هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني
والمستشاران محمد الأمين محمد بيب وإمام البدري .
----------------
1- لرئيس الاتحاد
مباشرة الإشراف على تنفيذ القوانين والمراسيم والقرارات الاتحادية سنداً للفقرة
الثامنة من المادة الرابعة والخمسين من الدستور.
- رئيس الدولة – تنفيذ – تشريع – دستور
.
2- لرئيس الدولة الحق
في رقابة شؤون الهجرة والإقامة وحفظ الأمن والنظام في جميع أنحاء البلاد عن طريق الأجهزة
الاتحادية.
- رئيس الدولة – رقابة – هجرة وإقامة –
إقامة – امن – أجهزة .
3- إصدار صاحب السمو
رئيس الدولة الأمر إلى النيابة العامة بإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف
بهيئة مغايرة استناداً إلى سلطته الدستورية مؤدٍّ إلى عدم خضوعه للقيود الواردة في
قانون الإجراءات الجزائية والمتعلقة بطرق الطعن.
- رئيس الدولة – نيابة عامة – دستور – إجراءات
.
4- للقاضي استظهار
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر والمتمثل بعلم الجاني بحقيقة المواد التي في
حوزته من كافة ظروف الدعوى وملابساتها.
- قصد – جناية – إحراز – مواد مخدرة –
حيازة .
5- النعي حول استخلاص
الحكم المطعون فيه علم الجاني بحقيقة المواد الحائز عليها هو جدل موضوعي غير جائز
امام المحكمة العليا.
---------
( 1 ) أوامر سمو رئيس الدولة . دستور .
نيابة عامة . طعن . استئناف . نقض . شريعة إسلامية .
لرئيس الاتحاد مباشرة الإشراف على
تنفيذ القوانين والمراسيم والقرارات الاتحادية م54/8 من الدستور . فضلاً عن حق
الرقابة عن طريق الأجهزة على كل ما يتعلق بحفظ الأمن والنظام في جميع أنحاء الدولة
لمواجهة أي أخطار تهدد المجتمع م 2 لسنة 1976 من قرارات المجلس الأعلى للاتحاد .
ممارسة صاحب السمو رئيس الدولة هذا الاختصاص وصولاً لتحقيق العدالة وسلامة المجتمع
عرف دستوري مستقر ومعروف للكافة لسموه أن يأمر النيابة العامة بالطعن في الأحكام
بالاستئناف أو النقض لتصحيح أو تصويب أي خطأ فيها وهو ما يتفق وأحكام الشريعة -
أمر صاحب السمو رئيس الدولة للنيابة العامة بإعادة نظر القضية أمام محكمة
الاستئناف بهيئة مغايرة استناداً إلى سلطته الدستورية مفاده ألا يسري في شأن هذا
الأمر القيود الواردة في قانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بطرق الطعن . علة
ذلك أن صاحب السمو رئيس الدولة ليس طرفاً من أطراف الدعوى .
( 2 ) مواد مخدرة . مسئولية جنائية
" المسئولية الجنائية والركن المعنوي ". قصد جنائي . محكمة الموضوع .
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر
أو حيازته أو جلبه مناطه قيام الدليل على علم الجاني بأن مايحرزه أو يحوزه أو
يجلبه من الجواهر المخدرة . استظهار العلم سلطة للقاضي من ظروف الدعوى مثال في
استخلاص سائغ للمحكمة بعلم المتهم بكنه المواد المخدرة التي يحملها .
1 - أنه وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه
المحكمة أن الفقرة الثامنة من المادة الرابعة والخمسين من الدستور المؤقت لدولة
الإمارات العربية المتحدة نصت على أن لرئيس الاتحاد مباشرة الإشراف على تنفيذ
القوانين والمراسيم والقرارات الاتحادية وأن قرارات المجلس الأعلى للاتحاد رقم 2
لسنة 76 مادتها الأولى على أن يكون لرئيس الدولة حق الرقابة عن طريق الأجهزة
الاتحادية على كل ما يتعلق 1 ) بشئون الهجرة والإقامة 2 ) وحفظ الأمن والنظام في
جميع أنحاء الدولة بهدف كفالة الأمن للمواطنين وضمان الاستقرار الداخلي ومواجهة أي
أخطار تهدد المجتمع . وأن صاحب السمو رئيس الدولة - حفظه الله - قد مارس هذا
الاختصاص في جميع مناحي الحياة المتصلة بحسن تطبيق القوانين وتنفيذها على الوجه
الصحيح وصولا لتحقيق العدالة التي تحقق أمن وسلامة المجتمع وقد تلقت جميع السلطات
الدستورية وأفراد المجتمع هذا الأمر بالقبول والتأييد فأصبح عُرفاً دستورياً
مستقراً ومعروفاً للكافة واجب الاحترام تلتزم به كل السلطات التي أناط بها الدستور
تنفيذ القوانين بما في ذلك القضاء الذي عليه إصدار أحكامه مبرأة من مخالفة القانون
أو الخطأ في تطبيقه وئأويله ولرئيس الدولة أن يأمر النيابة العامة بالطعن في
الأحكام بالاستئناف أو النقض لتصحيح أو تصويب أي خطأ فيها وهو ما يتفق وأحكام
الشريعة الإسلامية الغراء التي جعلت للإمام باعتباره ولياً للأمر سلطة الإشراف على
الشؤون العامة في الداخل والخارج بما يحقق مصلحتها في حدود ما أنزل الله تعالى على
رسوله ( وفى المقابل تلتزم الأمة بالسمع والطاعة وقد حدد صاحب الأحكام السلطانية
واجبات الإمام بأنها حفظ الدين وتوفير الأمن والنظام وإقامة الحدود ولا يتم هذا
الأمر إلا بالتزام أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وتوجيهات صاحب السمو رئيس
الدولة التي تهدف إلى تحقيق العدالة وبما يؤدى إلى كفالة الأمن واستقرار المعاملات
في إطار الثقة و الأمانة .
وحيث إن صاحب السمو رئيس الدولة - حفظه
الله - أصدر أمره السامي للنيابة العامة بإعادة نظر القضية رقم 17/99 أمام محكمة
الاستئناف بهيئة مغايرة استناداً إلى سلطته الدستورية وعليه لا يسرى في شأن هذا
الأمر السامي القيود الواردة في قانون الإجراءات الجزائية فيما يتصل بطرق الطعن في
الأحكام ذلك أن صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله في هذه الحالة ليس طرفاً من
أطراف الدعوى وإنما باعتباره ولياً للأمر يمارس سلطته الدستورية المستمدة من
الدستور والعرف الدستوري الذي أصبح معلوماً للكافة ، وأنه استثناء من حكم المادة
268 من قانون الإجراءات الجزائية المتعلق بانقضاء الدعوى الجزائية بصدور حكم بات
فيها بالبراءة أو الإدانة فإنه يجوز لسمو رئيس الدولة أن يصدر أمراً بإعادة النظر
في الاستئناف عن حكم أول درجة وذلك لمواجهة الأخطار الجسيمة التي تهدد المجتمع من
جراء حيازة وإحراز المواد المخدرة بكافة صورها وأشكالها وصولاً لتحقيق العدل وأمن
وسلامة المجتمع من هذه الأحكام التي تهدده ما دام أن الأمر في كل ذلك يعود مرجعه
إلى القضاء ، بحيث لم يعد قائماً أمام المحكمة العليا إلا الحكم الأخير المطعون
فيه لتفصل فيه ومن ثم يضحى النعي غير قائم على أساس متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون
فيه بالسبب الثاني القصور والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن
الحكم أدانه رغم عدم توافر الأدلة ومخالفته القرائن الدالة على عدم قيام الركن
المعنوي للجريمة التي أدين بها . ومن ثم - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً - في
قضائه - بما يوجب نقضه .
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو جلبه يتوافر متى قام الدليل على
علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو يجلبه من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي
في استظهار هذا العلم من كافة ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ولا يستأهل
ذلك العلم رداً خاصاً ما دام أنه قد ثبت من مدونات الحكم توافره فعلاً .
ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد تعرض لهذا الدفع وخلص إلى ثبوت علم الطاعن بماهية المواد المضبوطة في حيازته
وأورد في ذلك أن دعوى إرسال اللفافتين المضبوطتين مع الطاعن من شخص آخر دون أن
يعلم أن ما يحمله هو مادة المخدر تكذبها قرائن الأحوال إذ من المستبعد أن يرسل أي
شخص شيئاً غير محظور مع شخص يعلم أنه يريد الدخول إلى الدولة عن طريق التهريب
ويعرض ذلك الشيء إلى احتمالات الضياع لأن وصول من أرسلت معه البضاعة بهذه الكيفية
وبطريق غير مشروع غير مضمون الوصول ، في الوقت الذي يمكن فيه إرسال هذا الشيء مع
قادمين آخرين يحضرون للدولة بالطرق الشرعية وهم كثر مما يستبعد أن تكون هذه
الرسالة أمانة مرسلة مع المتهم ، وبالتالي يستبعد عدم علمه بمحتويات ما فيها لأن
إرسال الحرزين اللذين يحتويان على المخدر مع شخص يريد الدخول إلى الدولة عن طريق
التهريب يحمل ذلك الشخص على معرفة أن ما في الحرزين شيء محظور وصوله إلى داخل
الدولة مما يدفعه إلى معرفة محتويات ما أرسل معه .
كما يبين الحكم المطعون فيه أن الطاعن
كان يحمل معه كلمة سر يتم بموجبها تسليم الرسالة إلى شخص يدعى علي ولو كان الأمر
عادياً لأخبره من أرسل معه الحرز بتسليمه إلى الشخص المقصود بعد التأكد من هويته
إضافة إلى أن الطاعن كان متابعاً من قبل المصدر السري قبل وصوله إلى الدولة لعلم
المصدر السري أن الطاعن كان ينوي إدخال مخدرات إلى الدولة مما يجعل علم الطاعن
نفسه بذلك من باب أولى إذ كيف للمصدر أن يعلم بتلك ولا يعلم به الطاعن نفسه . كما
أن دعوى إرسال المخدر مع الطاعن بواسطة شخص آخر تحتاج منه إلى إثبات لأن الظاهر
يدل على أن من حاز شيئا هو الذي يملكه إلا إذا ثبت العكس ، ورتبت لمحكمة الموضوع
على كل ذلك إدانة الطاعن بما نسب إليه . لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون
فيه فيما يتعلق بعلم الطاعن بكنه المواد المخدرة التي كان يحملها على نحو ما سلف
كافياً في الرد على دفاع الطاعن وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه ،
فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره مما لاتجوز
إثارته أمام هذه المحكمة ، مما يستوجب رفضه .
المحكمة ،
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير
التلخيص والمداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم
المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه وردت معلومات إلى مباحث العين تفيد عزم
الطاعن على القدوم بكمية من المخدرات إلى دولة الإمارات عبر منطقة دبا عمان ثم دبا
الفجيرة - متسللاً فاستصدرت إدارة شرطة العين إذناً من النيابة العامة بضبط المتهم
الطاعن وما عساه أن يكون بحوزته من المخدرات . وفى 25/4 / 96 أعد رجال مكافحة
المخدرات خطة لاستقبال الطاعن واستدراجه إلى العين وفعلاً تلقى رجال المكافحة
الطاعن وبرفقته بعض المتسللين الإيرانيين وبعد سماعه كلمة السر سار معهم وبحوزته
ما معه - حتى وصلوا إلى مشارف مدينة العين حيث أخروه رجال المباحث عن بقية رفقائه
ثم صحبوه مع أحد ضباط فرع المكافحة في سيارته وذلك بصفته تاجر المخدرات الذي
سيشتري ما بحوزة الطاعن منها - وعندما عرض ذلك الضابط مبلغ ثلاثين ألف درهم على
الطاعن مقابل ما بحوزته من المخدرات ، أجابه الطاعن بأنه لا يريد منه سوى مائة
درهم كأجرة التاكسى لأنه لم يخول من مرسلها أخذ الثمن إنما بعثها معه إلى الشخص
الذي سيعلن له كلمة السر وبدون أن يأخذ منه ثمناً ، وإنما ليسلمه إياها فقط ،
وعندئذ قام رجال المكافحة بتحريز المادة المضبوطة وهى عبارة عن لفافتين مغلقتين
يبلغ وزنهما كيلو جرام وثلاثة وعشرين جراماً .
ثم أرسلت المضبوطات للفحص المختبري ،
كما أخضع الطاعن للفحص وقد أكد الفحص أن المضبوطات من مخدر الحشيش ، أما الطاعن
فلم يظهر بعينة بوله ولا عينة دمه أي مواد مخدرة أو كحولية .
هذا وبالتحقيق مع الطاعن بواسطة الشرطة
والنيابة العامة أفاد بما مضمونه صحة واقعة ضبطه وضبط ما بحوزته وفق ما سلف ، لكنه
زعم أنه لم يكن على علم بأن المضبوطات مخدرات ، وقال إنه قبل سفره من إيران -
التقى مع رجل يدعى بهمان وأعرب له عن نيته في التوجه إلى دولة الإمارات بحثاً عن
العمل فرد عليه بهمان بأنه مستعد لمساعدته وذلك بإرساله عن طريق اللنش مع أفراد
آخرين ، وفي اليوم المعين للسفر اصطحبه إلى مكان وقوف اللنش بالساحل الإيراني ثم
سلمه لفافتين دون أن يخبره بما يحتويانه وطلب منه توصيل اللفافتين إلى رجل يدعى
علي سيكون فى انتظاره فى ميناء دبا التابع لسلطنة عمان ، على أن دليله في التعرف
على المرسل إليه هي كلمة سر ما إذا سمع بعد وصوله إلى دبا شخصاً ينادى بكلمة
" حسين "، وأنه سمع بعد وصوله للميناء المذكور شخصاً ينادي بالكلمة
ذاتها حيث اقترب منه محاولاً إعطاءه الكيس إلا أن الأخير واعده بأنه سيستلم منه
الكيس بعد مضى ساعتين . وبدلاً من أن يعود إليه بعد الساعتين لم يعد إليه إلا في
اليوم التالي حيث حضر إليه بسيارة بيك أب وركب معه هو وبقية الأشخاص المتسللين ،
وبعد قطع شوط من المسافة طلب منه الشخص المذكور النزول ليركب معه وآخر فى سيارة
أخرى حيث سأله أحدهما عن اللفافتين فأخبره بأنه وضعهما تحت مقعد سائق سيارة "
البيك أب " فقاما بإحضارهما من هذه السيارة - ثم سألاه عن محتويات اللفافتين
فرد عليهما بأنه لا يعرف ، ثم علم بعد ذلك بأن ما بهما هو مخدر الحشيش هذا وقد شهد
رجال الضبط أمام النيابة العامة بصحة ما أسفر عنه ضبط الطاعن .
اتهمت نيابة العين الكلية الطاعن عبد
الله محمد صالح على خولي لأنه في يـوم 20/4 / 96 بدائرة مدينة العين :
جلب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة
مادة ضارة بالعقل ( حشيش ) " القنب الهندي " وطلبت عقابه طبقاً للمواد
1/1 - 5 ، 6 ، 48 ، 60 ، 63 من القانون 14 لسنة 15 والجدول الأول الملحق به .
حكمت جنايات العين فى 22/1 / 99 بإدانة
الطاعن وسجنه خمسة عشر سنة وتغريمه مائة ألف درهم و إبعاده ومصادرة المضبوطات .
استأنف الطاعن وبجلسة 2/5 / 99 حكمت
محكمة الاستئناف برفض الإستئناف . فطعن عن طريق النقض بالرقم 111/21 وبجلسة
27/11/99 قضت المحكمة العليا برفض الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن
وبقبوله شكلاً وإعادته للمرافعة لتبدي النيابة العامة رأيها فأيدته بطلب نقض الحكم
. وبجلسة 19/5 / 2000 حكمت المحكمة العليا بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية
إلى محكمة الاستئناف لنظرها من جديد بهيئة مغايرة وبجلسة 17/7 / 2000 قضت محكمة
الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً ببراءة الطاعن مما أسند إليه فأصدر
صاحب السمو رئيس الدولة أمره بإعادة نظر القضية أمام محكمة الإستئناف بهيئة مغايرة
وبجلسة 7/1/2001 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بسجن الطاعن عشر سنوات
وتغريمه خمسين ألف درهم وتأييد الحكم فيما عدا ذلك .
فطعن الطاعن بالطعن الماثل وأودعت
النيابة العامة رأيها بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى
الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان المتعلق
بالنظام العام ذلك أنه صدر حكم نهائي بالبراءة من محكمة استئناف من نفس درجة
المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه حول الوقائع محل الاتهام وكان على النيابة العامة
أن تطعن فيه بالنقص في الأجل وهي لم تفعل حتى انقضى الأجل فصار الحكم الإستئنافي
الصادر بجلسة 17/7 / 2000 باتاً وعنواناً للحقيقة ورغم ذلك رأت النيابة العامة
إعادة نظر الاستئناف مرة أخرى وبررت ذلك بوجود أمر صادر من مكتب صاحب السمو رئيس
الدولة ( حفظه الله )، وحتى على فرض صدور ذلك الأمر فإن ذلك يعني الطعن بالنقض
أمام المحكمة العليا وليس بالإستئناف مرة أخرى مما يوجب الحكم المطعون فيه .
وحيث إن هذا النعي
غير سديد ، ذلك أنه وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفقرة الثامنة من
المادة الرابعة والخمسين من الدستور المؤقت لدولة الإمارات العربية المتحدة نصت
على أن لرئيس الإتحاد مباشرة الإشراف على تنفيذ القوانين والمراسيم والقرارات
الاتحادية
وأن قرارات المجلس
الأعلى للاتحاد رقم 2 لسنة 76 مادتها الأولى على أن يكون لرئيس الدولة حق الرقابة
عن طريق الأجهزة الاتحادية على كل ما يتعلق 1 ) بشئون الهجرة والإقامة 2 ) وحفظ
الأمن والنظام في جميع أنحاء الدولة بهدف كفالة الأمن للمواطنين وضمان الاستقرار
الداخلي ومواجهة أي أخطار تهدد المجتمع .
وأن صاحب السمو رئيس الدولة - حفظه
الله - قد مارس هذا الاختصاص في جميع مناحي الحياة المتصلة بحسن تطبيق القوانين
وتنفيذها على الوجه الصحيح وصولا لتحقيق العدالة التي تحقق أمن وسلامة المجتمع وقد
تلقت جميع السلطات الدستورية وأفراد المجتمع هذا الأمر بالقبول والتأييد فأصبح
عُرفاً دستورياً مستقراً ومعروفاً للكافة واجب الإحترام تلتزم به كل السلطات التي
أناط بها الدستور تنفيذ القوانين بما في ذلك القضاء الذي عليه إصدار أحكامه مبرأة
من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله ولرئيس الدولة أن يأمر النيابة
العامة بالطعن في الأحكام بالاستئناف أو النقض لتصحيح أو تصويب أي خطأ فيها وهو ما
يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء التي جعلت للإمام باعتباره ولياً للأمر سلطة
الإشراف على الشؤون العامة في الداخل والخارج بما يحقق مصلحتها في حدود ما أنزل
الله تعالى على رسوله ( وفى المقابل تلتزم الأمة بالسمع والطاعة وقد حدد صاحب
الأحكام السلطانية واجبات الإمام بأنها حفظ الدين وتوفير الأمن والنظام وإقامة
الحدود ولا يتم هذا الأمر إلا بالتزام أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وتوجيهات
صاحب السمو رئيس الدولة التي تهدف إلى تحقيق العدالة وبما يؤدى إلى كفالة الأمن
واستقرار المعاملات في إطار الثقة والأمانة .
وحيث إن صاحب السمو
رئيس الدولة - حفظه الله - أصدر أمره السامي للنيابة العامة بإعادة نظر القضية رقم
17/99 أمام محكمة الاستئناف بهيئة مغايرة استناداً إلى سلطته الدستورية وعليه لا
يسرى في شأن هذا الأمر السامي القيود الواردة في قانون الإجراءات الجزائية فيما
يتصل بطرق الطعن في الأحكام ذلك أن صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله في هذه
الحالة ليس طرفاً من أطراف الدعوى وإنما باعتباره ولياً للأمر يمارس سلطته
الدستورية المستمدة من الدستور والعرف الدستوري الذي أصبح معلوماً للكافة ، وأنه
استثناء من حكم المادة 268 من قانون الإجراءات الجزائية المتعلق بانقضاء الدعوى
الجزائية بصدور حكم بات فيها بالبراءة أو الإدانة فإنه يجوز لسمو رئيس الدولة أن
يصدر أمراً بإعادة النظر في الاستئناف عن حكم أول درجة وذلك لمواجهة الأخطار
الجسيمة التي تهدد المجتمع من جراء حيازة وإحراز المواد المخدرة بكافة صورها
وأشكالها وصولاً لتحقيق العدل وأمن وسلامة المجتمع من هذه الأحكام التي تهدده ما
دام أن الأمر في كل ذلك يعود مرجعه إلى القضاء ، بحيث لم يعد قائماً أمام المحكمة
العليا إلا الحكم الأخير المطعون فيه لتفصل فيه
ومن ثم يضحى النعي غير قائم على أساس
متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون
فيه بالسبب الثاني القصور والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن
الحكم أدانه رغم عدم توافر الأدلة ومخالفته القرائن الدالة على عدم قيام الركن
المعنوي للجريمة التى أدين بها . ومن ثم - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً - في
قضائه - بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي
أيضاً غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القصد الجنائي في جريمة
إحراز المخدر أو حيازته أو جلبه يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما
يحرزه أو يحوزه أو يجلبه من الجواهر المخدرة ولا حرج على القاضي فى استظهار هذا
العلم من كافة ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ولا يستأهل ذلك العلم رداً
خاصاً ما دام أنه قد ثبث من مدونات الحكم توافره فعلاً .
ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد تعرض لهذا الدفع وخلص إلى ثبوت علم الطاعن بماهية المواد المضبوطة في حيازته
وأورد في ذلك أن دعوى إرسال اللفافتين المضبوطتين مع الطاعن من شخص آخر دون أن
يعلم أن ما يحمله هو مادة المخدر تكذبها قرائن الأحوال إذ من المستبعد أن يرسل أي
شخص شيئاً غير محظور مع شخص يعلم أنه يريد الدخول إلى الدولة عن طريق التهريب
ويعرض ذلك الشيء إلى احتمالات الضياع لأن وصول من أرسلت معه البضاعة بهذه الكيفية
وبطريق غير مشروع غير مضمون الوصول ، في الوقت الذي يمكن فيه إرسال هذا الشيء مع
قادمين آخرين يحضرون للدولة بالطرق الشرعية وهم كثر مما يستبعد أن تكون هذه
الرسالة أمانة مرسلة مع المتهم ، وبالتالي يستبعد عدم علمه بمحتويات ما فيها لأن
إرسال الحرزين اللذين يحتويان على المخدر مع شخص يريد الدخول إلى الدولة عن طريق
التهريب يحمل ذلك الشخص على معرفة أن ما في الحرزين شيء محظور وصوله إلى داخل
الدولة مما يدفعه إلى معرفة محتويات ما أرسل معه .
كما يبين الحكم المطعون فيه أن الطاعن
كان يحمل معه كلمة سر يتم بموجبها تسليم الرسالة إلى شخص يدعى علي ولو كان الأمر
عادياً لأخبره من أرسل معه الحرز بتسليمه إلى الشخص المقصود بعد التأكد من هويته
إضافة إلى أن الطاعن كان متابعاً من قبل المصدر السري قبل وصوله إلى الدولة لعلم
المصدر السري أن الطاعن كان ينوي إدخال مخدرات إلى الدولة مما يجعل علم الطاعن
نفسه بذلك من باب أولى إذ كيف للمصدر أن يعلم بتلك ولا يعلم به الطاعن نفسه . كما
أن دعوى إرسال المخدر مع الطاعن بواسطة شخص آخر تحتاج منه إلى إثبات لأن الظاهر
يدل على أن من حاز شيئا هو الذي يملكه إلا إذا ثبت العكس ، ورتبت لمحكمة الموضوع
على كل ذلك إدانة الطاعن بما نسب إليه .
لما كان ذلك وكان ما
أورده الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بعلم الطاعن بكنه المواد المخدرة التي كان
يحملها على نحو ما سلف كافياً في الرد على دفاع الطاعن وسائغاً في الدلالة على
توافر ذلك العلم في حقه ، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من
سلطة تقديره مما لاتجوز إثارته أمام هذه المحكمة ، مما يستوجب رفضه .
ولما تقدم - يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق