الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 يناير 2023

الطعن 1415 لسنة 25 جلسة 15 /3 /1956 مكتب فني 7 ق 103 ص 346

جلسة 15 من مارس سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

---------------

(103)
القضية رقم 1415 سنة 25 القضائية

حصانة قضائية. قانون. معاهدات.

الحصانة القضائية المنصوص عليها في الاتفاق الخاص بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الصادر بالموافقة عليه القانون رقم 233 لسنة 1952. تمتع كافة الموظفين الذي يعملون في المنظمة بهذه الحصانة. عدم التفرقة بين الموظف المصري الجنسية والموظف التابع لجنسية أجنبية.

--------------
إن المادة الثامنة من القسم السابع عشر فقرة ب من الاتفاق الخاص بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الصادر بالموافقة عليه القانون رقم 233 لسنة 1952 تنص - من بين المزايا والحصانات التي يتمتع بها موظفو المنظمة - على "الحصانة القضائية" وجاء نصها عاماً لا يفرق بين الموظف المصري الجنسية والموظف التابع لجنسية أجنبية بل إنه ينتظم كافة الموظفين الذين يعملون في المنظمة المذكورة.


الوقائع

رفع الدكتور جورج كود جمبو بولو (الطاعن) هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة الأزبكية ضد البرت د. كرويز (المطعون ضده) اتهمه فيها بأنه أولاً: سبه علناً بألفاظ مخدشة للشرف والاعتبار موضحة بعريضة دعواه. وثانياً: قذف علناً في حقه كما هو وارد بالعريضة المذكورة. وطلب محاكمته بالمادتين 171 و306 من قانون العقوبات والحكم له قبله بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. وأمام المحكمة المذكورة دفع المتهم الدعوى بدفعين أولهما عدم ولاية القضاء المصري بنظرها لأنه موظف في هيئة التغذية والزراعة التابعة لهيئة الأمم المتحدة وأنه تبعاً لذلك متمتع بالحصانة القضائية من أي نوع كانت. وثانياً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن النيابة تخلت عنها بالجلسة، وبعد أن أنهت المحكمة سماع دفاع أطراف الخصومة في الدعوى قضت حضورياً في 27 من مارس سنة 1955 برفض دفعي المتهم وبتغريمه ألف قرش عن التهمة الأولى وبراءته من التهمة الثانية وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسين جنيهاً والمصروفات المدنية المناسبة وثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والنيابة ودفعا الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لما يتمتع به المتهم من حصانة قضائية. كما استأنف المدعي بالحقوق المدنية طالباً الحكم له بطلباته المبينة آنفاً. وقيدت الاستئنافات برقم 2070 سنة 1955 ومحكمة مصر الابتدائية نظرت الدعوى وقضت حضورياً أولاً: برفض الدفع بعدم ولاية المحاكم المصرية وولايتها واختصاص المحكمة وثانياً: بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الحصول على رفع الحصانة عن المتهم مع إلزام المدعي المدني بالمصروفات المدنية عن الدرجتين. وبتاريخ 23 من يونيه سنة 1955 طعن في الحكم الأخير بطريق النقض الأستاذ عدلي عبد الباقي المحامي... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، وشابه القصور والإخلال بحق الطاعن في الدفاع، أما عن الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، فإن الطاعن يقول إن الحكم خالف الفقرة أ من القسم 18 من الاتفاق المعقود بين الحكومة المصرية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة حين اعتبر المتهم (المطعون ضده) من كبار الموظفين، والواقع أنه موظف إداري يقوم في المنظمة بأعمال ثانوية، وهو لذلك لا حق له في التمتع بالحصانة القضائية، وهي تعادل حصانة البعثات السياسية، كما خالف الحكم نصوص المواد 17/ 2 و21/ 1 - 2 من الاتفاق المذكور، والمادة 23 من الاتفاقية الخاصة بمزايا وحصانات الوكالات المتخصصة لهيئة الأمم المتحدة، ذلك بأن المتهم مصري يحاكم عن جريمة وقعت في مصر، فلا حصانة له، وكذلك الأجنبي الذي يعمل داخل المنظمة، فإن حصانته تسقط بعوده إلى بلده، وتجب محاكمته هناك عن الجرائم التي ارتكبها في مصر، وهذه القواعد مقررة في اتفاقية الوكالات المتخصصة، وهي جزء مكمل لاتفاق الأغذية والزراعة بنص صريح في الاتفاق الأخير، هو نص الفقرة ب من القسم 23، ولا يصح أن يكون الموظف المصري يتمتع بحصانة أوسع من زميله الأجنبي، فيفلت من العقاب في ظل هذه الحصانة. هذا إلى أن قول الحكم بأن الحصانة لم ترفع فيه إهدار لسلطة المحكمة وتنازلها عن حقها للمنظمة، وهي ليست محكمة وليس لها ولاية القضاء، وما كان يجوز التمسك بهذه الحصانة في جريمة من جرائم القانون العام لأنها مقصورة على أعمال الوظيفة دون غيرها ومن ثم فإن الحصانة لا تمتد إلى جريمة القذف والسب التي نسبت للمتهم. أما عن الإخلال بحق الدفاع فيقول الطاعن إن المحكمة بناء على طلب الدفاع قصرت المرافعة على الدفع بعدم اختصاص القضاء المصري، وقررت المحكمة حجز القضية للحكم في الدفع لكنها حكمت بعدم قبول الدعوى، وبهذا فات الدفاع فرصة إبداء وجهة نظره في مدى صلة الفعل المنسوب للمتهم بأعمال الوظيفة وبيان هل تشمله الحصانة القضائية، وأما القصور في تسبيب الحكم المطعون فيه فواضح من أن المحكمة لم تبين في حكمها الأدلة التي استخلصت منها أن المتهم متمتع بالحصانة، وأدلة ثبوت الجريمة التي وقعت منه، ولم تعن بالرد على ما أبداه الدفاع عن الطاعن من أن طبيعة العمل الذي يقوم به المتهم تجعله بمنأى عن التمتع بالحصانة.
وحيث إن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اختصاص المحاكم المصرية بالنظر فيما يقع من موظفي منظمة الأغذية والزراعة، وعدم قبول الدعوى تأسيساً على الحصانة القضائية المفروضة لمصلحة هذه المنظمة، هو تطبيق صحيح القانون، ذلك بأن المادة الثامنة من القسم السابع عشر فقرة ب من الاتفاق الخاص بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الموقع في 17 من أغسطس سنة 1952 والصادر بالموافقة عليه القانون 233 لسنة 1952 تنص من بين المزايا والحصانات التي يتمتع بها موظفو المنظمة على "الحصانة القضائية" وجاء نصها عاماً لا يفرق بين الموظف المصري الجنسية والموظف التابع لجنسية أجنبية بل إنه ينتظم كافة الموظفين الذي يعملون في المنظمة المذكورة، وفوق ذلك فقد فسرت الفقرة ي من المادة الأولى من الاتفاق المقصود بعبارة "موظفي المنظمة بما يلي" يقصد بعبارة "موظفي المنظمة مكتب المنظمة وهيئته من جميع الرتب المعينين من قبل المدير العام أو نائبه والمدرجة أسماؤهم في قائمة ترفع إلى الحكومة" ومما يقطع في عموم نص المادة الثامنة المشار إليها وشموله كافة موظفي المنظمة مهما كانت جنسياتهم أن بعض الإعفاءات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاق قد منحت للموظفين المصريين خاصة، والبعض منها، لغيرهم من الموظفين، وهذا واضح من نصوص الفقرات د، و، ز من المادة الثامنة المذكورة، أما المزايا والحصانات الدبلوماسية فقد نص الاتفاق في القسم الثامن عشر على أنها تمنح علاوة على الإعفاءات والحصانات الأخرى التي بينها في القسم السابع عشر من الاتفاق وخص بها طائفة مخصوصة من موظفي المنظمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المتهم البير كرويتر هو رئيس الإدارة بالمنظمة، وأن ما وقع منه كان لمناسبة مطالبة إدارة المستشفى اليوناني لإدارة التغذية التابعة لهيئة الأمم المتحدة بالمصروفات وأتعاب الطبيب الذي كان يعالج المستر كريستا ساني راميا خبير الأرز التابع لإدارة المنظمة، مما مفاده أن الأقوال التي صدرت عن المتهم قد وقعت منه بسبب تأدية وظيفته، وفي أثناء قيامه بعمل من أعمالها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن منطق الحكم المطعون فيه يؤدي إلى أن الموظف المصري الذي يعمل بالمنظمة قد يفلت من العقاب عما يرتكبه من جرائم، في حين أن زميله يعاقب عند عوده إلى بلده، هذا القول من جانب الطاعن فيه انتقال نظر لأن الاتفاق لم يمنع اتخاذ الإجراءات ضد موظفي المنظمة منعاً باتاً، وإنما علق ذلك على رفع الحصانة عن الموظف، وجعل ذلك حقاً للمنظمة "في أية حالة ترى فيها أن الحصانة قد تعوق سير العدالة" كما هو منصوص صراحة في الفقرة ( أ ) من القسم الواحد والعشرين من الاتفاق، فما لم يتقدم صاحب الشأن لطلب رفع هذه الحصانة وعرض الأمر على المنظمة، فإنها تظل باقية على أصلها مانعة من اتخاذ أي إجراء قضائي من أي نوع على مقتضى ما نص عليه الاتفاق في مادته الثامنة.
وحيث إن نص المادة 19 من الاتفاقية الخاصة بمزايا حصانات الوكالات المتخصصة الصادر بتنفيذها المرسوم المؤرخ 18 من فبراير سنة 1952، قد ورد بصفة عامة مفادها تمتع موظفي الوكالات المتخصصة بالحصانة القضائية فيما يصدر عنهم من أقوال أو كتابات أو تصرفات، كما أن المادة 21 من هذه الاتفاقية تماثل في جملة ما قررته من إعفاءات دبلوماسية لبعض موظفي الوكالات ما نصت عليه الفقرة ( أ ) من القسم الثامن عشر من اتفاق الأغذية والزراعة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الجلسة الاستئنافية أن محامي الطاعن قد تناول في مرافعته ما ردده في طعنه من انقطاع الصلة بين ما وقع من المتهم وبين أعماله الرسمية، وقد رد الحكم المطعون فيه رداً سائغاً فند فيه هذا الدفاع أما ما يقوله الطاعن من أن الحكم مشوب بقصور التسبيب لأن المحكمة لم تورد ما يدل على أن المتهم متمتع بالحصانة، ولم تذكر أدلة الثبوت - هذا القول مردود بما أثبته الحكم من أن "الثابت من الأوراق ومن صحيفة الدعوى أن المتهم يعمل موظفاً بالمنظمة المنصوص عليها في الاتفاق ومتمتع بالحصانة الواردة فيها. وحيث إن الثابت أيضاً أن الجريمة المنسوب صدورها للمتهم إنما وقعت منه إن صحت بصفته الرسمية..." أما ما يأخذه الطاعن بشأن عدم ذكر الحكم المطعون فيه أدلة الثبوت عن الجريمة التي نسبت للمتهم، فلا محل له ما دامت المحكمة قد انتهت في قضائها إلى الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق