الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 مارس 2022

الطعن 17430 لسنة 89 ق جلسة 9 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 65 ص 499

جلسة 9 من يونيو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، د. محمد رجاء "نواب رئيس المحكمة"، ومحمد علي سلامة.

--------------

(65)

الطعن 17430 لسنة 89 ق

(1 ، 2) نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
(1) المصلحة في الطعن. مناطها. ألا يكون منطوق الحكم أو أسبابه المرتبطة بالمنطوق محققة لمقصود الطاعن ومتسقة مع المركز القانوني الذي يدعيه.
(2) جريان منطوق الحكم المطعون فيه في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها. مؤداه. توافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم.
(3 - 7) التزام "تجديد الالتزام".
(3) تجديد الالتزام بتغيير موضوعه م 352/ 1 مدني. ماهيته.
(4) كتابة سند بدين موجود من قبل أو تغيير الالتزام الذي لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته. لا يستفاد منه تجديد الالتزام.
(5) التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين أو إضافة أجل إلى الالتزام. لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام. الأصل. قيام التجديد عند قيام الدليل على العكس. مثال. كما في حالة التصالح مع المفلس.
(6) استخلاص تجديد الالتزام. أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع. شرطه.
(7) اتفاق الشركة الطاعنة على جدولة ديونها للشركة المطعون ضدها مع استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي على أن يكون المبلغ الذي تم تحديده من قبل المحكمة هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة. مؤداه. عدم اعتباره تجديدا للالتزام الأصلي. عله ذلك. بقاء مصدر الالتزام الأصلي وخلو الاتفاق بين الطاعنة والمطعون ضدها على التجديد. اعتبار الحكم المطعون فيه ذلك الاتفاق تجديدا للدين مرتبا على ذلك رفض الدعوى. مخالفة وخطأ.
(8 ، 9) محاكم اقتصادية "تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية".
(8) القضاء بنقض الحكم في الطعون الاقتصادية. مؤداه. وجوب التصدي للموضوع. م12 فقرة أخيرة ق120 لسنة 2008. نطاق تصدي محكمة النقض مقيد بألا يضار الطاعن بطعنه. نقض الحكم نقضا كليا. نطاقه.
(9) خلو الأوراق من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها. مؤداه.

---------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ولئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساسا للطعن بالنقض متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها فلا يقبل الطعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن. وجوب أن يكون الحكم محققا لمقصود الطاعن ومتمشيا مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء ولبه ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق.

2 - إذ كان منطوق الحكم المطعون فيه ولئن جرى في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة حين قضى برفض دعوى الشركة المطعون ضدها قبلها، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها حين انتهى إلى انقضاء عقد التوريد كمصدر للدين، وحل محله الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 الذي يثبت مديونيتها بمبلغ 28.477.327 جنيه، وهو ما من شأنه أن يتوافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم، ويكون الطعن فيه جائزا، فيضحى الدفع على غير أساس.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن تجديد الالتزام وفقا للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته.

5 - التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين– كما في حالة التصالح مع المفلس– أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين، أو إضافة أجل إلى الالتزام، لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام، وكان الأصل ألا يكون هناك تجديد حتى يقوم الدليل على العكس.

6 - لئن كان تفسير الاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد استندت في قضائها إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.

7 - إذ كان الثابت من الاتفاق المؤرخ 14 أغسطس 2018 أنه قد ورد به أن الشركة الطاعنة مدينة للشركة المطعون ضدها، وأن الطاعنة تقدمت بطلب للمطعون ضدها لجدولة الدين، وتم إبرام ذلك الاتفاق بناء على موافقة الشركة المطعون ضدها على قبول التسوية محل ذلك الاتفاق، كما تم الاتفاق على استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي ويكون المبلغ الذي يتم تحديده من قبل المحكمة فيها هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة على الطاعنة لصالح المطعون ضدها، مع استمرار التزام الطاعنة بسداد أقساط الجدولة محل ذلك الاتفاق حتى صدور حكم نهائي في الدعوى الراهنة، وهو ما لا يعتبر تجديدا للالتزام الأصلي بتغيير مصدره- سببه- إذ بقى مصدر الالتزام الأصلي هو ذاته مصدر الالتزام بموجب الاتفاق سالف الإشارة إليه، وقد خلا ذلك الاتفاق من النص صراحة على التجديد ولم تنبئ عنه الظروف بوضوح، ومن ثم فلا يترتب عليه تغيير مصدر الدين ومن ثم تجديده، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر ذلك الاتفاق تجديدا للدين بتغيير مصدره انقضى به الدين الأصلي– عمليات التوريد– وحل الدين الثابت بذلك الاتفاق محله، مرتبا على ذلك القضاء برفض الدعوى لانقضاء سبب الدعوى الذي استند إليه المدعي- عمليات التوريد- فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

8 - لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية توجب على محكمة النقض، استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أن تحكم في موضوع الدعوى إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه ولو كان الطعن لأول مرة، فتقوم هذه المحكمة عندئذ بالتصدي لموضوع الدعوى، شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع، إلا أن هذا التصدي ليس طليقا من كل قيد، فلا يجوز لها أن تسوء مركز الطاعن بالطعن الذي قام برفعه ولو كان ما تقضي به المحكمة متعلقا بالنظام العام، بأن تقضي عليه بأكثر مما قضى به عليه الحكم المنقوض، حيث لا يسوغ أن يضار الطاعن بطعنه، إذ إن نقض الحكم السابق نقضا كليا إنما يكون فيما قضى به على الطاعن لا ما قضى به لمصلحته فيزول الحكم وتزول جميع آثاره ويعود الخصوم إلى مراكزهم القانونية السابقة على صدور الحكم المنقوض وتلغى جميع الأعمال والأحكام اللاحقة عليه متى كان أساسا لها فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه؛ لأن المساس بما ينفعه ضار له ولا يضار الطاعن بطعنه.

9 - إذ كانت الأوراق قد خلت من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها فإن هذه المحكمة لا تملك في هذه الحالة، تقيدا منها بقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، إلا أن تعدل الحكم لصالح رافعة الطعن أو تقف عند حد القضاء- رغم ثبوت مديونيتها- برفض دعوى المطعون ضدها بالحالة التي هي عليها أمام هذه المحكمة– التي تصدت للموضوع بعد نقض الحكم لمصلحة الطاعنة مقيدة بقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه- دون أن تتعدى ذلك إلى بحث مقدار تلك المديونية أو إلزام الطاعنة بها حتى لا تخل بذلك القيد، ودون اعتبار القضاء برفض دعوى المطعون ضدها بحالتها على ما سلف من أسباب- وفي خصوصية هذه الدعوى- حائزا للحجية في مسألة وجود المديونية ومقدارها أو مانعا من نظرها لذات العلة، إذ للخصوم أن يكتفوا إذا شاءوا بحكم محكمة النقض أو أن يعاودوا طرح النزاع على القضاء من جديد.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع– على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ..... لسنة 2017 تجاري شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم– وفق طلباتها الختامية– بإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 29369305.46 جنيه حتى 1/ 6/ 2018 بخلاف ما يستجد من فوائد حتى تمام السداد، وقالت بيانا لذلك إنه تم الاتفاق على أن تشتري منها الطاعنة كميات من السكر وفقا للأسعار وطريقة السداد المتفق عليها، واستلمت الطاعنة الكميات المتفق عليها وسددت جزء من ثمنها وتخلف عن ذلك مديونية لصالح المطعون ضدها، وبتاريخ 26/ 5/ 2015 تقدمت الطاعنة بطلب جدولة المديونية وافقت عليه المطعون ضدها، فسددت الطاعنة جزء من المتفق عليه بطلب الجدولة، وأصبحت المديونية المتبقية على الطاعنة المبلغ المطالب به دون سداد فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره أقامت الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم بندب خبير وإجراء المحاسبة، وبتاريخ 16/ 2/ 2019 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظرها وإحالتها بحالتها إلى الدائرة الاستئنافية المختصة بمحكمة القاهرة الاقتصادية فأعيد قيدها لديها برقم ..... لسنة 11ق استئناف القاهرة الاقتصادية وبتاريخ 25/ 6/ 2019 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الدفع المبدي من النيابة العامة بعدم جواز الطعن لانتفاء المصلحة في الطعن غير سديد، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أنه ولئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساسا للطعن بالنقض متى كان الطاعن لا يحقق أي نفع من ورائها فلا يقبل الطعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التي لم تصادف هوى في نفسه، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن. وجوب أن يكون الحكم محققا لمقصود الطاعن ومتمشيا مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه سواء وردت هذه القيود في منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هي جوهر القضاء ولبه ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق. لما كان ذلك، وكان منطوق الحكم المطعون فيه ولئن جرى في ظاهره لصالح الشركة الطاعنة حين قضى برفض دعوى الشركة المطعون ضدها قبلها، إلا أنه في أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر بها حين انتهى إلى انقضاء عقد التوريد كمصدر للدين، وحل محله الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 الذي يثبت مديونيتها بمبلغ 28.477.327 جنيه، وهو ما من شأنه أنه يتوافر لها المصلحة في الطعن على ذلك الحكم، ويكون الطعن فيه جائزا، فيضحى الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالأوجه من الثاني حتى الخامس من السبب الأول وبالسبب الثالث، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه كيف العقد المؤرخ 14/ 8/ 2018 على أنه اتفاق تسوية حل محل العقود السابقة وأن نية عاقديه اتجهت إلى انقضاء عقد التوريد وحسم الخصومة واستبدال التزام جديد مصدره ذلك العقد بالالتزام الأصلي ومصدره عقد التوريد، وأنه يعد بمثابة تجديد للالتزام، على الرغم من أن كلا منهما لم يتمسك بتجديد الدين، ولم يتفقا صراحة في العقد المشار إليه على تجديد الالتزام، ولم تتجه إرادتهما إلى حلوله محل العلاقة الأصلية، وأن اتفاقهما بالبند الرابع من ذلك العقد على أن المديونية سيتم تحديدها وفقا لما سينتهي إليه الحكم في الدعوى الماثلة من شأنه أن تنفيذ ذلك العقد يكون معلقا على شرط واقف غير محقق الوقوع هو صدور حكم في الدعوى الراهنة، وأن إقرارها بذلك العقد والمتضمن قبولها سداد المديونية المترصدة في ذمته والناشئة عن عقد التوريد وموافقة الطاعنة على ذلك لا يعتبر تجديدا للالتزام المتولد عن عقد التوريد وإنما اعترافا وإقرارا بهذا الالتزام، وأن تجديد الالتزام لا يستفاد من سند بدين موجود قبل ذلك، ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء وكيفيته، وأن كلمات (مدينة، جدولة، تسوية) الواردة بالاتفاق يظهر منها الاحتفاظ بسبب الدين الأصلي، كما أن الصلح لا يعد تجديدا للالتزام، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقا لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره. كما أن تجديد الالتزام وفقا للمادة 354 من القانون المدني لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو كيفيته. كما أن التعديل الذي يقتصر على المساس بمقدار الدين– كما في حالة التصالح مع المفلس– أو المساس بالطريقة التي يتم بها الوفاء بالدين، أو إضافة أجل إلى الالتزام، لا يعد تغييرا للمحل من شأنه تجديد الالتزام، وكان الأصل ألا يكون هناك تجديد حتى يقوم الدليل على العكس، وأنه ولئن كان تفسير الاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد استندت في قضائها إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاتفاق المؤرخ 14/ 8/ 2018 أنه قد ورد به أن الشركة الطاعنة مدينة للشركة المطعون ضدها، وأن الطاعنة تقدمت بطلب للمطعون ضدها لجدولة الدين، وتم إبرام ذلك الاتفاق بناء على موافقة الشركة المطعون ضدها على قبول التسوية محل ذلك الاتفاق، كما تم الاتفاق على استمرار الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حتى صدور حكم نهائي ويكون المبلغ الذي يتم تحديده من قبل المحكمة فيها هو المعول عليه من حيث المديونية المستحقة على الطاعنة لصالح المطعون ضدها، مع استمرار التزام الطاعنة بسداد أقساط الجدولة محل ذلك الاتفاق حتى صدور حكم نهائي في الدعوى الراهنة، وهو ما لا يعتبر تجديدا للالتزام الأصلي بتغيير مصدره- سببه- إذ بقى مصدر الالتزام الأصلي هو ذاته مصدر الالتزام بموجب الاتفاق سالف الإشارة إليه، وقد خلا ذلك الاتفاق من النص صراحة على التجديد ولم تنبئ عنه الظروف بوضوح، ومن ثم فلا يترتب عليه تغيير مصدر الدين ومن ثم تجديده، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر ذلك الاتفاق تجديدا للدين بتغيير مصدره انقضى به الدين الأصلي– عمليات التوريد– وحل الدين الثابت بذلك الاتفاق محله، مرتبا على ذلك القضاء برفض الدعوى لانقضاء سبب الدعوى الذي استند إليه المدعي- عمليات التوريد- فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية توجب على محكمة النقض، استثناء من حكم الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أن تحكم في موضوع الدعوى إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه ولو كان الطعن لأول مرة، فتقوم هذه المحكمة عندئذ بالتصدي لموضوع الدعوى، شأنها في ذلك شأن محكمة الموضوع، إلا أن هذا التصدي ليس طليقا من كل قيد، فلا يجوز لها أن تسوء مركز الطاعن بالطعن الذي قام برفعه ولو كان ما تقضي به المحكمة متعلقا بالنظام العام، بأن تقضي عليه بأكثر مما قضى به عليه الحكم المنقوض، حيث لا يسوغ أن يضار الطاعن بطعنه، إذ إن نقض الحكم السابق نقضا كليا إنما يكون فيما قضى به على الطاعن لا ما قضى به لمصلحته فيزول الحكم وتزول جميع آثاره ويعود الخصوم إلى مراكزهم القانونية السابقة على صدور الحكم المنقوض وتلغى جميع الأعمال والأحكام اللاحقة عليه متى كان أساسا لها فيما يضر الطاعن لا فيما ينفعه؛ لأن المساس بما ينفعه ضار له ولا يضار الطاعن بطعنه. ولما كانت الأوراق قد خلت من أن المطعون ضدها قد طعنت بطريق النقض على الحكم المطعون فيه وإنما طعنت عليه الطاعنة بمفردها فإن هذه المحكمة لا تملك في هذه الحالة، تقيدا منها بقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه، إلا أن تعدل الحكم لصالح رافعة الطعن أو تقف عند حد القضاء- رغم ثبوت مديونيتها- برفض دعوى المطعون ضدها بالحالة التي هي عليها أمام هذه المحكمة– التي تصدت للموضوع بعد نقض الحكم لمصلحة الطاعنة مقيدة بقاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه- دون أن تتعدى ذلك إلى بحث مقدار تلك المديونية أو إلزام الطاعنة بها حتى لا تخل بذلك القيد، ودون اعتبار القضاء برفض دعوى المطعون ضدها بحالتها على ما سلف من أسباب- وفي خصوصية هذه الدعوى- حائزا للحجية في مسألة وجود المديونية ومقدارها أو مانعا من نظرها لذات العلة، إذ للخصوم أن يكتفوا إذا شاءوا بحكم محكمة النقض أو أن يعاودوا طرح النزاع على القضاء من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق