الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 يونيو 2018

الطعن 5486 لسنة 62 ق جلسة 1 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 41 ص 291

جلسة الأول من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

-----------------

(41)
الطعن رقم 5486 لسنة 62 القضائية

(1) دعوى جنائية "قيود تحريكها". موظفون عموميون. قانون "تطبيقه" "تفسيره".
الحماية المقررة بمقتضى المادة 63/ 3 إجراءات. مقصورة على الموظفين والمستخدمين العموميين لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
(2) موظفون عموميون.
الموظف العام. تعريفه؟
(3) مرافق عامة. موظفون عموميون.
شرط اكتساب العاملين بمرفق عام صفة الموظف العام؟
(4) موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. تصدرها. ما يقبل منها". دعوى جنائية "قيود تحريكها".
إسباغ الحكم. صفة الموظف العام على المطعون ضده دون الإفصاح عن مسمى العمل الذي يباشره. قصور.
القصور الذي يتسع له وجه الطعن. له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

------------------
1 - من المقرر أن الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين دون غيرهم لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
2 - من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق.
3 - من المقرر أنه لكي يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام يجب أن يكون المرفق مداراً بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بأن المطعون ضده موظف عام وأسبغ عليه الحماية المقررة في المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يفصح عن مسمى العمل الذي يباشره وهو ما لا يكفي للتدليل على توافر صفة الموظف العام أو المستخدم العام للمطعون ضده كي تنعطف عليه الحماية المقررة بنص المادة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، وإذ كان هذا القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده - وآخرين - بأنه حاز بقصد البيع شيئاً من أغذية الإنسان "زيت طعام" مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2/ 3، 5، 6 من القانون رقم 10 لسنة 1966، 2/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980. ومحكمة جنح شربين قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه ونشر ملخص الحكم في جريدتين رسميتين على نفقته. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن اعتبر المطعون ضده - وهو أمين مخزن بالشركة العامة لتجارة السلع الغذائية بالجملة في حكم الموظف العام يتمتع بالحماية المقررة في المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية حال أنه ليس موظفاً عاماً، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى الجنائية على قوله: "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم موظف عام وأن الواقعة وقعت أثناء وبسبب العمل فضلاً عن أنه لا يوجد إذن من النيابة العامة برفع الدعوى قبل المتهم فيتعين عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني طبقاً للمادة 63 أ. ج". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة إلا بالنسبة إلى الموظفين أو المستخدمين العامين دون غيرهم لما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، وكان من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق وأنه لكي يكتسب العاملون في خدمة مرفق عام صفة الموظف العام يجب أن يكون المرفق مداراً بمعرفة الدولة عن طريق الاستغلال المباشر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول بأن المطعون ضده موظف عام وأسبغ عليه الحماية المقررة في المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية دون أن يفصح عن مسمى العمل الذي يباشره وهو ما لا يكفي للتدليل على توافر صفة الموظف العام أو المستخدم العام للمطعون ضده كي تنعطف عليه الحماية المقررة بنص المادة سالفة البيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح والتقرير برأي فيما تثيره النيابة العامة من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، وإذ كان هذا القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 23179 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 155 ص 1050

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.

-----------------

(155)
الطعن رقم 23179 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) وصف التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قتل عمد. ضرب "أفضى إلى موت".
تغيير المحكمة للتهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه إلى جناية قتل عمد مقترن بجناية سرقة بالطريق العام. تعديل في ذات التهمة. شرطه وعلته؟ وجوب تنبيه الدفاع إلى هذا التعديل. المادة 308 إجراءات. مخالفة ذلك. أثره؟
(3) ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سرقة.
تعديل المحكمة التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه إلى جناية قتل عمد مقترن بجناية سرقة بالطريق العام. دون لفت نظر الدفاع. لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن في الحكم على اعتبار إدانة الطاعنين بجريمة السرقة المؤثمة بنص المادة 315 عقوبات وأن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة. علة ذلك؟
(4) نقض "أثر الطعن".
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يقتضي امتداد أثر نقض الحكم إلى الطاعنين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما. أساس ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وإذ كان المحكوم عليهما قد قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان للتغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه المؤثمتين بالمادتين 236، 314 من قانون العقوبات إلى جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام من أكثر من شخصين وحمل بعضهم لأسلحة ظاهرة إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى لأنه يتضمن إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة هي قصد القتل مع الاقتران بجناية أخرى، والتي قد يثير الطاعنان جدلاً في شأنها كالمجادلة في توافر نية القتل وتوافر ظرف الاقتران المشدد للعقوبة وغير ذلك، مما يقتضي من المحكمة تنبيه الدفاع إليه عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل.
3 - من المقرر أنه لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين دينا بجريمة جناية السرقة المؤثمة بنص المادة 315/ 1 من قانون العقوبات وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة لأن الطاعنين ينازعان في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها وذلك سواء كانت قتل عمد مقترن بجناية أخرى، أو جناية سرقة فحسب، وذلك بنفيهما الاتهام المنسوب إليهما بكافة أوصافه.
4 - لما كانت الواقعة التي دين الطاعنان بها واحدة، فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا وآخران حدثان.... عمداً بأن اعتدوا عليهم بالضرب بأسلحة بيضاء (مطاوي) في أجزاء متفرقة من جسده حال سيره في الطريق العام قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم والحدثان الآخران في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا النقود المبينة قدراً والساعة المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام وحال كونهم حاملين أسلحة ظاهرة (مطاوي قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 315/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر عاماً عما أسند إليهم ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر، وإذ كان المحكوم عليهما.... و.... قد قررا بالطعن في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين.... و.... استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالطريق العام مع حملهم لأسلحة ظاهرة، قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة بعد أن عدلت التهمة من جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام مع حمل سلاح ظاهر إلى جناية ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه، عادت وقضت بإدانتهما بالوصف الأول المرفوعة به الدعوى من النيابة دون لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل ليترافع على أساسه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بوصف أنهما والآخرين (المقضي بعدم قبول طعنهما شكلاً) قتلوا وآخران (حدثان) المجني عليه.... عمداً بأن اعتدوا عليه بالضرب بأسلحة بيضاء "مطاوي" في أجزاء متفرقة من جسده حال سيره في الطريق العام قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم والحدثان الآخران في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا النقود المبينة قدراً والساعة المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام. وحالة كونهم حاملين لأسلحة ظاهرة "مطاوي" الأمر المعاقب عليه عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2، 315 من قانون العقوبات، وبجلسة.... عدلت المحكمة التهمة إلى جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه الأمر المعاقب عليه بالمادتين 236، 314 من قانون العقوبات ونبهت الدفاع إلى هذا التعديل، بيد أنها عادت - بهيئة أخرى - وسمعت الدعوى وانتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانتهم بالوصف المرفوعة به الدعوى من النيابة العامة وهي جناية القتل العمد المقترن بجناية سرقة بالطريق العام حال حمل بعضهم لأسلحة بيضاء، وبالرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة يبين أن المحكمة لم توجه من جديد إلى الطاعنين تهمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة بالطريق العام حالة كون بعض المتهمين حاملاً لأسلحة ظاهرة التي كانت واردة بأمر الإحالة والتي دانتهما على مقتضاها ولم تلفت نظر دفاع كل منهما ليترافع على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكان للتغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة من جنايتي ضرب أفضى إلى موت وسرقة بالإكراه المؤثمتين بالمادتين 236، 315 من قانون العقوبات إلى جناية قتل عمد مقترنة بجناية سرقة بالطريق العام من أكثر من شخصين وحمل بعضهم لأسلحة ظاهرة إنما هو تعديل في التهمة نفسها لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى لأنه يتضمن إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة هي قصد القتل مع الاقتران بجناية أخرى، والتي قد يثير الطاعنان جدلاً في شأنها كالمجادلة في توافر نية القتل وتوافر ظرف الاقتران المشدد للعقوبة وغير ذلك، مما يقتضي من المحكمة تنبيه الدفاع إليه عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بني على إجراء باطل يعيبه. لما كان ذلك، وكان لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين دينا بجريمة جناية السرقة المؤثمة بنص المادة 315/ 1 من قانون العقوبات وأن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة لأن الطاعنين ينازعان في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها وذلك سواء كانت قتل عمد مقترن بجناية أخرى، أو جناية سرقة فحسب، وذلك بنفيهما الاتهام المنسوب إليهما بكافة أوصافه وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع فإنه يتعين إعادة استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين بغير حاجة لبحث بقية أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي دين الطاعنان بها واحدة، فإن حسن سير العدالة يقتضي نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين اللذين لم يقدما أسباباً لطعنهما طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 23175 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 154 ص 1045

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة وعمر بريك وفرحان بطران.

------------------

(154)
الطعن رقم 23175 لسنة 63 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إعلان الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة على يد محضر على نفقة الخصوم. المادة 214/ 2 مكرر "أ" إجراءات.
إعلانهم من قبل المتهم لا يتوقف على تصريح من المحكمة.
قعود المتهم عن سلوك السبيل الذي رسمه القانون في المادة سالفة الذكر. لا تثريب على المحكمة إن لم تستجب لطلب سماع الشهود.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيها يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي. ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى ذلك.

-------------------
1 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر بالنسبة للشاهدين الذين طلب الطاعن من محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج أسماهما في قائمة الشهود فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شانه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب.... بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته على محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى ابن المجني عليه مدنياً قبل الطاعن بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة التفتت عن طلب المدافع عن الطاعن بسماع رئيس وحدة مباحث أبو تيج ومساعد الشرطة من قوة المركز عن سبب عدم سؤاله للمجني عليه يوم الحادث رغم إمكانية سؤاله، كما لم تستجب أيضاً لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته بشأن الكدم والتجمع الدموي بمقدمة رأس المجني عليه والذي ورد بتقريره وكذلك بيان موقف الضارب من المضروب وبإمكانية إحداث إصابة المجني عليه من ضارب في مواجهة المضروب كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وتقرير الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة مناقشة رئيس وحدة مباحث مركز أبو تيج ومساعد الشرطة بوصفهما من شهود الواقعة الذين لم يرد ذكرهم في قائمة شهود الإثبات وتتصل معلوماتهم بواقعة الدعوى وظاهرة التعلق بموضوعها أو بدفاع جوهري بها ولكن باعتبارهما من المشتركين في إجراءات الضبط وجمع الاستدلالات فحسب. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود" فإن هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر بالنسبة للشاهدين اللذين طلب الطاعن من محكمة الجنايات سماعهما ولم يدرج أسماهما في قائمة الشهود فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماعهما ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة الطبيب الشرعي لمناقشته ورد عليه في قوله "أما بالنسبة لطلب مناقشة الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة لمعرفة ما إذا كان يمكن حدوث إصابة المجني عليه بمقدمة الرأس من ضارب في مواجهة المضروب فهو طلب غير منتج في الدعوى سيما وقد اطمأنت المحكمة إلى ما سطره الطبيب الشرعي في تقرير الصفة التشريحية بعد أن أورد فيه رواية الشاهد سالف الذكر وانتهى بنتيجة مؤداها حدوث الواقعة وفق رواية شاهد الإثبات الذي أوضح في روايته موقف المتهم من المجني عليه ومن ثم تلتفت المحكمة عن طلب الدفاع إذ لم يقصد به سوى المطل وإطالة أمد الدعوى، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية الذي اطمأنت إليه إمكانية حدوث إصابة المجني عليه وفق وراية شاهد الإثبات، وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 25941 لسنة 63 ق جلسة 2 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 153 ص 1031

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزه وحامد عبد الله وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.

------------------

(153)
الطعن رقم 25941 لسنة 63 القضائية

(1) قتل عمد "قتل بالسم". ظروف مشددة.
كفاية أن تكون المواد التي استعملت في جريمة القتل بالسم من شأنها إحداث الموت.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
أخذ الحكم بتصوير ما للواقعة. مفاده؟
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة. دون بيان العلة.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(8) استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتناقض التحريات. غير مقبول. ما دام أن الحكم لم يعول عليها.
(9) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
(10) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود المتعددة. كفاية أن تورد ما تطمئن إليه منها.
(11) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر. متى اطمأنت إليها.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه. وإطراح ما عداها.
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الأولى. لا قصور.
(13) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات الخارجية استخلاصه. موضوعي.
(14) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
(15) سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بطلانه".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
توافر سبق الإصرار. ولو كان معلقاً على حدوث أمر.
مثال لتسبيب سائغ على توافر سبق الإصرار لدى الطاعن.
(16) جريمة "أركانها". باعث. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة. ليس من أركان الجريمة أو عناصرها. عدم بيانه أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة. لا يقدح في سلامة الحكم.
(17) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(18) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن. موضوعي.
(19) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
استناد الحكم إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى. مفاده؟
(20) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.

-----------------
1 - من المقرر أنه يكفي في جريمة القتل بالسم أن تكون المواد التي استعملت في الجريمة من الجواهر السامة ومن شأنها إحداث الموت.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى أن للواقعة صورة أخرى، إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير.
3 - لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب حكمها أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
7 - لما كان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، فإن كافة ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تحريات المباحث فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة تناقضها يكون غير مقبول.
9 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
10 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
11 - من المقرر أنه لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها ممن نقلت عنه.
12 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما حصله من أقول الشاهدة الأولى فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب.
13 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
14 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
15 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما أورده الحكم من توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن لا يتناقض مع قيام الزوجية بين الطاعن والمجني عليها إذ لا يمنع من توافر سبق الإصرار تعليق تنفيذ ما صمم عليه الطاعن من قبل سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليها حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها يوم الحادث قتلها تنفيذاً لما عقد عليه النية من قبل ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم.
16 - من المقرر أنه لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى الباعث على ارتكاب الجريمة على نقيض الثابت بالأوراق لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
17 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الشاهدة الأولى لم تقرر بأن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم.
18 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
19 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي متفقاً مع ما شهد به كل من الطبيب الشرعي وكبير والأطباء الشرعيين أمامها وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري - وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها - بعد ما أجرته من تحقيق المسألة الفنية في الدعوى - حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كان من المقرر أن إسناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشاري المقدم فيها وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالاً.
20 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها بأن وضع لها جوهراً مخدراً "هيروين" في كوب من المياه تسبب عنه الموت عاجلاً وما أن احتسته حدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً: أحرز جوهراً مخدراً "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 233 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 38/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية لنظرها بإحدى الدوائر المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن أوجه الطعن التي تضمنتها مذكرات الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن هي أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد من القصود الخاصة، قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وشابه إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد كما عابه التناقض ذلك بأنه اعتبر الواقعة قتل بالسم على خلاف ما ورد بقرار الإحالة، واعتنق الحكم تصويراً للواقعة يخالف العقل والمنطق دفاع الطاعن بعدم معقوليته وأن للواقعة صورة أخرى إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، وعول الحكم على شهادة الشهود رغم أن الشاهدة الأولى لم تشاهد الجاني حال وضع المادة السامة في الشراب فضلاً عن اختلاف أقوال الشهود في التحقيق عنها في المحضر.... إداري إيتاي البارود كما عول الحكم على تحريات المباحث رغم تناقضها، وأحال في بيان مضمون شهادة الشاهدين الثاني والثالث على ما شهدت به الشاهدة الأولى على الرغم من اختلاف أقوالهم ورغم أنهما لم يشاهدا الواقعة وقت حدوثها وجاءت أقوالهما نقلاً عن الشاهدة الأولى، ودلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعن بما لا يصلح سنداً لقيامها واستدل على ثبوت سبق الإصرار بما يتناقض مع ما أورده من وقائع الدعوى، ودلل على توافر الباعث على القتل على نقيض الثابت بالأوراق، وأسند الحكم إلى الشاهدة الأولى أن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف الثابت بالأوراق وأطرح التقرير الاستشاري بغير علة مقبولة ولم يستجب لطلب مناقشة واضعه - وأخيراً لم يعرض الحكم لما أثاره الدفاع من أن الحادث يرجع لتناول المجني عليها المادة المخدرة برغبتها قبل تناولها الدواء الذي أعطاه لها الطاعن كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد من القصود الخاصة اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في جريمة القتل بالسم أن تكون المواد التي استعملت في الجريمة من الجواهر السامة ومن شأنها إحداث الموت، وكان وصف التهمة سواء في قرار الإحالة أو فيما خلصت إليه المحكمة قد التزم هذا النظر فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى أن للواقعة صورة أخرى إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم لا يعيب حكمها أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى - إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة - لما كان ذلك، فإن كافة ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على تحريات المباحث فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قالة تناقضها يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها. وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدة الأولى له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهدة الأولى ما دام أن الطاعن لا يجادل في أن شهادة الثاني والثالث كانت نقلاً عن الأولى متى تبينت المحكمة صحتها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما حصله من أقول الشاهدة الأولى فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن وتوافر سبق الإصرار لديه في قوله "وحيث إنه مما لا شك فيه أن ما سبق سرده من ظروف الدعوى ووقائعها ينطق بتوافر نية القتل لدى المتهم وثبوتها ثبوتاً قاطعاً في حقه، فليس بعد إعداد مادة الهيروين أو المورفين السامة بجرعة قاتلة داخل كيس الإيمبياج الفوار ثم إفراغه في كوب مملوء بالماء وإصرار المتهم على شرب المجني عليها لهذا الكوب رغم عدم استساغتها لطعمه المر ورفضها استكمال شربه حين تبينت طعمه وإرغامها على احتسائه جميعه ولم يسمح لوالدتها أن تتذوقه خشية افتضاح أمره حتى إذا ما فرغت المجني عليها من شربه ظل يراقبها خلال الدقائق التي ظهرت عليها أعراضه وحتى الوفاة، ثم وزيادة في إبعاد الشبهة عنه يتوجه إلى مفتش الصحة ويقدم له طواعية تذكرتين طبيتين في محاولة لإيهامه بأن الوفاة طبيعية لولا إرادة الله وقيام مفتش الصحة بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها وأثبت في تقريره ما ظهر له من أعراض التسمم - بل الأكثر من ذلك وصل فساد المتهم وذويه إلى مركز شرطة إيتاي البارود الذي جعل محرر محضر جمع الاستدلالات المؤرخ.... يثبت على غير الحقيقة أن والدة المجني عليها وشقيقيها قد استبعدا أن تكون الوفاة جنائية وذلك حتى يتم دحض ما ورد بتقرير مفتش الصحة أليس بعد ذلك كله مما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية القتل لدى المتهم". "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار، فإنه متوافر في حقه من أوراق الدعوى بجلاء التي تؤكد أنه إثر إتمام زواج المتهم بالمجني عليها كرهاً على النحو الذي قال به والدة وشقيقا المجني عليها ورغم إرادة والديه وذويه وما يتبع ذلك من خلف بينه وبين المجني عليها وبين الأخيرة وعائلته وأن المتهم اشتعلت في نفسه فكرة التخلص ممن جلبت له كل ذلك فراح يعد العدة ويرسم الخطة وكان أن هداه شيطانه الآثم بعد روية وهدوء تفكير أن يكون القتل بالسم بل وسم عجاف مستخدماً مادة الهيروين أو المورفين التي وصل إلى العلم العام أنها قاتلة بطبيعتها وفي ذات الوقت يمكن إدخال الغش على المجني عليها وإيهامها بأنها ليست إلا دواء فوار يستخدم في علاج آلام الجنب وأن يتم ذلك كله في ضوء الصورة التي رسمها في حضور والدة المجني عليها التي ستقرر إذا ما حدث في الأمر شيء أنه طلب حضورها وأن ابنتها كانت مريضة تتعاطى أدوية ومن ثم فمن غير المعقول أن يكون قد انتوى قتل ابنتها ويطلب حضورها لتشهد ما انتواه وقد تحقق فعلاً ما أراده المتهم إذ جاء دفاع محاميه بعدم معقولية الواقعة وكأن المتهم والدفاع لم يعلما بأن الحقيقة لابد أن تظهر مهما بلغ ذكاء المرء لإخفائها ومن كل ذلك ولا شك يتوافر في موافقة ظرف سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى الطاعن وفي الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه وقد ساق لإثباتهما قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققها قانوناً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما أورده الحكم من توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن لا يتناقض مع قيام الزوجية بين الطاعن والمجني عليها إذ لا يمنع من توافر سبق الإصرار تعليق تنفيذ ما صمم عليه الطاعن من قبل سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليها حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها يوم الحادث قتلها تنفيذاً لما عقد عليه النية من قبل، ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم. لما كان ذلك. وكان لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى الباعث على ارتكاب الجريمة على نقيض الثابت بالأوراق لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الشاهدة الأولى لم تقرر بأن الطاعن أرغم المجني عليها على تناول الشراب على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي متفقاً مع ما شهد به كل من الطبيب الشرعي وكبير والأطباء الشرعيين أمامها وأطرحت - في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري - وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الاستشاري لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لدها ولم تر هي من جانبها - بعد ما أجرته من تحقيق المسألة الفنية في الدعوى - حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، وإذ كان من المقرر أن إسناد المحكمة إلى التقرير الفني المقدم في الدعوى يفيد إطراحها التقرير الاستشاري المقدم فيها وليس بلازم عليها أن ترد على هذا التقرير استقلالاً ومع ذلك فقد أطرح الحكم التقرير الطبي الاستشاري بما يسوغه فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعن من أن الحادث يرجع لتناول المجني عليها المادة المخدرة برغبتها قبل تناولها الدواء الذي أعطاه لها الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 23999 لسنة 63 ق جلسة 1 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 152 ص 1006

جلسة الأول من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.

------------------

(152)
الطعن رقم 23999 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة بأية صورة عن علم وإرادة.
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة. كيما يكون حائزاً لها. ولو أحرزها مادياً شخص غيره. عدم التزام الحكم بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن. اكتفاءً بما يورده من وقائع وظروف الدعوى تكفي للدلالة على قيامه.
(5) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقصي العلم بحقيقة المخدر المضبوط. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
حيازة أو إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها موضوعي.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الإحالة في بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم. لا عيب. ما دامت تتفق في جملتها مع أقوال الأخير.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في غير ما هو مؤثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة. لا عيب.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعانة الشاهد بأوراق حال أدائه للشهادة. أمر يقدره القاضي. ما دام تقديره سائغاً.
(9) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الخطأ في محل إقامة الطاعن. لا يقدح في جدية التحريات.
(10) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
أوجه الطعن على الحكم. شرط قبولها: أن تكون متصلة بشخص الطاعن.
(11) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته".
وجوب أن يكون إذن التفتيش مكتوباً وموقعاً عليه ممن أصدره. عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً في ذلك التوقيع.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها أو دفع ظاهر البطلان. غير مقبول.
(13) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
إقرار الطاعن لضابط الواقعة بإحرازه المواد المخدرة بقصد الاتجار. لا يعد اعترافاً. بل مجرد قول. تقديره. موضوعي.
عدم تساند الحكم إلى الاعتراف في إثبات الاتهام قبل الطاعن. الجدل في صحة ذلك الاعتراف. غير مجد.
(14) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(15) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التفات المحكمة عن الطلب المجهل من سببه ومرماه. لا عيب.
(16) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفال بعض الوقائع. مفاده إطراحها لها.
(17) مواد مخدرة. مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها؟
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 42 من القانون 182 لسنة 1960. نطاقها؟
تقدير ما إذا كانت وسيلة النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة. موضوعي.
القضاء بمصادرة سيارة استخدمت في ارتكاب الجريمة. صحيح.
(18) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لاستخلاص سائغ لصدور إذن بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة في حيازة مخدر بقصد الاتجار.
(19) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وصار تحليلها وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها، مجادلتها في ذلك. غير جائزة.
(20) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده المحكمة من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(21) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(22) مواد مخدرة. حكم "حجيته". قوة الشيء المحكوم فيه. مصادرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على المنطوق. لا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق.
مصادرة ما لا يجوز إحرازه أو حيازته: تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته. لخروجه عن دائرة التعامل. أساس ذلك؟
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك بخطأ محكمة الإعادة في القضاء بعقوبة مصادرة المواد المخدرة. والتي لم يسبق القضاء بها. علة ذلك؟

--------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 19 من يوليو سنة 1993 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ 21 من يوليو سنة 1993 - في الميعاد - وقدم أربع مذكرات بأسباب طعنه الأولى موقعة من الدكتور.... المحامي أودعت بتاريخ 8 من سبتمبر سنة 1993 والثانية موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1993 والثالثة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1993 والرابعة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1993. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 17 من سبتمبر سنة 1993 - بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي 18 من سبتمبر سنة 1993 ومن ثم فإن مذكرات الأسباب تكون قد قدمت في الميعاد ومقبولة. ويكون الطعن بها قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط الأربعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حصله حكمها فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل. مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه.
5 - لما كان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أدلة اطمأن إليها وعول عليها له أصله في الأوراق وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في الدلالة على توافر جريمة حيازة جوهر مخدر في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض.
6 - من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعن وكان الخلاف بين الشاهدين الأول والثاني في شأن المدة التي استغرقتها تحريات كل منهما كما أن الخلاف بين الشاهدين الأول والرابع في شأن جلوس المتهم الثاني كلاهما خلاف غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها هذا إلى أن الحكم في إحالته إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع وقد قصر الإحالة على ما شهد به عن واقعة الضبط فإنه يكون - أخذاً بما أورده الطاعن في أسباب طعنه - قد نقل الواقع في الدعوى بما لا محل له للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها تصرف المحقق سماحه لهؤلاء الشهود الاستعانة بمحضر الضبط أثناء الإدلاء بشهادتهم فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً.
9 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله.
10 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن.
11 - من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش صادراً بالكتابة وموقعاً عليه ممن أصدره إلا أنه لم يشترط شكلاً معيناً يجب أن يكون عليه التوقيع.
12 - من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها - هذا فضلاً عن أن هذا الدفع في صورة هذه الدعوى ظاهر البطلان لا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
13 - لما كان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان اعترافه هو بل قصر الدفع على بطلان اعتراف المتهم الثاني وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم الثاني كما أنه لم يستند في استدلاله على علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة وتوافر قصد الاتجار لديه إلى مثل هذا الاعتراف بل استند إلى ما أقر به الطاعن والمتهم الثاني لضباط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن.
14 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
15 - لما كان الطاعن وإن طلب في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة ضم دفتر المساعدات الفنية وسؤال.... والعقيد.... إلا أنه لم يوضح في مرافعته أمام محكمة الموضوع ما يرمي إليه من طلب ضم الدفتر المشار إليه كما لم يكشف عن الواقع التي يرغب مناقشة الشاهدين المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه.
16 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
17 - لما كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهي عقوبة اختيارية تكميلية بالنسبة للجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 5 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها يدل على أن الشارع يرد بوسائل النقل التي استخدمت في الجريمة تلك الوسائل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكانياته لتنفيذ الجريمة أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها وتقدير ما إذا كانت وسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة - بهذا المعنى - إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع وكانت المحكمة قد استظهرت في مدونات الحكم أن الطاعن استخدم سيارته المرسيدس رقم.... ملاكي الإسكندرية على نحو ما حصلته عن واقعة الدعوى فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ولا وجه للنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن النعي على إذن النيابة بالبطلان لصدوره لضبط جريمة مستقبلة فهو نعي في غير محله إذ أن الثابت بمحضر التحريات أنه تضمن أن المتهمين يتجران بالمواد المخدرة وأنهما يحوزانها ويحرزانها وطلب محرره الإذن من النيابة لضبط ما يحوزانه ويحرزانه منها فصدر الإذن بناء على ذلك لضبط ما لديهما من تلك المواد وبالتالي فإن مقولة صدور الإذن لضبط جريمة مستقبلة هي مقولة لا سند لها في الأوراق" فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
19 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
20 - من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاءً بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها كما أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيراداها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.
21 - لما كان الطاعن وإن عيب في مرافعته المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الضبط إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة على نحو ما يدعيه بأسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
22 - لما كان البين من مطالعة الحكم المنقوض أنه وإن صرح في أسبابه بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة إلا أنه لم ينص عليها في منطوقه وكانت حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثره إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة رغم أن النيابة العامة لم يسبق لها الطعن بالنقض على الحكم المنقوض لإغفاله النص في منطوقه على القضاء بمصادرة تلك المواد فإنه ما كان لمحكمة الإعادة أن تقضي بحكمها المطعون فيه بعقوبة لم يسبق القضاء بها حتى ولو كانت قد أنزلت العقوبة الصحيحة طبقاً للقانون لأنها تكون بذلك قد خالفت حكم المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 الذي يقضي بألا يضار الطاعن بطعنه غير أنه لما كان ما قضى به الحكم المطعون فيه من مصادرة المواد المخدرة المضبوطة إنما ورد على شيء مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ويخرج بذاته عن دائرة التعامل فهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لإخراجه من تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها أو يحوزها تتلاقى في النتيجة مع ما يؤول إليه أمر هذه المواد بمصادرتها إدارياً إذا ما قضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء قضائه بمصادرتها فإن ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم في هذا الخصوص لا يمثل مصلحة حقيقة للطاعن بل لا تعدو مصلحة نظرية بحتة لا موجب معها لتصحيح الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها مائة ألف جنيه ومصادرة السيارة المرسيدس رقم... ملاكي إسكندرية فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض قيد طعنهما برقم.... وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة (مشكلة من دائرة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 - 3، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 19 من يوليو سنة 1993 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ 21 من يوليو سنة 1993 - في الميعاد - وقدم أربع مذكرات بأسباب طعنه الأولى موقعة من الدكتور.... المحامي أودعت بتاريخ 8 من سبتمبر سنة 1993 والثانية موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1993 والثالثة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1993 والرابعة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1993 ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 17 من سبتمبر سنة 1993 - بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي 18 من سبتمبر سنة 1993 ومن ثم فإن مذكرات الأسباب تكون قد قدمت في الميعاد. ومقبولة. ويكون الطعن بها قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه اعتنق صورة للواقعة تخالف الحقيقة والواقع، ولم يستظهر توافر الركن المادي في الجريمة بعد أن قام دفاعه على المنازعة في انتقال حيازة المخدر المضبوط إليه وبسط سلطانه عليه، ورد على الدفع بانتفاء علمه بكنه المواد المضبوطة ودلل على توافر هذا العلم بما لا يسوغه، واستدل على توافر قصد الاتجار بما لا ينتجه، واستند في قضائه إلى أقوال الضباط الأربعة ولم يورد أقوال الثلاثة الأخيرين منهم، واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الأول، رغم اختلاف الثاني معه في تحديد المدة التي استغرقتها التحريات قبل الضبط واختلاف الرابع معه في تحديد مكان جلوس المتهم الثاني. فضلاً عن عدم اشتراك الشاهدين الثالث والرابع في إجراء التحريات، واستند إلى أقوال هؤلاء الشهود بتحقيقات النيابة رغم أن الثلاثة الأخيرين منهم استعانوا في الإدلاء بأقوالهم بمحضر الضبط ورد على ما تسمك به الدفاع من بطلان في هذا الشأن بما لا يصلح، وأطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولتوقيعه بتوقيع غير مقروء ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة برد قاصر وأغفل الرد على الدفع ببطلان التفتيش ذاته تبعاً لبطلان الإذن به، وعول على اعترافه والمتهم الثاني لضابط الواقعة وتساند إلى هذا الاعتراف في إثبات ركن العلم وتوافر قصد الاتجار دون أن يعني بالرد على ما تمسك به من بطلان اعترافهما لصدوره تحت تأثير التهديد والإكراه بدلالة وجود إصابات بالمتهم الثاني ناظرها وكيل النيابة المحقق وأثبتها في التحقيق، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الضبط بعد أن عيب معاينة النيابة لإجرائها في غيبته ولمكان يغاير مكان الضبط وفي زمانه وأطرح الحكم هذا الطلب برد غير سائغ، كما لم تجب المحكمة الطاعن إلى طلبه ضم دفتر المساعدات الفنية لإثبات أن الضبط تم في وقت مغاير لما حدده شهود الإثبات والتفتت عن سماع العقيد.... والعقيد.... رغم إنهما من شهود الواقعة والتدليل على تلفيق الاتهام لوجود خصومة بينه وبين الأول لسبق فصل الطاعن زوجة الأول من العمل بمستشفاه، ولم يذكر الحكم شيئاً عن أقوال شهود الطاعن الذين سمعتهم المحكمة بالجلسة وأخيراً فقد قضى الحكم بمصادرة السيارة المملوكة للطاعن بالمخالفة لحكم المادة 30 من قانون العقوبات كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إن تحريات الرائد... بالاشتراك مع زميله الرائد.... الضابطين بقسم مكافحة المخدرات بالإسكندرية دلت على أن المتهمين.... وهو طبيب بشري ويمتلك السيارة المرسيدس رقم... ملاكي إسكندرية... يستغل السيارة رقم.... نقل إسكندرية "نصف نقل" يتجران بالمواد المخدرة مستخدمين في ذلك السيارتين سالفتي الذكر وبناء على إذن من النيابة العامة وبعد أن علم بأن المتهمين بصدد تسليم كمية من المخدرات لأحد عملائهما في مساء يوم... قرب الكوبري العلوي بالطريق الموصل بين طريقي الإسكندرية القاهري الصحراوي والإسكندرية مطروح الصحراوي انتقل هو وزميله ومعهما الرائد.... الضابط بقسم مكافحة المخدرات والمقدم... الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالإسكندرية حيث كمن هو والرائد.... في إحدى سيارات القسم الخاصة وكمن زميلاه في سيارة أخرى في الجانب الآخر من الطريق وذلك بالقرب من الكوبري العلوي المشار إليه وفي حوالي الساعة 9.10 مساء شاهد المتهم الأول قادماً بسيارته بمفرده من اتجاه طريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي في الاتجاه المؤدي إلى بوابة الكيلو 21 وتوقف بها أمام السيارة التي يكمن بها على يمين الطريق وعلى بعد حوالي خمسة عشر متراً منه وبعد حوالي خمس دقائق قدم المتهم الثاني من ذات الاتجاه بالسيارة النقل سالفة الذكر يقودها بنفسه وبمفرده وتوقف بها على يمين الطريق أمام سيارة المتهم الأول وترجل منها ممسكاً بيداه بكيس من النايلون الشفاف وقام بوضعه داخل سيارة المتهم الأول وجلس بجواره فانتظر قرابة عشر دقائق بغية ضبط المتهمين وعميلهما إلا أنه خشية افتضاح الأمر - استدعى زميله في الكمين الآخر لا سلكياً وأسرع بالنزول من السيارة هو والرائد.... واتجها إلى سيارة المتهم الأول وقام بضبطه وإنزاله من سيارته وسلمه لزميله للتحفظ عليه بينما أسرع الرائد.... إلى الباب الأيمن الأمامي للسيارة وقام بضبط المتهم الثاني وأجرى هو تفتيش المتهم الأول وتفتيش سيارته فعثر معه على رخصة تسيير تلك السيارة باسمه وعثر بأرضيتها أمام المقعد المجاور لمقعد قائدها الذي كان يجلس به المتهم الثاني على كيس من النايلون الشفاف بداخلة خمسة أكياس من النايلون الشفاف محزم على كلٍ بشريط لاصق ويحوي كل كيس أربعة طرب لمخدر الحشيش عدا كيس منها فيه طربتان وزنت جميعاً 5.130 كيلو جرام، خمسة كيلو جرامات ومائة وثلاثون جرام وبمواجهته المتهمين بالمخدر أقرا بحيازته وإحرازه بقصد الاتجار" وقد أقام الحكم على ثبوت الواقعة على تلك الصورة أدلة مستمدة من أقوال الضباط المذكورين وتقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط الأربعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حمله حكمها فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه. هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمواد المضبوطة وعلمه بكنهها وأطرح هذا الدفاع على سند من القول "أولاً أن البين من ظروف الضبط كما جاءت بأقوال شهود الواقعة أن المتهم الأول - الطاعن - توقف بسيارته منتظراً زميله المتهم الثاني الذي جاء وتوقف أمامه ونقل إلى سيارته الكيس النايلون الشفاف المحتوي على أكياس المخدر وجلس بجواره منتظرين عميلهما إلى أن تم الضبط حوالي الساعة 9 م وهو ما يكشف عن صلة المتهم الأول بالمواد المخدرة المضبوطة وتورطه مع المتهم الثاني في حيازتها والإعداد لمقابلة العميل في هذا المكان لتسليمها له وإلا ما كان قد انتظر أولاً وأخراً وما كان يخفى على فطنة مثله أن يرتاب فيما يحمله المتهم الثاني وينقله إلى سيارته في هذا المكان وفي ذلك الوقت وأن يتحقق من كنه ما يحمله خاصة وأنه نفى في التحقيق، وصول المتهم الثاني إليه خلافاً لوقائع الضبط وعزف عن ذكر أي سبب لانتظاره قبل وبعد وصول ذلك المتهم ثانياً: أنه استخلاصاً من ظروف الحادث وأخذاً بإقرار المتهمين لشهود الواقعة بحيازتهما وإحرازهما للمواد المخدرة المضبوطة فإن المحكمة تطمئن كل الاطمئنان إلى توافر العلم لدى المتهم بكنه تلك المواد ومشاركته للمتهم الثاني في حيازتها" لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أدلة اطمأن إليها وعول عليها له أصله في الأوراق وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في الدلالة على توافر جريمة حيازة جوهر مخدر في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم قد استدل على توافر هذا القصد في حق الطاعن من التحريات التي دلت عليه ومن إقرار المتهمين لضباط الواقعة بحيازتهما المخدر المضبوط بقصد الاتجار فيه ومن كبر الكمية المضبوطة. وكان هذا الذي استدل به الحكم على توافر هذا القصد سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا وجه له. لما كان ذلك. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل أقوال الشاهد الأول الرائد.... فقد أحال إليها في بيان أقوال الشاهد الثاني الرائد.... ثم أحال إلى أقوال هذين الشاهدين في بيان أقوال الشاهدين الرائد... والمقدم .... وقصر الإحالة على ما شهدا به بشأن واقعة الضبط وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعن وكان الخلاف بين الشاهدين الأول والثاني في شأن المدة التي استغرقتها تحريات كل منهما كما أن الخلاف بين الشاهدين الأول والرابع في شأن جلوس المتهم الثاني كلاهما خلاف غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، هذا إلى أن الحكم في إحالته إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع وقد قصر الإحالة على ما شهدا به عن واقعة الضبط فإنه يكون - أخذاً بما أورده الطاعن في أسباب طعنه - قد نقل الواقع في الدعوى بما لا محل له للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص. ولا يعيب الحكم من بعد استناده إلى أقوال الشهود من الثاني إلى الرابع بدعوى بطلان تحقيقات النيابة لسماح المحقق لهم بالاستعانة بمحضر الضبط عند الإدلاء بأقوالهم إذ أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها تصرف المحقق سماحه لهؤلاء الشهود الاستعانة بمحضر الضبط أثناء الإدلاء بشهادتهم فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً ويضحى منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة بل إن هذا الدفع قد تمسك به المتهم الثاني. وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره عن قصور الحكم في الرد على هذا الدفع هذا فضلاً عن أن الحكم قد أطرح هذا الدفع بما يسوغه - على ما سيجيء - لما كان ذلك وكان القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش صادراً بالكتابة وموقعاً عليه ممن أصدره إلا أنه لم يشترط شكلاً معيناً يجب أن يكون عليه التوقيع وإذ كان الطاعن لم ينازع في أن الإذن في الدعوى الماثلة موقع فعلاً ممن أصدره وقد رد الحكم على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن - وأطرحه بما يوافق هذا النظر ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع في مرافعته ببطلان التفتيش كما خلت مما يفيد تقديم الدفاع - كما خلت المفردات من - مذكرة تتضمن هذا الدفع - وكان من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها هذا فضلاً عن أن الدفع في صورة هذه الدعوى ظاهر البطلان لا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان اعترافه هو بل قصر الدفع على بطلان اعتراف المتهم الثاني وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم الثاني كما أنه لم يستند في استدلاله على علم الطاعن بكنه هذا الاعتراف بل استند إلى ما أقر به الطاعن والمتهم الثاني لضباط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان معاينة النيابة لإجرائها في غيبته. ورد عليه وأطرح طلبه إجراء معاينة بقوله "وحيث إنه عن النعي بالبطلان على معاينة النيابة لمكان الضبط على سند من القول بعدم حضور المتهمين حال إجراء المعاينة فإنه لا محل لهذا النعي ذلك أن المعاينة إجراء من إجراءات التحقيق التي يجوز للنيابة القيام به في غيبة المتهم. لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى تلك المعاينة وتعول عليها في قضائها فإنها تلتفت عما أثير بشأنها من بطلان وتعرض عن طلب الدفاع إجراء معاينة أخرى لمكان الضبط اكتفاء بما جاء في معاينة النيابة من بيانات عن مكان الضبط وظروف الإضاءة فيه على نحو ما سلف بيانه كما تلتفت عن الدفع باستحالة حصول الواقعة وفق تصوير الشهود لاطمئنانها إلى أقوالهم وصحة تصويرهم لواقعة الضبط كما جاءت على لسانهم في التحقيق وبإرشاد الشاهد الأول حال المعاينة"، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن من بطلان معاينة النيابة لإجرائها في غيبته قد صادف صحيح القانون. وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك وكان طلب الدفاع عن الطاعن إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك في أقوال شهود الإثبات وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التي رواها الشهود فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولما كان ما أورده الحكم في الرد على طلب إجراء المعاينة كافياً وسائغاً في تبرير رفضه فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن وإن طلب في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة ضم دفتر المساعدات الفنية وسؤال العقيد.... والعقيد.... إلا أنه لم يوضح في مرافعته أمام محكمة الموضوع ما يرمى إليه من طلب ضم الدفتر المشار إليه كما لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشة الشاهدين المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله الوقائع التي شهد بها شهوده الذين سمعتهم بالجلسة لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك, وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهي اختيارية تكميلية بالنسبة للجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 5 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها يدل على أن الشارع يرد بوسائل النقل التي استخدمت في الجريمة تلك الوسائل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكانياته لتنفيذ الجريمة أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها وتقدير ما إذا كانت وسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة - بهذا المعنى - إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع وكانت المحكمة قد استظهرت في مدونات الحكم أن الطاعن استخدم سيارته المرسيدس رقم.... ملاكي الإسكندرية على نحو ما حصلته من واقعة الدعوى فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ولا وجه للنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة مخدر بقصد الاتجار قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه عول على أقوال الضباط الثلاثة.... و.... و.... بالتحقيقات رغم ما أثاره الدفاع عن بطلان هذه التحقيقات لسماح المحقق لهم بالاستعانة بمحضر الضبط عند إدلائهم بأقوالهم، وأطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة بما لا يسوغه. ورد على ما تسمك به الدفاع من أن المخدر الذي تم ضبطه يغاير ما تم تحليله بما لا يصلح وأغفل الرد على الدفع بشيوع الحيازة بينه وبين المتهم الأول ولم يعرض لما أثاره الدفاع من فساد تصوير الشهود للواقعة بدلالة عدم إمكان تشغيل السيارة التي قيل أن الطاعن حضر بها إلى مكان الضبط بالمفاتيح المضبوطة مع الطاعن كما لم تستجب المحكمة إلى طلبه إجراء المعاينة وأخيراً فقد قضى الحكم بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة وهي عقوبة لم يسبق القضاء بها بالحكم المنقوض الذي لم تطعن النيابة عليه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة - جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية، وكان ما يثيره الطاعن من فساد الحكم لاستناده إلى أقوال الشهود بالتحقيقات رغم ما أثاره الطاعن من بطلان التحقيقات وقصور الحكم في الرد على الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات قد سبق الرد عليها بصدد أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الأول ومن ثم فإن المحكمة تحيل إليها منعاً من التكرار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن النعي على إذن النيابة بالبطلان لصدوره لضبط جريمة مستقبلة فهو نعي في غير محله إذ أن الثابت بمحضر التحريات أنه تضمن أن المتهمين يتجران بالمواد المخدرة وأنهما يحوزانها ويحرزانها وطلب محرره الإذن من النيابة لضبط ما يحوزانه ويحرزانه منها فصدر الإذن بناء على ذلك لضبط ما لديهما من تلك المواد وبالتالي فإن مقولة صدور الإذن لضبط جريمة مستقبلة هي مقولة لا سند لها في الأوراق" فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لدفاع الطاعن بشأن منازعته في أن ما تم ضبطه ليس هو ما جرى تحليله، وأطرح هذا الدفاع بما أوردته في حكمها واطمئنانها إلى أن المواد المضبوطة هي ذاتها التي قدمت للمحقق وجرى اقتطاع عينات منها لإجراء التحليل وأن العينات المقتطعة هي بذاتها التي جرى عليها التحليل وثبت أنها لمخدر الحشيش، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما يقيمها على ما ينتجها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها كما أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة ومن ثم فإن منعى الطاعن إغفاله الرد على الدفع بشيوع الاتهام بينه وبين الطاعن الأول وعدم تعرضه لدفاعه بشأن فساد تصوير الشهود للواقعة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن وإن عيب في مرافعته المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الضبط إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة على نحو ما يدعيه بأسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها - فضلاً عما سبق الرد به على هذا الوجه بصدد الأسباب المقدمة من الطاعن الأول - لما كان ذلك. وكان البين من مطالعة الحكم المنقوض أنه وإن صرح في أسبابه بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة إلا أنه لم ينص عليها في منطوقه وكانت حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة رغم أن النيابة العامة لم يسبق لها الطعن بالنقض على الحكم المنقوض لإغفاله النص في منطوقه على القضاء بمصادرة تلك المواد فإنه ما كان لمحكمة الإعادة أن تقضي بحكمها المطعون فيه بعقوبة لم يسبق القضاء بها حتى ولو كانت قد أنزلت العقوبة الصحيحة طبقاً للقانون لأنها تكون بذلك قد خالفت حكم المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 الذي يقضي بألا يضار الطاعن بطعنه غير أنه لما كان ما قضى به الحكم فيه من مصادرة المواد المخدرة المضبوطة إنما ورد على شيء مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ويخرج بذاته عن دائرة التعامل فهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لإخراجه من تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها أو يحوزها تتلاقى في النتيجة مع ما يؤول إليه أمر هذه المواد بمصادرتها إدارياً إذا ما قضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء قضائه بمصادرتها فإن ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم في هذا الخصوص لا يمثل مصلحة حقيقة للطاعن بل لا تعدو مصلحة نظرية بحتة لا موجب معها لتصحيح الحكم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 48171 لسنة 59 ق جلسة 1 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 151 ص 1001

جلسة الأول من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد الله المدني نواب رئيس المحكمة.

---------------

(151)
الطعن رقم 48171 لسنة 59 القضائية

شروع في قتل. سلاح. ضرب. ارتباط. عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات. مناطه؟
استقلال جرائم الشروع في القتل والضرب وإحراز طبنجة مششخنة. أثر ذلك: تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين. مخالفة ذلك. خطأ في تطبيق القانون.
تقدير العقوبة. موضوعي. أثر ذلك: أن يكون النقض مع الإحالة.
مثال.

--------------------
من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال كمل بعضها بعضاً فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في هذه الفقرة، وكان ضبط السلاح الناري غير المششخن مع المطعون ضده في الوقت الذي ضبطت فيه الطبنجة المششخنة التي استخدمت في الشروع في قتل المجني عليه الأول وضرب المجني عليه الثاني لا يجعل هذه الجرائم الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز السلاح الناري غير المششخن ارتباط لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة 32 من قانون العقوبات وأن جريمة الشروع في القتل والضرب وإحراز الطبنجة المششخنة المستخدمة فيها هي في واقع الأمر مستقلة عن هذه الجناية مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، مما يوجب نقضه، ولما كان تقدير العقوبة وإيقاعها في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولاً: شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم على ذلك وأعد سلاحاً نارياً "طبنجة" وانتظره في المكان الذي أيقن مروره فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "طبنجة". ثالثاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد". رابعاً: أحرز ذخائر "خمس طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بحيازته وإحرازه. خامساً: ضرب.... بجسم صلب راض "دبشك الطبنجة" على رأسه فأحدث به إصابته المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. وطلبت عقابه بالمواد 45/ 1، 2، 46، 230، 231، 232، 242 من قانون العقوبات والمواد 6، 26/ 1، 2، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1958 والقانون رقم 26 لسنة 1978 والجدول رقم 2 بند أ من الجدول رقم "3" الملحق بالقانون الأول والمادتين 1، 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974.
ومحكمة جنح أحداث بيلا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: بسجن المتهم خمسة عشر عاماً عن التهمة الأولى وكفالة ثلاثمائة جنيه. ثانياً: بسجنه ثلاث سنوات وكفالة مائة جنيه وغرامة مائة جنيه عن التهمة الثانية. ثالثاً: بحسبه سنتين وكفالة مائة جنيه على التهمة الثالثة. رابعاً: بحبسه ستة أشهر عن التهمة الرابعة وكفالة مائة جنيه وغرامة خمسين جنيه. خامساً: بحبسه شهراً عن التهمة الأخيرة وكفالة مائة جنيه. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبسجن المتهم عشر سنوات عن التهمة الأولى والثانية والرابعة والخامسة وحبسه ثلاثة أشهر وغرامة عشرة جنيهات عن التهمة الثالثة ومصادرة المضبوطات. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والقضاء بحبس المتهم سنة مع الشغل.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجرائم الشروع في القتل مع سبق الإصرار والترصد والضرب وإحراز سلاح ناري مششخن وسلاح ناري آخر غير مششخن، وذخائر بدون ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أعمل المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة للجرائم جميعاً مع أنه لا مجال لهذا الإعمال بالنسبة للتهمة الثالثة - إحراز سلاح ناري غير مششخن - التي تستقل عن التهمة الأخرى في الفعل المنشئ لها كما أنها لا ترتبط بأيهما برباط لا يقبل التجزئة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه حال توجه المجني عليه.... - إلى مدرسته حدثت مشادة بين زميله.... وبين المتهم - المطعون ضده - فتدخل فيها معاتباً الأخير على ما بدر منه - وانصرف لمدرسته وعند عودته منها ونزوله من سيارة الأتوبيس فاجأه المتهم بطلق ناري من مسدس كان يحمله فسقط المجني عليه على الأرض فحاول زميله المرافق له... منع المتهم من مواصلة الاعتداء على المجني عليه فضربه المتهم على رأسه بكعب الطبنجة فحدثت إصابته المبينة بالتقرير الطبي، وبعد ذلك قام الرائد.... بضبط المتهم وبتفتيشه عثر معه على فرد غير مششخن اعترف له بملكيته كما قرر له بأنه استخدم الطبنجة المملوكة لوالده والمرخص له بها في ارتكاب الحادث فقام الضابط بضبطها وثبت من التقرير الطبي الشرعي أن إصابة المجني عليه.... حدثت ببطنه ونشأت من عيار ناري من مثل الطبنجة المضبوطة وأن الفحص الكيماوي أشار إلى أن الإطلاق من هذه الطبنجة في وقت يعاصر تاريخ الواقعة وأنها من ماسورة مششخنة وصالحة للاستعمال وأن الفرد المضبوط بماسورة غير مششخنة وصالح للاستعمال أيضاً، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما وشهود الإثبات واعتراف المتهم والتقرير الطبي الشرعي وتقرير فحص السلاحين ثم انتهى الحكم إلى إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأوقع عقوبة واحدة عن الجرائم الخمس. لما كان ذلك، وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال كمل بعضها بعضاً فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في هذه الفقرة، وكان ضبط السلاح الناري غير المششخن مع المطعون ضده في الوقت الذي ضبطت فيه الطبنجة المششخنة التي استخدمت في الشروع في قتل المجني عليه الأول وضرب المجني عليه الثاني لا يجعل هذه الجرائم الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز السلاح الناري غير المششخن ارتباط لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة 32 من قانون العقوبات وأن جريمة الشروع في القتل والضرب وإحراز الطبنجة المششخنة المستخدمة فيهما هي في واقع الأمر مستقلة عن هذه الجناية مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، مما يوجب نقضه، ولما كان تقدير العقوبة وإيقاعها في حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 24149 لسنة 64 ق جلسة 27 / 9 / 1995 مكتب فني 46 ق 150 ص 973

جلسة 27 من سبتمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب ومحمود دياب نواب رئيس المحكمة وعبد الرؤوف عبد الظاهر.

-----------

(150)
الطعن رقم 24149 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به. تقديم الأسباب التي بني عليها. شرط لقبوله.
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر.
التقرير بالطعن بالنقض دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سبق الإصرار. ماهيته؟
 (3)عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق إصرار. ترصد.
انعدام مصلحة الطاعنين في المجادلة في توافر ظرف الترصد. متى كانت العقوبة الموقعة عليهم تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار.
حكم سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد. إثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
 (4)قتل عمد. إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. وصدوره اختياراً من عدمه. موضوعي.
 (5)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعي على الحكم خطأه في الإسناد. متى أقيم على ما له أصله في الأوراق.
 (6)قتل عمد. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالقبض والتفتيش. موضوعي. عدم التوصل إلى كيفية قتل المجني عليه أو مكان الجثة. غير قادح في جدية التحريات.
 (7)قتل عمد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تدليل الحكم على ثبوت واقعة القتل وأن الجثة للمجني عليه تدليلاً كافياً. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي. غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده: إطراحها الاعتبارات التي سيقت لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جوازه أمام النقض.
(9) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقرير الشاهد بجلسة المحاكمة أنه لا يذكر شيئاً عن الواقعة بسبب النسيان. النعي على المحكمة تعويلها على أقوال ذلك الشاهد في التحقيقات الأولى. غير مقبول.
 (10)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في ما لا أصله له في الأوراق. لا يعيب الحكم.
 (11)اشتراك. إثبات "بوجه عام". اتفاق. قتل عمد.
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. تحققه بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة. كفاية الاستدلال عليه من ظروف الدعوى وملابساتها وأن تكون وقائعها دالة عليه.
 (12)إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة تعيين خبيراً أو أكثر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم. لها إعلانهم لتقديم إيضاحات عن تقاريرهم. دون أن يشفع ذلك بإجراءات تنظيم الندب بمعرفتها. المادتين 292، 293 إجراءات.
النعي على الحكم عدم إفصاحه عن سبب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين. غير مقبول.
 (13)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم. موضوعي.
حق المحكمة في الأخذ بما قرره كبير الأطباء الشرعيين وإطراحها ما قرره الطبيب الشرعي الذي قام بالتشريح. النعي عليها لذلك غير سديد.
 (14)إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
(15) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تثريب على المحكمة عدم تحقيقها دفاع غير منتج في الدعوى.
مثال.
 (16)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إبداء المحامي رغبته في رد المحكمة ومعاودته الترافع في موضوع الدعوى بعد تنازله عن طلب الرد إخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
 (17)وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في رد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المبينة بأمر الإحالة. هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد.
مثال.
 (18)نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
قبول عرض النيابة العامة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
 (19)قتل عمد. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والأمارات الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
(20) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

--------------
1 - لما كان المحكوم عليهما... و... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - لما كانت العقوبة المقضى بها على الطاعنين هي المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، وكان حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر، فإنه لا يكون للطاعنين مصلحة فيما يثيرونه من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف الترصد.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب، ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن الثالث من أن الحكم قد عوّل في إطراحه الدفع ببطلان اعتراف المتهمين - ضمن ما عول - على أنهم اعترفوا أمام قاضي المعارضات عند نظر تجديد حبسهم برغم خلو محاضر تجديد الحبس من اعتراف له فهو مردود بأن الثابت من مدونات الحكم أنه لم يسند إلى الطاعن المذكور أنه اعترف أمام قاضي المعارضات - كما يزعم - وإنما أسند ذلك للمتهمين الأول والثاني والثالث والرابع وذلك في مقام رده على دفعهم ببطلان الاعتراف المنسوب إلى كل منهم، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن القبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالقبض والتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان عدم التوصل إلى كيفية قتل المجني عليه أو مكان إلقاء جثته محدداً أو مدى صحة سفره للخارج في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت واقعة القتل تدليلاً كافياً، كما بيّن الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعنين، وهي أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق، وكان ما قاله بشأن استدلاله على أن الجثة للمجني عليه - على السياق المتقدم سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الرائد.... فإن ما تثيره الطاعنة الأولى من منازعة بشأن عدم إلمامه بظروف الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى أقوال شاهد الإثبات الرائد.... فأدلى بشهادته عن الواقعة في حدود ما سمحت له به ذاكرته، لما قرره من مضي مدة كبيرة على تاريخ الواقعة، وأحال في بعض أقواله إلى ما قرره في التحقيقات ثم مضت مرافعة الدفاع عن الطاعنين دون أن تتضمن شيئاً عن قالة الشاهد نسيانه الواقعة، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهد في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعنة الأولى القول بأن الشاهد المذكور قرر بالجلسة بعدم تذكره للواقعة، ويكون منعاها في هذا الخصوص في غير محله.
10 - لما كان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أن التخطيط للجريمة تم التفكير فيها قبل شهرين من الحادث وأن مقابلات قد تمت بين المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس للاتفاق على ارتكاب الجريمة وأن الطاعنة الأولى قد حددت معهم موعد تنفيذها بعد خروج أطفالها إلى مدارسهم وأثناء نوم المجني عليه لتأخر استيقاظه بسبب اعتياده السهر، له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك، وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده.
12 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادتين 292، 293 على حق المحكمة أن تعين خبيراً واحداً أو أكثر في الدعوى سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم وأن تأمر بإعلان الخبراء ليقدموا إيضاحات بالجلسة عن التقارير المقدمة منهم في التحقيق الابتدائي أو أمام المحكمة دون أن يشفع ذلك بوضع إجراءات تنظيم الندب بمعرفة محكمة الموضوع وبوضع ضوابط يراعيها الخبراء في أداء مأموريتهم، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن لم يفصح عن سبب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين، ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد.
13 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره كبير الأطباء الشرعيين من أن انخفاض درجة الحرارة وجفاف المنطقة التي ألقيت فيه جثة المجني عليه فضلاً عن وجودها داخل برميل من الورق المقوى وتغطيتها ببعض الملابس قد قلل من سرعة التحلل والتعفن الرمي وأدى إلى تأخر حالة التعفن الرمي المشاهد بالجثة مما يقطع بمضي مدة أكثر من أسبوعين وأقل من ثلاثة أسابيع من الوفاة وحتى الفحص والتشريح الأمر الذي يتوافق مع حدوث القتل والوفاة يوم.... - وفق ما جاء باعترافات المتهمين - وحصول التشريح يوم... وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية أقوال الطبيب الشرعي الذي قام بالتشريح في هذا الخصوص، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد.
14 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
15 - من المقرر أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه، ولأن طلب ندب اللجنة المشار إليها إنما يرمي إلى التشكيك في أقوال كبير الأطباء الشرعيين التي اطمأنت إليها المحكمة وإلى المنازعة في صورة الواقعة وقت وقوعها، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله.
16 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة الأولى قد حضر بجلسة.... - وطلب استدعاء أحد أساتذة التشريح بكلية الطب بجامعة المنصورة لمناقشته بشأن بعض نقاط التقرير الطبي الشرعي، فطلبت منه المحكمة إبداء دفاعه الموضوعي كذلك فأبدى رغبته في رد هيئة المحكمة، فقامت المحكمة بندب محام آخر للدفاع عن الطاعنة واستمر المدافعون عن باقي المتهمين في المرافعة إلى أن طلب المحامي الأول من المحكمة أن يترافع في موضوع الدعوى بعد أن تنازل عن طلب الرد فمكنته المحكمة من ذلك حيث ترافع في الدعوى شارحاً ظروفها وأبدى دفاع الطاعنة ودفوعها وانتهى إلى طلب براءتها واحتياطياً التصميم على طلبه سالف البيان، وكانت الإجراءات التي صدرت من المحكمة مما يدخل في السلطة المخولة لها بمقتضى القانون وهي إجراءات قانونية، لا يتخلف عنها حرجاً للمحامي أو مصادرة لحقه في الدفاع إذ كان في مقدروه الاستمرار في إجراءات الرد إن شاء، كما أنه لم يدع أن أحداً منعه من اتخاذ تلك الإجراءات، ولما كانت المحكمة قد أوضحت في حكمها عن العلة التي من أجلها رفضت إجابته إلى طلب ندب خبيراً آخر في الدعوى - على السياق المتقدم - وهي كافية وسائغة ومن ثم فلا محل لما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص.
17 - لما كان لا يعيب الحكم إن هو قصر تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار على بعض من شملهم وصف النيابة العامة في هذا الشأن ونسب للباقين تهمة الاشتراك فيه دون لفت نظر الدفاع إلى ذلك، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً، وإذ كان ما قامت به المحكمة في هذا الشأن لا يعدو في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحالة بها الدعوى بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فقد بات النعي على الحكم في هذا الشأن بالإخلال بحق الدفاع في غير محله.
18 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
19 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
20 - لما كانت إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهم على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - .... "طاعنة"، 2 - .... "طاعن"، 3 - .... "طاعن"، 4 - .... "طاعن"، 5 - .... "طاعن"، 6 - .... بأنهم أولاً: المتهمون من الأولى إلى الخامس: ( أ ) قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتله وترصدوا له في المكان الذي أيقنوا وجوده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً وطعناً بأدوات صلبة راضة وحادة في عموم جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ب) أحرزوا أسلحة بيضاء في غير الأحوال المصرح بها قانوناً "سكين - ساطور". ثانياً: المتهمة السادسة اشتركت مع المتهمين الخمس الأول بطريق الاتفاق في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر وذلك بأن اتفقت على ارتكابها ووقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق. ثالثاً: المتهمون الأول والخامس والسادس أخفوا جثة المجني عليه.... بأن قاموا بنقلها إلى المنطقة الصحراوية المتاخمة لمحافظة.... وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى.... و.... و.... و.... أشقاء المجني عليه مدنياً قبل المتهمين جميعاً بإلزامهم بأن يؤدوا لهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وبتاريخ.... قررت المحكمة المذكورة إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي بالنسبة للمتهمين الأولى والثالث والرابع وتحديد جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 40، 41، 230، 231، 232، 235، 239 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول (1) الملحق به أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأولى والثالث والرابع بالإعدام شنقاً عما نسب لكل منهم. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما نسب إليه. ثالثاًَ: بمعاقبة المتهم الخامس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما نسب إليه. رابعاً: ببراءة المتهمة السادسة عما نسب إليها في التهمة الأولى وبمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما نسب إليها في التهمة الثانية. خامساً: بإلزام المتهمين جميعاً بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن المتهمين الأولى والثالث والرابع ارتكبوا جريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص والمتهمين الثاني والخامس اشتركا مع المتهمين سالفي الذكر في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمتهمة السادسة أخفت جثة المجني عليه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة طلب فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المتهمين الأولى والثالث والرابع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليهما.... و.... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهما لم يقدما أسبابا لطعنهما، ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكوناً معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأولى والثاني بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحراز أسلحة بيضاء بدون ترخيص ودان الثالث بالاشتراك في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دلّل على ظرفي سبق الإصرار والترصد بما لا يوفرهما، وأطرح الدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه وتهديد، يتمثل في وجود إصابات بعين الطاعنة الأولى، وساق المحكوم عليه الثاني وركبته، ولوجود ضابط المباحث بغرفة التحقيق وتهديده لهم ولذويهم، استناداً إلى أقوال الأولى بأن إصابتها نجمت عن اصطدامها باب مسكنها، وأن إصابة الثاني من سقوطه أرضاً أثناء اللعب، في حين أن تلك الأقوال تجافي العقل والمنطق، ودون أن يعني بتقصي الأسباب الحقيقية لتلك الإصابات وعوّل في ذلك أيضاً على اعترافهم بمحاضر تجديد حبسهم برغم خلوها من اعتراف الطاعن الثالث بارتكاب الجريمة، وأطرح الحكم الدفع بعدم جدية التحريات، وعدم توافر الدلائل التي تكفي للقبض على المتهمين، بما لا يسوغ إطراحه إذ لم تتوصل التحريات إلى طريقة قتل المجني عليه أو مكان التخلص من جثته أو مدى صحة سفره للخارج، وساق الطاعنون دفاعاً مؤداه أن الجثة التي تم تشريحها ليست للمجني عليه، بدلالة ما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره وأقواله من أنه عند تشريح الجثة خلع عنها الملابس التي كانت عليها، وأنها كانت في دور التعفن الرمي مما يشير إلى أن الوفاة تمت منذ أيام قليلة سابقة على التشريح في حين أن الثابت من معاينتي الشرطة والنيابة للجثة أنها كانت عارية وكان قد مضى أكثر من سبعة عشر يوماً على قتل المجني عليه، إلا أن الحكم، ودون أن يعني برفع هذا التعارض، أطرح هذا الدفاع استناداً إلى أقوال شقيق المجني عليه التي تناقضت مع ما جاء بالمعاينتين سالفتي الذكر بشأن لون البنطال الذي عثر عليه بجوار الجثة، وما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن الذراع الأيسر الذي قرر أن بها وشم كان مبتوراً، هذا إلى أنه لم يناظر الجثة ذاتها وإنما عُرِضَ عليها صورها، وعوْل الحكم على أقوال الرائد.... رئيس مباحث.... برغم ما وضح عند سماع شهادته أمام المحكمة من أنه غير ملم بظروف الواقعة، وأحال في الكثير من الوقائع إلى أقواله في التحقيقات الابتدائية مما يؤكد أنه لم يجر تحريات حقيقية عن الواقعة وإنما استقى معلوماته من المتهمين بعد ضبطهم، وأسند الحكم للطاعنة الأولى القول بأن التفكير في الجريمة والتخطيط لارتكابها تم قبل الحادث بشهرين برغم أنها قررت أن ذلك كان قبله بأسبوع واحد فقط، وأسند الحكم لها أيضاً أنها حددت مع باقي المحكوم عليهم موعد تنفيذ القتل بعد خروج أولادها إلى مدارسهم، حيث يكون المجني عليه ما زال نائماً لاعتياده السهر، برغم أن الثابت أن أحد أبنائها كان في الحجرة المجاورة لحجرة المجني عليه، كما لم تذهب ابنتها إلى المدرسة في هذا اليوم، وخلت الأوراق مما يفيد اعتياد المجني عليه السهر، كما أورد الحكم أنه قد تم الاتفاق بين المتهمين على ارتكاب الجريمة برغم خلو الأوراق مما يدل على لقائهم ولم يعترف أيهم بذلك، ودان الحكم الطاعن الثالث بجريمة الاشتراك في القتل دون أن يبين مظاهر هذا الاشتراك ودور الطاعن المذكور في الخطة التي اتفق عليها، وعول في التدليل على توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين على أن عدة لقاءات قد تمت بينهم للترتيب والتخطيط للقتل وأنهم قد عرضوا الخطة عليه، وأورد الحكم ذلك أيضاً عند تحصيله لأقوال المتهمين الثالث والرابع برغم خلو الأوراق من ذلك، كما استدل على ذلك أيضاً بقيام المتهمة السادسة بتهديده بإلقاء الجثة أمام مسكنه أو حقله إن لم يساعدهم في التخلص منها وهو ما يتنافر مع ما انتهى إليه من توافر الاتفاق معهم على ارتكاب الجريمة، ولم يذكر الحكم مسوغاً لاستدعاء كبير الأطباء الشرعيين ومناقشته بعد أن أفصح عن اطمئنانه إلى تقرير وأقوال الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة، والتي جاءت مؤيدة لدفاع الطاعنين بأن الجثة ليست للمجني عليه، واعتنق الحكم رأي كبير الأطباء الشرعيين بانخفاض درجة حرارة وجفاف المنطقة التي عثر فيها على الجثة وتأثير ذلك على الحالة التي كانت عليها، والمدة التي انقضت بين الوفاة والتشريح، دون أن يعرض للشهادة المقدمة من الدفاع بأن تلك المنطقة عالية الرطوبة، ولم تستجب المحكمة لطلب الدفاع ندب لجنة من كبار الأطباء الشرعيين وأساتذة التشريح بكليات الطب لإبداء الرأي الفني في هذا الخلاف وأطرحته بما لا يسوغ ذلك، وإذ صمم الدفاع عن الطاعنة الأولى على ذلك، طلبت منه هيئة المحكمة أن يترافع في موضوع الدعوى مما حدا به إلى طلب ردها، وبرغم تمسك الطاعنة بمحاميها الموكل، إلا أن المحكمة ندبت محامياً آخر للدفاع عنها، ولم تكفل له الوقت الكافي للاطلاع على الأوراق، مما اضطر المحامي الموكل إلى التنازل عن طلب الرد وترافع في الدعوى، وأخيراً فإن المحكمة عدلت وصف الاتهام وقصرت تهمة القتل العمد على المتهمين الأولى والثالث والرابع دون أن تلفت نظر الدفاع لذلك، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "إن المتهمة.... كانت قد تزوجت من.... ورزقت منه بخمسة أولاد ثم توفى عنها زوجها فتزوجت بالمتهم الخامس.... ورزقت منه بطفلة... وبسبب المجني عليه طلقت من زوجها الأخير وتزوجت بالمجني عليه الذي كان على خلاف دائم معها ومع أولادها ومنع مطلقها من رؤية ابنته مما ملأ قبل الأخير كرهاً وبغضاً له كما ضاقت به ذرعاً وسئمت الحياة معه وكان المتهم الثاني.... يتردد عليها فتفضي إليه بما يقع من زوجها حتى إذ كان أحد الأيام السابقة على الحادث بنحو شهرين اشتكت إليه سوء معاملة زوجها فاقترح عليها قتله والخلاص منه وفي هدوء وروية استحسنت هذه الفكرة ووافقته عليها ووعدته بأن تعطيه ألف جنيه وتساعده في زواجه بإعطائه بعض قطع الأثاث والمفروشات ليساعدها في قتله واتفقت معه ومع مطلقها.... على المساعدة في القتل فقام المتهم.... بإحضار المتهم.... والذي تربطه بالمتهمة الأولى صلة قربى فعرضت عليه قتل المجني عليه مقابل ألف جنيه فوافق واتفق الأربعة على القتل على أن يستعان في تنفيذه بالمتهم الثالث.... والذي وعدت بإعطائه ألف جنيه أيضاً وفي اجتماع ضم الأخير و.... و.... رسموا خطة القتل ووعد المتهم.... بأن يعطي كلاً من المتهمين الثالث والرابع 150 جنيهاً أخرى كما أمد المتهمة الأولى بساطور أرسله إليها مع المتهم الثاني.... لاستخدامه مع السكين الذي أعدته الأولى في القتل ودفعت للمتهم الرابع مائة جنيه اقتسمها مع الثالث وفي الموعد المحدد لتنفيذ الجريمة وبعد خروج الأولاد كل إلى مدرسته وأثناء استغراق المجني عليه في نومه حيث اعتاد السهر ليلاً والاستيقاظ متأخراً وفي نحو الساعة 8.30 من صباح الخميس....، 11 من رمضان سنة.... هـ. ذهب المتهمان الثالث.... والرابع.... إلى منزل المجني عليه بقرية.... مركز.... وانتظرا في عرض الشارع حتى أشارت لهما المتهمة الأولى من شرفة المنزل بالصعود ولما تأكدوا من أن المجني عليه يغط في نومه، طلب المتهم الثالث قطعة قماش مبللة بالماء قدمتها الأولى وانقض ثلاثتهم على المجني عليه فقام المتهم الثالث بكتم نفسه بقطعة القماش المبللة بالماء وسارعت الأولى بالجلوس على رجليه وإمساك يديه لشل حركته. فاستيقظ المجني عليه وصرخ مستغيثاً فطلبت المتهمة الأولى من المتهم الرابع إحضار السكين والساطور من المطبخ فأحضرهما وطعن المجني عليه بالسكين في عينه اليمنى وكان المجني عليه يقام فأسقطه المتهمون على الأرض ولكنه ظل يقاوم فدفع "الكمودينو" برجله فكسره وركل المتهم الثالث.... في بطنه فاستلت المتهمة السكين من يد الرابع وطعنته في فخذه الأيمن ثم قام المتهم الرابع بتغطية وجه المجني عليه ببطانية ووقف برجليه على رقبته كما استل المتهم الثالث الساطور وانهال به على خصيته وبين فخذيه كما انهال الثالث عليه بالسكين فأحدثوا به الإصابات الحيوية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى موته وبعد أن تأكدوا من موته لفوا الجثة في بطانية ودفعوها تحت السرير، وفي اليوم التالي الجمعة الموافق....، 12 رمضان.... هـ قامت المتهمة الأولى وبذات السكين وحتى تضيع معالم الجثة بفصل الرأس والرجلين والساعد الأيسر ووضعت الأطراف والرأس في جوال من الخيش ثم في قفة ووضعت باقي الجسد في جوال آخر وقامت بوضعه في برميل من الورق المقوى وغطت كلاً من الوعاءين ببعض الملابس لإخفاء الجثة وأجزائها وكان ذلك بمساعدة والدتها المتهمة السادسة.... ثم قامتا بنقل وعاءي الجثة بسيارة المجني عليه إلى.... حيث كان المتهم الخامس.... على موعد معهما بسيارته لنقلها إلى حيث التخلص من الجثة بإلقائها في منطقة نائية بالصحراء بالقرب من مدينة.... وراحت الزوجة القاتلة تشيع في القرية أن زوجها قد سافر إلى السعودية حتى توصلت تحريات المباحث إلى حقيقة الواقعة وعثر على البرميل وما به من جثة في مكان التخلص منها يوم...." وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من شهادة.... والرائد.... وما أثبته بمحاضره وما جاء باعتراف كل من المتهمين بالتحقيق الابتدائي وأثناء المعاينة التصويرية وأمام قاضي المعارضات وما جاء بتقرير الصفة التشريحية وبشهادة الطبيب الشرعي.... وكبير الأطباء الشرعيين، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وكان الحكم قد دلّل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين في قوله "وحيث إنه عن سبق الإصرار فلا شك أيضاً أنه ثابت في حق المتهمين وذلك من تفكيرهم في الجريمة قبل وقوعها بنحو شهرين وما قررته الأولى من أنها فكرت في هدوء وروية فيما طرحه عليها المتهم الثاني من قتل المجني عليه فرأت فيه خلاصاً من سوء معاملته لها وأولادها ومن اتفاقهما مع باقي المتهمين وإعدادهم خطة القتل، ومحاولة المتهم الخامس أن يحضر لها من يقوم بالقتل وإعدادهم السكين والساطور قبل الجريمة بوقت كاف وقيام المتهمين الثالث والرابع بالمرور في الشارع في اليوم السابق.... لاستطلاع إمكانية التنفيذ وانتهائها إلى عدم إمكان التنفيذ في تلك الليلة ثم اجتماع المتهمين الثاني والرابع لدى الأولى في ذات الليلة واتفاقهم النهائي على تنفيذ جريمتهم صباح اليوم التالي، فدل ذلك كله على أن المتهمين قد فكروا بهدوء وروية في ارتكاب جريمتهم البشعة وتدبروا عواقب فعلهم وكان في مكنتهم في أي وقت أن يرجعوا عن غيهم ولكنهم أصروا عليه حتى قاموا بتنفيذ جريمتهم مما يقوم به ظرف سبق الإصرار كما هو معروف به في القانون". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضى بها على الطاعنين هي المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار، وكان حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر، فإنه لا يكون للطاعنين مصلحة فيما يثيرونه من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف الترصد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعتراف المتهمين من الأولى حتى الرابع لأنه وليد إكراه ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعترافات كل من المتهمين الأولى لأن وليد إكراه مادي وبها إصابة ومعنوي ومخالف للواقع والحقيقة فضلاً عن وجود الضابط.... داخل غرفة التحقيق، وبطلان اعتراف المتهم الثاني لكونه وليد إكراه مادي ولكونه وليد وعد وإغراء وتصرف مخادع من رجل الضبط.... الذي كان حاضراً في غرفة التحقيق، وكذلك اعتراف المتهم الثالث لأنه وليد إكراه معنوي واعتراف المتهم الرابع لمخالفته للحقيقة والواقع فإن ذلك كله مردود بما هو ثابت من التحقيق أن أياً من المتهمين المذكورين لم يقرر أن الاعتراف الصادر منه وليد إكراه، بل قررت الأولى أنها مصابة في عينها من ارتطامها بباب مسكنها قبل القبض عليها بليلة. كما كان المتهم الثاني.... علل الإصابتين اللتين لاحظهما وكيل النيابة أسفل الركبة وأسفل الساق بأنهما من لعب الكرة، كما أنه لم يثبت بأي من الثالث والرابع أي إصابات، ولم يثبت أن ما أدلى به المتهم الثاني كان وليد وعد أو إغراء أو تصرف مخادع من الرائد....، كما أن مجرد وجود الضابط في غرفة التحقيق عند إدلاء أي من المتهمين بأقواله لا يبطلها ولا يعد في ذاته إكراهاً، إذ لم يثبت لدى المحكمة أن وجود الضابط في الغرفة كان له تأثير على أي من المتهمين عند إدلائه بأقواله التي تمت بسراي النيابة وبعد أن أظهره وكيل النيابة على صفته وفوق ما تقدم فقد ثبت مما رواه كل من المتهمين الأربعة السابقين في اعترافه - على النحو المار بيانه - أنه قد انتظم وقائع الاتفاق على قتل المجني عليه، والتجهيز له ثم كيفية القيام بالقتل والضربات التي أنزلت به والأدوات التي استعملت وقد أرشدت الأولى عن الساطور والسكين وثبت من تقرير الصفة التشريحية الذي ورد بجلسة تحقيق.... أي بعد ستة شهور من إدلاء كل متهم باعترافه بجلسة تحقيق.... توافق اعترافات كل منهم مع ما ورد بالتقرير، فوق أن كلاً منهم قد ردد مضمون اعترافه ومثل دوره في ارتكاب الجريمة لدى قيام النيابة بالمعاينة التصويرية بتاريخ.... كما أنهم قد اعترفوا بارتكابهم الجريمة لدى تجديد حبسهم أمام قاضي المعارضات، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى صدق وصحة الاعتراف الصادر من كل منهم وأنه صدر عن إرادة سليمة لا تشوبه أي شائبة تنال من صحته وهو ما ينتفي به القول بصدور اعتراف أي منهم وليد إكراه سواء كان مادياً أو معنوياً أو أنه يخالف حقيقة ارتكابهم للجريمة البشعة التي قارفوها على النحو الذي انتهت إليه المحكمة آنفاً". ولما كان الطاعنون لا يمارون في صحة ما نقله الحكم من الأوراق في معرض رده على دفاعهم، وكان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن تعييب اعتراف المتهمين المذكورين سائغاً في تفنيده وفي نفي أية صلة للاعتراف بأي نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب، ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث من أن الحكم قد عوّل في إطراحه الدفع ببطلان اعتراف المتهمين - ضمن ما عوّل - على أنهم اعترفوا أمام قاضي المعارضات عند نظر تجديد حبسهم برغم خلو محاضر تجديد الحبس من اعتراف له فهو مردود بأن الثابت من مدونات الحكم أنه لم يسند إلى الطاعن المذكور أنه اعترف أمام قاضي المعارضات - كما يزعم - وإنما أسند ذلك للمتهمين الأولى والثاني والثالث والرابع وذلك في مقام رده على دفعهم ببطلان الاعتراف المنسوب إلى كل منهم، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن القبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن القبض والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالقبض والتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان عدم التوصل إلى كيفية قتل المجني عليه أو مكان إلقاء جثته محدداً أو مدى صحة سفره للخارج في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما تنعاه الطاعنة الأولى في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على التشكيك في أن الجثة للمجني عليه ورد عليه بقوله "وحيث إنه عما قال به الدفاع من أن الجثة التي تم تشريحها للمجني عليه.... فإن ذلك مردود بما اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به من أن الجثة المعثور عليها هي للمجني عليه.... وذلك لما ثبت لديها مما شهد به.... بالجلسة وبمحضر الشرطة المؤرخ.... من أن الجثة لأخيه.... وأنه تعرف عليها من الملابس التي كانت عليها والخاصة بأخيه والبرميل الذي كانت فيه، وكذلك من علامتين في جسده الأولى أثر كسر قديم في طوق الصدر والثاني مكان احتراق قديم في الصدر، وكذلك ما جاء بمحضر تحريات المقدم.... المؤرخ.... أن الجثة المعثور عليها للمجني عليه.... وفضلاً عن ذلك ما قالت به المتهمة الأولى.... من أن الجثة لزوجها.... والذي قتلته مع شركائها والتي قامت بتقطيعها بهذه القطوع وأن الملابس هي بذاتها التي غطت بها البرميل والقفة حتى لا يراها أحد وفوق ذلك ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية من توافق مواضع الإصابات بالجثة في الفخذ الأيمن والغضاريف الحنجرية وبكيس الصفن وبالمنطقة الأربية اليمنى وبأعلا أنسجة الفخذ الأيسر مقابل كيس الصفن وهو ما يتفق مع ما قال به المتهمون من أن المتهم الثالث.... ضرب المجني عليه عدة مرات في المنطقة التناسلية كما أنه عثر على الجثة في ذات المكان الذي قال المتهمون الأولى والخامس والسادسة بأنهم ألقوا الجثة فيه وهو صحراء.... الأمر الذي تستدل منه المحكمة بيقين أن الجثة المعثور عليها هي لذات المجني عليه....، ولا ينال من ذلك ما قاله الدفاع من أن الجثة وجدت عارية من الملابس أو ما ورد بمعاينة نيابة.... من ملاحظة وجود بقع دموية على الأرض وأخرى ملطخ بها البرميل من الداخل والتي لاحظ الدفاع عدم تحليلها ما دام قد ثبت للمحكمة يقيناً على النحو المار بيانه أن الجثة هي لذات المجني عليه.... ومن ثم فإنها تلتفت عن هذه الأقوال". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت واقعة القتل تدليلاً كافياً، كما بيّن الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من الطاعنين، وهي أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق، وكان ما قاله بشأن استدلاله على أن الجثة للمجني عليه - على السياق المتقدم سائغاً - ومؤدياً إلى ما انتهى إليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الرائد.... فإن ما تثيره الطاعنة الأولى من منازعة بشأن عدم إلمامه بظروف الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى أقوال شاهد الإثبات الرائد.... فأدلى بشهادته عن الواقعة في حدود ما سمحت له به ذاكرته، لما قرره من مضي مدة كبيرة على تاريخ الواقعة، وأحال في بعض أقواله إلى ما قرره في التحقيقات ثم مضت مرافعة الدفاع عن الطاعنين دون أن تتضمن شيئاً عن قالة الشاهد نسيانه الواقعة، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهد في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعنة الأولى القول بأن الشاهد المذكور قرر بالجلسة بعدم تذكره للواقعة، ويكون منعاها في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أن التخطيط للجريمة تم التفكير فيه قبل شهرين من الحادث وأن مقابلات قد تمت بين المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس للاتفاق على ارتكاب الجريمة وأن الطاعنة الأولى قد حددت معهم موعد تنفيذها بعد خروج أطفالها إلى مدارسهم وأثناء نوم المجني عليه لتأخر استيقاظه بسبب اعتياده السهر، له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ويتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك، وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلّل على اشتراك الطاعن الثالث في ارتكاب الجريمة بالأدلة السائغة التي أوردها في قوله "كما أنه قد وقر في وجدان المحكمة أن المتهم الخامس قد اتفق مع الأولى وتلاقت إرادتهما على قتل المجني عليه وذلك بنفسه وعن طريق الرسائل التي كان ينقلها بينهما المتهم الثاني، كما أنه - أي الخامس - قد استحضر من قبل من يقوم بقتل المجني عليه ولم يتم الاتفاق لعدم لقاء المتهمة الأولى في ذلك اليوم ثم اتفق مع كل من الثاني والثالث والرابع على القتل وعلى خطته المرسومة بل وشجع الأخيرين وحرضهما على قتل المجني عليه ووعدهما بأن يدفع لكل منهما 150 جنيهاً بعد تنفيذه، كما أنه أمد القتلة الثلاثة بالساطور الذي استعمل في القتل وأرسله إلى الأولى مع المتهم الثاني، كما دل تهديد المتهمة السادسة بإلقاء الجثة أمام بيته أو في أرضه إن لم يقم بإخفائها على حقيقة ما انتهت إليه المحكمة من أنه حرض المتهمين الأول واتفق معهم على القتل وساعدهم عليه، ومن ثم فإن حقيقة ما وقع منه يشكل أفعال الاشتراك في جناية قتل المجني عليه التي ارتكبها المتهمون الأولى والثالث والرابع". فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادتين 292، 293 على حق المحكمة أن تعين خبيراً واحداً أو أكثر في الدعوى سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم وأن تأمر بإعلان الخبراء ليقدموا إيضاحات بالجلسة عن التقارير المقدمة منهم في التحقيق الابتدائي أو أمام المحكمة دون أن يشفع ذلك بوضع إجراءات تنظيم الندب بمعرفة محكمة الموضوع وبوضع ضوابط يراعيها الخبراء في أداء مأموريتهم، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن لم يفصح عن سبب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين، ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره كبير الأطباء الشرعيين من أن انخفاض درجة الحرارة وجفاف المنطقة التي ألقيت فيها جثة المجني عليه فضلاً عن وجودها داخل برميل من الورق المقوى وتغطيتها ببعض الملابس قد قلل من سرعة التحلل والتعفن الرمي وأدى إلى تأخر حالة التعفن الرمي المشاهد بالجثة مما يقطع بمضي مدة أكثر من أسبوعين وأقل من ثلاثة أسابيع من الوفاة وحتى الفحص والتشريح الأمر الذي يتوافق مع حدوث القتل والوفاة يوم.... - وفق ما جاء باعترافات المتهمين - وحصول التشريح يوم...، وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية أقوال الطبيب الشرعي الذي قام بالتشريح في هذا الخصوص، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد، ولا يحول دون ذلك التفات المحكمة عن الشهادة المقدمة من الدفاع والصادرة من هيئة الأرصاد الجوية بشأن العوامل الجوية بالمنطقة التي عثر فيها على جثة المجني عليه، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الدفاع ندب لجنة فنية من أساتذة التشريح بكلية الطب لإبداء الرأي بشأن المدة التي انقضت بين وفاة المجني عليه وتشريح الجثة ورد عليه في قوله "وإذا كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما انتهى إليه كل من الطبيب الشرعي المشرح وكبير الأطباء الشرعيين وفق ما تقدم ومن ثم فإنها تطرح ما قاله الدفاع من أنه لم يعرف سبب الوفاة وأن هناك تناقضاً بين ما شهد به الطبيب الشرعي المشرح وما قاله كبير الأطباء الشرعيين، كما أنها وقد وضحت الدعوى في وجدانها واطمأنت إلى ما جاء بشهادة كل من الطبيب الشرعي المشرح وكبير الأطباء الشرعيين على النحو السابق بيانه فإنها تلتفت عن طلب الدفاع عن المتهمين الأولى والثالث من ندب رئيس قسم التشريح بكلية الطب أو لجنة منها لإبداء الرأي في سبب الوفاة والمدة المنقضية منذ الوفاة لحين التشريح إلا لا تجد فيه إلا سبباً للمطل وعرقلة الفصل في الدعوى بلا مبرر بعد أن وضحت وقائعها في وجدان المحكمة وبخاصة أن الدفاع كان قد أبدى هذا الطلب في جلسة.... فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة.... وصرحت له بتقديم تقرير طبي استشاري في هذا الشأن إلا أن الدفاع قد تقاعس عن تقديم هذا التقرير مما يؤكد أنه ما رغب إلا في عرقلة الفصل في الدعوى بلا مبرر". وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً في الرد على طلب الدفاع، لما هو مقرر من أنه إذ كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه، ولأن طلب ندب اللجنة المشار إليها إنما يرمي إلى التشكيك في أقوال كبير الأطباء الشرعيين التي اطمأنت إليها المحكمة وإلى المنازعة في صورة الواقعة وقت وقوعها، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة الأولى قد حضر بجلسة.... وطلب استدعاء أحد أساتذة التشريح بكلية الطب بجامعة.... لمناقشته بشأن بعض نقاط التقرير الطبي الشرعي، فطلبت منه المحكمة إبداء دفاعه الموضوعي كذلك فأبدى رغبته في رد هيئة المحكمة، فقامت المحكمة بندب محام آخر للدفاع عن الطاعنة واستمر المدافعون عن باقي المتهمين في المرافعة إلى أن طلب المحامي الأول من المحكمة أن يترافع في موضوع الدعوى بعد أن تنازل عن طلب الرد فمكنته المحكمة من ذلك حيث ترافع في الدعوى شارحاً ظروفها وأبدى دفاع الطاعنة ودفوعها وانتهى إلى طلب براءتها واحتياطياً التصميم على طلبه سالف البيان، وكانت الإجراءات التي صدرت من المحكمة مما يدخل في السلطة المخولة لها بمقتضى القانون وهي إجراءات قانونية لا يتخلف عنها حرجاً للمحامي أو مصادرة لحقه في الدفاع إذ كان في مقدروه الاستمرار في إجراءات الرد إن شاء، كما أنه لم يدع أن أحداً منعه من اتخاذ تلك الإجراءات، ولما كانت المحكمة قد أوضحت في حكمها عن العلة التي من أجلها رفضت إجابته إلى طلبه ندب خبيراً آخر في الدعوى - على السياق المتقدم - وهي كافية وسائغة ومن ثم فلا محل لما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم إن هو قصر تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار على بعض من شملهم وصف النيابة العامة في هذا الشأن ونسب للباقين تهمة الاشتراك فيه دون لفت نظر الدفاع إلى ذلك، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً، وإذ كان ما قامت به المحكمة في هذا الشأن لا يعدو في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحالة بها الدعوى بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فقد بات النعي على الحكم في هذا الشأن بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن طعن المحكوم عليهم يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دين بها المحكوم عليهم بالإعدام، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - على ما سلف بيانه - في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليهم الأولى والثاني والخامس، كما خلص إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فلا شك أنها متوافرة في حق المتهمين وذلك مما يثبت للمحكمة من اتفاقهم المسبق على قتل المجني عليه والتخلص منه لإساءة معاملة المتهمة الأولى وأولادها ثم رسم الخطة للقيام بذلك وإعداد سلاحين أبيضين "سكين وساطور" يحدثان القتل، وتربصهم بالمجني عليه وهو مستغرق في النوم ثم مفاجأته والانقضاض عليه وقيام الثالث بكتم نفسه بقطعة قماش مبللة بالماء ثم استعماله الأسلحة المذكورة والانهيال عليه بها بضربات وطعنات أحدثت إصابات متعددة في مواضع قاتلة ثم محاولة المتهم الثالث خنقه وقيام المتهم الرابع.... بالوقوف على رقبته ولم يتركه المتهمون الثلاثة إلا جثة هامدة وبعد أن تأكدوا من موته ومفارقته الحياة، الأمر الذي يقطع بأنهم ما أرادوا بأفعالهم إلا إزهاق روح المجني عليه، وهو ما اعترف به صراحة كل من المتهمين الأربعة الأول من أنهم أرادوا قتل المجني عليه والتخلص منه" وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية، موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغاً وواضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين، كما أن إجراءات المحاكمة تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهم على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهم.... و.... و....