2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط الأربعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حصله حكمها فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل. مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه.
5 - لما كان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أدلة اطمأن إليها وعول عليها له أصله في الأوراق وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في الدلالة على توافر جريمة حيازة جوهر مخدر في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض.
6 - من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعن وكان الخلاف بين الشاهدين الأول والثاني في شأن المدة التي استغرقتها تحريات كل منهما كما أن الخلاف بين الشاهدين الأول والرابع في شأن جلوس المتهم الثاني كلاهما خلاف غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها هذا إلى أن الحكم في إحالته إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع وقد قصر الإحالة على ما شهد به عن واقعة الضبط فإنه يكون - أخذاً بما أورده الطاعن في أسباب طعنه - قد نقل الواقع في الدعوى بما لا محل له للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها تصرف المحقق سماحه لهؤلاء الشهود الاستعانة بمحضر الضبط أثناء الإدلاء بشهادتهم فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً.
9 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله.
10 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن.
11 - من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش صادراً بالكتابة وموقعاً عليه ممن أصدره إلا أنه لم يشترط شكلاً معيناً يجب أن يكون عليه التوقيع.
12 - من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها - هذا فضلاً عن أن هذا الدفع في صورة هذه الدعوى ظاهر البطلان لا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
13 - لما كان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان اعترافه هو بل قصر الدفع على بطلان اعتراف المتهم الثاني وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم الثاني كما أنه لم يستند في استدلاله على علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة وتوافر قصد الاتجار لديه إلى مثل هذا الاعتراف بل استند إلى ما أقر به الطاعن والمتهم الثاني لضباط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن.
14 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
15 - لما كان الطاعن وإن طلب في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة ضم دفتر المساعدات الفنية وسؤال.... والعقيد.... إلا أنه لم يوضح في مرافعته أمام محكمة الموضوع ما يرمي إليه من طلب ضم الدفتر المشار إليه كما لم يكشف عن الواقع التي يرغب مناقشة الشاهدين المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه.
16 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
17 - لما كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهي عقوبة اختيارية تكميلية بالنسبة للجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 5 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها يدل على أن الشارع يرد بوسائل النقل التي استخدمت في الجريمة تلك الوسائل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكانياته لتنفيذ الجريمة أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها وتقدير ما إذا كانت وسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة - بهذا المعنى - إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع وكانت المحكمة قد استظهرت في مدونات الحكم أن الطاعن استخدم سيارته المرسيدس رقم.... ملاكي الإسكندرية على نحو ما حصلته عن واقعة الدعوى فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ولا وجه للنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن النعي على إذن النيابة بالبطلان لصدوره لضبط جريمة مستقبلة فهو نعي في غير محله إذ أن الثابت بمحضر التحريات أنه تضمن أن المتهمين يتجران بالمواد المخدرة وأنهما يحوزانها ويحرزانها وطلب محرره الإذن من النيابة لضبط ما يحوزانه ويحرزانه منها فصدر الإذن بناء على ذلك لضبط ما لديهما من تلك المواد وبالتالي فإن مقولة صدور الإذن لضبط جريمة مستقبلة هي مقولة لا سند لها في الأوراق" فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
19 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
20 - من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاءً بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها كما أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيراداها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.
21 - لما كان الطاعن وإن عيب في مرافعته المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الضبط إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة على نحو ما يدعيه بأسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
22 - لما كان البين من مطالعة الحكم المنقوض أنه وإن صرح في أسبابه بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة إلا أنه لم ينص عليها في منطوقه وكانت حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثره إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة رغم أن النيابة العامة لم يسبق لها الطعن بالنقض على الحكم المنقوض لإغفاله النص في منطوقه على القضاء بمصادرة تلك المواد فإنه ما كان لمحكمة الإعادة أن تقضي بحكمها المطعون فيه بعقوبة لم يسبق القضاء بها حتى ولو كانت قد أنزلت العقوبة الصحيحة طبقاً للقانون لأنها تكون بذلك قد خالفت حكم المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 الذي يقضي بألا يضار الطاعن بطعنه غير أنه لما كان ما قضى به الحكم المطعون فيه من مصادرة المواد المخدرة المضبوطة إنما ورد على شيء مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ويخرج بذاته عن دائرة التعامل فهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لإخراجه من تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها أو يحوزها تتلاقى في النتيجة مع ما يؤول إليه أمر هذه المواد بمصادرتها إدارياً إذا ما قضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء قضائه بمصادرتها فإن ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم في هذا الخصوص لا يمثل مصلحة حقيقة للطاعن بل لا تعدو مصلحة نظرية بحتة لا موجب معها لتصحيح الحكم.