الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 مارس 2022

الطعن 11834 لسنة 53 ق جلسة 7 / 11 / 2009 إدارية عليا مكتب فني 55 - 56 ق 13 ص 144

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2009

السادة الأستاذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - السيد محمد السيد الطحان.
2 - محمود إسماعيل رسلان مبارك.
3 - د. حسين محمد عبد المجيد بركات.
4 - أحمد إبراهيم زكي الدسوقي.
5 - د. محمد ماهر أبو العنين.
6 - د. سمير عبد الملاك منصور.
7 - محمود إسماعيل عثمان.
-------------

(13)
الطعن رقم 11834 لسنة 53 القضائية عليا
(الدائرة الرابعة)

 (أ ) إدارات قانونية - أعضاؤها الفنيون - التحقيق معهم -

الضمانة التي قررها المشرع بوجوب التحقيق في المخالفات المنسوبة إليهم عن طريق التفتيش الفني بوزارة العدل ترتبط بالمخالفات التي يقومون بارتكابها بوصفهم شاغلين للوظائف الفنية المشار إليها بالقانون المذكور - إذا كانت المخالفات المنسوبة إليهم لا تتعلق بهذه الوظائف جاز التحقيق معهم فيها بمعرفة الجهة الإدارية أو النيابة الإدارية.
المواد المطبقة ( أ ):
أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
(ب) موظف - تأديب

لا يجوز في مجال الإثبات الجنائي أو التأديبي الالتفات عن الشهادة المباشرة المتعلقة بموضوع الاتهام، والتمسك بشهادة غير مباشرة ولا تتعلق بموضوع الاتهام على سبيل اليقين - متى وجدت الشهادة المباشرة عن الواقعة محل الاتهام تعين الاعتداد بها متى كانت جامعة لأركانها الصحيحة.


الإجراءات

في يوم الخميس 26/ 4/ 2007 أودع الأستاذ/ .... المحامي وكيل الطاعن تقرير الطعن الماثل على الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بقنا في الدعوى رقم 106 لسنة 14 ق الذي انتهى إلى مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر خلال مدة الوقف.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاته والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها ترى الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي حددت جلسة 8/ 4/ 2009 لنظره، وبها قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) موضوع لنظره بجلسة 6/ 6/ 2009 وتدوول أمامها وذلك كله على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت إصدار الحكم بجلسة 10/ 10/ 2009 وقد أعيد الطعن للمرافعة لتغير التشكيل وتقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص حسبما يظهر من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 6/ 2006 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 106 لسنة 14 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بقنا منطوية على ملف تحقيقاتها في القضية رقم 150 لسنة 2005م أسوان ثان ومذكرة التحقيقات وتقرير اتهام ضد:
1 - عبد النبي..... (الطاعن) مدير منطقة الأوقاف بأسوان التابعة لهيئة الأوقاف المصرية - الدرجة الأولى.
2 - سعد... أمين خزينة بمنطقة الأوقاف المصرية بأسوان الدرجة الثالثة.
لأنهما في غضون الفترة من 1/ 1/ 2004 وحتى 27/ 12/ 2005 بدائرة عملهما خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي، وسلكا مسلكًا معيبًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة، ولم يحافظا على ممتلكات وأموال الجهة التي يعملان بها، وخالفا القواعد المالية المنصوص عليها بالقوانين واللوائح والتعليمات، وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للجهة التي يعملان بها، بأن اختلسا مبلغ 6000 جنيه (ستة آلاف جنيه) وجدت في حيازتيهما بسبب وظيفتيهما، والمسلمة إليهما من المواطن/ سيد ... نظير رسوم تحويل سكني إلى تجاري للشقة التي يمتلكها المواطن/ مصطفى ... بعمارات الأوقاف بأسوان بالمخالفة لأحكام القانون على النحو المبين بالأوراق، وارتأت النيابة الإدارية أن المتهم (الطاعن) يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها بالمواد الواردة تفصيلاً بتقرير الاتهام، وطلبت محاكمته تأديبيًا عنها.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية بقنا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 2/ 2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من ثبوت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن في مواجهته ثبوتًا يقينيا من واقع مطالعة الأوراق والتحقيقات، وأخذا بما شهد به كل من المواطن/ سيد ..... (الشاكي) والمواطن/ سيد .... من أنهما ذهبا إلى مكتب أحد المحامين بشارع كورنيش النيل بأسوان، وقابلا المتهم الأول (الطاعن) وطلب منه الشاكي الأموال التي تخصه، فرد عليه المتهم الأول قائلاً: "أنا حاليًا معيش فلوس، ولما ربنا يرزقني هاديلك فلوسك على فترات شوية بشوية"، ثم طلب منه الشاكي إيصالا بالمبلغ فرد عليه قائلاً: "إذا كنت أنت ما أخذتش إيصال من الخزنة في الأول هتاخذ مني دلوقتي أنا مش هاديلك إيصال"، وقد عرف الشاهد الثاني من الشاكي أنه دفع للمتهم الأول مبلغ 6000 جنيه في الأوقاف، ولم يعطه إيصالا بالمبلغ.
وخلصت المحكمة إلى أن ما صدر عن المتهم يعد دلالة قوية على أنه شارك في اختلاس الأموال المشار إليها؛ لأنه لو لم يكن الأمر كذلك فما الداعي لأن يخبره بأنه سوف يعطي له الأموال حينما يمن الله عليه بالرزق، بما مفاده أن المتهم اعترف بطريق غير مباشر بأنه حصل على المبلغ المذكور، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بمجازاته على النحو الوارد بالمنطوق.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ حيث إن الطاعن يشغل وظيفة (مدير إدارة قانونية)، ومن ثم لا يجب التحقيق معه إلا بواسطة أحد أعضاء التفتيش الفني بوزارة العدل، فضلاً عن أن المُبلِّغ عن الواقعة قد تراخى مده عام تقريبًا في التقدم بشكواه، مما يشكك في صحة الواقعة، فضلاً عن ثبوت شهادة مباشرة بأن المتهم الثاني تسلم المبلغ محل الدعوى، فلا يمكن نسبة الاتهام إليه. وانتهى تقرير الطعن إلى الطلبات سالفة البيان.
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان التحقيق مع الطاعن لأنه بوصفه (مدير إدارة قانونية) يتعين أن يتم التحقيق معه بمعرفة التفتيش الفني بوزارة العدل؛ فإنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الضمانات التي قررها المشرع في القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بخصوص التحقيق الإداري مع أعضاء هذه الإدارات، وما أوجبه من إجراء التحقيق في المخالفات المنسوبة إليهم عن طريق التفتيش الفني بوزارة العدل؛ هذه الضمانات مرتبط بالمخالفات التي يقومون بارتكابها بوصفهم شاغلين للوظائف الفنية المشار إليها بالقانون المذكور، أما إذا كانت المخالفات المنسوبة إليهم لا تتعلق بهذه الوظائف وإنما وقعت أثناء مباشرتهم لوظائف إدارية بعيدًا عن الإدارات القانونية؛ فإن الضمانات التي أوردها المشرع بالنسبة إليهم تنتفي، ويجوز من ثم التحقيق معهم فيها بمعرفة الجهة الإدارية أو النيابة الإدارية، وبناء على ذلك فإن هذا الدفع يتعين الالتفات عنه في خصوص الطاعن؛ لأن المخالفة المنسوبة إليه قد تم ارتكابها وهو يشغل وظيفة مدير منطقة الأوقاف بأسوان، وهي وظيفة بعيدة عن الوظائف القانونية المشار إليها بالقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن من المقرر في مجال الإثبات الجنائي أو التأديبي أنه لا يجوز الالتفات عن الشهادة المباشرة المتعلقة بموضوع الاتهام، والتمسك بشهادة غير مباشرة ولا تتعلق بموضوع الاتهام على سبيل اليقين، فمتى وجدت الشهادة المباشرة عن الواقعة محل الاتهام تعين الاعتداد بها متى كانت جامعة لأركانها الصحيحة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن هناك شهادة مباشرة على الواقعة محل اتهام الطاعن، مبناها أن الشاكي/ سيد ... قد أفاد في التحقيقات أنه وُجد بمكتب الطاعن بمديرية الأوقاف، وطلب منه الطاعن تسديد مبلغ ستة آلاف جنيه نظير تحويل عقار من سكني إلى تجاري، وأن الطاعن قام بتسليم المبلغ إلى المحال الثاني أمام المحكمة التأديبية، وطلب منه عد النقود، وقام الأخير بعدها، وطلب الطاعن منه توريدها للخزينة حيث يعمل المحال الثاني موظفًا بها وإعطاء الإيصال للشاكي، وقرر الشاكي أنه خرج بعد ذلك مع المحال الثاني وطلب منه استخراج الإيصال حتى يقوم بصلاة الظهر، وبعد عودته من الصلاة لم يجد المحال الثاني، ولما سأل عنه علم أنه خرج من المديرية لظروف مرض ولده، وتردد عليه عدة مرات بعد ذلك، حيث لم يتمكن من الحصول على الإيصال والمبلغ، وهذه الواقعة شهد بها الشاكي والطاعن وموظف آخر يدعى: رجب ... قرر بما تم أمامه في مكتب الطاعن، وقد أفاد المحال الثاني في التحقيقات بأنه قام بعد النقود فعلاً إلا أنه تركها بمكتب الطاعن، وهذه الأقوال يكذبها شهود الواقعة سالفة البيان، وأهمهم الشاكي نفسه، مما يجعل الشهادة المباشرة واضحة في براءة الطاعن، فلا يجوز إهدارها واللجوء إلى شهادة غير مباشرة مبناها قيام الشاكي بعد أكثر من عام بمقابلة الطاعن في مكتب أحد المحامين والكلام معه عن رد مبالغ مالية لم يظهر من الشهادة التي أدلى بها أحد أصدقاء الشاهد علاقة هذه المبالغ بالواقعة محل اتهام الطاعن، ولا تتعلق مباشرة بالواقعة المنسوبة إلى الطاعن على نحو يقيني، وعليه فما كان يجوز للمحكمة إهدار هذه الشهادة المباشرة والمؤيدة بأقوال الشاكي وموظف آخر، والارتكان إلى هذه الشهادة غير المباشرة التي لم يدل بها سوى شاهد لم يكن يعلم بالواقعة الأساسية محل الشهادة، وإذ خالفت المحكمة هذا النظر فإن حكمها يكون واجب الإلغاء في هذا الخصوص والقضاء مجددًا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن/ عبد النبي ....، والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق