموضوعي الذى ينحصر في أحقية المدعيات في الأعيان والأطيان التي يطالبن بها والتعويض عن القدر الزائد على الحد الأقصى للملكية الزراعية ، وهى طلبات لا تتأثر بكون إدارة الأموال المصادرة أو غيرها هي التي تمثل الدولة بشأنها، وبالتالي لا تكون هناك مصلحة - في الدعوى الماثلة - للفصل في دستورية المادة (17) المشار إليها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها الدستورية على المادتين (14/1، 15) من القانون سالف الذكر، فقضت بجلستها المعقودة بتاريخ 11/10/1997 في الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية "دستورية "، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة وذلك فيما تضمنته من عدم جواز سماع الدعوى المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على ولو كان موضوعها أموالاً تلقاها- عن غير طريقها- أشخاص ينتمون إليها، أو اكتسبها أشخاص من غير أفراده"؛ "وبعدم دستورية نص المادة (15) من هذا القانون في مجال تطبيقها بالنسبة إلى أموال تمت مصادرتها، إذا كان أصحابها لا ينتمون لأسرة محمد على ، أو يرتبطون بها وتلقوها عن غير طريقها"، وقد نشر ذلك الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 23/10/1997. متى كان ما تقدم وكانت الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها بحيث يكون للحكم الصادر فيها- سواء قضى بعدم دستورية النص التشريعي أو برفض الدعوى لتوافقه وأحكام الدستور- حجية مطلقة ملزمة للكافة ولجميع سلطات الدولة - بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها- فلا يجوز التحلل منه أو المجادلة فيه أو مجاوزة مضمونه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ومن ثم تلتزم محكمة الموضوع بإعمال أثر ذلك الحكم على النزاع المعروض عليها.
وحيث إنه- على ضوء ما تقدم- ينحصر نطاق الدعوى الدستورية الماثلة في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه، التي يجرى نصها كالتالي "وعلى أية حال تسقط كافة الحقوق بالنسبة إلى الأموال المصادرة إذا لم يقدم عنها طلب إلى اللجنة المذكورة خلال سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية من الأشخاص الذين يمتلكون شيئاً من الأموال المصادرة " وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون "أنه في كل الأحوال لا يقبل طلب بعد فوات مدة سنة على تاريخ النشر في الجريدة الرسمية من الأشخاص المصادرة أموالهم"، ومؤدى النص سالف الذكر سقوط كافة حقوق أصحاب الأموال المصادرة - ومن بينها حق الملكية - على هذه الأموال إذا لم يقدموا طلباً بها خلال السنة المحددة بالنص.
وحيث إنه لا وجه لما ساقته هيئة قضايا الدولة من أن القضاء بعدم دستورية سقوط حق الملكية بعدم تقديم الطلب خلال السنة المشار إليها على نحو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (12) سالفة الذكر، يكون متجاوزاً مصلحة المدعيات بحسبان أنه لا يؤدى إلى تغيير في مركزهن القانوني ؛ ذلك أنه من بين الدفوع المثارة في النزاع الموضوعي والتي تعتبر مطروحة على المحكمة المحيلة - إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف- دفع بسقوط حق المدعيات استناداً إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) المشار إليها، وبالتالي فليس ثمة سند للقول بانتفاء المصلحة في الدعوى الماثلة بشأن الفصل في دستورية تلك الفقرة . كذلك فإن قول هيئة قضايا الدولة أنه ما دامت المادة (1/14) من القانون المشار إليه لا تجيز للمحاكم سماع الدعوى بشأن الأموال المصادرة فإن القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (12) منه لا يكون له من محل؛ مردود بأنه سبق لهذه المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 11/10/1997 في الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية أن قضت بعدم دستورية المادتين (14/1، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة على النحو الوارد بالحكم المذكور، ومن ثم فإذا ما رأت محكمة الموضوع أن هناك محلاً لإعمال حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على النزاع المطروح عليها، فسيظل معلقاً أمامها الفصل في الدفع بالسقوط المستند إلى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية عشرة من ذلك القانون.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لحق الملكية خاصية تميزه عن غيره من الحقوق- الشخصية منها أو العينية أصلية كانت أم تبعية - وتتمثل هذه الخاصية في أن الملكية وحدها هي التي تعتبر حقاً دائماً، وتقتضى طبيعتها ألا يزول هذا الحق بعدم الاستعمال، ذلك أنه أياً ما كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه، فأنه لا يفقد ملكيته بالتقاعس عن استعمالها، بل يظل من حقه أن يقيم دعواه للمطالبة بها مهما طال الزمن إلا إذا كسبها غيره وفقاً للقانون، بما مؤداه: أن حق الملكية باق لا يزول ما بقى الشيء المملوك منقولاً كان أو عقاراً، وبالتالي لا يسقط الحق في إقامة الدعوى التي تحميه بانقضاء زمن معين؛ ذلك أنه لا يتصّور أن يكون حق الملكية ذاته غير قابل للسقوط بالتقادم، ويسقط مع ذلك الحق في إقامة الدعوى التي يُطلَب بها هذا الحق؛ ومن ثم يكون نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) سالفة الذكر فيما تضمنه من تقرير سقوط حق الملكية بفوات سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية دون تقديم طلب إلى اللجنة حسبما ورد بتلك المادة قد انتقص من الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية وجاء بالتالى مخالفاً لأحكام المادة (34) من الدستور التي تتضمن صون حق الملكية الخاصة وكفالة حق الإرث فيها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :-
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادتين (9، 17) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12)، من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة .
ثانياً: بانتهاء الخصومة بالنسبة للطعن على المادتين (1/14، 15) من ذلك القانون
ثالثاً: بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من القانون المشار إليه في مجال تطبيقها بالنسبة لحق الملكية