الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 يوليو 2024

الدعوى رقم 10 لسنة 15 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 6 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يونيه سنة 2024م،

الموافق الثاني من ذي الحجة سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس   نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود  أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 15 قضائية "دستورية"

المقامة من

أحمد حسين السيد علي

ضد

1 – رئيس مجلس الوزراء

2- رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع

3- الحارس القضائي على الشركة العربية البريطانية لطائرات الهليكوبتر

--------------------

الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من مارس سنة 1993، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (53) من لائحة اللجنة القضائية بالهيئة العربية للتصنيع، وقرار اللجنة بطرده من الوحدة السكنية التي كان يشغلها أثناء عمله بالهيئة.

وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة، والهيئة العربية للتصنيع مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى، وعلى سبيل الاحتياط الكلي: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، أعقبته بآخر تكميلي، بعد أن أعادت المحكمة الدعوى إليها لاستكمال التحضير.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعي كان يعمل مهندسًا بالهيئة العربية للتصنيع، وشغل بهذه الصفة إحدى الوحدات السكنية المملوكة لها، وعلى إثر انتهاء خدمته بالاستقالة في عام 1985، أقامت الهيئة ضده الدعوى رقم 88 لسنة 12 قضائية، أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها في المادة (60) من النظام الأساسي للهيئة، الصادر بقرار اللجنة العليا لها رقم 6 لسنة 1975. وبجلسة 17/12/1991، أصدرت اللجنة القضائية قرارًا بطرده من الوحدة السكنية التي كان يشغلها؛ فأقامت الهيئة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 3493 لسنة 1992، ضد المدعي، طالبة تذييل قرار اللجنة السالف الذكر بالصيغة التنفيذية. وأثناء تداول تلك الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية قرار اللجنة القضائية المشار إليه. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ولايتها في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام، باعتبارها شكلًا جوهريًّا في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.

متى كان ما تقدم، وكان طلب الحكم بعدم دستورية المادة (53) من لائحة اللجنة القضائية بالهيئة العربية للتصنيع قد أقيم دون دفع وتصريح من محكمة الموضوع؛ ومن ثم فإن الدعوى الدستورية المعروضة – في شأن هذا الطلب – تنحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما لزامه الالتفات عن هذا الطلب.

وحيث إن الدستور قد أفرد الفصل الرابع من بابه الخامس للمحكمة الدستورية العليا، واختصها – دون غيرها - في المادة (192) منه بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، ولقد صدر القانون المنظم لأوضاعها مبينًا اختصاصاتها، محددًا ما يدخل في ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها الاختصاص المنفرد بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعًا أية جهة من مزاحمتها فيه، مفصلًا طرائق هذه الرقابة وكيفية إعمالها، وذلك كله على النحو المنصوص عليه في المواد (25 و27 و29) منه، وهي قاطعة في دلالتها على أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا في مجال الرقابة على الدستورية ينحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها؛ ذلك أن هذه النصوص هي التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، وما يميزها كقواعد قانونية، هو أن تطبيقاتها مترامية، ودائرة المخاطبين بها غير متناهية، والآثار المترتبة على إبطالها – إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور – بعيدة في مداها.

متى كان ما تقدم، وكان طلب الحكم بعدم الدستورية قد انصب على قرار اللجنة القضائية بالهيئة العربية للتصنيع، الصادر بطرده من الوحدة السكنية التي كان يشغلها بمناسبة عمله بتلك الهيئة؛ فإن هذا القرار – وأيًّا كان الرأي في الطبيعة القانونية للهيئة العربية للتصنيع – لا يُعد قرارًا تنظيميًّا أو لائحيًّا مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، باعتبار أن هذا القرار لا يعدو أن يكون فصلًا في خصومة بين المدعي وجهة عمله، ولا يتضمن أية قواعد قانونية تتصف بالعمومية والتجريد، وبهذه المثابة فإن الفصل في دستورية هذا القرار يخرج عن نطاق الولاية التي عقدها المشرع للمحكمة الدستورية العليا، التي لا تُعد جهة طعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي؛ مما لزامه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق