الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يناير 2023

الطعن رقم 61 لسنة 42 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 14 / 1 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من يناير سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 61 لسنة 42 قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة النقض (الدائرة المدنية والتجارية) بحكمها الصادر بجلسة 24/ 12/ 2019، ملف الطعن رقم 1458 لسنة 89 قضائية

المقام من
محمد عباس غازي عليوة النجار
ضد
1 - حاتم حسين محمد أحمد، بصفته رئيس مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي
2- رئيس مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية
3- المدير التنفيذي لنادي المنصورة الرياضـــي
4- وكيل وزارة الشباب والرياضة بالدقهليــة

-------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الثالث من نوفمبر سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 1458 لسنة 89 قضائية، بعد أن قضت محكمة النقض الدائرة المدنية والتجارية، بجلسة 24/ 12/ 2019، بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية المادتين (66 و69) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، فيما تضمنتاه من اختصاص مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية بإصدار لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، والمواد (2 و81 و92 مكررًا ب و92 مكررًا ج) من لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري الصادرة بقرار مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية رقم 88 لسنة 2017، المعدلة بالقرار رقم 2 لسنة 2018.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم، أولاً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بالنسبة للمواد المحالة من لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري الصادرة بالقرار رقم 88 لسنة 2017، وتعديلاته. ثانيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة. ثالثًا: برفضها.
وقدم المدعى عليه الثاني مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/ 11/ 2022، وفيها حضر الطاعن في الدعوى الموضوعية، وقرر بترك الخصومة في الدعوى الدستورية المعروضة، وقَبِل الترك الحاضران عن الدولة، واللجنة الأولمبية المصرية، وقدم الأخير مذكرة، طلب فيها الحكم؛ أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن على لائحة مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري. واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة. ومن باب الاحتياط الكلي: برفض الدعوى. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. وبتاريخي 29/ 12/ 2022، و3/ 1/ 2023، قدم المدعى عليه الثاني طلبين لفتح باب المرافعة في الدعوى، أرفق بهما حافظتي مستندات ومذكرة.

--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن الطاعن في الدعوى المحالة، سبق أن أقام ضد المدعى عليهم الدعوى التحكيمية رقم 56 لسنة 1 قضائية / 2017، أمام مركز التسوية والتحكيم الرياضي، طالبًا الحكم بإلغاء إعلان نتيجة انتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي، التي أُجريت بتاريخ 3/ 11/ 2017. حكمت الهيئة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اعتماد إعلان نتيجة انتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي للدورة 2017/ 2021، التي أُجريت في التاريخ السالف، دون إدراج اسم المحتكم ببطاقة التصويت ضمن أسماء المرشحين على مقعد الرئيس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: إعادة إجراء الانتخابات على مقعد الرئيس بين كافة المرشحين بمن فيهم المحتكم، بعد إدراج اسمه ببطاقة التصويت ضمن أسماء المرشحين على المقعد المذكور. لم يلق ذلك القضاء قبولاً لدى المطعون ضده الأول، فأقام الدعوى رقم 47 لسنة 135 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، طالبًا الحكم ببطلان حكم التحكيم السالف البيان، وبجلسة 25/ 11/ 2018، حكمت المحكمة ببطلان حكم التحكيم موضوع الدعوى. طعن المحكوم ضده، في دعوى البطلان، على ذلك الحكم أمام محكمة النقض بالطعن المقيد برقم 1458 لسنة 89 قضائية، طالبًا بصفة مستعجلة، وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بنقضه.
وإذ تراءى لمحكمة النقض عدم دستورية نصي المادتين (66 و 69) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، ذلك أن المادة (66) من ذلك القانون، قد ألحقت مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري باللجنة الأولمبية المصرية، على الرغم من وصف المركز بالمستقل، وأن التفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة (69) من القانون ذاته، خول مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية سلطة إصدار لائحة النظام الأساسي للمركز، واستنادًا لذلك، أصدر مجلس الإدارة تلك اللائحة بالقرار رقم 88 لسنة 2017 المعدل بالقرار رقم 2 لسنة 2018، والتي جاءت متضمنة روابط عديدة بين المركز واللجنة الأولمبية المصرية، فضلاً عن اختصاص مجلس الإدارة بتشكيل هيئات التحكيم واللجنة الاستشارية، وتنظيم عمل كل منها، وطريقة الاستعانة بالخبراء، وتمتعه بسلطات واسعة من شأنها إثارة الشكوك حول استقلالية المركز، لا سيما في الحالات التي تكون فيها اللجنة الأولمبية المصرية طرفًا في الدعاوى المعروضة على أي من هيئات التحكيم بالمركز، وهو ما يفقد مركز التحكيم المشار إليه ضمانتي الاستقلال والحيدة الواجب توافرهما في أي عمل قضائي. ومن ناحية أخرى، فإن نصوص المواد (2 و81 و92 مكررًا ب و92 مكررًا ج) من لائحة المركز المشار إليها، تضمنت خروجًا عن حدود التفويض التشريعي الوارد بالمادة (69) من قانون الرياضة الآنف ذكره، فضلاً عن عدم الالتزام بالمعايير الدولية في خصوص دعوى بطلان أحكام التحكيم، إذ نظمت تلك المواد دعوى بطلان أحكام هيئات التحكيم الرياضي على نحو يحصنها من رقابة القضاء، ومن ثم تكون النصوص المحالة قد جاءت مخالفة للمواد (53 و84 و97 و170) من الدستور. وعلى ضوء ما تقدم، قضت تلك المحكمة بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد المحالة.
وحيث إنه عن الطلبين المقدمين من المدعى عليه الثاني لفتح باب المرافعة في الدعوى المعروضة، وإذ قُدّم هذان الطلبان بعد حجز الدعوى للحكم دون تصريح بمذكرات، فإن المحكمة تلتفت عنهما.
وحيث إنه عما قرر به الطاعن في الدعوى المحالة أمام هذه المحكمة، من ترك الخصومة في الدعوى الدستورية المعروضة، وقبول الحاضرين عن هيئة قضايا الدولة واللجنة الأوليمبية المصرية لهذا الترك، فإنه وإن جاز في الدعوى الدستورية التي يقيمها أحد الخصوم إثر دفع بعدم الدستورية قدرت محكمة الموضوع جديته - وفقًا للبند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- أن يترك الخصومة فيها كليًّا أو في شق منها، فإن ذلك مما يمتنع في الدعوى الدستورية المحالة إلى هذه المحكمة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى، طبقًا للبند (أ) من المادة (29) من قانون هذه المحكمة المار ذكره، ما لم يتلازم ترك الدعويين الدستورية والموضوعية معًا، وفق الشروط المقررة للحكم بالترك فيهما، اعتبارًا بأن الحقوق المتصلة بالدعوى الدستورية المحالة لا ينبغي أن يكون مصيرها متروكًا لإرادة خصوم الدعوى الموضوعية، وإلا كان ذلك إجهاضًا للرقابة الدستورية في صورتها الأولى، وإلزامًا لمحاكم الموضوع بإعمال النصوص المحالة على الأنزعة المنظورة أمامها، والتي تراءى لها اعتوارها بمثالب دستورية، وبما يعوق المحكمة الدستورية العليا عن بسط رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، وفقًا للاختصاصات التي نيطت بها بموجب نص المادة (192) من الدستور.
متى كان ما تقدم، وكان التقرير بالترك قد انصب على الدعوى الدستورية وحدها، وخلت أوراق الدعوى المعروضة من قضاء لمحكمة النقض بإثبات ترك الخصومة أمامها، ومن ثم فلا أثر يترتب على طلب ترك الدعوى الدستورية المعروضة، مما لازمه أن تمضي هذه المحكمة في نظرها.
وحيث إن المادة (66) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، تنص على أنه ينشأ باللجنة الأولمبية المصرية مركز مستقل يسمى مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري تكون له الشخصية الاعتبارية، يتولى تسوية المنازعات الرياضية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون والتي يكون أحد أطرافها من الأشخاص أو الهيئات أو الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون، وذلك عن طريق الوساطة أو التوفيق أو التحكيم الرياضي.
وتنص المادة (69) من القانون ذاته على أن يُصدر مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية قرارًا بالنظام الأساسي للمركز ينظم قواعد وإجراءات الوساطة والتوفيق والتحكيم فيه وفقًا للمعايير الدولية بناءً على اقتراح مجلس إدارة المركز، ويصدر بالنظام والقواعد اللازمة للعمل في المركز قرار من اللجنة الأولمبية، ويُنشر هذا القرار في الوقائع المصرية على نفقة اللجنة.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها: أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تُنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية؛ فالأولى لا تُغني عن الثانية. فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص المحالة التي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ما تقدم، وكان نص المادة (66) من قانون الرياضة المار ذكره، قد منح مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، الشخصية الاعتبارية المستقلة، وحدد اختصاصاته بتسوية المنازعات الرياضية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الرياضة، التي يكون أحد أطرافها من الأشخاص أو الهيئات أو الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون، مبينًا طرق تلك التسوية من الوساطة أو التوفيق أو التحكيم الرياضي، فمن ثم لا يكون للفصل في دستورية النص المشار إليه أي انعكاس على الفصل في الاختصاص الولائى لمحاكم جهة القضاء العادي بنظر دعاوى بطلان الأحكام الصادرة من مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، ولزامه الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة في هذا الشق منها.
وحيث إن الدعوى الموضوعية المحالة، قد أُقيمت أمام محكمة النقض طعنًا على حكم محكمة استئناف القاهرة، ببطلان الحكم الصادر من مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري في الدعوى التحكيمية رقم 56 لسنة 1 قضائية/ 2017؛ بقالة عدم اختصاص تلك المحكمة بنظر دعوى البطلان، والتي يختص بالفصل فيها مركز التسوية والتحكيم الرياضي - دون غيره -، عملاً بنص المادة (92 مكررًا ج) من لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري الصادرة بقرار مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية رقم 88 لسنة 2017، المعدلة بالقرار رقم 2 لسنة 2018، وكانت هذه اللائحة قد صدرت بناءً على التفويض المنصوص عليه في المادة (69) من قانون الرياضة السالف البيان، فإن الفصل في دستورية هذه المادة يكون له أثر مباشر وانعكاس أكيد على الخصومة المرددة أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى الدستورية المعروضة تكون قائمة، ويتحدد نطاقها فيما ورد بصدر المادة (69) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017 من أن يُصدر مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية قرارًا بالنظام الأساسي للمركز ينظم قواعد وإجراءات الوساطة والتوفيق والتحكيم فيه. ولا ينال مما تقدم الدفع بعدم قبول الدعوى، لزوال مصلحة الطاعن في الدعوى الموضوعية بانتهاء الدورة الانتخابية عن المدة من سنة 2017 حتى 2021، إذ إن ذلك مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة في الدعاوى الدستورية قوامها أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة النقض يدور في شق منه حول اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الصادر من مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، وكان الاختصاص الولائى بنظر دعوى البطلان من النظام العام، فمن ثم يكون التصدي له سابقًا بالضرورة على البحث في الموضوع، ومن ثم يغدو الدفع بعدم قبول الدعوى المعروضة لزوال شرط المصلحة غير سديد، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إن المادة (84) من الدستور تنص على أن ممارسة الرياضة حق للجميع، وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيًّا ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة.
وينظم القانون شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقًا للمعايير الدولية، وكيفية الفصل في المنازعات الرياضية.
وحيث إن الأصل في التحكيم، على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أنه وسيلة فنية لها طبيعة قضائية، غايتها الفصل في نزاع محدد، مبناه علاقة محل اهتمام من طرفيها، وركيزته اتفاق بين متنازعين لعرض ما بينهما من خلافات على محكم من الأغيار، يُعيَّن باختيارهما، أو بتفويض منهما، أو على ضوء شروط يحددانها. ويستمد المحكم سلطته من هذا الاتفاق ليفصل في ذلك النزاع بقرار يكون نائيًا عن شبه الممالأة، مجردًا من التحامل، وقاطعًا لدابر الخصومة التي أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيلًا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية. وبذلك، فإن التحكيم عمل اختياري حر، وبإرادة أطرافه يعتبر نظامًا بديلًا عن القضاء، فلا يجتمعان؛ إذ إن مقتضاه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي انصب عليها، استثناء من أصل خضوعها لولايته، وإن كان ذلك ينبغي ألا ينال من الضمانات الأساسية في التقاضي.
متى كان ما تقدم، وكان الدستور في المادة ( 84 ) منه، قد ناط بالمشرع تنظيم شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقًا للمعايير الدولية، وعطف على هذا الحكم تخويل المشرع تنظيم كيفية الفصل في المنازعات الرياضية، وكانت المعايير الدولية في المجال الرياضي، تتخذ من التحكيم وسيلة لتسوية هذه المنازعات، فإن مؤدى ذلك أن اعتماد المشرع، في الباب السابع من قانون الرياضة المشار إليه، مبدأ التحكيم الرياضي - في ذاته - أداة لتسوية المنازعات الرياضية إنما يتماهى مع المعايير الدولية، على ألا يتمايز هذا التحكيم، من الناحيتين الإجرائية والموضوعية، عما عداه من أنواع التحكيم الأخرى.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية، فلا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها، وتحيل الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة وأسس رئيسية تلتزم بالعمل في إطارها، فإذا ما خرج المشرع على ذلك، وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم الحق من أساسه، كان متخليًا عن اختصاصه الأصيل المقرر بالمادة (101) من الدستور، ساقطًا - بالتالي - في حومة المخالفة الدستورية.
وحيث إن المادة (69) من قانون الرياضة السالف الذكر، فيما تضمنته من تفويض مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية في إصدار قرار بالنظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، ينظم قواعد وإجراءات الوساطة والتوفيق والتحكيم، إنما تتمحض عن تسلب المشرع من تنظيم كيفية الفصل في المنازعات الرياضية، التي عهد بها الدستور إليه، وخصه بها، فكان من المتعين على المشرع تنظيم ذلك الأمر، وإرساء قواعد الفصل في المنازعات الرياضية من الناحيتين الإجرائية والموضوعية، دون أن يفوض غيره في هذا التنظيم أو في جزءٍ منه، كون ذلك التنظيم ينطوي في شقيه الإجرائي والموضوعي على وسائل الترضية القضائية التي تتناسب مع هذا النوع من المنازعات، ويتصل اتصالًا وثيقًا بالحق في التقاضي، وهو من الحقوق التي يتعين دومًا أن يكون تنظيمها اختصاصًا حصريًّا للمشرع، دون غيره، فإن تسلب منه، بات تسلبه مخالفًا للمادتين (84 و101) من الدستور، مما يتعين معه والحال هذه، القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن عبارة بناءً على اقتراح مجلس إدارة المركز، الواردة بنص المادة (69) من قانون الرياضة المشار إليه، ترتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة بما قُضِيَ بعدم دستوريته من ذلك النص، ولا حكم لها بدونه، فإن القضاء بسقوطها يكون متعينًا، مع الإشارة إلى ذلك في الأسباب دون المنطوق.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن اختصاصها ينحسر عن الرقابة على دستورية القرارات واللوائح التي تصدر من الأشخاص الاعتبارية الخاصة؛ كونها لا تعد تشريعًا بالمعنى الموضوعي، بما يستنهض ولاية هذه المحكمة في مجال الرقابة الدستورية، ويكون الاختصاص بالفصل في صحة هذه القرارات أو إبطالها معقودًا لمحاكم جهة القضاء المختصة، ما دامت قد صدرت استنادًا إلى تشريع لم يقض بمخالفته للدستور. ولا كذلك الحال إذا كانت تلك القرارات واللوائح الخاصة أنبتتها نصوص تشريعية قُضي بعدم دستوريتها، ذلك أنه وإن ظلت الرقابة الدستورية ممتنعة في مواجهتها، إلا أن ارتباط تلك القرارات واللوائح الخاصة، بالتشريع المقضي بعدم دستوريته، ارتباطًا حتميًا، يجعلها تنزل منه منزلة الفرع من الأصل، ويكون اتصالها به اتصال قرار، بما يوسد لهذه المحكمة إزالتها، متى طرحت عليها، ولزامه أن تقضي المحكمة بسقوطها تبعًا لقضائها في الخصومة الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكانت لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري، المحال موادها أرقام (2 و81 و92 مكررًا ب و92 مكررًا ج) للفصل في دستوريتها، تعد مطروحة على هذه المحكمة، بطريق اللزوم، كمسألة فرعية، ترتبط ارتباطًا حتميًا مع قضائها بعدم دستورية نص المادة (69) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017 - في النطاق السالف تحديده -، ومن ثم فإن مؤدى القضاء بعدم دستورية هذا النص التشريعي: زوال السند القانوني لإصدار اللائحة المشار إليها، مما يستوجب القضاء بسقوطها بكامل أحكامها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم دستورية صدر المادة (69) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، فيما نصت عليه من أنه يُصدر مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية قرارًا بالنظام الأساسي للمركز ينظم قواعد وإجراءات الوساطة والتوفيق والتحكيم فيه.
ثانيًا: بسقوط لائحة النظام الأساسي لمركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري الصادرة بقرار مجلس إدارة اللجنة الأولمبية المصرية رقم 88 لسنة 2017، وتعديلاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق