الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 ديسمبر 2018

الطعن 1091 لسنة 61 ق جلسة 23 / 6 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 212 ص1121


برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، حسين دياب، سمير عبد الهادي وفتحي قرمة نواب رئيس المحكمة.
----------
عمل "العاملون بالقطاع العام" "حوافز الإنتاج".
حوافز الإنتاج من ملحقات الأجر غير الدائمة لا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو قيامه بالعمل المقررة له وهي بذلك لا تعد من قبيل أجر العامل ولا تعتبر جزءا منه ولا يسري عليها الحظر الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة 68 من القانون 137 لسنة 1981.
يدل نص المادة 68 من القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل على أن لصاحب العمل أن يحمل العامل المبلغ الذي تسبب في ضياعه عليه بسبب خطئه وله أن يستوفي هذا المبلغ من أجر العامل بما لا يزيد عن أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ويحظر على رب العمل أن يقتطع شيئا من أجر العامل إذا زاد المبلغ عن أجر شهرين، لما كان ذلك وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حوافز الإنتاج من ملحقات الأجر غير الدائمة التي ليست لها صفة الاستمرار والثبات إذ لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل بحيث لا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو قيامه بذات العمل المقرر له، فإذا باشر العمل استحق هذه الحوافز وبمقدار ما حققه هذا العمل، أما إذا لم يباشره العامل بأن نقل منه إلى عمل آخر غير مقررة له فلا يستحقها، لما كان ذلك فإن حوافز الإنتاج التي وضعت لها الشركة الطاعنة نظاما خاصا بها في لائحتها لا تعد من قبيل أجر العامل لديها ولا يعتبر جزءا منه ولا يسري عليها الحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 68 سالفة الذكر ويجوز للطاعنة أن تقتطع منها المبلغ الذي تسبب المطعون ضده في ضياعه عليها حتى ولو زاد عن أجر شهرين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بعدم الاعتداد بالأمر الإداري الصادر من الطاعنة بتحميل المطعون ضده وآخر بمبلغ..... مناصفة بينهما واعتباره كأن لم يكن على سند من أن المبلغ يزيد عن أجر شهرين وأن الحوافز الشهرية تعتبر جزءا من الأجر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر مسئولية المطعون ضده عن التعويض ومقداره.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة - شركة عمر أفندي - الدعوى رقم 497 سنة 1987 عمال دمنهور الابتدائية (مأمورية رشيد) طالبا الحكم بعدم الاعتداد بالأمر الإداري الصادر منها والمتضمن تحميله وآخر بمبلغ 9938.819 جنيه، وقال بيانا لدعواه إنه من العاملين لدى الطاعنة بفرعها برشيد، وقد أبلغت ضده النيابة العامة بوجود عجز في عهدته وزميل له قيمته 9938.819 جنيه خلال الفترة من 30/6/1981 حتى 30/6/1982، وأحيلا إلى محكمة الجنايات وقضت المحكمة ببراءتهما، وبتاريخ 3/9/1985 أصدرت الطاعنة قرارا بتحميلهما مبلغ 9669 جنيه مناصفة بينهما على أن يخصم من الحوافز الشهرية بواقع الربع ولما كان هذا القرار غير سديد لعدم وجود أي خطأ يمكن نسبته إليه وأن العجز راجع إلى سبب لا يد له فيه فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم حكمت في 27/2/1989 بعدم الاعتداد بالأمر الإداري الصادر من الطاعنة في 3/9/1985 واعتباره كأن لم يكن. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 76 سنة 45 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا وقدم تقريره قضت في 16/1/1991 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الأجر في مفهوم القانون رقم 48 لسنة 1978 هو الأجر المقرر للوظيفة أما ما عدا ذلك من بدلات وحوافز فلا ينطبق عليها مدلول الأجر، وأن حظر اقتطاع أي مبلغ من أجر العامل كتعويض لرب العمل إذا زاد عن أجر شهرين والمنصوص عليه بالفقرة الأخيرة من المادة 68 من القانون رقم 137 لسنة 1981 لا يسري على الحوافز ولما كان الأمر الإداري الصادر منها قد نص على أن يتم الخصم من الحوافز الشهرية للمطعون ضده بواقع الربع ودون مساس بأجره الأساسي فإنه يكون بمنأى عن هذا الحظر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بعدم الاعتداد بالأمر الإداري المذكور على سند من أن الحوافز تعتبر جزءا من الأجر ويسري عليها الحظر الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة 68 من القانون رقم 137 لسنة 1981 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 68 من القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل على أن "إذا تسبب العامل في فقد أو إتلاف أو تدمير مهمات أو آلات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته وكان ذلك ناشئا عن خطأ العامل وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير ذلك. ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجر العامل على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد... ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفي مستحقاته بطريق الاقتطاع وفقا لحكم هذه المادة إذا بلغ مجموعه أجر شهرين" يدل على أن لصاحب العمل أن يحمل العامل المبلغ الذي تسبب في ضياعه عليه بسبب خطئه وله أن يستوفي هذا المبلغ من أجر العامل بما لا يزيد عن أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ويحظر على رب العمل أن يقتطع شيئا من أجر العامل إذا زاد المبلغ عن أجر شهرين، لما كان ذلك وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حوافز الإنتاج من ملحقات الأجر غير الدائمة التي ليست لها صفة الاستمرار والثبات إذ لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل بحيث لا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو قيامه بذات العمل المقررة له، فإذا باشر العمل استحق هذه الحوافز وبمقدار ما حققه هذا العمل، أما إذا لم يباشره العامل بأن نقل منه إلى عمل آخر غير مقررة له فلا يستحقها، لما كان ذلك فإن حوافز الإنتاج التي وضعت لها الشركة الطاعنة نظاما خاصا بها في لائحتها لا تعد من قبيل أجر العامل لديها ولا تعتبر جزءا منه ولا يسري عليها الحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 68 سالفة الذكر ويجوز للطاعنة أن تقتطع منها المبلغ الذي تسبب المطعون ضده في ضياعه عليها حتى ولو زاد عن أجر شهرين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بعدم الاعتداد بالأمر الإداري الصادر من الطاعنة بتحميل المطعون ضده وآخر بمبلغ 9669 جنيه مناصفة بينهما واعتباره كأن لم يكن على سند من أن المبلغ يزيد عن أجر شهرين وأن الحوافز الشهرية تعتبر جزءا من الأجر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر مسئولية المطعون ضده عن التعويض ومقداره بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 787 لسنة 60 ق جلسة 23 / 6 / 1994 مكتب فني 45ج 2 ق 211 ص 1116


برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.
------------
إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: إساءة استعمال العين". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال، الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
إخلاء المستأجر لاستعماله العين المؤجرة أو سماحه باستعمالها بطريقة ضارة بالصحة العامة. م18/د ق 136 لسنة 1981. شرطه، ثبوت ذلك بحكم قضائي نهائي وبات. خلو القانون رقم 38 لسنة 1967 والقوانين المعدلة له من معاجلة حالة الإضرار بالصحة العامة أو تجريمها. مؤداه. إدانة المستأجر في إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون المذكور وصيرورته باتا. عدم كفايته لثبوت الإضرار بالصحة العامة الموجب للحكم بالإخلاء في معنى المادة المذكورة القضاء بإخلاء المستأجر لإدانته عن واقعة تربية دواجن وخراف بمنزله. خطأ وفساد في الاستدلال.
نص المادة 18/د من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع حدد سبب الإخلاء لإساءة استعمال العين المؤجرة وحصرها في حالات معينة منها حالة الإضرار بالصحة العامة وأوجب ثبوتها بحكم قضائي باعتباره الوسيلة القانونية الوحيدة للتثبت من استعمال المستأجر للعين المؤجرة استعمالا ضارا بالصحة العامة على نحو جازم وقاطع. ولما كان القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة - المعدل بالقوانين 31 لسنة 1976، 177 لسنة 1981، 129 لسنة 1982 - وكما أوضحت مذكرته الإيضاحية، قد أدمج القانون رقم 159 لسنة 1953 في شأن نظافة الميادين والطرق والشوارع وتنظيم عملية جمع ونقل القمامة والقانون رقم 151 لسنة 1947 المعدل في شأن تسوير الأراضي الفضاء والمحافظة على نظافتها باعتبار أن الهدف الأساسي من إصدار القانونين المذكورين واحد وهو المحافظة على المدن والقرى وجمال تنسيقها والعمل على منع كل ما يخالف ذلك ولمعالجة أوجه القصور في القانونين المذكورين ولتلاشي الصعوبات التي واجهت تطبيق أحكامهما، ولئن كان الإخلال بالنظافة العامة قد يؤدي إلى الإضرار بالصحة العامة في بعض الحالات إلا أنه إزاء خلو القانون المذكور والقوانين المعدلة له من تجريم حالة الإضرار بالصحة العامة أو اشتراطها ركنا في هذه الجريمة فإن مؤدى ذلك أن إدانة أحد المستأجرين في إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 38 لسنة 1967 المعدل سالف الإشارة إليه وصيرورة هذا الحكم نهائيا وباتا لا يكفي لثبوت إضراره بالصحة العامة الموجب للإخلاء في معنى المادة 18/د من القانون 136 لسنة 1981 لما كان ذلك الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإخلاء الشقة المؤجرة لمورث الطاعنات لثبوت استعماله لها بطريقة ضارة بالصحة العامة لصدور حكمين جنائيين نهائيين في الجنحة رقم 2079 لسنة 1982 بلدية مصر القديمة، والمخالفة رقم 55 لسنة 1983 مخالفات مستعجل مصر القديمة عن واقعتي عدم تنفيذ مورث الطاعنات للاشتراطات الصحية بمنزله لمكافحة مرض الملاريا برغم إعلانه، وعدم مراعاته نظافة الأماكن الحائز لها إثر قيامه بوضع طيور منزلية ودواجن وخراف بمنزله بالمخالفة لقانون النظافة رقم 38 لسنة 1967 المعدل بالقوانين 31 لسنة 1976، 177 لسنة 1981، 129 لسنة 1982 حالة أن إدانة مورث الطاعنات في هاتين الجريمتين لا يكفي لثبوت إضراره بالصحة العامة الموجب للإخلاء لانتفاء التلازم الحتمي بينهما، كما سلف البيان، سيما وأن الحكمين سالفي الذكر لم يتضمنا فصلا لازما في ثبوت أن استعمال العين المؤجرة قد أضر بالصحة العامة ولم يتضمنه الوصف القانوني لهاتين الجريمتين، فإنه يكون معيبا بفساد الاستدلال الذي جره للخطأ في تطبيق القانون.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على مورث الطاعنات الدعوى رقم 3476 لسنة 1984 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/9/1973 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية. وقالت بيانا لذلك إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر مورث الطاعنات شقة النزاع بغرض السكن، وإذ استعملها كحظيرة لتربية الطيور والدواجن والخراف بطريقة ضارة بالصحة العامة ومقلقة للراحة، وقضى بإدانته بموجب الحكمين النهائيين في الجنحة 2079 لسنة 1982 بلدية مصر القديمة، والمخالفة رقم 55 لسنة 1983 مستعجل مصر القديمة، ومن ثم يحق لها طلب الإخلاء طبقا لنص المادة 18/د من القانون 136 لسنة 1981 فأقامت الدعوى. وإذ توفى مورث الطاعنات حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة فعجلتها المطعون ضدها ثم حكمت للمطعون ضدها بالطلبات. استأنفت الطاعنات هذا الحكم بالاستئناف رقم 3157 لسنة 105 ق القاهرة، وبتاريخ 18/12/1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن ما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وفساد الاستدلال والاستخلاص غير السائغ. وفي بيان ذلك تقلن إنه لما كان شرط إخلاء المستأجر طبقا لنص المادة 18/د من القانون 136 لسنة 1981 هو الإضرار بالصحة العامة، وكان لا تلازم بين تربية الطيور المنزلية والدواجن والخراف بالمنزل محل التجريم بقانون النظافة العامة وبين الإضرار بالصحة العامة الموجب للإخلاء، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي بالإخلاء للإضرار بالصحة العامة على سند من ثبوت إدانة مورث الطاعنات بحكم نهائي وبات في الجنحة رقم 2079 لسنة 1982 بلدية مصر القديمة عن واقعة عدم تنفيذ الاشتراطات الصحية بمنزله لمكافحة مرض الملاريا برغم إعلانه والمخالفة رقم 55 لسنة 1983 مصر القديمة عن واقعة عدم مراعاة نظافة الأماكن الحائز لها دون أن يستظهر شرط الضرر الموجب للإخلاء وفقا لنص المادة 18 سالفة البيان مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:... (د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة..." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع حدد سبب الإخلاء لإساءة استعمال العين المؤجرة وحصرها في حالات معينة منها حالة الإضرار بالصحة العامة وأوجب ثبوتها بحكم قضائي نهائي باعتباره الوسيلة القانونية الوحيدة للتثبت من استعمال المستأجر للعين المؤجرة استعمالا ضارا بالصحة العامة على نحو جازم وقاطع. ولما كان القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة - المعدل بالقوانين 31 لسنة 1976، 177 لسنة 1981، 129 لسنة 1982 - وكما أوضحت مذكرته الإيضاحية، قد أدمج القانون رقم 159 لسنة 1953 في شأن نظافة الميادين والطرق والشوارع وتنظيم عملية جمع ونقل القمامة والقانون رقم 151 لسنة 1947 المعدل في شأن تسوير الأراضي الفضاء والمحافظة على نظافتها باعتبار أن الهدف الأساسي من إصدار القانونين المذكورين واحد وهو المحافظة على المدن والقرى وجمال تنسيقها والعمل على منع كل ما يخالف ذلك ولمعالجة أوجه القصور في القانونين المذكورين ولتلاشي الصعوبات التي واجهت تطبيق أحكامهما، ولئن كان الإخلال بالنظافة العامة قد يؤدي إلى الإضرار بالصحة العامة في بعض الحالات إلا أنه إزاء خلو القانون المذكور والقوانين المعدلة له من تجريم حالة الإضرار بالصحة العامة أو اشتراطها ركنا في هذه الجريمة فإن مؤدى ذلك أن إدانة أحد المستأجرين في إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 38 لسنة 1967 المعدل سالف الإشارة إليه وصيرورة هذا الحكم نهائيا وباتا لا يكفي لثبوت إضراره بالصحة العامة الموجب للإخلاء في معنى المادة 18/د من القانون 136 لسنة 1981. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإخلاء الشقة المؤجرة لمورث الطاعنات لثبوت استعماله لها بطريقة ضارة بالصحة العامة لصدور حكمين جنائيين نهائيين في الجنحة رقم 2079 لسنة 1982 بلدية مصر القديمة، والمخالفة رقم 55 لسنة 1983 مخالفات مستعجل مصر القديمة عن واقعتي عدم تنفيذ مورث الطاعنات للاشتراطات الصحية بمنزله لمكافحة مرض الملاريا برغم إعلانه، وعدم مراعاته نظافة الأماكن الحائز لها - إثر قيامه بوضع طيور منزلية ودواجن وخراف بمنزله بالمخالفة لقانون النظافة رقم 38 لسنة 1967 المعدل بالقوانين 31 لسنة 1976، 177 لسنة 1981، 129 لسنة 1982 حالة أن إدانة مورث الطاعنات في هاتين الجريمتين لا يكفي لثبوت إضراره بالصحة العامة الموجب للإخلاء لانتفاء التلازم الحتمي بينهما، كما سلف البيان، سيما وأن الحكمين سالفي الذكر لم يتضمنا فصلا لازما في ثبوت أن استعمال العين المؤجرة قد أضر بالصحة العامة ولم يتضمنه الوصف القانوني لهاتين الجريمتين، فإنه يكون معيبا بفساد الاستدلال الذي جره للخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 91 لسنة 60 ق جلسة 23 / 6 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 210 ص 1111


برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة  وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نائب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرازق.
------------
- 1  أمر على عريضة. حكم "الطعن في الحكم". اختصاص.
الأوامر على العرائض. التظلم منها يكون بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى إما إلى المحكمة المختصة أو إلى نفس القاضي الآمر. المادتان 197، 199 قبل تعديلهما بالقانون 23 لسنة 1992. المقصود بالمحكمة المختصة في هذا الصدد. المحكمة المختصة بنظر النزاع المتعلق بموضوع الأمر.
النص في المادة 197 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - على أن "للطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه ولمن صدر عليه الأمر الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة .... وتحكم - فيه بتأييد الأمر أو بتعديله أو بإلغائه ...." وفي المادة 199 منه قبل تعديلها أيضاً - على أن "يكون للخصم الذي صدر عليه الأمر بدلاً من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم منه لنفس القاضي الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى" يدل على أن الأوامر على العرائض يتظلم منها بطريقتين إما إلى المحكمة المختصة وأما إلى نفس القاضي الآمر ويكون التظلم في كلتا الحالتين بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى والمقصود بالمحكمة المختصة بنظر التظلم المنوه عنها بالمادة 197 سالفة الإشارة هي المحكمة المختصة بنظر النزاع المتعلق بموضوع الأمر.
- 2 اختصاص "اختصاص نوعي". تنفيذ "قاضي التنفيذ". أمر على عريضة.
قاضي التنفيذ. اختصاصه دون غيره بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها. م 275 مرافعات.
النص في المادة 275 من قانون المرافعات على أن "يختص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ. ويفصل قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة" يدل على أن قاضي التنفيذ قد أصبح هو دون غيره المختص بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا استثنى بنص خاص.
- 3  اختصاص "اختصاص نوعي". تنفيذ "قاضي التنفيذ". أمر على عريضة.
تقدم المطعون ضده إلى قاضي التنفيذ بطلب على عريضة طالباً إصدار الأمر بتوجيه المحضر القائم على التنفيذ بالاستعانة بالقوة الجبرية متى اقتضت حالة التنفيذ ذلك والسير في إجراءاته دون إرجاء أو إيقاف عند تنفيذ الحكم. منازعة متعلقة بالتنفيذ. أثره. الاختصاص بنظره والتظلم منه يكون لقاضي التنفيذ دون غيره.
طلب المطعون ضده الأول من قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية في طلب استصدار الأمر على عريضة، إصدار الأمر بتوجيه القائم على التنفيذ بالاستعانة بالقوة الجبرية متى اقتضت حالة التنفيذ ذلك والسير في إجراءاته دون إرجاء أو إيقاف عند تنفيذ الحكم في القضية رقم 314 لسنة 39 ق الصادر لصالحه من محكمة القضاء الإداري لا يتعلق بأصل الحق الذي حكم فيه من قبل بحكم بات وإنما هو - وبحسب التكييف القانوني له - منازعة متعلقة بالتنفيذ فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب والتظلم منه يكون معقودا لقاضي التنفيذ دون غيره.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول تقدم إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية بطلب على عريضة قيد برقم 50 لسنة 1987 طالباً إصدار الأمر بتوجيه المحضر القائم بالتنفيذ بالاستعانة بالقوة الجبرية متى اقتضت حالة التنفيذ ذلك والسير في إجراءاته دون إرجاء أو إيقاف وذلك عند تنفيذ الحكم في القضية رقم 314 لسنة 39 ق الصادر لصالحه من محكمة القضاء الإداري، أصدر القاضي الأمر برفض الطلب، تظلم المطعون ضده الأول من هذا الأمر لدى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيد تظلمه برقم 15878 سنة 1987، وبتاريخ 4/14 سنة 1988 حكمت المحكمة برفض التظلم، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5888 لسنة 105 ق وبتاريخ 11/8 سنة 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 314 لسنة 39 ق إدارية والأمر الولائي رقم 43 لسنة 1987 الزيتون وتأشيرة السيد قاضي التنفيذ المؤرخة 6/25 سنة 1987، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول رفع تظلمه من الأمر على عريضة الصادر من قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية وهي محكمة غير مختصة نوعياً إعمالا للمادة 197 من قانون المرافعات إذ أن موضوع الأمر على عريضة يتعلق بمنازعة وقتية في التنفيذ مما يختص به قاضي التنفيذ إعمالا للمادة 275 من قانون المرافعات ويكون التظلم من هذا الأمر إلى هذا القاضي وليس للمحكمة الابتدائية وقد دفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعياً بنظر الدعوى ويعتبر هذا الدفع مطروحاً على محكمة الاستئناف إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه رغم إشارته إلى الدفع أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة حال أنها غير مختصة بنظر الدعوى بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 197 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - على أن "للطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه ولمن صدر عليه الأمر الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة ... وتحكم فيه بتأييد الأمر أو بتعديله أو بإلغائه ...." وفي المادة 199 منه - قبل تعديلها أيضاً - على أن "يكون للخصم الذي صدر عليه الأمر بدلاً من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم منه لنفس القاضي الآمر بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ..." يدل على أن الأوامر على العرائض يتظلم منها بطريقتين أما إلى المحكمة المختصة وإما إلى نفس القاضي الآمر ويكون التظلم في كلتا الحالتين بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وكان المقصود بالمحكمة المختصة بنظر التظلم المنوه عنها بالمادة 197 سالفة الإشارة هي المحكمة المختصة بنظر النزاع المتعلق بموضوع الأمر وكان النص في المادة 275 من قانون المرافعات على أن "يختص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ ويفصل قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة" يدل على أن قاضي التنفيذ قد أصبح هو دون غيره المختص بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أيا كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص، لما كان ذلك وكان ما طلبه المطعون ضده الأول من قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية في طلب استصدار الأمر على عريضة من إصدار الأمر بتوجيه المحضر القائم على التنفيذ بالاستعانة بالقوة الجبرية متى اقتضت حالة التنفيذ ذلك والسير في إجراءاته دون إرجاء أو إيقاف عند تنفيذ الحكم في القضية رقم 314 لسنة 39 ق الصادر لصالحه من محكمة القضاء الإداري لا يتعلق بأصل الحق الذي حكم فيه من قبل بحكم بات وإنما هو وبحسب التكييف القانوني له - منازعة متعلقة بالتنفيذ فإن الاختصاص بنظر هذا الطلب والتظلم منه يكون معقوداً لقاضي التنفيذ دون غيره، لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول قد أقام تظلمه من الأمر المشار إليه إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، فإن هذا التظلم يكون قد رفع إلى محكمة غير مختصة نوعياً بنظره وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بأن فصل في موضوع التظلم بما ينطوي على قضاء باختصاصه بنظره يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن
ولما تقدم، ولما كان الاستئناف صالحاً للفصل فيه فإنه يتعين الحكم فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة شمال القاهرة الابتدائية بنظر التظلم وباختصاص قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون بنظره مع الأمر بإحالته إليه.

الطعن 137 لسنة 59 ق جلسة 23 / 6 / 1994 مكتب فني 45ج 2 ق 209 ص 1107


برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
-----------
- 1  حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. تعويض.
حجية الأمر المقضي. مناطها. وحدة الخصوم والمحل والسبب في الدعويين السابقة والتالية.
مفاد نص المادة 101 من قانون الإثبات - وعلى ما أستقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن الحكم النهائي السابق يحوز حجية الأمر المقضي المانعة من نظر النزاع في دعوى لاحقة إذا اتحد الموضوع والسبب فضلا عن وحدة الخصوم.
- 2  حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. تعويض.
دعوى التعويض عن العمل غير المشروع. محلها. الأضرار المطلوب التعويض عنها. إقامة الدعوى السابقة بطلب التعويض عن الأضرار المتمثلة في اعتقال الطاعن وتعذيبه وكانت هي بذاتها الأضرار المطالب بالتعويض عنها في الدعوى اللاحقة. مؤداه. اعتبار الضرر المطلوب التعويض عنه واحداً فيهما. اختصام المطعون ضده فيهما باعتباره متبوعاً مسئولاً عن محدث هذه الأضرار به أثره. اتحاد الدعويين أطرافاً ومحلاً وسبباً لا يغير من ذلك ما عزاه الطاعن إلى المطعون ضده من أخطاء شخصية يرى أنها أسهمت في إحداث الضرر.
محل دعوى التعويض عن العمل غير المشروع هو الأضرار المطلوب التعويض عنها، وإذ كان البين من الحكم السابق الصادر في الدعوى رقم 20 لسنة 1983 مدني محكمة جنوب القاهرة ومن صحيفة الدعوى الحالية أن الطاعن كان قد أقام الدعوى الأولى للحكم له بالتعويض عن الأضرار التي حاقت به متمثلة في اعتقاله وتعذيبه ومصادرة أمواله وحرمانه من مصدر رزقه وغلق مكتبه، وهي بذاتها الأضرار المطلوب التعويض عنها في الدعوى المطروحة وأنه اختصم المطعون ضده بصفته في الدعويين باعتباره مسئولا عن محدث هذه الأضرار به فإن الدعويين تكونان متحدتين أطرافا ومحلا وسببا، وكان لا يغير من هذا النظر ما عزاه الطاعن إلى المطعون ضده من أخطاء يرى أنها أسهمت في إحداث الضرر ما دام أن الضرر المطلوب التعويض عنه واحدا فيهما، فإن حجية الحكم السابق رقم 20 لسنة 1983 سالف الذكر تكون مانعة من نظر الدعوى المطروحة.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 572 لسنة 1984 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده (رئيس الجمهورية بصفته) بأن يؤدي إليه مبلغ مائتي ألف جنيه، وقال بيانا لدعواه إنه بتاريخ 15 من يوليو سنة 1965 ألقي القبض عليه وبعد تحقيقات باطلة تمت معه قدم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية شكلت استنادا لقرار رئيس الجمهورية رقم 119 لسنة 1964 ثم صدر القانون رقم 50 لسنة 1965 يقضي بعدم الطعن في إجراءات الاستدلال والتحقيق في الجرائم السياسية، وقضي عليه من هذه المحكمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وأودع السجن وحرم من حريته وعومل معاملة غير إنسانية، وأغلق مكتبه وحرم من تكسب العيش وقد لحق به من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فأقام دعواه، وبتاريخ 25 من يناير سنة 1986 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ عشرة آلاف جنيه، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2659 لسنة 103 ق استئناف القاهرة واستأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 1453 لسنة 103 ق استئناف القاهرة، أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول وبتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1988 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 20 لسنة 1983 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية واستئنافها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 20 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية لاتحاد الدعويين موضوعا وخصوما في حين أن الدعوى الحالية أقامها الطاعن ضد رئيس الجمهورية باعتباره مسئولا عن أعماله الشخصية وموضوعها المطالبة بالتعويض عن تقديمه لمحاكمة عسكرية بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 119 لسنة 1964 الذي قضى بعدم دستوريته وعن إصدار القانون رقم 50 لسنة 1965 الذي حرمه من إبداء دفاعه المتعلق ببطلان القبض والتفتيش والمحاكمة أمام المحكمة العسكرية بينما الدعوى المحاج بحكمها أقامها الطاعن على رئيس جهاز المخابرات ورئيس الجمهورية بصفته متبوعا للأول ومسئولا عن أعمال تابعه وموضوعها المطالبة بالتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة التعذيب الذي وقع عليه من تابعيه وإذ خلص الحكم إلى توافر وحدة الخصوم والموضوع في الدعويين وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون معيبا بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 101 من قانون الإثبات - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن الحكم النهائي السابق يحوز حجية الأمر المقضي المانعة من نظر النزاع في دعوى لاحقة إذا اتحد الموضوع والسبب فضلا عن وحدة الخصوم وأن محل دعوى التعويض عن العمل غير المشروع هو الأضرار المطلوب التعويض عنها، لما كان ذلك وكان البين من الحكم السابق الصادر في الدعوى رقم 20 لسنة 1983 مدني محكمة جنوب القاهرة ومن صحيفة الدعوى الحالية أن الطاعن كان قد أقام الدعوى الأولى للحكم له بالتعويض عن الأضرار التي حاقت به متمثلة في اعتقاله وتعذيبه ومصادرة أمواله وحرمانه من مصدر رزقه وغلق مكتبه، وهي بذاتها الأضرار المطلوب التعويض عنها في الدعوى المطروحة وأنه اختصم المطعون ضده بصفته في الدعويين باعتباره مسئولا عن محدث هذه الأضرار به فإن الدعويين تكونان متحدتين أطرافا ومحلا وسببا، لما كان ذلك وكان لا يغير من هذا النظر ما عزاه الطاعن إلى المطعون ضده من أخطاء يرى أنها أسهمت في إحداث الضرر ما دام أن الضرر المطلوب التعويض عنه واحدا فيهما، فإن حجية الحكم السابق رقم 20 لسنة 1983 سالف الذكر تكون مانعة من نظر الدعوى المطروحة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي عليه بسببي الطعن على غير أساس
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

كتاب دورى رقم 1 لسنة 2004 بشأن إجراءات العمل فى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية

الكتاب الدورى رقم (1)
بشأن إجراءات العمل فى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية

(1) يقدم طلب تسوية المنازعات الأسرية إلى المكتب المختص من أصل وصورة, ويقيد يوم تقديمه فى الجدول الخاص المعد فى المكتب لهذا لغرض, ويؤشر على الصورةباستلام الأصل وبتاريخ تقديمه, ويعر ض الطلب فى اليوم ذاته على رئيس المكتب.

(2) يبدأ ميعاد إنهاء تسوية المنازعة الأسرية ومدته خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم طلب التسوية إلى المكتب.

(3) وسيلة التكلف بالحضور أمام المكتب عملاً بالمادة السابعة من قرار وزير العدل رقم 3325 لسنة 2004, هي الكتاب الموصى عليه بعلم الوصول, ويعطى النص حريةلهيئة المكتب للإخطار بالميعاد بأية وسيلة أخرى ممكنة, وذلك بهدف تحقيق الغاية من الإخطار وهو اتصال علم الخصوم بالميعاد دون التقيد بإجراءات معينة, ومن ثم يمكن تنفيذ الإخطار بالنسبة للمقيم فى الخارج عن طريق الهاتفأو الفاكس أو غيرهما من وسائل الاتصال.

(4) إذا تمت تسوية النزاع صلحاً فى جميع عناصره أو بعضها يحرر محضر بما تم الصلح فيه يوقع من أطراف النزاع ويعتمد من رئيس المكتب, ويلحق بمحضر الجلسة التي تم فيها, ويرسله رئيس المكتب إلى محكمة الأسرة المختصة لتذييله بالصيغة التنفيذية.

(5) إذا لم تسفر الجهود عن تسوية النزاع ودياً فى بعض عناصره أو كلها وأصر الطالب على استكمال السير فى النزاع, تحرر هيئة التسوية محضراً بما تم من إجراءات يوقع عليه من أطراف النزاع أو الحاضرين عنهم, وترفق به تقارير الأخصائيين وتقرير من الهيئة معتمد من رئيس المكتب, وتحفظ جميع المحاضر والتقارير فى المكتب إلى حين رفع الدعوى بشأن النزاع, وترسل جميع المحاضر والتقارير إلىمحكمة الأسرة التي رفعت إليها الدعوى إذا طلب ذلك أي من الأطراف وذلك فى موعد غايته سبعة أيام من تاريخ الطلب.

(6) دعاوى الأحوال الشخصية التي يجب فيها اللجوء أولاً إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية قبل إقامة الدعوى هي المسائل التي يجوز فيها الصلح ومن أمثلتها منازعات الشقاق بين الزوجين والطلاق والتطليق والخلع والاعتراض على إنذار الطاعة والنفقة والمتعة والصداق ومسكن الزوجية والدعاوى المتعلقة بحضانة الصغير وحفظه ورؤيته وضمنه والانتقال به ودعاوى الحبس لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ أحكام النفقات وما فى حكمها, ودعاوى المهر والدوطة والشبكة وما فى حكمها.
أما المسائل التي لا يجوز فيها الصلح فقد بينتها المادة (551) من القانون المدني التي تنص على أنه” لا يجوز الصلح فى المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام ولكن يجوز الصلح فى المسائل المالية التي تترتبعلى الحالة الشخصية أو التي تنشأ من ارتكاب إحدى الجرائم“.

كما نصت المادة (48) من القانون المدني على أنه” ليس لأحد النزول على أهليته ولا التعديل فى أحكامها“.
ويترتب على ذلك أنه” لا يجوز الصلح فى المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالأهلية ومن أمثلة ذلك:”
لا يجوز أن يتصالح شخص مع آخر على نفي أو إثبات بنوته منه.
لا يجوز التصالح على صحة الزواج أو بطلانه.
لا يجوز الاتفاق على تعديل أحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة أو الحضانة.
لا يجوز الاتفاق على التطليق بالنسبة لغير المسلمين.

(7) استثنت المادة” 6″ من قانون إنشاء محاكم الأسرة الدعاوى المستعجلة من وجوب تقديم طلب إلى مكاتب التسوية ومن أمثلة الدعاوى المستعجلة كافة الدعاوى التي يخشى عليها من فوات الوقت ومنها طلب تسليم الصغير المشمول بالولاية بصفة مؤقتة لأمين أو لإحدى المؤسسات الاجتماعية, أو طلب منع (المدعى عليه) مؤقتاً من مباشرة كل أو بعض حقوقه أو اتخاذ إجراءات تحفظية لحماية أموال القصر فى التركة.

مساعد وزير العدل 
لشئون التفتيش القضائي

الأحد، 30 ديسمبر 2018

دستورية منح القاضي الجزئي (أو رئيس نيابة على الأقل) صلاحية تجديد الأمر بالمراقبة وتسجيل المحادثات

الدعوى رقم 207 لسنة 32 ق " دستورية " جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل    نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 207 لسنة 32 قضائية " دستورية ".
المقامة من
محمد حفنى أحمد عليان
ضــــــد
1 - رئيس الجمهوريـة
2 - رئيس مجلس الـــوزراء
3 - رئيس مجلس الشعب ( النــــــواب حاليًا )
4 - النائــب العــام
الإجراءات
      بتاريخ السادس عشر من ديسمبر سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (95، 206/5 "وصحتها الفقرة الرابعة"، 206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 3/11/2018، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات في خلال أسبوع، ولم يقدم أى من الخصوم مذكرات في الأجل المشار إليه.
المحكمــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وآخرين، للمحاكمة الجنائية في الجناية رقم 1575 لسنة 2010 جنايات أول الغردقة (المقيدة برقم 404 لسنة 2010 كلى البحر الأحمر)، متهمة إياه بأنه في خلال الفترة من شهر أكتوبر سنة 2009 حتى 15/2/2010، بدائرة قسم أول الغردقة - محافظة البحر الأحمر، بصفته في حكم الموظف العام (رئيس قطاع شبكات كهرباء البحر الأحمر بشركة القناة لتوزيع الكهرباء) طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب من المتهم الخامس بوساطة المتهم الثامن مبلغ عشرة آلاف جنيه، وأخذ منه مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل توصيل الكابلات الكهربائية بمشروع مبارك (11)، المسند تنفيذه لشركة أبو النصر للمقاولات والاستثمارات العقارية والسياحية، المملوكة للمتهم الخامس على النحو المبين بالتحقيقات. كما طلب بصفته المار ذكرها، وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهمين السادس والسابع بوساطة المتهمين الثامن والتاسع مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل إنهاء إجراءات تركيب عداد مؤمن لقياس استهلاك التيار الكهربائي بمحل خير زمان بمدينة الغردقة، الخاص بجهة عمل المتهمين السادس والسابع - شركة مترو ماركت للتجارة والتوزيع - وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، وطلب بصفته سالفة البيان، وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهمين السادس والسابع بوساطة المتهمين الثامن والتاسع مبلغ عشرين ألف جنيه، على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على زيادة القدرة الكهربائية لمحل مترو ماركت بمدينة الغردقة، المملوك لجهة عمل المتهمين السادس والسابع على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد (103، 107 مكررًا، 110، 111/1، 6) من قانون العقوبات. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نصي المادتين (95، 206/5 "وصحتها الفقرة الرابعة") من قانون الإجراءات الجنائية، فيما نصت عليه من السماح لقاضى التحقيق بتجديد مدة المراقبة والتسجيل لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، دون قيد، حتى تصبح غير محددة، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، أقام دعواه المعروضة، وبتاريخ 20/3/2018، أودع محمد مصطفى محمود إسماعيل، قلم كتاب المحكمة طلب تدخل فيها منضمًّا للمدعى في طلباته.
وحيث إنه عن طلب محمد مصطفى محمود إسماعيل، التدخل في الدعوى المعروضة خصمًا منضمًّا للمدعى في طلباته، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرط قبول طلب التدخل أن يكون مقدمه ممن كان طرفًا في الخصومة الموضوعية. لما كان ذلك، وكان الثابت أن طالب التدخل في الدعوى الدستورية المعروضة لم يكن طرفًا أصيلاً أو متدخلاً في الدعوى الموضوعية في الحالة المعروضة، ولم تثبت له تبعًا لذلك صفة الخصم التي تسوغ اعتباره من ذوى الشأن في الدعوى الدستورية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول تدخله.
وحيث إن المادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "لقاضى التحقيق أن يأمر بضبط الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة".
وتنص المادة (206) من هذا القانون المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين في القوانين القائمة على أن: "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.
ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات، وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية، وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.
ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول مقدمًا على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق.
وفى جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يومًا ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مددًا أخرى مماثلة.
وللنيابة العامة أن تطلع على الخطابات والرسائل والأوراق الأخرى والتسجيلات المضبوطة، على أن يتم هذا كلما أمكن ذلك بحضور المتهم والحائز لها أو المرسلة إليه وتدون ملاحظاتهم عليها. ولها حسب ما يظهر من الفحص أن تأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف الدعوى أو بردها إلى من كان حائزًا لها أو من كانت مرسلة إليه".
وتنص المادة (206 مكررًا) من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة، وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية على أن: "يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضى التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررًا والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة على خمسة عشر يومًا.
ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات".
وحيث إن طلبات المدعى التي ضمنها صحيفة دعواه الدستورية، قد انصبت على الطعن بعدم دستورية نصوص المواد (95)، (والفقرة الخامسة من المادة 206 "وصحتها الفقرة الرابعة")، والمادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، وكان المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى الدستورية، ينحصر نطاقها في النصوص القانونية التى دفع خصم أمام محكمة الموضوع بعدم دستوريتها، وفى حدود ترجيحها لمنطقية المطاعن الموجهة إليها، تقديرًا بأن المسائل الدستورية التي أثارها هذا الدفع، هي التي قدر الحكم الصادر عنها جديتها، والتي اتصل بها تصريحها برفع الدعوى الدستورية. إذ كان ما تقدم، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى أمام محكمة الموضوع، قد تعلق بعجز الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية فيما نص عليه من منح قاضى التحقيق سلطة تجديد مدة المراقبة أو التسجيل لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وكذا ما تضمنه عجز الفقرة الرابعة من المادة (206) من هذا القانون، من منح القاضي الجزئي صلاحية تجديد الأمر بالمراقبة والتسجيل، لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وهي الأحكام التي انصب عليها حقيقة تقدير محكمة الموضوع لجدية هذا الدفع، وتصريحها للمدعى برفع الدعوى الدستورية، لينحصر فيها نطاق الدعوى الدستورية المعروضة، دون غيرها من أحكام المادتين (95، 206/4) من قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك نص المادة (206 مكررًا) من هذا القانون، ليضحى اختصامها في الدعوى الدستورية المعروضة فيما جاوز ما تقدم، دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، فهو مردود؛ ذلك أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، وقوامها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية، متى كان ذلك، وكان المدعى قد تمسك أمام محكمة الموضوع بمذكرته المقدمة بجلسة 23/10/2010، ببطلان الإذن الصادر من المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا بتسجيل ومراقبة المحادثات التليفونية، وكذا تسجيل المقابلات والأحاديث في الأماكن الخاصة بالمدعى، والمحادثات التي جرت بينه وبين باقي المتهمين في الجناية محل الدعوى الموضوعية، والصادر بتاريخ 9/12/2009، وتم تجديده بتاريخ 5/1/2010، ثم بتاريخ 3/2/2010، وتدعيمًا لطلبه دفع المدعى بذات الجلسة بعدم دستورية النصوص المشار إليها في حدود نطاقها المتقدم، وكان نص الفقرة الرابعة من المادة (206) من قانون الإجراءات الجنائية إنما يتعلق بسلطة القاضي الجزئي في إصدار الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية، وتسجيل المحادثات التي جرت في مكان خاص، وتجديد هذا الأمر لمدة أو مدد أخرى مماثلة، ولا صلة للأحكام التي تضمنها في هذا الشأن بسلطة النيابة العامة في إصدار الأمر بالمراقبة والتسجيل المقـررة لها بمقتضى نص المادة (95)، والفقرة الثانية من المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، والتي استند إليها الأمر الصادر من المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا الذى يتضرر منه المدعى، مما مؤداه انتفاء مصلحة المدعى في الطعن على هذا النص، ذلك أن الفصل في دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلب المبدى من المدعى في هذا الشأن، وقضاء محكمة الموضوع فيه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له، لتغدو المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى متحققة في الطعن على عجز الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك فيما تضمنه من تخويل قاضى التحقيق سلطة تجديد المدة الصادر بها الأمر القضائي المسبب بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وإجراء تسجيل لأحاديث جرت في مكان خاص، لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وذلك في مجال انطباقه على سلطة النيابة العامة في إصدار هذا الأمر، المقررة لها بمقتضى عجز الفقرة الثانية من المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، الذى منح أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضى التحقيق، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات الخاصة بالرشوة، والتي من بينها تجديد المدة الصادر بها الأمر بالمراقبة والتسجيل، إذ إن القضاء في دستورية النص المذكور في حدود النطاق المتقدم سيكون ذا أثر أكيد على الطلب المطروح من المدعى على محكمة الموضوع، والذى ينعى فيه بالبطلان على الإذن بالمراقبة والتسجيل، الصادر ضده من المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا المشار إليه، وصولاً إلى إبطال الدليل الناشئ عن هذه الإجراءات في حقه، بوصف أن الأحكام المتقدمة هي السند التشريعي الذى خول النيابة العامة سلطة إصدار أمر المراقبة والتسجيل للمدة التي عينها القانون وتجديدها، مما يتعين معه الالتفات عن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من هيئة قضايا الدولة.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه محددًا نطاقه على النحو المتقدم مخالفته لنصى المادتين (41، 45) من دستور سنة 1971، استنادًا منه إلى أن منح أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضى التحقيق بالنسبة لجرائم الرشوة، وتخويلهم سلطة تجديد مدة المراقبة والتسجيل لمدة أو مدد أخرى مماثلة، يؤدى إلى خضوع المتهم للمراقبة والتسجيل لمدة غير محددة، وهو ما يشكل اعتداءً على الحرية الشخصية، ويتصادم مع ما اشترطه الدستور من أن تكون المراقبة بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفقًا لأحكام القانون.
وحيث إن المدعى ينعى كذلك على فرض الرقابة على تليفونه الخاص مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية، وهو في حقيقته نعى على نص المادة (45) من الدستور الصادر سنة 1971، وتقابلها المادة (57) من الدستور الحالي، التي أجازت الرقابة على المحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وهو ما يخرج الفصل فيه عن ولاية هذه المحكمة، التي حصرت المادة (192) من الدستور الحالي، والمادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، اختصاصها في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، ولا تمتد رقابتها - من ثم - إلى نصوص الدستور ذاته، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن هذا النعي.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة, ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه - الذى    مازال معمولاً به، وذلك من خلال أحكام الوثيقة الدستورية الصادرة في 18 يناير سنة 2014.
وحيث إن من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن توافر الضمانات القضائية، وأهمها الحيدة والاستقلال، يعد أمرًا لازمًا في كل خصومة قضائية أو تحكيمية، وهما ضمانتان متلازمتان ومتعادلتان في مجال مباشرة العدالة، وتحقيق فاعليتها، ولكل منهما القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلو إحداهما على الأخرى أو تجبها، بل تتضاممان تكاملاً، وتتكافآن قدرًا، وهاتان الضمانتان تتوفران بلا ريب في أعضاء النيابة العامة باعتبارها جهة قضائية، أحاطها المشرع بسياج من الضمانات والحصانات على النحو الوارد بقانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، على نحو يقطع بتوافر ضمانتي الاستقلال والحيدة لهم، فضلاً عن أن عضو النيابة العامة يمارس أعمال التحقيق والتصرف فيه من بعد ذلك، وقد حل محل قاضى التحقيق لاعتبارات قدرها المشرع، والتى من بينها ما قررته المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية من منح أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضى التحقيق، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون العقوبات المتعلقة بجرائم الرشوة، بما فيها السلطة المقررة لقاضى التحقيق بمقتضى نص المادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية في شأن إصدار الأمر بالمراقبة والتسجيل، وتحديد مدتهما في الإطار الذى عينه القانون، وفى هذه الحدود فإن عضو النيابة العامة يستمد حقه لا من النائب العام بصفته سلطة الاتهام، وإنما من القانون ذاته، وهو الأمر الذى تستلزمه إجراءات التحقيق باعتبارها من الأعمال القضائية البحتة، وما يصدر عن عضو النيابة من قرارات وأوامر قضائية في هذا النطاق، إنما يصدر منه متسمًا بتجرد القاضي وحيدته، مستقلاًّ في اتخاذ قراره عن سلطان رئاسة رئيس أو رقابة رقيب، ومن أجل ذلك حرص الدستور الحالي على النص في المادة (189) منه على أن النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، ليتمتع أعضاؤها بذات ضمانات القضاة، وأخصها الاستقلال، وعدم القابلية للعزل، ولا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون، التي أكد عليها الدستور في المادة (186) منه، الأمر الذى يضحى معه الأمر الصادر من أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل بالمراقبة والتسجيل وتحديد مدتها وتجديدها، المقررة لهم بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة (95)، والفقرة الثانية من المادة (206 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، داخلاً في نطاق الأمر القضائي المسبب الذى اشترطته المادة (57) من الدستور لفرض تلك الرقابة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ثمة مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تمثل أغوارًا لا يجوز النفاذ إليهـا، وينبغي دوما - ولاعتبار مشروع - ألا يقتحمها أحد ضمانًا لسريتها، وصونًا لحرمتها، ودفعًا لمحاولة التلصص عليها أو اختلاس بعض جوانبها، وبوجه خاص من خلال الوسائل العلمية الحديثة التى بلغ تطورها حدًّا مذهلاً، وكان لتنامى قدراتها على الاختراق أثر بعيد على الناس جميعهم حتى في أدق شئونهم، وما يتصل بملامح حياتهم، بل وببياناتهم الشخصية التي غدا الاطلاع عليها وتجميعها نهبًا لأعينها ولآذانها. وكثيراً ما ألحق النفاذ إليها الحرج أو الضرر بأصحابها. وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها، تصون مصلحتين قد تبدوان منفصلتين، إلا أنهما تتكاملان، ذلك أنهما تتعلقان بوجه عام بنطاق المسائل الشخصية التي ينبغي كتمانها، وكذلك نطاق استقلال كل فرد ببعض قراراته المهمة التى تكون - بالنظر إلى خصائصها وآثارها - أكثر اتصالا بمصيره وتأثيرًا في أوضاع الحياة التى اختار أنماطها، وتبلور هذه المناطق جميعها - التى يلوذ الفرد بها، مطمئنًا لحرمتها ليهجع إليها بعيدًا عن أشكال الرقابة وأدواتها - الحق في أن تكون للحياة الخاصة تخومها بما يرعى الروابط الحميمة في نطاقها, ولئن كانت بعض الوثائق الدستورية لا تقرر هذا الحق بنص صريح فيها، إلا أن البعض يعتبره من أشمل الحقوق وأوسعها، وهو كذلك أعمقها اتصالاً بالقيم التى تدعو إليها الأمم المتحضرة.
وحيث إن الدستور الحالى بعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة (57) منه على أن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، فرَّع عن هذا الحق - وبنص الفقرة الثانية من هذه المادة - الحق في صون المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال تقديرًا لحرمتها، كما كفل سريتها، بحيث لا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون، وفى هذا الإطار أخضع النص المطعون فيه تقرير المراقبة أو التسجيل وتحديد مدتها لمجموعة من الضوابط الحاكمة لها، التى تضمن جديتها وفاعليتها في صون الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، فاشترط أن يصدر بها أمر مسبب من قاضى التحقيق - أو عضو النيابة العامة الذى لا تقل درجته عن رئيس نيابة - بناء على ما تكشف له من التحريات والتحقيقات من دلائل على جدية الاتهام الموجه للمتهم، والذى يصلح ويكفى سببًا لإصدار الأمر، للمدة التى يقدرها، والتي لا تزيد على ثلاثين يومًا، وإن أجاز تجديدها لمدة أو مدد أخرى مماثلة، إلا أنه أحاط تحديد تلك المدة وتجديدها بضمانات تكفل عدم تأبيدها، وعدم مساسها بالحرية الشخصية أو تجاوزها تخوم الحياة الخاصة، والتي كفلها الدستور في المادتين (54، 57) منه، إلا لضرورة تقتضيها مصلحة التحقيق باعتبارها أحد أوجه المصلحة العامة، وغايتها إظهار الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وفى الحدود التي يستوجبها ذلك، حتى لا تتخذ هذه الإجراءات مع خطورتها سبيلاً للتغول على حقوق الأفراد وحرياتهم، وفى جرائم قليلة الأهمية، وتحديدًا لنطاق هذا الحكم تطلب المشرع أن تكون هذه الإجراءات ذات فائدة في إظهار الحقيقة، كما عين موضوعها في مراقبة المحادثات السلكية أو اللاسلكية، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص، منظورًا في ذلك إلى أن ضبط الأحاديث الشخصية عن طريق تسجيلها يعتبر - كما أبانت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 37 لسنة 1972 المشار إليه - نوعًا من التفتيش، ومن ثم فإنه يجب أن يخضع لأحكام التفتيش، هذا فضلاً عن خضوع الأمر بالمراقبة أو التسجيل لسلطة محكمة الموضوع، ليبقى دائمًا ضمان عدم تأبيد مدتها أو تجاوزها الحدود المعقولة التي تقتضيها ضرورات التحقيق، وإظهار الحقيقة، شرطًا لمشروعيتها وتوافقها مع أحكام الدستور، ومصدره نص الدستور ذاته في المادة (57) منه، واشتراطه أن يكون فرض الرقابة لمدة محددة، والمادة (95) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها، والتي اشترطت أن تكون المراقبة والتسجيل ذات فائدة في ظهور الحقيقة، والذى يعد قيدًا على السلطة مصدرة الأمر، وخاضعًا في الوقت ذاته لرقابة محكمة الموضوع، وتقديرها للدليل الناشئ عنه، في إطار حريتها في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى التي تطرح عليها، لتقول هي وحدها كلمتها فيها، ليكون مرد الأمر دائمًا إلى ما استخلصته هي من وقائع الدعوى، وحصلته من أوراقها، غير مقيدة في ذلك بوجهـة نظر النيابة العامة أو الدفاع أو أي جهة أخرى بشأنها، إضافة إلى حق المتهم في تفنيد هذا الدليل ودحضه، بما كفله له نص المادة (98) من الدستور، من الحق في الدفاع أصالة أو بالوكالة، باعتباره أحد ضمانات المحاكمة المنصفة العادلة التي كفلها الدستور للمتهم بمقتضى نص المادة (96) منه، ليضحي التنظيم الذى أتى به النص المطعون فيه في حدود النطاق المتقدم غير مصادم لنصوص المواد (54، 57، 98) من الدستور.
وحيث إن النص المطعون فيه في حدود الإطار المشار إليه لا يخالف أي نص آخر في الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم قبول تدخل محمـد مصطفى محمود إسماعيل خصمًا في الدعوى.
ثانيًا : برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية اختصاص القضاء العادي (محكمة النقض) بالفصل في منازعات العملية الانتخابية بالنقابات المهنية ومنها نقابة المهن التعليمية

الدعوى رقم 118 لسنة 26 ق " دستورية " جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع      أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 118 لسنة 26 قضائية " دستورية "، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) بقرارها الصادر بجلسة 4/4/2004، ملف الدعوى رقم 5643 لسنة 54 قضائية.
المقامة من
1- حسن ذكى حسن عبد الغنى
2- فتحى قرنى هاشـــم أحمد
3- عادل عبدالمنعــم عباس
ضــــد
1- وزير التربيـة والتعليـــم
2- الأمين العام لنقابة المهن التعليمية
3- مدير إدارة حلــوان التعليمية
4- المشرف العام على الانتخابات بإدارة حلوان التعليمية
الإجـراءات
بتاريخ السابع عشر من مايو سنة 2004، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 5643 لسنة 54 قضائية، بعد أن قررت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة الرابع من أبريل سنة 2004، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، والنصوص المناظرة له بقوانين النقابات المهنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
    حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكـم الإحالة وسائر الأوراق – في أن كلاًّ من حسن ذكى حسن عبد الغنى وفتحى قرنى هاشم أحمد وعادل عبدالمنعم عباس، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 5643 لسنة 45 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهـرة بطلب الحكـم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإعـلان نتيجة انتخابات اللجنة النقابية الفرعية بحلوان، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وقف إجراء عملية انتخاب النقيب، وفى الموضوع بإلغاء كافة القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية المنعقدة بتاريخ 24/2/2000، واعتبارها كأن لم تكن، لما شابها من بطلان ومخالفة أحكام القانون، وبخاصة بطلان انتخابات النقيب، والقضاء بإعادة الانتخابات، على سند من أنه بتاريخ 24/2/2000 أجريت انتخابات اللجنة النقابية لإدارة حلوان التعليمية لاختيار النقيب وأعضاء اللجنة النقابية، ونظرًا لما شاب هذه العملية من تجاوزات ومخالفات قانونية، منها أن انعقاد الجمعية العمومية لم يكن قانونيًّا لعدم اكتمال النصاب المحدد في المادة (55) من القانون رقم 79 لسنة 1969، وأن المرشح لمنصب النقيب تم اختياره من قبل أكثر من مرة بالمخالفة للقانون، وتم حجب المرشحين ومن ينوب عنهم عن حضور فرز الأصوات، والتجهيل في اختيار النسب المنصوص عليها، والواجب اختيارها من المرشحين في مجلس الإدارة كشباب وشيوخ، وأنه تم إعلان النتيجة دون بيان عدد الأصوات الصحيحة والباطلة ونسب الحضور والغياب، مما حدا بهم إلى إقامة تلك الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبجلسة 4/4/2004، قررت المحكمة وقف الدعـووإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، والنصوص المناظرة له بقوانين النقابات المهنية.
    وحيث إن هذه المحكمة قد قررت بجلسة 6/5/2017 - إعمالاً للرخصة المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير لبحث دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 المشار إليه. وبعد تحضير الدعوى في هذا الخصوص، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

    وحيث إن المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، تنص على أن "لخمس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية حق الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو في تشكيل مجالس الإدارة أو في القرارات الصادرة منها، بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال خمسة عشـر يومًا من تاريخ انعقـادها بشرط التصديق على التوقيعات من الجهة المختصة.
   ويجب أن يكون الطعن مسببًا وإلا كان غير مقبول شكلاً.
   وتفصل محكمة النقض في الطعن على وجه الاستعجال في جلسة سرية، وذلك بعد سماع أقوال النقيب أو من ينوب عنه ووكيل عن الطاعنين".
    وحيث إن الإحالة التى تضمنها حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 4/4/2004، قد انصبت في حقيقتها على ما تضمنته الفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 المشار إليها من عقد الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في القرارات المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابات الفرعية أو اللجان النقابية أو تشكيل مجالس إدارتها أو القرارات الصادرة منها، والنصوص المناظرة لها بقوانين تنظيم النقابات المهنية.
   وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن توافر المصلحة في الدعوى الدستورية مناطه أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، سواء اتصلت الدعـوى بهذه المحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، بما لازمه: أن الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعى المحال على النزاع الموضوعى، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع. لما كان ذلك، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه، ومن أجل ذلك، كان التعرض له سابقًا بالضرورة على البحث في موضوعه، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتعلق في حقيقتها بتحديد الجهة المختصة بالفصل في النزاع الموضوعي الذى يدور حول الطعن على قرار إعلان نتيجة انتخابات اللجنة النقابية الفرعية بحلوان، مع ما يترتب على ذلك من آثار. حيث تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969، التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسألة، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى تكون متحققة في الطعن على عبارة "وتفصل محكمة النقض في الطعن" الواردة بصدر هذه الفقرة، دون غيرها من النصوص المناظرة بقوانين تنظيم النقابات المهنية الأخرى، بحسبان القضاء في دستورية هذه العبارة سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وولاية المحكمة في نظرها والفصل فيها. وتكون النصوص المماثلة لا صلة لها بالدعوى الموضوعية، وليس للفصل في دستوريتها أدنى انعكاس على هذه الدعوى.
      وحيث إن قضاء هذه المحكمة في شأن المادة (27) من قانونها، التى تخولها الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها، ويتصل بالنزاع المعروض عليها، مؤداه: أن مناط تطبيقها يفترض وجود خصومة أصلية طرح أمرها عليها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانون إنشائها، وأن ثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة، وما قد يثار عرضًا من تعلق الفصل في دستورية بعض النصوص القانونية بها. ومن ثم تكون الخصومة الأصلية هى المقصودة بالتداعي أصلاً، والفصل في دستورية النصوص القانونية التي تتصل بها عرضًا، مبلورًا للخصومة الفرعية التى تدور مع الخصومة الأصلية وجودًا وعدمًا، فلا تقبل إلا معها. وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة التي لا تعرض لدستورية النصوص القانونية التى تقوم عليها الخصومة الفرعية، إلا بقدر اتصالها بالخصومة الأصلية، وبمناسبتها. وشرط ذلك أن يكون تقرير بطلان هذه النصوص أو صحتها مؤثرًا في المحصلة النهائية للخصومة الأصلية أيًّا كان موضوعها، أو أطرافها، بما مؤداه: أن مباشرة هذه المحكمة لرخصتها المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها، شرطها، أولاً: استيفاء الخصومة الأصلية لشرائط قبولها. وثانيًا: اتصال بعض النصوص القانونية عرضًا بـها. وثالثًا: تأثير الفصل في دستوريتها في محصلتها النهائية.
وحيث إن الفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهنة التعليمية، فيما أوردته من اختصاص محكمة النقض بنظر الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو تشكيل مجالس إدارة النقابة العامة أو الفرعية أو اللجنة النقابية، والقرارات الصادرة منها، وثيق الصلة بما تضمنته الفقرة الأولى من هذا النص من تحديد للقواعد المنظمة لاتصال المحكمة بهذا الطعن، فاشترطت أن يتم الطعن من خُمْس عدد الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض، خلال المهلة التى حددها هذا النص - وبشرط التصديق على التوقيعات من الجهة المختصة – بما لازمه أن النصين المشار إليهما ينظمان موضوعًا واحدًا، هو الطعن على القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية لنقابة المهن التعليمية، سواء تعلق بالقرارات المتعلقة بالنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية، والاختصاص بنظر هذا الطعن والفصل فيه، ومن ثم يمثل النص في مجمل أحكامه منظومة متكاملة للطعن على قرارات من طبيعة واحدة، يتعين على هذه المحكمة أن تجيل ببصرها فيها، وعلى ضوء نظرة شاملة، تحيط بها، وتحدد على ضوئها دستوريتها، وهو ما حدا بالمحكمة إلى استخدام رخصتها في التصدى المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، بالنسبة لنص الفقرة الأولى المشار إليها، الذى استوفى شرائطه القانونية.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المطعون فيه، مخالفته لنص المادة (172) من دستور 1971، الذى أصبحت بموجبه كافة الدعاوى الإدارية تندرج ضمن اختصاصات محاكم مجلس الدولة، التى تختص بها اختصاصًا مطلقًا، بما لا يجوز معه للمشرع أن يضمن نصوص القوانين ما يسلب هذا الاختصاص أو يحد منه، لتعلق ذلك بالأسس العامة للدولة. وأضافت المحكمة، أن هذا النص كان متوائمًا مع نصوص الدستور المنظمة للاختصاص باعتبار أن قرارات الجمعية العمومية للنقابات لا تتصف بصفة القرار الإداري خاصة المتعلقة باختيار وتشكيل مجالس الإدارة، وأنه بصدور القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، والذى بموجبه أضفى المشرع الصبغة الادارية على العملية الانتخابية والإشراف عليها، وذلك منذ الترشح، وبدء إجراءات الانتخابات، حتى إعلان النتيجة، وأصبحت كافة القرارات المتعلقة بها تصدر من موظف عام، و تعد بالتالي قرارات إدارية صادرة من سلطة عامة، بما لها من اختصاص إدارى تمارسه طبقًا للقانون، وبذلك أضحى النسق العام أن يختص القضاء الإداري بالفصـل في المنازعات التى تنشأ حول العملية الانتخابية بالنقابات المهنية، ومنها نقابة المهن التعليمية، إلا أن المشرع حين أصدر القانون رقم 100 لسنة 1993 المشار إليه، أغفل تعديل المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969، وأضحى ثمة تعارض بين هذا النص ونص المادة (172) من الدستور.
      وحيث إن من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة، إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به، وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسس القواعد الآمرة، وعلى ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المحالة، والتى مازال معمولاً بها، وذلك من خلال أحكام الدستور الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
      وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري، بدءًا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء قائمة بذاتها، محصنة ضد أى عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق المشرع العادي، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011، الذى أورد الحكم ذاته في المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012، والمادة (190) من الدستور الحالي التى تنص على أن "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ..... ". ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971، نصًّا يقضى بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011، ونص المادة (75) من الدستور الصادر في 25/12/2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية . وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي "، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها، وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الأحكام المتقدمة قاضى القانون العام، وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة ضمنها وثيقته.
      وحيث إن الدستور الحالي قد نص في مادته (76) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم". كما نص في المادة (77) منه على أن " ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية".
      و حيث إن القانون رقم 79 لسنة 1969، في شأن نقابة المهن التعليمية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992، قد نص في مادته الأولى على إنشاء نقابة للمهن التعليمية، تكون لها الشخصية الاعتبارية، تضم المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، والذين سبق اشتغالهم بها، وقد أضفى هذا القانون على النقابة شخصية معنوية مستقلة، وخولها حقوقًا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت بين مقومات الهيئة العامة وعناصرها من شخصية مستقلة ومرفق عام، تقوم عليه، مستعينة في ذلك ببعض مزايا السلطة العامة التى منحها لها القانون، تمكينًا لها من أداء المهام الموكلة لها في خدمة المهنة القائمة عليها، ورعاية أعضائها، والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، ومن أجل ذلك جعل عضويتها إجبارية على المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، في غير الجامعات والأزهر والكليات والمعاهد العالية والكليات والمدارس العسكرية، ورتب على مخالفة أحكام هذا النص، توقيع عقوبة الحبس والغرامة على المخالف، كما ألزم المنتمين للنقابة بأداء رسم قيد واشتراكات سنوية، وأنشأ هيئة تأديبية يحاكم أمامها الأعضاء الذين يخالفون قانون النقابة أو لائحتها الداخلية أو يرتكبون أمورًا مخلة بواجبات المهنة أو ماسة بكرامتها، ومن ثم تغدو نقابة المهن التعليمية من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأى من تشكيلاتها النقابية المختلفة، وكذا بتشكيل مجلس إدارتها، أو القرارات الصادرة منها، من قبل المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيرها، طبقًا لنص المادة (190) من الدستور، وإذ أسند صدر الفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 بشأن نقابة المهن التعليمية، الفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض، التابعة لجهة القضاء العادي، بناء على تقرير يقدم إلى قلم كتاب تلك المحكمة، فإن مسلك المشرع، على هذا النحو يكون مصادمًا لنص المادة (190) من الدستور، الذى أضحى، بمقتضاه، مجلس الدولة، دون غيره، هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي.
      وحيث إن البيّن من نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليه، أن ثمة شرطيـن يتعين توافرهما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها، أولهما: أن يكون هذا الطعن مقدمًا من خُمْس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل. ثانيهما: أن يكون الطعن على قراراتها مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، مصادقًا عليها جميعًا من الجهة المختصة.
      وحيث إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضي، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين. أولاهما: أن الدسـتور كفل للناس جميعًا – وبنص المادة 97 – حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، لا يتمايـزون في ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض في مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التى يحاط بها، ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التى يدعونها، ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التى نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من كوابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هي جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التي كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها وفق القواعد القانونية التي تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التي يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم. وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون في الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التي أُضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التي فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التي تحميها نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها في إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التي تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا إليها في مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم في أن يستقل عنها بدعواه التي يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانوني الخاص في مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعي – قيد تقرر دون مسوغ.
      وحيث إن الطعن على قرار معين – وكلما توافر أصل الحق فيه – لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التي يقتضيها تنظيم هذا الحق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه، فلا يكتمل أو ينعدم، وكان حق النقابة ذاتها في تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها في الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التي يدعون إليها في إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التي حددها الدستور بنص المادة (76) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابي ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا قانونيًّا أو متمحضًا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.
      بيد أن نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليها قد نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن في قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية، نصابًا عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من خُمْس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو الفرعية أو اللجنة النقابية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتى لا يقوم العمل النقابى سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقًا. وقد افترض النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابًا محتومًا للطعن في قراراتها – متحدون فيما بينهم في موقفهم منها، وأنهم جميعًا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدًا لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنها. وهو افتراض قلمًا يتحقق عملاً، ولا يتوخى واقعًا غير مجرد تعويق الحق في الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون    أفدح عبئًا، وأقل احتمالاً.
      وحيث إن البيّن كذلك من النص المشار إليه، أن الطعن في قرار صادر عن الجمعية العمومية للنقابة العامة أو الفرعية أو اللجنة النقابية – ولو كان مكتملاً نصابًا – يظل غير مقبول، إذا كان من قدموه غير مصادق على توقيعاتهم من الجهة الإدارية ذات الاختصاص؛ وكان ما توخاه النص المطعون فيه بذلك، أن يكون هذا التصديق إثباتًا لصفاتهم، فلا يكون تقرير الطعن مقدمًا من أشخاص لا يعتبرون أعضاء في النقابة العامة أو الفرعية أو اللجنة الفرعية، ولا من أشخاص يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية؛ وكان التصديق وإن تم في هذا النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطويًا على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها تنظيم حق التقاضى، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسرًا من الناحيتين الإجرائية والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن في مجال تثبتها من الشروط التى لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها – باعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل في اختصاصها. ولا يجوز بالتالي أن تتولاه الجهة الإدارية، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على الوظيفة القضائية التى اختص المشرع غيرها بها، وانتحالاً لبعض جوانبها، وباطلاً لاقتحام حدودها.
      وحيث إنه لما تقدم، فإن النصوص المتقدمة تغدو مصادمة لنصوص المواد (76، 77، 94، 97، 184، 190) من الدستور الحالي، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (56) المشار إليها برمتها، وكذا عبارة "وتفصل محكمة النقض في الطعن" الواردة بصدر الفقرة الأخيرة من هذه المادة، وسقوط نص الفقرة الثانية، وباقى الأحكام التى تضمنتها الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها، لارتباطها بالنصوص المقضي بعدم دستوريتهـــا ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، بحيث لا يمكن فصلها عنها أو تطبيقها استقلالاً عنها.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى، وعبارة "وتفصل محكمة النقض في الطعن" الواردة بصدر الفقرة الأخيرة من المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، وسقوط نص الفقرة الثانية وباقى أحكام الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها