الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 فبراير 2021

الطعن 1150 لسنة 43 ق جلسة 30 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 263 ص 1292

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق.

---------------

(263)
الطعن رقم 1150 لسنة 43 القضائية

 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
حق محكمة الموضوع في تجزئة الدليل. لها الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود واطراح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال. مثال: تعويلها على شق من أقوال الشهود المتعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما دون الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من أعيرة نارية دون أن يعد ذلك بتراً للشهادة أو تعارضاً بين الدليلين القولي والفني.
(2) قتل عمد. قصد جنائي جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تعمد القتل. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في التدليل على قيام نية القتل(1).
 (3)أسباب الإباحة. "دفاع شرعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دامت الأدلة التي توردها محكمة الموضوع توصل عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.

-------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هى وحدها. ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال الشاهدين وهو ما تعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من الأعيرة - وعلى ما كشف عنه الدليل الفنى من إمكان حدوث إصابة المجنى عليهما من عيار واحد - ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
2 - تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون وهي أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقدير توافره أو عدم توفره إلى سلطة قاضى الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل من ظروف الدعوى وملابساتها ومن استعمال المتهم سلاحاً نارياً محشواً بمقذوفات نارية وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويبه نحو المجنى عليه الأول وإطلاقه العيار نحو مقتل من جسمه وعلى مسافة قريبة نجم عنها أن نفذ العيار منه إلى المجنى عليه الثاني الذى كان يقف بجواره فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أدت إلى وفاتهما. فإن ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغ واضح في إثبات توافرها لدى الطاعن.
3 - تقدير الوقائع المؤدية لقيام حالة الدفاع الشرعي أو عدم قيامها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بحسب ما يقوم لديها من الأدلة والظروف إثباتاً ونفياً دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت الأدلة التي توردها توصل عقلاً إلى النتيجة التي تنتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 4 يونيه سنة 1965 بدائرة بندر دمنهور محافظة البحيرة: (أولاً) قتل عمدا .... بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً..... بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وهو الأمر المنطبق عليه نص المادة 230 من قانون العقوبات (ثانياً) أحدث عمدا بـ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 234/ 1، 2 و241/ 1 من قانون العقوبات. وادعت..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً بتاريخ 8 نوفمبر سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مبلغ ألف جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 20 يناير سنة 1969 بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات دمنهور لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المشار إليها - مشكلة من دائرة أخرى - قضت حضورياً بتاريخ 11 من أبريل سنة 1973 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي والمصروفات المدنية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة قتل المجنى عليهما عمدا قد شابه قصور وتناقض في التسبيب كما انطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأنه عول من – بين ما عول عليه - على شهادة ابن أخت المجنى عليه الأول وصهره ولم يلتزم في تحصيله لها ما جرت به في التحقيقات بل أتى بها مشوهة مبتورة إذ وقف بتلك الشهادة عند حد رؤية الطاعن يطلق النار صوب المجنى عليه الأول دون ذكر لما قال به الشاهدان من أن الطاعن اطلق عيارا ناريا مستقلا على كل من المجنى عليهما الأمر الذى يقوم به التعارض بين الدليل القولي والدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي الذى أورى بأن المجنى عليهما أصيبا من عيار واحد، وقد أخذ الحكم بالدليلين معاً وهذا يعيبه، كما أنه دلل على توافر نية القتل بما يكفى لثبوتها واطراح دفاع الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه بما لا يصلح عماداً لنفيها وأسند في هذا الصدد إلى..... قولاً لا أصل له في الأوراق، وكل هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الدليل فلها أن تجزئ الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها. ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال الشاهدين وهو ما تعلق بإطلاق الطاعن النار على المجنى عليهما ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص بعدد ما أطلق من الأعيرة - وعلى ما كشف عنه الدليل الفني من إمكان حدوث إصابة المجنى عليهما من عيار واحد - ولا يعتبر هذا الذى تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الشهادة ببترها أو مما يقوم به التعارض بين الدليلين ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان - تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون وهي أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقرير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضى الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، فإذا كان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث أنه عن نية القتل لدى المتهم فهي ثابتة قبله ثبوتاً كافياً من ظروف الدعوى وملابساتها على الوجه سالف الذكر ومن استعمال المته سلاحاً نارياً محشواً بمقذوفات نارية وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويبه نحو المجنى عليه الأول وإطلاقه العيار نحو مقتل من جسمه وعلى مسافة قريبة نجم عنها أن نفذ العيار منه إلى المجنى عليه الثاني الذى كان يقف بجواره فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أدت إلى وفاتهما. كل ذلك قاطع الدلالة على ثبوت هذه النية لديه بالإضافة إلى أن الثابت أن المجنى عليه الأول عندما تقدم لمعاتبة المتهم لاعتدائه بالضرب على..... ثارت نفس المتهم وصوب مسدسه نحوه أرداه قتيلا". فإن ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغ واضح في إثبات توافرها لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثير بشأن توافر حالة الدفاع الشرعي ونفاها في قوله "وحيث إن ما أثاره المتهم والدفاع الحاضر معه من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بمقولة إنه بعد انتهاء الشجار بين .... وشهرته ..... ودخول هذا الأخير إلى المسكن طلب من زوجته إعداد كوب شاي له ودخل إلى نهاية الردهة ليغسل يديه من صنبور ماء وأثناء وجوده داخل الردهة سمع أصوات أناس تتصايح ثم أبصر جمعاً منهم يتقدم إلى صوب الباب وهم حاملين السكاكين والمدى والعصى وأن هؤلاء لم يدخل أحد منهم إلى داخل الدار فأطلق العيار الناري بقصد الإرهاب بينما جاء تصوير الواقعة على لسان زوجته بأنهم اقتحموا الدار "عتبة المنزل" ونزلوا إلى الردهة وصفعها أحدهم فأثار ذلك زوجها، هذا الذى قال به المتهم وزوجه يتعارض مع ماديات الدعوى وما ورد على لسان شهودها ذلك أن الثابت بالمعاينة وجود آثار دماء خارج المنزل وعلى مسافة مترين من الباب ولم يكن بداخل الدار أية آثار لتلك الدماء وأنه ليس هناك من شهد على ذلك التصوير سوى أقوال زوجة المتهم وهذه قد جاءت متأخرة بل لقد اختلفت روايتها مع المتهم في ناحية جوهرية وهى قولها أن الجميع دخلوا إلى ردهة المسكن وقام أحدهم بصفعها وهو الأمر الذى لم يذكره زوجها في روايته بالإضافة إلى أن ..... وهو قريب المتهم أفصح في أقواله مؤكداً أنه لم يبصر أحداً من الجموع يقترب من منزل المتهم وأنه لم يسمع بالضوضاء وقذف الطوب إلا بعد ساعة الطلق الناري هذا بالإضافة إلى أن الحادث قد وقع وفى أثناء وجود الحفل وقد ذهب رجال الحفظ إلى مسرح الجريمة فكان من المستساغ أن يتقدم شهود رؤية ولكن التحريات وأقوال كل من وصل من رجال الشرطة لم تتضمن أية بيانات عن وجود شهود تصادق هذا التصوير". لما كان ما تقدم، وكان تقدير الوقائع المؤدية لقيام حالة الدفاع الشرعي أو عدم قيامها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بحسب ما يقوم لديها من الأدلة والظروف إثباتاً ونفياً دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت الأدلة التي توردها توصل عقلاً إلى النتيجة التي تنتهى إليها – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. هذا ولا صحة لما ذهب إليه بشأن دعوى الخطأ في الإسناد إذ تبين من مطالعة المفردات المضمومة أن ما أسنده الحكم - وهو في صدد نفى قيام حالة الدفاع الشرعي - إلى..... له أصله الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


 (1)هذا المبدأ مقرر أيضاً في الطعن رقم 656 لسنة 43 ق جلسة 15/ 10/ 1973 والطعن رقم 1138 لسنة 43 ق جلسة 30/ 12/ 1973 "لم ينشر".


الطعن 764 لسنة 43 ق جلسة 31 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 264 ص 1298

جلسة 31 ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

--------------

(264)
الطعن رقم 764 لسنة 43 القضائية

إثبات. "شهود". "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
حق محكمة الموضوع في القضاء بالبراءة. مشروط باشتمال حكمها على أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت.
القضاء بالبراءة قولاً ببطلان القبض لتمامه قبل صدور الإذن به من النيابة العامة أخذاً بقول المتهم وشاهديه من أن القبض عليه تم في ساعة سابقة لتلك التي صدر فيها الإذن. دون أن يعرض الحكم لما أثبت في دفتر أحوال القسم مؤيداً لشهادة الضابط من أن الضبط تم في ساعة تالية لصدور الإذن أو يتضمن ما يفيد تفطن المحكمة لهذا الدليل. يعيب الحكم.

---------------
من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن وكيل النيابة أورد في محضر التحقيق أنه تبين من اطلاعه على دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات أنه قد أثبت بيومية الأحوال في تاريخ الحادث أن القوة التي نيط بها ضبط المطعون ضده انتقلت من القسم في الساعة الحادية عشرة صباحاً وعادت في الساعة الواحدة والنصف مساء بعد أداء مهمتها، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى تبرئة المطعون ضده أخذاً بقوله الذى أيده فيه شاهداه من أن ضبطه تم في الساعة الثامنة صباحاً أي قبل الحصول على إذن النيابة بالقبض والتفتيش الذى صدر في الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة، معرضاً عما شهد به الضابط من أن التفتيش تم في الساعة الحادية عشرة والنصف، وذلك دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد مما ورد بدفتر الأحوال متقدم الذكر بما يؤيد أقوال الضابط، وكان الحكم قد خلا مما يفيد أن المحكمة قد فطنت إلى هذا الدليل وزنته، فإن ذلك مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى وتمحصها، مما يعيب الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 8 يوليه سنة 1971 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: أحرز جوهرا مخدرا "حشيشا"، وكان ذلك بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 25 يونيه سنة 1972 عملاً بالمادتين 304/ 1 و380/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما أسند إليه مع مصادرة المخدرات المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدره بقصد الإتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على أن تفتيش المطعون ضده تم في الساعة الثامنة صباحاً قبل الحصول على إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش الذى صدر في الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة آخذاً بقول المطعون ضده وشاهديه ومهدراً لأقوال الضابط الذى أجرى التفتيش من أنه تم في الساعة الحادية عشرة والنصف أى في وقت لاحق لصدور الإذن، وذلك دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد مما ورد بمحضر تحقيق النيابة من أنه تبين من الاطلاع على دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات أن الضابط ومرافقيه انتقلوا لضبط المطعون ضده في الساعة الحادية عشرة بما يؤيد شهادته في هذا الخصوص.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام قال تبريراً لقضائه بقبول الدفع ببطلان التفتيش وبراءة المطعون ضده: "... إن الثابت من الأوراق أن الضبط تم في الساعة 1.30 من مساء يوم 8 يوليه سنة 1971.... وإن المتهم أثر القبض عليه قرر أن الضبط تم في الساعة الثامنة صباحاً وقد أيده في هذه الرواية كلاً من.... و.... فذكرا أن التفتيش تم في الساعة الثامنة صباحاً لا الساعة 1.30 مساء كما جاء بأقوال السيد الضابط... وأنه لكل ما تقدم يكون الأقرب إلى الطمأنينة هو ما أجمع عليه المتهم والشاهدان وهو القول الذى جاء على لسان المتهم فور القبض عليه دون أن يدرك أهمية ما يقول أو أثره في الدعوى، ويكون الدفع المبدى في محله متعين القبول الأمر الذى ترى معه المحكمة القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه ".لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت عليه، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وإذ كان ما تقدم، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن وكيل النيابة أورد في محضر التحقيق أنه تبين من اطلاعه على دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات أنه قد أثبت بيومية الأحوال يوم 8 من يوليه سنة 1971 أي في تاريخ الحادث أن القوة التي نيط بها ضبط المطعون ضده انتقلت من القسم في الساعة الحادية عشرة صباحا وعادت في الساعة الواحدة والنصف مساء بعد أداء مهمتها، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى تبرئة المطعون ضده أخذاً بقوله الذى أيده فيه شاهداه من أن ضبطه تم في الساعة الثامنة صباحاً أي قبل الحصول على إذن النيابة بالقبض والتفتيش الذى صدر في الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة، معرضا عما شهد به الضابط من أن التفتيش تم في الساعة الحادية عشرة والنصف، وذلك دون أن تعرض المحكمة للدليل المستمد مما ورد بدفتر الأحوال متقدم الذكر بما يؤيد أقوال الضابط، وكان الحكم قد خلا مما يفيد أن المحكمة قد فطنت إلى هذا الدليل وزنته، فإن ذلك مما ينبئ بأنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى ويمحصها، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإحالة.

الطعن 1152 لسنة 43 ق جلسة 31 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 265 ص 1301

جلسة 31 ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

-------------

(265)
الطعن رقم 1152 لسنة 43 القضائية

 (1)إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
 (2)خطف. وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التغيير في التهمة المحظور على المحكمة هو الذى يقع في الأفعال المؤسسة عليها. التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها إلمام المتهم بموضوع الاتهام وكيفية ارتكاب الجريمة. للمحكمة ردها إلى صورتها الصحيحة. ما دامت فيما تجريه لا تخرج عن نطاق الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث. مثال في جريمة خطف.

--------------
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذى يؤدى فيه شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض ولما كان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال والدة المجنى عليه وباقي شهود الإثبات هو اطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
2 - إنه وإن كان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليه، إلا أن التغيير المحظور هو الذى يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمة. أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة هو أن يلم المتهم بموضوع الاتهام ككيفية ارتكاب الجريمة، فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ما دامت فيما تجريه لا تخرج عن نطاق الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث، فلا يعيب الحكم أن ينسب إلى الطاعن ارتكابه فعل الخطف بنفسه خلافاً لما جاء بأمر الإحالة من ارتكابه الفعل بواسطة غيره ما دام الحكم لا يتناول التهمة التي رفعت بها الدعوى بالتعديل وهى تهمة الخطف بالتحيل، وما دام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذاً من كافة ظروف الدعوى وأدلتها المطروحة والتي دارت عليها المرافعة إذ أن الطاعن لم يسأل في النتيجة وبغض النظر عن الوسيلة إلا عن جريمة الخطف بالتحيل التي كانت معروضة على بساط البحث وهى الجريمة المنصوص عليها في المادة 288/ 1 من قانون العقوبات التي يستوى فيها أن يرتكب الجاني الخطف بنفسه أو بواسطة غيره. ومن ثم فإن المحكمة لا تلتزم بلفت نظر الدفاع إلى مثل التعديل الذى تم في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 يناير سنة 1971 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: خطف بالتحيل الطفل ..... الذى لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بواسطة غيره بأن عهد لآخر مجهول التوجه إلى مسكن المجنى عليه وحمله إليه حيث كان بانتظاره على مقربة من المسكن وما أن نفذ المجهول ذلك حتى تسلم منه الطفل وأخفى من والدته على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 288/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 9 يونيه سنة 1973 عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عن التهمة المسندة إليه. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الخطف بالتحيل قد شابه القصور في البيان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن أثار أن التهمة المسندة إليه ملفقة له وأن الأدلة التي قدمها رجال الشرطة في التحقيق مصطنعة، ورغم ما ساقه الطاعن للتدليل على هذا الدفاع فإن المحكمة لم تعرض له ولم تمحصه أو ترد عليه بما يفنده، كما أخلت بحق الطاعن في الدفاع حين دانته على أساس أنه خطف المجنى عليه بنفسه خلافاً لما جاء بوصف التهمة الواردة بأمر الإحالة من أنه خطف المجنى عليه بواسطة غيره، وقد أجرت المحكمة هذا التعديل دون أن تلتفت نظر الدفاع إليه مما يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه خطف بالتحيل الطفل..... الذى لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بواسطة غيره بأن عهد لآخر مجهول بالتوجه إلى مسكنه وحمله إليه حيث كان بانتظاره على مقربة من مسكن المجنى عليه وما أن قابله ذلك الشخص حتى تسلم منه الطفل وأخفاه عن والدته. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 288/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات القاهرة بعد أن سمعت الدعوى دانته بهذه المادة على اعتبار أن الطاعن خطف المجنى عليه بنفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من شهادة والدة الطفل المجنى عليه وباقي شهود الإثبات، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذى يؤدى فيه شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استنادا إلى أقوال والدة المجنى عليه وباقي شهود الإثبات هو اطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض. ولما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم من تغييره وصف الفعل الذى تم به خطف الفعل على غير ما جاء بأمر الإحالة لا يعيب الحكم ذلك بأنه وإن كان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليه، إلا أن التغيير المحظور هو الذى يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمه. أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة هو أن يلم المتهم بموضوع الاتهام ككيفية ارتكاب الجريمة، فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ما دامت فيما تجريه لا تخرج عن نطاق الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث، فلا يعيب الحكم أن ينسب إلى الطاعن ارتكابه فعل الخطف بنفسه خلافاً لما جاء بأمر الإحالة من ارتكابه الفعل بواسطة غيره ما دام الحكم لا يتناول التهمة التي رفعت بها الدعوى بالتعديل وهى تهمة الخطف بالتحيل، وما دام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقع بها الحادث أخذا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها المطروحة والتي دارت عليها المرافعة إذ أن الطاعن لم يسأل في النتيجة وبغض النظر عن الوسيلة إلا عن جريمة الخطف بالتحيل التي كانت معروضة على بساط البحث وهى الجريمة المنصوص عليها في المادة 288/ 1 من قانون العقوبات التي يستوى فيها أن يرتكب الجاني الخطف بنفسه أو بواسطة غيره، ومن ثم فإن المحكمة لا تلزم بلفت نظر الدفاع إلى مثل التعديل الذى تم في هذه الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 1154 لسنة 43 ق جلسة 31 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 266 ص 1305

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

-------------

(266)
الطعن رقم 1154 لسنة 43 القضائية

(1 و2) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 (1)التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي. متى تلتزم المحكمة بالرد عليه: إذا كان جديا وصريحا، أو تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة. مثال لدفاع غير جدى حول قيامها.
 (2)تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام تلك الحالة أو انتفاؤها. موضوعي.

(3 و4) إثبات. "شهود". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 (3)إيراد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
 (4)التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره الطاعن من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة.

-------------
1 - من المقرر أن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي يجب - حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه - أن يكون جديا وصريحا أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة، وكان ما ورد على لسان الطاعن "أنا مضروب أربع سكاكين" لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن يطالب المحكمة بأن تتحدث في حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة.
2 - إن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، للمحكمة الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها. ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن تشاجر مع المجنى عليه يوم الحادث وبعد فض المشاجرة، ولما أراد المجنى عليه الانصراف طعنه الطاعن بسكين في ذراعه الأيمن فأحدث به الإصابة التي نشأت عنها العاهة، فهذا الذى قاله الحكم ينفى حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون.
3 - ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته تضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - إن ما ينعاه الطاعن من التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر مردود بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى، ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 نوفمبر سنة 1966 بناحية قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية: ضرب ...... بآلة حادة (سكين) في كتفه من الخلف فأحدث به الإصابة الواردة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي بتر ذراعه الأيمن. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك في 23 يونيه سنة 1970، ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 23 أبريل سنة 1973 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذى نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أقوال الطاعن في التحقيقات وبالجلسة ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس بيد أن الحكم لم يعرض لهذه الأقوال ولم يقل كلمته فيها كما أنه عول في قضائه على ما قرره المجنى عليه من أن الطاعن ضربه بسكين في ذراعه في حين أن التقرير الطبي الابتدائي أثبت أن إصابته رضية وأنها بالكتف لا بالذراع، ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض بين الدليلين القولي والفني، هذا إلى أنه أغفل مناقشة دفاع الطاعن المبنى على احتمال حدوث إصابة المجنى عليه من شخص آخر، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عن الطاعن لم يدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وأن كل ما ذكره الطاعن لدى سؤاله عن التهمة المسندة إليه قوله: "أنا مضروب أربع سكاكين" دون أن يشير هو أو المدافع عنه إلى توافر تلك الحالة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التمسك بقيام الدفاع الشرعي يجب - حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه - أن يكون جدياً وصريحاً أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة، وكان ما ورد على لسان الطاعن فيما سلف بيانه لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي، ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن يطالب المحكمة بأن تتحدث في حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت هي لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة. لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤديه إلى النتيجة التي رتبت عليها. وكان الثابت من الحكم أن الطاعن تشاجر مع المجنى عليه يوم الحادث وبعد فض المشاجرة، ولما أراد المجنى عليه الانصراف طعنه الطاعن بسكين في ذراعه الأيمن فأحدث به الإصابة التي نشأت عنها العاهة، فهذا الذى قاله الحكم ينفى حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون - لما كان ذلك، وكان الحكم قد ساق على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة من بينها أقوال المجنى عليه في التحقيقات ومما ثبت من التقارير الطبية، وأورد في تحصيله لأقوال المجنى عليه في التحقيقات بأن الطاعن اعتدى عليه بسكين في كتفه الأيمن فأحدث به الإصابة التي ترتب عنها بتر الذراع الأيمن، ونقل عن أوراق علاج المجنى عليه بمستشفى شبرا الخيمة أنه كان مصاباً بجرح طعني بالكتف الأيمن مع شلل بالساعد الأيمن واليد اليمنى وأن الجرح تلوث وقطع الساعد المذكور، كما نقل عن تقرير الطبيب الشرعي أن جرح البتر بالطرف العلوى الأيمن اسفل العضد قد التأم - ولما كان الطاعن لا يجادل في صحة ما حصله الحكم من الأدلة التي أقام عليها قضاءه وكانت أقوال المجنى عليه كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقارير الطبية - مما تنتفى معه دعوى قيام التناقض بين الأدلة التي أخذ بها الحكم، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر مردودا بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب ردا صريحا من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها. ولما كانت المحكمة قد بينت الواقعة وأقامت قضاءها على أدلة منتجة اقتنع بها وجدانها فلا تجوز مصادرتها في اعتقادها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 1164 لسنة 43 ق جلسة 31 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 267 ص 1309

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

--------------

(267)
الطعن رقم 1164 لسنة 43 القضائية

 (1)تعد. موظفون عموميون. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خبز. تموين.
إثبات الحكم قيام الطاعن بتحريض الأهالي ضد رجال القوة وإمساكه مفتش التموين لمنعه من ركوب السيارة. كفايته لتحقق الركن المادي لجناية المادة 137 مكرراً أ عقوبات.
الركن الأدبي في هذه الجناية. يكفى فيه استظهار الحكم أن الغرض من التعدي هو حل المجنى عليهم. بغير حق. على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم.
 (2)إخفاء أدلة الجريمة. إعانة جان على الفرار. تعد. موظفون عموميون جريمة. "أركانها. قانون. "تفسيره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 145 عقوبات. القصد منها العقاب على أفعال إعانة الجاني على القرار لم تكن معاقباً عليها من قبل. عبارة. "إخفاء أدلة الجريمة". الواردة فيها لا تنطبق على حالات الإخفاء المقرر لها عقاب خاص. ومنها جناية المادة 137 مكرراً أ عقوبات.
 (3)نقض. "المصلحة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تعد. موظفون عموميون. عقوبة. "العقوبة المبررة". قصد جنائي.
النعي بأن الواقعة جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 عقوبات دون جناية المادة 137 مكرراً منه لانتفاء القصد الخاص المتطلب فيها. لا يجدى ما دام أن فعل التعدي قد نشأ عنه جرح بعض الموظفين وأن العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق تلك المقررة للجريمة الأخيرة بالمادة 137 عقوبات.
 (4)إثبات. "شهود". إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سماع المحكمة بعض شهود الإثبات ثم مرافعة المدافع عن الطاعن دون طلب سماع شهود آخرين. اعتباره متنازلاً عن سماعهم. للمحكمة التعويل على أقوالهم في التحقيقات.
 (5)إجراءات. "إجراءات التحقيق". "إجراءات المحاكمة". تحقيق. "إجراءاته". دفوع. "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراءات الاستدلال والتحقيق الابتدائي والتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات. سقوطه إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه.
النعي على الحكم إغفاله الرد على الدفع ببطلان تحقيق النيابة لحصوله في حضور رجال الأمن. لا أساس له ما دام الطاعن يسلم في أسباب الطعن أن التحقيق تم في حضور محاميه الذى لم يبد اعتراضاً.
 (6)حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
البيان المعول عليه في الحكم هو الذى يبدو فيه اقتناع القاضي. مثال لخطا لا يعيب الحكم.
 (7)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أسباب الطعن. يجب لقبولها أن تكون واضحة محددة.
عدم الإفصاح عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود التي يرمى الطاعن الحكم بعدم رفعه. يوجب رفض الطعن.

--------------
1 - متى كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة - بما لا تنازع في صحة إسناد الحكم بشأنه - أنها قامت بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة وأنها أمسكت بمفتش التموين محاولة منعه من ركوب السيارة، فإن ذلك يكفى لتحقق الركن المادي للجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً من قانون العقوبات. ولما كان الحكم قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعنة من تعديها قد انصرف إلى حمل المجنى عليهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط الطاعنة وكمية الخبز اللازمة للتحقق من جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر، فإن ذلك يتوافر به الركن الأدبي للجناية المذكورة.
2 - إن الشارع لم يضع نص المادة 145 من قانون العقوبات إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقباً عليها، فكافة الطرق التي بينتها هي أفعال إعانة للجاني على الفرار مما لم يكن في ذاته مكوناً لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوما. أما ما كان من هذه الأمور. يعاقب عليه القانون - مثل التعدي على موظف عمومي كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تنطبق عليه هذه المادة، ذلك بأن المراد من عبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه، أما إذا كان إخفاء أدلة الجريمة مكوناً في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التي يقرر لها القانون عقاباً خاصاً وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة - لم يبعث عليه أولاً وبالذات سوى إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء – ليست البتة مما قصده الشارع بعبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" بل إن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانوني الخاص بها، وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في القانون وفى آن وأحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليها.
3 - لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره من أن ما قارفته لا يعدو أن يكون جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الجنائي لديها وهو انتواء الحصول من الموظف على نتيجة معينة – لأنه بفرض صحة دعواها - وما دام أنه نشأ عن فعل التعدي الذى ساهمت فيه جرح بعض رجال القوة - فإن العقوبة الموقعة عليها وهى الحبس سنة مع الشغل تكون مبررة في القانون، إذ تدخل في نطاق العقوبة المنصوص عليها في المادة 137 من قانون العقوبات وهى المادة المنطبقة على الواقعة المسندة إليها لو جردت من القصد الخاص اللازم لأعمال المادة 137 مكرراً ( أ ).
4 - خولت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية، المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شاهدين من شهود الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعنة وأنهى مرافعته بطلب براءة موكلته دون أية إشارة منه إلى طلب سماع أي من شهود الإثبات الآخرين مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم، فلا على المحكمة إذا هي عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - تنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه". ولما كانت الطاعنة تسلم في أسباب طعنها بأن التحقيق معها تم بحضور محاميها الذى لم يبين ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
6 - الأصل أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذى يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن هذا السياق، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم ما تعيبه عليه الطاعنة من ترديه في الخطأ في خصوص بيان من قام من رجال القوة بنقل الخبز المضبوط إلى السيارة إذ أن هذه الواقعة بفرض قيام الخطأ فيها لا تمس منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها.
7 - من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه. ولما كانت الطاعنة لم تفصح في طعنها عن أوجه التناقض (فى أقوال الشهود) التي لم يعن الحكم برفعها فإن ما تثيره في هذا الصدد يكون مرسلاً مجهلاً حرياً بالرفض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهما في يوم 10 مارس سنة 1970 بدائرة قسم الأهرام محافظة الجيزة. استعملوا القوة والعنف في حق موظفين عموميين لحملهم على اجتناب أداء عمل من أعمال وظائفهم بأن اعتدوا على النقيب...... و...... مفتش تموين الجيزة والشرطيين السريين.... و..... و..... وأحدثوا بالثلاثة الأخيرين الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وذلك بقصد تمكين المتهمين الثانية والثالثة وآخرين من الفرار بعد ضبطهم حال ارتكابهم لجريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر للحيلولة دون إتمام الضبط وتمكنوا بذلك من بلوغ مقصودهم حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً (مطواة). وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت بتاريخ 10 يونيه سنة 1972 حضورياً بالنسبة للمتهمة الثانية (الطاعنة) وغيابياً بالنسبة إلى المتهمين الأول والثالث عملاً بالمادة 137 مكرراً أ 1/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الثانية والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعنت المحكوم عليها الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة استعمال القوة مع موظفين عموميين لحملهم على اجتناب أداء عمل من أعمال وظيفتهم قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وبطلان في الإجراءات اثر فيه كما انطوى على خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب، ذلك بأنه أعمل في حق الطاعنة المادة 137 مكرراً أ 1/ 2 من قانون العقوبات حال أن الجريمة المنطبقة في حقها، بفرض صحة الوقائع المسندة إليها - بعد أن كانت الجريمة التموينية قد وقعت بالفعل - هي جريمة إخفاء أدلة تلك الجريمة مما يندرج تحت نص المادة 145 من قانون العقوبات. ولما كانت هي زوجة مدير المخبر المسئول عن الجريمة التموينية المذكورة فإنها تتمتع بالإعفاء الوارد في الفقرة الأخيرة من هذه المادة، وعلى أية حال فإن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنة تدخل في نطاق الجنحة المنصوص عليها في المادة 136 من قانون العقوبات الخاصة بالتعدي على الموظفين لا الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) منع لأن الأخيرة تتطلب علاوة على القصد العام وهو فعل التعدي قصداً خاصاً لدى المعتدى يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدى عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يمتنع عن أداء عمل كلف به، الأمر الذى لم يتحقق في الدعوى الحالية لأن الاعتداء على رجال الشرطة حصل بعد تمام ضبط الجريمة التموينية ولم يكن الغرض منه حملهم على أداء عمل ما أو الامتناع عن أدائه. كما أن المحكمة عولت في قضائها بالإدانة على أقوال أحد الشهود في التحقيقات رغم حضوره جلسة المحاكمة مما كان يتعين معه أن تستمع هي بنفسها إليه وخاصة أن الطاعنة لم تتنازل صراحة عن سماعه. ثم أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفع الطاعنة ببطلان تحقيق النيابة لأنه تم بحضور رجال الأمن. فضلاً عن أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن.... و..... هما اللذان كانا يحملان الخبز المضبوط على خلاف الثابت في الأوراق من أن من قاما بنقل الخبز للسيارة هما الشرطيان السريان.... و.... وأخيراً فإن الحكم لم يعن برفع التناقض بين أقوال الشهود فيما بينهم ولا بين أقوالهم وما أثبته التقرير الطبي الشرعي وما ورد بإشارة الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه في يوم الحادث توجه النقيب..... رئيس مباحث تموين الجيزة على رأس قوة من رجال الشرطة إلى مخبز.... بنزلة السمان حيث سأل عن مدير المخبز المسئول فتقدمت له الطاعنة وقررت أنها هي التي تدير المحل لغياب زوجها فطلب إليها أن تقدم له بعض الخبز الطري ففعلت وقد لاحظ به نقصاً ملحوظاً في الوزن. وما أن تجمع لدى رئيس مباحث التموين 160 رغيفاً كلف بعض مرافقيه بنقل هذا الخبز إلى السيارة لوزنه بها حيث كانت توجد السنج اللازمة وطلب إلى الطاعنة مصاحبتهم ولدى توجههم إلى السيارة أخذ المتهم الأول والطاعنة يستعطفانه ولما لم يجدهما ذلك قاما بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة كما أمسكت الطاعنة بمفتش التموين..... محاولة منعه من ركوب السيارة، وبينما كان النقيب...... يحاول تخليصه منها حاول المتهم الأول طعنه بمطواة إلا أن الشرطي السري...... سارع بجذبها من يدها مما تسبب عنه إصابته في مواضع مختلفة من جسمه. وفى هذه الأثناء قام المتهم الثالث بمعاونة فريق من الأهالي بتمزيق معظم الخبز المضبوط وبالاعتداء بالضرب على أفراد القوة بحيث لم يتمكن أولئك إلا من تخليص 54 رغيفاً من الكمية المضبوطة. وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات في المساق المتقدم ومن التقرير الطبي الشرعي - عرض لما أثارته الطاعنة من منازعة في التكييف القانوني للواقعة على النحو الوارد في وجه طعنها ورد عليه بقوله: "ولما كان المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المادتين 136 و137 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من هذا القانون بحكمها ركن مادى واحد ويفصل بينها الركن الأدبي فبينما يكفى لتوافر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو مجرد إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة 137 مكرراً ( أ ) إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدى عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وكان الثابت من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها على ما سلف بيانه أن التعدي الذى وقع من المتهمين على المجنى عليهم إنما كان يقصد إخلاء سبيل المتهمة الثانية وعدم القيام بنقل الخبز المضبوط لوزنه والتحقق مما إذا كان به نقص عن الوزن القانوني من عدمه، فإن المادة 137 مكرراً من قانون العقوبات هي التي تطبق على ما قاموا به من أفعال سبق بيانها تفصيلاً. ولما كان المتهمون قد بلغوا مقصدهم في هذا الشأن وذلك بما ترتب على التعدي من تمزيق معظم الخبز المضبوط فقد كان عدده مائة وستين رغيفاً لم يبق منه سوى أربعة وخمسين رغيفاً فقط ولم يتيسر إزاء التعدي الذى حصل ضبط المتهمة الثانية فإن المتهمين يكونون بذلك التعدي الذى قاموا به قد بلغوا مقصدهم مما يتعين معه تطبيق المادة 137 مكرر بفقرتها الثانية أيضاً في شأنهم لاسيما وأن الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في القضية رقم 23 لسنة 1970 أمن الدولة الجزئية لقسم الأهرام المنضمة أن المحكمة قد قضت بالبراءة استناداً إلى قلة عدد الأرغفة المضبوطة ونقصها عن مائة وستين رغيفاً" وما أورده الحكم المطعون فيه سائغ وصحيح في القانون، ذلك بأنه أثبت في حق الطاعنة - بما لا تنازع في صحة إسناد الحكم بشأنه - أنها قامت بتحريض الأهالي المتجمعين ضد رجال القوة وأنها أمسكت بمفتش التموين محاولة منعه من ركوب السيارة بما يكفى لتحقق الركن المادي للجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات كما استظهر الحكم استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعنة من تعديها قد انصرف إلى حمل المجنى عليهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبط الطاعنة وكمية الخبز اللازمة للتحقق من ثبوت جريمة إنتاج خبز يقل وزنه عن الوزن المقرر بما بتوافر به الركن الأدبي للجناية المذكورة. لما كان ذلك، وكان ما تحاج به الطاعنة من أن الجريمة المنطبقة في حقها هي جريمة إخفاء أدلة الجريمة التي وقعت مما يعاقب عليه طبقاً لنص المادة 145 من قانون العقوبات – مردوداً بأن الشارع لم يضع هذه المادة إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقباً عليها، فكافة الطرق التي بينتها هي أفعال أعانة للجاني على الفرار مما لم يكن في ذاته مكوناً لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوم أما ما كان من هذه الأمور يعاقب عليها القانون - مثل التعدي على موظف عمومي كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تنطبق عليه هذه المادة، ذلك بأن المراد من عبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه أما إذا كان إخفاء أدلة الجريمة مكوناً في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التي يقرر لها القانون عقاباً خاصاً وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة - لم يبعث عليه أولاً وبالذات سوى إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء – ليست البتة مما قصده الشارع بعبارة "وأما بإخفاء أدلة الجريمة" بل أن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانوني الخاص بها، وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في قانون وفى آن واحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليها ويقتضى تطبيق مبدأ الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات الخاص بتعدد الأوصاف القانونية للفعل الواحد. لما كان ذلك، وكان ما تجادل به الطاعنة من أن ما قارفته لا يعدو أن يكون جنحة تعد على موظفين عموميين منطبقة على المادة 136 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الخاص لديها وهو انتواء الحصول من الموظف على نتيجة معينة - مردوداً كذلك بأنه لا مصلحة للطاعنة فيما تثيره في هذا الشأن لأنه بفرض صحة دعواها - وما دام أنه قد نشأ عن فعل التعدي الذى ساهمت فيه جرح بعض رجال القوة - فإن العقوبة الموقعة عليها وهى الحبس سنة مع الشغل تكون مبررة في القانون إذ تدخل في نطاق العقوبة المنصوص عليها في المادة 137 من قانون العقوبات وهى المادة المنطبقة على الواقعة المسندة إلى الطاعنة لو جردت من القصد الخاص اللازم لأعمال المادة 137 مكرراً أ. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى شاهدين من شهود الإثبات ثم ترافع المدافع عن الطاعنة وأنهى مرافعته بطلب براءة موكلته دون أية إشارة منه إلى طلب سماع أي من شهود الإثبات الآخرين مما يستفاد منه التنازل الضمني عن سماعهم فلا على المحكمة إذ هي عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت أقوالهم كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات، إذ كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه" ولما كانت الطاعنة تسلم في أسباب طعنها بأن التحقيق معها تم بحضور محاميها الذى لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق، فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك. وكان الأصل أن البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذى يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن هذا السياق، فلا يقدح في سلامة الحكم ما تعيبه عليه الطاعنة من ترديه من الخطأ في خصوص بيان من قام من رجال القوة بنقل الخبز المضبوط إلى السيارة إذ أن هذه الواقعة بفرض قيام الخطأ فيها لا تمس منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبينا به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه وكانت الطاعنة لم تفصح في طعنها عن أوجه التناقض التي لم يعن الحكم برفعها فإن ما تثيره في هذا الصدد يكون مرسلاً مجهلاً حرياً بالرفض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 481 لسنة 30 ق جلسة 9 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 156 ص 997

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(156)
الطعن رقم 481 لسنة 30 القضائية

( أ) إعلان. "الإعلان للنيابة".
إعلان الأوراق القضائية تستلزم إتمام الإجراءات التي رسمها القانون. عدم العلم بموطن المراد إعلانه. وجوب تسليم صورة الورقة للنيابة. ما يثبته المحضر في الورقة من عدم الاستدلال على المراد إعلانه أو المكان الموجه إليه الإعلان فيه. لا ينتج ذلك أثره إن لم توجه الورقة للنيابة لإعلانها بعد استنفاد إجراءات التحري.
(ب) إعلان. تواطؤ. شفعة. "رفع دعوى الشفعة".
عدم إعلان البائع بدعوى الشفعة بسبب تواطئه مع المشتري إخفاء موطن هذا البائع. تواطؤ لا يضفي على ورقة الإعلان الذي لم يتم اعتباراً ولا يحول دون اتخاذ الشفيع الإجراء القانوني لإتمام الإعلان خلال المدة الباقية لرفع دعوى الشفعة بتسليم صورة الورقة للنيابة.

---------------
1 - إعلان الأوراق القضائية يستلزم إتمام الإجراءات التي رسمها القانون لهذا الغرض حتى نهايتها فإذا تبين أن موطن المراد إعلانه غير معلوم وجب تسليم صورة الورقة إلى النيابة ولا يكفي ما يثبته المحضر بالورقة من أنه لم يستدل على المطلوب إعلانه أو على المكان الموجه إليه الإعلان فيه إذ أن إثبات هذا البيان لا ينتج آثار الإعلان القانونية إذا لم توجه هذه الورقة بعده إلى النيابة لإعلانها بعد استنفاد إجراءات التحري عن محل إقامة المراد إعلانه وتعذر الوقوف عليه.
2 - إذا كان إعلان دعوى الشفعة لم يتم بسبب تواطؤ المشتري والبائع لإخفاء موطن هذا الأخير فإن مثل هذا التواطؤ لا يضفي اعتباراً على ورقة ردت دون إعلان البائع ولم يكن من شأنه أن يحول دون اتخاذ الشفيع الإجراء القانوني الذي يؤدي إلى إتمام إعلانه خلال المدة الباقية لرفع دعوى الشفعة بتسليم صورة الورقة إلى النيابة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 483 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني تطلب الحكم بأحقيتها في أخذ قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وقدرها 702 م مربعاً بالشفعة، وقالت شرحاً لدعواها إن الطاعنة اشترت القطعة المذكورة من المطعون ضده الثاني ولما كانت تملك قطعة أرض فضاء مجاورة للقطعة المبيعة فقد أعلنت في 27 و30 ديسمبر سنة 1959 رغبتها في أخذ هذه القطعة الأخيرة بالشفعة وذلك بإنذار على يد محضر وجهته إلى كل من الطاعنة "المشترية" والمطعون ضده الثاني "البائع" وأودعت الثمن وقدره 5265 ج ومصاريف التسجيل وقدرها 387 ج و200 م خزانة محكمة الوايلي على ذمة الفصل في الدعوى، ثم أقامت الدعوى ضد كل من المشترية والبائع بطلباتها آنفة الذكر - دفعت الطاعنة (المشترية) بسقوط حق المطعون ضدها الأولى (الشفيعة) في الشفعة لعدم إعلانها البائع (المطعون ضده الثاني) بصحيفة الدعوى خلال الثلاثين يوماً من تاريخ إعلانها الرغبة في أخذ القدر المبيع بالشفعة وبتاريخ 30/ 4/ 1960 قضت محكمة أول درجة بقبول الدفع المقدم من الطاعنة (المشترية) وبسقوط حق المطعون ضدها (الشفيعة) في الأخذ بالشفعة استأنفت المطعون ضدها الأولى (الشفيعة) هذا الحكم بالاستئناف رقم 769 سنة 77 ق القاهرة. وبتاريخ 29/ 11/ 1960 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق الشفيعة (المطعون ضدها الأولى) في الأخذ بالشفعة وبأحقيتها في أخذ قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة لقاء الثمن ورسوم التسجيل المودعة خزانة المحكمة - طعنت المشترية في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أنه استند في قضائه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدها الأولى لعدم إعلانها المطعون ضده الثاني "البائع" بصحيفة افتتاح دعوى الشفعة في الميعاد القانوني - إلى أن المطعون ضدها المذكورة "الشفيعة" قد وجهت هذه الصحيفة إلى البائع في 27/ 1/ 1960 بمحل إقامته الثابت بالأوراق، وأن رد المحضر للإعلان مثبتاً به أنه وجد محل الإقامة أرضاً فضاء ولم يستدل على المراد إعلانه إنما كان نتيجة تفكير وتدبير الطاعنة "المشترية" والمطعون ضده الثاني "البائع" بقصد تفويت حق الشفعة على الشفيعة، مما يتعين معه رد سعيهما عليهما واعتبار الورقة الموجهة من الشفيعة للبائع بتاريخ 27/ 1/ 1960 إعلاناً صحيحاً حاصلاً في الميعاد منتجاً آثاره القانونية - هذا في حين أن ثمة إعلاناً لم يتم إطلاقاً، وإذ ردت الورقة بغير إعلان فهي في حكم العدم ولا يجوز الاعتداد بها قانوناً، ولا جدوى من التحدي بتواطؤ المشترية والبائع لإخفاء موطن هذا الأخير، ذلك أنه كان في وسع المطعون ضدها الأولى "الشفيعة" بعد أن ردت صحيفة الدعوى في 27/ 1/ 1960 بغير أن تعلن إلى البائع - أن تسلك الإجراءات القانونية لتمام إعلانه حتى يوم 30/ 1/ 1960 - أما وهي لم تفعل حتى انقضى ميعاد دعوى الشفعة فقد سقط حقها فيها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق الشفيعة في الشفعة على أن إعلان صحيفة دعوى الشفعة الموجهة للبائع بتاريخ 27/ 1/ 1960 بمحل إقامته والذي أثبت فيه المحضر أنه وجد محل الإقامة أرضاً فضاء ولم يستدل على المراد إعلانه وأن على طالبة الإعلان اتباع القانون - يعتبر إعلاناً صحيحاً منتجاً آثاره القانونية حاصلاً في الميعاد القانوني لأن عدم تمامه ورد المحضر إياه كان بتدبير وتفكير المشترية (الطاعنة) والبائع (المطعون ضده الثاني) بقصد تفويت حق الشفعة على الشفيعة (المطعون ضدها) ولما كان إعلان الأوراق القضائية يستلزم إتمام الإجراءات التي رسمها القانون لهذا الغرض حتى نهايتها, فإذا تبين أن موطن المراد إعلانه غير معلوم وجب تسليم صورة الورقة إلى النيابة، ولا يكفي ما يثبته المحضر بالورقة من أنه لم يستدل على المطلوب إعلانه أو على المكان الموجه إليه الإعلان فيه، إذ أن إثبات هذا البيان لا ينتج آثار الإعلان القانونية إذا لم توجه هذه الورقة بعه إلى النيابة لإعلانها بعد استنفاد إجراءات التحري عن محل إقامة المراد إعلانه وتعذر الوقوف عليه - وكان توجيه صحيفة دعوى الشفعة الحالية إلى المطعون ضده الثاني (البائع) لم يتم به إعلان إذ ردت الورقة في 27/ 1/ 1960 لعدم الاستدلال عليه بموطنه الموضح بها، ولم تعقب الشفيعة على هذا بأي إجراء آخر بغية تمام إعلان هذه الورقة خلال المدة الباقية لرفع دعوى الشفعة التي انتهت في 30/ 1/ 1960 وإنما فوتت على نفسها وبإهمالها إعلان البائع بصحيفة الدعوى - وكان لا يؤدي إلى الاعتداد بالإجراء الذي تم بشأن هذه الورقة في 27/ 1/ 1960 واعتباره إعلاناً صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية مجرد القول بأن إعلانها لم يتم بسبب تواطؤ المشترية والبائع لإخفاء موطن هذا الأخير، إذ أنه على فرض وقوع مثل هذا التواطؤ بينهما فإنه لا يضفي اعتباراً على ورقة ردت دون إعلانه، ولم يكن من شأنه أن يحول دون المطعون ضدها الأولى "الشفيعة" واتخاذ الإجراء القانوني الذي يؤدي إلى تمام إعلانه خلال المدة الباقية لرفع دعوى الشفعة بتسليم صورة الورقة إلى النيابة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.


الثلاثاء، 2 فبراير 2021

منشور فني رقم 4 بتاريخ 1 / 2 / 2021 بشأن إلغاء التوكيل بالبيع للنفس والغير ولم تتضمن شرطا بعدم جواز إلغائها

وزارة العدل
مصلحة الشهر العقاري والتوثيق
الإدارة العامة للبحوث القانونية
--------------
منشور فني رقم 4 بتاريخ 1 / 2 / 2021
إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها
والإدارات العامة بالمصلحة
---------------------
إلحاقا بالمنشور الفني 10 بتاريخ 19 / 11 / 2001 بشأن الامتناع عن إلغاء الوكالة الخاصة الصادرة لصالح الوكيل أو لأجنبي متى نص في موضوعها على حق الوكيل في البيع لنفسه أو الغير والتوقيع على عقد البيع النهائي إلا برضاء من صدرت الوكالة لصالحه .

حيث نصت المادة 701 / 1 من القانون المدني على انه : " الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل، لا تخوّل الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة.".

ونصت المادة 715 من القانون المدني على انه : " 1 - يجوز للموكِّل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيّدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك. .....

2 - غير أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي، فلا يجوز للموكِّل أن ينهي الوكالة أو يقيّدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه.

ولما كان التوكيل الرسمي العام الشامل لكافة أنواع التصرفات يتعين أن تكون عباراته صريحة في عدم جواز إلغاء التوكيل إلا بحضور الطرفين ، وإذا تضمن التوكيل حق الوكيل في البيع لنفسه والغير فانه لا يجوز اعتبار ذلك النص يرتب مصلحة للوكيل إذ لم ينصب على عقار أو منقول محدد بالنوع أو بالذات لكون هذه الوكالة ليست خاصة بمال بعينه وتعد هذه الوكالة شانها في ذلك شأن الوكالة العامة .

بناء عليه

أولا : يستبدل بالفقرة الثانية من المادة 69 مكرر من تعليمات الشهر طبعة 2001 المضافة بالمنشور الفني 15 لسنة 2006 النص التالي : " كما يمتنع على مكاتب التوثيق وفروعها القيام بإلغاء التوكيلات العامة أو الخاصة التي تتضمن شرطا بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائيا وكذلك التوكيلات المذكورة المتضمنة شرطا باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده لأهليته ، واستثناء من ذلك يجوز إلغاء الوكالة العامة المتضمنة البيع للنفس أو للغير بالإرادة المنفردة مادامت غير واردة على مال معين من أموال الموكل ، ولم تتضمن شرطا بعدم جواز إلغائها أو باستمرارها بعد وفاة الموكل أو فقده لأهليته .

ثانيا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين ورؤساء مأموريات الشهر العقاري ورؤساء مكاتب وفروع التوثيق مراعاة تنفيذ ما تقدم .

لذا يقتضي العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه بكل دقة .