الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يونيو 2014

الطعن رقم 6351 لسنة 67 ق جلسة 20 / 3 / 2000 (موضوع)

باســـــم الشعـــــــب
محكمــة النقــض
الدائــــــــــــرة الجنائيــــــــــــــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ مجدى منتصر               نائـــــب رئيــــس المحكمـــة
وعضوية السادة المستشاريـن / حسن حمـــــــــــــــــــــــــزة         ,     حامــــــــــــــــــــــــــــــد عبــــــــــد الله  
                             فتحــــــــــــــــى حجــــــــــــاب        و    جــــــاب الله محمد جـاب الله      
نواب رئيــــس المحكمــــــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد غانم .
وأمين السر السيد / أشرف محمود .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأثنين 14 من ذو الحجة سنة 1420 هـ الموافق 20 من مارس سنة 2000 م .
أصـدرت القرار الآتــى :
فى الطعن المقيد فى جدول النيابة برقم 6351 لسنة 1997 وبجدول المحكمة برقم 6351 لسنة 67 القضائية .
المرفوع مـن :
عبد الرؤوف بكر جاد المولى .                                     " المحكوم عليـــه "
ضــد
النيابة العامــــــــــــــــــــــــــة
حسين حسن زايد                                                       " مدع بالحقوق المدنية "
الوقائـــــــــــــــــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 ) عبد الرؤوف بكر جاد المولى " الطاعن " 2)عبدالرسول عبد السميع عبد المقصود فى قضيـــــة الجنايـــــــة رقــــــــــم 2497 لسنـة 1988 منفلوط     ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 1415 لسنة 1988 ) بأنهما فى يوم 20 من أغسطس لسنة 1988 بدائرة مركز منفلوط ـــــــــ محافظة أسيوط :ـــــــــــ المتهمان :ـ أ ) قتلا محمد حسين حسن زايد عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين ( بندقية ومسدس ) وترصداه فى المكان الذى أيقنا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ، وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين آخريين هما أنهما فى الزمان والمكان سالفى الذكر : 1 ) شرعا فى قتل إبراهيم محمود عبد الموجود عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتل محمد حسين حسن زايد وأعدا لهذا الغرض السلاحين الناريين سالفى الذكر وما أن ظفرا به حتى أطلقا صوب الأخير عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصابت أحدها المجنى عليه المذكور الذى تصادف مروره بمكان الحادث بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركته بالعلاج . أحرزا بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً " مسدس وبندقية " . 3 ) سرقا السلاحين الناريين سالفى البيان المملوكين للمجنى عليه محمد حسين حسن زايد بأن جرداه بعد قتله . المتهم الأول أيضاً : 1 ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية " . 2 )أحرز ذخائر ( طلقات ) استعملها فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه . وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيــــــــــد والوصف الواردين بأمـر الإحالــــــة .
وادعى والد المجنى عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للثانى فى 3 من فبراير سنة 1992 عملاً بالمواد 45/1 ، 46 ، 230 ، 231 ، 232 ، 234/2 ، 318 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/5.2  من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين الأول مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليهما وإلزامها بالتضامن بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض فى 4 من فبراير سنة 1992 (وقيد الطعن بجدول محكمة النقض برقم 7559 لسنة 62 قضائية ) .
ومحكمة النقض قضت فى 4 من أبريل سنة1994 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات أسيوط لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة ـ بهيئة مغايرة ـ قضت حضورياً فى 10 من نوفمبر سنة 1996 عملاً بمواد الاتهام مع إعمال المواد 17 ، 30 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة عما هو منسوب إليه وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض " للمرة الثانية " فى 12 من نوفمبر سنة 1996 ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 7 من يناير سنة 1997 موقعاً عليها من الأستاذ/ حسن أحمد جاد الحق المحامى  .
ومحكمة النقض قضت فى 8 من مارس سنة 1999 بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة 7 من يونيه سنة 1999 لنظر الموضوع وكلفت النيابة بإحضار المتهم من السجن وإعلان شهود الإثبات والمدعى بالحقوق المدنية .
وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات نظرت المحكمة القضية على النحو المبين بمحضر الجلسة وقررت حجزها للحكم لجلسة اليوم .
المحكمـــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وطلبات النيابة وسماع المرافعة الشفوية وبعد المداولة :-
وحيث إن واقعة الدعوى كما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص فى أنه بتاريخ 20/8/1988 ولخصومة ثأرية بين عائلة المجنى عليه محمد حسين حسن زايد وعائلة المتهم وأثناء خروج المجنى عليه من سوق منفلوط وبصحبته على خلف عبد الغنى الساعة الحادية عشر صباحاً بعد شرائهما دابتين شاهد الأخير المتهم والمحكوم عليه غيابياً عبد الرسول عبد السميع عبد المقصود وكان الأول حاملاً بندقية والثانى حاملاً طبنجة وما أن ظفرا بالمجنى عليه حتى قاما بإطلاق الأعيرة النارية عليه فى المواجهة ومن الخلف فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وأحدثا إصابة إبراهيم محمود عبد الموجود وذلك على النحو المبين بالتقرير الطبى ، ثم استوليا على سلاحين ناريين " بندقية ومسدس " كان يحملهما المجنى عليه وقت وقوع الحادث وفرا هاربين .
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد قام الدليل على صحتها وثبوت إسنادها إلى المتهم من شهادة كل من على خلف عبد الغنى وحسين حسن زايد وإبراهيم محمود عبد الموجود ومحمود عبد الموجود مهران والرائد / أحمد عماد الدين رحيم رئيس وحدة مباحث مركز منفلوط وفتحى محمد بيومى حسان ورفعت فتحى بخيت الطبيبين الشرعيين وما أوراه تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبى الشرعى وما ثبت من تقرير فحص الطلقات المضبوطة .
فقد شهد على خلف عبد الغنى أنه فى يوم الحادث كان بصحبة المجنى عليه محمد حسين حسن زايد بسوق منفلوط وبعد أن اشترى المجنى عليه جاموستين وخرجا بهما من السوق فاجأهما المتهم والمحكوم عليه عبد الرسول عبد السميع عبد المقصود وكان الأول يحمل بندقية والثانى يحمل طبنجة وأطلقا على المجنى عليه عدة أعيرة نارية فى المواجهة ومن الخلف عند محاولته الهرب فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد أصيب من الحادث إبراهيم محمود عبد الموجود الذى تصادف وجوده إلى جوار المجنى عليه ثم استوليا على السلاحين الناريين اللذين كان يحرزهما المجنى عليه .
وشهد حسين حسن زايد والد المجنى عليه أنه كان بصحبة الأخير والشاهد الأول لشراء مواشى وبعد أن قاموا بالشراء انصرف المجنى عليه والشاهد الأول وبالمواشى خارج السوق وبقى هو للاستراحة وبعد مرور عشر دقائق سمع طلقات نارية وبعد انتهاء ضرب النار علم من عنتر رزق بإصابة نجله المجنى عليه خارج السوق فأسرع إلى حيث مكانه حيث وجده ملقى على الأرض ومصاب بطلق نارى ومعه الشاهد الأول الذى قرر له بأن المتهم الأول والمحكوم عليه الثانى قد قاما بضرب نجله بطلقات نارية ولم يعثر على السلاح الذى كان يحمله نجله مسدس حلوان وبندقية هندى .
وشهد إبراهيم محمود عبد الموجود بأنه حال خروجه من سوق مدينة منفلوط فى يوم الحادث أطلقت أعيرة نارية لا يعرف مصدرها فأصيب منها والمجنى عليه محمد حسين حسن زايد .
وشهد محمود عب الموجود مهران بمضمون ما شهد به الشاهد السابق .
وشهد الرائد / أحمد عماد الدين رحيم رئيس وحدة مباحث مركز منفلوط بأن تحرياته السرية دلت على أن المتهمين هما مرتكبا الحادث لخصومة ثأرية بينهما وبين المجنى عليه وقد أصيب من جراء الحادث إبراهيم محمود عبد الموجود الذى تصاف وجوده إلى جوار المجنى عليه .
وشهد فتحى محمد بيومى حسان الطبيب الشرعى بأن إصابة المجنى عليه محمد حسين حسن زايد يمكن حدوثها وفق تصوير الشاهد الأول على خلف عبد الغنى .
وشهد رفعت فتحى بخيت الطبيب الشرعى بأن ما ظهر على أطراف المجنى عليه محمد حسين حسن زايد من تيبس رمى عند تشريح جثته لا يمنع حدوثه فى الفترة من وقت وقوع حادث مقتله حتى وقت التشريح كما جاء بتقرير الصفة التشريحية ، إذ أن التيبس الرمى كان فى بدئه وأن العوامل التى أحاطت بالجثة من حرارة الجو ونقلها إلى المستشفى قد أدى إلى ذلك التيبس الرمى من وقت حدوث الواقعة حتى التشريح وأن وفاة المجنى عليه يمكن حدوثها حسب زمن الحادث .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة الجنى عليه محمد حسين حسن زايد أن إصابته بالظهر والصدر نارية حيوية حديثة حدثت فى وقت يتفق وتاريخ الحادث من عيار نارى وأحد معمر بمقذوف يتعذر تحديد نوعه أو نوع السلاح المطلق له لعدم استقراره بالجسم وإصابته باتجاه أساسى من الخلف واليمين إلى الإمام واليسار مع ميل بسيط لماسورة السلاح النارى المستعمل من أسفل إلى أعلى فى الوضع الطبيعى المعتدل القائم للجسم أطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وتعزى وفاة المجنى عليه إلى هذه الإصابة وما نتج عنها من كسر بالأضلاع وتهتك بالرئتين والأورطى ونزيف دموى ومن الجائز حدوث هذه الإصابة وفق تصوير الشاهد الوارد بمذكرة النيابة .
وثبت من تقرير الطب الشرعى أن إصابة المجنى عليه إبراهيم محمود عبد الموجود بالصدر والعضد الأيمن نارية حدثت فى وقت يتفق وتاريخ الحادث من عيار نارى واحد .
وثبت من تقرير فحص الطلقات المضبوطة بمكان الحادث أنها أطلقت فى وقت يتعذر تحديده وقت يتفق وتاريخ الحادث ومن الجائز حدوث إصابة المجنى عليهما من مثل الطلقات الفارغة المضبوطة .
وحضر المتهم بالجلسة والمحكمة سألته عن التهم المسندة إليه فأنكرها والمحامى الحاضر معه نازع فى مكان وزمان الحادث بدليل خلو المعاينة من وجود دماء ووجود جثة المجنى عليه فى حالة تيبس رمى ، وبتعارض الدليل القولى مع الدليل الفنى بشأن موقف الضارب من المضروب وبأن إصابة المجنى عليه لا تحدث من الخلف ولابد أن تحدث من الأمام ، ودفع بكذب أقوال الشاهد الأول .
وحيث إنه وبالنسبة لما يثيره دفاع الطاعن من منازعة فى مكان وقوع الحادث بدعوى عدم وجود آثار دماء فى مكانها فإنها منازعة لا تتفق ومنطق الأمور ولا سند لها من الأوراق إذ ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجنى عليه أحدثت نزفاً داخلياً قدر بلترين من الدماء ، ومن ثم فإن الدماء التى نزفت منه خارج جسمه قد علقت بملابسه والجزء اليسير منها هو الذى يمكن أن يكون قد سقط على الأرض ، وكان الثابت من أقوال والد المجنى عليه أنه قام بنقل جثة نجله من مدخل السوق إلى داخله فإن مرور الناس والدواب على هذا المكان الترابى قد أضاع أى أثار للدماء كانت موجودة فى مكان الحادث ، كما ثبت عثور النيابة العامة على طلقات فارغة فى هذا المكان .
وحيث إنه بالنسبة لما يثيره دفاع الطاعن من منازعة فى زمان الحادث لوجود جثة المجنى عليه فى حالة تيبس رمى فإنه مردود عليه بما قرره رفعت حسنى بخيت وكيل الوزارة بالطب الشرعى بأنه يمكن حدوث التيبس الرمى للجثة فى الفترة ما بين تاريخ وقوع الحادث وتاريخ التشريح إذ من الممكن حدوث ذلك من العوامل الجوية إذ أن وقت الحادث كان فى شهر أغسطس ونقل الجثة من مكان السوق إلى مستشفى منفلوط قد أدى ذلك إلى حدوث التيبس الرمى ، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود الإثبات الذين أجمعوا على حدوث الواقعة فى الزمان والمكان المحددين بالتحقيقات .
وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن التعارض بين الدليلين القولى والفنى بشأن موقف الضارب والمضروب وبأن إصابة المجنى عليه لا تحدث من الخلف وتحدث من الأمام فهو مردود عليه بما هو مقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الثابت من أقوال الشهود من أن المتهمين أطلقا النار على المجنى عليه من الأمام والخلف فأصاباه ، لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذى أثبت أن المجنى عليه أصيب من الظهر والصدر من عيار نارى باتجاه أساسى من الخلف اليمين إلى الأمام واليسار ، هذا فضلاً عن أن جسم الإنسان بطبيعته متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء ، ومن ثم فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وبين تقرير الصفة التشريحية .
وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم إذ قصد منه الإفلات من توقيع العقاب عليه بعد أن تحقق للمحكمة بما لا يدع مجالاً لأى شك من إحداثه لإصابة المجنى عليه محمد حسين حسن زايد التى أودت بحياته ولإصابة المجنى عليه إبراهيم محمود عبد الموجود استناداً لأقوال الشهود السابق سردها والتى تأخذ بها المحكمة لاطمئنانها إليها خاصة وأنها تأيدت بتقرير الصفة التشريحية الذى توقع على الأول وبالتقرير الطبى الشرعى الذى توقع على الثانى ، لما هو مقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها .
وحيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من ناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص هذه النية فى حق المتهم من استعماله بندقية محشوة بالرصاص وهى آلة قاتلة بطبيعتها وتصويبها نحو مقتل من المجنى عليه وتعمده إطلاقها عليه حيث إصابته فى مقتل بالإضافة لوجود خصومة ثأرية بين المتهم والمجنى عليه الأمر الذى يقطع بيقين بتوافر هذه النية فى حقه .
وحيث إنه عن ظرفى سبق الإصرار والترصد ، فلما كان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بما مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضى استخلاصاً ، وكان يكفى لتحقق ظرف الترصد مجرد تربص الجانى للمجنى عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت من مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه ، وكان البحث فى توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكانت المحكمة تستخلص ظرف سبق الإصرار من تفكير الطاعن والمحكوم عليه الآخر قبل الحادث فى قتل المجنى عليه وتدبرهما لهذا الأمر فى هدوء وروية ثم اتفاقهما على ذلك وإعدادهما سلاحهما النارى وذلك لخصومة ثأرية بينهما ، كما تستخلص المحكمة ظرف الترصد من علم المتهم والمحكوم عليه الآخر بأن المجنى عليه كان سيمر من مكان الحادث فانتظراه حتى تمكنا منه وباغتاه بإطلاق الأعيرة النارية عليه .
وحيث إن ظرف الاقتران المشدد فى جريمة القتل العمد قد تحقق أيضاً فى واقعة الدعوى من توافر الرابطة الزمنية بين الجرائم التى ارتكبها المتهم والمحكوم عليه الآخر إذ وقعت جميعها فى فترة زمنية محدودة دون فاصل زمنى بينها واستقلت كل جريمة منها بذاتها وأركانها وعناصرها القانونية عن الأخرى بما يكفى لتوافر هذا الظرف المنصوص عليه فى الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات كما هو معرف فى القانون قبل المتهم .
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإنه يكون قد ثبت يقيناً لدى المحكمة أن المتهم عبد الرؤوف بكر جاد المولى فى يوم 20/8/1988 بدائرة مركز منفلوط محافظة أسيوط : قتل والمتهم الآخر محمد حسين حسن زايد عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين " بندقية ومسدس " وترصداه فى المكان الذى أيقنا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ، وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين آخريين هما أنهما فى الزمان والمكان سالف الذكر : 1 : شرعا فى قتل إبراهيم محمود عبد الموجود عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتل محمد حسين حسن زايد فأعدا لهذا الغرض السلاحين الناريين سالفى الذكر وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصابت المجنى عليه المذكور الذى تصادف مروره بمكان الحادث بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركته بالعلاج ، 2 ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" 3 ) أحرز طلقات نارية استعملها فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه . 4 ) سرق والمحكوم عليه الآخر السلاحين الناريين ـ المسدس والبندقية ـ المملوكة للمجنى عليه محمد حسين حسن زايد والمرخص له بهما بأن جرداه منهما بعد قتله . الأمر الذى يتعين معه إدانته عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية وعقابه بالمواد 45 ، 46 ، 230 ، 231 ، 232 ، 234/2 ، 318 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/5.2 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والقسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق .
وحيث إن الجرائم المسندة إلى المتهم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة لارتكابها لغرض إجرامى واحد مما يوجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهى الجريمة الأولى عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات .
وحيث إن عن الطلقات المضبوطة فإنه يتعين القضاء بمصادرتها عملاً بنص المادة 30/2 من قانون العقوبات والمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 .
وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها أخذ المتهم بقسط من الرأفة فى حدود ما تمسح به المادة 17 من قانون العقوبات .
وحيث إن بخصوص الدعوى المدنية المقامة من والد المجنى عليه محمد حسين حسن زايد فإن الثابت مما تقدم أن خطأ قد ثبت فى حق المتهم فى الدعوى يتمثل فى الإقدام على إصابة المجنى عليه المذكور وقد نجم عن هذا الخطأ وبطريق مباشر وفاته وبذلك تكون أركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر ورابطة سببية كما هى معرفة فى المادة 163 من القانون المدنى قد توافرت فى الدعوى ويحق إجابة طلبات المدعى بالحقوق المدنية فيها كتعويض مؤقت فضلاً عن المصاريف المدنية شاملة مقابل أتعاب المحاماة عملاً بحكم المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية .
فلهـذه الأسباب

حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه وبمصادرة الطلقات المضبوطة وبإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق