الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 يناير 2023

الطعن 9 لسنة 38 ق جلسة 6 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 28 ص 151

جلسة 6 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

----------------

(28)
الطعن رقم 9 لسنة 38 القضائية

(1) مرض الموت. "تحديد".
مرض الموت هو مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وينتهي بموته.
 (2)إثبات. "القرائن القانونية". وصية "القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني".
قرينة م 917 مدني. قيامها باجتماع شرطين: احتفاظ المنصرف بحيازة العين المنصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى الحياة استناداً إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه.
(3، 4 ) عقد. بيع "البيع المنجز". هبة. "الهبة المستترة".
 (3)وضع يد المشتري على المبيع وإن صح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه.
 (4)التصرف بالبيع المنجز صحيح سواء كان في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع. عدم دفع المشتري الثمن لا يتعارض مع تنجيز التصرف.
 (5)حكم. "القصور في التسبيب. ما لا يعد قصوراً". خبرة.
عدم التزام محكمة الموضوع بندب خبير في الدعوى متى وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها.

---------------
1 - إن من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك، ويشعر معه المريض بدنو أجله، وأن ينتهي بوفاته، وإذ نفى الحكم حصول التصرفين في مرض موت المورث مما استخلصه من أقوال الشهود من أن مرضه لم يكن شديداً يغلب فيه الهلاك، إذ أنه كان يباشر أعماله العادية خارج منزله وقت صدور التصرفين منه وإلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، فإن ذلك من الحكم ليس فيه ما يخالف تعريف مرض الموت وكاف لحمل قضائه.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (2) أن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين (الأول) هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها، (والثاني) احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة، ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه. وإذ كان يبين من أقوال الشهود التي اطمأن إليها الحكم المطعون فيه وأوردها في أسبابه أن أحداً لم يشهد بأن المورث ظل منتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحسابه الخاص باعتباره مالكاً حتى وفاته، فإن ما انتهى إليه الحكم من عدم قيام القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدن ومن أن مجرد استمرار المورث واضعاً يده على تلك الأعيان لا يتنافى مع تنجيز التصرف ليس فيه خروج على أقوال هؤلاء الشهود ولا مخالفة فيه للقانون.
3 - ولئن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف.
4 - عدم دفع المطعون ضدهم (المشترين) الثمن لا يتعارض مع تنجيز عقدي البيع موضوع الدعوى، إذ التصرف بالبيع المنجز، يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع استوفى شكله القانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 164 لسنة 1965 مدني كلي المنصورة على المطعون ضدهم، وقال في صحيفتها إن المرحوم محمد عثمان البنا توفى بتاريخ 30/ 10/ 1965 عن ورثته الشرعيين وهم المطعون ضدهم وعن ولدي ابنته أمال المتوفاة قبله والمشمولين بولاية والدهما الطاعن واللذين يستحقان نصيباً في التركة عن طريق الوصية الواجبة، وأن المورث المذكور تصرف إلى المطعون ضدهم في 11 ف و12 ط و8 س أطياناً زراعية ومنزل مساحته 568 متراً مربعاً بموجب عقد بيع مسجل في 19/ 9/ 1964، كما سبق أن تصرف إليهم في مخزن بمقتضى عقد بيع مؤرخ 1/ 8/ 1963، وأن هذين العقدين صدرا من المورث في مرض موته دون أن يقبض شيئاً من الثمن ولم يتخل حال حياته عن حيازته للأعيان المتصرف فيها، وكان ذلك منه احتيالاً على أحكام الوصية الواجبة بقصد حرمان ولدي ابنته المذكورين من نصيبهما في تركته، ولذلك أقام الطاعن بصفته هذه الدعوى، وطلب فيها الحكم ببطلان عقد البيع المسجل في 19/ 9/ 1964 وببطلان الحكم الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1964 في الدعوى رقم 488 لسنة 1964 مدني قسم ثان بندر المنصورة والقاضي بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 8/ 1963 أجاب المطعون عليهم بأن العقدين المشار إليهما هما عقدا بيع منجزان صدرا إليهم من مورثهم وهو في حال صحته، وبتاريخ 26/ 3/ 1966 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن التصرفين المطعون فيهما قد صدرا من المورث في مرض موته وأنه ظل حائزاً باعتباره مالكاً ومنتفعاً بريع الأطيان والعقارات موضوع هذين التصرفين مدى حياته، وأنه لم يقبض ثمناً خلافاً للثابت بهما، وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود الطرفين قضت في 25/ 2/ 1967 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 143 لسنة 19 ق مدني، وبتاريخ 6/ 11/ 1967 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه أمام محكمة الموضوع كان يقوم على أن العقدين موضوع الدعوى هما في حقيقتهما وصية، واستدل على ذلك بصدورهما من المورث إلى زوجته وولديه وهو في مرض موته، وأنه لم يقبض منهم شيئاً من الثمن المسمى في هذين العقدين، وأنه استمر واضعاً اليد على الأطيان والعقارات بعد تصرفه فيها ومنتفعاً بريعها حتى وفاته، ولكن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر واعتبر العقدين منجزين استناداً إلى القول بأنهما صدرا من المورث حال صحته لأن مرضه لم يكن خطيراً وأن وضع يد المشتري على الأطيان المبيعة ليس شرطاً لازماً في تنجيز التصرف، وإن عدم دفع الثمن لا يتعارض مع هذا التنجيز، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في القانون وقصور في التسبيب، ذلك أنه لا يشترط في مرض الموت أن يكون خطيراً بل يكفي أن يكون من شأنه أن يؤدي إلى الهلاك، وأن الشهود قد أجمعوا على أن المورث قد احتفظ بحيازته للأطيان المتصرف فيها وظل منتفعاً بها لحسابه الخاص وليس لحساب المطعون ضدهم مما تتحقق معه القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني، هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن عدم دفع المشتري الثمن لا يتعارض مع تنجيز التصرفين، هذا القول منه لا يصلح رداً على ما ساقه الطاعن من قرائن أخرى للتدليل بها على أن التصرفين موضوع الدعوى هما في حقيقتهما وصية قصد بهما حرمان ولدي الطاعن المشمولين بولايته من نصيبهما في تركة جدهما إعمالاً لأحكام الوصية الواجبة ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالقصور في التسبيب ذلك أن الطاعن طلب من محكمة الاستئناف تعيين خبير لتحقيق أن المورث كان يؤجر الأطيان للغير بعد تصرفه فيها بصفته مالكاً لها لا بصفته نائباً عن المطعون ضدهم، غير أن الحكم المطعون فيه لم يجبه إلى طلبه مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة تحقيقاً لدفاع الطرفين أصدرت حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق كلفت فيه الطاعن بإثبات أن العقدين صدرا من المورث وهو في مرض موته وأنه استمر واضعاً يده على الأعيان المتصرف فيها ومنتفعاً بريعها لحسابه الخاص حتى وفاته، وأن المطعون ضدهم لم يدفعوا شيئاً من الثمن، وبعد سماع أقوال الشهود إثباتاً ونفياً عرض الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه - لدفاع الطرفين وأقوال شهودهما والمستندات المقدمة في الدعوى، وناقش كل ذلك وانتهى إلى أن الطاعن قد عجز عن إثبات أن العقدين المشار إليهما صدرا من المورث وهو في مرض موته، وحصل مما أجمع عليه الشهود أن هذا المورث لم يكن وقت التصرف مريضاً مرضاً شديداً يغلب فيه الهلاك، بل كان يباشر أعماله العادية خارج منزله إلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، كما انتهى الحكم إلى أن الطاعن قد عجز أيضاً عن إثبات أن المورث ظل حائزاً ومنتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحساب نفسه حتى وفاته استناداً منه إلى أن أحداً من الشهود لم يشهد بذلك وأن استمرار وضع يد المورث على ما باعه لا يتعارض مع تنجيز التصرف ما دام المتصرف إليهم هم زوجته وولداه القاصران الذين يعيشون في كنفه وتحت رعايته، واستخلص الحكم من ذلك انتفاء القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني، ثم أضاف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى التصرف المنجز لا إلى الإيصاء لما ثبت له - من أوراق الدعوى - أن المورث قد أقر بصحة العقدين الصادرين منه إلى المطعون ضدهم في الدعويين التين أقامتهما المطعون ضدها الأولى بطلب صحة ونفاذ هذين العقدين، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون ضدهم لم يدفعوا ثمناً لأن البيع الذي يستر تبرعاً صحيح في القانون متى كان التصرف منجزاً غير مضاف إلى ما بعد الموت، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ولا قصور فيه، ذلك أنه من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهي بوفاته، وإذ نفى الحكم حصول التصرفين في مرض موت المورث مما استخلصه من أقوال الشهود من أن مرضه لم يكن شديداً يغلب فيه الهلاك، إذ أنه كان يباشر أعماله العادية خارج منزله وقت صدور التصرفين منه وإلى ما قبل وفاته بثلاثة أشهر، فإن ذلك من الحكم ليس فيه ما يخالف تصريف مرض الموت وكاف لحمل قضائه، ولما كان يبين من أقوال الشهود التي اطمأن إليها الحكم وأوردها في أسبابه أن أحداً لم يشهد بأن المورث ظل منتفعاً بالأعيان المتصرف فيها لحسابه الخاص باعتباره مالكاً حتى وفاته، فإن ما انتهى إليه الحكم من عدم قيام القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني ومن أن مجرد استمرار المورث واضعاً يده على تلك الأعيان لا يتنافى مع تنجيز التصرف، هذا الذي انتهى إليه الحكم ليس فيه خروج على أقوال هؤلاء الشهود ولا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 917 من القانون المدني أن القرينة القانونية المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا باجتماع شرطين (الأول) هو احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها (والثاني) احتفاظه بحقه في الانتفاع بهذه العين على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين مدى الحياة ولا يكفي لقيام هذه القرينة أن ينتفع المتصرف بالعين انتفاعاً فعلياً حتى وفاته دون أن يكون مستنداً في هذا الانتفاع إلى مركز قانوني يخوله حقاً فيه، ولئن كان وضع يد المشتري على العين المبيعة يصح اعتباره قرينة على إنجاز التصرف إلا أنه ليس شرطاً لازماً فيه، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد أورد الأدلة التي من شأنها أن تؤدي إلى اعتبار التصرفين منجزين فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان عدم دفع المطعون ضدهم الثمن لا يتعارض مع تنجيز العقدين موضوع الدعوى، إذ التصرف بالبيع المنجز يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في صورة عقد بيع استوفى شكله القانوني. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة السائغة التي تؤدي إلى اعتبار التصرف منجزاً كما سبق القول، فإنه لا على محكمة الموضوع إن التفتت عن طلب الطاعن تعيين خبير في الدعوى طالما أنها وجدت في أوراقها وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبولة، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 21/ 4/ 1955 مجموعة المكتب الفني السنة 6 ص 1020.
 (2) نقض 7/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 298.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق