الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 24 مارس 2022

الطعن 105 لسنة 2019 ق محكمة تمييز الكويت الجزائية جلسة 22 / 4 / 2019

باسم صاحب السمو أمير دولة الكويت

الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح

محكمة التمييز

الدائرة الجزائية الثانية

بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 17 من شعبان 1440 هـ الموافق 22/ 4/ 2019 م

برئاسة السيد المستشار/ عبد الله جاسم العبد الله "وكيل المحكمة"

وعضوية السادة المستشارين/ منصور أحمد القاضي، عطية أحمد عطية

هاني محمد صبحي ، خالد محمد القضابي

وحضور الأستاذ/ محمد سلامة علي رئيس النيابة

وحضور السيد/ جراح طالب العنزي أمين سر الجلسة

"صدر الحكم الآتي"

والمقيد بالجدول برقم 105 لسنة 2019 جزائي/ 2.

----------------

وحيث إن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان حكمها قاصرا، فيجب على الحكم ألا يجهل بأدلة الثبوت التي يقيم عليها قضاءه بالإدانة، وألا يكتفي بمجرد الإشارة إلى الدليل بل عليه أن يبينه في وضوح وأن يسرد مؤداه في بيان مفصل يكشف عن مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أخذت بها وذلك حتى يتحقق ما يتغياه المشرع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة التمييز من بسط رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جريمة الإقراض بربا فاحش كما هي معرفة به في المادة 230 من قانون الجزاء والتي تنص على أن: (كل من استغل حاجة شخص أو طيشه أو هواه وأقرضه مالا بربا فاحش يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تجاوز 75 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين)، ومفاد ذلك أن جريمة الإقراض بربا فاحش لا تتحقق إلا بتحقق عدة شروط فهي تتطلب لتحقق أركانها أن يستغل الجاني حاجة شخص آخر للاقتراض وأن تكون هذه الحاجة ماسة لدفع خطر يتهدد الشخص أو غيره ممن هو تحت مسؤوليته في ماله أو نفسه ولا يستطيع دفع هذا الخطر عن نفسه أو من هو مسؤول عنه إلا بالاقتراض فيقوم الجاني باستغلال هذه الحاجة ويقرضه مبلغا من المال وهو عالم بحاجته الملحة لهذا القرض قاصدا من ذلك استغلال حاجته تلك ويفرض عليه مقابل ذلك أن يؤدي إليه فائدة ربوية بربا فاحش بما قد تصل إلى ثلث مبلغ الدين، أو أن يستغل الجاني المقرض طيش المجني عليه أو هواه متى كان هذا الشخص ممن لا يدرك عواقب الأمور، فهذه الجريمة وفقا لنص القانون لا تتحقق إلا بتحقق عدة شروط وهي أن يكون هناك شخص محتاج إلى المال لدفع خطر يتهدده سواه في ماله أو في نفسه، أو فيه طيش وقلة وعي وإدراك منساق لهواه، وأن يكون الجاني على علم بذلك وأن تتجه نيته إلى استغلال حاجته تلك أو طيشه أو هواه، وأن يعمد إلى إقراضه مالا، وأن يكون هذا الإقراض بربا، فارضا عليه ربا فاحشا مستغلا عمدا حاجته إلى الاقتراض أو لطيشه وهواه, فيقع المجني عليه ضحية للجاني نتيجة حاجته الماسية للاقتراض والذي لم يكن أمامه سبيل سوى الرضوخ أمام تلك الحاجة بقبول القرض بربا فاحش، أو نتيجة لقلة وعيه وإدراكه لعواقب الأمور، وإذ كانت الوقائع التي أوردها الحكم والأدلة التي استند إليها قد خلت مما يسوغ ارتكاب الطاعن لجريمة الإقراض بربا فاحش وتوافر أركانها في حقه، فقد خلت مدونات الحكم تماما من بيان أركان تلك الجريمة والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن، فلم يستظهر الحكم أركان تلك الجريمة سواء المادية أو المعنوية أو القانونية، ولم يدلل على ثبوتها، فقد اكتفى الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن بجريمة الربا الفاحش إلى قوله: ((وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل حسبما بان من مطالعة الأوراق وما أسفر في يقين هذه المحكمة إلى قيام المتهم باستغلال حاجة المجني عليهم/ ......., ........، ......., ........, وآخرين فأقرضهم مبالغ نقدية نظير حصوله منهم على فائدة نقدية فاحشة بمبلغ إجمالي 9500 د. ك، ثم تخضع تلك النقود في عمليات تحويل وإيداع مصرفية بغرض إخفاء المصدر غير المشروع الناتجة عنه تلك الأموال وهي الربا الفاحش))، وإذ كانت الوقائع التي أوردها الحكم والأدلة التي استند إليها قد خلت مما يسوغ ارتكاب الطاعن لجريمة الإقراض بربا فاحش وتوافر أركانها في حقه، إذ خلا الحكم تماما من بيان أركان تلك الجريمة والدليل على توافر كل ركن منها، فإن الحكم يكون مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال بما يبطله ويوجب تمييزه في خصوص التهمتين المسندتين إلى الطاعن ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
---------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: -
لأنه في غضون الفترة من 19/ 12/ 2013 حتى 20/ 12/ 2014 بدائرة المباحث الجنائية بمحافظة العاصمة:
1- ارتكب جريمة غسل أموال البالغ مقدارها (9500 د. ك) تسعة آلاف وخمسمائة دينار كويتي، بأن تعمد حيازته تلك الأموال واكتسابها بأن أقرض المجني عليهم/ ........... مبلغ (56200 د. ك) ستة وخمسين ألف ومائتي دينار كويتي نظير فائدة ربوية بمبلغ (4500 د. ك) أربعة آلاف وخمسمائة دينار كويتي، و.......... مبلغ (36000 د. ك) ستة وثلاثين ألف دينار كويتي نظير فائدة ربوية بمبلغ (3000 د. ك) ثلاثة آلاف دينار كويتي، .......... مبلغ (40000 د. ك) أربعين ألف دينار كويتي نظير فائدة ربوية بمبلغ (2000 د. ك) ألفي دينار كويتي وقام المجني عليهم بسداد المبالغ المذكورة للمتهم بإيداعها بحسابه لدى البنك ........ الكويتي وبنك ........ وكان ذلك بغرض تمويه وإخفاء المصدر غير المشروع لتلك الأموال وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
2- استغل حاجة المجني عليهم/ ........، و........، و........، وأقرضهم المبالغ المبينة بالتحقيقات بربا فاحش بأن دفعها وحولها من حسابه لحساباتهم بالبنك المذكور بسداد قرض مستحق عليهم بزيادة ربوية مقدارها (9500 د. ك) تسعة آلاف وخمسمائة دينار كويتي، على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1 – 2 – 3, 12, 17, 20, 2/ 1 بندي أ - ج، 3، 27، 28/ 1، 38، 40/ 1 - 2 من القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمادة 230 من قانون الجزاء.

ومحكمة الجنايات قضت بتاريخ 26/ 6/ 2018 حضوريا:

ببراءة المتهم مما أسند إليه.

استأنفت النيابة العامة هذا الحكم للثبوت.

ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 21/ 12/ 2018:

بقبول استئناف النيابة العامة شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة المتهم بالحبس مدة أربع سنوات مع الشغل، وتغريمه 4750 د. ك (أربعة آلاف وسبعمائة وخمسين دينارا) وذلك عما أسند إليه.

فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة:

ومن حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمتي غسل الأموال والإقراض بربا فاحش قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن أركان الجريمتين المار بيانهما غير متوافرة في حقه، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان حكمها قاصرا، فيجب على الحكم ألا يجهل بأدلة الثبوت التي يقيم عليها قضاءه بالإدانة، وألا يكتفي بمجرد الإشارة إلى الدليل بل عليه أن يبينه في وضوح وأن يسرد مؤداه في بيان مفصل يكشف عن مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أخذت بها وذلك حتى يتحقق ما يتغياه المشرع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة التمييز من بسط رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جريمة الإقراض بربا فاحش كما هي معرفة به في المادة 230 من قانون الجزاء والتي تنص على أن: (كل من استغل حاجة شخص أو طيشه أو هواه وأقرضه مالا بربا فاحش يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تجاوز 75 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين)، ومفاد ذلك أن جريمة الإقراض بربا فاحش لا تتحقق إلا بتحقق عدة شروط فهي تتطلب لتحقق أركانها أن يستغل الجاني حاجة شخص آخر للاقتراض وأن تكون هذه الحاجة ماسة لدفع خطر يتهدد الشخص أو غيره ممن هو تحت مسؤوليته في ماله أو نفسه ولا يستطيع دفع هذا الخطر عن نفسه أو من هو مسؤول عنه إلا بالاقتراض فيقوم الجاني باستغلال هذه الحاجة ويقرضه مبلغا من المال وهو عالم بحاجته الملحة لهذا القرض قاصدا من ذلك استغلال حاجته تلك ويفرض عليه مقابل ذلك أن يؤدي إليه فائدة ربوية بربا فاحش بما قد تصل إلى ثلث مبلغ الدين، أو أن يستغل الجاني المقرض طيش المجني عليه أو هواه متى كان هذا الشخص ممن لا يدرك عواقب الأمور، فهذه الجريمة وفقا لنص القانون لا تتحقق إلا بتحقق عدة شروط وهي أن يكون هناك شخص محتاج إلى المال لدفع خطر يتهدده سواه في ماله أو في نفسه، أو فيه طيش وقلة وعي وإدراك منساق لهواه، وأن يكون الجاني على علم بذلك وأن تتجه نيته إلى استغلال حاجته تلك أو طيشه أو هواه، وأن يعمد إلى إقراضه مالا، وأن يكون هذا الإقراض بربا، فارضا عليه ربا فاحشا مستغلا عمدا حاجته إلى الاقتراض أو لطيشه وهواه, فيقع المجني عليه ضحية للجاني نتيجة حاجته الماسية للاقتراض والذي لم يكن أمامه سبيل سوى الرضوخ أمام تلك الحاجة بقبول القرض بربا فاحش، أو نتيجة لقلة وعيه وإدراكه لعواقب الأمور، وإذ كانت الوقائع التي أوردها الحكم والأدلة التي استند إليها قد خلت مما يسوغ ارتكاب الطاعن لجريمة الإقراض بربا فاحش وتوافر أركانها في حقه، فقد خلت مدونات الحكم تماما من بيان أركان تلك الجريمة والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن، فلم يستظهر الحكم أركان تلك الجريمة سواء المادية أو المعنوية أو القانونية، ولم يدلل على ثبوتها، فقد اكتفى الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن بجريمة الربا الفاحش إلى قوله: ((وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل حسبما بان من مطالعة الأوراق وما أسفر في يقين هذه المحكمة إلى قيام المتهم باستغلال حاجة المجني عليهم/ ......., ........، ......., ........, وآخرين فأقرضهم مبالغ نقدية نظير حصوله منهم على فائدة نقدية فاحشة بمبلغ إجمالي 9500 د. ك، ثم تخضع تلك النقود في عمليات تحويل وإيداع مصرفية بغرض إخفاء المصدر غير المشروع الناتجة عنه تلك الأموال وهي الربا الفاحش))، وإذ كانت الوقائع التي أوردها الحكم والأدلة التي استند إليها قد خلت مما يسوغ ارتكاب الطاعن لجريمة الإقراض بربا فاحش وتوافر أركانها في حقه، إذ خلا الحكم تماما من بيان أركان تلك الجريمة والدليل على توافر كل ركن منها، فإن الحكم يكون مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال بما يبطله ويوجب تمييزه في خصوص التهمتين المسندتين إلى الطاعن ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

وحيث إن استئناف النيابة العامة صالح للفصل فيه.

ومن حيث إن واقعة الدعوى سبق أن بينها حكم محكمة أول درجة وبين مؤدى الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة في ثبوت الاتهام قبل المتهم، على نحو مفصل ومن ثم فإن المحكمة تحيل إليه في شأن ما تقدم، تفاديا للتكرار، وتوجز واقعات الدعوى - بالقدر اللازم لحمل قضائها - من أنه في غضون الفترة من 19/ 12/ 2013 حتى 20/ 12/ 2014 قام المتهم بعمليات تمويل مؤقت لتمكين الأطراف الأخرى التي يقوم بالتحويل إليها من الحصول على قروض جديدة من البنوك وذلك مقابل حصوله على عمولة مالية لبعض المعاملات، ووجود تحويلات مالية من وإلى حسابه من أطراف أخرى لا تربطه معهم علاقة واضحة إذ أنه كان يقرض أي شخص متعثر ماليا وعليه قرض للبنك وكان يرغب في سداده للبنك حتى يتمكن من الحصول على قرض جديد بمبلغ أكبر ثم يقوم بإعادة سداد المبلغ المقترض للمتهم مضافا إليه فائدة ربوية، وأن المتهم أقرض كل من ......., ......., ......., ......., ......., ......., وآخرين، مبالغ نقدية نظير حصوله منهم على فائدة نقدية بإجمالي مبلغ 9500 د. ك، وأن الفرق بين القرض الأصلي والمبالغ المسددة للمتهم تم إيداعها في حساباته لدى البنوك.

وحيث إن المتهم حضر بالجلسة وأنكر الاتهام المسند إليه ودفع بعدم توافر أركان الجريمتين المسندتين إليه وخلو الأوراق من الدليل اليقيني على ارتكابهما.

وحيث إن دفاع المتهم قد قام على عدم توافر أركان جريمة الإقراض بربا فاحش المسندة إليه في حقه، وخلو الأوراق من الدليل اليقيني على ثبوتها في حقه، وكان من المقرر أن الأحكام الجزائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، لا على الظن والتخمين، وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجزائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة متى داخلها الشك في عناصر الإثبات أو لعدم كفاية أدلة الثبوت أو لعدم توافر أركان الجريمة إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل، وكان تقدير الأدلة - ومنها أقوال الشهود – متروكا لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب، وكان من المقرر كذلك، أن جريمة الإقراض بربا فاحش المنصوص عليها في المادة 230 من قانون الجزاء سالفة البيان لا تتحقق إلا بتحقق شروطها وهي أن يكون الشخص في حاجة ماسة إلى المال لدفع خطر يتهدده سواء في ماله أو في نفسه، أو به طيش أو هوى غير مدرك لعواقب الأمور، وأن يكون الجاني عالما بذلك وأن تتجه نيته إلى استغلال حاجة المقترض تلك أو طيشه أو هواه، وأن يعمد إقراضه مال، وأن يكون هذا الإقراض بربا، فارضا عليه ربا فاحشا، فيقع المجني عليه ضحية للجاني نتيجة حاجته الماسة للاقتراض والتي لم يكن أمامه من سبيل سوى الرضوخ أمام تلك الحاجة بقبول القرض بربا فاحش، أو نتيجة قلة وعيه وإدراكه لعواقب الأمور، وكان من المقرر أن تقدير ما يعتبر ربا فاحشا أو ما لا يعتبر كذلك هو مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع متى كان تقديرها قائما على أسباب سائغة.

ولما كان ذلك، وكانت الشروط الواجب توافرها لتحقق جريمة الإقراض بربا فاحش - المار بيانها - غير متوافرة في حق المتهم استنادا إلى ما جاء بالأوراق وتحقيقات النيابة العامة من أن رغبة المقترضين في الحصول على قرض جديد من بنك ........ و........ و.......، هي التي دفعتهم إلى الاقتراض من المتهم، ومن ثم فإنه لولا هذه الرغبة الجامحة لديهم لم يكونوا في حاجة للحصول على هذه القروض، بل ولم تكن لدى أي منهم حاجة ماسة لدفع خطر يتهدده في ماله أو في نفسه، كما برئ كل منهم من الطيش وقلة الوعي والهوى، بل أن عدم سدادهم للقروض الأولى المستحقة للبنوك سالفة البيان لم تكن لترتب عليهم أية مسؤولية جزائية، كما أن الالتزامات المدنية التي قد تترتب على ذلك لن تتجاوز مقدار الفائدة المدفوعة منهم للمتهم، ومن ثم فإن الحاجة إلى سداد القروض الأولى لا يعتبر من قبيل الحاجة الماسة للاقتراض على هذا النحو من المتهم، بل رغبتهم الجامحة في الحصول على قروض جديدة تفوق ما عليهم من مديونية للبنك هي من دفعتهم لهذا الاقتراض، وهي ليست حاجة ماسة تهددهم في شخصهم أو مالهم أو من هو في مسؤوليتهم، وأن المتهم كان عالما ليسوا في حاجة ماسة إلى تلك القروض وأن دافعهم هو الرغبة في الحصول على قرض جديد من البنك بمبالغ أكبر من السابقة، ومن ثم لم يستغل حاجة أو هوى أو طيش لديهم، ومن ثم تنتفي عن جريمة الإقراض بربا فاحش أحد عناصرها، كما أن الأوراق والتحقيقات خلت من تحديد مدة الفائدة المتفق عليها بين المتهم والمقترضين منه وعما إذا كانت الفائدة سنوية أم نصف سنوية أم شهرية أم أسبوعية أم يومية للوقوف عما إذا كانت تلك الفائدة تعتبر من قبيل الربا الفاحش من عدمه، سيما وأن مبالغ الفائدة المقول بدفعها من المقترضين للمتهم لا تتجاوز نسبتها 3: 6% من أصل القرض وهو ما لا يمثل ربا فاحشا، ولما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت على النحو السالف بيانه إلى انتفاء عنصر نية المتهم استغلال حاجة المقترضين أو طيش أو هوى لديهم، كما خلصت إلى أن الفائدة التي دفعها المقترضون للمتهم لا تعتبر من قبيل الربا الفاحش، كما أن أقوال ضابط مباحث مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقرير وحدة التحريات المالية الكويتية وتحريات الشرطة التي لا تعدو أن تكون رأيا لمجريها، لم تقطع أي منها بأن المقترضين كانوا في حاجة ماسة للمال المقترض واستغلال المتهم لتلك الحاجة لديهم، وأن الإقراض كان بربا فاحشا، ومن ثم فإن المحكمة تخلص إلى انتفاء جميع الأركان القانونية اللازمة لقيام جريمة الإقراض بالربا الفاحش المنسوبة للمتهم وتلتفت عن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة وأنها للأسباب المار بيانها غير صالحة للاستدلال بها على توافر جريمة الإقراض بالربا الفاحش وثبوتها في حق المتهم، وخلت الأوراق من دليل آخر يصلح لذلك، ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من هذه التهمة المنسوبة إليه، وإذ التزم الحكم المستأنف هذا النظر، فإنه يتعين القضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

وحيث إنه عن جريمة غسل الأموال، وكان دفاع المتهم قد قام على انتفاء أركانها وعدم ثبوتها في حقه، فلما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 106 لسنة 2013 تنص على أن: (يعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال متحصلة من جريمة وقام عمدا بما يلي:

أ- تحويلها أو نقلها أو استبدالها بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الأموال، أو مساعدة أي شخص ضالع في ارتكاب الجرم الأصلي التي تحصلت منه الأموال على الإفلات من العواقب القانونية لفعله.

ب- إخفاء أو تمويه الطبيعة القانونية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها.

ج- اكتساب الأموال أو حيازتها أو استخدامها)، ومقتضى ذلك النص أنه يلزم لقيام جريمة غسل الأموال أن تكون الأموال محلها متحصلة من جريمة، وكان من المقرر أن جريمة غسل الأموال تستلزم فضلا عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه.. إلخ. ولما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت على النحو سالف بيانه إلى براءة المتهم من جريمة الإقراض بربا فاحش، وكانت جريمة غسل الأموال لا تقوم إلا إذا كانت الأموال محلها متحصلة من جريمة، وإذ انتفت جريمة الإقراض بربا فاحش في حق المتهم، كما خلت من دليل يدل على أن تلك الأموال متحصلة من جريمة أخرى، فضلا عن خلو الأوراق مما يثبت أن المتهم قد تعمد إخفاء المال محل القروض التي أقرضها للمقترضين أو تمويه طبيعته الحقيقية أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه، وهو ما ينفي القصد الجنائي اللازم لقيام جريمة غسل الأموال في حقه، وأخذا بما تقدم، فإن المحكمة تخلص إلى انتفاء أركان جريمة غسل الأموال وعدم ثبوتها في حق المتهم، وتلتفت عن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة في هذا الشأن، إذ أنها للأسباب السالف بيانها لا تكفي للاستدلال بها على ثبوت جريمة غسل الأموال محل التهمة الأولى في حق المتهم، مما يتعين معه القضاء ببراءته منها، وإذ التزم الحكم المستأنف هذا النظر، فإنه يتعين القضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وإذ لم يأت استئناف النيابة العامة بما من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يضحى ولا سند له مما يتعين رفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المستأنف ضده من الاتهام المسند إليه.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:

أولا: - بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه.

ثانيا: وفي موضوع استئناف النيابة العامة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق