الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات النيابة الادارية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات النيابة الادارية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 26 يناير 2024

الطلب 46 لسنة 45 ق جلسة 23 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ج 1 رجال قضاء ق 36 ص 129

جلسة 23 من ديسمبر 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: عز الدين الحسيني؛ عبد العال السيد؛ عثمان الزيني، محمدي الخولي.

--------------

(36)
الطلب رقم 46 لسنة 45 ق "رجال القضاء"

(1، 2) أقدمية. ترقية.
(1) إرجاء ترقية الطالب لحين استيفاء تقارير الكفاية مع الاحتفاظ له بأقدميته. عدم إسناد أقدميته عند الترقية إلى ما كانت عليه دون مبرر ظاهر. خطأ.
(2) عدم استحقاق الطالب للحقوق المادية للوظيفة التي رقي إليها إلا من تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على ترقيته. لا عبرة بصدور حكم بتعديل أقدميته.

----------------
1 - إذ كانت وزارة العدل بموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية قد رأت في حركة سابقة إرجاء ترقية الطالب إلى درجة قاض فئة "أ" على أن تتم ترقيته في حركة تالية متى استوفت تقارير الكفاية مع الاحتفاظ له بأقدميته، وبعد استيفاء هذه التقارير صدر القرار المطعون فيه بترقية الطالب إلى الوظيفة المذكورة دون إسناد أقدميته إلى ما كانت عليه قبل إرجاء الترقية، والتي تحددت عند تعيينه من المحاماة طبقاً لأحكام القانون وكانت الأوراق خالية من مبرر ظاهر لعدول جهة الإدارة عن رأيها السابق والذي أرجأت ترقية الطالب على أساسه فإنه يتعين إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم الرجوع بأقدميته إلى ما كانت عليه.
2 - لا محل لإجابة الطالب إلى طلب الفروق المالية، لأن الطالب لا يستحق الحقوق المالية للوظيفة التي رقي إليها إلا من تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على ترقيته، طالما أن قرار الترقية لم يحددها من تاريخ آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 10/ 1975 قدم الأستاذ.... هذا الطلب للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 893 سنة 75 فيما تضمنه من عدم الرجوع بأقدميته في درجة قاض من الفئة "أ" إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الجمهوري رقم 1353 سنة 74 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وقال بياناً لطلبه إنه بعد أن تخرج من كلية الحقوق اشتغل بالمحاماة وفي 20/ 10/ 73 عين قاضياً من الفئة "ب"، وبتاريخ 29/ 7/ 74 أخطره وزير العدل بأن دوره في الترقية إلى درجة قاض فئة "أ" قد حل ونظراً لعدم استيفاء تقارير الكفاية التي تؤهله للترقية، فإن الأمر سيعرض على اللجنة الخماسية لحجز درجة له لحين توافر شروط الأهلية للترقية، فإذا تم ذلك في حركة مقبله تحتسب أقدميته من تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على الحركة القضائية الحالية، ولما عرض مشروع الحركة على هذا المجلس وافق على ما ارتأته الوزارة وعلى هذا الأساس صدر القرار الجمهوري رقم 1353 سنة 74 متضمناً عدم ترقية الطالب إلى وظيفة قاض فئة "أ"، وبعد صدوره أجري التفتيش على عمل الطالب في شهري مارس وإبريل سنة 74، وفي شهري نوفمبر وديسمبر سنة 1974 وقدرت كفايته في كل من الفترتين بدرجة فوق المتوسط، ثم صدر القرار الجمهوري المطعون فيه متضمناً ترقيته إلى الوظيفة المذكورة دون الرجوع بأقدميته إلى ما كانت عليه أصلاً، وإذ خالف هذا القرار القاعدة التنظيمية التي وضعها المجلس الأعلى للهيئات القضائية ومقتضاها رد أقدمية الطالب إلى ما كانت عليه من قبل، فقد قدم الطلب للحكم له بطلباته - فوض الحاضر عن الحكومة الرأي للمحكمة، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم إسناد أقدمية الطالب إلى ما كان عليه أصلاً ورفض طلب الفروق المالية.
وحيث إنه لما كانت وزارة العدل بموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية قد رأت في حركة سابقة إرجاء ترقية الطالب إلى درجة فاض فئة "أ" على أن تتم ترقيته في حركة تالية متى استوفت تقارير الكفاية مع الاحتفاظ له بأقدميته، وبعد استيفاء هذه التقارير صدر القرار المطعون فيه بترقية الطالب إلى الوظيفة المذكورة دون إسناد أقدميته إلى ما كانت عليه قبل إرجاء الترقية، والتي تحددت عند تعيينه من المحاماة وفقاً لأحكام القانون، وكانت الأوراق خالية من مبرر ظاهر لعدول جهة الإدارة عن رأيها السابق والذي أرجأت ترقية الطالب على أساسه، فإنه يتعين إلغاء القرار المطعون فيه من عدم الرجوع بأقدمية الطالب إلى ما كانت عليه.
وحيث إنه عن طلب الفروق المالية فلا محل لإجابة الطالب إليه، لأن الطالب لا يستحق الحقوق المالية للوظيفة التي رقي إليها إلا من تاريخ موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على ترقيته، طالما أن قرار الترقية لم يحددها من تاريخ آخر.

الطلبان 127 لسنة 26 ق ، 26 لسنة 27 ق جلسة 29 / 11 / 1958 مكتب فني 9 ج 3 رجال قضاء ق 21 ص 643

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

--------------

(21)
الطلبان رقما 127 سنة 26، 26 سنة 27 ق (رجال القضاء)

(أ) قضاة. ترقية. 

سبق الاعتراض على تقرير تفتيش. رفضه. لا تجوز المجادلة فيه بعد ذلك.
(ب) قضاة. ترقية. 

عدم استقرار حالة الطالب على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغها. تخطيه في الترقية. عدم انطواء القرارين المطعون فيهما على مخالفة للقانون أو إساءة لاستعمال السلطة.

---------------
1 - متى كان الطالب قد سبق له الاعتراض على تقرير تفتيش على أعماله تخطته الوزارة بسببه في الترقية وحكمت هذه المحكمة برفضه فلا يجوز له معاودة الجدل أو البحث بعد ذلك في هذا التقرير.
2 - متى تبين أن الطالب - وهو وكيل محكمة - إلى تاريخ صدور القرارين الجمهوريين المطعون عليهما - اللذين أغفلا ترقيته - لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء الأعلى من استقرار حالته على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغه هذه الدرجة، وكان يبين من مقارنة حالته بحالة زملائه ممن تخطوه في الترقية أنه لا مخالفة في القرارين المذكورين للقوانين أو اللوائح ولا إساءة فيها لاستعمال السلطة، فإنه يكون على غير أساس طلبه إلغاءهما متعين رفضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن وقائع هذين الطلبين على ما يبين من تقريري الطعنين وسائر الأوراق تتلخص في أنه بتاريخ 31 من يوليو سنة 1956 صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية بالمحاكم رقي بمقتضاه اثنان وعشرون من وكلاء المحاكم ومن في درجتهم من رؤساء النيابة من زملاء الطالب اللاحقين له في ترتيب الأقدمية إلى درجة رئيس محكمة أو رئيس نيابة من الفئة الممتازة دونه، فطعن بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1956 في هذا القرار بالنقض طالباً إلغاءه فيما تضمنه من إغفال ترقيته من وظيفة وكيل محكمة إلى رئيس محكمة أو رئيس نيابة من الفئة الممتازة وإلغاء جميع ما يترتب على ذلك القرار من الآثار والحكم بأحقيته إلى إحدى هاتين الوظيفتين أو ما يماثلها على أن تكون أقدميته قبل الأستاذ ........ وإلغاء ما عسى أن يصدر مستقبلاً قبل الفصل في هذا الطعن من قرارات يكون من نتيجتها عدم ترقيته إلى الدرجة التي يستحقها مما يعلو وظيفة رئيس محكمة أو ما يماثلها أو المساس بأقدميته فيها مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد هذا الطلب تحت رقم 127 سنة 26 ق رجال القضاء وأسس طلبه هذا على مخالفة القرار المذكور للقوانين واللوائح وإساءة استعمال السلطة المبينة بالمادة 23 من القانون رقم 240 سنة 1955 بتعديل بعض نصوص القانون رقم 147 سنة 1949 إذ أنه لا يقل كفاءة عمن تخطوه في الترقية، وله تقريران بدرجة "فوق المتوسط" أولهما في شهر أغسطس سنة 1952 والثاني في 22/ 3/ 1954 وأنه وإن كان قد فتش على عمله بعد ذلك عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 وقدر في هذا التفتيش بدرجة "متوسط" فإن تقرير التفتيش المذكور باطل شكلاً وموضوعاً وقد طعن على القرارين الجمهوريين اللذين تخطياه في الترقية بسبب هذا التقرير في 10 من أغسطس سنة 1955، 30 من نوفمبر سنة 1955 بالطلبين رقمي 110 و175 سنة 25 ق رجال القضاء وأمر مجلس القضاء الأعلى نتيجة لاعتراضه على هذا التفتيش بإعادة التفتيش عليه فقام السيد/ الأستاذ ....... ........ بتفتيش عمله عن المدة من أكتوبر إلى ديسمبر سنة 1955 بمقتضى تقرير قدرت كفايته فيه بدرجة "متوسط" مما ترتب عليه أن تخطته الوزارة في الترقية في قرار 31 من يوليه سنة 1956 المطعون فيه ونعى على هذا التفتيش الأخير بأنه حصل بمعرفة الأستاذ ..... الذي سبق أن تخطى الطالب في الترقية في الحركة القضائية الصادرة بتاريخ 3 من يوليه سنة 1953 وأن اللجنة التي قدرت كفايته في تقرير التفتيش كانت تضم خمسة من أعضاء اللجنة التي قدرت كفايته في التقرير السابق الحاصل عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 كما نعى على التقرير بأنه تضمن بعض ملاحظات قضائية بعضها عن قضايا مستأنفة لا يجوز توجيه ملاحظات فيها لهذا السبب وبعضها خاص بالعضو الأيمن في الدائرة التي يرأسها لا يسأل هو عنها بعضها حكمت محكمة الاستئناف العليا بتأييد الأحكام الصادرة فيها وقدم شهادة رسمية تؤيد ذلك وقال عن باقي الملاحظات القضائية إنها في غير محلها وناقش في تقرير الطعن تلك الملاحظات ورد عليها - وفي أثناء تداول هذا الطعن أمام التحضير صدر قرار جمهوري آخر بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957 بتعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية تضمن ترقية بعض من تخطى الطالب في الترقية بموجب قرار 31 من يوليه سنة 1956 إلى درجة مستشار كما تضمن ترقية تسعة وعشرين ممن يلونه في كادر وكلاء المحاكم أو من يعادلهم إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، فطعن في هذا القرار بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1957 بالنقض طالباً - أصلياً - إلغاءه فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة مستشار أو ما يعادلها ومن باب الاحتياط إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات وقيد هذا الطعن برقم 26 سنة 27 ق رجال القضاء وتقرر ضمه إلى الطعن رقم 127 سنة 26 ق وبني الطالب طعنه في هذا القرار على ما بني عليه طعنه في قرار 31 من يوليه سنة 1956 واستند إلى ما قدمه من مستندات في هذين الطلبين ثم أصر في مذكرته المقدمة فيهما على طلباته وأضاف بالنسبة للطلب رقم 26 سنة 27 ق أنه حصل في غضون سنة 1957 على تقريرين أحدهما بتاريخ 26/ 6/ 1957 من السيد/ الأستاذ ...... أشاد فيه بكفايته والثاني بتاريخ 21/ 7/ 1957 من السيد مدير التفتيش القضائي للنيابات عن عمله بنيابة شبين الكوم في شهر يونيه سنة 1957 وعمله بنيابة السويس قدرت كفايته فيه بدرجة "فوق المتوسط" وقارن نفسه ببعض زملائه الذين تخطوه في الترقية بموجب القرارين المطعون فيهما قائلاً بأنه لا يقل عنهم كفاية كما تمسك بنتيجة تقرير أغسطس سنة 1952 وتقرير 22/ 3/ 1954 اللذين قدر فيهما بدرجة "فوق المتوسط" بحجة أنها تناقض نتيجة تقرير التفتيش الحاصل عليه أخيراً عن المدة من أكتوبر إلى ديسمبر سنة 1955 - وقدمت وزارة العدل بيانات رسمية من واقع السجل السري لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية في الطعنين وطلبت رفضهما لأن الاختيار للترقية إلى درجة رئيس محكمة ابتدائية أو ما يعادلها يكون طبقاً لقانون استقلال القضاء رقم 188 سنة 1955 على أساس درجة الأهلية وقالت إن الطالب لم يبلغ درجة زملائه الذين تخطوه في الترقية إلى هذه الدرجة بالقرارين المطعون فيهما لأنه لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء من استقرار حالة المرشح في درجة "فوق المتوسط" وذلك بأن يكون التقريران الأخيران المتواليان يشهدان له بالوصول إلى هذه الدرجة كما قالت إن اعتراضات الطالب على تقرير الأستاذ ...... المؤرخ 7/ 4/ 1956 عرضت على لجنة التفتيش ورفضتها وأصرت على رأيها في تقدير كفايته في ذلك التقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أشارت فيها إلى أن الطلبين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية وأن طلب الطاعن القضاء بأحقيته في الترقية خارج عن ولاية هذه المحكمة إذ ولايتها قاصرة على قضاء الإلغاء كما قالت إن طالب إلغاء ما عسى أن يصدر مستقبلاً قبل الفصل في هذا الطعن من قرارات يكون من نتيجتها عدم ترقية الطالب إلى الدرجة التي يستحقها غير مقبول لأنه سابق لأوانه. وعرجت على دفاع الطالب فيما يختص بالطلب رقم 127 سنة 26 ق بأنه لا يجوز أن يسمع منه أي اعتراض على تقرير التفتيش الحاصل عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 لأن هذا التقرير كان محلاً لاعتراضه في طعن سابق هو الطعن رقم 175 سنة 25 ق رجال القضاء استعرضت المحكمة فيه هذا التقرير ومطاعن الطالب عليه كما استعرضت غيره من أسباب تخطيه في الترقية وقررت رفض هذا الطلب فلا يجوز العودة للمجادلة في دلالة هذا التقرير. أما فيما يختص بتقرير تفتيش المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 فلم تقر النيابة ما اعترض به الطالب على هذا التقرير من بطلانه أو مجافاته للواقع وقالت إن ملف الطالب السري خال من أية إشارة إلى وجود تقرير تفتيش للأستاذ ........ وأن الكشف المقدم من الطالب بالقضايا التي تأيد الحكم الصادر فيها استئنافياً والقضايا التي لم تستأنف لا يحوي أية قضية مما أشير إليه في تقرير التفتيش.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على ملف الطلبين رقمي 110 و175 سنة 25 ق رجال القضاء المرفقين بملف هذا الطلب أن الطالب كان قد اعترض فيهما على تقرير التفتيش الحاصل عن عمله في شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 والذي تخطته الوزارة بسببه في الترقية بموجب القرارين الجمهوريين الصادرين بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1955، و30 من نوفمبر سنة 1955 فحكمت هذه المحكمة بتاريخ 30 من مارس سنة 1957 برفضهما، فلا يجوز معاودة الجدل أو البحث بعد ذلك في هذا التقرير - كما يبين من الاطلاع على ملف الطالب السري المرفق أن مجلس القضاء الأعلى لم يقرر إلغاء التقرير المذكور كما يقول الطالب وفقط تضمن الملف مذكرة مؤرخة 28/ 11/ 1955 من السيد رئيس المجلس تتضمن أن المجلس رأى إعادة التفتيش على عمل الطالب فقام الأستاذ ....... في مارس سنة 1956 بالتفتيش على عمله في المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 وقدم تقريراً تضمن بعض ملاحظات عن أخطاء قضائية. وعرض التقرير بتاريخ 7/ 4/ 1956 على لجنة التفتيش برئاسة السيد مدير التفتيش القضائي وعضوية الأساتذة ........ و........ و........ و....... قدرت كفايته بدرجة "وسط". فقدم الطالب إلى السيد مدير التفتيش مذكرة باعتراضاته على هذا التقرير هي نفس ما أورده في تقريري هذين الطعنين من اعتراضات عليه تولى الأستاذ ...... وكيل التفتيش بحث هذه الاعتراضات والرد عليها وأعد مذكرة بذلك عرضت بتاريخ 9/ 7/ 1956 على لجنة التفتيش برئاسة السيد مدير التفتيش وعضوية الأساتذة ...... و...... و...... و..... فقررت اللجنة بعد الاطلاع على تلك المذكرة وما رافقها من أوراق وعلى تقرير التفتيش محل الطعن تأييد النتيجة السابقة التي انتهت إليها بشأن التقرير المذكور. كما يبين من الاطلاع على تقرير التفتيش السابق الخاص بشهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1954 أن التفتيش على عمل الطالب أجرى بمعرفة الأستاذ .... لا بمعرفة الأستاذين ...... و.... كما يقول الطالب وأن لجنة التفتيش التي عرض عليها هذا التقرير كانت مكونة من السيد مدير التفتيش والأساتذة...... و..... و..... و.... ولم يشترك من هؤلاء في لجنة تقدير الطالب في التفتيش التالي الحاصل عن المدة من أكتوبر لغاية ديسمبر سنة 1955 خمسة كما يقول الطالب وإنما الذي اشترك منهم في تلك اللجنة هو فقط الأستاذ ....... ولا غضاضة في ذلك ولا في أن يتولى الأستاذ .... التفتيش على الطالب بعد أن قضى ضده برفض طعنه من هذه المحكمة بتاريخ 1/ 5/ 1954 ومن ثم تكون اعتراضات الطالب على هذا التقرير سواء من ناحية مجافاته للواقع أو من ناحية بطلانه مردودة - ولما كان الطالب إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري المؤرخ 31/ 7/ 1956 لم يتوافر له ما استلزمه مجلس القضاء الأعلى من استقرار حالته على درجة "فوق المتوسط" بحصوله على تقريرين متواليين يشهدان له ببلوغه هذه الدرجة. وكان يبين من مقارنة حالة الطالب بحالة زملائه ممن تخطوه في الترقية طبقاً للبيانات الرسمية المستخرجة من واقع سجلاتهم السرية أنه لا مخالفة في القرار المذكور للقوانين أو اللوائح ولا إساءة فيه لاستعمال السلطة. وإذ كان الثابت من ملف الطالب السري أنه عقب صدور القرار سالف الذكر لم يحصل الطالب إلا على تقدير واحد بدرجة فوق المتوسط" وذلك بتاريخ 21/ 7/ 1957 وكان هذا التقدير بمعرفة اللجنة المشكلة برئاسة السيد النائب العام بناءً على تقرير التفتيش الذي أجراه السيد مدير التفتيش القضائي بالنيابة العمومية على عمله بنيابة شبين الكوم الكلية في يونيه سنة 1957 وعمله بنيابة السويس الكلية في المدة من 12 إلى 24 من فبراير سنة 1957 - وعلى تقرير من السيد المحامي العام الأستاذ ..... مؤرخ في 26/ 6/ 1957 عن عمله معه في نيابة استئناف القاهرة في الثلاثة شهور السابقة لصدور القرار الجمهوري بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1957. ويكون القرار الجمهوري المذكور هو الآخر بمنأى عن مخالفة القوانين أو اللوائح أو سوء استعمال السلطة ويتعين لذلك رفض هذين الطلبين.

الطلب 76 لسنة 26 ق جلسة 26 / 4 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 رجال قضاء ق 9 ص 273

جلسة 26 من أبريل سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومصطفى كامل، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.

--------------

(9)
الطلب رقم 76 سنة 26 ق "رجال القضاء"

إجراءات الطلب. مرتبات. نيابة. 

الطعن بعد الميعاد في قرار وزير العدل فيما لم يتضمنه من منح الطالب المربوط المخصص لدرجة مساعد النيابة رغم علمه بالقرار. عدم قبول الطلب شكلاً.

--------------
متى كان الطالب لم يقرر بالطعن في قرار وزير العدل فيما لم يتضمنه من منحه المربوط المخصص لدرجة مساعد النيابة إلا بعد مضي الثلاثين يوماً المحددة للطعن بالنقض طبقاً للمادة 428 مرافعات على الرغم من علمه بالقرار منذ أن صرف مرتبه على الأساس الذي لا يرتضيه عقب صدور القرار المطعون فيه فإن الطلب يكون غير مقبول شكلاً.(1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطالب قرر في 28/ 4/ 1956 بالطعن في قرار وزير العدل الصادر في 18/ 4/ 1953 الخاص بترقيته إلى درجة مساعد نيابة فيما لم يتضمنه من منحه مربوط تلك الدرجة طبقاً لما ورد بجدول مرتبات رجال القضاء الملحق بقانون استقلال القضاء. وقد دفعت النيابة بعدم قبول هذا الطلب شكلاً لتقديمه بعد الميعاد.
وحيث إن المادة 23 من القانون رقم 147 سنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء نصت على أن "يتبع في تقديم الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية". لما كان ذلك وكان القرار المطعون فيه صدر في 18/ 4/ 1953 وأبلغ للنيابة التي يعمل بها الطالب في 22/ 4/ 1953 وقد علم به على وجه التحقيق منذ أن صرف مرتبه الشهري - على الأساس الذي لا يرتضيه - عقب صدور القرار بترقيته ومع ذلك فهو لم يطعن في هذا القرار إلا في 28/ 4/ 1956 أي بعد مضي الثلاثين يوماً المحددة للطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 428 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم فإنه يتعين قبول الدفع والقضاء بعدم قبول الطلب شكلاً وإلزام الطالب بالمصروفات.


(1) قررت المحكمة هذا المبدأ أيضا في الحكم الصادر في ذات الجلسة في الطلب رقم 77 سنة 26 ق.

الطلب 56 لسنة 56 ق (صحتها 26) جلسة 25 / 1 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 رجال قضاء ق 3 ص 13

جلسة 25 من يناير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

---------------

(3)
الطلب رقم 56 سنة 56 ق "رجال القضاء" (صحتها 26)

استقالة. 

قبول استقالة الطالب بشرائطها التي لم يكن من بينها استمساكه بالسير في الطلب. اعتبار الطلب غير قائم.

----------------
متى كان قد صدر قرار جمهوري بقبول استقالة الطالب بشرائطها المبينة في كتاب الاستقالة ولم يكن من بينها استمساك الطالب باستمرار السير في الطلب وما يترتب عليه من حقوق - فإنه يترتب على هذا القبول إنهاء رابطة التوظف ويصبح الطلب غير قائم طبقاً لما جرى عليه قضاء محكمة النقض.


المحكمة

من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطالب قرر بتاريخ 14 من مايو سنة 1954 في قلم كتاب هذه المحكمة بأنه يطعن في المرسوم الصادر في 3 من أبريل سنة 1954 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 29 بتاريخ 12 من أبريل سنة 1954 فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة وكيل محكمة استئناف أسيوط أو ما يماثلها للأسباب التي أوردها في التقرير.
ومن حيث إن الطالب قدم بتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1956 طلباً إلى وزارة العدل أبدى فيه رغبته في اعتزال الخدمة على أن يصرف له مرتب السنتين التاليتين لقبول استقالته مشاهرة دون احتساب السنتين في المعاش ولم يشر في كتاب الاستقالة إلى الدعوى الحالية، وقد صدر قرار جمهوري رقم 29 لسنة 1957 في 7 من يناير سنة 1957 بقبول الاستقالة على أن يصرف إليه الفرق بين مرتبه حينئذ مضافاً إليه إعانة الغلاء وبين المعاش المستحق له مضافاً إليه إعانة الغلاء مشاهرة لمدة سنتين على أن لا تحتسب المدة المضافة في المعاش.
وقد طلبت وزارة العدل ورأت معها النيابة رفض الطلب.
وحيث إنه لما كان إيجاب الطالب قد صادف قبولاً من وزارة العدل وصدر قرار جمهوري بقبول شرائط الطالب كاملة كما بينها فإنه يترتب على هذا القبول إنهاء رابطة التوظف وتبعاً لذلك يكون الطالب قد ارتضى نهائياً تسوية حالته على الأساس الذي بينه في كتاب الاستقالة مع ما قرنه به من شرائط ليس بينها استمساكه بالسير في هذا الطلب وما يترتب عليه من حقوق. ومن ثم يصبح هذا الطلب بعد إذ قبل الطالب مختاراً قطع هذه الرابطة بصفة نهائية غير قائم طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة (الطعن رقم 8 سنة 21 ق و98 سنة 23 ق و12 سنة 24 ق).
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض هذا الطلب.

السبت، 9 ديسمبر 2023

الطعن 1682 لسنة 6 ق جلسة 16 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 44 ص 403

جلسة 16 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

--------------

(44)

القضية رقم 1682 لسنة 6 القضائية

تقادم 

- الأصل أن اكتمال مدته لا يرتب بذاته سقوط الالتزام - وجوب تمسك المدين به, إذ الأصل فيه أنه لا يعتبر من النظام العام - لا تملك المحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها, ما لم يرد نص على خلاف هذا الأصل - أساس ذلك ومثال: نص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات بأن الماهيات التي لم يطالب بها مدة 5 سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة - للمحكمة أن تقضي بالسقوط وفقاً لهذا النص من تلقاء نفسها - رجوع الإدارة على الموظف بمبالغ صرفت له دون وجه حق - لا يجيز للمحكمة أن تقضي بسقوط الحق فيها بالتقادم, دون طلب من ذي المصلحة.

----------------
إن الأصل في التقادم أنه لا يترتب على اكتمال مدته سقوط الالتزام من تلقاء ذاته بل لابد أن يتمسك به المدين، فالتقادم دفع يدفع به المدين دعوى الدائن، والأصل فيه أن لا يعتبر من النظام العام. ذلك أن سقوط الالتزام بالتقادم وإن كان مبنياً على اعتبارات تمت إلى المصلحة العامة لضمان الأوضاع المستقرة، إلا أنه يتصل مباشرة بمصلحة المدين الخاصة، كما أنه يتصل اتصالاً مباشراً بضميره فإذا كان يعلم أن ذمته مشغولة بالدين وتخرج من التذرع بالتقادم، كان له النزول عنه عن طريق عدم التمسك به، فلا تستطيع المحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها - كل ذلك ما لم يرد نص على خلاف هذا الأصل، كنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات التي يقضي بأن "الماهيات التي لم يطالب بها مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة". ومفاد هذا النص أنه بمجرد انقضاء مدة الخمس سنوات تصبح الماهيات حقاً للحكومة دون أن يتخلف أي التزام طبيعي في ذمة الدولة وأنه يجوز للمحكمة أن تقضي بسقوط الحق في المطالبة بها من تلقاء نفسها. وعلة خروج هذا النص على الأصل العام المشار إليه هي - قيام اعتبارات تنظيمية بالمصلحة العامة وتهدف إلى استقرار الأوضاع الإدارية وعدم تعرض ميزانية الدولة - وهي في الأصل سنوية - للمفاجآت والاضطراب.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى أنه ليس هناك نص مماثل لنص المادة 50 المشار إليها في شأن ما تصرفه الحكومة للعاملين فيها من مبالغ تزيد عما هو مستحق لهم - فإن الاعتبارات التي يقوم عليها حكم النص المذكور غير قائمة في شأن رجوع الحكومة بتلك المبالغ على من صرفت إليهم دون وجه حق، ويترتب على ذلك سريان الأصل العام السابق الإشارة إليه على تقادم الحق في المطالبة بالمبالغ المذكورة، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب ذي المصلحة.
ومن حيث إنه لذلك فإنه إن جاز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق العامل في الأجر الذي لم يطالب به مدة خمس سنوات وفقاً لنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات، فإنه لا يجوز لها أن تقضي من تلقاء نفسها بتقادم حق الدولة في الرجوع على العامل بما صرف له دون وجه حق إذ يتعين للحكم بهذا التقادم أن يتمسك هو به.
ومن حيث إن المدعى عليه لم يدفع بالتقادم فإنه ما كان يجوز للمحكمة الإدارية أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط الدعوى، وإذ قضت بذلك يكون حكمها مخالفاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 8 من يونيه سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير المواصلات قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1682 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية بجلسة 5 من إبريل سنة 1960 في الدعوى رقم 980 لسنة 6 القضائية المقامة من السيد وزير المواصلات ضد السيد/ سيد محمود خليل, والقاضي بسقوط الدعوى وإلزام المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون والقضاء بإلزام المدعى عليه بدفع مبلغ 26 جنيهاً و244 مليماً والمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن بتسليم صورته إلى النيابة في 4 من إبريل سنة 1961 لعدم الاستدلال على محل إقامة المطعون ضده - وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1 من يونيه سنة 1962 - وأبلغ الطرفان في 22 من مايو سنة 1962 بموعد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره جلسة 16 من مايو سنة 1964 التي أبلغ بها الطرفان في 8 من إبريل سنة 1964 وتم إخطار المدعى عليه بموعد كل من هاتين الجلستين بإرسال الإخطارين إلى وكيل نيابة محرم بك بالإسكندرية لعدم الاستدلال على محل إقامته - وقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 وبعد أن سمعت الإيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أن الحكم المطعون فيه قد صدر في 5 من إبريل سنة 1960 وأن تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب المحكمة في 8 من يونيه سنة 1960 وأن المدة من 4 إلى 7 من يونيه سنة 1960 صادفت عطلة رسمية هي عطلة عيد الأضحى فامتد ميعاد الطعن إلى اليوم التالي لها وذلك بالتطبيق لحكم المادتين 20، 22 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية في 8 من سبتمبر سنة 1959 أقامت وزارة المواصلات الدعوى رقم 980 لسنة 6 القضائية ضد السيد/ سيد محمود خليل طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 26 جنيهاً و244 مليماً والفوائد والمصروفات وأتعاب المحاماة. وقالت بياناً لدعواها إن المدعى عليه التحق بمصلحة الطرق والكباري ضمن عمال القناة بمهنة رئيس عمال ومنح بصفة مؤقتة أجراً يومياً قدره 300 مليم وكانت التعليمات تستوجب أن يتقدم بمستند يثبت أنه كان يعمل مع الجيش البريطاني حتى تاريخ إلغاء المعاهدة، ولكنه عجز عن تقديم هذا المستند فعرض أمره على اللجنة الفنية المشكلة بمصلحة الطرق والتي قررت وضعه في درجة عامل عادي 100/ 300 مليم بأول مربوطها طبقاً لنوع الوظيفة التي كان يزاولها بالجيش البريطاني وذلك اعتباراً من أول إبريل سنة 1953 تاريخ نفاذ كادر العمال وترتب على هذه التسوية أن استحق للوزارة في ذمته مبلغ 29 جنيهاً و625 مليماً صرفت إليه بدون وجه حق في الفترة من 6 إبريل سنة 1952 تاريخ نفاذ الكادر حتى 31 من ديسمبر سنة 1952 تاريخ التسوية واستقطع من هذه القيمة مبلغ 3 جنيهات و381 مليماً. وفي 17 من إبريل سنة 1953 انقطع المدعى عليه عن العمل وتقرر فصله اعتباراً من ذلك التاريخ وتبقى عليه مبلغ 26 جنيهاً و244 مليماً صرفت إليه بدون وجه حق - وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع مبلغ 9 جنيهات و654 مليماً وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات وذلك تأسيساً على أن الثابت بملف خدمته أن الجهة الإدارية عاملته على أنه ساع أو فراش فيستحق طبقاً لكادر عمال القناة أجراً يومياً قدره 140 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 مضافاً إليه إعانة غلاء معيشة حسب حالته الاجتماعية بلغت 75% فيكون الأجر الإجمالي المستحق له قانوناً 245 مليماً يومياً وتكون الزيادة التي صرفها بدون وجه حق عن أيام عمله في المدة من أول إبريل إلى آخر ديسمبر سنة 1952 هي 13 جنيهاً و35 مليماً حصلت منها الوزارة 3 جنيهات و381 مليماً فيكون الباقي هو مبلغ 9 جنيهات و654 مليماً يتعين القضاء به للوزارة مع الفوائد القانونية. وعقبت الوزارة على هذا التقرير بقولها إن المدعى عليه عين بمصلحة الطرق والنقل البري بعد تطبيق قواعد كادر العمال عليه على أساس أنه عامل رش بالطرق المحدد له أجر بكادر العمال درجة (عامل عادي 100/ 300) فتكون مطالبته بالمبلغ موضوع الدعوى على أساس سليم استناداً إلى التسوية التي أجرتها المصلحة والتي لم يعترض عليها المدعى عليه - وبجلسة 5 من إبريل سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بسقوط الدعوى وألزمت المدعية المصروفات. وأسست قضاءها بذلك على أن مطالبة الوزارة بالمبالغ التي استولى عليها المدعى عليه دون وجه حق لا تعدو أن تكون من دعاوى الاسترداد التي يتحتم رفعها قبل انقضاء المدة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني وأنه يبين من الأوراق أن الوزارة قد علمت بما لها في ذمة المدعى عليه في يناير سنة 1953 وآية ذلك أنها قامت باستقطاع ما استولى عليه زيادة من مرتبه اعتباراً من شهر يناير سنة 1953 حتى شهر مارس سنة 1953 ولم يتخذ أي إجراء قاطع للتقادم بعد أن توقفت عن الخصم من مرتبه بسبب فصله من الخدمة في 17 من إبريل سنة 1953 إلى أن أقامت الدعوى بصحيفة أعلنت إلى المدعي في 14 من سبتمبر سنة 1959 فتكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد المقرر في المادة 187 ويتعين الحكم بسقوطها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أعمل التقادم الوارد بالمادة 187 من القانون المدني دون أن يطلب المدعى عليه ذلك في حين أن قواعد التقادم ليست من النظام العام فليس للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ولا ينال من ذلك أن المطالبة محل الدعوى تتعلق برابطة من روابط القانون العام لأن مصدر الالتزام هنا حكم القانون المدني والقاعدة التي طبقتها المحكمة واردة بهذا القانون فكان يتعين عليها أن تأخذ بقواعده كاملة ما دام لا يوجد نص آخر في قانون آخر يغاير هذه القواعد أو بعضها، ولا وجه للقياس على حكم المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية لأنه جاء في خصوصية معينة هي الماهيات المستحقة في ذمة الدولة للأفراد - هذا فضلاً عن أنه لو طبق حكم هذه المادة فإن الحق لا يسقط إلا بمضي خمس سنوات على تاريخ استحقاقه ولم يكن هذا الحق قد سقط بعد عند رفع الدعوى في 8 من سبتمبر سنة 1959 لأن الوزارة كانت قد أخذت خلال سنة 1957 إجراءات قاطعة للتقادم حيث طالبت المطعون ضده بالمبلغ محل الدعوى بموجب عريضة دعوى أمام محكمة ميناء البصل المدنية ولكنها تركتها بعد أن تبينت أن القضاء الإداري هو المختص بنظر هذه المنازعة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قد قدمت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع للوزارة المدعية مبلغ 26 جنيهاً و244 مليماً مع إلزامه المصروفات. وذلك تأسيساً على أن التقدم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني لا يسري على حق الحكومة في استرداد المدفوع من جانبها إلى الموظف بدون حق وأن مدة التقادم التي تسري على المبلغ موضوع الدعوى هي مدة التقادم المسقطة للمرتب وهي مدة الخمس سنوات المنصوص عليها في المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات، وأنه من المقرر أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها وأن الجهة الإدارية قد قامت باستقطاع جزء من المبلغ المستحق لها عن طريق الخصم من أجر المدعى عليه في الأشهر من يناير إلى مارس سنة 1953 كما أنها لم تأل جهداً إبان عامي 1954، 1955 في سبيل التعرف على محل إقامة المدعى عليه بغية مطالبته بباقي المبلغ المستحق عليه وكتبت في هذا الشأن إلى كل من تفتيش الشرق بالوجه البحري ومحافظة القناة بالإسماعيلية طالبة إجراء التحريات اللازمة للوقوف على محل إقامته، وهذه الإجراءات تقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم. وكما كانت الدعوى قد رفعت في 8 من سبتمبر سنة 1959 فإنها تكون قد رفعت في ميعاد لم يكن فيه الحق قد سقط بالتقادم لاسيما وأن إدارة قضايا الحكومة تقرر في صحيفة طعنها أنها قطعت التقادم خلال عام 1957 عندما طالبت المدعى عليه بالمبلغ موضوع النزاع بموجب صحيفة دعوى مدنية أمام محكمة ميناء البصل.
ومن حيث إن وزارة المواصلات قد تقدمت بمذكرة بدفاعها أضافت فيها إلى ما تضمنه تقرير الطعن أنها أخذت في التحري عن محل إقامة المدعى عليه. وفي 6 من مايو سنة 1957 حددت أول جلسة محكمة محرم بك لنظر هذا النزاع ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة ميناء البصل الجزئية بعد أن تبين أنه يقيم في دائرة تلك المحكمة، وفي أول سبتمبر سنة 1959 تركت الحكومة هذه الدعوى للشطب بعد أن تبينت أن المحكمة المختصة هي المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات. وذكرت الوزارة أن هذه الإجراءات جميعاً تدل على أن الإدارة لم تهمل المطالبة فقطع التقادم في مجال هذه الرابطة الإدارية التي تحكمها القوانين واللوائح - وأن المدعى عليه ظل يقبض أجر مهنة رئيس عمال بواقع 300 مليم في اليوم بعد أن سويت حالته بوضعه في الدرجة 100/ 300 مليم بأول مربوطها اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 فتجمد في ذمته نتيجة لذلك المبلغ محل المطالبة. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم بالطلبات الموضحة بتقرير الطعن.
ومن حيث إن الوزارة تقيم مطالبتها للمدعى عليه بالفرق بين الأجر الذي صرف له فعلاً والأجر الذي تدعي أنه كان يستحقه في المدة من أول إبريل إلى آخر ديسمبر سنة 1952 على أنه عجز عن تقديم المستند الدال على أنه كان يعمل بالجيش البريطاني حتى تاريخ إلغاء معاهدة سنة 1936 فعرض أمره على اللجنة الفنية المشكلة بمصلحة الطرق التي قررت وضعه في درجة عامل عادي (100/ 300 مليم) بأول مربوطها اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 تاريخ نفاذ كادر العمال وترتب على هذه التسوية أن استحق للوزارة في ذمته مبلغ 29 جنيهاً و625 مليماً صرفت إليه بدون وجه حق في الفترة من 6 من إبريل سنة 1952 حتى 31 من ديسمبر سنة 1952 تاريخ التسوية خصم منها مبلغ 3 جنيهاً و381 مليماً استقطع مما استحق للمدعى عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بسقوط الدعوى على أنها من دعاوى الاسترداد التي يتحتم رفعها قبل انقضاء المدة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني وأنها قد أقيمت بعد انقضاء المدة المذكورة.
ومن حيث إن المدعى عليه لم يحضر أمام المحكمة الإدارية ولم يتقدم بأي دفع أو دفاع في الدعوى وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد قضى بالسقوط دون أن يدفع المدعى عليه بالتقادم المسقط.
ومن حيث إن الأصل في التقادم أنه لا يترتب على اكتمال مدته سقوط الالتزام من تلقاء ذاته بل لابد أن يتمسك به المدين، فالتقادم دفع يدفع به المدين دعوى الدائن، والأصل فيه أنه لا يعتبر من النظام العام. ذلك أن سقوط الالتزام بالتقادم وإن كان مبنياً على اعتبارات تمت إلى المصلحة العامة لضمان الأوضاع المستقرة، إلا أنه يتصل مباشرة بمصلحة المدين الخاصة، كما أنه يتصل اتصالاً مباشراً بضميره فإذا كان يعلم أن ذمته مشغولة بالدين وتخرج من التذرع بالتقادم، كان له النزول عنه عن طريق عدم التمسك به، فلا تستطيع المحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها - كل ذلك ما لم يرد نص على خلاف هذا الأصل، كنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات الذي يقضي بأن "الماهيات التي لم يطالب بها مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة". ومفاد هذا النص أنه بمجرد انقضاء مدة الخمس سنوات تصبح الماهيات حقاً للحكومة دون أن يتخلف أي التزام طبيعي في ذمة الدولة، وأنه يجوز للمحكمة أن تقضي بسقوط الحق في المطالبة بها من تلقاء نفسها. وعلة خروج هذا النص على الأصل العام المشار إليه هي - قيام اعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة وتهدف إلى استقرار الأوضاع الإدارية وعدم تعرض ميزانية الدولة - وهي في الأصل سنوية - للمفاجآت والاضطراب.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى أنه ليس هناك نص مماثل لنص المادة 50 المشار إليها في شأن ما تصرفه الحكومة للعاملين فيها من مبالغ تزيد عما هو مستحق لهم - فإن الاعتبارات التي يقوم عليها حكم النص المذكور غير قائمة في شأن رجوع الحكومة بتلك المبالغ على من صرفت إليهم دون وجه حق، ويترتب على ذلك سريان الأصل العام السابق الإشارة إليه على تقادم الحق في المطالبة بالمبالغ المذكورة، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب ذي المصلحة.
ومن حيث إنه لذلك فإنه إن جاز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق العامل في الأجر الذي لم يطالب به مدة خمس سنوات وفقاً لنص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات، فإنه لا يجوز لها أن تقضي من تلقاء نفسها بتقادم حق الدولة في الرجوع على العامل بما صرف له دون وجه حق إذ يتعين للحكم بهذا التقادم أن يتمسك هو به.
ومن حيث إن المدعى عليه لم يدفع بالتقادم فإنه ما كان يجوز للمحكمة الإدارية أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط الدعوى، وإذ قضت بذلك يكون حكمها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعى عليه أنه كان من عمال الجيش البريطاني قبل إلغاء معاهدة سنة 1936 - وفي 4 من نوفمبر سنة 1951 قيد بمكتب عمل الإسماعيلية وتضمنت شهادة القيد أن صناعته ريس عمل (صفحة 3 من ملف الخدمة) وتضمن بيان حالته المؤرخ في 3 من ديسمبر سنة 1951 والموقع منه ومن الموظف المختص أنه كان يعمل متعهد غسيل ومكوجي وأنه ترك خدمة الجيش البريطاني في 25 من أكتوبر سنة 1951 وأنه ألحق بالعمل بالحكومة رئيس فرقة بقسم أبي حماد وأن الأجر المؤقت الذي قدر له هو ثلاثون قرشاً (الصفحة الأولى من الملف) - وقدم تصريح المرور الصادر له من الجيش البريطاني وثابت فيه أنه (عامل) وأن التصريح معتمد عن المدة من 3 إلى 9 من مايو سنة 1951 - (صفحة 2 من الملف) - ولما كان هذا التصريح تنتهي مدة سريانه قبل أول أكتوبر سنة 1951 فقد طالبه تفتيش الشرق بمصلحة الطرق والكباري بتقديم ما يدل على سابقة اشتغاله بالجيش البريطاني حتى أول أكتوبر سنة 1951 (صفحة 5 من الملف) وقد أجاب المدعى عليه على ذلك بأنه قد استحال عليه الحصول من الجيش البريطاني على ما يدل على ذلك لغلق أبواب المعسكرات وأنه حصل من قسم شرطة أبو صوير على رقم المحضر الذي حرر في 6 من نوفمبر سنة 1951 على إثر امتناعه عن العمل بالجيش المذكور، وأن هذا القسم على الاستعداد لإرسال هذا المحضر الذي يثبت عمله بالجيش البريطاني (صفحة 4 من الملف) وعرضت مصلحة الطرق الأمر على مصلحة العمل بكتابها المؤرخ في 22 من فبراير سنة 1953 طالبة الإفادة عما يتبع نحو المدعى عليه، وهل من الجائز استمراره في العمل (صفحة 7 من الملف) فأجابت مصلحة العمل بكتابها المؤرخ في 31 من مارس سنة 1953 بأنه بالبحث وجد هذا العامل مقيداً بمكتب الإسماعيلية بمهنة مكوجي بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1951 برقم 271/ 18 وأنه قد تقدم للجنة التحريات بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1951 ورشح لوزارة الداخلية بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1951 بناء على تعرف اللجنة على سابقة اشتغاله بالمعسكرات البريطانية. وأشارت المصلحة بأن يستمر في عمله (صفحة 10 من الملف) - وكان المدعي قد تقدم بشكوى إلى مدير عام مصلحة الطرق والكباري في 12 من مارس سنة 1953 ذكر فيها أنه عين رئيس مكوجية بهندسة الدقهلية بحري بأجر يومي قدره 300 مليم وأنه توجه إلى تفتيش الشرق لإجراء الامتحان ولكن الكاتب المختص أفهمه بأنه لا يمكن امتحانه لأنه ليس في المصلحة عمال مكوجية، وقال إنه إذا كان الأمر كذلك فمن الواجب أن يحول إلى مصلحة أخرى إذ أن مرتبه أصبح 3 جنيهات و130 مليماً شهرياً بعد أن كان يتقاضى من الجيش البريطاني مرتباً لا يقل عن خمسة عشر جنيهاً (صفحة 8 من الملف) - وبين مدير عام مصلحة الطرق والكباري في كتابه المرسل إلى وكيل الوزارة في 4 من يوليه سنة 1953 أن المدعى عليه ألحق بالعمل على أنه ريس عمل بأجر قدره 300 مليم شامل إعانة غلاء المعيشة ولكن عند تقديم مسوغات تعيينه اتضح أنه مكوجي، وطبقاً للتعليمات عومل على أنه ساعي أو فراش بأجر يومي قدره 240 مليماً وأنه نتيجة لهذه التسوية استحق عليه مبلغ 29 جنيهاً و244 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 وأنه انقطع عن العمل اعتباراً من 17 من إبريل سنة 1953 أكثر من عشرة أيام - فتقرر فصله اعتباراً من ذلك التاريخ (صفحة 16 من الملف). وقد أجابت الوزارة على هذا الكتاب بكتابها المؤرخ في 26 من ديسمبر سنة 1953 الذي رأت فيه محاسبة المدعى عليه على أجر يومي قدره 140 مليماً اعتباراً من تاريخ تقديم مسوغات تعيينه (صفحة 24 من الملف) - وبالرجوع إلى كشف حساب فرق الأجور موضوع الدعوى التي أقامتها الوزارة ضد المدعى عليه يبين أن هذا الفرق قد حسب على أساس أن الأجر المستحق للمدعي اعتباراً من أول إبريل إلى آخر ديسمبر سنة 1952 هو 100 مليم تضاف إليه إعانة الغلاء بنسبة 75% وأن الأجر الذي صرف له فعلاً عن تلك المدة كان يزيد على ذلك إذ بلغ 300 مليم يومياً شاملة لإعانة الغلاء.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعى عليه قد منح عقب تركه خدمة الجيش البريطاني وعند إلحاقه بالعمل بوزارة المواصلات أجراً مؤقتاً قدره 300 مليم يومياً، وأنه بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيع عمال القناة وتقدير أجورهم في أول إبريل سنة 1952 لم يحدد أجر المدعي بصفة نهائية إلا في أول يناير سنة 1953 إذ قرر له اعتباراً من ذلك التاريخ أجر يومي قدره 140 مليماً حسبما هو مستفاد من ملف الخدمة لا مائة مليم كما جاء بصحيفة الدعوى..
ومن حيث إنه على إثر إلغاء معاهدة سنة 1936 ترك العمال المصريون الجيش البريطاني بمنطقة القناة أعمالهم فكان لزاماً على الحكومة أن تدبر لهم سبل العيش. ولما كانت الحالة تستدعي علاجاً سريعاً ونظراً إلى كثرة هؤلاء العمال فقد ألحقوا بالوزارات والمصالح المختلفة دون مراعاة حاجة العمل بالمصالح ودون مراعاة حرف هؤلاء العمال. وفي 18 من نوفمبر سنة 1951 قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة في وزارة المالية تمثل فيها جميع الوزارات المختلفة كما صدر قرار مجلس الوزراء في 2 من ديسمبر سنة 1951 بتخويل اللجنة المشار إليها الحق في إعادة النظر في أجور العمال. وفي 19 من مارس سنة 1952 وضعت اللجنة تقريراً تضمن القواعد التنظيمية في شأن إعادة توزيع هؤلاء العمال وإعادة تقدير أجورهم ودرجاتهم وهي القواعد التي اصطلح على تسميتها بكادر عمال القناة وقدرت فيه أجور أرباب الحرف بما يطابق درجات كادر عمال الحكومة وكان من بين القواعد التي وضعتها اللجنة قاعدة تقضي بأن: "من سيقل أجره بعد نقله إلى الدرجة المقررة له في كادر عمال اليومية الحكومي فلا يحصل منه الفروق كذلك الحال بالنسبة لمن يرتفع أجره فلا يصرف له فرق عن الماضي - أما العمال الذين ليس لهم عمل يتفق مع حرفهم سواء في الجهات الملحقين بها الآن أو بالجهات الأخرى فهؤلاء يكلفون القيام بأعمال يستطيعون القيام بها وتقرب من حرفهم الأصلية بقدر المستطاع وفي هذه الحالة تقدر أجورهم حسب الأعمال التي يقومون بها فعلاً لأن الأجر يقدر على قدر العمل على أساس حرفة العامل نفسه". كما كان مما قررته اللجنة عدم نفاذ هذه التقديرات والأجور إلا بعد إقرارها واعتمادها بدون أثر رجعي - وقد اعتمدت الجهات المختصة تقرير اللجنة بما تضمنه من قواعد ونشرت وزارة المالية كتاباً دورياً في هذا الشأن إلى الوزارات والمصالح لتنفيذه اعتباراً من أول إبريل سنة 1952.
ومن حيث إنه يظهر من ذلك أن مركز العمال المذكورين من حيث الدرجات التي وضعوا فيها والأجور التي منحوها أول الأمر عقب تركهم خدمة الجيش البريطاني إثر إلغاء معاهدة سنة 1936 إنما كان مركزاً مؤقتاً غير بات اقتضته الضرورة العاجلة وقتذاك، أما مراكزهم النهائية فيما يتعلق بهذه الدرجات والأجور فلم تكن لتستقر إلا بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيعهم بصفة نهائية والعبرة في هذا الشأن بالمركز النهائي الذي يطبق عليهم بعد نفاذ تلك القواعد وتقدير أجورهم على أساسها إذ أن مراكزهم عندئذ تعتبر المراكز القانونية النهائية التي تتحرر على مقتضاها درجاتهم وأجورهم.
ومن حيث إنه وإن كان عامل القناة لا يكسب في وضعه المؤقت الحق في الدرجة التي وضع فيها أو في الاستمرار في تقاضي الأجر المحدد لها - إلا أنه أثناء هذا الوضع المؤقت وإلى أن يتجدد مركزه بصفة نهائية يستحق الأجر الذي قدر له في هذا الوضع لقيام هذا الأجر على أساس من التقدير الجزافي واستناد قبضه إياه إلى سبب مشروع هو بقاؤه في الوضع المذكور بإرادة جهة الإدارة ولو زاد هذا الأجر على الأجر الذي حدد له على مقتضى قواعد كادر عمال القناة وذلك ما لم تكن تلك الزيادة قد صرفت له نتيجة غش من جانبه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعى عليه قد قدم إلى جهة الإدارة المختصة قبل أول إبريل سنة 1952 تاريخ نفاذ كادر عمال القناة ما يدل على أنه كان عاملاً بالجيش البريطاني كما سجل في بيان حالته المقدم في 3 من ديسمبر سنة 1951 أنه كان يعمل مكوجياً في ذلك الجيش وهذا ما أكدته مصلحة العمل في كتابها في 31 من مارس سنة 1953 (صفحة 10 من ملف الخدمة) الذي تضمن أنه بالبحث وجد هذا العامل مقيداً بمكتب الإسماعيلية بمهنة مكوجي بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1951 برقم 271/ 18، وأنه قد تقدم للجنة التحريات بجلسة 27 من نوفمبر سنة 1951 ورشح لوزارة الداخلية بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1951 بناء على تعرف اللجنة على سابقة اشتغاله بالمعسكرات البريطانية - ولقد كان في مقدور جهة الإدارة على أساس هذه البيانات أن تحدد مركزه وأن تقدر أجره بصفة نهائية ابتداء من أول إبريل سنة 1952 لو أنها اتبعت في شأنه ما أشارت به لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني في تقريرها المؤرخ في 19 من مارس سنة 1952 إذ تضمن هذا التقرير أنه كان من هؤلاء العمال من يعمل في حرف ليست الحكومة في حاجة إلى استخدام أربابها مثل الكوائين وأن اللجنة قد أشارت باستخدام الكوائين في وظائف السعاة والفراشين وما شابه ذلك من أعمال - ولكن الإدارة تراخت في القيام بذلك ولم تقم بتسوية حالة المدعى عليه على مقتضى قواعد كادر عمال القناة إلا في 31 من ديسمبر سنة 1952 الأمر الذي ترتب عليه بقاءه في وضعه المؤقت واستمرار الإدارة في صرف الأجر الذي قدر له جزافاً وقدره 300 مليم يومياً إلى نهاية سنة 1952.
ومن حيث إن قبض المدعى عليه للأجر المذكور خلال المدة من أول إبريل حتى آخر ديسمبر سنة 1952 يستند حسبما سبق البيان إلى سبب مشروع هو الوضع المؤقت الذي أبقته فيه جهة الإدارة بإرادتها، فليس من حقها أن ترجع عليه بالفرق بين هذا الأجر والأجر الذي حدد له على مقتضى قواعد كادر عمال القناة استناداً إلى أن هذا الفرق قد دفع له بغير حق، وتكون دعواها بالمطالبة بهذا الفرق غير قائمة على أساس سليم مما كان يتعين معه القضاء برفضها، لذلك يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام الوزارة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت الوزارة الطاعنة بالمصروفات.

السبت، 2 ديسمبر 2023

الطعن 1289 لسنة 8 ق جلسة 2 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 34 ص 313

جلسة 2 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(34)

القضية رقم 1289 لسنة 8 القضائية

(أ) عقد إداري - مقصف 

- العقد المبرم مع مصلحة المساحة في شأن إيجار مقصفها - اتسامه بطابع العقود الإدارية واعتباره من قبيلها - بيان ذلك.
(ب) عقد إداري - قضاء إداري 

- اختلاف روابط القانون الخاص في طبيعتها عن روابط القانون العام - افتراق القانون الإداري عن القانون المدني في أنه غير مقنن حتى يكون متطوراً غير جامد - تميز القضاء الإداري عن القضاء المدني في أنه ليس مجرد قضاء تطبيقي بل هو على الأغلب قضاء إنشائي.
(جـ) عقد إداري - تأمين نهائي - تعويض 

- حق جهة الإدارة في مصادرة التأمين دون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء في حالة عدم التنفيذ - يثبت سواء نص في شروط العقد أم لم ينص عليه - ليس على جهة الإدارة أن تثبت في مجاله ركن الضرر وليس للمتعاقد معها أن يثبت أن الضرر الذي يلحقها يقل عن التأمين - التأمين قد يمثل الحد الأدنى للتعويض الذي يحق لجهة الإدارة اقتضاؤه لكنه يقيناً لا يمثل الحد الأقصى لما قد يطلب من تعويض - أساس ذلك أن التأمين شرع لمصلحة الإدارة وليس قيداً عليها أو ضاراً بحقوقها في التعويض الشامل.
(د) عقد إداري - تأمين نهائي - تعويض 

- رجوع جهة الإدارة بالتعويضات الأخرى عند مصادرة التأمين الذي يقل عن مستوى التعويض الكامل - أساسه في حالة فسخ العقد القواعد العامة في العقود والتي تقضي بأن كل خطأ ترتب عليه ضرر يلزم من ارتكبه بالتعويض - صور الأضرار التي يجرى التعويض عنها.

----------------
1 - لئن وصف العقد المبرم في 12 من أغسطس سنة 1957 بين مصلحة المساحة والمطعون عليه، بأنه عقد إيجار الكانتين، إلا أنه لا جدال في أنه عقد تقديم خدمات لمرفق من المرافق العامة هو مرفق مصلحة المساحة، وقد أجر الطرف الأول بمقتضاه للطرف الثاني كانتين المصلحة الكائن بالدور الأرضي من مبنى المصلحة المخصص له بالإدارة العامة، وذلك بالشروط المرفقة بالعقد وبموجبها يلتزم المطعون عليه بتهيئة المقصف المذكور بمصاريف من طرفه، بجميع أدوات الاستعمال من صواني وأطباق وثلاجات ووابورات الغاز وأكواب الماء والشوك والملاعق والسكاكين والفناجين والفوط والمفارش بالمقادير الكافية لموظفي ومستخدمي المصلحة من المأكولات والمشروبات الموضحة بالقائمة الملحقة بتلك الشروط العامة، وأن يبيعها بالأثمان المحددة أمام كل صنف منها. ويكون المتعهد مرتبطاً بالأسعار الواردة بالقائمة، ويجب أن يكون لدى المتعهد عدد من العمال كاف لإجابة طلبات الموظفين والمستخدمين لكي يتيسر لهم أخذ ما يلزم في الفترات القصيرة المعينة لهم، ويجب أن يكون أولئك العمال حسني الأخلاق، وأن يرتدوا ملابس بيضاء نظيفة ما داموا في المصلحة. وعلى المتعهد أن يبذل أقصى العناية بنظافة المقصف، وما يعرض فيه للبيع الذي يجب أن يكون من الأنواع الجيدة الطازجة، ولتحقيق هذا الغرض سيصير التفتيش على المقصف وما به، من وقت لآخر بمعرفة طبيب المصلحة وكل ما يوجد معروضاً للبيع بحالة غير مقبولة يصادر ويعدم في الحال دون أن يكون للمتعهد حق في المطالبة بثمنه، وكذلك نص في العقد وفي الشروط العامة على حق المصلحة في فسخ العقد والإخلاء ومصادرة التأمين دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار، وكل أولئك شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص المماثلة, فهو عقد اتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما تضمنه من شروط غير مألوفة في مجال القانون الخاص.
2 - من المسلم أن روابط القانون الخاص تختلف في طبيعتها عن روابط القانون العام، وأن قواعد القانون المدني قد وضعت لتحكم روابط القانون الخاص ولا تطبق وجوباً على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، فإن لم يوجد فلا يلتزم القضاء الإداري بتطبيق القواعد المدنية حتماً، وكما هي، وإنما يكون له حريته واستقلاله في ابتداع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ في مجال القانون العام بين الإدارة في قيامها على المرافق العامة، وبين الأفراد، فله أن يطبق من القواعد المدنية ما يتلاءم معها، وله أن يطرحها إن كانت غير ملائمة معها، وله أن يطورها بما يحقق هذا التلاؤم. ومن هذا يفترق القانون الإداري عن القانون المدني في أنه غير مقنن حتى يكون متطوراً غير جامد. ويتميز القضاء الإداري عن القضاء المدني، في أنه ليس مجرد قضاء تطبيقي مهمته تطبيق نصوص مقننة مقدماً، بل هو على الأغلب قضاء إنشائي لا مندوحة له من خلق الحل المناسب، وبهذا يرسي القواعد لنظام قانوني قائم بذاته ينبثق من طبيعة روابط القانون العام واحتياجات المرافق ومقتضيات حسن سيرها.
3 - يقصد بالتأمين النهائي le contionnement oefinitif أن يكون ضماناً لجهة الإدارة يؤمنها الأخطاء التي قد تصدر من المتعاقد معها حين يباشر تنفيذ شروط العقد الإداري. كما يضمن ملاءة المتعاقد معها عند مواجهة المسئوليات التي قد يتعرض لها من جراء إخلاله بتنفيذ أحكام العقد الإداري. فلا يمكن لجهة الإدارة أن تتجاوز عن التأمين حرصاً على مصلحة المرفق العام وانتظام سيره. ومن هذا الضمان تحصل الإدارة غرامات التأخير، والتعويضات والمبالغ المستحقة على المتعاقد نتيجة لتقصيره أو إخلاله بتنفيذ التزامات العقد. وإذا كان التأمين في حقيقته هو ضمان لتنفيذ العقد الإداري على النحو المذكور، فلا يمكن تصور قيام هذا الضمان، ما لم يكن للإدارة حق مصادرة التأمين، أي اقتضاء قيمته بطريق التنفيذ المباشر ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء، في حالة عدم التنفيذ، سواء نص أم لم ينص في الشروط على هذا الحق، وإلا لما كان هناك محل أصلاً لاشتراط إيداع التأمين مع العطاء. وإذا كان التأمين ضماناً لجهة الإدارة شرع لمصلحتها، ولحمايتها، فلا يتصور منطقاً أن يكون التأمين قيداً عليها، أو ضاراً بحقوقها، أو معوقاً لجبرها ومانعاً لها من المطالبة بالتعويضات المقابلة للأضرار الأخرى التي تكون قد لحقتها من جراء إخلال المتعاقد بتنفيذ شروط العقد الإداري. خاصة إذا كان التأمين المودع لا يكفي لجبر كافة الأضرار تعويضاً شاملاً وافياً. والقول بغير هذا النظر يؤدي إلى شذوذ في تطبيق أحكام العقد الإداري إذ من المسلم أن لجهة الإدارة الحق، توقيع غرامات تأخير على المتعهد الذي يتأخر في تنفيذ التزاماته في المواعيد، ومن المسلم أيضاً أن لها الحق في مصادرة التأمين عند وقوع الإخلال، وذلك دون حاجة لإثبات ركن الضرر، لا لأن هذا الركن غير مشترط أصلاً، وإنما لأنه ركن يفترض في كل عقد إداري بفرض غير قابل لإثبات العكس - فلا يجوز للمتعاقد مع جهة الإدارة أن يثبت أن الضرر الذي لحق الإدارة يقل عن التأمين - ومن ثم لا يتصور، والأمر كذلك، أن لا يكون للإدارة الحق في الرجوع على المتعهد المقصر، بالتعويض الذي يعادل قيمة الأضرار في الحالة التي تجاوز فيها هذه القيمة مبلغ التأمين المودع. بل يحق لجهة الإدارة بغير شك أن تطالب المتعاقد معها بتكملة ما يزيد على مبلغ التأمين الذي لا يفي بالتعويضات اللازمة عما أصاب جهة الإدارة من أضرار حقيقية وفعلية. ذلك أن التأمين قد يمثل الحد الأدنى للتعويض الذي يحق للإدارة اقتضاؤه، ولكنه يقيناً، لا يمثل الحد الأقصى لما قد يطلب من تعويض.
4 - إن رجوع الإدارة بالتعويضات الأخرى، على المتعاقد معها المقصر في حقها، عند مصادرة التأمين الذي يقل عن مستوى التعويض الكامل لا يستند إلى اعتبار العقد قائماً، ومنفذاً على حساب المتعاقد، مع أنه سبق فسخه - على نحو ما اتجه إليه الحكم المطعون فيه - وإنما يستند ذلك الرجوع، إلى أحكام القواعد العامة في أي عقد كان، وتلك الأحكام تقضي بأن كل خطأ ترتب عليه ضرر يلزم من ارتكبه بالتعويض وبقدر قيمة الضرر، وهذه الأحكام لا تتعارض البتة مع فكرة التأمين في العقود الإدارية بوجه عام. ولا غرو فإن فروق الأسعار، ونزول جعول المقاصف، وما يضيع على جهة الإدارة من كسب محقق، كل أولئك تمثل في حقيقتها أضراراً فعلية وقيماً معلومة لحقت الإدارة وتعاقبت عليها من جراء إخلال المتعاقد معها بتنفيذ ما التزم به قبلها.


إجراءات الطعن

في 19 من يونيو سنة 1962 أودع السيد/ محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (1289) لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات - بجلسة 22 من إبريل سنة 1962 في الدعوى رقم (146) لسنة 14 القضائية المقامة من وزارة الأشغال ضد حسان أحمد الشايب والذي قضى: (برفض الدعوى وإلزام الوزارة المدعية المصروفات). وطلب السيد/ محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: "قبول هذا الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإلزام المطعون عليه بأن يدفع لوزارة الأشغال مبلغ 81 جنيهاً و375 مليماً والفوائد القانونية عن مبلغ 28 جنيهاً و875 مليماً - المتأخر من الجعل - بواقع أربعة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 20 من يونيه سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4 من يناير سنة 1964 ثم بجلسة 21 من مارس سنة 1964 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن وزارة الأشغال أقامت الدعوى رقم 146 لسنة 14 القضائية ضد حسان أحمد الشايب أمام محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات - بإيداع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة في 26 من أكتوبر سنة 1959 وذكرت فيها أن مصلحة المساحة كانت قد رخصت للمدعى عليه في استغلال (كانتين المصلحة) الكائن بالدور الأرضي بجعل شهري قدره 19 جنيهاً و250 مليماً لمدة سنة ابتداء من 17 من أغسطس سنة 1957 وذلك على أن يدفع الجعل في اليوم الأول من كل شهر (المادة 18 من شروط الترخيص)، ولكن المدعى عليه توقف عن سداد الجعل المذكور ابتداء من الشهر الذي يبدأ في 17 من أكتوبر سنة 1957 فبادرت المصلحة إلى إنذاره في 27 من أكتوبر سنة 1957 ومع ذلك فإنه لم يسدد ما عليه، فقامت المصلحة في 27 من أكتوبر سنة 1957 بإلغاء الترخيص، وبمصادرة التأمين طبقاً للبند (28) من شروط الترخيص. وظل (الكانتين) مغلقاً لغاية آخر شهر ديسمبر سنة 1957 إلى أن رخصت المصلحة في استغلاله لمتعهد آخر ابتداء من أول يناير سنة 1958 بجعل قدره 12 جنيهاً و250 مليماً وترتب على ذلك حسبما جاءت به صحيفة دعوى الوزارة - أن استحق للمصلحة قبل المدعى عليه مبلغ 81 جنيهاً و375 مليماً تفصيلها:
( أ ) مبلغ 48 جنيهاً و125 مليماً متأخر جعل المدة من 17/ 10/ 1957 لغاية يوم 31/ 12/ 1957 (ب) مبلغ 52 جنيهاً و500 مليماً فروق الجعل الجديد الناقصة عن الجعل القديم في المدة الباقية من الترخيص. ثم يطرح من مجموع هذين البندين
( أ ) و(ب) والبالغ قدره 100 جنيه و625 مليماً مبلغ التأمين المدفوع من المدعى عليه للمصلحة وقدره 19 جنيهاً و250 مليماً فيكون الباقي المطلوب من المدعى عليه 81 جنيهاً و375 مليماً حيث إن المطالبة الودية لم تجد نفعاً. وقد طلبت الوزارة كذلك إلزام المدعى عليه بأن يدفع الفوائد القانونية بواقع أربعة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية عن مبلغ 28 جنيهاً و875 مليماً وهو القدر المتأخر من الجعل المستحق عليه. مع إلزامه بالمصاريف ومقابل الأتعاب - وقد أودعت الوزارة مع صحيفة الدعوى حافظة تضمنت العطاء المقدم من المدعى عليه، والعقد المبرم معه، وبعض المكاتبات المتبادلة بين المصلحة والمدعى عليه.
وقد أعلنت صحيفة الدعوى بتسليم صورتها إلى النيابة العامة لعدم الاستدلال على موطن المدعى عليه. وأودعت المدعية حافظة تضمنت التحريات التي تفيد عدم الاستدلال على محل إقامة المدعى عليه، كما أودعت حافظتين بإحداهما أوراق - مزايدة استغلال المقصف التي كان محدداً لها يوم 29/ 7/ 1957 والتي رست على المدعى عليه، وبالثانية أوراق مزايدة استغلال المقصف التي كان محدداً لها يوم 18/ 11/ 1957 والتي أسفرت عن رسوها على (عبد العزيز محمد عبد الهادي) مقابل 12 جنيهاً و250 مليماً شهرياً، وعن التعاقد مع هذا المتعهد الجديد لمدة سنة تبدأ من أول يناير إلى آخر ديسمبر سنة 1958 - وقدمت هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى ما تراه من إلزام المدعى عليه بأن يدفع للوزارة مبلغ 81 جنيهاً و375 مليماً مع الفوائد عن مبلغ 28 جنيهاً و875 مليماً والمصروفات. وعين لنظر الدعوى جلسة 5 من نوفمبر سنة 1961 ثم جلسة 7 من يناير سنة 1962 لإخطار المدعى عليه ثم لجلسة 12 من مارس سنة 1962 لتتحرى الوزارة عن عنوان المدعى عليه وقد تم إعلانه في مواجهة النيابة لعدم الجدوى.
وبجلسة 22 من إبريل سنة 1962 حكمت محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات - (برفض الدعوى وألزمت المدعية المصروفات). وأقامت المحكمة قضاءها هذا على أن مصلحة المساحة، بعد أن فسخت العقد وصادرت التأمين وأخطرت المتعاقد معها بذلك عدلت عن موقفها واعتبرت العقد قائماً وطالبت المدعى عليه بمقابل الاستغلال عن المدة من 17/ 10/ 1957 حتى 31/ 12/ 1957 وهي المدة التي ظل فيها المقصف خالياً - بعد خصم قيمة التأمين من هذا المقابل - ثم أضافت المصلحة إلى مطالبتها بمقابل الاستغلال عن المدة المذكورة، مطالبة المدعى عليه أيضاً بالفرق بين مقابل الاستغلال المتعاقد عليه معه وبين مقابل الاستغلال الجديد الذي تم التعاقد عليه مع عبد العزيز عبد الهادي، وذلك عن المدة من أول يناير إلى 16 من أغسطس سنة 1958 وهي المدة الباقية من مدة السنة المحددة في العقد المبرم مع المدعى عليه. واستطرد الحكم المطعون فيه يقول بأنه لا يجوز للمصلحة المدعية أن تطالب عن ذات التقصير بتعويض يجاوز قيمة التأمين المصادر، ذلك أن مصادرة التأمين في حالة فسخ العقد هو جزاء منصوص عليه في العقد ولا يخرج عن كونه تعويضاً جزافياً، حدد عند التعاقد ليجبر ما قد يلحق جهة الإدارة نتيجة لفسخ العقد بسبب تقصير المدعى عليه من أضرار، - فليس في العقد ما يخول مصلحة المساحة الجمع بين المطلبين. وإذ اختارت المصلحة فسخ العقد ومصادرة التأمين فإن حقوقها قبل المدعى عليه تكون قد تحددت على هذا الأساس بحكم البند (18) من الشروط فيقتصر حقها على مصادرة التأمين، ومن ثم تكون مطالبة الوزارة بالمبلغ موضوع هذه الدعوى - مقابل الاستغلال عن المدة التي ظل فيها المقصف خالياً والفرق بين المقابل المتعاقد عليه مع المدعى عليه، وذلك المقابل الذي تم التعاقد عليه أخيراً مع عبد العزيز، هي مطالبة لا تقوم على سند من القانون ويتعين لذلك رفض الدعوى.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في تطبيق القانون، وفي تفهم طبيعة العقد الإداري - فالغرض من العقود الإدارية هو كفالة حسن سير المرفق والخدمات العامة بانتظام واطراد، ومن هنا نشأت للعقود الإدارية أحكام تتميز بها، من شأنها تقوية جهة الإدارة. وبديهي أن الجزاءات التي تتضمنها العقود الإدارية، والتي هي من خصائصها كنوع من الشروط الاستثنائية، لا تعني إلغاء أحكام النظرية العامة للعقود المدنية وإلا أدى ذلك إلى نتيجة غريبة هي حرمان الإدارة من حق مقرر لكل متعاقد في مجال القانون الخاص. فمن البديهي وبصرف النظر عن أية جزاءات أخرى ينص عليها في العقد الإداري، أن يكون لجهة الإدارة حق الرجوع على المتعاقد معها بكل الأضرار التي تنشأ عن إخلاله بالعقد. وفي الطعن الراهن ثابت أن المدعى عليه تسبب بتقصيره في عدم تمكين جهة الإدارة من استغلال المقصف المدة الباقية التي أغلق فيها، وأنها قد تحملت خسارة فعلاً بتأجير المقصف المدة الباقية في العقد بإيجار يقل عما كانت هي متعاقدة عليه مع المطعون عليه، ويكون من حقها الرجوع عليه بكل ذلك. ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القول بأن جهة الإدارة لا يجوز لها أن تعدل عن فسخ العقد ومصادرة التأمين، وتطالب المدعى عليه بتعويض يزيد على قيمة هذا التأمين أو أن تجمع بين الفسخ والمصادرة وبين المطالبة بالتعويض. وهذا قول يتنافى حتى مع القواعد العامة للعقود، وواضح من أوراق الدعوى أن جهة الإدارة لم تجمع بين مصادرة التأمين، والتنفيذ على حساب المتعاقد المقصر، وإنما قامت الإدارة بخصم التأمين من المبلغ المستحق على المطعون عليه فليس ثمة جمع بين جزاءين، فالأمر لا يعدو المؤاخذة بجزء واحد. وانتهى تقرير طعن الحكومة إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعن المبلغ المذكور في ختام صحيفة الدعوى.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أوراق هذا الطعن وما أرفق بها من كراسة الشروط العامة لعطاءات تأجير (الكانتين) الموجود بإدارة مصلحة المساحة الكائن بالدور الأرضي من المبنى الذي تقيم فيه، أن المصلحة المذكورة قامت بإجراء مزايدة عن استغلال ذلك المقصف في 29 من يوليه سنة 1957 وتضمنت شروط المزايدة النص على أن هذه الإيجارة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد تبتدئ من 17 أغسطس سنة 1957 وتنتهي في 16 من أغسطس سنة 1958 (البند 16). وجاء في البند (18). "أن قيمة الأجرة التي يتفق عليها تدفع مقدماً في اليوم الأول من كل شهر وإذا تأخر المتعهد في دفع الإيجار في الميعاد المحدد، للمصلحة الحق في فسخ العقد، ومصادرة التأمين". ونص البند (21) على أن للمصلحة الحق في الاستغناء عن الكانتين في أي وقت خلال مدة العقد إذا دعت لذلك أية أسباب مصلحية كما وأن للمصلحة أيضاً الحق في فسخ هذا العقد لأي داع تراه، أو في حالة إخلال المستأجر بأي شرط من هذه الشروط أو بأي شرط آخر يتفق عليه كتابياً فيما بعد، وتحتفظ المصلحة بحقها في الاستغناء عن الكانتين أو فسخ عقد الإيجار بدون أن تكون ملزمة في أية حالة من الأحوال بأي تعويض ما للمستأجر، وللمصلحة أن تستعمل حقها في الاستغناء عن الكانتين أو فسخ إجارته بغير أن تكون ملزمة بالحصول على حكم قضائي أو بإعلان المستأجر بالاستغناء أو الفسخ على يد محضر بل يكفي في حالتي الاستغناء أو الفسخ أن ترسل المصلحة إلى المستأجر خطاباً عن طريق البريد المسجل تخطره فيه بما قررته في هذا الصدد من غير أن تكون ملزمة بإبداء الأسباب التي دعتها إلى ذلك. وبينت المادة (22) من شروط العطاء كيفية التصرف في أدوات المتعهد عند استغناء المصلحة عن الكانتين أو في حالة فسخ الإيجارة فجرى آخر نص هذه المادة بالآتي "... يكون للمصلحة الحق في بيعها الأدوات - بالطريقة التي تراها - وحفظ الثمن تحت طلب المستأجر بعد خصم ما يكون مستحقاً عليه من إيجار أو ثمن أصناف تالفة أو فاقدة أو خلافه وذلك في حالة ما إذا لم يكف التأمين المودع من المستأجر بسداد جميع ما هو مستحق عليه، وتقوم المصلحة بجميع هذه الإجراءات بدون حاجة إلى إنذار..." وقد تقدم المطعون عليه بعطاء في هذه المزايدة قبل بمقتضاه أداء مقابل شهري قدره (19 جنيهاً و250 مليماً) وفي 5 من أغسطس سنة 1957 أخطرته المصلحة بقبول عطائه وفي 12 من أغسطس سنة 1957 تم إبرام العقد معه، وتضمن هذا العقد النص على أن الشروط المرافقة له - الشروط العامة للعطاء - الموقع عليها من الطرفين تعتبر جزءاً لا يتجزأ من شروطه، وعلى أن مدة العقد سنة تبتدئ من 17/ 8/ 1957 لغاية 16/ 8/ 1958 وعلى أن التأمين النهائي المودع من المطعون عليه، وقدره (19 جنيهاً و250 مليماً) يرد إليه بعد انتهاء مدة العقد وإقرار المصلحة بأن المتعهد قام بتنفيذه خير قيام، ثم حدث في 27 من أكتوبر سنة 1957 أن أرسلت المصلحة إلى المطعون عليه الكتاب الآتي نصه: (أنه نظراً لأنكم لم تقوموا إلى الآن بسداد إيجار الكانتين عن الشهر الذي يبتدئ من 17/ 10/ 1957 رغم إمهالكم لغاية (21) منه فقد تقرر فسخ العقد المبرم معكم، ومصادرة التأمين النهائي المودع منكم تطبيقاً لأحكام البند الثامن عشر من شروط المزايدة مع تحملكم بكافة ما يترتب على ذلك من أضرار ومصاريف). ثم في 8 من سبتمبر سنة 1958 أرسلت المصلحة إلى المطعون عليه كتاباً برقم (1/ 2/ 10 جـ 22) تقول فيه "إيماء إلى العقد المبرم معكم عن استئجار كانتين هذه المصلحة في المدة من 17/ 8/ 1957 لغاية 16/ 8/ 1958 نفيدكم بأنه قد ترتب على فسخ العقد المشار إليه مديونيتكم لهذه المصلحة بمبلغ 28.875 جنيهاً عبارة عن مبلغ 48 جنيهاً و125 مليماً متأخرات عليكم عن المدة من 17/ 10/ 1957 لغاية 31/ 12/ 1957 حيث إن الكانتين لم يؤجر في هذه المدة بفعلكم ويطرح من هذا المبلغ قيمة التأمين المودع منكم والمصادر لصالح المصلحة وقدره 19 جنيهاً و250 مليماً، وتوصي المصلحة بسرعة تسديد هذا المبلغ لخزينة المصلحة وإلا اضطرت لخصمه من أية مبالغ مستحقة لكم في مصالح الحكومة أو مطالبتكم بالسداد بالطرق القانونية" ثم في 29 من نوفمبر سنة 1958 أرسلت المصلحة إلى المطعون عليه كتاباً آخر ذكرت فيه أنه استحق عليه أيضاً مبلغ 52 جنيهاً و500 مليماً قيمة فروق الإيجار عن المدة الباقية من العقد من أول يناير حتى 16 من أغسطس سنة 1958 وذلك بالإضافة إلى مبلغ 28 جنيهاً و935 مليماً - السالف إخطاركم بها - والثابت أن المصلحة كانت قد أجرت مزايدة جديدة حددت لها 18 من نوفمبر سنة 1957 عن استغلال المقصف ذاته لمدة سنة من آخر ديسمبر سنة 1957 وقد أسفرت هذه المزايدة عن التعاقد مع المتعهد الجديد (عبد العزيز عبد الهادي) على استغلال هذا المقصف لمدة سنة تبدأ من أول يناير سنة 1958 في مقابل شهري قدره 12 جنيهاً و250 مليماً.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المطعون عليه قد أخل بشروط العقد بعد إذ بدأ في تنفيذه - فعجز بعد الشهرين الأولين عن الاستمرار في إدارة المقصف، وتوقف عن دفع الجعل مقابل الاستغلال المستحق للمصلحة عن الشهر الذي بدأ من 17 من أكتوبر سنة 1957 وكان يتعين عليه أن يقوم بسداده مقدماً في اليوم الأول من ذلك الشهر إلى خزانة المصلحة وفقاً لحكم البند الثامن عشر من الشروط العامة لعطاء تأجير المقصف وهي الشروط التي يعتبرها العقد جزءاً لا يتجزأ من شروطه فقامت المصلحة بفسخ العقد ومصادرة التأمين، وطرحت العطاء من جديد في مزايدة حددت لها 18 من نوفمبر سنة 1957 فأسفرت هذه المزايدة الجديدة عن التعاقد مع متعهد آخر يقوم باستغلال هذا المقصف لمدة سنة تبدأ من أول يناير سنة 1958 ورسى عليه المزاد بجعل يقل سبع جنيهات شهرياً عن الجعل السابق إذ أصبح مقابل الاستغلال 12 جنيهاً و250 مليماً فطالبت المصلحة المطعون عليه بأن يدفع لها مقابل الاستغلال على أساس الجعل المبرم معه وقدره 19 جنيهاً و250 مليماً شهرياً عن المدة التي ظل فيها المقصف خالياً بفعل المطعون عليه، وهي المدة من 17 أكتوبر حتى 21 من ديسمبر سنة 1957، وقررت المصلحة خصم مبلغ التأمين النهائي المودع لديها من قبل المطعون عليه، وأجرت الخصم من المبلغ المستحق عليه والذي تطالبه بسداده - كما طالبته المصلحة بالفرق بين الجعل الجديد, والجعل القديم الأكبر، وذلك عن المدة الباقية في العقد الأول من أول يناير سنة 1958 إلى 16 من أغسطس سنة 1958.
ومن حيث إنه، لئن وصف العقد المبرم في 12 من أغسطس سنة 1957 بين مصلحة المساحة والمطعون عليه، بأنه عقد إيجار الكانتين، إلا أنه لا جدال في أنه عقد تقديم خدمات لمرفق من المرافق العامة هو مرفق مصلحة المساحة، وقد أجر الطرف الأول بمقتضاه للطرف الثاني كانتين المصلحة الكائن بالدور الأرضي من مبنى المصلحة المخصص له بالإدارة العامة، وذلك بالشروط المرفقة بالعقد وبموجبها يلتزم المطعون عليه بتهيئة المقصف المذكور بمصاريف من طرفه، بجميع أدوات الاستعمال من صواني وأطباق وثلاجات ووابورات الغاز وأكواب الماء والشوك والملاعق والسكاكين والفناجين والفوط والمفارش بالمقادير الكافية لموظفي ومستخدمي المصلحة من المأكولات والمشروبات الموضحة بالقائمة الملحقة بتلك الشروط العامة، وأن يبيعها بالأثمان المحددة أمام كل صنف منها. ويكون المتعهد مرتبطاً بالأسعار الواردة بالقائمة، ويجب أن يكون لدى المتعهد عدد من العمال كاف لإجابة طلبات الموظفين والمستخدمين لكي يتيسر لهم أخذ ما يلزمهم في الفترات القصيرة المعينة لهم، ويجب أن يكون أولئك العمال حسني الأخلاق، وأن يرتدوا ملابس بيضاء نظيفة ما داموا في المصلحة. وعلى المتعهد أن يبذل أقصى العناية بنظافة المقصف وما يعرض فيه للبيع الذي يجب أن يكون من الأنواع الجيدة الطازجة، ولتحقيق هذا الغرض سيصير التفتيش على المقصف وما به، من وقت لآخر بمعرفة طبيب المصلحة وكل ما يوجد معروضاً للبيع بحالة غير مقبولة يصادر ويعدم في الحال دون أن يكون للمتعهد حق في المطالبة بثمنه، وكذلك نص في العقد وفي الشروط العامة على حق المصلحة في فسخ العقد والإخلاء ومصادرة التأمين دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار، وكل أولئك شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص المماثلة, فهو عقد اتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما تضمنه من شروط غير مألوفة في مجال القانون الخاص.
ومن حيث إن من المسلم أن روابط القانون الخاص تختلف في طبيعتها عن روابط القانون العام، وأن قواعد القانون المدني قد وضعت لتحكم روابط القانون الخاص - ولا تطبق وجوباً على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، فإن لم يوجد فلا يلتزم القضاء الإداري بتطبيق القواعد المدنية حتماً، وكما هي، وإنما تكون له حريته واستقلاله في ابتداع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ في مجال القانون العام بين الإدارة في قيامها على المرافق العامة، وبين الأفراد، فله أن يطبق من القواعد المدنية ما يتلاءم معها، وله أن يطرحها إن كانت غير ملائمة معها، وله أن يطورها بما يحقق هذا التلاؤم. ومن هذا يفترق القانون الإداري عن القانون المدني في أنه غير مقنن حتى يكون متطوراً غير جامد. ويتميز القضاء الإداري عن القضاء المدني، في أنه ليس مجرد قضاء تطبيقي مهمته تطبيق نصوص مقننة مقدماً بل هو على الأغلب قضاء إنشائي قائم بذاته ينبثق من طبيعة روابط القانون العام واحتياجات المرافق ومقتضيات حسن سيرها. وعلى ضوء ذلك يكون نظام اشتراط إيداع التأمين في العقود الإدارية Le de pôt ďun contionnemnt هو نظام خاص رددت أحكامه لوائح المناقصات والمزايدات، سواء تلك الصادرة من مجلس الوزراء في 6 من يونيه سنة 1948 أم ذلك المشروع الذي أعقب صدور القانون رقم (236) لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات الصادر في 22 من إبريل سنة 1954، أم تلك اللائحة التي صدرت ونشرت بالجريدة الرسمية في 23 من مارس سنة 1958 لتكمل ما لم ينظمه قانون المناقصات والمزايدات من أحكام وإجراءات. ومقتضى نظام إيداع التأمين في مجالات العقود الإدارية أن المتعاقد مع الإدارة يجب عليه أن يقدم مبلغاً من المال بنسبة معينة من قيمة العقد أو خطاب كفالة صادر من أحد البنوك المعتمدة بهذه النسبة ضماناً لتنفيذ شروط العقد. (البند 28 من لائحة المخازن والمشتريات - يجب على صاحب العطاء المقبول أن يوقع على العقد بعد أن يودع تأميناً يوازي 10% من مجموع عطائه في مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ اليوم الثاني لإخطاره بخطاب موصى عليه بقبول عطائه، وذلك ضماناً لتنفيذ شروط العقد.) - وجاء في البند التاسع والعشرين من المشروع الملحق بالقانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات ما يأتي: (بمجرد إخطار مقدم العطاء بقبول عطائه يصبح التعاقد تاماً بينه وبين الوزارة أو المصلحة طبقاً لهذه الشروط، وأما دفع التأمين النهائي، وتوقيع العقد، فما هما إلا لضمان تنفيذ هذا التعاقد.) وفي المادة (51) من اللائحة الصادرة والمنشورة في 3 مارس سنة 1958 جرى حكمها بما يأتي: (يجب على صاحب العطاء المقبول أن يودع في مدة لا تتجاوز عشرة أيام تبدأ من تاريخ اليوم التالي لإخطاره بقبول عطائه تأميناً يوازي عشرة في المائة أو أن يكمل التأمين المؤقت إلى ما يوازي عشرة في المائة من مجموع قيمة الأصناف أو العملية التي رست عليه، وذلك لضمان تنفيذ العقد.) ومفاد ذلك كله أن التأمين النهائي يقصد به أن يكون ضماناً لجهة الإدارة يؤمنها الأخطاء التي قد تصدر من المتعاقد معها حين يباشر تنفيذ شروط العقد الإداري. كما يضمن ملاءة المتعاقد معها عند مواجهة المسئوليات التي قد يتعرض لها من جراء إخلاله بتنفيذ أحكام العقد الإداري. فلا يمكن لجهة الإدارة أن تتجاوز عن التأمين حرصاً على مصلحة المرفق العام وانتظام سيره. ومن هذا الضمان تحصل الإدارة غرامات التأخير، والتعويضات والمبالغ المستحقة على المتعاقد نتيجة لتقصيره أو إخلاله بتنفيذ التزامات العقد. وإذا كان التأمين في حقيقته هو ضمان لتنفيذ العقد الإداري على النحو المذكور، فلا يمكن تصور قيام هذا الضمان، ما لم يكن للإدارة حق مصادرة التأمين أي اقتضاء قيمته بطريق التنفيذ المباشر، ودون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء، في حالة عدم التنفيذ، سواء نص أم لم ينص في الشروط على هذا الحق، وإلا لما كان هناك محل أصلاً لاشتراط إيداع التأمين مع العطاء. وإذا كان التأمين ضماناً لجهة الإدارة شرع لمصلحتها، وسن لحمايتها، فلا يتصور منطقاً أن يكون التأمين قيداً عليها، أو ضاراً بحقوقها، أو معوقاً لجبرها ومانعاً لها من المطالبة بالتعويضات المقابلة للأضرار الأخرى التي تكون قد لحقتها من جراء إخلال المتعاقد بتنفيذ شروط العقد الإداري. خاصة إذا كان التأمين المودع لا يكفي لجبر كافة الأضرار تعويضاً شاملاً وافياً، والقول بغير هذا النظر يؤدي إلى شذوذ في تطبيق أحكام العقد الإداري؛ إذ من المسلم أن لجهة الإدارة الحق في توقيع غرامات تأخير على المتعهد الذي يتأخر في تنفيذ التزاماته في المواعيد، ومن المسلم أيضاً أن لها الحق في مصادرة التأمين عند وقوع الإخلال، وذلك دون حاجة لإثبات ركن الضرر، لا لأن هذا الركن غير مشترط أصلاً، وإنما لأنه ركن يفترض في كل عقد إداري بفرض غير قابل لإثبات العكس - فلا يجوز للمتعاقد مع جهة الإدارة أن يثبت أن الضرر الذي لحق الإدارة يقل عن التأمين - ومن ثم لا يتصور، والأمر كذلك، أن لا يكون للإدارة الحق في الرجوع على المتعهد المقصر، بالتعويض الذي يعادل قيمة الأضرار في الحالة التي تجاوز فيها هذه القيمة مبلغ التأمين المودع. بل يحق لجهة الإدارة بغير شك أن تطالب المتعاقد معها بتكملة ما يزيد على مبلغ التأمين الذي لا يفي بالتعويضات اللازمة عما أصاب جهة الإدارة من أضرار حقيقية وفعلية. ذلك أن التأمين قد يمثل الحد الأدنى للتعويض الذي يحق للإدارة اقتضاؤه، ولكنه يقيناً، لا يمثل الحد الأقصى لما قد يطلب من تعويض, يؤيد هذا الفهم الصحيح لطبيعة العقود الإدارية وموضع التأمين منها ما جرت به أحكام الفقرة (ب) من البند الثالث والخمسين من لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء في 6/ 6/ 1948، وقد رددت أحكامها الفقرة الثانية من المادة (105) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة والمنشورة في 3/ 3/ 1958 حين أشارت تلك الأحكام إلى شراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها شرائها من غيره على حساب المتعهد وأن يخصم التأمين المودع من المتعهد المقصر من قيمة الزيادة في الثمن مضافاً إليها مصروفات إدارية بواقع نسبة مئوية من قيمة الأصناف المشتراة على حسابه، وما يستحق من غرامة عن مدة التأخير في التوريد - أما إذا كان سعر شراء أي صنف يقل عن سعر المتعهد، فلا يحق لهذا المقصر أن يطالب بالفرق. وهذا لا يمنع من تحصيل قيمة غرامة التأخير المستحقة والمصروفات الإدارية. ومفاد هذا الاتجاه اللائحي أنه على الرغم من أن الشراء على حساب المتعهد المقصر وهو نوع من النيابة عنه، لأن الشراء إنما يتم على حسابه بنفس الشروط والمواصفات المتعاقد عليها، إلا أن اللائحة تمنعه من المطالبة بالفرق إذا كان سعر الشراء يقل عن سعره (سعر المتعهد المقصر) إذ لا يجوز أن يستفيد هذا المتقاعس من تقصيره. والحال كذلك بالنسبة لمصادرة التأمين، فجهة الإدارة من حقها بل وعليها أن تصادر التأمين بأكمله عند توقيع الفسخ إثر الإخلال بالالتزام، ولا يقبل من المتعاقد المقصر أن يثبت أن الضرر يقل عن مبلغ التأمين. وفي نفس الوقت يجوز للإدارة أن ترجع عليه بالتعويضات الأخرى إن كان لها وجه لأن قيمة التأمين لا تفي وحدها بمجموع التعويضات. ورجوع الإدارة بالتعويضات الأخرى، على المتعاقد معها المقصر في حقها عند مصادرة التأمين الذي يقل عن مستوى التعويض الكامل لا يستند إلى اعتبار العقد قائماً ومنفذاً على حساب المتعاقد، مع أنه سبق فسخه - على نحو ما اتجه إليه الحكم المطعون فيه - وإنما يستند ذلك الرجوع، إلى أحكام القواعد العامة في أي عقد كان، وتلك الأحكام تقضي بأن كل خطأ ترتب عليه ضرر يلزم من ارتكبه بالتعويض، وبقدر قيمة الضرر، وهذه الأحكام لا تتعارض البتة مع فكرة التأمين في العقود الإدارية بوجه عام. ولا غرو أن فروق الأسعار، ونزول جعول المقاصف، وما يضيع على جهة الإدارة من كسب محقق، كل أولئك تمثل في حقيقتها أضراراً فعلية وقيماً معلومة لحقت الإدارة وتعاقبت عليها من جراء إخلال المتعاقد معها بتنفيذ ما التزم به قبلها.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، لا يستساغ القول بأن حقوق مصلحة المساحة قد تحددت بمصادرة التأمين فحسب منذ إذ لجأت إلى فسخ العقد، أو بأن الطرفين المتعاقدين قد انصرفت نيتهما إلى أن يكون قدر التعويض الواجب اقتضاؤه داخل حدود مبلغ التأمين النهائي لا يتعداه. فالفهم الصحيح لبنود قائمة العطاء في جو المبادئ العامة للعقد الإداري، وما جرت به عبارات البند (18) من ذلك العطاء، لا تعدو أن تكون توكيداً لحق الإدارة في اقتضاء قيمة التأمين بطريق التنفيذ المباشر، استيفاء لحقوقها، وعلى أساس أن التأمين يمثل ضماناً للتنفيذ دون أن يخل فهم ذلك الضمان بما هو مسلم لجهة الإدارة من حق الرجوع على المتعهد المقصر بكافة التعويضات الأخرى عما عساه يكون قد لحق الإدارة من أضرار لا يفي مبلغ التأمين وحده بالتعويض عنها. وتأسيساً على ذلك تكون وزارة الأشغال - مصلحة المساحة - على حق فيما تقدمت بطلبه في صحيفة الدعوى وفي تقرير هذا الطعن من طلب إلزام المطعون عليه بأن يدفع لها مبلغ (81 جنيهاً و375 مليماً) والفوائد القانونية بواقع 4% عن مبلغ (28 جنيهاً و875 مليماً) من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 26 من أكتوبر سنة 1959 حتى تمام السداد وتفصيل ذلك أن مبلغ 48 جنيهاً و125 مليماً هو قيمة متأخر الجعل عن المدة الباقية في عام 1957 ثم يضاف إليه مبلغ 52 جنيهاً و500 مليم هو فرق الجعل الجديد عن الجعل القديم ثم يخصم من مجموعها مبلغ 19 جنيهاً و250 مليماً قيمة التأمين... والفوائد القانونية من مبلغ 28 جنيهاً و875 مليماً قيمة المتأخر من الجعل. وذلك على النحو السالف تفصيله فما تقدم من أسباب.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً - فيكون الطعن فيه قد قام على سند سليم من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للوزارة المدعية مبلغ 81 جنيهاً و375 مليماً والفوائد القانونية عن مبلغ 28 جنيهاً و875 مليماً بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26 من أكتوبر سنة 1959 حتى تمام السداد وألزمته بالمصروفات.

الطعن 1276 لسنة 7 ق جلسة 2 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 32 ص 290

جلسة 2 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد/ الأستاذ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

----------------

(32)
القضية رقم 1276 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - ترك الخدمة - استقالة 

- طلب ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 - عدم الفصل فيه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه يعتبر قبولاً ضمنياً له - امتناع رفض الطلب بعد فوات هذا الميعاد - أساس ذلك.
(ب) معاش - تسوية - دعوى الإلغاء 

- عدم الفصل في طلب ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه يكسب الموظف مركزاً قانونياً ذاتياً يخوله حق المطالبة بتسوية معاشه على هذا الأساس - دعواه في ذلك من قبيل التسوية لا الإلغاء.
(جـ) موظف - معاش 

- مناط ضم مدة السنتين إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 - ألا تجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لذلك سبعاً وثلاثين سنة ونصف سواء في ذلك بلغ مقدار المعاش ثلاثة أرباع المرتب أم لم يبلغه - أساس ذلك وضوح النص وضوحاً يغني عن البحث عن حكمة التشريع ودواعيه.
(د) موظف - معاش 

- زيادة مدة خدمة المدعي المحسوبة في المعاش على سبع وثلاثين سنة ونصف في تاريخ تقديم طلبه وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 - لا تحول دون إفادته من العلاوتين اللتين أجازهما هذا القانون وإن حالت دون ضم سنتين إلى مدة خدمته.

----------------
1 - تنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 على أنه (استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال الثلاث شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوى معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابها في المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة) وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه (رؤى عدم قصر هذه الإباحة على أصحاب الدرجات الشخصية وإنما إتاحة الفرصة لغيرهم من الموظفين الذين يبلغون سن الخامسة والخمسين أو يبلغونها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ سريان هذا التشريع أن يتقدموا بطلب ترك الخدمة بنفس الشروط للمصالح والهيئات الحكومية والوزارات التي يكون لها البت في هذه الطلبات في ضوء المصلحة العامة وفي الحدود التي رسمتها مواد قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة مع الاستثناء من الفقرة الأخيرة من المادة 110 من القانون التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن) - ومفاد ذلك هو لزوم مراعاة أحكام قانون موظفي الدولة والقوانين المعدلة له مع التحلل من الفقرة الأخيرة وحدها من المادة 110 من القانون 210 لسنة 1951، وهذا القانون رعاية منه لصالح الموظف أوجب أن تفصل جهة الإدارة في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها وفرض جزاء على تراخي الإدارة في هذا الصدد بنصه على اعتبار الاستقالة مقبولة بعد انقضاء الثلاثين يوماً - ومؤدى ذلك أن عدم إجابة جهة الإدارة على طلب اعتزال الخدمة المقدم للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه يعتبر قبولاً ضمنياً لهذا الطلب مع التسوية المطلوبة ويترتب على ذلك انتهاء خدمة مقدم الطلب بقوة القانون متى توافرت في حقه الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون - وترتيباً على ذلك لا يجوز لجهة الإدارة بعد انتهاء مدة الثلاثين يوماً دون صدور قرار منها بالفصل في طلب ترك الخدمة أن تصدر قراراً برفض الطلب فإن هي فعلت ذلك يكون مثل هذا القرار قد نزل على غير محل بعد إذ انقطعت رابطة التوظف مع مقدم الطلب بحكم القانون.
2 - إن الثابت من الأوراق أن المدعي ولد في 6 من أكتوبر سنة 1900 أي أن سنه كان يزيد على الخامسة والخمسين عند العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد تقدم بطلب ترك الخدمة في 16 من مايو سنة 1960 وليس على هذا الطلب أي تأشير بحفظه كما أنه ليس في الأوراق ما يفيد أن جهة الإدارة قد اتخذت قراراً في شأن هذا الطلب سواء بالقبول أو بالرفض خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمه فلو ثبت أن المدعي مستوف للشروط المنصوص عليها في القانون لاعتبر سكوت الإدارة قبولاً لطلبه ولتسوية معاشه وفقاً للقانون المذكور ويكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً في هذا الشأن يخوله حق المطالبة بتسوية معاشه على هذا الأساس وتكون دعواه في حقيقتها وبحسب تكييفها الصحيح من قبيل المنازعات الخاصة بالمعاشات إذ يتناول موضوعها تسوية معاشه وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد أن اكتسب مركزاً ذاتياً يخوله الانتفاع بأحكام هذا القانون ومن ثم لا تخضع للمواعيد والإجراءات المقررة لرفع دعاوى الإلغاء فليس شرطاً لقبولها أن يسبق إقامتها تظلم إلى الجهة الإدارية المختصة أو الهيئة الرئيسية.
3 - إن ما ذهب إليه المدعي من أن من حقه وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 أن تضم سنتان إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش والتي كانت تبلغ في تاريخ تقديم طلبه حوالي التسعة والثلاثين عاماً وذلك تأسيساً على أن الحكمة من نص القانون المذكور على ألا تجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لضم مدة السنتين سبعاً وثلاثين سنة ونصف هي ألا يجاوز المعاش ثلاثة أرباع المرتب وأنه نظراً إلى أنه معامل بقانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 فإنه لن يترتب على ضم مدة السنتين المشار إليهما إلى مدة خدمته أن يجاوز معاشه ثلاثة أرباع المرتب وما ذهب إليه المدعي في هذا الشأن مردود بأن نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 صريح وقاطع في أن مناط ضم مدة السنتين إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش هو ألا تجاوز هذه المدة نتيجة لهذا الضم سبعاً وثلاثين سنة ونصف ومتى كان النص واضحاً جلي المعنى فلا مقتضى للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه إذ أن ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه.
4 - إن مجرد زيادة مدة خدمة المدعي المحسوبة في المعاش على سبع وثلاثين سنة ونصف في تاريخ تقديم طلبه وإن كانت تحول دون إفادته من ضم مدة سنتين إلى تلك المدة إلا أنها لا تحول دون إفادته من العلاوتين اللتين أجاز القانون رقم 120 لسنة 1960 منحهما له بشرط ألا يجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة الرابعة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3 من يونيه سنة 1961 أودع الأستاذ محمود مصطفى شلبي المحامي بالنيابة عن السيد/ أحمد أحمد فارس قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1276 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 4 من إبريل سنة 1961 في الدعوى رقم 26 لسنة 8 القضائية المقامة من الطاعن ضد السيد الأستاذ مدير النيابة الإدارية والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وبإلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه بكامل أجزائه وبمعاملته بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وتسوية معاشه طبقاً لأحكامه وذلك بضم سنتين لمدة خدمته وإضافة علاوتين لمرتبه وتعديله إلى مبلغ 30 جنيهاً و750 مليماً شهرياً بخلاف علاوة الغلاء وذلك مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 12 من يونيو سنة 1961. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من مايو سنة 1964 وأعلن الطرفان بموعد هذه الجلسة في 2 من إبريل سنة 1964. وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره جلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 10 من نوفمبر سنة 1960 أقام السيد/ أحمد أحمد فارس الدعوى رقم 26 لسنة 8 القضائية ضد السيد الأستاذ مدير النيابة الإدارية طالباً الحكم بمعاملته بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وتسوية معاشه طبقاً لأحكامه وذلك بضم سنتين لمدة خدمته وإضافة علاوتين لمرتبه وتعديله إلى مبلغ 30 جنيهاً و750 مليماً شهرياً بخلاف علاوة الغلاء وذلك مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال بياناً لدعواه إنه التحق بخدمة الحكومة في 31 من مارس سنة 1923 في وظيفة من الدرجة الثامنة بمصلحة البريد ثم رقي بعد عشرين سنة إلى الدرجة السابعة الشخصية في أول يوليو سنة 1943 ثم نقل إلى مصلحة الشهر العقاري مع ترقيته إلى الدرجة السادسة في 14 من نوفمبر سنة 1949 وفي سنة 1953 صدر القانون رقم 432 لسنة 1953 للمنسيين فمنح الدرجة الخامسة الشخصية تنفيذاً للقانون رقم 371 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 ثم نقل من موظفي التحقيقات بالشهر العقاري إلى النيابة الإدارية عند إنشائها في 15 من ديسمبر سنة 1954 وعين رئيساً للتفتيش الإداري والكتابي ولم يرق بعد ذلك إلى الدرجة الرابعة إلا في أول مارس سنة 1959 وفي 26 من مارس سنة 1960 صدر القانون رقم 120 لسنة 1960 متضمناً النص على أنه يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو يبلغها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذه طلب ترك الخدمة على أن يسوى معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين وعلى ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم سبعة وثلاثين سنة ونصف وعلى أن يمنح علاوتان من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما مربوط الدرجة - وعمل بهذا القانون من تاريخ نشره في 3 من إبريل سنة 1960 - وذكر المدعي أنه لما كان هذا القانون ينطبق عليه فقد قدم للمدعى عليه بصفته طلباً في 14 من مايو سنة 1960 لإحالته إلى المعاش طبقاً للأوضاع التي رتبها له ولأمثاله - ونظراً إلى أنه لم يتخذ أي إجراء في هذا الطلب فقد قدم تظلماً إلى المدعى عليه في 20 من يوليو سنة 1960 بعث به عن طريق البريد الموصى عليه ولكن المدعى عليه لم يرد بالقبول أو الرفض رغم مضي أكثر من ستين يوماً على التظلم - وذلك بمثابة رفض للتظلم - وأضاف المدعي أن عدم إجابته إلى طلبه ينطوي على مخالفة للقانون كما أنه مشوب بالانحراف يؤيد ذلك أن عدداً كبيراً من موظفي الحكومة قد قبلت طلباتهم وتمتعوا بالامتيازات التي أتاحها القانون المذكور رغم أن بعضهم كان على وشك ترك الخدمة لبلوغه سن الستين بعد أيام أو شهور من تاريخ صدور القانون واستطرد المدعي قائلاً إنه بلغ سن التقاعد أخيراً وأحيل إلى المعاش على أساس القانون القديم وكان مرتبه الأخير الذي على أساسه سوى معاشه 38 جنيهاً و500 مليماً شهرياً فأصبح معاشه 18 جنيهاً و900 مليماً وأنه لو عومل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 بضم سنتين لمدة خدمته وعلاوتين لمرتبه لأصبح معاشه الشهري 30 جنيهاً و750 مليماً وأنه لذلك يطلب الحكم بتسوية معاشه على أساس هذا القانون.
وأجابت المدعى عليها على الدعوى بمذكرة قالت فيها إنه يبين من القانون رقم 120 لسنة 1960 حسبما جاء في مذكرته الإيضاحية أنه أجاز للموظفين الذين تنطبق عليهم شروطه أن يتقدموا بطلب ترك الخدمة للمصالح والهيئات الحكومية والوزارات التي يكون لها البت في هذه الطلبات في ضوء المصلحة العامة وفي الحدود التي رسمتها مواد قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له - وأنه يبين من ذلك أن القانون قد أعطى الجهة الإدارية سلطة تقديرية مطلقة في قبول أو رفض أي طلب يقدم لها وذلك في ضوء الاعتبارات التي تقدرها مراعاة منها للصالح العام ودون معقب عليها من القضاء - وأضافت أن المدعي دخل الخدمة في 27 من يناير سنة 1920 (خارج الهيئة) واعتبر في الدرجة الثامنة من أول نوفمبر سنة 1923 وأصبح في الدرجة الرابعة الكتابية منذ 28 من فبراير سنة 1959 بماهية قدرها 38 جنيهاً و500 مليماً في أول مايو سنة 1960 وبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 5 من أكتوبر سنة 1960 وكانت المدة الباقية لبلوغه هذا السن عندما تقدم بطلب معاملته وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 أربعة أشهر وعشرين يوماً وعند عرض هذا الطلب على السيد الأستاذ الوكيل العام للنيابة الإدارية رأى حفظ الموضوع وفي 20 من يوليو سنة 1960 تقدم المدعي بالتماس يستفسر فيه عما تم في هذا الطلب فأشر عليه بالحفظ لأن قبول أو رفض الطلب مسألة جوازية متروكة لتقدير الإدارة وانتهت المدعى عليها إلى طلب الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتقدم المدعي بمذكرة ردد فيها ما تضمنته صحيفة الدعوى وأضاف أنه فضلاً عن أن المدعى عليها لم ترد على الطلب المقدم منه في 14 من مايو سنة 1960 فإنه تبين من الاطلاع على ملف خدمته أنها سكتت عن الفصل في الطلب المذكور خلال ثلاثين يوماً كما تقضي بذلك المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن ثم فإنه يعتبر مقبولاً بقوة القانون وإنما إذا كانت المدعى عليها قد صدر منها بعد ذلك ما يفيد رفض هذا الطلب في 20 من يوليو سنة 1960 فإن قرارها في هذا الشأن يعتبر منعدماً لوروده على غير محل لسبق اعتبار علاقته بالحكومة منتهية بقوة القانون.
وقدمت هيئة المفوضين تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بتسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بالمصروفات.
وبجلسة 4 من إبريل سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها بذلك على أن طلب ترك الخدمة وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 يعتبر طلباً لاعتزال الخدمة وفقاً لأوضاع وأحكام خاصة تختلف عن الأوضاع والأحكام المقررة في شأن الاستقالة العادية فتترخص الإدارة في قبوله أو رفضه وفقاً لما تراه أكثر تحقيقاً للمصلحة العامة - وهي في مجال تطبيقها للمادة الأولى من القانون المذكور لا تتقيد بميعاد محدد للإفصاح عن إرادتها وليس للقضاء الإداري التعقيب على القرار الذي تتخذه في هذا الشأن ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة - ومتى ثبت أن للجهة الإدارية سلطة تقديرية مطلقة في قبول أو رفض الطلب المقدم من المدعي للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 فإن الدعوى المرفوعة بطلب إلغاء قرار الرفض لا تعتبر من قبيل دعاوى التسويات وإنما تعتبر دعوى إلغاء ينبغي لقبولها توافر الإجراءات الشكلية المقررة بالنسبة إلى دعاوى الإلغاء والواردة بالقانون رقم 55 لسنة 1959 الذي أوجب التظلم من القرارات الإدارية القابلة للسحب والصادرة في شأن الموظفين قبل رفع دعوى الإلغاء وأن الثابت من الأوراق أن المدعي قد تقدم بطلب الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 في 14 من مايو سنة 1960 ورأى السيد وكيل عام النيابة الإدارية حفظ ذلك الطلب فتقدم بطلب آخر يستفسر فيه عما تم في شأن طلبه الأول اعتزال الخدمة وقد تأشر على ذلك الطلب أيضاً بالحفظ - والقرار الصادر بالحفظ يعتبر في حقيقته قراراً برفض طلب المدعي اعتزال الخدمة ولئن كان هذا القرار لم يبلغ للمدعي إلا أن إحالته إلى المعاش في 5 من أكتوبر سنة 1960 وتسوية معاشه طبقاً للقواعد العامة توفر في حقه العلم بأن طلبه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 سالف الذكر قد رفض - وعلى أية حال فقد علم يقيناً بهذا الحفظ المتضمن لمعنى الرفض بعد إقامته الدعوى ومع ذلك لم يتظلم من قرار الرفض لا قبل إقامة الدعوى ولا في أية مرحلة من مراحلها ولا محل لما يزعمه من أن طلبه المؤرخ في 20 من يوليو سنة 1960 يعتبر تظلماً لأن الظاهر أنه كان يريد الوقوف على النتيجة التي انتهى إليها أمر طلبه الانتفاع بأحكام القانون المذكور وما دام لم يتظلم من قرار حفظ طلبه المتضمن رفضه فإن دعواه تعتبر غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الدعوى ليست دعوى إلغاء بل دعوى منازعة في مرتب أو معاش لا يسري عليها ما يسري على دعاوى الإلغاء من قيود وأنه ليس في الأوراق ما يدل على أن المدعي قد علم علماً يقيناً مستوفياً بقرار رفض طلبه الانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 كما أن خطابه المؤرخ في 20 من يوليو سنة 1960 الذي استفسر فيه عما تم في طلبه إنما هو في الواقع تظلم من تأخير الفصل في هذا الطلب - كما يقوم الطعن على أن القانون رقم 120 لسنة 1960 قد جعل الحق في ترك الخدمة لمن بلغ الخامسة والخمسين عند صدوره أو يبلغها خلال ثلاثة شهور من سريانه في 4 من إبريل سنة 1961 ولم يجعل للحكومة الحق في أي اعتراض أو منازعة في هذا الطلب فمتى انطبق الشرط بالنسبة للسن وجب على الحكومة قبول ترك الخدمة وكان المدعي عند نفاذ القانون بالغاً من السن أكثر من خمسة وخمسين سنة وقدم طلبه فاستعمل حقاً لا معقب عليه ولا محل للقول بأن هذه استقالة مشروطة وأنها ليست مقبولة طبقاً لنص المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن تقديم هذه الاستقالة أجازه القانون 120 لسنة 1960 استثناء من القانون رقم 210 لسنة 1951.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الطاعن في معاملته بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وبتسوية معاشه طبقاً لأحكامه.
وتقدم المدعي بمذكرة بدفاعه أضاف فيها إلى ما ورد بتقرير الطعن أنه وفقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 كان يتعين الفصل في طلبه ترك الخدمة خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمه وإلا اعتبرت استقالته مقبولة بقوة القانون متى توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في القانون رقم 120 لسنة 1960 - وأنه قد قدم طلبه في 14 من مايو سنة 1960 ولم يفصل فيه خلال ثلاثين يوماً فتعتبر استقالته مقبولة بحكم القانون ويكون حفظ هذا الطلب قد ورد على غير محل - وذكر أنه معامل بالقانون رقم 5 لسنة 1909 بخصم 5% من مرتبه على أساس اعتبار مدة الخدمة ستين عاماً وحسبت له مدة خدمة تبلغ حوالي تسعة وثلاثين عاماً وأن معاملته بالقانون رقم 120 لسنة 1960 بضم سنتين إلى مدة خدمته وإن كان سيترتب عليه تجاوز المدة المحسوبة في المعاش سبعاً وثلاثين سنة ونصف حسب قانون المعاش الحالي إلا أن هذه المدة توازي في القانون رقم 5 لسنة 1909 المعامل به خمساً وأربعين سنة أي ثلاثة أرباع الستين سنة مدة الخدمة في القانون المذكور وأنه لذلك يستحق أن تضم له سنتان وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 تحسبان في المعاش فتصبح مدة خدمته واحداً وأربعين سنة ويمنح علاوتين من علاوات درجته على ألا يجاوز نهاية مربوط الدرجة ولما كان في الدرجة الرابعة ومرتبه 38 جنيهاً و500 مليماً شهرياً فقد توافرت في حقه الشروط المطلوبة - وأضاف أن اعتراض الحكومة بأنه أحيل إلى المعاش في سن الستين وهو في الدرجة الرابعة الفعلية اعتراض لا سند له من القانون ولا يمنع من أحقيته في المطالبة بقبول استقالته طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 تنص على أنه (استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 يجوز لكل من بلغ سن الخامسة والخمسين من الموظفين أو من يبلغها خلال الثلاث شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون طلب ترك الخدمة على أن يسوى معاشه على أساس ضم سنتين لمدة خدمته وحسابها في المعاش حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين على ألا تتجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لهذا الضم 37.5 سنة وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته ولا يتجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة) وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه (رؤى عدم قصر هذه الإباحة على أصحاب الدرجات الشخصية وإنما إتاحة الفرصة لغيرهم من الموظفين الذين يبلغون سن الخامسة والخمسين أو يبلغونها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ سريان هذا التشريع أن يتقدموا بطلب ترك الخدمة بنفس الشروط للمصالح والهيئات الحكومية والوزارات التي يكون لها البت في هذه الطلبات في ضوء المصلحة العامة وفي الحدود التي رسمتها مواد قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له مع الاستثناء من الفقرة الأخيرة من المادة 110 من القانون التي تعتبر الاستقالة المقترنة بأي قيد أو المعلقة على أي شرط كأن لم تكن) - ومفاد ذلك هو لزوم مراعاة أحكام قانون نظام موظفي الدولة والقوانين المعدلة له مع التحلل من الفقرة الأخيرة وحدها من المادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951. وهذا القانون رعاية منه لصالح الموظف أوجب أن تفصل جهة الإدارة في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها وفرض جزاء على تراخي الإدارة في هذا الصدد بنصه على اعتبار الاستقالة مقبولة بعد انقضاء الثلاثين يوماً - ومؤدى ذلك أن عدم إجابة جهة الإدارة على طلب اعتزال الخدمة المقدم للانتفاع بأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه يعتبر قبولاً ضمنياً لهذا الطلب مع التسوية المطلوبة ويترتب على ذلك انتهاء خدمة مقدم الطلب بقوة القانون متى توافرت في حقه الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون - وترتيباً على ذلك لا يجوز لجهة الإدارة بعد انتهاء مدة الثلاثين يوماً دون صدور قرار منها بالفصل في طلب ترك الخدمة أن تصدر قراراً برفض الطلب فإن هي فعلت ذلك يكون مثل هذا القرار قد نزل على غير محل بعد إذ انقطعت رابطة التوظف مع مقدم الطلب بحكم القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي ولد في 6 من أكتوبر سنة 1900 أي أن سنه كان يزيد على الخامسة والخمسين عند العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 وقد تقدم بطلب ترك الخدمة في 16 من مايو سنة 1960 وليس على هذا الطلب أي تأشير بحفظه كما أنه ليس في الأوراق ما يفيد أن جهة الإدارة قد اتخذت قراراً في شأن هذا الطلب سواء بالقبول أو بالرفض خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديمه فلو ثبت أن المدعي مستوف للشروط المنصوص عليها في القانون لاعتبر سكوت الإدارة قبولاً لطلبه ولتسوية معاشه وفقاً للقانون المذكور ويكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً في هذا الشأن يخوله حق المطالبة بتسوية معاشه على هذا الأساس وتكون دعواه في حقيقتها وبحسب تكييفها الصحيح من قبيل المنازعات الخاصة بالمعاشات إذ يتناول موضوعها تسوية معاشه وفقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 بعد أن اكتسب مركزاً ذاتياً يخوله الانتفاع بأحكام هذا القانون ومن ثم لا تخضع للمواعيد والإجراءات المقررة لرفع دعاوى الإلغاء فليس شرطاً لقبولها أن يسبق إقامتها تظلم إلى الجهة الإدارية المختصة أو الهيئة الرئاسية.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى أن سن المدعي كان في تاريخ العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1960 يزيد على الخامسة والخمسين فإنه كان في الدرجة الرابعة وكان مرتبه 38 جنيهاً و500 مليماً شهرياً أي أقل من نهاية مربوط تلك الدرجة بستة جنيهات ونصف أي أنه لم يكن هناك ما يحول دون إفادته من أحكام القانون المذكور.
ومن حيث إن المدعي قد ذهب في مذكرته إلى أن من حقه وفقاً لأحكام القانون أن تضم سنتان إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش والتي كانت تبلغ في تاريخ تقديم طلبه حوالي التسعة والثلاثين عاماً وذلك تأسيساً على أن الحكمة من نص القانون المذكور على ألا تجاوز مدة الخدمة المحسوبة في المعاش نتيجة لضم مدة السنتين سبعاً وثلاثين سنة ونصف هي ألا يجاوز المعاش ثلاثة أرباع المرتب - وأنه نظراً إلى أنه معامل بقانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 فإنه لن يترتب على ضم مدة السنتين المشار إليهما إلى مدة خدمته أن يجاوز معاشه ثلاثة أرباع المرتب، ما ذهب إليه المدعي في هذا الشأن مردود بأن نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 صريح وقاطع في أن مناط ضم مدة السنتين إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش هو ألا تجاوز هذه المدة نتيجة لهذا الضم سبعاً وثلاثين سنة ونصف ومتى كان النص واضحاً جلي المعنى فلا مقتضى للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه إذ أن ذلك لا يكون إلا عند الغموض في النص أو وجود لبس فيه.
ومن حيث إن مجرد زيادة مدة خدمة المدعي المحسوبة في المعاش على سبع وثلاثين سنة ونصف في تاريخ تقديم طلبه وإن كانت تحول دون إفادته من ضم مدة السنتين إلى تلك المدة إلا أنها لا تحول دون إفادته من العلاوتين اللتين أجاز القانون رقم 120 لسنة 1960 منحهما له بشرط ألا يجاوز بهما نهاية مربوط الدرجة الرابعة.
ومن حيث إنه لذلك يكون المدعي محقاً في طلب تسوية معاشه وفقاً لأحكام القانون المذكور على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه والحكم بأحقية المدعي في تسوية معاشه على الوجه السابق بيانه مع إلزام الحكومة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الجمعة، 1 ديسمبر 2023

الطعن 1941 لسنة 6 ق جلسة 20 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 28 ص 256

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(28)

القضية رقم 1941 لسنة 6 القضائية

بلدية الإسكندرية - ميزانية 

- درجات العمال - لم تشتمل ميزانية عام 1957/ 1958 على بيان الوظائف المتنوعة في تسلسل هرمي بالنسبة لكل نوع منها - اشتملت فقط على بيان بعدد مختلف الدرجات المالية في تسلسل تصاعدي دون تخصيص وظائف معينة بذاتها - بيان ذلك.

----------------
بالرجوع إلى ميزانية بلدية الإسكندرية لعام 1957/ 1958 يبين أنها اشتملت على حصر عمال اليومية بالقسم 2 الخاص بالإدارات الهندسية (ص 44) فبينت عددهم ووظائفهم في كل درجة من درجات كادر العمال كما أوضحت متوسط مربوط هذه الدرجات وظاهر من هذا البيان أنه في حين لم تشتمل الدرجة 300/ 500 مليم على أي وظيفة لملاحظ فقد ورد بالدرجة 360/ 700 مليم عدد 4 وظائف لملاحظين، ثم جاءت الدرجة 360/ 800 مليم خالية من وظائف الملاحظين، وفي الدرجة 400/ 900 مليم أدرجت وظيفة واحدة لملاحظ بناء. وفي ذات الوقت فإن الواضح من البيان الوارد في هذا الباب من الميزانية بالنسبة لسائر درجات كادر العمال أن تلك الدرجات على اختلاف أنواعها لم تشتمل على بيان الوظائف المتنوعة في تسلسل هرمي بالنسبة لكل نوع منها إذ بينما أدرج فيما يتعلق بالبنائين في الدرجة 300/ 500 مليم عدد 3 بناء فقد تضمنت الدرجة 360/ 700 مليم عدد 6 والدرجة 360/ 800 مليم عدد 10 وبعد ذلك خلت الدرجة 400/ 900 مليم منهم، وهذا الوضع بعينه قائم في وظائف سائقي السيارات إذ بينما أدرج في الدرجة 300/ 500 مليم عدد 164 درجة لهم ووردت الدرجة 360/ 700 منطوية على سائق فقط والدرجة 360/ 800 على 37 سائق والدرجة 400/ 900 على سائقين، وهكذا بالنسبة للميكانيكيين وغيرهم. وورود الميزانية على هذا النحو واضح الدلالة في أنها لم تشتمل سوى على مجرد بيان بعدد مختلف الدرجات المالية في تسلسل تصاعدي دون أن تشتمل على تخصيص لوظائف معينة بذاتها لدرجاتها ذاتية مستقلة بل التخصيص الوارد بها إنما هو تخصيص عام لعدد من الوظائف غير المتميزة التي ليس لها كيان عن باقي الوظائف بحيث تقتصر دلالة التخصيص على مجرد تحديد عدد الدرجات التي يشغلها العمال القائمون بكل فرع من فروع العمل.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 يوليو سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 12/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 264 لسنة 6 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد عبد المنعم ياقوت الدره ضد بلدية الإسكندرية القاضي "بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة صانع ممتاز من الفئة 360/ 800 اعتباراً من 9/ 3/ 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت الإدارة بالمصروفات" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 18/ 1/ 1961، وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/ 6/ 1962، وأخطرت الحكومة والمدعي في 6/ 6/ 1962 بميعاد هذه الجلسة. ثم قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 3/ 11/ 1963 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح تفصيلاً بالمحاضر، قررت إصدار الحكم في أول مارس سنة 1964، ثم أعيدت الدعوى للمرافعة لجلسة 29 مارس سنة 1964 لضم مذكرة الإدارة العامة المؤرخة 24/ 12/ 1957 وموافقة مراقبة الطرق بالبلدية المشار إليهما بديباجة القرار المطعون فيه ولمناقشة المختصين بالبلدية في طبيعة الوظيفة الموكولة للمدعي في درجة ملاحظ طرق، وبعد استيفاء كافة البيانات والأوراق كالثابت بمحاضر الجلسات التالية، أرجئ النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه - بطريق المعافاة - طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير عام الإدارات الهندسية في 17/ 7/ 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة صانع ممتاز فئة 360/ 800 مليم واستحقاقه لهذه الدرجة اعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية مع إلزام الإدارة بالمصروفات. وقال في بيان ذلك إن الأقسام الهندسية بالبلدية قامت في 9/ 6/ 1958 بترقية أحد عشر صانعاً من زملائه إلى درجة الدقة الممتازة فئة 360/ 800 مليم دونه في حين أنه أقدم في درجة دقيق ممتاز 360/ 700 مليم منهم جميعاً لأن حالته سويت تنفيذاً للحكم السابق صدوره في الدعوى رقم 219 لسنة 3 القضائية باعتباره في درجة صانع دقيق ممتاز فئة 360/ 700 من تاريخ دخوله الخدمة في 10/ 11/ 1926. أما اعتراض البلدية على ترقيته في القرار المطعون فيه استناداً إلى أن الوظائف التي تمت الترقية إليها مخصصة لبناء وسائق وهراس وبلاط وميكانيكي وهي وظائف أخرى غير وظيفته فمردود حيث يعمل المدعي في وظيفة رئاسية لهذه الوظائف جميعاً ما دام أنه يعمل ملاحظاً للطرق ويرأس جميع المطعون ضدهم.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة خارج الهيئة بالدرجة 4 - 6 جنيهاً ببدايتها وذلك بتاريخ 10/ 11/ 1926، ثم وضع في الدرجة 4 - 5 في 1/ 2/ 1936 ورقي إلى الدرجة 5 - 6 جنيهاً بصفة شخصية في 1/ 7/ 1943، ثم طبق عليه كادر العمال وتدرج أجره بالعلاوات فوصل إلى 11 جنيه و875 مليماً في 1/ 5/ 1945 وزيد إلى 12 جنيه و750 مليماً في 14/ 2/ 1952. وبعد رد الـ 12% وقد طلب المدعي تحويله إلى سلك اليومية، وبناء على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية في الدعوى 219 لسنة 3 القضائية الصادر بجلسة 18/ 12/ 1956 أجيب إلى طلبه ونقل إلى وظيفة ملاحظ طرق المخصص لها الدرجة 300/ 500 مليم وسويت حالته في درجة صانع دقيق طبقاً لأحكام كادر العمال وتدرج أجره فوصل إلى 660 مليماً في 1/ 7/ 1957 - وأما عن حركة الترقيات المطعون فيها فإن البلدية قد رقت المطعون ضدهم إلى الوظائف التي يشغلونها فعلاً الواردة في الميزانية مخصصة لبناء وسائق وبلاط وميكانيكي، ولما كانت وظيفة المدعي وهي ملاحظ طرق ليست من بين هذه الوظائف لذلك فإنه لا يمكن ترقيته إلى إحداها كما لم توجد وظيفة ملاحظ طرق من الفئة 360/ 800 مليم حتى يمكن ترقية المدعى عليها.
وبجلسة 12/ 5/ 1960 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة صانع ممتاز من الفئة 360/ 800 مليم اعتباراً من 9/ 3/ 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت الإدارة بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي على أساس التسوية التي أجريت له تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 219 لسنة 3 ق باستحقاقه للنقل إلى سلك اليومية وذلك بإرجاع أقدميته في درجة صانع دقيق فرضاً إلى تاريخ تعيينه في الخدمة في وظيفة ملاحظ طرق بتاريخ 10/ 11/ 1926 المخصص لها الدرجة 300/ 500 مليم ثم يوضع في الدرجة 360/ 700 مليم التي حصل عليها بالتطبيق لأحكام كادر العمال بصفة شخصية فإن المدعي بذلك أضحى يسبق في أقدميته في درجة صانع دقيق خمسة من زملائه المرقين بالقرار المطعون فيه حيث ترجع أقدمية أولهم إلى 4/ 6/ 1927. كما أنه يسبقهم أيضاً في درجة دقيق ممتاز فئة 360/ 700 مليم التي رقوا إليها على سبيل التسوية بعد ست سنوات من حصولهم على درجة صانع دقيق في تاريخ سابق على 1/ 5/ 1945. ومتى كان الثابت أن البلدية قد أجرت حركة الترقيات المطعون فيها بالأقدمية المطلقة وتركت المدعي بمقولة إنها راعت في الترقية إلى درجة صانع ممتاز فئة 360/ 800 مليم نوع المهمة التي يشغلها كل من هؤلاء المرقين، في حين أنه ليس في أحكام كادر العمال ما يوجب تخصيص درجات بعينها يرقى إليها صناع من مهن معينة دون سواهم بل يتعين طبقاً لأحكام هذا الكادر أن يدرج جميع الصناع في كشف أقدمية واحد وأن يتزاحموا جميعاً بلا تفرقة بينهم بسبب نوع المهنة على الدرجات الشاغرة ويستفاد ذلك من اعتبار المصلحة بالنسبة للعمال وحدة متكاملة ويوزع العمال والصناع الفنيين فيها حسب النسب المئوية المبينة في أحكام كادر العمال وما دام المدعي أسبق من بعض المرقين في درجة صانع دقيق ودرجة صانع دقيق ممتاز فإنه يكون أحق بالترقية من هؤلاء بالقرار المطعون فيه إلى درجة صانع ممتاز فئة 360/ 800 مليم ويتعين لذلك الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من 9/ 6/ 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن أوضاع ميزانية بلدية الإسكندرية تقضي بتخصيص درجات الصناع الممتازين لوظائف مهنة معينة، وقد راعت البلدية قاعدة الأقدمية والكفاءة فيما بين من يشغلون المهن المخصصة لهذه الدرجات في الحركة المطعون فيها، ولم يرق المدعي لأنه معين ملاحظ طرق ولا خبرة له بأعمال المهن المرقى إليها وهي البناء وسائق هراس وبلاط وميكانيكي كما لم يسبق له ممارستها - ولا يجوز الاحتجاج في خصوصية هذه الدعوى بأن المدعي أقدم المرقين بالقرار المطعون فيه طالما أن الوظائف المرقى إليها مخصصة لمهن معينة بالذات تستلزم تأهيلاً مهنياً خاصاً فيمن يشغلها بحيث لا تصلح الأقدمية المطلقة أساساً للترقية بل ينظر في هذه الحالة إلى الأقدمية فيما بين من توافرت فيهم صلاحية وأهلية شغل وظائف المهن المخصصة طبقاً لتحديد الميزانية، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الاعتبار وقضى بإلغاء قرار الترقية استناداً إلى قاعدة الأقدمية المطلقة فإنه يكون قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون.
وبالرجوع إلى ميزانية بلدية الإسكندرية لعام 1957/ 1958 يبين أنها اشتملت على حصر عمال اليومية بالقسم 2 الخاص بالإدارات الهندسية (ص 44) فبينت عددهم ووظائفهم في كل درجة من درجات كادر العمال كما أوضحت متوسط مربوط هذه الدرجات وظاهر من هذا البيان أنه في حين لم تشتمل الدرجة 300/ 500 مليم على أي وظيفة لملاحظ فقد ورد بالدرجة 360/ 700 مليم عدد 4 وظائف لملاحظين، ثم جاءت الدرجة 360/ 800 مليم خالية من وظائف الملاحظين، وفي الدرجة 400/ 900 مليم أدرجت وظيفة واحدة لملاحظ بناء. وفي ذات الوقت فإن الواضح من البيان الوارد في هذا الباب من الميزانية بالنسبة لسائر درجات كادر العمال أن تلك الدرجات على اختلاف أنواعها لم تشتمل على بيان الوظائف المتنوعة في تسلسل هرمي بالنسبة لكل نوع منها إذ بينما أدرج فيما يتعلق في الدرجة 300/ 500 مليم عدد 3 بناء فقد تضمنت الدرجة 360/ 700 مليم عدد 6 والدرجة 360/ 800 مليم عدد 10 وبعد ذلك خلت الدرجة 400/ 900 منهم، وهذا الوضع بعينه قائم في وظائف سائقي السيارات إذ بينما أدرج في الدرجة 300/ 500 مليم عدد 164 درجة لهم وردت الدرجة 360/ 700 منطوية على 16 سائق فقط والدرجة 360/ 800 على 37 سائق والدرجة 400/ 900 على سائقين، وهكذا بالنسبة للميكانيكيين وغيرهم. وورود الميزانية على هذا النحو واضح الدلالة في أنها لم تشتمل سوى على مجرد بيان بعدد مختلف الدرجات المالية في تسلسل تصاعدي دون أن تشتمل على تخصيص لوظائف معينة بذاتها لدرجاتها ذاتية مستقلة بل التخصيص الوارد بها إنما هو تخصيص عام لعدد من الوظائف غير المتميزة التي ليس لها كيان مستقل عن باقي الوظائف بحيث تقتصر دلالة التخصيص على مجرد تحديد عدد الدرجات التي يشغلها العمال القائمون بكل فرع من فروع العمل.
ومن حيث إن المدعي بعد تحويل وظيفته من سلك الدرجات إلى سلك اليومية وتسوية حالته على درجة صانع دقيق 300/ 500 مليم ثم على درجة صانع دقيق ممتاز 360/ 700 مليم كما هو مبين في معرض تحصيل الوقائع أصبح يشغل وظيفة ملاحظ المدرجة في وظائف عمال اليومية بالدرجة 360/ 700، وإذا كان الثابت من البيانات التي أدلى بها السيد/ باشمهندس الطرق بمحافظة الإسكندرية بمحضر جلسة 15 من نوفمبر سنة 1964 أن للمدعي إشرافاً فنياً على سائر أرباب الحرف من زملائه الذين عددتهم الدرجة المشار إليها، فإن من حقه أن يتزاحم معهم عند الترقية إلى الدرجة الأعلى، ومتى كانت الترقية المطعون فيها قد تمت بالأقدمية كما أفصحت عن ذلك الجهة الإدارية فإن للمدعي وهو أقدم من خمسة ممن رقوا يكون مستحق الترقية ضمن من شملهم القرار المذكور. لكونه أحق بالترقية ممن يسبقهم في أقدمية الدرجة المرقى منها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة صانع ممتاز من الفئة 360/ 800 مليم وما يترتب على ذلك من آثار مصادفاً وجه الصواب في النتيجة التي انتهى إليها. وبهذه المثابة يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك رفضه، غير أن الحكم المطعون فيه وقد اشتمل في منطوقه على خطأ مادي بالنسبة لتاريخ الترقية المشار إليها حيث نص على أن تكون اعتباراً من 9/ 3/ 1958. في حين أن صحة هذا التاريخ هي 9 من يونيه سنة 1958 وهو بعينه التاريخ المشار إليه في أسباب الحكم المطعون ذاته، كما أن تاريخ نفاذ الترقية طبقاً لما هو وارد بالقرار محل الدعوى بالنسبة لمنح بداية الدرجة المرقى إليها هو أول يوليو سنة 1958 ومن ثم فقد لزم تعديل الحكم المطعون فيه على هذا الأساس.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة صانع ممتاز من الفئة (360/ 800) مليم اعتباراً من أول يوليه سنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وألزمت الحكومة بالمصروفات.