الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 يناير 2023

الطعن 209 لسنة 18 ق جلسة 23/ 11 / 1950 مكتب فني 2 ج 1 ق 17 ص 88

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.
--------------

(17)
القضية رقم 209 سنة 18 القضائية

مرض الموت:

(أ) المرض الذي يطول أمده عن سنة. مناط اعتباره مرض موت. لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وهو لا يعتبر كذلك إلا في فترة الشدة الطارئة. ما يعتبر بهذا الوصف شدة. مسألة موضوعية.

(ب) الحكمة في تقرير الفقهاء قاعدة عدم اعتبار المرض الذي يطول أمده عن سنة مرض موت إلا إذا اشتد. مبناها. الحالة النفسية للمريض من رجاء ويأس. التحدي بحكمة مشروعية هذه القاعدة في كل حالة للقول بتوافرها أو انعدامها. غير سائغ.
)المادة 254 من القانون المدني - القديم - (.

----------------
1 - المرض الذي يطول أمده عن سنة لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وهو لا يعتبر كذلك إلا في فترة الشدة الطارئة، وحكمة ذلك أن في استطالة المرض على حالة ما يدفع عن المريض اليأس من الحياة ويلحق المرض بالمألوف من عاداته وأن فيما قد يصيبه من شدة ما يقطع عنه الرجاء ويشعره بدنو أجله، وما يعتبر بهذا الوصف شدة للمرض هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا سبيل للجدل فيه أمام محكمة النقض.
2 - الحالة النفسية للمريض من رجاء ويأس وإن كانت هي الحكمة التي من أجلها قرر الفقهاء قاعدة أن المرض لا يعتبر مرض الموت إذا طال أمده عن سنة إلا إذا اشتد، إلا أنه لا يسوغ التحدي بحكمة مشروعية هذه القاعدة في كل حالة للقول بتوافرها أو انعدامها.
وإذن فإذا كان الحكم إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بشأن بطلان عقد البيع الصادر إلى المطعون عليها من مورثهما وعدم نفاذ تصرفاته لصدروها منه في مرض موته قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أن المورث وإن كان قد أصيب بشلل نصفي في أكتوبر سنة 1942 إلا أن مرضه استطال حتى توفى في إبريل سنة 1944 بسبب انفجار فجائي في شريان بالمخ، وأن التصرفات المطعون فيها صدرت منه بعضها في يوليو وآخرها في نوفمبر سنة 1943 وأنه وإن كان قد أصيب بنوبة قبل الوفاة بمدة تقرب من ستة شهور إلا أن هذه النوبة - التي لم يحدد تاريخها بالدقة - كانت لاحقة للبيع وأنه بفرض التسليم بأنها سبقت سائر التصرفات المطعون عليها إلا أنها لم تغير من حال المريض إلا تغييراً طفيفاً لم يلبث أن زال وعاد المرض إلى ما كان عليه من استقرار - إذا كان الحكم قد أقام قضاءه على ذلك وكان ما أثبته عن اشتداد المرض واستطالته وأثره في حالة المريض مما يستقل بتقديره قاضي الموضوع - كان النعي عليه أنه أخطأ في تطبيق القانون بمقولة إنه لم يعتد بالعامل النفسي الذي يساور المريض إذ اعتبر أن الانتكاس لا يكون دليلاً على عدم استقرار المرض إلا إذا كان شديداً في حين أن المرض الذي ينتهي بالموت ويطول أمده عن سنة يعتبر مرض موت إذا اشتد والانتكاس مهما كان طفيفاً دليل على عدم استقرار المرض - كان النعي عليه بذلك لا يعدو أن يكون جدلاً فيما يستقل به قاضي الموضوع.


الوقائع

في يوم 15 من نوفمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 2 من نوفمبر سنة 1947 في الاستئناف رقم 223 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي.
وفي 16 منه أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي أول ديسمبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 14 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 12 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 9 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن سبب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن بشأن بطلان عقد البيع الصادر من مورث طرفي الخصومة (محمد توفيق عبد الله باشا) إلى زوجته المطعون عليها وعدم نفاذ تصرفاته لصدورها منه في مرض موته، تأسيساً على أن هذه التصرفات لا تعتبر صادرة في مرض الموت لأن مرض المورث استطال لأكثر من سنة وأن ما أصاب المورث من شدة أثناء ذلك لا يؤبه له إذ لم تلبث الشدة أن زالت، وبذلك عاد المرض مستقراً كما كان. أن الحكم إذ قضى بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون، لأن المرض الذي ينتهي بالموت ويطول أمده عن سنة يعتبر مرض موت إذا اشتد، والانتكاس مهما كان طفيفاً دليل على عدم استقرار المرض، كما أخطأ الحكم إذ اعتبر أن الانتكاس لا يكون دليلاً على عدم استقرار المرض إلا إذا كان شديداً مع أن المعيار يجب أن يكون نفسياً بحتاً، وآيته هو تأثر المريض بهذا الانتكاس وازدياد إحساسه بدنو أجله، ولما كانت التصرفات المطعون فيها لا سيما عقد البيع الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1943 معاصرة للنكسة كان لا مناص من الحكم بأن هذا التصرف وقع في فترة مرض الموت.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما أثبته الحكم المطعون فيه من أن المورث أصيب بشلل نصفي في أول أكتوبر سنة 1942 واستمر مرضه حتى توفى في 9 من إبريل سنة 1944 - أي بعد أكثر من سنة ونصف سنة - بسبب انفجار فجائي في شريان بالمخ وأنه وإن أصيب بنوبة قبل الوفاة بستة أشهر إلا أنها لم تغير من حال المريض إلا تغييراً طفيفاً لم يلبث أن زال وعاد المرض إلى ما كان عليه من استقرار "وأن التصرفات المطعون عليها صدرت من المورث في غضون سنة 1943 بعضها في 10 من يوليه وآخرها في نوفمبر سنة 1943 وللوقوف على حكم القانون فيها يجب الرجوع إلى تعريف مرض الموت وأحكامه. فهو المرض الذي يغلب فيه الهلاك عادة ويشعر المريض فيه بدنو أجله وينتهي بموته. والأمراض التي يخاف الموت منها إذا استطالت لأكثر من سنة تكون تصرفات المريض فيها صحيحة ولا تعد أمراض موت إلا في فترة تزايدها واشتدادها فإذا كانت قابلة للتحسن تارة والانتكاس أخرى فالعبرة بفترة المرض الأخيرة التي تعقبها الوفاة، وأن الواضح من أقوال الأطباء الذين كانوا أكثر من غيرهم تردداً على المريض ومداومة على علاجه أن النوبة الثانية حصلت قبل وفاته بنصف سنة تقريباً فهي لاحقة قطعاً على التصرفات الخاصة بالمنقولات إذا لم تكن لاحقة أيضاً على التصرف الخاص بالمنزل لأن أحداً لم يستطع تحديد تاريخ هذه النوبة بالدقة وإن كان حصول بيع المنزل في 10 نوفمبر سنة 1943 وانتقال البائع للمحكمة المختلطة يشعر بأن هذا التصرف يغلب أن يكون سابقاً على وقوعها، وأياً كان الأمر وسواء صدرت التصرفات قبل النوبة الثانية أو بعدها فإن شهادة الأطباء تدل على أنها لم تغير من حالة المريض إلا تغييراً طفيفاً وأنه عاد من بعدها إلى حالة الاستقرار التي كان قد انتهى إليها بعد النوبة الأولى. وقد حدث في 9 من إبريل سنة 1944 أن أصيب المريض بانفجار شريان بالمخ فلم يقو على احتمال الصدمة وكان فيها القضاء على حياته. وأنه تمشياً مع ما تقدم بيانه من أحكام مرض الموت وتطبيقاً لهذه الأحكام على واقعة الدعوى يبين أن الفترة التي قضاها المرحوم توفيق عبد الله باشا فيما بين مرضه بشلل نصفي في أول أكتوبر سنة 1942 إلى تاريخ وفاته في 9 إبريل سنة 1944 لا تعتبر قانوناً فترة مرض موت مهما يكن من خطورة مرضه واحتمال عدم برئه، ومن ثم فتصرفاته الحاصلة في هذه المدة تقع صحيحة." وهذا الذي ذكره الحكم لا مخالفة فيه للقانون، فالمرض الذي يطول أمده عن سنة لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته، ولا يعتبر كذلك إلا في فترة الشدة الطارئة، وحكمة ذلك أن في استطالة المرض على حالة ما يدفع عن المريض اليأس من الحياة، ويلحق المرض بالمألوف من عاداته، وأن فيما قد يصيبه من شدة ما يقطع عنه الرجاء ويشعره بدنو أجله، أما ما يعتبر بهذا الوصف شدة للمرض فهو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، فمتى أثبت الحكم كما هي الحال أن مرض البائع لم يشتد لأن النوبة التي انتابته "لم تغير من حالته إلا تغييراً طفيفاً وأنه عاد من بعدها إلى حالة الاستقرار التي كان عليها" - كان هذا منه تقديراً موضوعياً لا سبيل للجدل فيه أمام هذه المحكمة، ولا محل للنعي على الحكم بأنه أخطأ في تطبيق القانون لأنه لم يعتد بالعامل النفسي الذي يساور المريض، ذلك أن الحالة النفسية للمريض من رجاء ويأس وإن كانت هي الحكمة التي من أجلها قرر الفقهاء قاعدة أن المرض لا يعتبر مرض موت إذا طال أمده عن سنة إلا إذا اشتد، إلا أنه لا يسوغ التحدي بحكمة مشروعية هذه القاعدة في كل حالة للقول بتوافرها أو انعدامها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق