الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 26 أبريل 2025

الطعن 10358 لسنة 88 ق جلسة 27 / 10 / 2020 مكتب فني 71 ق 98 ص 914

جلسة 27 من أكتوبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / أسامة توفيق عبد الهادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، يوسف قايد ، د. أيمن أبو علم ومحمد حبيب نواب رئيس المحكمة .
------------------
(98)
الطعن رقم 10358 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الأدلة الجنائية في بيان كاف للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها . لا قصور .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشهود في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . استدلالات . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
اطمئنان المحكمة لصحة التحريات . كفايته رداً على الدفع بعدم جديتها .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " حجيته " .
نعي الطاعن استناد الحكم إلى التحريات في إدانته رغم سبق القضاء ببراءة آخر في الدعوى عن ذات التهمة لعدم الاطمئنان إليها . غير مقبول . علة ذلك ؟
عدم تقيد القاضي وهو يحاكم متهماً بما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر . قيام تناقض بين الحكمين . لا يعيب الحكم .
اعتبار أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة . شرطه ؟
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الإعراض عن أوجه دفاع المتهم . متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى .
مثال .
(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبـول .
مثال .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " .
اطراح الحكم دفع الطاعن بانتفاء صلته بالمضبوطات برد كاف . النعي في شأن ذلك . غير مقبول .
(9) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عقيدة المحكمة . قيامها على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(10) دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب " . سلاح . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب . ما لم يدفع به أمامها . مؤدى ذلك ؟
إثارة الدفع بالإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 31/ أ من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 90 لسنة 2012 لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
مناط الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 31/ أ من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 90 لسنة 2012 ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .
2- لما كان الحكم قد أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم الأدلة الجنائية في بيان كافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب .
3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، وكانت المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن بشأن تناقض شهود الإثبات - خلافاً لزعمه - وأطرحته في منطق سائغ ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند .
4- لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- لما كان لا محل لما يثيره الطاعن على الحكم استناده إلى التحريات في قضائه بإدانته على الرغم من سبق القضاء ببراءة متهم آخر في الدعوى عن ذات التهمة لعدم اطمئنان المحكمة إلى نفس التحريات ، إذ إنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في تكوين عقيدتها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه ، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً - وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .
6- لما كانت المحكمة قد عرضت لطلب الطاعن سماع أقوال شهود الإثبات واطرحته استناداً إلى أن الواقعة التي طلبت سماع الشهادة عليها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً من أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة ، فإن هذا حسبها في اطراح هذا الطلب ، لما هو مقرر من أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح هذا الطلب دون أن يوصم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
7- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بشيوع التهمة ، ومن ثم فلا يجوز النعي عليها إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمضبوطات واطرحه برد كاف وسائغ لاطراحه ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
9- من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لأقوال ضابط الواقعة من أنه وجد الطاعن محرزاً لسلاح ناري وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أنه سلم الضابط ذلك السلاح عقب وصوله مقرراً له بأنه خاص بالشاهد الأول هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً للسلاح الناري ، وهو المعنى الذي يتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز السلاح المضبوط ، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
10- من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها ، فإذا هو لم يتمسك أمام المحكمة بسبب الإعفاء فلا يكون له أن ينعي على حكمها إغفاله التحدث عنه ، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً لنص المادة ۳۱/أ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بموجب القانون رقم 90 لسنة ۲۰۱۲ بشأن الأسلحة والذخائر ، فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن مناط الإعفاء الذي قررته المادة سالفة البيان أن يكون الشخص في 14 أكتوبر سنة ۲۰۱۲ - تاريخ العمل بذلك القانون - محرزاً أو حائزاً للسلاح أو الذخيرة بغير ترخيص وأن يقوم في خلال الفترة المحددة قانوناً بتسليمها إلى الشرطة ، فإنه يجب لتوافر موجب الإعفاء أن يحقق كافة الشروط من قيام الحيازة والإحراز في ذلك التاريخ المعين وأن يتم التسليم خلال تلك الفترة وهو ما تتحقق به العلة التي ابتغاها الشارع من تشجيع المواطنين على تسليمها ، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن ضبط محرزاً السلاح والذخيرة المضبوطين ولم يقم بتسليمهما خلال الفترة المحددة بموجب المادة 31 من القانون آنف البيان ، فإنه لا يتحقق بذلك موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة ، ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ( فرد محلي الصنع ) .
2- أحرز ذخائر ( طلقتين ) مما تستخدم على السلاح الناري آنف البيان حال كونه غير مرخص له بحيازة السلاح الناري أو إحرازه .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 1/1 ، 26/ 1 ،4 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق به ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة / .... بالحبس ستة أشهر وغرامة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة السلاح المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي - بمذكرتي الأسباب - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن " فرد خرطوش " وذخيرته بغير ترخيص قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات مجملة غامضة ومبهمة خلت من بیان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما ، ولم يورد مضمون أقوال شهود الإثبات وتقرير الأدلة الجنائية بصورة وافية ، كما عول في إدانته على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن ، وتساند إلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلاً في الإدانة واطرح دفاعه بعدم جديتها بما لا يسوغه ، فضلاً عن تناقض الحكم عندما قضى بإدانة الطاعن استناداً لتلك التحريات مع أن المحكمة التي أصدرته أهدرتها من قبل لعدم اطمئنانها إليها عندما قضت ببراءة متهم آخر في ذات الاتهام ، كما اطرح الحكم طلبه بسماع شهود الإثبات بما لا يسوغ به اطراحه ، وأغفل الرد على دفاعه القائم على شيوع الاتهام وانتفاء صلته بالمضبوطات ، ونسب الحكم لضابط الواقعة أنه وجد الطاعن محرزاً لسلاح ناري على خلاف ما ورد بأقواله من أن الطاعن سلمه ذلك السلاح وأخبره بأنه خاص بالشاهد الأول ، وأخيراً كان يتعين على المحكمة إعفائه من العقاب بموجب المرسوم بقانون رقم ۹۰ لسنة ۲۰۱۲ ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم الأدلة الجنائية في بيان كافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، وكانت المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن بشأن تناقض شهود الإثبات - خلافاً لزعمه - واطرحته في منطق سائغ ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا محل لما يثيره الطاعن على الحكم استناده إلى التحريات في قضائه بإدانته على الرغم من سبق القضاء ببراءة متهم آخر في الدعوى عن ذات التهمة لعدم اطمئنان المحكمة إلى نفس التحريات ، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في تكوين عقيدتها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه ، ذلك بأنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً - وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد عرضت لطلب الطاعن سماع أقوال شهود الإثبات واطرحته استناداً إلى أن الواقعة التي طلبت سماع الشهادة عليها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً من أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة العامة ، فإن هذا حسبها في اطراح هذا الطلب ، لما هو مقرر من أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً ويستقيم به اطراح هذا الطلب دون أن يوصم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بشيوع التهمة ، ومن ثم فلا يجوز النعي عليها إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمضبوطات واطرحه برد كاف وسائغ لاطراحه ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لأقوال ضابط الواقعة من أنه وجد الطاعن محرزاً لسلاح ناري وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أنه سلم الضابط ذلك السلاح عقب وصوله مقرراً له بأنه خاص بالشاهد الأول هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً للسلاح الناري ، وهو المعنى الذي يتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز السلاح المضبوط ، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها ، فإذا هو لم يتمسك أمام المحكمة بسبب الإعفاء فلا يكون له أن ينعي على حكمها إغفاله التحدث عنه ، وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً لنص المادة ۳۱/أ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بموجب القانون رقم 90 لسنة ۲۰۱۲ بشأن الأسلحة والذخائر ، فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن مناط الإعفاء الذي قررته المادة سالفة البيان أن يكون الشخص في 14 أكتوبر سنة ۲۰۱۲ - تاريخ العمل بذلك القانون - محرزاً أو حائزاً للسلاح أو الذخيرة بغير ترخيص وأن يقوم في خلال الفترة المحددة قانوناً بتسليمها إلى الشرطة ، فإنه يجب لتوافر موجب الإعفاء أن يحقق كافة الشروط من قيام الحيازة والإحراز في ذلك التاريخ المعين وأن يتم التسليم خلال تلك الفترة وهو ما تتحقق به العلة التي ابتغاها الشارع من تشجيع المواطنين على تسليمها ، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن ضبط محرزاً السلاح والذخيرة المضبوطين ولم يقم بتسليمهما خلال الفترة المحددة بموجب المادة 31 من القانون آنف البيان ، فإنه لا يتحقق بذلك موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة ، ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق